
«الثنائي الشيعي» و«كوفيد ــ 26»
احتمالات انتشار عدوى التغيير في البيئة الشيعية حقيقة، وهذا ما يستدعي استنفاراً وجودياً بالنسبة إلى رئيس مجلس النواب اللبناني، رئيس حركة أمل، الأستاذ نبيه بري، وشريكه في «الثنائي الشيعي» المتحكّم بالطائفة الشيعية «حزب الله». وبصفته الأخ الأكبر، يحمل بري على عاتقه إدارة كل المعارك التي يخوضها «الثنائي» دفاعاً عن امتيازاته ومكاسبه، فـ«الثنائي» تحت ذريعة مكاسب الطائفة، اختزلها بتمثيل يشبهه ولا يشبهها، ومارس سياسة ممنهجة في تجويفها من الداخل وأوغل في احتكارها، أي استبعاد كفاءاتها وشخصياتها، وتحويلها طائفةً ريعية تقوم على الولاء فقط. وهو، منذ 1992، يمنّنها ويبتزّها بخدمات قدّمها للجنوب والبقاع، حصل على أغلبها من الدولة والعرب وليس من جيوبه.
ومن أجل تحصينها ضد هذا «الوباء» الذي قد يصيب الجمهور الشيعي أكثر من غيره في الانتخابات التشريعية عام 2026، يرفض الرئيس بري طرح مشروع تعديل قانون الانتخابات المزمع اعتماده في الانتخابات المقبلة فيما يخص المغتربين. فرد فعل «الثنائي» عليه، وانفعاله، كأن لبنان واللبنانيين أمام جائحة جديدة يمكن تسميتها مجازياً «كوفيد - 26» قادمة من الخارج، أي من الاغتراب وخياراته الانتخابية التي قد تتسبب بفقدانه مناعته التمثيلية.
الاغتراب، الذي يرفض «الثنائي الشيعي» ومن تبقى من حلفائه منحه حق التصويت على قاعدة الدائرة الانتخابية، يتعرض لاغتيال سياسي ومعنوي على المستويين الوطني والشيعي. على المستوى الوطني، سيتسبب ذلك بأزمة سياسية وتشريعية بعد إصرار 68 نائباً على تمرير القانون، أما على المستوى الشيعي، فالأزمة مختلفة وجروحها عميقة في الذاكرة الشيعية وفي مستقبلها. فالمغتربون الذين لم يحمِ «الثنائي» ودائعهم في البنوك، ولا أرزاقهم في الجنوب، وخسروا جني عمرهم نتيجة هندسات مالية وحرب إسناد، وليس له القدرة على تعويضهم، يُرفض الآن منحهم حق التصويت.
المغتربون الشيعة لعبوا سابقاً دوراً كبيراً في رفع ممثليهم السياسيين ودعمهم، ودفع بعضهم أثماناً قاسية نتيجة مواقفهم الأخلاقية والثقافية والعقائدية. وبعدما تعرّضوا لنكبات على يد «الثنائي»، من حقهم الآن حرية الاختيار، وليس تقييدها تحت ذرائع فيها مصالح ضيّقة للنخبة السياسية الشيعية الحالية، التي تمارس قمعاً وهيمنة في الداخل، وتريد ممارستهما الآن في الخارج. حيث تبرر هذه النخب رفضها تصويت الاغتراب بأنه ممنوع من خوض معارك انتخابية في الخارج، وهي نفسها من برّرت ممارسات «الثنائي الشيعي» ضد المعارضين، وتخوينهم، وعزلهم.
