logo
كندا تسجل أعلى معدل للهجرة العكسية

كندا تسجل أعلى معدل للهجرة العكسية

الجزيرةمنذ يوم واحد

ألبرتا- كانت كندا حتى وقت قريب، ينظر إليها وجهة مثالية وجذَّابة وملاذا للمهاجرين، يطمح كل شاب وعائلة الوصول إليها لتحقيق أحلامهم، لوفرة فرص العمل فيها ونظام هجرتها المُيسر.
غير أن صورة "أرض الأحلام والفرص" كما توصف، بدأت تتبدد أمام واقع متغير يفرض تحديات متزايدة على القادمين الجدد، نتيجة الأزمات التي أرهقت البلاد، ليصطدم الوافدون إليها بواقع صعب وقاسٍ تتلاشى فيه أحلامهم وآمالهم المنشودة لحظة وصولهم إليها.
وحسب بيانات رسمية صدرت عن هيئة الإحصاء الكندية، غادر أكثر من 106 آلاف و134 شخصا البلاد بشكل دائم خلال عام 2024، وهو أعلى رقم يسجل للهجرة الخارجية منذ 1967. وتعد هذه الأرقام مؤشرا على ظاهرة "الهجرة العكسية" المتنامية، والتي يرى فيها مراقبون انعكاسا مباشرا لأزمات اقتصادية واجتماعية باتت تؤثر في قدرة الوافدين الجدد على الاستقرار وتحقيق تطلعاتهم.
صدمة وتحديات
مالك عمار، شاب عربي، وصل إلى مقاطعة ألبرتا في 2020، حاملًا شهادة في برمجة الحاسوب وطموحات كبيرة لبناء حياة جديدة ومستقبل أفضل، كان مدفوعًا بصورة وردية عن بلد الفرص والاقتصاد المزدهر، والتنوع الثقافي، لكنه -كما يقول- اصطدم منذ الأشهر الأولى بواقع مختلف تمامًا عما كان يُروَّج له عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
مالك (30 عاما) الذي كان يعمل في ليبيا قبل وصوله لكندا في منظومة الجوازات بالمعابر الحدودية، حَلُم بالعمل في شركات البرمجة في كندا وصقل مهاراته، وبعد وصوله بدأ بإرسال سيرته الذاتية إلى عشرات الشركات، لكنه سرعان ما اكتشف أن سوق العمل الكندي يشترط المرشحين ذوي "الخبرة الكندية"، إضافة إلى علاقات مسبقة، ومعادلة الشهادات الجامعية التي تستغرق وقتا طويلا ورسوما مالية.
ولذا، لم يكن لديه خيار سوى المباشرة بأعمال مختلفة لا تتناسب مع تخصصه وطموحه، فعمل في مسلخ لحوم ومطاعم وفي البناء وتربية الحيوانات في المزارع، براتب 15 دولارا كنديا (11 دولارا أميركيا) في الساعة.
ويقول للجزيرة نت "كنت أعمل 10 ساعات يوميا، ومعظم دخلي كان يذهب لتأمين إيجار السكن وباقي الفواتير والتأمين، مما جعل ادخار المال شبه مستحيل".
ولم يصطدم مالك بصعوبات سوق العمل فحسب، بل واجهه تحد آخر أثَّر على استقراره، وهو إجراءات الحصول على الإقامة الدائمة ومتطلباتها والانتظار سنوات طويلة لذلك، إذ بدأ مالك يشعر بالإحباط المتزايد ويتساءل كيف سيكون حاله إذا تزوج وزادت التزاماته، ليقرر في أبريل/نيسان 2025 وبعد 5 سنوات من الإقامة في كندا، مغادرتها والعودة إلى بلاده، بحثا عن ظروف معيشية أفضل.
وقصة مالك ليست استثناء، بل تعكس واقع كثير من الشبان العرب الذين يصلون إلى كندا بحثًا عن حياة أفضل، ورغم حملهم للمؤهلات العلمية والخبرات العالية، يجدون أنفسهم مضطرين للعمل في وظائف مؤقتة أو دون مستوى مؤهلاتهم، لصعوبة متطلبات سوق العمل الكندي.
وارتفع معدل البطالة في كندا إلى 7%، خلال شهر مايو/أيار الماضي، مسجلا بذلك أعلى مستوى له منذ ما يقرب من 9 سنوات، باستثناء فترة جائحة كورونا، في حين بلغ عدد العاطلين عن العمل 1.6 مليون شخص بزيادة تقارب 14% مقارنة بـ2024، وفق هيئة الإحصاء الكندية، كما أظهرت بيانات مستقاة من مواقع التوظيف أن إعلانات الوظائف انخفضت بنسبة 22%.
احتياجات السوق
