
مصر.. جامعة الأزهر تحيل أستاذة للتحقيق بعد فتوى مثيرة حول تعاطي الحشيش
أحالت جامعة الأزهر بمصر، اليوم السبت، الدكتورة سعاد صالح، أستاذة الفقه المقارن، إلى التحقيق عقب تصريحات أثارت جدلاً واسعاً، أفتت فيها بجواز تعاطي مخدر الحشيش بدعوى عدم وجود نص شرعي صريح يُحرّمه.
وكانت سعاد صالح قد صرّحت بأن تعاطي الحشيش لا يدخل في دائرة التحريم القطعي لغياب دليل صريح، موضحة أن الحكم الشرعي يُبنى على أثره العقلي والجسدي، فإذا ثبت أنه يؤدي إلى تغييب العقل أو الإضرار به، يصبح حكمه كحكم الخمر. هذه التصريحات أثارت موجة من الاستياء والغضب في الأوساط الرسمية والدينية، وخلّفت ردود فعل قوية على مواقع التواصل الاجتماعي.
من جهته، عبّر صندوق مكافحة وعلاج الإدمان، التابع لرئاسة الوزراء، عن استغرابه من ما وصفه بـ'التصريحات غير المسؤولة'، في وقت تكثف فيه الدولة جهودها لتوعية الشباب بخطورة المواد المخدرة. وبيّن الصندوق أن الحشيش يحتوي على مواد مهلوسة تسبب اضطرابات نفسية وسلوكية، وتؤدي إلى تدهور في وظائف الرئة والدماغ، إضافة إلى تأثيره السلبي على التركيز، والسلوك، والقدرة على القيادة.
وزير الأوقاف المصري، الدكتور أسامة الأزهري، أكد بدوره أن تعاطي الحشيش محرم شرعًا كتحريم الخمر تمامًا، محذرًا من محاولة شرعنته أو التهاون في التعامل معه، لاسيما إذا صدرت مثل هذه الفتاوى من شخصيات أكاديمية أو دينية قد تُضلّل الرأي العام وتفتح الباب أمام انتشار الإدمان والانحراف.
في السياق ذاته، شددت دار الإفتاء المصرية على أن الإسلام يُحرّم كل ما يُذهب العقل ويُلحق الضرر بالنفس، معتبرة المخدرات بجميع أنواعها – سواء كانت طبيعية أو مصنعة – من المحرمات الشرعية، بسبب مفاسدها المؤكدة على الفرد والمجتمع. وأوضحت أن الحشيش يدخل ضمن المواد المُخدّرة والمُفترة التي أجمع العلماء على تحريمها، حتى لو لم تكن مسكرة بالمعنى التقليدي.
هذه التطورات أعادت إلى الواجهة النقاش حول مسؤولية المؤسسات الدينية والتعليمية في ضبط الخطاب الديني، والحفاظ على ثوابت الفتوى، لاسيما في ظل تصاعد تحديات الإدمان في أوساط الشباب.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


هبة بريس
منذ 3 أيام
- هبة بريس
مصر.. جامعة الأزهر تحيل أستاذة للتحقيق بعد فتوى مثيرة حول تعاطي الحشيش
هبة بريس أحالت جامعة الأزهر بمصر، اليوم السبت، الدكتورة سعاد صالح، أستاذة الفقه المقارن، إلى التحقيق عقب تصريحات أثارت جدلاً واسعاً، أفتت فيها بجواز تعاطي مخدر الحشيش بدعوى عدم وجود نص شرعي صريح يُحرّمه. وكانت سعاد صالح قد صرّحت بأن تعاطي الحشيش لا يدخل في دائرة التحريم القطعي لغياب دليل صريح، موضحة أن الحكم الشرعي يُبنى على أثره العقلي والجسدي، فإذا ثبت أنه يؤدي إلى تغييب العقل أو الإضرار به، يصبح حكمه كحكم الخمر. هذه التصريحات أثارت موجة من الاستياء والغضب في الأوساط الرسمية والدينية، وخلّفت ردود فعل قوية على مواقع التواصل الاجتماعي. من جهته، عبّر صندوق مكافحة وعلاج الإدمان، التابع لرئاسة الوزراء، عن استغرابه من ما وصفه بـ'التصريحات غير المسؤولة'، في وقت تكثف فيه الدولة جهودها لتوعية الشباب بخطورة المواد المخدرة. وبيّن الصندوق أن الحشيش يحتوي على مواد مهلوسة تسبب اضطرابات نفسية وسلوكية، وتؤدي إلى تدهور في