
وقف إطلاق النار يدخل حيز التنفيذ في السويداء، والمبعوث الأمريكي يحمّل الحكومة السورية مسؤولية "دمج الأقليات"
قال المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توم براك، إن بلاده تتابع التطورات في محافظة السويداء "بقدر من القلق والألم والرغبة في المساعدة"، واصفاً ما جرى في سوريا مؤخراً بأنه "أمر مروع".
وفي تصريحات له، شدد براك على ضرورة "تحمّل الحكومة السورية لمسؤوليتها، ومحاسبة من تسببوا في الانتهاكات"، معتبراً أن "دمج الأقليات في بنية السلطة هو أمر بالغ الأهمية من أجل مستقبل سوريا".
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن اتفاق وقف إطلاق النار في محافظة السويداء دخل حيز التنفيذ الكامل اليوم الاثنين، وذلك بعد ثمانية أيام من الاشتباكات العنيفة التي اندلعت في المحافظة منذ 13 يوليو/تموز الجاري.
وأوضح المرصد أن المواجهات أسفرت عن سقوط عدد كبير من الضحايا في صفوف المدنيين والمسلحين، حيث قُتل نحو 1120 شخصاً، من بينهم 194 حالة إعدام وتصفية ميدانية.
ووفق المرصد، فقد بدأ تنفيذ الاتفاق بمغادرة عائلات البدو "الراغبة" أراضي محافظة السويداء، في وقت يشهد فيه ريف المحافظة هدوءاً حذراً وسط ترقب لمدى التزام الأطراف ببنود الاتفاق.
ووصف المرصد اتفاق وقف إطلاق النار في السويداء بأنه "أوّل عملية تهجير تجري برعاية الحكومة السورية بحق أبناء عشائر البدو".
ويتضمن الاتفاق خروج كامل المسلحين من أبناء العشائر الذين قدموا من عدة محافظات سورية، إلى جانب انسحاب جميع العناصر العسكرية الحكومية من كامل الحدود الإدارية للسويداء، مع منع دخول أي أرتال عسكرية إلى المحافظة مستقبلاً.
Getty Images
كما ينص الاتفاق على السماح بإدخال المساعدات الطبية والغذائية والصحية إلى داخل السويداء، وتشكيل لجنة دولية لتقصي الحقائق حول ما جرى خلال فترة التصعيد، إضافة إلى التفاهم على فتح معابر دولية للسويداء ومنع دخول أي قوى أمنية أو عسكرية مجدداً تحت أي ذريعة.
ومن المقرر أن تُعرض تفاصيل إضافية لاحقاً ضمن ملحق للاتفاق، تشمل ملفات حساسة، أبرزها ترتيبات تبادل الأسرى الذين جرى احتجازهم خلال أيام الاقتتال.
من جهته قال قائد الأمن الداخلي في السويداء، العميد أحمد الدالاتي، في تصريح لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) إن "قواته ملتزمة بتأمين خروج من يرغب من المدنيين، مع توفير إمكانية العودة لاحقاً"، مشدداً على "مواصلة الجهود لترسيخ الاستقرار داخل المحافظة".
وأشار الدالاتي إلى فرض طوق أمني حول المدينة في محاولة لوقف الاقتتال، تمهيداً لمسار المصالحة.
وتأتي هذه التطورات في ظل أوضاع إنسانية متدهورة في السويداء، حيث تعاني المدينة من نقص حاد في المواد الإغاثية والخدمات الأساسية نتيجة الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية.
وأعلنت وزارة الخارجية السورية استمرار تنسيقها مع الشركاء المحليين والدوليين، لتأمين المساعدات الإنسانية، وضمان عودة النازحين إلى منازلهم.
وقالت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل هند قبوات إن "جزءاً من المساعدات دخل المحافظة بالتنسيق مع منظمات إنسانية، على أمل أن تستقر الأوضاع الأمنية، بما يسمح بدخول الوفد الحكومي وبقية المساعدات لاحقاً".
