logo
دبلوماسية التهور!

دبلوماسية التهور!

العربية٠٩-٠٥-٢٠٢٥

من المؤكد أن أي دولة في العالم ليست بمعزل عن محيطها سواء على مستوى جيرانها أو حتى عن الدول البعيدة عنها جغرافيًا، وترتكز علاقات الدول بعضها ببعض على العديد من الأسس، لعل أهمها الروابط السياسية كأن تكون كلتاهما عضوًا في تحالفات دولية بعينها، أو تجمعهما علاقات اقتصادية أو تعاون عسكري، غير أن هذه الروابط ليست ثوابت؛ بل هي مصالح تطفو على السطح حينًا وتختفي أحيانًا أخرى بانعدام المصالح المشتركة أو لاختلاف السياسات بين البلدين.
سياسة الدولة وعلاقاتها مع الدول الأخرى ليست بالأمر الهيّن والبسيط، فبعض الدول تربطها علاقات فاترة جداً ببعض الدول الأخرى، تكاد لا تتجاوز عضويتهما المشتركة ببعض المنظمات الدولية وتبادل السفراء، أما العلاقات القوية التي تربط الدول بعضها ببعض فعادة ما تعتمد على الشراكات الاقتصادية أو التعليمية أو العلاقات العسكرية وغيرها مما يصب في مصلحة البلدين، وغالباً ما تهتم الدول بمكانتها وسمعتها الدولية، فالدول ذات الثقل السياسي والاقتصادي لا تحبذ تكوين علاقة مع دول يغلب على نظام الحكم فيها العدائية والتهور السياسي.
تميل بعض النظم السياسية في بعض الدول للانغلاق وتتّسم غالبية علاقاتها مع الدول الأخرى بالفتور، في الوقت الذي تسبّبت فيه علاقة بعض الدول بدول أخرى في انهيارها؛ كالعلاقة التي جمعت بين إيطاليا موسوليني وألمانيا هتلر، غير أن ويلات الحرب المريعة أثّرت على الشعبين الألماني والإيطالي أكثر مما أثّرت على سقوط نظامي الحكم في كلتا الدولتين.
في خضم الأحداث التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط حاليًا نجد الكثير من التناقضات السياسية التي تعم المنطقة مع تصاعد الأحداث، فالصراع في غزة -الناتج عن أحداث السابع من أكتوبر- تسبّب في سقوط نظام بشار الأسد الهش منذ العام 2011، كما تسبّب في انهيار كل من حزب الله وحماس، لكن المؤلم في الأمر أن شعوب سوريا ولبنان والفلسطينيين في غزة أو الضفة الغربية هي من دفعت ثمن هذه الحروب.
يرى البعض أن الصراعات السياسية تستحق أحيانًا المجازفة حتى لو انتهت بالخسارة، غير أن الخسارة ليست في البنى التحتية فحسب، بل في قتل وتشريد أبناء الشعب ناهيك عن نشر الأمراض والأوبئة، فحجم الذخائر الحية التي تم إلقاؤها على قطاع غزة وتسبّبت في تدمير الأراضي الزراعية وتلويث المياه، كانت كافية لنشر أمراض خطيرة، فعلى سبيل المثال استنشاق الهواء الملوث بسبب الحرب الإسرائيلية في غزة أدى لنشر الكثير من الأمراض الصدرية، وهو ما أعلن عنه صراحة أطباء قطاع غزة.
يجب أن يرتكز مفهوم مقاومة الاحتلال على إستراتيجية مهمة وهي تجنّب الإضرار بالشعب، فالقائد التاريخي الليبي عمر المختار كان يقود المقاومة في بلاده ضد الاحتلال الإيطالي، وكان يعلم تمامًا أن الآلة العسكرية الإيطالية تتفوق عما يمتلكه، لكنه رحمه الله كان يتجنّب الحرب مع إيطاليا داخل المدن ويلجأ للمقاومة بعيدًا عنها، وكان لديه إستراتيجية عسكرية في حروب الكر والفر تتلخص في أن المعارك يجب ألا تتسبّب في إبادة جيشه بالكامل، فالمعارك غير المتكافئة قد تتسبب في ضياع جيش التحرير.
لقد تفتت قوى حماس وحزب الله وتدمرت الآلة العسكرية اللبنانية والسورية على حد سواء، ومع ذلك يستمر الحوثيون المنشقون عن الحكومة الشرعية اليمنية في خوض صراعات مع الدول الغربية، مما تسبّب في شن المزيد من الهجمات الغربية -بقيادة الولايات المتحدة- على قطاعات مختلفة في اليمن، واليمن (وقبل انخراطه في أي حرب) دولة محدودة الموارد، وقد لا تتمكن حكومته من الوفاء بالتزاماتها تجاه الشعب والدولة والبنى التحتية، ورغم ذلك يمارس الحوثيون المزيد والمزيد من الاستفزازات والتي لن تنعكس نتائجها إلا على الشعب اليمني نفسه.
إن الصراع مع إسرائيل يعني ضمنًا الصراع مع الولايات المتحدة بسبب دعمها المنقطع النظير لها، والمجازفة في الصراعات العسكرية قد تكون وبالاً وتتسبب في قتل وتشريد الشعوب، فما هي المقدرات الاقتصادية والعسكرية التي يمتلكها الحوثيون لمواجهة الدول العظمى؟! فمقابل كل صاروخ يُطلق على إسرائيل تنطلق عشرات الهجمات القاسية الموجهة لتدمير ما تبقى من البنى التحتية اليمنية، وهو ما ينتج عنه قتل العشرات من أبناء الشعب اليمني كل يوم.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

