
توم برّاك يضع لبنان في عين العاصفة
في مقابلةٍ أثارت الكثير من الجدل، قال المبعوث الأميركي توم برّاك عبارةً لافتة "إذا لم يتحرّك لبنان، فسيعود إلى بلاد الشام". عملياً، يبدو القول مجرّد توصيفٍ جغرافيّ أو تاريخيّ، لكن خلفه يكمن تحذيرٌ صريح بل تهديدٌ مبطَّن: أن استمرار الجمود والشلل في مؤسسات الدولة اللبنانية يفتح الباب واسعًا لانهيار الكيان اللبناني الحديث وذوبانه في خارطة الإقليم الأوسع، أي في الفضاء الذي كان لبنان جزءًا منه قبل تأسيس الدولة اللبنانية عام 1920.
تنبع خطورة كلام برّاك لا من موقعه الدبلوماسي فحسب، بل من توقيته أيضًا، في لحظةٍ يتقاطع فيها الانسداد الداخلي اللبناني مع تبدّلات إقليمية ودولية عميقة، ومع تراجع النفوذ الأميركي التقليدي لصالح لاعبين إقليميين ودوليين جدد (تركيا، إيران،روسيا، الصين). بهذا المعنى، يمثّل قول برّاك تشخيصًا أميركيًا لحال لبنان بقدر ما يعكس استراتيجية ضغط على القوى السياسية اللبنانية: إمّا إصلاحٌ وتحريك عجلة الدولة، أو ذوبانٌ في محيطٍ لا يرحم.
لبنان على حافة الهاوية
يصعب أن نبالغ في وصف عمق الأزمة اللبنانية اليوم: أزمة اقتصادية ـ مالية خانقة مستمرة منذ سنوات، شلل شبه تام في عمل المؤسسات الدستورية، انهيار الثقة بين الدولة والمواطن، وغياب شبه كامل لاستراتيجية وطنية لإدارة الأزمات المتراكمة. هذه الحالة من الجمود ليست وليدة الصدفة، بل هي نتيجة منظومة محاصصة طائفية بنيت منذ اتفاق الطائف، وفشلت في بناء دولة حديثة قادرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
النتيجة المباشرة لهذا الجمود هي تآكل شرعية الدولة. فحين لا يشعر المواطن أن لدولته القدرة على إدارة الاقتصاد أو توفير الأمن أو ضمان العدالة الاجتماعية، يبدأ بالبحث عن ولاءات بديلة: طائفية، مناطقية، أو حتى إقليمية. هكذا تتعزز نزعة "العودة" إلى الإقليم التاريخي الأوسع الذي كان لبنان جزءًا منه، أي بلاد الشام الكبرى.
بلاد الشام: ذاكرة التاريخ أم تهديد جيوسياسي؟
حين يتحدّث برّاك عن "العودة إلى بلاد الشام"، لا يقصد استعادة الإرث الثقافي المشترك بين شعوب المنطقة وحسب، بل يحذّر ضمناً من انهيار الكيان السياسي اللبناني الحديث، بما يحمله ذلك من نتائج كارثية على الداخل اللبناني وعلى الاستقرار الإقليمي.
بلاد الشام، بالمفهوم الجغرافي التاريخي، تشمل لبنان وسوريا والأردن وفلسطين، وكانت تحت حكمٍ سياسي واحد في حقب متعددة، آخرها الانتداب الفرنسي والبريطاني قبل قرن من الزمن. لكن في السياق السياسي المعاصر، تعني العودة إلى بلاد الشام انهيار الحدود والكيانات التي نشأت بعد الحرب العالمية الأولى، وهو سيناريو بالغ الخطورة في ضوء ما شهدته سوريا والعراق من حروب أهلية وتفكك مؤسساتي.
من هذا المنظور، فإن برّاك يقول للبنانيين: الجمود القاتل في دولتكم لن يؤدي إلى بقاء الوضع على ما هو عليه، بل قد يفضي إلى ذوبان كيانكم في صراعات الإقليم ومشاريعه الكبرى، سواء تلك المدفوعة من إيران أو تركيا أو حتى إسرائيل.