من جانبه، يروي أحمد زقوت (40 عاما) للجزيرة نت، تجربته في سوق العمل كوافد جديد إلى كندا وصل حديثا مع أسرته المكونة من زوجته و3 أطفال، طامحًا بالاستقرار والنجاح المهني، لكنه اصطدم بسوق عمل معقد يشترط "الخبرة الكندية" للحصول على وظيفة، وكذلك إلى شبكة معارف محلية للدفع به في سوق العمل.
ورغم شهادته الجامعية في الصحافة والإعلام، وخبرته الممتدة 23 عامًا في التصوير الصحفي والتغطية الإخبارية، وعمله مع وكالة رويترز لـ20 عامًا، ونيله جوائز دولية، وتحدثه للغة الإنجليزية، فقد تم استبعاده من الوظائف التي تقدم لها.
ويقول للجزيرة نت، وقد بدا محبطا، "تقدمت لوظائف في مجالي وأقل من مستوى تعليمي وخبرتي، إلا أنه وبكل مرة يتم استبعادي، لمتطلبات سوق العمل المتعارف عليها، ولأن مستوى خبراتي أعلى من الوظائف المعروضة".
ورغم الرفض المتكرر من الشركات بسبب كونه قادما جديدا، وأمام هذا الواقع، اضطر أحمد للعمل في توصيل الطلبات والبناء وإزالة الثلوج، وذلك لتغطية إيجار السكن المرتفع ومصاريف عائلته والفواتير الشهرية، مؤكدا مواصلته التقديم للوظائف في مجاله، والتمسك بطموحه وأهدافه لتحقيقه فرصته في كندا.
وتشير تقارير محلية، إلى أن 70% من أرباب العمل في كندا يشترطون خبرة محلية كندية، ونحو 35% من المهاجرين لا يملكون شهادات معترفا بها، و52% لا يجيدون اللغتين الإنجليزية أو الفرنسية، مما يشكل عائقًا كبيرا أمام المهاجرين الجدد الذين يفتقرون لهذه المتطلبات في بداية مسيرتهم.
بدروها، قالت مستشارة إعادة التوطين والاندماج، سفين صالحة، إن القادمين الجدد خاصة العرب يواجهون تحديات تعيق اندماجهم بسوق العمل والمجتمع، كصعوبة الحصول على عمل في التخصص بسبب ضعف إتقان اللغة، وغياب "الخبرة الكندية" المطلوبة من أرباب العمل، وعدم الاعتراف بالمؤهلات العلمية من خارج كندا، مما يتطلب معادلة معقدة.
كما يعانون نقص المعرفة بالمصادر الداعمة مثل برامج اللغة وخدمات العمل، ويواجهون عوائق ثقافية بسبب اختلاف العادات قد تؤدي إلى العزلة، إضافة لضغوط نفسية ومالية ناتجة عن تكاليف الحياة وقلق المستقبل، مما يؤثر سلبًا على صحتهم النفسية ويزيد من المشكلات العائلية.
وتنصح صالحة، وهي وافدة إلى كندا منذ 8 سنوات وتجاوزت التحديات ذاتها، وتركت بصمة واضحة في مجتمعها المحلي، وحصلت مؤخرا على جائزة "المواطن المؤثر" من حكومة ألبرتا، بأن يبدأ القادمون بتعلم اللغة عبر برامج مجانية لتحسين التواصل والعمل، والبدء بعمل مؤقت أو تطوعي للحصول على "الخبرة الكندية" وفهم ثقافة العمل، ومعادلة المؤهلات الأكاديمية مبكرًا، والتفكير في تغيير التخصص ليناسب سوق العمل مع قبول فوائده طويلة الأمد.
وتؤكد، أنه رغم صعوبة التحديات في البداية، فإن فهم النظام الكندي، يتطلب التحلي بالصبر، وتقبل المرونة في المسار المهني والاجتماعي، تُعد مفاتيح أساسية لتحقيق الاندماج والاستقرار، معتبرة أن بناء الثقة بالنفس والانفتاح على التغيير عنصران حيويان لنجاح الرحلة في كندا.
تظل كندا وجهة جذَّابة للمهاجرين العرب، لكن استمرار ارتفاع تكاليف المعيشة وتحديات سوق العمل قد يزيد معدلات الهجرة العكسية، خاصة في أونتاريو التي شهدت 48% من حالات المغادرة في 2024.
ولضمان الاحتفاظ بالمهاجرين المهرة، تحتاج الحكومة لاستثمار في السكن الاقتصادي، وتسريع تقييم المؤهلات، وتوسيع برامج التوطين، أما بالنسبة للمهاجرين العرب، فإن التخطيط الجيد وتعلم اللغة، وبناء شبكة معارف قوية هي مفاتيح النجاح في سوق العمل الكندي.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

