logo
مساعٍ هندية نحو التوازن المستدام

مساعٍ هندية نحو التوازن المستدام

العربيةمنذ 4 ساعات

ينما يحتفل العالم بيوم البيئة، تبرز الحاجة لفهم موقف الهند من الموازنة بين تنميتها وحماية البيئة. وتشهد الهند في الوقت الحالي تصاعداً سريعاً في وتيرة التصنيع والتوسع الحضري، إلى جانب توسع كبير في البنية التحتية، من تحديث الموجود إلى إنشاء الجديد. لكن الجانب السلبي لكل هذا هو التأثير على البيئة، بدءاً من التلوث، وصولاً إلى فقدان التنوع البيولوجي وتزايد الصراع بين الإنسان والحيوان في أكثر دول العالم سكاناً، والتي تُعد كذلك من أسرع الاقتصادات نمواً.
لا شك في أن الهند، مثل باقي دول العالم، تواجه تحدياتٍ بيئيةً كبيرةً، خاصةً مع تغيّر المناخ الذي بدّل أنماط الطقس وأدى إلى تغيّرات في تدفق الأنهار، بما في ذلك ذوبان الأنهار الجليدية. إذ تتغذى العديدُ من الأنهار الهندية على الأنهار الجليدية، ولذا فأي تغيّر في تدفق المياه سيؤثر سلباً على البلاد. ويتمثل التحدي الرئيسي أمام الهند في الحفاظ على البيئة بالتوازي مع تحقيق النمو والتنمية، وهو أمر أساسي لتحسين حياة الناس وانتشالهم من براثن الفقر.
من الواضح أن حماية البيئة تمثل تحدياً كبيراً. فالهند تواجه مشكلات بيئية ضخمة، منها مستويات مرتفعة من تلوث الهواء والمياه، ولذا فالتحديات أمام هذه الدولة المزدحمة بالسكان هائلة. فعلى سبيل المثال، في ما يتعلق بتلوث الأنهار، تخوض الهند معركة شاقة لتنظيف أنهارها. إذ تتدفق مياه الصرف الصحي غير المعالجة إلى الأنهار، وهي مشكلة شائعة في معظم الأنهار الملوثة. وتشير بعض التقديرات إلى أن نحو 38000 مليون لتر من مياه الصرف تدخل الأنهار الهندية بسبب نقص محطات المعالجة وضعف إدارة النفايات. ولاحظت دراساتٌ وجودَ ملوِّثات متنوعة مثل المعادن الثقيلة والجراثيم في الأنهار، مما يؤثر على جودة المياه والحياة المائية، جراء مياه الصرف الصحي والمخلفات الصناعية والصرف الزراعي.
في عام 2022، حدد مجلس مكافحة التلوث المركزي في الهند 311 مقطعاً ملوثاً في الأنهار، استناداً إلى مستويات الطلب البيوكيميائي على الأوكسجين (BOD)، وهو مؤشر مهم لجودة المياه، وذلك على امتداد 279 نهراً. وفي بعض المدن، توحد السكان للضغط على السلطات لإعطاء الأولوية للبيئة بنفس قدر الاهتمام بتطوير ضفاف الأنهار.وبالمثل، يُعد تلوث الهواء تحدياً كبيراً آخر في الهند التي تُصنَّف من بين أكثر دول العالم تلوثَ هواء، حيث تتجاوز مستوياتُ الجسيمات الدقيقة (PM2.5) الحدودَ الآمنة بأضعاف مضاعفة. ويرجع ذلك إلى التوسع الحضري غير المخطط له. ومن الأسباب الرئيسية لتلوث الهواء: حركة المرور، والانبعاثات الصناعية، وحرق الوقود.. إلخ، وكلها من نتائج التوسع العمراني الكبير والنمو الاقتصادي المتسارع. ومع ذلك، تحاول الهندُ مواجهةَ تأثير تغيّر المناخ بطرق متعددة، بما في ذلك التزامها الكبير بالطاقة المتجددة، وقد كانت نشطةً جداً في المحافل متعددة الأطراف عندما يتعلق الأمر بالتعهدات البيئية.