التهديد المبطن في خطاب برّاك
ما يُضفي على كلام برّاك طابع التهديد المبطن هو صدوره عن مبعوث أميركي رسمي في لحظةٍ يبدو فيها أن واشنطن بدأت تفقد صبرها أمام طبقةٍ سياسية لبنانية متهمة بأنها عاجزة عن الإصلاح. بعبارة أخرى، الرسالة واضحة: أميركا ترى أن استمرار الجمود في لبنان لم يعد مقبولًا، وأن المجتمع الدولي، وفي مقدمته واشنطن، قد لا يواصل "سياسة إدارة الأزمة" إلى ما لا نهاية.
يتقاطع كلام برّاك مع حقيقة جيوسياسية أساسية: لبنان، منذ نشأته كدولة، بقي رهينة التوازنات الإقليمية والدولية. اليوم، هذه التوازنات تمرّ بتحولاتٍ عميقة: تحركات تركيا في الشمال السوري، الانفتاح العربي على دمشق، التواصل الخفي بين سوريا الجولاني وإسرائيل، وصولًا إلى اتفاقيات التطبيع بين بعض الدول العربية وإسرائيل.
في ظل هذا المشهد، يبدو الكيان اللبناني هشًا أكثر من أي وقت مضى. فغياب مشروع وطني موحّد، يجعل لبنان مهدّدًا بأن يصبح مجرّد مساحة نفوذ متنازع عليها بين القوى الكبرى في الإقليم.
اللافت في كلام برّاك هو أنه لم يحدد "ماهية التحرك" المطلوب من لبنان لتجنّب العودة إلى بلاد الشام. هل المقصود إصلاحٌ سياسي واقتصادي شامل يعيد بناء مؤسسات الدولة على أسس حديثة؟ أم المطلوب اصطفافٌ أوضح ضمن محورٍ إقليمي تدعمه واشنطن وحلفاؤها في مواجهة محور المقاومة بقيادة إيران؟
إذا كان المطلوب هو الإصلاح، فالسؤال المشروع: هل تملك واشنطن استراتيجية واقعية لدعم هذا الإصلاح بعيدًا عن لغة العقوبات والضغوط؟ أما إذا كان المطلوب اصطفافًا سياسيًا وأمنيًا واضحًا، فهذا يعني دفع لبنان إلى مزيدٍ من الانقسام الداخلي، وربما إلى مواجهة مفتوحة مع حزب الله، بما يحمله ذلك من مخاطر انفجار الوضع الأمني.
يبقى السؤال الأهم: هل لا يزال أمام لبنان متسع من الوقت لتفادي هذا المصير؟ الجواب يعتمد على إرادة النخبة السياسية اللبنانية أولًا، وعلى استعداد المجتمع الدولي لتقديم الدعم الحقيقي ثانيًا، بدلًا من الاكتفاء بسياسة إدارة الأزمة.
التحرك المطلوب هو بناء مشروع وطني جامع يعيد تعريف دور لبنان في الإقليم والعالم، على أساس استقلالية القرار وسيادة الدولة. وهذا يستدعي إصلاحات بنيوية في النظام السياسي والاقتصادي، لا مجرّد ترقيعات شكلية.