كندا تسجل أعلى معدل للهجرة العكسية
كندا تسجل أعلى معدل للهجرة العكسية

الجزيرة

timeمنذ يوم واحد

  • الجزيرة

كندا تسجل أعلى معدل للهجرة العكسية

ألبرتا- كانت كندا حتى وقت قريب، ينظر إليها وجهة مثالية وجذَّابة وملاذا للمهاجرين، يطمح كل شاب وعائلة الوصول إليها لتحقيق أحلامهم، لوفرة فرص العمل فيها ونظام هجرتها المُيسر. غير أن صورة "أرض الأحلام والفرص" كما توصف، بدأت تتبدد أمام واقع متغير يفرض تحديات متزايدة على القادمين الجدد، نتيجة الأزمات التي أرهقت البلاد، ليصطدم الوافدون إليها بواقع صعب وقاسٍ تتلاشى فيه أحلامهم وآمالهم المنشودة لحظة وصولهم إليها. وحسب بيانات رسمية صدرت عن هيئة الإحصاء الكندية، غادر أكثر من 106 آلاف و134 شخصا البلاد بشكل دائم خلال عام 2024، وهو أعلى رقم يسجل للهجرة الخارجية منذ 1967. وتعد هذه الأرقام مؤشرا على ظاهرة "الهجرة العكسية" المتنامية، والتي يرى فيها مراقبون انعكاسا مباشرا لأزمات اقتصادية واجتماعية باتت تؤثر في قدرة الوافدين الجدد على الاستقرار وتحقيق تطلعاتهم. صدمة وتحديات مالك عمار، شاب عربي، وصل إلى مقاطعة ألبرتا في 2020، حاملًا شهادة في برمجة الحاسوب وطموحات كبيرة لبناء حياة جديدة ومستقبل أفضل، كان مدفوعًا بصورة وردية عن بلد الفرص والاقتصاد المزدهر، والتنوع الثقافي، لكنه -كما يقول- اصطدم منذ الأشهر الأولى بواقع مختلف تمامًا عما كان يُروَّج له عبر وسائل التواصل الاجتماعي. مالك (30 عاما) الذي كان يعمل في ليبيا قبل وصوله لكندا في منظومة الجوازات بالمعابر الحدودية، حَلُم بالعمل في شركات البرمجة في كندا وصقل مهاراته، وبعد وصوله بدأ بإرسال سيرته الذاتية إلى عشرات الشركات، لكنه سرعان ما اكتشف أن سوق العمل الكندي يشترط المرشحين ذوي "الخبرة الكندية"، إضافة إلى علاقات مسبقة، ومعادلة الشهادات الجامعية التي تستغرق وقتا طويلا ورسوما مالية. ولذا، لم يكن لديه خيار سوى المباشرة بأعمال مختلفة لا تتناسب مع تخصصه وطموحه، فعمل في مسلخ لحوم ومطاعم وفي البناء وتربية الحيوانات في المزارع، براتب 15 دولارا كنديا (11 دولارا أميركيا) في الساعة. ويقول للجزيرة نت "كنت أعمل 10 ساعات يوميا، ومعظم دخلي كان يذهب لتأمين إيجار السكن وباقي الفواتير والتأمين، مما جعل ادخار المال شبه مستحيل". ولم يصطدم مالك بصعوبات سوق العمل فحسب، بل واجهه تحد آخر أثَّر على استقراره، وهو إجراءات الحصول على الإقامة الدائمة ومتطلباتها والانتظار سنوات طويلة لذلك، إذ بدأ مالك يشعر بالإحباط المتزايد ويتساءل كيف سيكون حاله إذا تزوج وزادت التزاماته، ليقرر في أبريل/نيسان 2025 وبعد 5 سنوات من الإقامة في كندا، مغادرتها والعودة إلى بلاده، بحثا عن ظروف معيشية أفضل. وقصة مالك ليست استثناء، بل تعكس واقع كثير من الشبان العرب الذين يصلون إلى كندا بحثًا عن حياة أفضل، ورغم حملهم للمؤهلات العلمية والخبرات العالية، يجدون أنفسهم مضطرين للعمل في وظائف مؤقتة أو دون مستوى مؤهلاتهم، لصعوبة متطلبات سوق العمل الكندي. وارتفع معدل البطالة في كندا إلى 7%، خلال شهر مايو/أيار الماضي، مسجلا بذلك أعلى مستوى له منذ ما يقرب من 9 سنوات، باستثناء فترة جائحة كورونا، في حين بلغ عدد العاطلين عن العمل 1.6 مليون شخص بزيادة تقارب 14% مقارنة بـ2024، وفق هيئة الإحصاء الكندية، كما أظهرت بيانات مستقاة من مواقع التوظيف أن إعلانات الوظائف انخفضت بنسبة 22%. احتياجات السوق من جانبه، يروي أحمد زقوت (40 