
المقالمن الرياض إلى باريس
وفيما كانت باريس تصوغ بيانها التاريخي، كانت أنامل الدبلوماسية السعودية قد وضعت من قبل الأسس لهذا التحول، فالاعتراف الفرنسي لم يكن نتاج عاطفة لحظية، بل نتيجة مسار طويل شاركت فيه الرياض على مستويات متعددة؛ عبر الاتصالات الثنائية الرفيعة، وعبر جهد ممنهج في تليين المواقف الأوروبية، وفتح قنوات نقاش شجاع داخل المؤسسات الغربية حول ما تعنيه الشرعية الدولية، وما يترتب على صمتها.
المملكة العربية السعودية، التي نقلت القضية الفلسطينية من ملف إنساني إلى قضية شرعية دولية، كانت تمارس دورها بصمت الحكماء، تدفع وتنسّق وتضغط، وتُعيد تموضع القضية الفلسطينية من مربع الشكوى إلى مربع الفعل.
لكن، وكما يحدث دائمًا في السياسة، ما إن نضجت الثمرة، حتى تسابقت أطراف لتقطفها؛ أطراف لم تحرّك ساكناً، تجيد التضامن اللفظي واعتادت أن تقفز على جهود الغير، ولا يدرك هؤلاء أن المملكة، بخطابها الهادئ ومقاربتها التراكمية، تُدير ملفاتها بمنطق الدولة، لا منطق المنابر.
لكن هذا المشهد لا يقف عند حدود فلسطين وحدها؛ من ينظر إلى المنتدى الاستثماري السوري السعودي الأخير، يُدرك أن المملكة تخوض معركة أخرى: إعادة بناء سوريا، ففي دمشق، جلس السعودي والسوري، ليس للحديث عن الحرب، بل عن الفرص؛ لم يكن المؤتمر ترفًا اقتصاديًا، بل خطوة جريئة في مسار إعادة دمج سوريا في محيطها العربي، وتعزيز استقرارها وتمكين شعبها للنهوض مجددًا، والدفع بهم نحو المستقبل، على قاعدة المصالح المتبادلة، لا الأوهام الكبرى ولا الأجندات العابرة للحدود.
غاية القول؛ إن الرياض، حين تدافع عن الحق الفلسطيني وتدفع الغرب للاعتراف به، وحين تفتح أبوابها لعودة دمشق إلى الحياة، لا تُناور ولا تُقامر، بل تعزز السيادة العربية وتقول للعالم إن المنطقة لم تعد ملعبًا مفتوحًا للاختراقات، بل صارت مشروع استقرار ونهضة قيد البناء بأيد عربية، وأن السعودية لا تترك حلفاءها وحدهم ولن تسمح لأي جهة التفرد بمستقبل المنطقة.
من رام الله إلى دمشق، ومن الرياض إلى باريس، مشهد جديد وتحول جيوسياسي تاريخي تقوده السعودية ليس نتيجة قرارات آنية بل رؤية استراتيجية تضع أسس نظام إقليمي عربي جديد تعاد كتابة قواعده لكسر ثنائية الصراع والاحتلال لصالح البناء والاستقرار.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق السعودية
منذ 41 دقائق
- الشرق السعودية
ترمب: الغواصات النووية الأميركية باتت "أقرب إلى روسيا"
قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إن الغواصتين النوويتين اللتين أمر بنشرهما في وقت سابق الجمعة رداً على تصريحات الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف، باتتا الآن في مكان "أقرب إلى روسيا". ووصف ترمب خلال مقابلة مع شبكة Newsmax، تصريحات ميدفيديف بأنها وقحة بعد أن أشار الرجل الذي يشغل منصب نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي إلى أن موسكو تمتلك قدرات نووية