
أكادير… بوابة المواجهة الانتخابية بين 'المصباح' و'الحمامة'
agadir24 – أكادير24
سعيد الغماز-كاتب وباحث
بعد نجاح مؤتمره الوطني التاسع، يتجه حزب العدالة والتنمية نحو تعزيز ديناميته التنظيمية بعقد مؤتمراته الجهوية، في خطوة تهدف إلى تجديد نخبه وتعزيز حضوره السياسي والانتخابي. وكغيره من الأحزاب، يسعى الحزب إلى توظيف هذه اللقاءات لإعادة ترتيب صفوفه استعدادًا للاستحقاقات المقبلة.
لكن جهة سوس ماسة، بخلاف باقي الجهات، تكتسي رمزية خاصة في المشهد السياسي الوطني، ما يجعلها محط أنظار واهتمام القيادات الحزبية على أعلى مستوى. فقد دأبت الأحزاب الكبرى على تخصيص عناية استثنائية لهذه الجهة، ويتجلى ذلك في حضور الأمناء العامين والقيادات الوطنية لتأطير الأنشطة الجهوية. من ذلك، حضور نبيل بن عبد الله عن حزب التقدم والاشتراكية إلى تزنيت، ومحمد أوزين عن الحركة الشعبية إلى شتوكة، إضافة إلى قيادات بارزة من حزب الاستقلال. كما أن عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، قام بتأطير أنشطة حزبية بكل من أكادير وأولاد برحيل.
فما سر هذا التركيز اللافت على جهة سوس ماسة؟ ولماذا تتحول أكادير إلى ساحة اختبار حقيقية للثقل السياسي للأحزاب الكبرى؟
الجواب يرتبط بشكل مباشر برئيس الحكومة الحالي، عزيز أخنوش، الذي يرأس في الآن ذاته المجلس الجماعي لمدينة أكادير. فالجهة برمتها تُعتبر المعقل التقليدي لحزب التجمع الوطني للأحرار، وهي إحدى أبرز قلاعه الانتخابية. من هذا المنطلق، فإن أي تراجع انتخابي لأخنوش في سوس، وبالأخص في أكادير، سيُعد بمثابة ضربة موجعة لمكانته الحزبية، بل وقد يُنذر بنهاية مساره السياسي على رأس 'الحمامة'.
مدينة أكادير، وفق هذا المعطى، ومع اقتراب استحقاقات 2026، تتحول إلى ما يُشبه 'دائرة الموت' على المستوى الوطني، كما يصطلح عليه انتخابيًا، وهو ما يفسر الاستنفار الذي تشهده الساحة السياسية محليًا ووطنيا.
في هذا السياق، تبدو المعركة بين حزبي العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار أشبه بصراع استراتيجي تتداخل فيه حسابات التنمية المحلية بالرّهانات الانتخابية الكبرى. فالمشاريع الملكية التي تشهدها المدينة – والتي غيرت وجه أكادير بشكل جذري – ستكون في قلب هذه المواجهة.
ومع غياب إنجازات بارزة تُحسب للمجلس الجماعي الحالي بقيادة أخنوش، يُرجح أن يلجأ حزب 'الحمامة' إلى الاستثمار الخطابي في هذه المشاريع الملكية، ومحاولة نسبها إلى أداء المجلس الحالي. وقد بدأت بالفعل بعض التسجيلات الترويجية تُحاول ربط هذه المشاريع باسم عزيز أخنوش، في مسعى لتسويق صورة مجلسه على أنه رائد في التنمية.
غير أن هذا المسعى سيصطدم بحقائق ميدانية وواقعية، إذ يدرك سكان أكادير جيدًا أن المجلس الجماعي السابق، بقيادة حزب العدالة والتنمية، هو من أشرف على إعداد برنامج التهيئة الحضرية (2020-2024)، بل وكان رئيسه هو من وقّع البرنامج أمام جلالة الملك. ما يمنح 'البيجيدي' ورقة قوية للدفاع عن دوره في التنمية الحضرية للمدينة، وتفنيد مزاعم خصمه السياسي.
وبينما قد يُراهن حزب الأحرار على المشاريع الملكية، لتعويض ضعف منجزاته كحزب يسير المجلس الجماعي للمدينة، سيُركز العدالة والتنمية على مساءلة المجلس الحالي عن فشله في بعض الأوراش الحيوية، مثل إعادة تأهيل مستشفى الحسن الثاني، وتسريع وتيرة افتتاح المستشفى الجامعي، ومعالجة مشاكل الأزبال، والكلاب الضالة، وظاهرة أطفال الشوارع، وغيرها من المعضلات التي استفحلت في عهد مجلس أخنوش.
