
"رئة العراق" بخطر.. مستويات التلوث ترتفع وسط تنامي "المدن الجزرية"
شفق نيوز/ أدى تزايد النشاط العمراني على حساب المساحات الخضراء في العراق، إلى اختفاء أراضٍ زراعية وتحويلها إلى سكنية وتجارية، ما انعكس سلباً على البيئة وزاد من تلوث الهواء والتغير المناخي، وسط توقعات بتنامي ظاهرة "المدن الجزرية" خلال الفترة المقبلة.
ويقول عضو مرصد "العراق الأخضر" المتخصص بشؤون البيئة، عمر عبداللطيف، لوكالة شفق نيوز، إن "استثمار المساحات الخضراء وتحويلها إلى مجمعات سكنية ومولات تسبب بظهور ظاهرة (المناطق الجزرية) أو (المدن الجزرية) في بغداد، والتي تعني تساوي درجات الحرارة بين الليل والنهار، في ظل وجود مشاريع كونكريتية ضخمة في مناطق متقاربة".
ويضيف عبداللطيف، أن "المشاريع الاستثمارية قتلت الكثير من المساحات الخضراء، مما تسبب أن يكون هناك تلوث في أغلب أيام السنة، وما قضية الكبريت الذي يستنشقه سكان بغداد بشكل شبه يومي وغيره من الملوثات، إلا نتاجاً لهذه المشاريع الاستثمارية التي تسببت بحصول التلوث".
ويكشف، أن "نسب التلوث في المدن تجاوزت 60 بالمئة، وهذه نسبة خطيرة ومشكلة كبيرة، حيث باتت بغداد أشبه بمدن القاهرة ونيودلهي ونظيراتها التي تعاني من اكتظاظ سكاني وتلوث بيئي عالي، ما يستدعي وضع معالجات لها بأسرع وقت ممكن".
وتأتي تحذيرات عبداللطيف بعد حوالي شهر من جدل كبير أثاره إحالة وزارة التربية العراقية غابات الموصل بمحافظة نينوى إلى الجرف والاستثمار، ورغم نفي الوزارة إقامة مشروع سكني على تلك الأرض، لكن يبقى القلق متزايداً نتيجة الإهمال والقطع الجائر الذي تعرضت له هذه الغابات في السنوات الأخيرة.
ويطمئن نائب رئيس لجنة الاستثمار والتنمية النيابية، حسين السعبري، لوكالة شفق نيوز، بأن "المساحات الخضراء، لا يمكن تغيير استخدامها إلا موافقة البلديات، لذلك من الصعوبة التوجه نحو استثمارها، خاصة وأن هناك تشديد منذ عامين من قبل لجنة الاستثمار وهيئات الاستثمار بهذا الخصوص، ولم يتم منح أي إجازة استثمار على مساحة خضراء مؤخراً".
وتأتي أهمية المساحات الخضراء من كونها تعمل على تحسين جودة الهواء والصحة العامة والترفيه والترويح عن النفس، كما أنها تساعد على تخفيض درجات الحرارة وامتصاص الملوّثات، وكذلك الحماية من الأشعة فوق البنفسجية وتقليل حدة الضوضاء والشعور بالاكتئاب.
ويضرب التغير المناخي العراق بقوة خلال الأعوام القليلة الماضية وبصورة غير معهودة، حيث يعد خامس الدول الأكثر تضرراً من التغيرات المناخية العالمية وفق وزارة البيئة العراقية والأمم المتحدة.
ويفقد العراق سنوياً 100 ألف دونم (الدونم 1000م مربع)، جراء التصحر، كما أن أزمة المياه تسببت بانخفاض الأراضي الزراعية إلى 50 في المئة وفق تصريحات رسمية.
ووفقاً لتقديرات منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" التابعة للأمم المتحدة، فقد باتت مساحات الغابات في العراق لا تشكل سوى 8250 كيلومتراً مربعاً، أي ما نسبته 2 بالمئة من إجمالي مساحة البلاد.
وتؤكد وزارة الزراعة العراقية، أن البلاد بحاجة إلى زراعة أكثر من 15 مليار شجرة لتأمين غطاء نباتي يقضي على التصحر.
وفي سبيل زيادة المساحات الخضراء، تتصاعد حملات التشجير بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة في عموم المحافظات العراقية عبر تنفيذ مبادرات حكومية.
