
حتى ألمانيا ضاقت بنتنياهو
من الناحية العملية يمثل القرار خطوة مهمةً، ذلك أن ألمانيا تمثل ثاني أكبر مصدر للأسلحة إلى إسرائيل، إذ صدّرت ما بين 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 و13 أيار/مايو من هذا العام، أسلحة بقيمة 485 مليون يورو إلى إسرائيل. ووفقاً لمعهد استوكهولم، تُشكّل صادرات برلين حوالى 30% من إجمال واردات إسرائيل من الأسلحة، متأخرةً عن الولايات المتحدة ومتقدمةً على إيطاليا. وتشمل هذه الصادرات بشكلٍ رئيسي السفن والغواصات والذخائر والأسلحة المضادة للدبابات والمعدات الإلكترونية. ومع أن هذا القرار قد يؤثر على أنواع محددة من الأسلحة، إلا أن من غير المرجح أن يكون حظراً كاملاً على الدعم العسكري، إذ تمتلك إسرائيل سلسلة توريد أسلحة متنوعة للغاية، تستمدها من الولايات المتحدة، من بين جهات أخرى. ومع ذلك، قد يؤثر ذلك على بعض القدرات الاستراتيجية أو المشاريع العسكرية التي موّلتها ألمانيا، مثل بعض المكونات العالية التقنية أو مشاريع الدفاع المشترك.
ومن الناحية السياسية، ربما يشكل القرار تحولاً في سياسة الاتحاد الأوروبي ضد إسرائيل، إذ ظلت برلين حجر عثرةٍ طوال الشهور الماضية أمام العديد من مشاريع القرارات الأوروبية لمعاقبة إسرائيل، لاسيما منها مشروع قرار تعليق الشراكة الاقتصادية. لذلك قد يكون تعليق التعاون العسكري جزءاً من توجه أوروبي أوسع مع تزايد الانتقادات للعمليات العسكرية الإسرائيلية المتجددة في غزة. وقد أعربت العديد من دول الاتحاد الأوروبي عن قلقها إزاء الأزمة الإنسانية، وربما يضغط قرار ألمانيا على دول أوروبية أخرى لإعادة تقييم سياساتها المتعلقة بمبيعات الأسلحة لإسرائيل.
لكن الناحية الأهم هي التأثير الرمزي والمعنوي لهذا القرار، إذ ترتبط ألمانيا بإسرائيل بعلاقاتٍ تاريخية وثيقة، تأثرت بمسؤولية الألمان نحو اليهود، وظلت هذه المسؤولية عتبةً لم ينجح الألمان في تجاوزها، حتى في ظل ارتكاب إسرائيل سياسات إبادية واضحة، وثّقتها المؤسسات الدولية. لكن القرار الجديد يبدو نابعاً من ضغوط أصبحت قوية من القاعدة الاجتماعية الألمانية ضد الحكومة. وهو ما يعكس تحولاً رمزياً قوياً في المجتمع الألماني حيال إسرائيل. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الأجيال الأكبر سناً - التي تشكلت ذاكرتها بعد الحرب العالمية - لا تزال داعمة لإسرائيل إلى حد كبير، في المقابل تُشكل معايير حقوق الإنسان العالمية آراء الألمان الشباب بدلاً من الشعور بالذنب التاريخي الفردي.
وعلى نحوٍ عام، ثمة شيء ما قد تحطم للأبد بين إسرائيل، كضحية أبدية، والمجتمعات الغربية، التي رفدتها بالشفقة والدلال العاطفي ثمانية عقود بلا توقف. لا يتعلق الأمر بتواصل الدعم الرسمي من الأوليغارشيات الحاكمة، بل بفكرة إسرائيل في عقول الناس البسطاء، كونها "واحةً للديموقراطية في صحراء عربية"، "واحةً للذكاء في بحرٍ من الجهلٍ"، "موطن الضحايا الذين قدمهم الغرب قرباناً". ظلت إسرائيل، رغم الاحتلال المديد والسياسات الإبادية، ضحيةً في السرد الغربي الشعبي، لكنها اليوم كفّت عن ذلك. على الأقل هذا ما يلمسه المرء هنا في بلاد الغرب، في كلام الناس، وإيماءاتهم ونزقهم. كل ذلك تفكّك، خلال هذه الحرب البشعة. وكل ذلك كان رأسمال إسرائيل، بل روحها، التي بها تكسي جسدها أسلحةً وموارد وعناصر قوةٍ صلبة. ما نراه اليوم من إسرائيل مجرد قوة مجردة. وهي قوة أكدت الحرب أنها ليست ذاتية، بل مصدرها الوحيد الدعم الغربي. المؤسف أن هذا لا يغيّر فوراً ما يحدث على الأرض. لا يطعم الجوعى، ولا يحمي الأطفال ولا يعيد الأرض، لكنه في المديات البعيدة، سيكون له ما سيكون.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ 2 ساعات
- صدى البلد
انفراجة في صفقة انتقال كومان من بايرن ميونخ لـ النصر السعودي
كشف الصحفي الإيطالي الشهير فاريزيو رومانو المتخصص في سوق الانتقالات عن موافقة بايرن ميونخ على بيع جناحه الفرنسي كومان للنصر السعودي خلال الميركاتو الصيفي الجاري. وقال رومانو: "بايرن أعطى الضوء الأخضر النهائي لسفر كينغسلي كومان اليوم والانضمام إلى النصر!". وأضاف: "سيغادر كومان ميونيخ خلال الساعات المقبلة بعد إنجاز انتقاله إلى النصر السعودي، قيمة الصفقة أقلّ من 30 مليون يورو للعملاق البافاري، وعقد من 3 سنوات لكومان". وجاءت موافقة بايرن ميونخ على انضمام جناحه الفرنسي كينغسلي كومان إلى نادي النصر السعودي، بعد أن كانت مهدده بالفشل. حيث أكد مجلة Kicker الألمانية حدوث خلافاً حول القيمة المالية لصفقة كومان بين الناديين. وأضافت أن المدير الرياضي للنادي البافاري ماكس إيبرل أصر على نيل أكثر من 30 مليون يورو، تشمل الحوافز.