المعركة السياسية المرتقبة بين 'المصباح' و'الحمامة' في جهة سوس ماسة لن تكون مجرد منافسة انتخابية عادية، بل ستكون اختبارا حقيقيا لمدى قدرة كل حزب على إقناع المواطنين بخطابه، ومصداقية مرجعيته، ومدى ارتباطه الفعلي بقضايا الناس.
وإذا نجح حزب العدالة والتنمية في فرض سرديته، وتأكيد أحقيته في نسب المشاريع الملكية إلى دوره السابق، فإن حزب التجمع الوطني للأحرار، وبزعامة أخنوش، سيكون في مأزق سياسي صعب.
أكادير إذن، ليست فقط حاضرة اقتصادية وثقافية تتربع وسط المملكة الشريفة، بل أصبحت بوابة سياسية استراتيجية تُبنى عليها حسابات وطنية كبرى لمعظم الأحزاب. ويبدو أن من ينتصر فيها، قد يفرض نفسه في باقي الجهات، ويؤثر بشكل مباشر على التوازنات الانتخابية في الانتخابات العامة المقبلة.
فهل يمكن اعتبار أكادير الطريق الذي يمر منه الفوز باستحقاقات 2026؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


حزب الأصالة والمعاصرة
منذ 2 ساعات
- حزب الأصالة والمعاصرة
المجلس الجماعي لتارودانت يصادق بالإجماع على مشاريع تنموية خلال دورته الاستثنائية لشهر يونيو 2025
انعقدت، يوم الجمعة 20 يونيو 2025 أشغال الدورة الاستثنائية للمجلس الجماعي لتارودانت في جلستها الفريدة، ترأسها محمد أمهرسي النائب الأول لرئيس المجلس، بحضور باشا المدينة، والمدير الإقليمي لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، إلى جانب أعضاء المجلس، وأطر وموظفي الجماعة. وتميزت أشغال الدورة بالمصادقة بالإجماع على مجموعة من الاتفاقيات والمشاريع الهادفة إلى تعزيز البنية التحتية وتحسين جودة الخدمات بمدينة تارودانت، أهمها: – المصادقة على الملحق التعديلي لاتفاقية استكمال القاعة المغطاة. – المصادقة على اتفاقية شراكة لبناء وتجهيز المستشفى الإقليمي الجديد. – اعتماد اتفاقية لإسناد الإشراف المنتدب لشركة العمران سوس ماسة لتهيئة الساحات العمومية والمساحات الخضراء. – المصادقة على تجهيز الفضاءات الرياضية وأماكن اللعب بالشراكة مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. – المصادقة على دفتر التحملات الخاص بتفويت عقارات من الملك الخاص للجماعة، واقتناء عقارات من أملاك الدولة ومن الخواص لفك العزلة عن السوق النموذجي بحي سيدي بلقاس. – تسوية الوضعية العقارية للموقع المقام عليه مقر الخيرية الإسلامية، من خلال معاوضة عقارية مع شركة STELLA MARIS. – المصادقة على تأجيل النقطة المتعلقة بكناش التحملات الخاص بعربات 'كوتشي' والعربات الكهربائية. – المصادقة على اتفاقيتي شراكة وتعاون مع كل من التعاون الوطني وجمعية نساء سوس، والعصبة المغربية لحماية الطفولة. – المصادقة على تحديد ثمن تفويت عقار لفائدة مجموعة الجماعات 'وادي سوس' لتدبير النقل العمومي، وكناش التحملات المرتبط به. – المصادقة على مشروع التحويلات في الميزانية. وقد عبر المتدخلون خلال أشغال الدورة عن أهمية المشاريع المصادق عليها، باعتبارها رافعة تنموية محلية، ووسيلة لتحسين جاذبية المدينة وتعزيز البنية الخدمية لفائدة الساكنة. إبراهيم الصبار


أكادير 24
منذ 4 ساعات
- أكادير 24
سجن قائد سابق سنة نافذة بتهم التزوير وشبهة تورطه بالمخدرات
agadir24 – أكادير24 في حكم قضائي هام، قضت غرفة الجنايات الابتدائية المختصة في جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بفاس، يوم الثلاثاء 17 يونيو الجاري، بسجن رجل سلطة برتبة قائد، كان قد عمل سابقاً في منطقة بني شيكر بإقليم الناظور، لمدة سنة حبساً نافذاً. جاء هذا الحكم على خلفية متابعة القائد في ملف ثقيل يتضمن تهماً جنائية بنزع وثائق من سجل رسمي والتزوير في شواهد إدارية. كما اشتبه في تورطه بالمشاركة في شبكة للاتجار بالمخدرات، مما زاد من خطورة الاتهامات الموجهة إليه. تفجرت القضية بعد تحقيقات دقيقة أشرف عليها قاضي التحقيق بالغرفة الأولى بمحكمة فاس، حيث تم اكتشاف وثائق إدارية مزورة، مما أثار الشكوك حول تورط القائد في تسهيلات غير قانونية. استمعت المحكمة لعدد من الشهادات التي دعمت ملف الاتهام، وكان من بينها شهادة رئيس جماعة بني شيكر، اجنين شعيب، التي قدمت معطيات مهمة حول ظروف إصدار الوثائق الإدارية المثيرة للجدل. أثارت هذه القضية ردود فعل واسعة في إقليم الناظور، خاصة وأن المعني بالأمر كان يُعد من أبرز رجال السلطة هناك، مما صدم الرأي العام المحلي الذي كان يضع ثقته فيه. تعكس هذه الإدانة التوجه المتزايد للدولة نحو مكافحة الفساد ومحاربة الممارسات غير القانونية داخل المؤسسات الإدارية. يؤكد هذا الحكم التزام السلطات القضائية بسياسة ربط المسؤولية بالمحاسبة، وهي سياسة تهدف إلى ضمان العدالة ومنع أي تلاعب من قبل المسؤولين. لطالما طالب المواطنون بمواجهة الفساد داخل الإدارات الحكومية، ويأتي هذا الحكم بمثابة رسالة قوية تؤكد أن الدولة لن تتسامح مع أي تصرفات غير قانونية، بغض النظر عن الموقع الذي يشغله المتورطون.