عاما) للجزيرة نت، تجربته في سوق العمل كوافد جديد إلى كندا وصل حديثا مع أسرته المكونة من زوجته و3 أطفال، طامحًا بالاستقرار والنجاح المهني، لكنه اصطدم بسوق عمل معقد يشترط "الخبرة الكندية" للحصول على وظيفة، وكذلك إلى شبكة معارف محلية للدفع به في سوق العمل. ورغم شهادته الجامعية في الصحافة والإعلام، وخبرته الممتدة 23 عامًا في التصوير الصحفي والتغطية الإخبارية، وعمله مع وكالة رويترز لـ20 عامًا، ونيله جوائز دولية، وتحدثه للغة الإنجليزية، فقد تم استبعاده من الوظائف التي تقدم لها. ويقول للجزيرة نت، وقد بدا محبطا، "تقدمت لوظائف في مجالي وأقل من مستوى تعليمي وخبرتي، إلا أنه وبكل مرة يتم استبعادي، لمتطلبات سوق العمل المتعارف عليها، ولأن مستوى خبراتي أعلى من الوظائف المعروضة". ورغم الرفض المتكرر من الشركات بسبب كونه قادما جديدا، وأمام هذا الواقع، اضطر أحمد للعمل في توصيل الطلبات والبناء وإزالة الثلوج، وذلك لتغطية إيجار السكن المرتفع ومصاريف عائلته والفواتير الشهرية، مؤكدا مواصلته التقديم للوظائف في مجاله، والتمسك بطموحه وأهدافه لتحقيقه فرصته في كندا. وتشير تقارير محلية، إلى أن 70% من أرباب العمل في كندا يشترطون خبرة محلية كندية، ونحو 35% من المهاجرين لا يملكون شهادات معترفا بها، و52% لا يجيدون اللغتين الإنجليزية أو الفرنسية، مما يشكل عائقًا كبيرا أمام المهاجرين الجدد الذين يفتقرون لهذه المتطلبات في بداية مسيرتهم. بدروها، قالت مستشارة إعادة التوطين والاندماج، سفين صالحة، إن القادمين الجدد خاصة العرب يواجهون تحديات تعيق اندماجهم بسوق العمل والمجتمع، كصعوبة الحصول على عمل في التخصص بسبب ضعف إتقان اللغة، وغياب "الخبرة الكندية" المطلوبة من أرباب العمل، وعدم الاعتراف بالمؤهلات العلمية من خارج كندا، مما يتطلب معادلة معقدة. كما يعانون نقص المعرفة بالمصادر الداعمة مثل برامج اللغة وخدمات العمل، ويواجهون عوائق ثقافية بسبب اختلاف العادات قد تؤدي إلى العزلة، إضافة لضغوط نفسية ومالية ناتجة عن تكاليف الحياة وقلق المستقبل، مما يؤثر سلبًا على صحتهم النفسية ويزيد من المشكلات العائلية. وتنصح صالحة، وهي وافدة إلى كندا منذ 8 سنوات وتجاوزت التحديات ذاتها، وتركت بصمة واضحة في مجتمعها المحلي، وحصلت مؤخرا على جائزة "المواطن المؤثر" من حكومة ألبرتا، بأن يبدأ القادمون بتعلم اللغة عبر برامج مجانية لتحسين التواصل والعمل، والبدء بعمل مؤقت أو تطوعي للحصول على "الخبرة الكندية" وفهم ثقافة العمل، ومعادلة المؤهلات الأكاديمية مبكرًا، والتفكير في تغيير التخصص ليناسب سوق العمل مع قبول فوائده طويلة الأمد. وتؤكد، أنه رغم صعوبة التحديات في البداية، فإن فهم النظام الكندي، يتطلب التحلي بالصبر، وتقبل المرونة في المسار المهني والاجتماعي، تُعد مفاتيح أساسية لتحقيق الاندماج والاستقرار، معتبرة أن بناء الثقة بالنفس والانفتاح على التغيير عنصران حيويان لنجاح الرحلة في كندا. تظل كندا وجهة جذَّابة للمهاجرين العرب، لكن استمرار ارتفاع تكاليف المعيشة وتحديات سوق العمل قد يزيد معدلات الهجرة العكسية، خاصة في أونتاريو التي شهدت 48% من حالات المغادرة في 2024. ولضمان الاحتفاظ بالمهاجرين المهرة، تحتاج الحكومة لاستثمار في السكن الاقتصادي، وتسريع تقييم المؤهلات، وتوسيع برامج التوطين، أما بالنسبة للمهاجرين العرب، فإن التخطيط الجيد وتعلم اللغة، وبناء شبكة معارف قوية هي مفاتيح النجاح في سوق العمل الكندي.

