
الجزائر تعتمد «التفاوض في الكواليس» للرد على قرار ترمب
قال وزير جزائري سابق، فضّل عدم نشر اسمه، إن بلاده «تسعى إلى تجاوز المأزق الأميركي الراهن، بتوزيع جهودها بين دبلوماسية هادئة ومساعٍ لتنويع شراكاتها التجارية». وبعبارة أخرى، تسعى الجزائر إلى تجنّب المواجهة العلنية، أو الصدام المباشر مع القرار الذي فرضه ترمب، مفضّلةً اتباع أسلوب هادئ ومرن في التعامل معه، من خلال التفاوض غير المعلن، أو عبر قنوات خلف الكواليس.
اجتماع كوادر من قطاع المحروقات بمسؤولين من شركة «شيفرون» الأميركية للنفط في 16 سبتمبر 2024 (مؤسسة سوناطراك الجزائرية)
ومن جهة ثانية، تسعى الجزائر إلى بناء علاقات تجارية مع دول متعددة، لتصدر لها المنتجات التي طالها الرسم الأميركي، وتتمثل أساساً في الحديد والصلب والأسمنت والأسمدة، خصوصاً العجلات المطاطية والتمور، وهما المنتجان المتضرران أكثر من الإجراء، حسب مصادر حكومية.
وصدرت الجزائر إلى الولايات المتحدة ما يقارب 3.15 مليار دولار من هذه المواد مجتمعة سنة 2023، بحسب المنصة الجزائرية الإخبارية «ماغرب إمرجنت». وتعادل هذه القيمة 10 في المائة من إجمالي صادراتها خلال السنة نفسها.
وزير الطاقة الجزائري مستقبلاً السفيرة الأميركية (وزارة الطاقة)
وكان ترمب قد بلّغ نظيره الجزائري عبد المجيد تبون، عبر رسالة في التاسع من يوليو الحالي، بأنه قرر فرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 30 في المائة على الصادرات الجزائرية غير النفطية إلى الولايات المتحدة، بعدما كانت خاضعة لمعدل 18.9 في المائة سابقاً، معلناً أنه سيبدأ بتنفيذ القرار في أغسطس (آب) المقبل، ما يضع الجزائر أمام موقف دقيق، إذ إن أي إجراء مماثل من جانبها قد يُقابل تلقائياً بمزيد من التصعيد في الرسوم الأميركية.
وقال ترمب في رسالته إنه «يُرجى فهم أن نسبة 30 في المائة أقل بكثير مما هو مطلوب لتصحيح الفجوة في العجز التجاري بين بلدينا. وكما تعلمون، لن يتم فرض أي رسوم جمركية إذا قررت الجزائر، أو الشركات داخل بلدكم، بناء أو تصنيع منتجات داخل الولايات المتحدة، بل سنبذل كل جهد ممكن لتسريع الموافقات بسرعة واحترافية روتينية، أي في غضون أسابيع قليلة».
وشدّد ترمب على أنه «إذا قررتم - لأي سبب كان - رفع رسومكم الجمركية، فسوف تتم إضافة النسبة التي تختارونها إلى الـ30 في المائة التي نفرضها. ويُرجى فهم أن هذه الرسوم ضرورية لتصحيح سنوات كثيرة من السياسات الجمركية وغير الجمركية، والحواجز التجارية الجزائرية التي تسببت في عجز تجاري غير مستدام ضد الولايات المتحدة». موضحاً أن العجز الذي تحدث عنه «يشكل تهديداً خطيراً لاقتصادنا، بل وأمننا القومي!».
وجاء في الرسالة أيضاً أن واشنطن «تتطلع إلى العمل معكم بصفتكم شريكاً تجارياً لسنوات كثيرة مقبلة. فإذا رغبتم في فتح أسواقكم التجارية المغلقة حتى الآن أمام الولايات المتحدة، وإلغاء سياساتكم الجمركية وغير الجمركية والحواجز التجارية، فقد ننظر في تغيير قرارنا. ويمكن تعديل هذه الرسوم، زيادة أو نقصاناً، اعتماداً على تطور علاقتنا مع بلدكم».