من الواضح جداً أن «الثنائي الشيعي» يفقد أدوات سيطرته؛ فلا فوائض مالية، ولا عسكرية، ولا هيمنة سياسية على الدولة. الأمر الذي يهدد هيمنته على الطائفة وتمثيلها؛ إذ لم يعد قادراً في المستقبل القريب على لجم الأصوات المعترضة الصاعدة من داخله، والمنتظمة من خارجه. الأمر الذي يفتح احتمال اختراقه انتخابياً؛ لذلك يلجأ ممثلوه إلى تحويل غضبهم السياسي والطائفي خطراً وجودياً، كأن بقاء الطائفة مرتبط ببقائهم، ويطلبون من فقرائها حمايتهم. على الأرجح، أن هذه النخب التي أُثْريت بطرق غير مشروعة، لم تقرأ تساؤل محمود درويش: «هل يدافع حارس جائع عن دارٍ سافر صاحبها، لقضاء إجازته الصيفية في الريفييرا الفرنسية أو الإيطالية؟ لا فرق». الفرق قد يكون إذن في صناديق الاقتراع.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربية
منذ 4 ساعات
- العربية
غارة جنوب بيروت.. إسرائيل: استهدفنا عنصراً يعمل لصالح "فيلق القدس"
استهدفت غارة إسرائيلية، اليوم الخميس، سيارة عند المدخل الجنوبي لبيروت. وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية في لبنان باستهداف مسيرة إسرائيلية سيارة على الطريق السريع في بلدة خلدة جنوب العاصمة. بدورها، قالت وزارة الصحة اللبنانية في بيان، إن الغارة الإسرائيلية أدت في حصيلة أولية إلى سقوط قتيل، وإصابة 3 أشخاص بجروح. إلى ذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي في بيان، استهداف عنصر ينشط في "تهريب الأسلحة" لصالح فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني. فيما ذكرت مصادر "العربية/الحدث" أن الشخص المستهدف يدعى قاسم الحسيني. أتت تلك الغارة بعد أكثر من أسبوع على سريان وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وإيران، بعد حرب دامت 12 يوماً، استهدفت فيها إسرائيل مواقع عسكرية ونووية، ونفذت عمليات اغتيال لقادة عسكريين وعلماء نوويين. غارات جنوب لبنان وبوقت لاحق اليوم، شنت إسرائيل غارات على محيط برغز وبلاط ووادي يحمر والشقيف والجرمق والحمودية والعيشية جنوب لبنان، وفق مراسل "العربية/الحدث". فيما أعلن الجيش الإسرائيلي في بيان، أنه أغار على مواقع عسكرية تحتوي على مستودعات أسلحة إلى جانب مبان عسكرية، وبنى تحتية تابعة لحزب الله في جنوب لبنان. #عاجل 🔸سلاح الجو هاجم مواقع عسكرية ومستودعات اسلحة تابعة لحزب الله في جنوب لبنان 🔸أغار سلاح الجو قبل قليل بتوجيه استخباري من هيئة الاستخبارات العسكرية والقيادة الشمالية على مواقع عسكرية تحتوي على مستودعات اسلحة إلى جانب مبانٍ عسكرية، وبنى تحتية إرهابية تابعة لحزب الله الإرهابي… — افيخاي ادرعي (@AvichayAdraee) July 3, 2025 ضربات رغم اتفاق وقف النار يذكر أنه منذ نوفمبر 2024، يسري في لبنان اتفاق لوقف إطلاق النار بعد نزاع امتد أكثر من عام بين حزب الله وإسرائيل ، تحول إلى مواجهة مفتوحة اعتباراً من سبتمبر. ورغم ذلك، تشن إسرائيل باستمرار غارات في مناطق لبنانية عدة خصوصاً في الجنوب، تقول غالباً إنها تستهدف عناصر في الحزب أو مواقع له. كما تكرر إسرائيل أنها ستواصل العمل "لإزالة أي تهديد" ضدها، ولن تسمح للحزب بإعادة ترميم قدراته بعد الحرب التي تلقى خلالها خسائر كبيرة على صعيد البنية العسكرية والقيادية. وتوعدت بمواصلة شن ضربات ما لم تنزع السلطات اللبنانية سلاح الحزب المدعوم من إيران، حسب فرانس برس. ونص وقف النار بوساطة أميركية على انسحاب حزب الله من المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني (على مسافة حوالي 30 كيلومتراً من الحدود مع إسرائيل في جنوب لبنان)، وتفكيك بناه العسكرية فيها، مقابل تعزيز انتشار الجيش وقوة الأمم المتحدة لحفظ السلام (يونيفيل). كما نص على انسحاب القوات الإسرائيلية من مناطق تقدمت إليها خلال الحرب، لكن إسرائيل أبقت على وجودها في 5 مرتفعات استراتيجية، يطالبها لبنان بالانسحاب منها.