يديعوت أحرونوت: 1.5 مليار دولار تكاليف إسرائيل في مواجهتها مع إيران
يديعوت أحرونوت: 1.5 مليار دولار تكاليف إسرائيل في مواجهتها مع إيران

الجزيرة

timeمنذ يوم واحد

  • الجزيرة

يديعوت أحرونوت: 1.5 مليار دولار تكاليف إسرائيل في مواجهتها مع إيران

تتكبد إسرائيل في مواجهتها مع إيران نحو 2.75 مليار شيكل (733.12 مليون دولار) يوميًا من النفقات العسكرية المباشرة وحدها، حسبما نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن المستشار المالي السابق لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي، العميد (احتياط) ريم أميناخ. وقال أميناخ إن تكاليف اليومين الأولين من المواجهة العسكرية بلغت نحو 5.5 مليارات شيكل (1.54 مليار دولار)، مُقسّمة بالتساوي بين العمليات الهجومية والدفاعية، ولا يشمل هذا التقدير الأضرار التي لحقت بالممتلكات المدنية والتداعيات الاقتصادية الأوسع. كلفة الضربة الأولى وشملت التكاليف الهجومية الضربة الإسرائيلية الأولى على إيران، والتي قالت أميناخ إنها كلفت نحو 2.25 مليار شيكل (632.5 مليون دولار) وغطّت ساعات الطيران والذخائر، أما المبلغ المتبقي، فقد خُصص لتدابير دفاعية مثل استخدام الصواريخ الاعتراضية وتعبئة الاحتياط. وأفاد أميناخ -الذي شغل كذلك منصب رئيس قسم الميزانية بوزارة الدفاع والقسم الاقتصادي في جيش الدفاع الإسرائيلي-:هذه تكاليف مباشرة فقط. لا يمكن قياس التكاليف غير المباشرة -بما في ذلك تأثيرها على الناتج المحلي الإجمالي – في هذه المرحلة". وحددت وزارة المالية الإسرائيلية سقفًا للعجز بنسبة 4.9% من الناتج المحلي الإجمالي للسنة المالية الحالية، أي ما يعادل نحو 105 مليارات شيكل (29.5 مليار دولار)، وبينما تتضمن الميزانية احتياطيًا للطوارئ، فإن معظمه قد استُنفِد بالفعل خلال حرب غزة، ولا يتضمن المواجهة ضد مع إيران. التوقعات الاقتصادية وأدت المواجهة إلى مراجعة التوقعات الاقتصادية للبلاد بالخفض، وخفضت الوزارة توقعاتها للنمو لعام 2025 من 4.3% إلى 3.6%، استنادا إلى افتراض أن استدعاءات خدمة الاحتياط ستنخفض بدءًا من الربع الثالث، وهو سيناريو يبدو الآن مستبعدًا بشكل متزايد، لا سيما مع تكثيف العمليات العسكرية في غزة، حسب الصحيفة. وعلى نحو منفصل، صرف صندوق التعويضات التابع لسلطة الضرائب الإسرائيلية، والذي يدفع ثمن الأضرار التي لحقت بالممتلكات المدنية، 2.4 مليار شيكل (674.72 مليون دولار من يناير/كانون الثاني) إلى مايو/أيار 2025. وبلغ صافي السحوبات من الصندوق 3 مليارات شيكل (843.4 مليون دولار)، ويرجح المسؤولون أن تكون ثمة حاجة إلى تمويل إضافي، بالنظر إلى الأضرار الجسيمة المبلغ عنها في مواقع متعددة. وعلى الرغم من أن نفقات صندوق التعويضات لا تُحتسب في العجز الرسمي، بسبب ممارسة محاسبية طويلة الأمد ومثيرة للجدل، فإنها تُصنف كدين عام وتُدرج في تقييمات التكلفة الإجمالية للحرب، وفق يديعوت أحرونوت.