بينما لم يصدر أي رد فعل رسمي في الجزائر على الرسالة المموهة بتهديد غير مباشر، أكد خبير الاقتصاد، إبراهيم قندوزي، للموقع الإخباري «كل شيء عن الجزائر»، أن الضريبة الأميركية ستترك أثراً سلبياً على الشركات الجزائرية الناشطة في السوق الأميركية، إذ يعرضها، حسبه، إلى خسارة جزء كبير من رقم معاملاتها، «بل وقد تضطر إلى الخروج نهائياً من هذه السوق الواعدة».
توقيع اتفاق بين «سوناطراك» الجزائرية و«هيكاتي إنرجي» الأميركية لإنتاج الهيدروجين الأخضر لاستعماله في إنتاج الفولاذ 24 يونيو 2025 (سوناطراك)
وأوضح الخبير، الذي يدرس في جامعة «تيزي وزو» شرق العاصمة، أن الصناعات الفولاذية والصناعات البتروكيميائية، ومواد البناء و الصناعات الغذائية، وقطاع النسيج والملابس، هي أكثر القطاعات التي ستتأثر من القرار «ومع ذلك، تظل القيم الإجمالية لهذه القطاعات متواضعة، مقارنةً بقطاع الطاقة (الغاز الطبيعي المسال والنفط)، الذي يمثل 80 في المائة من الصادرات الجزائرية». مبرزاً أن الخسارة المحتملة للشركات الجزائرية، تتمثل في فقدان التنافسية في السوق الأميركية مقارنةً بمنتجات مماثلة واردة من دول أخرى.
ووفق الخبير ذاته، فإن «الإشكالية المطروحة حاليا تتعلق برد فعل السلطات الجزائرية تجاه القرار الأحادي لدونالد ترمب». لافتاً إلى أنه «بقدر ما ستكون العلاقات التجارية المتعلقة بتبادل البضائع تحت ضغط بسبب الرسوم الجمركية، بقدر ما تظل العلاقات الاقتصادية الثنائية في أفضل حالاتها، بسبب وجود مستثمرين أميركيين في القطاع الاستراتيجي وهو قطاع الطاقة».
وأمام هذا الوضع، تجد الجزائر نفسها أمام خيارين استراتيجيين، حسب مراقبين: إما الرد بالمثل عبر إجراءات انتقامية، وإما تجنب التصعيد تفادياً لحرب تجارية شاملة.
وفد رجال أعمال جزائريين بواشنطن في إطار الشراكة الاقتصادية 13 مايو الماضي (سفارة الجزائر في واشنطن)
وعلى الأرجح، ستختار حسبهم، طريق «الالتفاف بدل المواجهة». وقد تجلى ذلك في تحاشي الحديث عن أي رد مباشر على القرار، وغياب تصعيد إعلامي ضده، في تقدير المراقبين أنفسهم، الذين يتوقعون أن توجه الجزائر جهودها إلى تنويع الشركاء التجاريين نحو آسيا وأفريقيا وأوروبا، لتخفيف الضغط الأميركي عليها.
ورغم أن هذا التوجه اتسم بضبط النفس، فإنه يثير تساؤلات حول مدى قدرة الجزائر الحقيقية على تعويض خسائرها في السوق الأميركية. فالتحول نحو اقتصاد أقل اعتماداً على المحروقات يبقى رهاناً استراتيجياً بعيد المدى، لكن لا يمكن تحقيقه بمجرد إعادة توجيه المبادلات التجارية، وفق خبراء.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أرقام
منذ 20 دقائق
- أرقام
ترامب: سنبعث رسائل بخصوص الرسوم الجمركية للدول الأصغر قريبا
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم الثلاثاء إن الرسائل التي تخطر الدول الأصغر بمعدلات الرسوم الجمركية الأمريكية المفروضة عليها سيتم إرسالها قريبا، مضيفا أن إدارته ستحدد على الأرجح معدلا "يزيد قليلا على 10 بالمئة" على تلك الدول. وقال ترامب للصحفيين بعد عودته من فعالية في مدينة بيتسبرج إنه سعيد للغاية "بالاتفاقات البسيطة" التي تم الإعلان عنها بالفعل والتي حددت معدلات رسوم جمركية شاملة لأكثر من 20 دولة، وسوف يحدد الرسوم الجمركية للدول المتبقية قريبا. وتابع "سنبعث رسالة قريبا، تتحدث عن دول عديدة أصغر بكثير. سنفرض على الأرجح معدلا واحدا للرسوم الجمركية عليها جميعا... ربما يزيد قليلا على 10 بالمئة".