تعود للحقبة السوفيتية والتي توجد لديها كملاذ أخير، وذلك بعد أن نصح ترمب لميدفيديف بأن "ينتبه لكلامه". وأشار الرئيس الأميركي إلى أنه وبسبب هذه التصريحات أمر بإرسال غواصتين نوويتين أميركيتين "أقرب إلى روسيا"، لافتاً إلى أن "عينيه تلمعان" عندما يُذكر الحديث عن الأسلحة النووية، في إشارة إلى تصريحات ميدفيديف. وتابع ترمب: "رئيس روسيا السابق، والذي يرأس الآن واحداً من أهم المجالس – ميدفيديف – قال بعض الأمور السيئة جداً تتعلق بالنووي. وعندما تذكر كلمة (نووي)، تعرف أن عينيّ تلمعان وأقول: (علينا أن نكون حذرين)، لأنه التهديد الأقصى". وكان الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف طلب، الخميس، من ترمب أن يتذكر أن موسكو تمتلك قدرات نووية تعود للحقبة السوفيتية والتي توجد لديها كملاذ أخير، وذلك بعد أن نصح ترمب لميدفيديف بأن "ينتبه لكلامه". ورد ترمب على ذلك قائلاً: "ما كان يجب أن يقول ذلك. إنه وقح في لسانه. قال أشياء من قبل أيضاً. ولذا نريد دائماً أن نكون مستعدين. ولهذا السبب أرسلت غواصتين نوويتين إلى المنطقة. فقط أريد أن أتأكد أن كلماته تبقى مجرد كلمات ولا تتجاوز ذلك". وعندما سُئل ترمب عما إذا كانت الغواصات أقرب إلى روسيا، أجاب: "نعم، إنها أقرب إلى روسيا". "الوضع الرهيب لحرب أوكرانيا" كما واصل ترمب انتقاده لما أسماه بـ"الوضع الرهيب" الذي تسببت فيه حرب روسيا في أوكرانيا، وقال: "هذه حرب (الرئيس السابق جو) بايدن، وليست حربي. هذه الحرب ما كانت لتقع. لم تحدث طوال 4 سنوات. لم تكن تُذكر إلا في المحادثات التي أجريتها مع (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين. كانت أوكرانيا بالنسبة له كأنها قرة عينه، لكنه لم يكن ينوي الدخول إليها. وأقول الآن: هذه حرب يجب أن تنتهي. إنها حرب مروّعة". وذكر ترمب أن الموعد النهائي الجديد الذي حدده للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع روسيا هو الثامن من أغسطس، مشيراً إلى أنه إذا لم يتم التوصل لاتفاق، فسيُفرض على روسيا عقوبات، مضيفاً: "وهو (بوتين) يعلم كيف يتعامل مع العقوبات. يعرف كيف يتجنبها". وأوضح أن هدفه الأساسي عند توليه الرئاسة كان إنهاء الحرب، مشيراً إلى أنه كان يعتقد أنه توصل إلى اتفاق مع بوتين 3 مرات مختلفة. وأضاف: "تحدثت كثيراً مع بوتين، وأعتقد أن بيننا محادثات ممتازة. ثم أعود إلى المنزل لأكتشف أن قنبلة سقطت في كييف وبعض المدن الأخرى وقتلت أناساً. أقول لنفسي: لقد أجريت للتو محادثة رائعة معه، وكان يبدو أننا على وشك الاتفاق. اعتقدت أننا توصلنا لحل 3 مرات مختلفة، وربما هو يريد أن يأخذ كل شيء. أعتقد أنه سيكون الأمر صعباً جداً عليه". وعند سؤاله إن كان رأيه في بوتين قد تغيّر خلال الأشهر الماضية، قال ترمب: "من الواضح أنه شخص صلب، لذا من هذه الناحية لم يتغير رأيي. لكنني متفاجئ. أجرينا محادثات جيدة كثيرة، كان بإمكاننا إنهاء هذه الحرب، وفجأة بدأت القنابل تتساقط".