وبهذا السياق، تقول خبيرة التلوث البيئي، إقبال لطيف، إن "المساحات الخضراء تساهم في تحسين جودة الهواء حيث تمتص ثاني أوكسيد الكربون وتطرح الأوكسجين، كما أن التربة تمتص كميات من الأمطار وبالتالي المحافظة على تصريف المياه الجوفية من جهة وكذلك على ترطيب الهواء من جهة أخرى".
وتضيف لطيف لوكالة شفق نيوز، أن "المساحات الخضراء تساهم في خفض درجات الحرارة وتوفر مساحة لاستراحة المسنين والمرضى، ومأوى للشباب عبر إنشاء ملاعب رياضية فيها، وغيرها من الفوائد".
وتشير إلى أن "حصة كل فرد من المساحة الخضراء هي 16 متراً مربعاً كحد أدنى، لكن ما يلاحظ عدم مراعاة ذلك في التخطيط العمراني الذي يفترض أن يكون 60 بالمئة بناء و40 بالمئة مساحات خضراء، لذلك الاتجاه الحكومي في بعض المجمعات السكنية مثل بسماية كان خاطئاً، خاصة وأن سكان هذا المجمع يعانون من انبعاثات الحرق الليلي الذي يتم في النهروان".
وتؤكد، أن "التلوث يزيد من خطر الإصابة بالسكتات الدماغية والقلبية، وبالتالي زيادة معدل الوفيات بسبب سوء جودة الهواء، لذلك ينبغي العمل على زيادة المساحات الخضراء، خاصة وأن العراق يعاني من تصحر وجفاف وتغير مناخي كبير".
وأطلق رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، في 7 كانون الأول/ديسمبر 2024، الأعمال التنفيذية لمشروع غابات بغداد المستدامة على أرض معسكر الرشيد، كما أطلق في 12 آذار/مارس 2023، مبادرة "كبرى" لزراعة 5 ملايين شجرة ونخلة في عموم محافظات العراق.
من جهتها، أعلنت أمانة بغداد، في أيلول/سبتمبر 2023، عن خطتها الزراعية المتضمنة استحداث (108) حدائق وزراعة أكثر من 5 ملايين شتلة و(375) ألف شجرة وشجيرة لزيادة المسطحات الخضراء في العاصمة.
يذكر أن العراق اعتمد يوم 12 آذار/مارس من كل عام يوماً للتشجير الوطني لتشجيع الناس على زراعة الأشجار والنخيل والاعتناء بها وحماية الغطاء النباتي، ويهدف هذا اليوم أيضاً إلى زيادة رقعة المساحات الخضراء وترميم الغابات الطبيعية وحمايتها مع إعطاء المزيد من الاهتمام لترميم المساحات المزروعة وزرع مساحات خضراء جديدة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ 9 ساعات
- شفق نيوز
كوردستان تصادق على تنفيذ 9 مشاريع خدمية وتنموية في حلبجة
شفق نيوز/ أعلنت محافظة حلبجة، اليوم الأحد، أن رئاسة وزراء إقليم كوردستان صادقت على تنفيذ تسعة مشاريع خدمية وتنموية جديدة ضمن خطة تطوير المحافظة. وقالت المحافظ نوخشة ناصح، في بيان صدر عقب اجتماعها مع رئيس ديوان رئاسة الوزراء أوميد صباح، ورد إلى وكالة شفق نيوز، إن اللقاء جاء لمتابعة مخرجات اجتماع السادس عشر من نيسان الماضي، الذي جمع رئاسة الوزراء بمحافظي حلبجة والسليمانية ومسؤولي الإدارات المستقلة في كرميان ورابرين، حيث تم منح الموافقة الرسمية على تنفيذ المشاريع المدرجة ضمن الخطة. وتضمنت المشاريع المصادق عليها: إنشاء منطقة السوق الحرة في مدينة حلبجة، وتنفيذ مشروع طريق دائري بعرض 30 متراً في قضاء خورمال، بكلفة 3.5 مليارات دينار، إلى جانب تخصيص 10 مليارات دينار من ميزانية تنمية المحافظات ووزارة البلديات لتطوير مختلف القطاعات في المحافظة. كما تمت الموافقة على تحويل ميزانية مركز توثيق شهداء القصف الكيميائي إلى 16.29 مليون دولار، وتصميم وإنشاء شارع "بازنەيى" بعرض 40 متراً، بكلفة 30 مليار دينار. وشملت المشاريع أيضاً تنفيذ مشروع مياه الأمطار وطريق حي شهداء القصف الكيميائي بكلفة 14.4 مليار دينار، وتعبيد شارع الحرية في ناحية سيروان (المرحلة الثانية) بكلفة 2.96 مليار دينار، بالإضافة إلى إنشاء مبنى جديد لمقر محافظة حلبجة بكلفة 4 مليارات دينار. وتضمنت المشاريع تجهيز كافة الدوائر الرسمية في المحافظة بالمعدات التالية: ثلاث بلدوزرات، وثلاث لوادر، وثلاث شاحنات "فلات"، وست قلابات، وحفارتين "دقاق"، وثمانية صهاريج مياه، وخمسة شوڤلات، وثلاث آليات "بوپكات"، وسبع گريدرات، وخمس عربات "عواجل نقل".