أكادير 24
منذ 4 ساعات
- أكادير 24
نتائج الحركة الانتقالية الوطنية والجهوية 2024/2025: ترقب وحلول جديدة لأساتذة المغرب
agadir24 – أكادير24 تشهد الساحة التعليمية في المغرب ترقبًا واسعًا بين نساء ورجال التعليم مع اقتراب الإعلان عن نتائج الحركة الانتقالية الوطنية للعام الدراسي الحالي. تشير المؤشرات الرسمية إلى قرب الإفراج عن قوائم المنتقلين، خاصة بعد إضافة خانة خاصة بـالحركة الجهوية لأطر التدريس في بوابة الحركة الانتقالية. هذا التحديث يؤكد بوضوح اقتراب الانتهاء من المرحلة الوطنية، ويفتح الباب أمام المرحلة الجهوية التي غابت لسنوات. تسريع معالجة الملفات: استقرار مهني وأسري قبل الموسم الدراسي يُفهم من هذا التطور الإداري أن وزارة التربية الوطنية عازمة على تسريع وتيرة معالجة ملفات الانتقال بشكل متكامل. يهدف هذا الإجراء إلى تحقيق الاستقرار المهني والأسري للأساتذة قبل انطلاق الموسم الدراسي المقبل. من المتوقع أن تُعلن نتائج الحركة الجهوية مطلع سبتمبر القادم، وذلك قبل بداية الموسم الدراسي 2025/2026. الحركة الوطنية والتفاوض النقابي: توازن بين الاستحقاق والبعد الاجتماعي ارتبط تأخر الإعلان عن نتائج الحركة الوطنية هذا العام بشكل مباشر بمسار التفاوض الجاري بين وزارة التربية الوطنية والنقابات التعليمية الأكثر تمثيلية. شكّلت هذه الحركة إحدى النقاط المحورية في جولات الحوار القطاعي، بهدف تحقيق توازن بين مبدأ الاستحقاق والبعد الاجتماعي. امتيازات جديدة: حلول جزئية لإشكاليات الاستقرار الوظيفي يجمع المهتمون بالشأن التربوي على أن هذه الدينامية الجديدة قد تقدم حلًا جزئيًا لبعض إشكاليات الاستقرار الوظيفي التي طالما أرّقت فئات واسعة من المدرسين، لا سيما المتزوجين من ربات بيوت. منحت الصيغة الجديدة للحركة امتيازًا خاصًا لهذه الفئة، يتمثل في تخصيص 15 نقطة إضافية قد تمكنهم من الاقتراب من مقار سكن أسرهم، مما يعزز الاستقرار الأسري للأساتذة. آمال وتحديات: استجابة لانتظارات المعنيين وخصاص الأطر تتجه الأنظار حاليًا نحو مدى فاعلية هذه التعديلات على أرض الواقع، وسط آمال معلقة على أن تسفر عن نتائج منصفة تعكس انتظارات المعنيين. ومع ذلك، هناك تحديات قائمة، حيث تعاني بعض الجهات من خصاص كبير في أطر التدريس، مما قد يزيد من صعوبة الاستجابة الشاملة لجميع الطلبات. توجه نحو المعالجة التدريجية: استجابة لمطالب سنوات يعكس الإعلان المرتقب عن النتائج، وما يصاحبه من إطلاق جديد للحركة الجهوية بصيغة إلكترونية، توجهًا نحو المعالجة التدريجية للاختلالات السابقة. كما يمثل هذا التوجه استجابة لمطالب ظلت مطروحة لسنوات داخل المنظومة التربوية.