وأكد محافظ السويداء مصطفى البكور أن الأولوية حالياً هي الاستجابة للاحتياجات الإنسانية، مشيراً إلى استمرار التنسيق مع الجهات المعنية لإيصال المساعدات للمناطق المتضررة.
من جانبها، نددت وزارة الخارجية السورية بمنع دخول القوافل الإغاثية إلى السويداء، محذرة من تداعيات أمنية قد تعرقل استمرار العمل الإنساني.
وقال مسلحون من عشائر البدو لبي بي سي إنهم ملتزمون باتفاق وقف إطلاق النار، لكنهم لم يستبعدوا تجدد الاشتباكات.
وأفادت تقارير بأن مقاتلي العشائر انسحبوا من المدينة باتجاه القرى المحيطة، بينما تحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن "هدوء حذر" في بعض المناطق.
ووثّق المرصد، ومقره المملكة المتحدة، وقوع هجمات جديدة على قرى، مشيراً إلى استمرار التوتر.
وتفيد شهادات من الميدان بأن عشرات من عناصر الأمن الحكومي انتشروا قرب بلدة المزرعة، لمنع دخول مقاتلين بدو إلى المدينة، بينما تجمّع عدد من المسلحين على الطريق المؤدي إلى السويداء، مطالبين بالإفراج عن جرحى من أبناء العشائر، قالوا إنهم ما زالوا داخل المدينة، واصفين إياهم بالرهائن.
وقال أحد شيوخ العشائر لبي بي سي: "نحن ملتزمون بالاتفاق... لكن إن لم يتم الإفراج عن جرحانا، سنعود حتى لو كانت السويداء مقبرتنا".
وأعلنت وزارة الداخلية السورية لاحقاً عبر منصة إكس أن الإفراج عن العائلات المحتجزة سيتم خلال ساعات، بعد جهود الوساطة الحكومية.
وتعود جذور التصعيد الأخير إلى حادثة اختطاف تاجر درزي على طريق دمشق، ما فجّر الاشتباكات بين مجموعات مسلحة من الدروز ومسلحين من البدو والقوات الحكومية.
وفي ظل هذه الأحداث، أعلنت الحكومة الانتقالية في سوريا برئاسة أحمد الشرع وقفاً لإطلاق النار وأرسلت قوات أمنية إلى المنطقة.
Getty Images
وقال المرصد السوري إن نحو 1,120 شخصاً قُتلوا خلال أسبوع من الاشتباكات، بينهم 427 مقاتلاً درزياً و298 مدنياً درزياً، أُعدم 194 منهم ميدانياً، حسب ما ورد في تقرير المرصد.
كذلك أشار المرصد إلى مقتل 354 عنصراً من القوات الحكومية، و21 من أبناء العشائر، بينهم ثلاثة مدنيين أُعدموا ميدانياً على يد مقاتلين دروز، وفقاً للتقرير. كما قُتل 15 عنصراً من القوات الحكومية في غارات إسرائيلية، قالت إسرائيل إنها نُفّذت لحماية أبناء الطائفة الدرزية.
وأعلنت منظمة الهجرة الدولية أن أكثر من 128 ألف شخص نزحوا نتيجة الاشتباكات، وسط نقص حاد في الإمدادات الطبية داخل السويداء.
وفيما وصلت أول قافلة مساعدات تابعة للهلال الأحمر العربي السوري إلى المدينة، أفادت تقارير إسرائيلية بإرسال مساعدات طبية إلى السكان الدروز.