الشرق الأوسط
منذ 4 ساعات
- الشرق الأوسط
«ماغا» والطريق إلى دعم غزة
هل اكتسبت القضية الفلسطينية زخماً حقيقياً في الأيام القليلة الفائتة، لا سيما في ظل الإعلان المشترك الذي صدر عن المملكة العربية السعودية وفرنسا، بعد مؤتمر الأمم المتحدة الخاص بدعم قضية الدولة الفلسطينية المستقلة؟ من الواضح أن هذا هو ما جرت به المقادير، بخاصة في ظل الموقفيْن البريطاني والكندي، المتغيريْن بسرعة شديدة في الساعات الأخيرة لصالح عدالة قضية طال ظلم أبنائها وشتاتهم في رياح الأرض الأربع. إلا أن تغيراً مثيراً جداً يجري في الداخل الأميركي، وبات وعن حق يمثل ضغطاً متزايداً على إدارة الرئيس ترمب، وعلى شخص سيد البيت الأبيض بصورة غير متوقعة. التغير الذي نحن بصدد الحديث عنه يجري داخل حركة «ماغا»، التي ناصرت الرئيس الأميركي دونالد ترمب ودعمته على كافة الأصعدة، غير أنه بات من الواضح أن صورة الجوع والمجاعة، الفاقة والبؤس والمعاناة في غزة، أعطت زخماً جديداً للنقاش الذي كان يتصاعد على استحياء داخل أروقتها. ارتفع صوت المؤثرين بالنقد لإسرائيل، وكان النائب السابق مات غيتز، ومستشار ترمب السابق ستيف بانون، على رأس من أدانوا تصرفات إسرائيل وحذروا من أن هذه القضية تشكل عبئاً سياسياً على إدارة ترمب وقاعدته الشعبية. هل ما يجري في جنبات «ماغا» بداية لتغير جوهري في السياسات الأميركية؟ الأكيد أن إسرائيل حظيت دائماً بدعم واسع النطاق من الحزبين الأميركيين الكبيرين، الجمهوري والديمقراطي، لكنَّ صعود حركة «ماغا» في عهد ترمب يتحدى الأسس الآيديولوجية لهذه «العلاقة الخاصة». لم يعد سراً القول إن السياسة الواقعية التي تتبناها حركة «جعل أميركا عظيمة مرة أخرى» تسعى إلى الحد من مشاركة الولايات المتحدة في الحروب الخارجية، بحيث تقتصر على تلك التي تؤثر بشكل مباشر على مصالحها، بخاصة الطبقة العاملة المتواضعة أو المتوسطة التي تشكل قاعدة ترمب. لا تبدو «ماغا» وحدها من يغير اتجاهاته السياسية في الداخل الأميركي، بل تجاوز الأمر إلى غيرها من المؤسسات. على سبيل المثال، دعت مؤسسة «هيرتاغ»، أو التراث، التي تعد العقل المفكر والناطق لحكومة ترمب، برئاسة كيفن روبرتس، إلى «إعادة توجيه علاقتها مع إسرائيل، من علاقة خاصة إلى شراكة استراتيجية متساوية». تأثيرات «ماغا»، بفعل الدراما غير المسبوقة في غزة، تمتد إلى أكثر وأشد الأطراف والأطياف السياسية الأميركية يمينيةً، فعل سبيل المثال، أصبحت النائبة مارغوري تايلور غرين أول عضو جمهوري في الكونغرس يصف أفعال إسرائيل في قطاع غزة بـ«الإبادة الجماعية والأزمة الإنسانية في غزة»، وعدّت ما يجري على الأرض هناك من أعمال وحشية لا يقل بشاعة عن هجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. أبعد من ذلك، فقد دعت تايلور إلى إلغاء تمويل بقيمة 500 مليون دولار لنظام الدفاع الصاروخي. ولعل القارئ المعمق للأحداث يدرك كيف أن الدعم غير المشروط لإسرائيل، الذي عُدَّ لعقود طوال حقيقةً أساسيةً وفكرةً عضويةً، بات اليوم موضع تحدٍ من قبل قاعدة تراب الشعبوية، وعلى رأسها «ماغا»، وأصبحت استدعاءات «العلاقة الخاصة» تقع على آذان صماء. تبدو «ماغا» في طور إعادة قراءة معمقة لفكرة أميركا العظيمة، وما الذي جعلها عند لحظات بعينها عظيمة بالفعل. تبين سطور التاريخ الأميركي