ومن الأهداف الأكثر طموحاً للهند التوسع الكبير في استخدام الطاقة الشمسية. وقد حددت الحكومة الهندية هدفاً يتمثل في تحقيق قدرة طاقة متجددة تبلغ 500 جيجاواط بحلول عام 2030، وستكون الطاقة الشمسية مكوناً رئيسياً في مزيج الطاقة المستهدف. وإذا نجحت الهند في ذلك، فستكون من الدول الرائدة عالمياً في القدرة على إنتاج الطاقة المتجددة.
كما تعمل الهند بنشاط على معالجة تلوث الهواء والمياه من خلال مزيج من التدابير التنظيمية والتكنولوجيا وحملات التوعية العامة. وقد أطلقت مبادرات مثل «البرنامج الوطني للهواء النظيف» لإدارة جودة الهواء، و«الخطة الوطنية لحماية الأنهار» لحماية الموارد المائية، بالإضافة إلى برامج متعددة تركز على الوقود النظيف، والحد من انبعاثات المصانع، وإدارة النفايات.ونظراً لأن دخان المركبات يعد من أكبر مصادر التلوث، تتجه الهند نحو الوقود الأنظف وتعزيز استخدام المركبات الكهربائية. وقد شهدت الدراجات الكهربائية ذات العجلتين انتشاراً واسعاً على مستوى البلاد، في حين أن السيارات الكهربائية ذات العجلات الأربع لا تزال في طور الانتشار. ولتشجيع مزيد من تبنِّي المركبات الكهربائية، قدّمت الحكومة عدة حوافز. كما يجري تطوير البنية التحتية من خلال إنشاء محطات شحن كهربائية في المدن. وتعمل الحكومة أيضاً على تشجيع البنية التحتية الخضراء والمباني الموفرة للطاقة وإدارة النفايات في المناطق الحضرية.
لكن رغم كل هذه الجهود، من الواضح أن الهند بحاجة لبذل المزيد. فكل شيء لا يزال قيد التقدم في الوقت الذي تتفاقم فيه التحديات البيئية بسبب تغيّر المناخ، والذي بدأت آثاره تظهر بالفعل. فقد تغيرت تدفقات الأنهار التي تغذيها الأنهار الجليدية نتيجة ذوبانها بسبب الاحتباس الحراري، كما أصبحت درجات الحرارة في الصيف أعلى مع موجات الحر الأكثر حدة ومع زيادة استخدام أجهزة التكييف. وكل هذا يجعل من الضروري أن تعمل الهند بجد أكبر لحل المشكلات البيئية. وسيتطلب ذلك اتخاذ إجراءات حازمة، نظراً لحاجة البلاد إلى نمو اقتصادي مستمر ولمواجهة تحديات عدد سكانها الضخم. وإلى ذلك، فإن ازدياد الوعي علامةٌ إيجابية من المرجح أن تدفع الهند نحو عالم أكثر خضرة، مع تحقيق التوازن بين الاقتصاد والبيئة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مساعٍ هندية نحو التوازن المستدام
مساعٍ هندية نحو التوازن المستدام