الخيار لا يزال بيد اللبنانيين: إما إعادة بناء الدولة واستعادة زمام المبادرة، أو انتظار أن يُكتب مصيرهم في خرائط الآخرين. في الحالتين، لم يعد هناك كثير من الوقت

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النهار
منذ ساعة واحدة
- النهار
إيران تتشدّد تصعيداً وكذلك الحزب
يواكب " حزب الله" استعادة إيران لهجة التصعيد إزاء شروط المفاوضات مع الولايات المتحدة الأميركية برفع لهجة التصعيد إزاء نزع أو تسليم سلاحه إلى الدولة اللبنانية. ومع أن الموفد الأميركي توماس براك أصرّ كما يصر مسؤولون أميركيون كثر على عدم ربط موضوع نزع سلاح الحزب بالمفاوضات مع إيران، وهو قدّم مقاربة مهمة جدّاً تقر بلبنانية الحزب، فإن أوساطاً سياسية لبنانية لا تجاري الموقف الأميركي حول عزل مواقف الحزب وتشدّده عن المواقف الإيرانية. ففي الوقت الذي أقرّ برّاك أن التوقيت الراهن مهم نتيجة إضعاف إيران بعد الضربات الإسرائيلية والأميركية على منشآتها النووية وبعد إضعاف الحزب بالحرب مع إسرائيل، فإن جزءاً كبيراً من احتمال إبداء الحزب تعاونه مع الدولة اللبنانية لنزع سلاحه وفق ما وافق عليه في اتفاق وقف النار وأكثر وفق ما تطالب به راهناً الولايات المتحدة سيعد إقراراً من إيران ومعها الحزب بالهزيمة فيما أن سردية كل منهما إزاء الهزيمة والانتصار مختلفة. فإيران أضعفت في شكل كبير ولا تزال وفق مصادر ديبلوماسية تواجه مخاطر داخلية كبيرة في ظل عدم قدرتها على الوصول إلى منشآتها النووية لتقدير حجم الأضرار فعلياً، لكنّها تقاوم بقوة فكرة العودة إلى طاولة المفاوضات بموافقتها على صفر تخصيب على أراضيها حتى مع فقدانها ورقة الدعم الروسي الذي يعد الداعم الرئيسي لإيران دبلوماسياً في ملفها النووي منذ سنوات حين كانت تتحدّث روسيا علناً عن حق إيران في التخصيب، قبل أن يبدّل الرئيس الروسي موقفه ويقول إنه لا يريد أن تقوم إيران بتخصيب اليورانيوم على أراضيها. وأيّاً تكن خلفيات موقف هذا الأخير المتّصلة بأوكرانيا والموقف الأميركي المستجد من استمرار مد أوكرانيا بالمساعدات العسكرية، فإن الموقف الروسي يضعف الموقف الإيراني. ولذلك هناك ثمة اقتناع بأنّه ما لم تتحرّك الأمور إيجاباً مع إيران التي يعتقد أنّها تشدّدت حيال ما تبقّى من أوراقها الاقليمية لاسيما إزاء ملف نزع سلاح الحزب بما يعنيه ذلك من تغيير لطبيعته وإيدلوجيته، لن تتحرّك الأمور إيجاباً بالنسبة إلى قدرة الدولة اللبنانية على مقاربة هذا الموضوع الذي تأخّرت فيه وأثارت حتى الآن إحباطاً كبيراً داخلياً سبق كل الدخول الأميركي بورقة أفكار لنزع سلاح الحزب. وحتى الآن، عدت مقاربة برّاك الذي لوّح بها بعصا غليظة جدّاً تتّصل بـ"خطر الوقوع في قبضة القوى الإقليمية ما لم تتحرّك بيروت لمعالجة مخزونات أسلحة الحزب، بأن لبنان بحاجة إلى حلّ هذه القضية وإلا فقد يواجه تهديداً وجودياً معتبراً أن "إسرائيل من جهّة، وإيران من جهّة أخرى، والآن سوريا تتجلّى بسرعة كبيرة، وإذا لم يتحرّك لبنان، فسيعود إلى بلاد الشام من جديد"، مستخدماً الاسم التاريخي للمنطقة السورية، نقطة خطيرة ولو أنّه سعى إلى تصويب ذلك أو التخفيف من وطأته بقوله إنّه لم يسعَ إلى تهديد لبنان. فالنقاط التي أثارها جدّية ومن الاحتمالات التي لا تغادر اللبنانيين. وهو بعدما غادر بيروت، كشف عن المقلب الآخر من تصريحاته