شفق نيوز
منذ 9 ساعات
- شفق نيوز
"فاو" تطلق مشروعاً بـ40 مليون دولار لدعم العراق في مواجهة التغير المناخي
شفق نيوز/ كشف المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "فاو" شو دونيو، عن إطلاق مشروع بـ40 مليون دولار لدعم العراق في مواجهة التغير المناخي. جاء ذلك خلال استقبال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وفد منظمة "فاو" في بغداد، وفق بيان صدر عن مكتبه وورد الى وكالة شفق نيوز. وأكد السوداني، خلال اللقاء، أهمية التعاون مع المنظمة لترجمة توصيات مؤتمرات بغداد للمياه إلى برامج عملية، لمواجهة التغيرات المناخية التي أثّرت على البيئة، وتسببت بشحّ المياه وانتشار التصحر. كما ثمّن جهود المدير العام والمسؤولين في "فاو" في تنفيذ المشاريع التي ترعاها المنظمة داخل العراق. وأشار رئيس مجلس الوزراء إلى أن الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي تُعد مرجعاً للعمل المشترك مع المنظمة، بهدف تعزيز الإنتاج المحلي، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من محصول القمح، إلى جانب دعم الفلاحين والمزارعين. وشدّد السوداني على أهمية مخرجات مؤتمر اقتصاديات الكاربون، الذي عُقد في بغداد، ومذكرات التفاهم التي وقعها العراق مع شركات عالمية ضمن إطار تنمية الاقتصاد الأخضر. كما أشار إلى ضرورة ترجمة نتائج المؤتمر الإقليمي السادس والثلاثين لمنظمة الفاو، الذي عُقد في بغداد عام 2022، واعتمادها ضمن إعلان بغداد الوزاري، من أجل ضمان التحول نحو النظم التكنولوجية الحديثة، ودعم المشاريع الصغيرة، وتمكين الشباب، وتعزيز دور المرأة. من جانبه، أكد المدير العام للفاو، شو دونيو، استمرار التنسيق مع العراق، معلناً استعداد المنظمة لإطلاق مشروع يدعم قدرات العراق في مواجهة التغيّر المناخي، بتمويل مشترك من المنظمة وعدة جهات بينها العراق، وبميزانية إجمالية تقارب 40 مليون دولار.