هل التعويم المدار خيار مناسب لسوريا؟
هل التعويم المدار خيار مناسب لسوريا؟

الجزيرة

timeمنذ يوم واحد

  • الجزيرة

هل التعويم المدار خيار مناسب لسوريا؟

نقلت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية عن محافظ مصرف سوريا المركزي، عبد القادر حصرية، أن البلاد تتجه نحو تطبيق نظام التعويم المدار لعملتها المحلية، في خطوة تهدف إلى الحد من تدخل الصرافين في سوق الصرف، وتعزيز جهود توحيد الأسعار النقدية. وأوضح حصرية أن الخطة الجديدة تستهدف تمرير جميع عمليات التجارة الخارجية عبر القطاع المصرفي الرسمي، بما يؤدي إلى إلغاء الدور الذي ظلّ يلعبه الصرافون، الذين كانوا يتقاضون نحو 40 سنتًا عن كل دولار يدخل إلى سوريا. وفي تصريحاته، أكد حصرية أن عودة سوريا إلى نظام سويفت ستشكّل نقلة نوعية من شأنها أن تُشجّع التجارة الخارجية، وتُسهم في خفض تكاليف الاستيراد، وتسهيل عمليات التصدير. كما اعتبر أن هذه الخطوة ستؤدي إلى جلب العملات الأجنبية التي تحتاجها البلاد بشكل كبير، إلى جانب دعم جهود مكافحة غسل الأموال، والتخفيف من الاعتماد على الشبكات المالية غير الرسمية في التجارة عبر الحدود. وكشف حصرية أن العودة إلى الربط الكامل بنظام المدفوعات الدولية " سويفت" ستكون "في غضون أسابيع"، الأمر الذي من شأنه أن يعيد ربط سوريا بالاقتصاد العالمي بعد أكثر من 14 عاما من الحرب والعقوبات التي أدت إلى عزل البلاد ماليًا. ما نظام التعويم المدار؟ ويُعد سعر صرف العملة الوطنية من أبرز المؤشرات التي تعكس قوة الاقتصاد الوطني وتؤثر على مستويات التجارة والاستثمار، وتختلف الدول في كيفية إدارتها لسعر الصرف تبعًا لنظامها الاقتصادي والمالي. وتندرج أنظمة سعر الصرف عادة ضمن 3 نماذج رئيسية: نظام سعر الصرف الثابت: حيث تقوم الدولة بتثبيت قيمة عملتها مقابل عملة أجنبية رئيسية مثل الدولار الأميركي، أو مقابل سلة من العملات. ويتطلب هذا النظام تدخلًا دائمًا من البنك المركزي لضمان بقاء سعر العملة في نطاق محدد، من خلال عمليات بيع وشراء العملات الأجنبية. نظام سعر الصرف المرن: يتم تحديد سعر العملة في هذا النظام بناءً على قوى العرض والطلب دون أي تدخل مباشر من البنك المركزي ، مما يجعل السوق هي العامل الحاسم في تقلبات الأسعار. نظام سعر الصرف بالتعويم المدار: يمثل هذا النظام صيغة وسطية بين النموذجين السابقين. إذ يُسمح لسعر الصرف بالتقلب وفقًا لقوى السوق، مع تدخل البنك المركزي عند الضرورة، لا سيما في حال حدوث ارتفاعات أو انخفاضات مفرطة من شأنها أن تُربك السوق المحلية. ويهدف التعويم المدار إلى تخفيف حدّة تقلبات أسعار الصرف، أو توجيهها نحو مستوى يخدم أهدافًا اقتصادية محددة، كدعم الصادرات أو كبح التضخم. ويعتمد نجاح هذا النظام على مجموعة من العوامل، منها: متانة