الديبلوماسية المراعية جدّاً والتي أعطت دفعاً للسلطة ، لاسيما عندما صرّح بأن لبنان يواجه تهديدات وجودية (هذا صحيح)، وخاصةً اندماجه في بلاد الشام. قد يكون السبب هو الضغط على اللبنانيين، أو ربّما فصل مُحدّث من نهج دين براون بشأن لبنان عام 1976. لا شيء مُشجع، والبعض من الديبلوماسيين تساءل من الأنسب لنا كموفد أميركي مورغان أورتاغوس أم توماس برّاك علماً أن كل الكلام الديبلوماسي الهادىء الذي طبع مواقفه في بيروت لم يحل من دون اعتبار هؤلاء الديبلوماسيين أن أسلوب الرجل مختلف ولكن المضمون واحد بين الموفدين الأميركيين وكل الزوّار الأميركيين على أي مستوى حول ضرورة تحرّك لبنان في شكل عاجل وعدم التباطئ الذي ينعكس سلباً على لبنان. وهذه النقطة المتعلّقة بالتحرّك العاجل الذي تريده واشنطن أيضاً لاعتباراتها الخاصة يخشى أنّها لن توفّره إيران ولا الحزب للولايات المتحدة ليس فقط من أجل عدم إعطائها الانتصار الذي تريده، بل وفي ظل التهديد بأن هناك مهلة زمنية مرتبطة بعد امتلاك الرئيس الأميركي دونالد ترامب الصبر للاستمرار في محاولة إنجاح المسعى الأميركي تحت وطأة ترك لبنان لمصيره، فإن لهذه النقطة وجهين: الأول إن لبنان قد يخسر الوساطة أو الرعاية الاميركية من أجل الضغط لانسحاب إسرائيل من لبنان في وقت تفتقد أي من الدول الصديقة هذه القدرة في إقناع إسرائيل أو الضغط عليها. وثانياً أن ايران والحزب قد يستفيدان من انسحاب الولايات المتحدة أو تراجعها من أجل تثبيت "انتصار الحزب" بتراجع أميركا من جهّة ونجاحه في ذلك واحتمال توظيف إيران ذلك من أجل تثبيت قدرتها في إعادة السيطرة على القرار اللبناني فيما أن هذا القرار متعثّر ومتردّد في مقاربة أشد حزماً إزاء الحزب وسلاحه. فيما أن لا مصلحة للبنان بانسحاب الولايات المتحدة من رعاية اتّفاق يؤدي إلى سحب اسرائيل قوّاتها من لبنان ولا مصلحة للحزب كذلك في ظل اختلاف المقاربات بين 1983 والظروف الراهنة. ولكن كما يرفع الحزب سقوفه التفاوضية وفق ما اعتبر الموفد الأميركي، كذلك تفعل الولايات المتحدة في الوقت الذي وإن بدت الدولة اللبنانية حتى الآن لاعباً أساسياً، وقد أسكرتها إشادة الموفد الأميركي بها على قاعدة إعطائها دفعاً في وجه منتقديها المزايدين عليها في شكل خاص وكذلك إزاء الحزب ومنطقه التهديدي الذي خفّفت مواقف برّاك من غلوائه، ولكن الخشية أن تكون لاعباً سلبياً في ظل طغيان لغة الحزب وخطابه ومفاخرة بتبني الدولة لمقاربته وتهديده للبنانيين كذلك في الوقت نفسه، الأمر الذي لا يحظى بأي رد فعل رسمي على أي مستوى كان لجهة ضبط الخطاب الداخلي وإدارته.


ليبانون 24
منذ 2 ساعات
- ليبانون 24
خطأ برّاك وخطيئة "حزب الله"
كتب جوني منيّر في" الجمهورية": برّاك الذي دشن مهمّاته في المنطقة بتغريدة «نعي » سايكس بيكو، تشتمّ دائماً في خلفية كلامه «نكهة » التحضير لمشهد جغرافي جديد للمنطقة. فحتى بالأمس وفي كلامه في نيويورك، بدأ الصديق الحميم لترامب حديثه بالإشارة الى أنّ تدخّلات الغرب في هذه المنطقة من العالم منذ عام 1919 )مؤتمر سان ريمو الذي كرّس تقسيمات سايكس بيكو( أدّت إلى نتائج رائعة، إذا نظرنا إلىسايكس بيكو وتقسيم المنطقة إلى دول قومية وما تلاها. وتابع برّاك: «رؤيةترامب مختلفة، وليس هذا ما يريد القيام به .» ووفق ما تقدّم يمكن استنتاج خلفية المشهد الذي تعمل