صدى البلد
منذ 5 ساعات
- صدى البلد
قرار جمهوري بإنشاء حساب للمشروعات بقيمة 10 ملايين يورو مع البنك الأوروبي
أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي القرار رقم 146 لسنة 2025 بشأن الموافقة على اتفاقية التعاون لإنشاء حساب المشروعات فى مصر بين حكومة مصر العربية والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية برأس مال 10 ملايين يورو. ونشرت الجريدة الرسمية، في العدد 33، الصادر في 14 أغسطس سنة 2025، قرار رئيس الجمهورية، رقم 146 لسنة 2025، بشأن الموافقة على اتفاقية التعاون لإنشاء حساب المشروعات في مصر بين حكومة جمهورية مصر العربية والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية برأس مال 10 ملايين يورو. مادة وحيدة للقرار وافق على اتفاقية التعاون 'لإنشاء حساب المشروعات في مصر' بين حكومة جمهورية مصر العربية والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية برأس مال 10 ملايين يورو، وذلك مع التحفظ بشرط التصديق. وكان مجلس النواب قد وافق على هذا القرار بجلسته المعقودة فى 13 ذى القعدة سنة 1446 ه، الموافق 11 مايو سنة 2025.

القناة الثالثة والعشرون
منذ 6 ساعات
- القناة الثالثة والعشرون
5 شروط أوروبية قبل لقاء ترامب بوتين.. وضمانات لأوكرانيا
قبل لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنظيره الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا، غدا الجمعة، اتفق مع القادة الأوروبيين على 5 خطوط حمراء بشأن أوكرانيا. فيما تركزت تلك الخطوط حول ضرورة وقف إطلاق النار كشرط مسبق قبل إجراء مزيد من المحادثات حول مواضيع أكثر تفصيلاً. كما شدد الأوروبيون على رفض أي نقاش بشأن التنازل عن أراض أوكرانية من دون حضور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. وأكدوا أن لا اعتراف قانونيا من أوروبا بسيطرة روسيا على أراضٍ أوكرانية في المرحلة الحالية، وفق ما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال". كذلك تطرقوا إلى وجوب قبول روسيا الضمانات الأمنية الغربية لأوكرانيا، فضلا عن ضمان المصالح الأمنية الأساسية لأوكرانيا وأوروبا. في المقابل، وافق الرئيس الأميركي على منح أوكرانيا ضمانات أمنية بشكل مشترك مع أوروبا مع استبعاد انضمامها لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، حسبما أفاد مصدر أميركي مطلع. وكان ترامب أكد، أمس الأربعاء، أنه يرغب في تنظيم لقاء بينه وبين نظيريه الروسي والأوكراني "مباشرة تقريبا" بعد قمته مع بوتين في ألاسكا، بهدف وضع حد للحرب في أوكرانيا. أتى حديث ترامب هذا عقب ما وصفه بـ"اتصال جيد جدا" مع قادة أوروبيين، في خضم تقدم غير مسبوق للقوات الروسية في أوكرانيا. في حين أمل الرئيس الأوكراني متحدثا من برلين حيث استقبله المستشار الألماني فريدريش ميرتس لإجراء اجتماع عبر الفيديو مع ترامب، وكبار القادة الأوروبيين في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، "أن يكون الموضوع الرئيسي لاجتماع ألاسكا هو وقف إطلاق نار فوري". يشار إلى أن الرئيس الأميركي كان ألمح سابقا إلى إمكانية حصول تنازل عن بعض الأراضي الأوكرانية مقابل وقف الحرب، وإرساء السلام بين البلدين. في حين تتمسك كييف بسيادتها على كامل أراضيها، مشددة على أولوية وقف إطلاق النار. بينما تتمسك روسيا ببعض المناطق في الشرق الأوكراني، معتبرة أنها أولى بها، وأن انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News