وظائف الرئة والدماغ، إضافة إلى تأثيره السلبي على التركيز، والسلوك، والقدرة على القيادة. وزير الأوقاف المصري، الدكتور أسامة الأزهري، أكد بدوره أن تعاطي الحشيش محرم شرعًا كتحريم الخمر تمامًا، محذرًا من محاولة شرعنته أو التهاون في التعامل معه، لاسيما إذا صدرت مثل هذه الفتاوى من شخصيات أكاديمية أو دينية قد تُضلّل الرأي العام وتفتح الباب أمام انتشار الإدمان والانحراف. في السياق ذاته، شددت دار الإفتاء المصرية على أن الإسلام يُحرّم كل ما يُذهب العقل ويُلحق الضرر بالنفس، معتبرة المخدرات بجميع أنواعها – سواء كانت طبيعية أو مصنعة – من المحرمات الشرعية، بسبب مفاسدها المؤكدة على الفرد والمجتمع. وأوضحت أن الحشيش يدخل ضمن المواد المُخدّرة والمُفترة التي أجمع العلماء على تحريمها، حتى لو لم تكن مسكرة بالمعنى التقليدي. هذه التطورات أعادت إلى الواجهة النقاش حول مسؤولية المؤسسات الدينية والتعليمية في ضبط الخطاب الديني، والحفاظ على ثوابت الفتوى، لاسيما في ظل تصاعد تحديات الإدمان في أوساط الشباب.


أخبارنا
٠٨-٠٧-٢٠٢٥
- أخبارنا
عيادة المريض: عبادة ورحمة وطريق إلى الجنة
في دين التوحيد والرحمة، وفي مجتمع تسوده الألفة والمودة، لا يُترك الإنسان وحده في مرضه، بل تُحيطه شريعة الإسلام بالرعاية والعناية، فتجعل من عيادة المريض خلقًا راقيًا، وسُنّةً مؤكدة، بل بابًا من أبواب الأجر العظيم. عيادة المريض ليست مجرد زيارة عابرة، بل هي عمل قلبي، فيه المواساة، والرحمة، والتواصل، وفيه من الفضل ما يجعلها عبادة يتقرب بها العبد إلى ربه، ويوطد بها علاقته بأخيه الإنسان، ومجتمعه، وربه جل في علاه. مكانة عيادة المريض في الإسلام جعل الإسلام عيادة المريض من الحقوق الستة التي يجب أن يؤديها المسلم تجاه أخيه المسلم، كما في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "حق المسلم على المسلم ست: إذا لقيته فسلّم عليه... وإذا مرض فعده...الخ". (رواه مسلم). وفي حديث آخر، يقول صلى الله عليه وسلم: "خمس من حق المسلم على المسلم: رد السلام، وإجابة الدعوة، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وتشميت العاطس". (البخاري ومسلم). عيادة المريض ليست فقط زيارة، بل صلة ورحمة، وتفقد لحال أخيك، وتذكير له بالصبر والأمل، ودعاء له بالشفاء، وتخفيف لآلامه النفسية والجسدية. فضل عيادة المريض 1. في معية الله قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه:"يا ابن آدم، مرضتُ فلم تعدني... أما علمتَ أن عبدي فلانًا مرض فلم تعده، أما إنك لو عدته لوجدتني عنده؟". (مسلم). تخيل أن تزور مريضًا، فتكون زيارتك كأنك زرت ربك! إنها عظمة الرحمة الإلهية التي تربط القلوب بلُطف، وتكافئ الأعمال الصغيرة بأجر لا يتصوره عقل. 2. الملائكة تصلي عليه قال صلى الله عليه وسلم: "ما من امرئ يعود مريضًا، إلا صلّى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإن عاد غدوة صلّى عليه سبعون ألف ملك حتى يُمسي، وكان له خريف (ثمر) في الجنة". (الترمذي وصححه). 3. غَمَرَته الرحمة قال صلى الله عليه وسلم: "من عاد مريضًا، خاض في الرحمة، فإذا قعد عنده غمرته". (البخاري في الأدب المفرد). 