أن المثل والقدوة، الحرية والمصداقية، احترام استقلال الدول الويستفالية، تقديم الدعم الإنساني من غير براغماتية ضيقة النظرة، هي ما جعلت أميركا «الدولة التي لا يمكن الاستغناء عنها بالفعل» (Indispensable). اليوم يبدو الرئيس الأميركي في أزمة موازنة بين دعمه لبنيامين نتنياهو وحكومته، وثورة الشك وسط شباب «ماغا»، حول جدوى نصرة إسرائيل ظالمة غير مظلومة، ولهذا لم يكن هناك من مفر من اعترافه بأن هناك حالةً غير مقبولة من الجوع في غزة. ومن باب الحقائق القول إن نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس هو القوة الآيديولوجية الضاربة في هذه الإدارة، وهو في الوقت ذاته رجل مؤسسة «هيرتاغ» المفضل، وقد كان لافتاً للنظر في مناسبة أقيمت في ولاية أوهايو، الأسبوع قبل الماضي، ذهابه إلى مدى أبعد من تصريحات ترمب، إذ ناقش صوراً «مفجعة» لأطفال صغار يتضورون جوعاً بوضوح، وطالب إسرائيل بالسماح بدخول المزيد من المساعدات. ما الذي يجري داخل صفوف «ماغا»؟ أفضل من قدم جواباً مقبولاً، عالمُ السياسة والدبلوماسي الأميركي السابق مايكل مونتغمري، الذي عدَّ أن «أي شعب متحضر لا يرى في التجويع سلاحاً مشروعاً في الحرب». هل يمكن لـ«ماغا» أن تغير أميركا بالفعل وتعيدها للعظمة الحقيقية عبر دروب الإنسانية لا المعارك القتالية؟

العربية
منذ 5 ساعات
- العربية
واشنطن والناتو يطوران آلية جديدة لتسليح كييف.. مصادر مطلعة تكشف
ذكرت ثلاثة مصادر مطلعة أن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي يعملان على نهج جديد لتزويد أوكرانيا بالأسلحة باستخدام أموال من دول الحلف لدفع تكلفة شراء الأسلحة الأميركية أو نقلها. كما أوضحت المصادر أن دول حلف الناتو وأوكرانيا والولايات المتحدة تعمل على وضع آلية جديدة تركز على تزويد كييف بأسلحة أميركية مدرجة على قائمة متطلبات كييف ذات الأولوية، وفق رويترز. وستُعطي أوكرانيا الأولوية للأسلحة التي تحتاج إليها ضمن دفعات تبلغ قيمتها نحو 500 مليون دولار، على أن تتفاوض دول الحلف فيما بينها بتنسيق من الأمين العام مارك روته لتحديد من سيتبرع أو يموّل الأسلحة المدرجة على القائمة. "هذا هو خط البداية" من جهته قال مسؤول أوروبي، رفض الكشف عن هويته، إن دول الحلف تأمل عبر هذه الآلية في توفير أسلحة بقيمة 10 مليارات دولار ل أوكرانيا. كما أضاف المسؤول: "هذا هو خط البداية، وهو هدف طموح نعمل على تحقيقه. نحن على هذا المسار حالياً وندعم هذا الطموح. نحن بحاجة إلى هذا الحجم من الدعم". فيما لم يتضح الإطار الزمني الذي تطمح دول الحلف لتوفير الأسلحة خلاله. ترامب "محبط" يأتي هذا التعاون بشأن أوكرانيا في الوقت الذي عبر فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن إحباطه من هجمات موسكو المستمرة على جارتها. وفي البداية اتخذ ترامب نبرة أكثر تصالحية تجاه روسيا أثناء محاولته إنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من 3 سنوات في أوكرانيا، لكنه هدد بعد ذلك بالبدء في فرض رسوم جمركية واتخاذ تدابير أخرى إذا لم تحرز موسكو أي تقدم نحو إنهاء الصراع بحلول الثامن من أغسطس. يذكر أن الرئيس الأميركي كان أعلن الشهر الماضي أن الولايات المتحدة ستزود أوكرانيا بأسلحة سيدفع ثمنها الحلفاء الأوروبيون، لكنه لم يشر إلى طريقة لإتمام ذلك.