العربية

timeمنذ 4 ساعات

  • العربية

مساعٍ هندية نحو التوازن المستدام

ينما يحتفل العالم بيوم البيئة، تبرز الحاجة لفهم موقف الهند من الموازنة بين تنميتها وحماية البيئة. وتشهد الهند في الوقت الحالي تصاعداً سريعاً في وتيرة التصنيع والتوسع الحضري، إلى جانب توسع كبير في البنية التحتية، من تحديث الموجود إلى إنشاء الجديد. لكن الجانب السلبي لكل هذا هو التأثير على البيئة، بدءاً من التلوث، وصولاً إلى فقدان التنوع البيولوجي وتزايد الصراع بين الإنسان والحيوان في أكثر دول العالم سكاناً، والتي تُعد كذلك من أسرع الاقتصادات نمواً. لا شك في أن الهند، مثل باقي دول العالم، تواجه تحدياتٍ بيئيةً كبيرةً، خاصةً مع تغيّر المناخ الذي بدّل أنماط الطقس وأدى إلى تغيّرات في تدفق الأنهار، بما في ذلك ذوبان الأنهار الجليدية. إذ تتغذى العديدُ من الأنهار الهندية على الأنهار الجليدية، ولذا فأي تغيّر في تدفق المياه سيؤثر سلباً على البلاد. ويتمثل التحدي الرئيسي أمام الهند في الحفاظ على البيئة بالتوازي مع تحقيق النمو والتنمية، وهو أمر أساسي لتحسين حياة الناس وانتشالهم من براثن الفقر. من الواضح أن حماية البيئة تمثل تحدياً كبيراً. فالهند تواجه مشكلات بيئية ضخمة، منها مستويات مرتفعة من تلوث الهواء والمياه، ولذا فالتحديات أمام هذه الدولة المزدحمة بالسكان هائلة. فعلى سبيل المثال، في ما يتعلق بتلوث الأنهار، تخوض الهند معركة شاقة لتنظيف أنهارها. إذ تتدفق مياه الصرف الصحي غير المعالجة إلى الأنهار، وهي مشكلة شائعة في معظم الأنهار الملوثة. وتشير بعض التقديرات إلى أن نحو 38000 مليون لتر من مياه الصرف تدخل الأنهار الهندية بسبب نقص محطات المعالجة وضعف إدارة النفايات. ولاحظت دراساتٌ وجودَ ملوِّثات متنوعة مثل المعادن الثقيلة والجراثيم في الأنهار، مما يؤثر على جودة المياه والحياة المائية، جراء مياه الصرف الصحي والمخلفات الصناعية والصرف الزراعي. في عام 2022، حدد مجلس مكافحة التلوث المركزي في الهند 311 مقطعاً ملوثاً في الأنهار، استناداً إلى مستويات الطلب البيوكيميائي على الأوكسجين (BOD)، وهو مؤشر مهم لجودة المياه، وذلك على امتداد 279 نهراً. وفي بعض المدن، توحد السكان للضغط على السلطات لإعطاء الأولوية للبيئة بنفس قدر الاهتمام بتطوير ضفاف الأنهار.وبالمثل، يُعد تلوث الهواء تحدياً كبيراً آخر في الهند التي تُصنَّف من بين أكثر دول العالم تلوثَ هواء، حيث تتجاوز مستوياتُ الجسيمات الدقيقة (PM2.5) الحدودَ الآمنة بأضعاف مضاعفة. ويرجع ذلك إلى التوسع الحضري غير المخطط له. ومن الأسباب الرئيسية لتلوث الهواء: حركة المرور، والانبعاثات الصناعية، وحرق الوقود.. إلخ، وكلها من نتائج التوسع العمراني الكبير والنمو الاقتصادي المتسارع. ومع ذلك، تحاول الهندُ مواجهةَ تأثير تغيّر المناخ بطرق متعددة، بما في ذلك التزامها الكبير بالطاقة المتجددة، وقد كانت نشطةً جداً في المحافل متعددة الأطراف عندما يتعلق الأمر بالتعهدات البيئية. ومن الأهداف الأكثر طموحاً للهند التوسع الكبير في استخدام الطاقة الشمسية. وقد حددت الحكومة الهندية هدفاً يتمثل في تحقيق قدرة طاقة متجددة تبلغ 500 جيجاواط بحلول عام 2030، وستكون الطاقة الشمسية مكوناً رئيسياً في مزيج الطاقة المستهدف. وإذا نجحت الهند في ذلك، فستكون من الدول الرائدة عالمياً في القدرة على إنتاج الطاقة المتجددة. كما تعمل الهند بنشاط على معالجة تلوث الهواء والمياه من خلال مزيج من التدابير التنظيمية والتكنولوجيا وحملات التوعية العامة. وقد أطلقت مبادرات مثل «البرنامج الوطني للهواء النظيف» لإدارة جودة الهواء، و«الخطة الوطنية لحماية الأنهار» لحماية الموارد المائية، بالإضافة إلى برامج متعددة تركز على الوقود النظيف، والحد من انبعاثات المصانع، وإدارة النفايات.ونظراً لأن دخان المركبات يعد من أكبر مصادر التلوث، تتجه الهند نحو الوقود الأنظف وتعزيز استخدام المركبات الكهربائية. وقد شهدت الدراجات الكهربائية ذات العجلتين انتشاراً واسعاً على مستوى البلاد، في حين أن السيارات الكهربائية ذات العجلات الأربع لا تزال في طور الانتشار. ولتشجيع مزيد من تبنِّي المركبات الكهربائية، قدّمت الحكومة عدة حوافز. كما يجري تطوير البنية التحتية من خلال إنشاء محطات شحن كهربائية في المدن. وتعمل الحكومة أيضاً على تشجيع البنية التحتية الخضراء والمباني الموفرة للطاقة وإدارة النفايات في المناطق الحضرية. لكن رغم كل هذه الجهود، من الواضح أن الهند بحاجة لبذل المزيد. فكل شيء لا يزال قيد التقدم في الوقت الذي تتفاقم فيه التحديات البيئية بسبب تغيّر المناخ، والذي بدأت آثاره تظهر بالفعل. فقد تغيرت تدفقات الأنهار التي تغذيها الأنهار الجليدية نتيجة ذوبانها بسبب الاحتباس الحراري، كما أصبحت درجات الحرارة في الصيف أعلى مع موجات الحر الأكثر حدة ومع زيادة استخدام أجهزة التكييف. وكل هذا يجعل من الضروري أن تعمل الهند بجد أكبر لحل المشكلات البيئية. وسيتطلب ذلك اتخاذ إجراءات حازمة، نظراً لحاجة البلاد إلى نمو اقتصادي مستمر ولمواجهة تحديات عدد سكانها الضخم. وإلى ذلك، فإن ازدياد الوعي علامةٌ إيجابية من المرجح أن تدفع الهند نحو عالم أكثر خضرة، مع تحقيق التوازن بين الاقتصاد والبيئة.