الشرق الأوسط
منذ 9 ساعات
- الشرق الأوسط
«الثنائي الشيعي» و«كوفيد ــ 26»
العالم يتغيّر، والإقليم يتغيّر، ولبنان يتغيّر، ولكن نبيه بري يرفض أن يتغيّر، وكأن لدى «الأستاذ» حساسية من التغيير أو من المصطلح نفسه. فانتفاضة اللبنانيين ضد المنظومة الحاكمة الفاسدة سنة 2019 خلقت مناخاً سياسياً واجتماعياً وثقافياً واقتصادياً تغييرياً مستمراً، على الرغم من كثرة إخفاقات هذا المناخ التغييري، حيث يصعب على المتحصّنين بنظام ما بعد الحرب الأهلية، أي أمراء الطوائف، هضمه أو حتى التعايش معه. كما أنهم مهددون الآن بتراجع مناعة جماعاتهم الحزبية والطائفية من عدوى التغيير؛ لذلك لجأوا إلى قرار اغتيال التغيير نفسه. احتمالات انتشار عدوى التغيير في البيئة الشيعية حقيقة، وهذا ما يستدعي استنفاراً وجودياً بالنسبة إلى رئيس مجلس النواب اللبناني، رئيس حركة أمل، الأستاذ نبيه بري، وشريكه في «الثنائي الشيعي» المتحكّم بالطائفة الشيعية «حزب الله». وبصفته الأخ الأكبر، يحمل بري على عاتقه إدارة كل المعارك التي يخوضها «الثنائي» دفاعاً عن امتيازاته ومكاسبه، فـ«الثنائي» تحت ذريعة مكاسب الطائفة، اختزلها بتمثيل يشبهه ولا يشبهها، ومارس سياسة ممنهجة في تجويفها من الداخل وأوغل في احتكارها، أي استبعاد كفاءاتها وشخصياتها، وتحويلها طائفةً ريعية تقوم على الولاء فقط. وهو، منذ 1992، يمنّنها ويبتزّها بخدمات قدّمها للجنوب والبقاع، حصل على أغلبها من الدولة والعرب وليس من جيوبه. ومن أجل تحصينها ضد هذا «الوباء» الذي قد يصيب الجمهور الشيعي أكثر من غيره في الانتخابات التشريعية عام 2026، يرفض الرئيس بري طرح مشروع تعديل قانون الانتخابات المزمع اعتماده في الانتخابات المقبلة فيما يخص المغتربين. فرد فعل «الثنائي» عليه، وانفعاله، كأن لبنان واللبنانيين أمام جائحة جديدة يمكن تسميتها مجازياً «كوفيد - 26» قادمة من الخارج، أي من الاغتراب وخياراته الانتخابية التي قد تتسبب بفقدانه مناعته التمثيلية. الاغتراب، الذي يرفض «الثنائي الشيعي» ومن تبقى من حلفائه منحه حق التصويت على قاعدة الدائرة الانتخابية، يتعرض لاغتيال سياسي ومعنوي على المستويين الوطني والشيعي. على المستوى الوطني، سيتسبب ذلك بأزمة سياسية وتشريعية بعد إصرار 68 نائباً على تمرير القانون، أما على المستوى الشيعي، فالأزمة مختلفة وجروحها عميقة في الذاكرة الشيعية وفي مستقبلها. فالمغتربون الذين لم يحمِ «الثنائي» ودائعهم في البنوك، ولا أرزاقهم في الجنوب، وخسروا جني عمرهم نتيجة هندسات مالية وحرب إسناد، وليس له القدرة على تعويضهم، يُرفض الآن منحهم حق التصويت. المغتربون الشيعة لعبوا سابقاً دوراً كبيراً في رفع ممثليهم السياسيين ودعمهم، ودفع بعضهم أثماناً قاسية نتيجة مواقفهم الأخلاقية والثقافية والعقائدية. وبعدما تعرّضوا لنكبات على يد «الثنائي»، من حقهم الآن حرية الاختيار، وليس تقييدها تحت ذرائع فيها مصالح ضيّقة للنخبة السياسية الشيعية الحالية، التي تمارس قمعاً