دولياً، دعا وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إلى محاسبة جميع من ارتكبوا انتهاكات، بما في ذلك من ينتمون إلى أطراف رسمية، للحفاظ على إمكانية تحقيق سلام دائم في سوريا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوسط
منذ 7 ساعات
- الوسط
ما خيارات الفلسطينيين بعد دعوة الكنيست إلى ضم الضفة الغربية؟
Getty Images دعا الكنيست الإسرائيلي الحكومة الإسرائيلية إلى فرض سيادتها على الضفة الغربية وغور الأردن. صدّق الكنيست الإسرائيلي مساء الاربعاء 23 يوليو/تموز على مقترح يدعو الحكومة الإسرائيلية إلى فرض سيادتها على الضفة الغربية وغور الأردن. غير أن المقترح الذي تقدم به أعضاء في الائتلاف اليميني الحاكم، لا يلزم الحكومة الإسرائيلية بتنفيذ القرار، غير أنه يعكس توجها سياسيا لترسيخ مشروع الضم . وحاز المقترح على موافقة 71 من أعضاء الكنيست مقابل معارضة 13 عضوا فقط. وأيد المقترح نواب جميع أحزاب الائتلاف الحاكم، بما في ذلك حزب "شاس" الذي انسحب مؤخرا من الحكومة. ويستند القرار إلى ما وصفه بـ " الحق الطبيعي والتاريخي والقانوني للشعب اليهودي على أرض إسرائيل"، معتبرا الضفة الغربية وغور الأردن جزءا لا يتجزأ من الدولة الإسرائيلية. ودعا الكنيست الحكومة الإسرائيلية إلى العمل على بسط السيادة القانونية والقضائية والإدارية على كافة مناطق الاستيطان، مشددا على أن ذلك يعزز "أمن إسرائيل وحقها في السلام". كما حث "أصدقاء إسرائيل حول العالم" على دعم فرض سيادة إسرائيل على الضفة الغربية. وأثارت خطوة الكنيست ردود فعل غاضبة من السلطة والفصائل الفلسطينية. فقد وصفت حركة حماس تصويت الكنيست على فرض السيادة على الضفة الغربية بأنه إجراء باطل يفتقد إلى الشرعية ويتحدى القوانين والقرارات الدولية. ودعت الحركة الفلسطينيين إلى "وحدة الصف وتصعيد المقاومة" وناشدت المجتمع الدولي والأمم المتحدة إدانة الخطوة الإسرائيلية. واعتبرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين قرار الكنيست "خطوة تمهيدية نحو التهجير القسري". وفي رام الله ناشد حسين الشيخ، نائب الرئيس الفلسطيني وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، المجتمع الدولي التحرك للحيلولة دون تنفيذ إسرائيل لخطوتها باعتبارها "تصعيدا واعتداء على حقوق الشعب الفلسطيني، وتقوض فرص السلام وحل الدولتين". وفي عمان أصدرت الخارجية الأردنية بيانا عبرت فيه عن رفضها المطلق لبسط السيادة الإسرائيلية على الضفة، كونها انتهاكا للقانون الدولي وتقويضا لحل الدولتين. ودعا البيان المجتمع الدولي إلى "إلزام إسرائيل بوقف العدوان على غزة والتصعيد الخطير في الضفة الغربية المحتلة، وتوفير الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني". وفي أنقرة وصف بيان للخارجية التركية محاولة إسرائيل ضم الضفة الغربية بأنها "محاولة غير شرعية واستفزازية، تهدف إلى تقويض جهود السلام". واعتبرت قرار الكنيسيت "باطلا بموجب القانون الدولي، ولا قيمة له". ويرى العديد من المحللين السياسيين أن مشروع القانون الإسرائيلي، رغم كونه رمزيا وغير ملزم قانونيا، تمهيد للضم التدريجي للضفة الغربية، وتكريس