4. يمشي في رياض الجنة قال صلى الله عليه وسلم: "من عاد مريضًا، لم يزل في خُرفة الجنة حتى يرجع". (مسلم). وفي رواية: "قال الله له: طبت، وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنة منزلًا". آداب عيادة المريض عيادة المريض فنٌّ وذوق، وسُنة وهدي، ومن أهم آدابها: 1. اختيار الوقت المناسب لا تزر المريض في وقت راحته أو نومه أو علاجه، وقد جاء عن أنس رضي الله عنه:"كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعود مريضًا إلا بعد ثلاث". (ابن ماجه). 2. الجلوس القصير قال الغزاليّ رحمه الله في بيان حقوق المسلم على المسلم: أن يعود مرضاهم..، وأدب العائد خفّة الجلسة. ولا يُثقل على المريض بكثرة الكلام أو الأسئلة. فالمريض بحاجة إلى الراحة، لا إلى السرد والتشويش. ذكر ابن الصّيرفيّ الحرّانيّ في نوادره قول بعض الشّعراء: لا تضجرنّ عليلا في مساءلة إنّ العيادة يوم بين يومين بل سله عن حاله وادع الإله له واجلس بقدر فواق بين حلبين من زار غبّا أخا دامت مودّته وكان ذاك صلاحا للخليلين 3. الدعاء له كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول عند عيادة المريض: "أذهب البأس رب الناس، اشفِ وأنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقمًا". (أحمد والنسائي). كما قال صلى الله عليه وسلم: "من عاد مريضًا لم يحضر أجله فقال: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك – سبع مرات – إلا عوفي". (الترمذي). وفي حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا جاء الرَّجلَ يعودُه قال: "اللَّهمَّ اشْفِ عبدَك ينكَأُ لك عدوًّا أو يمشي لك إلى صلاةٍ". (أبو داود). 4. توسيع الأمل في قلبه قال صلى الله عليه وسلم:"إذا دخلتُمْ على المريضِ فنفِّسوا له في أجَلهِ فإنَّ ذلك لا يردُّ شيئًا ويطيِّبُ نفسَهُ". (الترمذي). كما عاد صلى الله عليه وسلم شابًا في مرض موته، فقال له: "كيف تجدك؟"، فقال: أرجو الله وأخاف ذنوبي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يجتمعاِن في قَلبِ عَبدٍ في مِثلِ هذه الحالِ إلَّا أعطاه اللهُ ما يرجو، وأمَّنَه مِمَّا يخافُ".(الترمذي). 5. تذكيره بأجر الصبر قال صلى الله عليه وسلم: "ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا همّ ولا غمّ... حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه". (البخاري ومسلم). 6. عدم التشاؤم أو نقل الأخبار السيئة لا تُذكره بمن مات بمثل مرضه، ولا تقارن حالته بحالات محبطة، بل خذ بيده نحو الأمل والرضا، واذكر له وَعْدَ الله للصابرين في القرآن: {وبشّر الصابرين...}. لمحات من هدي النبي صلى الله عليه وسلم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصا على عيادة المرضى، ومواساتاهم، وكانت زيارته مزيجًا من الرحمة واللطف والدعاء. عاد غلامًا يهوديًا حتى أسلم، وقال: "الحمد لله الذي أنقذه بي من النار". (البخاري). عاد سعد بن عبادة، فوضع يده على جبهته، ومسح وجهه ودعا له. عاد جابرًا رضي الله عنه، ورش عليه من وضوئه فشُفي. زيارة على طريق الجنة عيادة المريض ليست فقط زيارة، بل هي مدرسة في الإيمان، ومحطة في طريق الجنة، وباب واسع للأجر والمغفرة. فيها دعوة للرحمة، وتذكرة بالآخرة، وتطهير للقلوب. قال بعض السلف:"من لم يُحسن مواساة المريض، فليدعُ له، فإن الدعاء أبلغ المواساة". فلنحرص على هذه العبادة الجليلة، ولنربِّ عليها أبناءنا، ولنزرع بها الرحمة في مجتمعاتنا.