وهيمنة في الداخل، وتريد ممارستهما الآن في الخارج. حيث تبرر هذه النخب رفضها تصويت الاغتراب بأنه ممنوع من خوض معارك انتخابية في الخارج، وهي نفسها من برّرت ممارسات «الثنائي الشيعي» ضد المعارضين، وتخوينهم، وعزلهم. من الواضح جداً أن «الثنائي الشيعي» يفقد أدوات سيطرته؛ فلا فوائض مالية، ولا عسكرية، ولا هيمنة سياسية على الدولة. الأمر الذي يهدد هيمنته على الطائفة وتمثيلها؛ إذ لم يعد قادراً في المستقبل القريب على لجم الأصوات المعترضة الصاعدة من داخله، والمنتظمة من خارجه. الأمر الذي يفتح احتمال اختراقه انتخابياً؛ لذلك يلجأ ممثلوه إلى تحويل غضبهم السياسي والطائفي خطراً وجودياً، كأن بقاء الطائفة مرتبط ببقائهم، ويطلبون من فقرائها حمايتهم. على الأرجح، أن هذه النخب التي أُثْريت بطرق غير مشروعة، لم تقرأ تساؤل محمود درويش: «هل يدافع حارس جائع عن دارٍ سافر صاحبها، لقضاء إجازته الصيفية في الريفييرا الفرنسية أو الإيطالية؟ لا فرق». الفرق قد يكون إذن في صناديق الاقتراع.


الشرق الأوسط
منذ 9 ساعات
- الشرق الأوسط
فرصة لبنان... أم فرصة ضائعة؟
لعقود طويلة، قال المراقبون إن التغيير في الشرق الأوسط يسير بخطى بطيئة. لكن هذا الافتراض لم يعد صحيحاً. ما عليك سوى النظر إلى التحولات الدراماتيكية المشهودة في لبنان وسوريا وإيران خلال الأسابيع والأشهر الأخيرة. قبل عام، كان لبنان في حالة حرب مع إسرائيل. قلة هم الذين توقعوا وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وهو الحدث الذي أعقبه انتخاب زعيمين يحظيان باحترام واسع النطاق: الرئيس جوزيف عون ورئيس الوزراء نواف سلام. وقد شكلا معاً حكومة تكنوقراط موجهة نحو الإصلاح، أعادت الأمل إلى قلوب المواطنين اللبنانيين في مستقبل أفضل إشراقاً واستقراراً. في سوريا، صُدم العالم بالسقوط المفاجئ لنظام الأسد والصعود الصاروخي لأحمد الشرع؛ القائد المعارض الإسلامي السابق الذي تحول إلى رئيس دولة إصلاحي. يقود الشرع الآن سوريا بسرعة نحو التطبيع مع إسرائيل وإعادة الاندماج في المنطقة. في الأثناء ذاتها، عانى النظام الإيراني من انتكاسات عسكرية مدمرة، وجهازُه الاستخباراتي في حالة يُرثى لها، وتواجه البلاد مستقبلاً غامضاً. أدى ضعف إيران إلى تقلص نفوذها في المنطقة، مما أعاق «حزب الله» الذي لطالما عرقل سيادة البلاد وجهودها الإصلاحية. حري بلبنان أن يكون أكبر مستفيد من هذه التحولات الإقليمية الهائلة. فقد أدت عقود من الحروب والصراع والانهيار الاقتصادي والفساد المنهجي وهيمنة «حزب الله» الطاغية... إلى إضعاف لبنان. لكن التيار قد بدأ أخيراً في التحول. لقد ضَعُفَ «حزب الله» بشكل كبير، ومع تحول إيران إلى اتخاذ الموقف الدفاعي، تضاءلت قدرة «الحزب» على عرقلة السياسة اللبنانية. تتمتع الحكومة اللبنانية الجديدة الآن بالسلطة السياسية والقدرة على اغتنام فرصة فريدة لإعادة بناء البلاد وإصلاحها وإعادة تصور المستقبل. ورغم ذلك، فإن الوقت ليس في مصلحة لبنان. تتخذ سوريا