لواقع يقضي على كل إمكانيات إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ويقوض السلطة الفلسطينية ويفككها تدريجيا ويستبدلها بهياكل مدنية محلية خاضعة للسيطرة الإسرائيلية، وإخضاع الضفة لحكم ذاتي محدود تحت سيطرة إسرائيلية مطلقة. وعلقت العديد من وسائل الإعلام الدولية، بما فيها الإسرائيلية، أن مشروع القانون الإسرائيلي الذي نال أغلبية في الكنيسيت يعكس وجود إجماع متنام لدى المنظومة السياسية في إسرائيل على رفض فكرة السيادة الفلسطينية، وإحباطا لكل المساعي الرامية إلى تسوية سياسية، وطيا لصفحة عملية السلام وتحويل الصراع إلى واقع مفروض بالقوة. برأيكم، ما دلالات إقرار الكنيست لقانون يدعو الحكومة الإسرائيلية إلى فرض السيادة الكاملة على الضفة الغربية؟ ما أثر قرار الكنيست على أوضاع الفلسطينيين داخل الضفة الغربية؟ وما الأبعاد القانونية والسياسية لهذا القرار؟ ما خيارات الفلسطينيين بعد دعوة الكنيست لضم الضفة الغربية إلى السيادة الإسرائيلية؟ وهل ستنجح إسرائيل في حشد دعم لهذا القرار ممن تصفهم بأصدقاء إسرائيل؟ أم سيكون هناك تحرك دولي للحيلولة دون تفعيل القرار الإسرائيلي؟


الوسط
منذ 7 ساعات
- الوسط
اشتباكات حدودية بين تايلاند وكمبوديا، وروايات متباينة لما حدث
AFP أفادت السلطات التايلاندية بمقتل 12 شخصاً على الأقل، في اشتباكات بين القوات التايلاندية والكمبودية على الحدود المتنازع عليها بين البلدين. يُمثل هذا القتال تصعيداً لنزاع بين الجارتين الواقعتين في جنوب شرق آسيا، والذي يعود تاريخه إلى أكثر من قرن. وقال الجيش التايلاندي إن معظم الضحايا مدنيون من ثلاث مقاطعات تايلاندية، مشيرا إلى أن هناك أيضاً عدداً من الإصابات. ولم تؤكد كمبوديا بعد ما إذا كانت قد تكبدت أي خسائر بشرية. وتبادل الجانبان إطلاق النار في وقت مبكر من صباح الخميس، حيث زعم كل منهما أن الآخر هو من أشعل فتيل الصراع. وتصاعدت الأمور بسرعة، حيث اتهمت تايلاند كمبوديا بإطلاق الصواريخ، بينما نفذت بانكوك غارات جوية على أهداف عسكرية كمبودية. وأغلقت تايلاند حدودها مع كمبوديا، بينما خفضت كمبوديا علاقاتها مع تايلاند، متهمة جيشها باستخدام "القوة المفرطة". وطلبت الدولتان من مواطنيهما الموجودين قرب الحدود مغادرة تلك المناطق، حيث أجلت تايلاند 40 ألف مدني إلى أماكن أكثر أماناً. وقال سوتيان فيوتشان، أحد سكان منطقة "بان دان" في مقاطعة بوريرام التايلاندية القريبة من الحدود الكمبودية، لبي بي سي: "القتال خطير للغاية. نحن بصدد الإجلاء". وأعلنت السلطات التايلاندية مقتل 11 مدنياً - بينهم طفلان في الثامنة من العمر وآخر في الخامسة عشرة من العمر - بالإضافة إلى عسكري واحد في مقاطعات سورين، أوبون، راتشاثاني، وسريساكيت. وقدّمت تايلاند وكمبوديا روايات متباينة لما حدث. وتزعم تايلاند أن الصراع بدأ بنشر الجيش الكمبودي طائرات بدون طيار، لمراقبة القوات التايلاندية قرب الحدود. وتقول كمبوديا إن الجنود التايلانديين هم من بدأوا الصراع، عندما انتهكوا اتفاقاً سابقاً بالتقدم نحو معبد للخمير والهندوس قرب الحدود. ويعود تاريخ النزاع إلى أكثر من مئة عام، عندما رُسمت حدود البلدين