شفق نيوز
منذ 12 ساعات
- شفق نيوز
القرض العقاري بعيد المنال.. شروط تعجيزية تعمق أزمة السكن في العراق
شفق نيوز/ يصف مختصون في مجال العقارات، شروط القروض العقارية التي تقدمها المصارف لشراء أو بناء المنازل بـ"التعجيزية"، في ظل ارتفاع نسب الفائدة وشرط الكفلاء والمرابحة العالية والغرامة المضاعفة وغيرها، ما يحدّ من قدرة المواطنين خصوصاً من ذوي الدخل المحدود والمتوسط في الحصول عليها، وبالتالي بدل أن تعالج أزمة السكن ساهمت في تعميقها. وتتشابه القروض العقارية التي تقدمها المصارف مع قروض صندوق الإسكان إلى حد ما، لكن الأخير يقدمها بلا فائدة، حيث يقول المتحدث باسم وزارة الإعمار والإسكان، نبيل الصفار، إن "قروض صندوق الإسكان تساهم بشكل أو بآخر في سد جزء من الحاجة السكنية المتزايدة في البلد، ويقوم بمنح القروض الميسّرة للمواطنين بدون فائدة". وأضاف الصفار، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "عدد القروض الممنوحة سنوياً تتراوح ما بين 16 ألف إلى 20 ألف مقترض سنوياً، ويعتمد هذا العدد على عدد المتقدمين والمبالغ المتوفرة، وتوزع على المحافظات حسب عدد السكان ونسبة الفقر لكل محافظة"، مبيناً أن "الصندوق يعمل بتمويل ذاتي ويقوم بتدوير المبالغ بين المقترضين". لكن مواطنين يشكون من صعوبة الحصول على قروض صندوق الإسكان، لذلك يلجأون إلى قروض المصارف "الصعبة" كما تصفها المواطنة أم حسين، التي تقدمت على قرض 50 مليون دينار من مصرف حكومي، موضحة لوكالة شفق نيوز، أن "تسديد هذا القرض يكون بدفع 75 مليون دينار، أي بفائدة 25 مليون دينار، بقسط شهري يبلغ 635 ألف دينار". من جانبه، أكد الخبير في مجال العقارات، عبد السلام حسن حسين، أن "المصارف تضع شروطاً تعجيزية لا تحل مشكلة المواطن في السكن، منها كفلاء اثنين، وهذا لا يتحقق إلا لأصحاب الدرجات الخاصة والعلاقات، كما أن المصرف يعطي 50 مليون دينار ويأخذ 76 مليون دينار، أي 26 مليون دينار فائدة، وهذا غير المرابحة، وفي حال عدم التسديد يتضاعف المبلغ". وأشار حسين، خلال حديثه للوكالة، إلى أن "شروط القروض تعجيزية خارج قدرة المواطن المعدم والبسيط، ورغم بناء مشاريع سكنية إلا أنها لن تحل مشكلة المواطن كونها أنشأت وتدار وتباع من قبل أحزاب معروفة وبأسعار تفوق قدرة ذوي الدخل المحدود والمتوسط". واتفق مع هذا الطرح الباحث الاقتصادي، أحمد عيد، الذي أكد أن "ارتفاع أسعار الفائدة، التي غالباً ما تُعتمَد ضمن سياسات البنك المركزي العراقي لكبح التضخم، تؤثر بشكل مباشر على سوق القروض العقارية، وبالتالي على واقع السكن في البلاد". وتابع عيد، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز: "إذ إن رفع الفائدة يعني ارتفاع كلفة الاقتراض، ما يحدّ من قدرة المواطنين، خصوصاً من ذوي الدخل المحدود والمتوسط، في الحصول على قروض لشراء أو بناء منازل في بلد يتدنى فيه متوسط دخل الفرد ويعاني من فجوة واسعة في العدالة الاجتماعية، وبالتالي يتحول القرض العقاري إلى عبء لا يمكن تحمّله". ونتيجة لذلك، بين عيد، أن "الطلب على الوحدات السكنية ينخفض، وتدخل السوق في حالة من الركود، خاصة في المشاريع التي كانت تستهدف الفئات الشعبية أو المتوسطة، وهذا لا يعالج أزمة السكن، بل يعمقها". وعزا الخبير الاقتصادي، هذا الأمر إلى أن "العراق يحتاج - حسب التقديرات - إلى أكثر من ثلاثة ملايين وحدة سكنية، ومع ذلك، فإن الأدوات المالية المتاحة غير مهيأة لتلبية هذا الطلب، خاصة مع العجز الحاد في السيولة النقدية وغياب التخطيط العادل". ورأى عيد في تشخيصه، أن "ما يزيد من تعقيد المشهد، هو أن الاستفادة من القروض العقارية لا تجري دائماً بعدالة وشفافية، إذ تُوجَّه هذه التسهيلات أحياناً لفئات محددة لها ارتباطات حزبية أو ميليشياوية، وتُستخدم القروض في غير أغراضها السكنية، ما يُفرغ هذه الأدوات من مضمونها التنموي، ويحوّلها إلى أدوات نفوذ ومكاسب خاصة". ولمعالجة هذه الأزمة، خلص عيد، إلى القول، إن "هناك حاجة إلى مواءمة السياسة النقدية مع واقع المجتمع، عبر تقديم تسهيلات مصرفية وقروض عقارية ميسّرة تتناسب مع مستوى الدخل، إلى جانب تحفيز الاستثمار في مشاريع الإسكان الشعبي، خاصة وأن المعادلة الناجحة لحل أزمة السكن تبدأ من فهم العلاقة بين الفائدة، والدخل، والطلب الحقيقي على السكن".