إدارة ترامب على رسمه. خريطة جغرافية جديدة لا تقوم كياناتها على الأسس القومية التي عرفناها. فوظيفة تلك الخريطة انتهت على ما يبدو. ومن هذه الزاوية لا بدّ من النظر إلى التطورات الهائلة والمتسارعة،والتي احتاجت للتبدّلات الجذرية على مستوى السلطة في دمشق، والتي تطاول أجزاء أساسية من ساحتها، حيث تطلبت إبقاء النار مشتعلة ليس فقط في غزة والضفة ولبنان وسوريا، بل وصلت إلى طهران والسعي لإنهاء قدرتها الإقليمية، في وقت بات معلوماً أنّ إيران تريد أن تتولّى دور القوة الإقليمية العظمى في الشرق الأوسط. ومن هذه الزاوية يصبح مفهوماً أكثر أن يجري تعيين الصديق الأقرب لترامب كسفير لبلاده في تركيا ، والتي تعمل بالتفاهم والتحالف مع واشنطن على ترتيب حضور جديد لها في المعادلة الجاري رسمها. وفي الوقت نفسه، أن يجري إيلاؤه الملف السوري مع كل التبدّلات الجذرية التي تطاوله. وبالتالي فإنّ إضافة لبنان إلى مهمّاته، وتحديداً مهمّة إنهاء النفوذ الإيراني على ساحته، تصبح أكثر وضوحاً. ولا يجب أن يغيب عن بالنا الاندفاعة السريعة لدمشق في اتجاه التطبيع مع إسرائيل. فالكشف عن لقاء سوري إسرائيلي مباشر في باكو خلال زيارة رسمية لأحمد الشرع إلى أذربيجان، إنما يعكس عن مسار كبير تمّ إجتيازه بسرعة خلال المرحلة الماضية، خصوصاً وسط المعلومات عن عدد من الاجتماعات التي حصلت بين الطرفين سراً في تركيا.ووفق كل ما سبق، فإنّ من البساطة بمكان النظر في الإهتمام الأميركي بلبنان من زاوية ضيّقة ومحدودة. لا بل أكثر، فلا بدّ من التيقن بوجود قرار كبير على مستوى «تغيير الدول »، ما يستوجب «حفظ الرأس » لا المكابرة وأخذ الأمور بخفة وسذاجة. وقد يكون التهويل الذي لوّح به برّاك صحيحاً في جانب منه. بمعنى أنّ زوار واشنطن يتحدثون عن استئناف الحرب الإسرائيلية مع بداية الخريف إذا لم يلبِ لبنان المطالب الأميركية. وإنّ الحرب الجوية من المحتمل أن تكون مقرونة هذه المرّة بمواجهات برّية ستتولاها قوات الشرع عند الحدود مع البقاع الشمالي ، وحيث تمّت زيادة أعداد العناصر السورية و »الإيغور » بعض الشيء. ويجب التنبّه دائماً إلى «المكاسب » الإقليمية التي يمكن أن تنالها تركيا من خلال إمساكها بأوراق قوة إضافية في حال الحرب. أضف إلى ذلك، التنسيق الأمني الكبير بين واشنطن ودمشق، وإنّ التقدّم في العلاقة بين سوريا وإسرائيل لا بدّ أن يتضمن تفاهمات أمنية وعسكرية.


الديار
منذ 7 ساعات
- الديار
لبنان الرسمي مُطالب بموقف حازم من تصريحات باراك جعجع: كلامه مسؤوليّة الحكومة والسلطات الرسميّة مُفاوضات غزة تترنح...حماس: وصلنا الى مرحلة صعبة
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب لا تزال تصريحات الموفد الأميركي إلى سوريا ولبنان، وسفير واشنطن في تركيا توم برّاك عن ان «لبنان قد يواجه تهديداً وجودياً ويعود إلى بلاد الشام» حديث الساعة، نظرا لخطورتها وأبعادها. فرغم خروجه لتوضيح ما قال، مؤكدا أن مواقفه الاخيرة «لا تمثل تهديداً للبنان، بل إشادة بالخطوات الكبيرة التي قطعتها سوريا»، الا ان هذه التوضيحات لم تُقنع المسؤولين اللبنانيين، الذين واصلوا استفساراتهم من السفارة الاميركية في بيروت، كما من اكثر من مصدر رسمي في واشنطن، عن خلفية ما تم التحذير منه، واذا كانت هذه التحذيرات جدية ام حصرا للضغط على لبنان الرسمي وحزب الله؟ خلفيات تصريحات برّاك وقال مصدر واسع الاطلاع لـ<الديار» ان «التخبط هو سيد الموقف لدى المسؤولين اللبنانيين، وبالتحديد الحكومة ورئاسة الجمهورية كما وزارة الخارجية، فهم غير قادرين على الخروج لانتقاد وادانة ما ورد على لسان برّاك، وبنفس الوقت لا يستطيعون التعامل معها وكأنها لم تكن، نظرا للاستياء الشعبي الكبير منها ، والضغوط السياسية المطالبة بموقف رسمي واضح». وأشار المصدر الى انه «بات واضحا ان الهدف الاساسي من تحذيرات برّاك، ومن محاولة ربط مصير سوريا مجددا بمصير لبنان، وهو ما يتزامن مع اخبار متداولة عن تحركات على الحدود من الجهة السورية وتوقيف خلايا متشددة، كلها تصب في خانة الضغوط المتواصلة على كل المستويات على لبنان لتسليم سلاح حزب الله، وهي ضغوط من المرجح ان تتفاقم في المرحلة المقبلة»، معتبرا ان «المستغرب هو ان القوى التي لطالما صوّرت نفسها مدافعة شرسة عن السيادة اللبنانية لحد انها أسمت نفسها «سيادية»، لم تتكبد عناء انتقاد ما قاله برّاك، ومن اصدر موقفا منها كان الموقف باهتا جدا، واقرب لان يبرر له ما حذّر منه». موقف جعجع وفي هذا السياق، كان لافتا موقف رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ، الذي وضع تصريح برّاك «برسم السلطة والحكومة اللبنانية»، معتبرا في بيان ان «من الواضح والجلي ان السياسة الدولية برمتها بالتقاطع مع شبه إجماع عربي، بصدد ترتيب أوضاع المنطقة لإخراجها من الأوضاع الشاذة التي كانت قائمة في بعض دولها، بهدف الوصول الى دول طبيعية بدءا من إيران، وليس انتهاءً بحزب العمال الكردستاني في تركيا». ورأى جعجع ان « السياسة الدولية لا تتحمّل الفراغ، وأي دولة تعجز عن ترتيب أوضاعها وإعادة الانتظام لدستورها ومؤسساتها وأعمالها كدولة فعلية، ستكون خارج السباق وعلى هامش التاريخ»، مضيفا:»إذا استمرت السلطة، ومن خلالها الحكومة اللبنانية، في ترددها وتباطؤ قراراتها وتثاقل خطواتها في ما يتعلق بقيام دولة فعلية في لبنان، فإنها ستتحمّل مسؤولية ان يعود لبنان الوطن والدولة في مهبّ الريح من جديد». موقف حزب الله بالمقابل، نبّه عضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان اللبناني النائب ابراهيم الموسوي من ان تصريحات باراك، «تنمّ عن نوايا خطيرة، وتكشف بوضوح عن معالم المشروع الأميركي - الصهيوني المرسوم للمنطقة عموماً، ولبنان خصوصاً»، مشددا على ان «لبنان بلد لا يرضخ للتهديد، ولا يساوم على سيادته، ولن يكون يوماً خاضعاً للإملاءات الأميركية أو راضخاً للتهديدات «الإسرائيلية» أو تابعاً لأيّ دولة خارجية، أو ملحقاً بها». ورأى إنّ «هذه التصريحات الاستعلائية لا يجب أن تمرّ من دون ردّ حازم وقوي من الدولة اللبنانية، بمستوياتها السياسية والديبلوماسية كافة، وهي تُحتّم على وزارة الخارجية اللبنانية أن تبادر فوراً إلى استدعاء السفيرة الأميركية، وإبلاغها رفضاً رسمياً لهذه التصريحات العدائية الوقحة» ، مطالبا الدولة اللبنانية بأن «تعلن بوضوح أن على الإدارة الأميركية احترام سيادة لبنان ووحدة وسلامة أراضيه، وألا تتدخل في شؤونه الداخلية، وأن تلتزم دورها الذي ألزمت نفسها به ولكنها لم تنفذ حرفاً واحداً منه، باعتبارها الضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار مع العدو الإسرائيلي ، بموجب ورقة الإجراءات التنفيذية للقرار 1701، بل