دول أوروبية لواشنطن: أي صفقة مع إيران عليها ضمان مصالحنا الأمنية
دول أوروبية لواشنطن: أي صفقة مع إيران عليها ضمان مصالحنا الأمنية

العربية

timeمنذ 41 دقائق

  • العربية

دول أوروبية لواشنطن: أي صفقة مع إيران عليها ضمان مصالحنا الأمنية

تزامناً مع انطلاق الجولة الخامسة من المفاوضات الأميركية الإيرانية في روما، كشف مصدر دبلوماسي فرنسي لـ "العربية/الحدث" أن الدول ‏الأوروبية الثلاث، ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، أبلغت الولايات المتحدة بأن أي صفقة مع إيران يجب أن تضمن المصالح الأمنية لهذه الدول ودول الاتحاد الأوروبي عموماً لأن البرنامج النووي الإيراني يشكل تهديداً للأمن الأوروبي كلِّه. وقال المصدر إن اتصالات تجري حالياً فيما بين الدول الأوروبية الثلاث من جهة ‏ومع الولايات المتحدة من جهة أخرى لتحديد ما إذا كان الأوروبيون ‏سيعقدون بدورهم جولة محادثات جديدة مع إيران استكمالاً لتلك التي كانت انعقدت في إسطنبول قبل أسبوع. وأجرت إيران محادثات مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا في تركيا، يوم الجمعة الماضي، غداة تلميح الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى قرب التوصل لاتفاق مع طهران في المفاوضات التي تجريها الولايات المتحدة معها بشأن برنامجها النووي. وضمت الوفود مديري الشؤون السياسية في وزارات خارجية إيران والدول الأوروبية الثلاث. "مواصلة المشاورات" ووفق الإعلام الإيراني حينها، فإن الموضوع الرئيسي على جدول أعمال الاجتماع كان "مواصلة المشاورات" مع كل من ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، بما في ذلك بحث مجريات المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة. أتى اجتماع إسطنبول بعد تحذير وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، من تبعات "لا رجعة فيها" إذا تحركت القوى الأوروبية لإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران، والتي رفعت بموجب الاتفاق المبرم مع القوى الكبرى عام 2015. وكانت بريطانيا وفرنسا وألمانيا، إلى جانب الصين وروسيا والولايات المتحدة، أطرافا في الاتفاق الذي يعرف رسميا باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة". فيما أتاح الاتفاق الذي أبرم بعد أعوام من المفاوضات الشاقة، تقييد أنشطة طهران النووية وضمان سلمية برنامجها، لقاء رفع عقوبات اقتصادية مفروضة عليها. وفي العام 2018، سحب ترامب خلال ولايته الأولى، بلاده بشكل أحادي من اتفاق العام 2015، وأعاد فرض عقوبات على إيران، بما في ذلك إجراءات ثانوية تستهدف الدول التي تشتري النفط الإيراني، ضمن سياسة "ضغوط قصوى" اتبعها في حق طهران. من جهتها، بقيت إيران ملتزمة بكامل بنود الاتفاق لمدة عام بعد الانسحاب الأميركي منه، قبل أن تتراجع تدريجيا عن التزاماتها الأساسية بموجبه. آلية "الزناد" وتدرس القوى الأوروبية الثلاث ما إذا كانت ستفعّل آلية "العودة السريعة" أو "الزناد"، وهي جزء من اتفاق العام 2015، وتتيح إعادة فرض عقوبات مجلس الأمن الدولي على إيران في حال انتهاكها الاتفاق النووي. وتنتهي المهلة المتاحة لتفعيل هذه الآلية في أكتوبر (تشرين الأول) 2025.