الاقتصاد، حجم الاحتياطيات الأجنبية، فعالية السياسات النقدية والمالية، والقدرة على تنفيذ إصلاحات هيكلية. وقد طبّقت دول عدة هذا النظام بدرجات متفاوتة من النجاح، مثل: الصين والهند، اللتين استفادتا من التعويم المدار في تعزيز التنافسية وزيادة الصادرات، إضافة إلى دول مثل جورجيا، رومانيا، سنغافورة، ماليزيا، تايلاند، الأرجنتين، إندونيسيا، الجزائر، والمغرب. هل تنجح سوريا في تطبيق التعويم المدار؟ في تصريحات خاصة لموقع الجزيرة نت، قال الخبير في الاقتصاد السوري يونس الكريم إن نظام التعويم المدار سبق أن طُبّق في سوريا عام 2007 خلال فترة ما عُرف باقتصاد السوق الاجتماعي، الذي كان يمثل مزيجًا بين النمط الرأسمالي والمقاربة الاجتماعية، وذلك في محاولة لتقليل التأثير على الشرائح الفقيرة جراء تقلبات سعر الصرف. ويشير الكريم إلى أن النظام حينها وسّع من تطبيق التعويم المدار في السنوات الأولى من الثورة، مما أدى إلى استنزاف جزء كبير من الاحتياطيات النقدية. ويضيف أن العودة اليوم إلى التعويم المدار تُعد اعترافًا ضمنيًا بالعودة إلى ربط الليرة السورية بالدولار الأميركي، بعد محاولات سابقة لفك هذا الربط وتثبيت الليرة على أساس سلة من العملات. وبرأيه، فإن الدولرة الجزئية كانت ولا تزال خيارًا أكثر واقعية وأسهل من التعويم. ويعدد الكريم بعض الإيجابيات المحتملة للتعويم المدار في الحالة السورية، من أبرزها: استقرار سعر الصرف: حيث يسهم الربط بالدولار في استقرار أسعار السلع والخدمات، بالنظر إلى أن معظم المواد الأساسية مستوردة من الخارج، كما يُخفف من تقلبات سعر الليرة. الحد من السوق السوداء: تعاني سوريا منذ سنوات من وجود سوق سوداء قوية لتداول العملات، وتطبيق التعويم المدار قد يؤدي إلى القضاء على الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء. مكافحة التضخم: عانى السوريون لفترة طويلة من تضخم مفرط، ويُعد التعويم المدار أداة فعّالة لمعالجته أو على الأقل الحد من تفاقمه. جذب الاستثمارات: النظام الجديد قد يُقلل من مخاطر تقلبات الصرف بالنسبة للمستثمرين، ويُساعد في تأمين الاحتياطات النقدية اللازمة للاستيراد. خطوات ضرورية قبل تطبيق التعويم المدار في تقرير نشره موقع الحرية، يوضح الأكاديمي والباحث الاقتصادي الدكتور عباس رشيد كعده جملة من الخطوات الاستباقية التي ينبغي اتخاذها من قبل مصرف سوريا المركزي، لضمان نجاح الانتقال إلى التعويم المدار. وتشمل هذه الخطوات: إعلان إطلاق منصة رسمية لشراء الدولار من المواطنين بسعر قريب من سعر السوق الموازية، مع وضع سقوف وضوابط يومية تمنع المضاربات. توفير السيولة بالليرة السورية لتمويل عمليات الشراء، بدلًا من استخدام الاحتياطي النقدي بالدولار، مما يسهم في تنشيط الدورة النقدية داخليًا. توسيع قنوات