أخبارنا
٠٢-٠٥-٢٠٢٥
- أخبارنا
القلق داء العصر
في زمنٍ تكالبت فيه الأخبار السلبية، وتحكمت وسائل التواصل في كثير منا، وتعقّدت الحياة أكثر من أي وقت مضى، وصار التطلع إلى مظاهر الترف وزخارف الدنيا، أصبح القلق رفيق كثير من الناس. إنه شعور لا يُرى، لكنه يحكم قبضته على الصدر، يعكّر صفو القلب، يمنع النوم أو يقلقه، ينهك الجسد، ويبعثر التفكير... فما هو هذا الزائر الثقيل؟ وهل هو محض اضطراب نفسي؟ أم أنه حالة مرتبطة بقوة أو ضعف الإيمان تستدعي علاجًا من نوعٍ آخر؟ عندما تهاجمك الأفكار يقول "فيكتور فرانكل" –عالم النفس النمساوي ومؤسس العلاج بالمعنى–: "إن القلق ليس دائمًا مرضًا، بل قد يكون صرخة من النفس تطلب المساعدة". والقلق في جوهره ليس مشكلة في حد ذاته، بل مؤشر. هو ذلك الإحساس غير المريح بأن شيئًا سيئًا قد يحدث، حتى وإن لم يكن هناك سبب مباشر. يبدأ كقلق بسيط أمام امتحان، مقابلة عمل، أو حتى لقاء اجتماعي، لكنه سرعان ما يتحوّل إلى قيد خانق يمنع صاحبه من الاستمتاع بالحياة. ووفقًا لعلم النفس، فإن القلق يرتبط غالبًا بفرط التفكير، والخوف من المستقبل، ومحاولة السيطرة على ما لا يمكن السيطرة عليه. وحين تستمر هذه المشاعر، تبدأ الأعراض الجسدية بالظهور: خفقان القلب، ضيق التنفس، أرق مزمن، وأحيانًا نوبات هلع. عندما يتحدث الشرع القلق ليس خطيئة... بل ابتلاء له دواء والإسلام أتى بالتوازن بين الروح والجسد، وبين القلب والعقل، لابد أن تكون له كلمة في هذا الشأن، يقول الله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ}(البلد:4). نعم، الكبد هو العناء... ومنه القلق. فالمؤمن ليس معصومًا من الشعور بالضيق أو الخوف، بل هو مَن يسعى لتجاوز ذلك بالإيمان والعمل. قال ابن القيم رحمه الله: "القلق والهم نصف المرض، والتوكل نصف الدواء". فهل هناك أجمل من هذا التوازن؟ إن الإسلام لا ينكر وجود القلق، لكنه يوجهنا إلى كيفية التعامل معه: لا بالهروب، ولا بالإنكار، بل بالربط بين الأخذ بالأسباب، والتسليم لقدَر الله. وقال ابن القيم رحمه الله: (إذا أصبحَ العبدُ وأمسَى وليس هَمُّه إلا الله وحده؛ تَحَمَّلَ اللهُ سبحانه حوائجَه كلَّها، وحَمَلَ عنه كلَّ ما أهمَّهُ، وفرَّغَ قلبَه لمحبَّتِه ولسانَه لذكرِه وجوارحَه لطاعتِه. وإن أصبح وأمسى والدُّنيا همُّهُ؛ حَمَّلهُ اللهُ همومَها وغُمومَها وأنكادَها، وَوَكَلَه إلى نفسه). تعلق القلب بالله وحده قال ابن القيم رحمه الله: (ومن علامات صحة القلب أنه لا يزال يضرب على صاحبه حتى ينيب إلى الله ويخبت إليه، ويتعلق به تعلق المحب المضطر إلى محبوبه، الذى لا حياة له ولا فلاح ولا نعيم ولا سرور إلا برضاه وقربه والأنس به، فبه يطمئن، وإليه يسكن، وإليه يأوى، وبه يفرح، وعليه يتوكل، وبه يثق، وإياه يرجو، وله يخاف. فذكره قوته وغذاؤه ومحبته، والشوق إليه حياته ونعيمه ولذته وسروره، والالتفات إلى غيره والتعلق بسواه داؤه، والرجوع إليه دواؤه، فإذا حصل له ربه سكن إليه واطمأن به وزال ذلك الاضطراب والقلق، وانسدت تلك الفاقة، فإن فى القلب فاقة لا يسدها شىء سوى الله تعالى أبدا، وفيه شعث لا يلمه غير الإقبال