بعد الاحتلال الفرنسي لكمبوديا. وتحولت الأمور رسمياً إلى عداء في عام 2008، عندما حاولت كمبوديا تسجيل معبد يعود للقرن الحادي عشر، يقع في المنطقة المتنازع عليها، كموقع للتراث العالمي لليونسكو، وهي الخطوة التي قوبلت باحتجاج شديد من تايلاند. وشهدت المنطقة اشتباكات متقطعة على مر السنين، أسفرت عن مقتل جنود ومدنيين من الجانبين. وتصاعدت التوترات الأخيرة في مايو/أيار الماضي بعد مقتل جندي كمبودي في اشتباك، مما أدى إلى تدهور العلاقات الثنائية إلى أدنى مستوياتها منذ أكثر من عقد من الزمان. وخلال الشهرين الماضيين، فرضت الدولتان قيوداً حدودية على بعضهما البعض. وحظرت كمبوديا الواردات من تايلاند، مثل الفواكه والخضراوات، وأوقفت استيراد خدمات الكهرباء والإنترنت. كما عززت الدولتان وجود قواتهما على طول الحدود في الأسابيع الأخيرة. وصرح القائم بأعمال رئيس وزراء تايلاند، فومتام ويشاياتشاي، بأن نزاع تايلاند مع كمبوديا لا يزال "حساساً"، ويجب معالجته بعناية وبما يتماشى مع القانون الدولي. وقال رئيس الوزراء الكمبودي، هون مانيت، إن بلاده ترغب في حل النزاع سلمياً، ومع ذلك فإنه "لا خيار" أمامها سوى "الرد بالقوة المسلحة على أي عدوان مسلح". انحسر تبادل إطلاق النار الخطير بين البلدين بسرعة نسبية. لكن بينما يبدو أن القتال الدائر حالياً لن يتحول إلى حرب شاملة، فإن كلا البلدين يفتقران حالياً إلى قيادة تتمتع بالقوة والثقة الكافيتين للتراجع عن هذه المواجهة. لا يزال هون مانيت، ابن زعيم سابق، يفتقر إلى سلطته الخاصة، ويبدو أن والده، هون سين، مستعد لدفع هذا الصراع إلى أبعد من ذلك لتعزيز مكانته القومية. وفي تايلاند، توجد حكومة ائتلافية هشة يدعمها زعيم سابق آخر، هو تاكسين شيناواترا. كان تاكسين يعتقد أنه يتمتع بعلاقة شخصية وثيقة مع هون سين وعائلته، ويشعر بالخيانة بسبب قرار الأخير تسريب محادثة خاصة أدت إلى تعليق عمل ابنته، بايتونغتارن شيناواترا، كرئيسة لوزراء تايلاند.


الوسط
منذ 11 ساعات
- الوسط
هل تتخلى الصين عن روسيا بضغط من الاتحاد الأوروبي؟
Getty Images يصر الاتحاد الأوروبي على الضغط على الصين للتخلي عن روسيا دون مراعاة مخاوف بكين من هزيمة روسيا في أوكرانيا نبدأ جولتنا في الصحف من فايننشال تايمز البريطانية، إذ ذكرت أن زعماء الاتحاد الأوروبي يسعون من خلال لقائهم المرتقب بالرئيس الصيني شي جين بينغ إلى مناقشة دعم الصين لروسيا كأحد القضايا المحورية، وهو الدعم الذي وصفته أورسولا فون دير لاين بأنه "تمكين لاقتصاد الحرب الروسي". وأكدت فون دير لاين على أنها تستهدف الضغط على بكين من أجل أن تنأى بنفسها عن دعم روسيا، ما يدفع موسكو إلى التفاوض مع كييف بنوايا حسنة، وهو نهج لم يُجدِ نفعاً حتى الآن. وأشار المقال إلى أن وزير خارجية الصين أكد أن بلاده لا تريد أن ترى هزيمة روسيا في أوكرانيا، وهو بالتأكيد ما لا يُعد مفاجأة، فالصين لا تريد أي اضطرابات تؤرق جارتها وذراعها النووي. كما أن آخر ما تريد بكين هو أن "ترى روسيا الليبرالية التي من المرجح ألا تهتم بوجود شراكة مع الصين"، وهي المخاوف التي تنتاب الصين في هذا الشأن. ورأى الكاتب أن "الاتحاد الأوروبي