أرقام
منذ 39 دقائق
- أرقام
أسبوع الكريبتو .. هل تقترب أمريكا من لقب عاصمة العملات المشفرة؟ وهل يدعم ذلك البيتكوين؟
"يعلم الجميع أنني ملتزم بجعل أمريكا عاصمة العملات المشفرة" هذا ما صرح به الرئيس "دونالد ترامب" بعد بدء ولايته الرئاسية الثانية هذا العام، والآن أصبح القرار بيد الكونجرس مع استعداد المشرعين للنظر في تشريعات متعلقة بالعملات المشفرة تهدف لوضع إطار تنظيمي أكثر وضوحًا لاحتضان تلك الأصول الافتراضية. أسبوع الكريبتو لطالما سعت سوق الكريبتو إلى هذا الإطار التنظيمي، لكن يدعمها "ترامب" حاليًا الذي يصور نفسه بأنه رئيس مؤيد للعملات المشفرة، ويشارك في العديد من مشاريعها، وأعلن مجلس النواب الأمريكي أنه خلال الفترة من 14-18 يوليو سيكون "أسبوع العملات المشفرة" أو "كريبتو ويك". للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام دعم أجندة ترامب في إطار عمل الكونجرس على طرح تشريع تاريخي لوضع إطار تنظيمي واضح لتلك الأصول يحمي المستهلكين والمستثمرين، وخلال هذا الأسبوع يتطلع مجلس النواب للنظر في ثلاثة تشريعات بارزة تعزز أجندة "ترامب" المتعلقة بالأصول الرقمية والعملات المشفرة. أسبوع الكريبتو..الكونجرس يحدد المسار المستقبلي للإطار التنظيمي للعملات المشفرة التشريع التوضيح "شفافية سوق الأصول الرقمية" أو "كلاريتي آكت" قد يرسي حدودًا واضحة بين هيئة الأوراق المالية والبورصات وهيئة تداول السلع الآجلة في قضية تنظيم تلك الأصول المشفرة. قانون تقنين مراقبة العملات الرقمية للبنوك المركزية سيمنع الاحتياطي الفيدرالي من إصدار عملة رقمية خاصة به قانون "جينيس" يعد أحد أهم مشاريع القوانين رغم أنه لا يتعلق بشكل مباشر بالبيتكوين، إذ يمكن الشركات الخاصة من إصدار عملات مستقرة وهي شكل من أشكال العملات المشفرة المرتبطة بأصل مستقر مثل الدولار الأمريكي بهدف تقليل التقلبات. من المقرر أن تجتمع لجنة بمجلس النواب اليوم للنظر في التشريع، مما قد يمهد الطريق للتصويت عليه غدًا. يستعد الجمهوريون في مجلس النواب لقبول مشروع القانون الذي أقره مجلس الشيوخ بدعم من الحزبين، وبالتالي سيحال لمكتب "ترامب" لتوقيعه ليصبح قانونًا، ويكون أول إجراء تنظيمي رئيسي للعملات المشفرة يعتمدة الكونجرس على الإطلاق. وهو ما قد يحدث تغييرًا جذريًا في كيفية إجراء المدفوعات ومعالجتها في الولايات المتحدة، مما يشكل ضغطًا على شبكات الدفع التقليدية مثل "فيزا" و"ماستركارد". يرى "توني توثس" المسؤول لدى "كيه بي إم جي" أن هذا التشريع سيعزز ارتياح تجار التجزئة وغيرهم للبدء في قبول العملات المستقرة كوسيلة دفع، مضيفًا أن الأسواق المالية قد تبدأ في التحول إلى العملات المستقرة – بدلاً من النقد أو الكاش – لتسويات أسرع وبتكلفة أقل. ماذا عن رأي الديمقراطيين؟ أعرب الديمقراطيون عن قلقهم بشأن إمكانية أن يؤدي إقرار تلك القوانين إلى زيادة الفساد، بما في ذلك "ماكسين ووترز" واصفة مشاريع القوانين الثلاثة بأنها تشريعات خطيرة، خاصة وأن "ترامب" لديه استثمارات كبيرة في مجال العملات المشفرة، بما في ذلك منصة "ورد ليبرتي فاينانشال". هل تقدم دفعة قوية للسوق؟ لكن من المرجح تمرير مشاريع القوانين الثلاثة وبأغلبية من الحزبين، في خطوة تمنح دفعة قوية لقطاع العملات المشفرة على الأقل من الناحية النظرية، لأن الجهات التنظيمية قد تستغرق وقتًا لوضع القواعد وتطبيقها بعد إقرارها، لكن خلال السنوات القليلة القادمة ستكون هناك إرشادات صارمة أمام شركات الكريبتو للعمل ضمنها. وداعًا لعدم اليقين التنظيمي يرى محللون أن الوضوح التنظيمي قد يشجع المزيد من الشركات على اعتماد البيتكوين في استراتيجيتها الاستثمارية على غرار "ستراتيجي"، وهو ما يعني زيادة مكاسبها بعدما سجلت اليوم اعلى مستوياتها على الإطلاق أعلى 121 ألف دولار بدعم من تدفقات متزايدة للصناديق المتداولة في العملة المشفرة. تعد البيتكوين مرتفعة خلال العام الحالي بحوالي 31%، بعدما ارتفعت بأكثر من الضعف في 2024، لكن ترى "راشيل لوكاس" المحللة لدى "بي تي سي ماركتس" أن مستوى 125 ألف دولار هو الاختبار الحقيقي للبيتكوين. رؤية يرى "توني سيكامور" محلل السوق لدى "آي جي" أن العملة الافتراضية تشهد حاليًا رياحًا مواتية بدعم من الطلب المؤسسي القوي وتوقعات بتحقيق المزيد من المكاسب، وسط دعم "ترامب"، من الصعب تحديد أين ستتوقف البيتكوين، لكن يبدو أنها ستصل بسهولة إلى 125 ألف دولار. الخلاصة دعم الكونجرس لهذه التشريعات يعني أن الولايات المتحدة ستأخذ زمام القيادة في مجال العملات الافتراضية، وربما توفر المزيد من الدعم للبيتكوين وغيرها من العملات المشفرة من خلال تقديم إطار تنظيمي واضح، لكن لا يزال هناك حالة من عدم اليقين وسط معارضة الديمقراطيين وأيضًا تأثير أجندة "ترامب" السياسية والاقتصادية على السوق.. فهل يوفر "أسبوع العملات المشفرة" المزيد من الدعم للبيتكوين؟ المصادر: أرقام - لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب – كوين ديسك – بوليتيكو - فاينانشال تايمز - سي إن بي سي - رويترز - بلومبرج


العربية
منذ 44 دقائق
- العربية
"خبير للعربية: الفيدرالي لن يُقدم على خفض الفائدة وسط تضخم مرتفع
قال باسم قمر، المدير التنفيذي لشركة Global Economics and Finance Consulting، إن بيانات التضخم الأخيرة في الولايات المتحدة أظهرت أن مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي بلغ 2.2%، وهو أقل من المتوقع لكنه لا يزال أعلى من مستهدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%. وأوضح قمر في مقابلة مع "العربية Business" أن ذلك يدل على أن التضخم لم يتراجع بالسرعة المرجوة، مشيرًا إلى أن بعض أسبابه ترجع إلى آثار التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي ما زالت تلقي بظلالها على الاقتصاد. وأضاف قمر أن الاحتياطي الفيدرالي يراقب عن كثب توقعات التضخم أكثر من البيانات الحالية، خاصة في ظل احتمال فرض تعريفات جديدة على دول رئيسية في سلاسل التوريد الأميركية، ما قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار مجددًا. وتابع: "أتوقع أن يواصل الفيدرالي تثبيت أسعار الفائدة حتى تتضح صورة التضخم في شهري يوليو وأغسطس". وعن سوق العملات، أشار قمر إلى أن الاتجاه العام للدولار لا يزال هبوطيًا، متوقعًا أن يصل اليورو إلى 1.3 دولار خلال 12 شهرًا، في ظل مساعي واشنطن لدعم الصادرات وتقليص العجزين المالي والتجاري.