عليه، وفيه مرض لا يشفيه غير الإخلاص له، وعبادته وحده، فهو دائما يضرب على صاحبه حتى يسكن ويطمئن إلى إلهه ومعبوده، فحينئذ يباشر روح الحياة، ويذوق طعمها، ويصير له حياة أخرى غير حياة الغافلين المعرضين عن هذا الأمر الذى له خلق الخلق). منهج نبوي في إدارة القلق كان النبي صلى الله عليه وسلم أرحم الناس بأمّته، وعرف عن قرب معاناة النفس البشرية. فحينما شعر الصحابة بالقلق، قدّم لهم حلولًا واقعية روحية ونفسية. في أحد الأدعية التي كان يوصي بها: "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحَزَن، وأعوذ بك من العجز والكَسَل، وأعوذ بك من الجُبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال"رواه البخاري. لاحظ كيف جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين أمراض النفس (الهم، الحزن) والضغوط المالية والاجتماعية، وكأنّه يرسم خريطة شاملة لعلاج القلق. كما أنه صلى الله عليه وسلم قال: "ما أصاب عبدًا همّ ولا حزن، فقال اللهم إني عبدُك ، وابنُ عبدِك وابنُ أمتِك ، ناصيتي بيدِك ، ماضٍ فيّ حكمُك ، عدلٌ فيّ قضاؤُك ، أسألُك بكلِّ اسمٍ هو لك ، سميتَ به نفسَك ، أو أنزلتَه في كتابِك أو علمته أحدًا من خلقِك ، أو استأثرت به في علمِ الغيبِ عندك أن تجعلَ القرآنَ ربيعَ قلبي ، ونورَ صدري ، وجلاءَ حزني ، وذهابَ همي وغمي إلا أذهب الله همّه وحزنه، وأبدله مكانه فرحًا"رواه أحمد. هل هناك دعم نفسي أعظم من هذا؟! ماذا يقول الأطباء؟ يؤكد الطب النفسي اليوم أن القلق قابل للعلاج بفعالية عالية. لكنّ التحدي الأكبر يكمن في الوصمة الاجتماعية، والخوف من الاعتراف بالمعاناة. العلاج قد يكون دوائيًا في الحالات الحادة، لكن الأهم هو العلاج المعرفي السلوكي، الذي يُدرّب الإنسان على مواجهة أفكاره، لا الهروب منها. واللافت أن هذا العلاج يرتكز على فكرة: "إعادة هيكلة التفكير السلبي"... وهي ذاتها التي يوصي بها الإسلام حين يعلّمنا أن نجعل الرضا بدلا من التشاؤم، والتوكل بدلا من القلق، والصبر بدلا من الضيق. لقد أثبتت الدراسات الحديثة أن العلاج باليقين يعطي نتائج قوية في حالات القلق، خاصة حين يتم دمج الذكر، والدعاء، والصلاة، ضمن خطة التعافي. كيف تهزم القلق؟ 1. عُد إلى الله: ليس مجرد كلام عابر... بل عودة حقيقية، إلى الطمأنينة التي تنبع من الثقة به، واليقين بأنه لن يُضيّع عبدًا لجأ إليه. 2. تحدث عن مخاوفك: لا تخجل من قول: "أنا قلق". الحديث هو أول خطوات التحرر. 3. ابحث عن المعنى: القلق غالبًا هو غياب الهدف. حين تعرف لماذا تعيش، تهدأ مشاعرك. 4. لا تتردد في طلب المساعدة: سواء من طبيب أو مختص أو شيخ موثوق، المهم ألا تبقى وحيدًا في المعركة. 5. كن راضيا صابرا متعلقا بالله راجيا فرجه عند الشدائد، واعلم أن مع العسر يسرا. بين الطب والدين... نولد من جديد القلق ليس عدوًا دائمًا... أحيانًا هو جرس إنذار نحتاج إليه. لكنه يصبح مؤذيًا إذا تجاهلناه. فلنستمع إليه... ثم نواجهه. بالصلاة لا بالهروب، بالاستشارة لا بالإنكار، وبالإيمان لا بالخوف. ولك أن تتخيّل: كيف سيكون حالك لو جمعت بين العلم والإيمان؟ بين العلاج واليقين؟