الورل الصحراوي يعزز التوازن البيئي في محمية الملك سلمان بن عبدالعزيز الملكية
الورل الصحراوي يعزز التوازن البيئي في محمية الملك سلمان بن عبدالعزيز الملكية

صحيفة سبق

timeمنذ 7 ساعات

  • صحيفة سبق

الورل الصحراوي يعزز التوازن البيئي في محمية الملك سلمان بن عبدالعزيز الملكية

يتواجد الورل الصحراوي بكثرة في مناطق متعددة داخل محمية الملك سلمان بن عبدالعزيز الملكية، حيث يُعد من الزواحف المهمة التي تلعب دورًا حيويًا في تحقيق التوازن البيئي من خلال تغذيه على الأفاعي السامة، والسحالي، والقوارض. ويُعد الورل الصحراوي أحد أكبر الزواحف الصحراوية في المملكة وأكثرها قدرة على التكيّف مع البيئة القاسية، ويتميّز بجسمه الكبير الذي يتجاوز طوله المتر، ورأسه الطويل النحيل، وذيله القوي المُزيّن بحلقات داكنة يستخدمها للدفاع عن نفسه. كما يتمتع ببصر حاد ولسان مشقوق طويل وأسنان قوية، بينما يساعده لونه الرملي المائل إلى الصفرة والمغطى ببقع صغيرة على التمويه والتخفي داخل بيئته الطبيعية. وتُولي هيئة تطوير محمية الملك سلمان بن عبدالعزيز الملكية أهمية كبيرة للحفاظ على مثل هذه الكائنات المفترسة، نظرًا لدورها في إعادة التوازن الطبيعي للمنظومة البيئية، وتعمل الهيئة على الحفاظ على التنوع الأحيائي داخل حدود المحمية، وإعادة توطين الأنواع الفطرية المهددة بالانقراض، دعمًا لرؤية المملكة 2030 الرامية إلى تعزيز جودة الحياة وحماية البيئة.

المملكة تشارك في  مؤتمر علوم المحيطات
المملكة تشارك في  مؤتمر علوم المحيطات

الرياض

timeمنذ 8 ساعات

  • الرياض

المملكة تشارك في مؤتمر علوم المحيطات

تُشارك المملكة العربية السعودية في أعمال الدورة الثالثة والثلاثين للمؤتمر العام للجنة الدولية الحكومية لعلوم المحيطات (IOC) التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، التي انطلقت اليوم بمقر اليونسكو في العاصمة الفرنسية باريس، وتمتد أعمالها حتى الثالث من شهر يوليو، وسط مشاركة وفود من الدول الأعضاء في منظمة اليونسكو. ويرأس وفد المملكة في هذه المشاركة رئيس قطاع العلوم باللجنة الوطنية السعودية للتربية والثقافة والعلوم رئيس لجنة علوم المحيطات الدكتور حمود النغيمشي، ويضم الوفد الدكتور ياسر أبو النجا من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، والدكتورة لينا عيوني من شركة البحر الأحمر الدولية. وتأتي المشاركة في إطار حرص المملكة على دعم الجهود الدولية في مجالات علوم المحيطات، وحماية البيئة البحرية، وتعزيز مفاهيم الاستدامة الزرقاء، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030. وتُعد اللجنة الدولية الحكومية لعلوم المحيطات (IOC) الجهة المعنية ضمن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بتنسيق الجهود الدولية في مجال علوم المحيطات، وتهدف إلى تعزيز التعاون العلمي بين الدول، وتطوير القدرات الوطنية في البحث والمراقبة البحرية، ودعم السياسات الرامية إلى حماية النظم البيئية البحرية، وتحقيق التنمية المستدامة للمحيطات.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store