خطوات واعدة نحو إعادة الإعمار والإصلاح والسلام. ونتيجة لذلك، فإنها تجذب انتباه - وكذلك استثمارات - الولايات المتحدة وإسرائيل ودول الخليج، التي تتوق جميعها إلى استقرار المنطقة. حتى إن سوريا باتت تلمح بشأن انضمامها قريباً إلى «اتفاقيات أبراهام». وفي الوقت نفسه، تتحرك دول الخليج بحزم لدعم إعادة الإعمار بعد الحرب في كل من سوريا وغزة، حيث تضخ مليارات الدولارات في هذه البيئات سريعة التغير. على النقيض من ذلك، يواجه لبنان خطر التخلف عن الركب. فكلما تأخر في الإصلاح ونزع السلاح، قلّت أهميته في أولويات الشركاء الغربيين ودول الخليج، وقلّت فرصته في الحصول على المساعدات الدولية التي تشتد الحاجة إليها. إدراكاً منه لموقف لبنان الهش، أعرب الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، عن اهتمام نادر ومناسب بالبلاد، حيث ذكرها بشكل إيجابي في مناسبتين خلال الشهر الماضي. وقد أرسل أحد أقرب مستشاريه في الشرق الأوسط، السفير توم برّاك - الذي يشغل أيضاً منصبَيْ سفير الولايات المتحدة لدى تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا - باقتراح جاد. يتضمن هذا الاقتراح خطوات لاستكمال نزع سلاح جميع الميليشيات، بما في ذلك «حزب الله»، وترسيم الحدود بين لبنان وسوريا وإسرائيل، وتأمين ضمانات بانسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية المتنازع عليها. ومن المأمول أن تؤدي هذه الخطوات إلى علاقات سلمية بجيرانها. كما أنه يؤكد على الحاجة الملحة لتنفيذ إصلاحات اقتصادية رئيسية تهدف إلى تهيئة الظروف اللازمة للاستقرار والسلام والازدهار على المدى الطويل. وستفتح هذه الخطوات الباب أمام الاستثمارات الدولية لإعادة بناء هذه الدولة التي مزقتها الحرب. غير أن الرئيس ترمب معروف بعدم صبره. وإذا شعر بتردد أو تأخير من بيروت، فربما يعيد توجيه اهتمام الولايات المتحدة نحو ساحات أسرع حركة وتطوراً، وهي سوريا وإسرائيل، والخليج، حيث تتقدم المصالح الاستراتيجية الأميركية بشكل أوضح. وهذا من شأنه أن يزيد من تهميش لبنان في بيئة تزداد فيها المنافسة على تمويل إعادة الإعمار والاهتمام الجيوسياسي. لا يمكن للمخاطر أن تكون أكبر من ذلك. ففي حال تطبيع العلاقات بين سوريا وإسرائيل، فقد تشرعان أيضاً في التعاون بشأن أمن الحدود المشتركة، باستثناء مشاركة لبنان في هذه العملية. ويواجه لبنان خطر أن يصبح منطقة عازلة - أو أسوأ من ذلك؛ ساحة معركة - إذا لم يحدد سريعاً مساره السيادي للمضي قدماً. المنطقة تتغير بسرعة. هذه فرصة نادرة للبنان للحفاظ على الدعم الدولي في إعادة بنائه بعد أن مزقته الحرب، وإنشاء جيش قوي قادر على حفظ سيادة لبنان وضمان سلام البلاد مع جيرانها. إذا أرادت بيروت أن تكون جزءاً من هذا المستقبل، فعليها أن تدرك أهمية اقتراح برّاك. الوقت يمر، لكن الخيار للبنان: اغتنام هذه الفرصة، أو التخلف عن الركب. * السفير الأميركي الأسبق لدى المغرب ورئيس «مجموعة العمل الأميركية من أجل لبنان»