شكلت غطاءً لاستمرار الاحتلال والعدوان الإسرائيلي على لبنان». جلسة حامية في هذا الوقت، تتجه الانظار الى جلسة المناقشة العامة التي تُعقد غدا الثلاثاء في المحلس النيابي، والتي يفترض ان تجيب خلالها الحكومة عن أسئلة النواب، حول ما أنجزته بعد اكثر من ٥ أشهر على توليها السلطة. وترجح مصادر نيابية واسعة الاطلاع ان «يشهد البرلمان انقساما عموديا بين مجموعة من النواب، ستضغط لتسليم سلاح حزب الله فورا دون قيد او شرط، مع الدفع بوضع مهل زمنية لذلك، وبين مجموعة ستتهم الحكومة بالتقاعس، وبعدم القيام بما يلزم لدحر الاحتلال الاسرائيلي»، لافتة في حديث لـ «الديار» الى ان «الامتناع عن نقل مجريات الجلسة مباشرة على الهواء، هدفه التخفيف من الاحتقان ومنع نقله الى الشارع». شائعات أمنية! أمنيا، وبعد الاخبار التي تم التداول عن انسحاب الجيش اللبناني من مناطق حدودية في البقاع، أصدرت قيادة الجيش بيانا نفت فيه ما يتم تداوله بهذا الخصوص، مؤكدة مواصلة الوحدات العسكرية المعنية «تنفيذ مهماتها الاعتيادية لضبط الحدود اللبنانية السورية ، في موازاة متابعة الوضع الأمني في الداخل لمنع أي مساس بـ الأمن والاستقرار «. ودعت إلى «توخي الدقة في نقل الأخبار المتعلقة بالجيش والوضع الأمني، والتحلي بالمسؤولية، وعدم بث الشائعات التي تؤدي إلى توتر بين المواطنين». كذلك نفت العلاقات الإعلامية في حزب الله في بيان، نفيا قاطعا ما ورد في بيان وزارة الداخلية السورية، حول مزاعم ارتباط أحد الموقوفين في محافظة حمص بحزب الله. واكد الحزب بأنه «ليس لديه أي تواجد أو نشاط في سوريا ، ولا علاقة له بأي أحداث أو صراعات هناك، وهو حريص على أمن سوريا واستقرارها وسلامة شعبها». وفي وقت سابق اليوم، اعلنت وزارة الداخلية السورية إن «جهاز الاستخبارات العامة، نفذ عملية أمنية مع قيادة الأمن الداخلي في حمص، أسفرت عن إلقاء القبض على مسلح له صلة بجماعة حزب الله اللبنانية». وأوضحت الداخلية السورية في بيان، «أن المسلح محمود فاضل ضُبط في حوزته عبوات ناسفة»، وقالت إنه كان «يعتزم تنفيذ عمليات إرهابية في المنطقة». لا هدنة في غزة؟ اما اقليميا، فتلاشت الاجواء الايجابية التي سادت مؤخرا عن قرب التوصل لاتفاق بين «اسرائيل» وحماس يؤدي لهدنة في غزة. ونقلت قناة «فلسطين اليوم»، التابعة لـ«حركة الجهاد الإسلامي» الفلسطينية، عن مسؤول كبير في «حماس» قوله إن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة وصلت إلى «مرحلة صعبة، وإن الساعات المقبلة حاسمة». وأضاف المسؤول، الذي لم يُكشف اسمه، أن «الوسطاء يعملون على دفع المحادثات قدماً»، مؤكداً أنهم لا يزالون يواجهون «تعنتاً إسرائيلياً». من جهته، ادعى رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو ان حماس رفضت المقترح الاميركي. وقال:»إنهم دائماً ما يرددون دعاية (حماس)، لكنهم دائماً مخطئون. لقد قبلنا بالصفقة، صفقة (المبعوث الأميركي) ستيف ويتكوف، ثم النسخة التي اقترحها الوسطاء. قبلناها، ورفضتها حماس». وأضاف نتنياهو:»حماس تريد البقاء في غزة. يريدون منا المغادرة، حتى يتمكنوا من إعادة تسليح أنفسهم ومهاجمتنا مراراً وتكراراً. لن أقبل بهذا، سأبذل قصارى جهدي لإعادة رهائننا إلى ديارهم. سألتقي العائلات... أعرف ألمهم ومعاناتهم. أنا مصمم على إعادة الرهائن إلى ديارهم والقضاء على حماس».