إيران: سنرد بقوة على أي عمل خاطئ
إيران: سنرد بقوة على أي عمل خاطئ

العربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • العربية

إيران: سنرد بقوة على أي عمل خاطئ

توعدت هيئة الأركان العامة للجيش الإيراني، بالرد على ما قالت إنه "أي عمل خاطئ ضد إيران" بحزم وقوة، وذلك تزامناً مع استئناف المفاوضات في روما. إيران إسرائيل تراقب محادثات أميركا وإيران.. رئيس الموساد بروما تحذير من أي عمل وأضافت الهيئة، اليوم الجمعة، بأن أي أذى تقوم به أميركا في المنطقة سيؤدي إلى مصير مماثل لفيتنام وأفغانستان، وفقا لوكالة الأنباء "تسنيم". من جهته، قال نائب رئيس لجنة الأمن الوطني في إيران، إن تخصيب اليورانيوم غير قابل للتفاوض تحت أي ظرف. وتابع أن ما يثيره الغرب ظاهريا باعتباره مخاوف بشأن تخصيب اليورانيوم في إيران هو في جوهره "محاولة لمنع استقلال وتقدم الأمة الإيرانية"، بحسب كلامه. يأتي هذا بينما تتجه الأنظار، اليوم الجمعة، إلى إيطاليا حيث تعقد الجولة الخامسة من محادثات إيرانية-أميركية حول البرنامج النووي لطهران تجرى بوساطة عُمانية، في حين تبدو المفاوضات متعثرة عند مسألة تخصيب اليورانيوم. وأفادت وكالة "إرنا" الإيرانية الرسمية بأن "المفاوضات من المقرر أن تبدأ عند الواحدة بعد الظهر (11,00 ت.غ) في روما"، مضيفة أن الوفد الإيراني برئاسة وزير الخارجية عباس عراقجي غادر طهران متوجّهاً إلى إيطاليا. الأرفع مستوى يذكر أن هذه المحادثات التي تجرى بواسطة عُمانية، تعدّ التواصل الأرفع مستوى بين البلدين منذ الاتفاق الدولي المبرم مع طهران في العام 2015 حول برنامجها النووي والذي انسحبت منه الولايات المتحدة في الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب (2017-2021) في العام 2018. عقب ذلك، أعاد ترامب فرض عقوبات على إيران في إطار سياسة "الضغوط القصوى". وهو يسعى إلى التفاوض على اتفاق جديدة مع طهران التي تأمل برفع عقوبات مفروضة عليها تخنق اقتصادها. لكن مسألة تخصيب اليورانيوم ستكون النقطة الخلافية الرئيسية في المحادثات.

جولة خامسة من محادثات النووي.. تفاصيل الوفدين الإيراني والأميركي
جولة خامسة من محادثات النووي.. تفاصيل الوفدين الإيراني والأميركي

العربية

timeمنذ 2 ساعات

  • العربية

جولة خامسة من محادثات النووي.. تفاصيل الوفدين الإيراني والأميركي

تتجه الأنظار، اليوم الجمعة، إلى إيطاليا حيث تعقد الجولة الخامسة من محادثات إيرانية-أميركية حول البرنامج النووي لطهران تجرى بوساطة عُمانية، في حين تبدو المفاوضات متعثرة عند مسألة تخصيب اليورانيوم. وأفادت وكالة "إرنا" الإيرانية الرسمية بأن "المفاوضات من المقرر أن تبدأ عند الواحدة بعد الظهر (11,00 ت غ) في روما"، مضيفة أن الوفد الإيراني برئاسة وزير الخارجية عباس عراقجي غادر طهران متوجّهاً إلى إيطاليا. عراقجي وبقائي وآخرون ويضم الوفد المرافق لوزير الخارجية، نائب وزير الشؤون السياسية مجيد تخت روانجي، ونائب وزير الشؤون القانونية والدولية كاظم غريب آبادي، والمتحدث باسم الوزارة إسماعيل بقائي، وعددا من الدبلوماسيين والخبراء الآخرين. ويتكوف وانطون فيما كشف مصدر مطلع، أمس الخميس، أن المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف توجه إلى روما لعقد جولة جديدة من المحادثات مع وفد إيراني بشأن برنامج طهران النووي، بمشاركة من المسؤول الكبير في وزارة الخارجية مايكل أنطون، وفق "رويترز". وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن مدير تخطيط السياسات بوزارة الخارجية مايكل أنطون سينضم إلى ستيف ويتكوف. وتعد المحادثات التي تجرى بواسطة عُمانية، التواصل الأرفع مستوى بين البلدين منذ الاتفاق الدولي المبرم مع طهران في العام 2015 حول برنامجها النووي والذي انسحبت منه الولايات المتحدة في الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب (2017-2021) في العام 2018. عقب ذلك، أعاد ترامب فرض عقوبات على إيران في إطار سياسة "الضغوط القصوى". وهو يسعى إلى التفاوض على اتفاق جديدة مع طهران التي تأمل برفع عقوبات مفروضة عليها تخنق اقتصادها. تخصيب اليورانيوم لكن مسألة تخصيب اليورانيوم ستكون النقطة الخلافية الرئيسية في المحادثات. وفي حين اعتبر الموفد الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، الذي يمثّل واشنطن في المحادثات، أن الولايات المتحدة "لا يمكنها السماح حتى بنسبة واحد في المئة من قدرة التخصيب"، ترفض طهران التي تتمسّك بحقّها ببرنامج نووي لأغراض مدنية، هذا الشرط، مشددة على أنه يخالف الاتفاق الدولي المبرم معها. وتُعقد المحادثات، الجمعة، قبيل اجتماع لمجلس الوكالة الدولية للطاقة الذرية مقرّر في حزيران/يونيو في فيينا، وسيتم خلاله التطرّق خصوصا إلى النشاطات النووية الإيرانية. وينص الاتفاق الدولي المبرم مع طهران والذي بات اليوم حبرا على ورق رغم أن مفاعيله تنتهي مبدئيا في تشرين الأول/أكتوبر 2025، على إمكان إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران في حال لم تف بالتزاماتها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store