بدلاً من أن يتفهم مخاوف الصين، يتخذ موقفاً متطرفاً يتضمن ضرورة العودة بأوكرانيا إلى حدود 1991 ومحاكمة مجرمي الحرب الروسيين – أغلبهم من كبار القادة – وهو ما يبعث بإشارة إلى الصين تؤكد أن الاتحاد الأوروبي جادٌ في التوصل إلى حل عن طريق التفاوض بعيداً عن مصلحة الكرملين". كما ترى الصين أنها قد لا تحصل على الكثير من الجانب الأوروبي مقابل ممارسة الضغط على الكرملين فيما يتعلق باتفاق سلام في أوكرانيا. ويعتقد الكاتب أن تحركات الجانب الأوروبي على صعيد العلاقات مع الصين تتضمن مخاوف أبعد من مجرد دعم روسيا في أوكرانيا مثل تقدم بكين في قطاعات مثل الذكاء الاصطناعي، إذ لدينا على سبيل المثال عدم اكتراث أوروبا لما تقوم به الهند من شراء مكثف للنفط الروسي، مما يُعد من أقوى عوامل الدعم لموسكو أثناء الحرب. وعلى أية حال، لا يبدو أن الصين مستعدة للتخلي عن روسيا في وقتٍ قريبٍ، وأنها لا تكترث لما تهدد به أوروبا من عقوبات وغيرها من الممارسات، بحسب الكاتب. فالصين لديها الكثير من أوراق الضغط التي تسمح لها بالتمسك بشراكتها مع موسكو في الفترة المقبلة، حتى أنها تُعِد من الآن لروسيا ما بعد بوتين. ومن أهم أوراق الضغط تلك، أن الغرب يحتاج إلى الكثير مما تمتلكه الصين من معادن نادرة. كما يمكن أن تُحدث الصين اضطرابات في سلاسل التوريد للطائرات المسيرة التي تستخدمها أوكرانيا في حربها ضد روسيا. "تجاوز الخطوط الحمراء" Getty Images لم تكن هناك ضغوط شعبية على الحكومة في أوكرانيا لإجراء انتخابات وقت الحرب ننتقل إلى صحيفة الغارديان البريطانية التي تساءلت على لسان الكاتبة ناتاليا جومينيوك عن الديمقراطية في أوكرانيا، وهل يعني وقت الحرب أن تُقوض الممارسات الديمقراطية في البلاد. وتناولت الكاتبة المظاهرات الأولى ضد الحكومة الأوكرانية منذ الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022، والتي خرج في إطارها الآلاف اعتراضاً على أحد القوانين، إذ رأوا أنه يقلص من دور واستقلالية هيئات مكافحة الفساد. وأشارت الكاتبة إلى أن الأوكرانيين بخروجهم في مظاهرة وقت الحرب والأحكام العرفية قد تجاوزا "الخطوط الحمراء" للمرة الأولى منذ الغزو الروسي. وأكد المقال أن الأوكرانيين أظهروا الكثير من الثقة في مؤسسات الدولة منذ الغزو الروسي – "حتى تلك التي كانوا ينظرون إليها بعين الريبة" – وهو ما رأت أنه كان وراء غياب الضغط الشعبي في اتجاه إجراء انتخابات في وقت الحرب. لكنها رجّحت أن القانون الذي مُرر بالفعل وصدّق عليه الرئيس الأوكراني فولودومير زيلينسكي – رغم الاعتراض عليه في شكل احتجاجات شعبية – لم يكن هو فقط السر وراء خروج هذه المظاهرات، بل كانت طريقة تمريره أيضاً، إذ تمت هذه العملية التشريعية بالكامل في يوم واحد. وأشارت الكاتبة إلى أن القانون الجديد المعروف باسم "مشروع القانون 12414" وضع صلاحيات أكبر في يد النائب العام في أوكرانيا. وأضافت أنه "جعل صلاحيات النائب العام تتجاوز إلى حدٍ كبيرٍ صلاحيات المكتب الوطني لمكافحة الفساد ومكتب المدعي العام المتخصص لمكافحة الفساد". وأعرب المكتب الوطني لمكافحة الفساد في أوكرانيا عن قلقه إزاء القانون الجديد، قائلاً