التداول الرسمية من خلال دمج البنوك وشركات الصرافة المرخصة ضمن منظومة شفافة لإدارة الطلب على القطع الأجنبي. تعزيز آليات الرقابة على السوق لمنع المضاربات غير المشروعة التي تؤثر على الاستقرار النقدي. بناء الثقة بين المواطن والبنك المركزي عبر الإفصاح المنتظم عن السياسات النقدية والأسعار بشكل شفاف. تهيئة بيئة اقتصادية داعمة من خلال تشجيع الإنتاج والتصدير بما يُحسن ميزان المدفوعات ويقلل الضغط على العملة. تحديات جوهرية قد تعيق تطبيق التعويم المدار ورغم الجوانب الإيجابية المفترضة، يرى الخبير يونس الكريم أن هناك مجموعة من التحديات الكبيرة التي قد تُعيق نجاح هذه الخطوة، وأبرزها: نقص الاحتياطات الأجنبية: إذ يُعد توفر احتياطي نقدي قوي شرطًا أساسيًا لتدخل البنك المركزي عند الضرورة، وسوريا تُعاني حاليًا من عجز حاد في هذا الجانب. ضعف قدرة البنك المركزي على فرض قراراته على شركات الصرافة، بسبب غياب السيطرة على أجزاء من الجغرافيا السورية. التقلبات الحادة في سعر الصرف: في ظل بيئة اقتصادية هشّة، فإن أي تطبيق للتعويم المدار قد يؤدي إلى تقلبات خطيرة تُربك السوق وتزيد من حالة عدم اليقين. استنزاف الاحتياطي النقدي: التدخل المتكرر في السوق يستهلك الاحتياطي المتاح، مما يهدد الاستقرار المالي على المدى القصير. بنية تحتية مصرفية ضعيفة: المصارف السورية بحاجة ماسة للتحديث والدعم الفني والتقني لتواكب متطلبات نظام أكثر مرونة. اقتصاد منهك بعد الحرب: من الصعب تطبيق نظام نقدي مرن في ظل اقتصاد هش يعاني من ضعف الإنتاج وتضخم مزمن. غياب الاستقرار السياسي: نجاح أي سياسة نقدية يتطلب بيئة سياسية وقانونية مستقرة، وهو ما لا يتوفر في الحالة السورية حاليًا. ضعف الكوادر والخبرة المؤسسية: البنك المركزي لا يزال يعمل ضمن منظومات وسياسات قديمة تعود لعهد النظام السابق، ما يعوق تنفيذ سياسات متقدمة. تعارض السياسات الاقتصادية: هناك تضارب واضح بين سياسة التعويم المدار والانفتاح الاقتصادي الكلي الذي دعا إليه بعض المسؤولين في وقت سابق. يُعد تبنّي نظام التعويم المدار خطوة جريئة في السياق السوري، وهو خيار ينطوي على مزايا نظرية مغرية، لكن تطبيقه العملي محفوف بالمخاطر في بيئة سياسية واقتصادية غير مستقرة. فعلى الرغم من أن النظام قد يوفر مرونة أكبر في مواجهة الصدمات ويعزز التنافسية، إلا أن نجاحه مرهون بمدى توفر الظروف المناسبة، وعلى رأسها الاستقرار السياسي، كفاية الاحتياطيات، وقدرة المصرف المركزي على ضبط السوق. وفي ظل الواقع الراهن، يبدو أن تطبيق هذا النظام في المدى القريب سيكون أقرب إلى المجازفة النقدية منه إلى الإصلاح الإستراتيجي، وقد يكون أثره سلبيًا على ثقة المستثمرين وحركة رؤوس الأموال في البلاد.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store