إن هذا القانون "يدمر بالفعل استقلالية مكتب المدعي العام المتخصص لمكافحة الفساد، ويضع المكتب الوطني لمكافحة الفساد ومكتب المدعي العام المتخصص لمكافحة الفساد تحت سيطرة النائب العام". وذكّر الجهاز المشرّعين الأوكرانيين بأن أجهزة مكافحة الفساد هذه أُسست بالشراكة مع الحلفاء الدوليين، وأن وجودها جاء كشرط مسبق لحصول كييف على الدعم المالي والسياسي. وتواجه أوكرانيا معضلة أثناء إقدامها على تحجيم صلاحيات أجهزة مكافحة الفساد، إذ إن صلاحيات هذه الأجهزة مرتبطة بقوة بالتزامات أوكرانيا على صعيد الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وهو ما قد يجعل تقويض صلاحياتها لصالح الأجهزة الأمنية من العوامل التي تضفي قدراً من التعقيد على العلاقات مع دول أوروبا. أما التحدي الثاني فيما يتعلق بالتعديلات الجديدة على القوانين الأوكرانية، فهو أن زيادة سلطات وصلاحيات الأجهزة الأمنية مقابل جهات مكافحة الفساد يُعد أمراً محفوفاً بالمخاطر، إذ إن الأجهزة الأمنية في أوكرانيا ليست "مثالية" في وقت لم تكن كذلك قبلها. هل كان ترامب "على حق" عندما انسحب من اليونسكو؟ AFP أشارت اليونسكو في أحد بياناتها إلى إسرائيل باعتبارها "قوة احتلال" في المدينة القديمة بالقدس، والتي تحتوي على مواقع مقدسة لدى اليهود، والمسيحيين، والمسلمين. ومن صحيفة التلغراف، أكدت الكاتبة زوي ستريمبل أنها لم تندهش من قرار انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو)، مؤكدةً أنها رأت أن الأسباب والمبررات التي أعلنتها الإدارة الأمريكية للقرار كانت مقنعة. واستشهدت بتصريحات نائبة المتحدثة باسم البيت الأبيض آنا كيلي التي قالت: "اليونسكو تدعم قضايا ثقافية واجتماعية متطرفة ومثيرة للانقسام، لا تتماشى إطلاقاً مع السياسات المنطقية التي اختارها الأمريكيون في انتخابات نوفمبر". وقالت الكاتبة: "وجدت نفسي أتفق تماماً مع المبررات المقدّمة"، مؤكدةً أن الأمر لم يكن مفاجأة في ضوء إجراءات اتخذها ترامب من قبل، مثل منع مِنَح عن جامعة هارفارد – "وغيرها من الجامعات المجنونة بغزة" – بدعوى تبنيها منهجية معاداة السامية. وأصدر البيت الأبيض قراراً بمراجعة عضوية الولايات المتحدة في اليونسكو في فبراير/شباط الماضي لمدة 90 يوماً للنظر في أمر تبنّي المنظمة منهجية "معاداة السامية وكراهية إسرائيل". وأضافت الكاتبة أنه لا "يمكن غض الطرف عن ممارسات اليونسكو التي تعتبر مواقع التراث اليهودية مواقع فلسطينية. كما تستخدم لغة غير ملائمة وغير دقيقة في الحديث عن إسرائيل عندما تقول إن فلسطين 'محتلة' من قبل إسرائيل". وأشارت أيضاً إلى أن هناك مبررات أخرى تراها منطقية لانسحاب واشنطن من اليونسكو، وهي "هيمنة الصين" على المؤسسة. وأكدت الكاتبة أن الصين هي أكبر ممول للمنظمة الأممية. وأشارت إلى أنه ينبغي على اليونسكو أن تلتزم بدورها في الحفاظ على التراث الإنساني، فهو دور هام جداً، مؤكدة أنه عليها أيضاً أن تتخلص من معاداة الصهيونية التي تسيطر على فكرها كأحد منظمات الأمم المتحدة. ورأت أن ترامب "كان على حق عندما قرر خروج الولايات المتحدة من اليونسكو، لأنه قرار يتسق مع القيم الأصيلة لبلاده".