
د. خالد العاص : ترامب ونتنياهو.. في انتظار سلام مُفصّل على المقاس
بينما ينشغل العالم بتطورات الحرب في غزة وتداعياتها الإنسانية والسياسية، يعيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نسج خيوط تحالف قديم، ولكن على أسس أكثر جرأة ووضوحًا مما عرفناه من قبل. فخلف واجهة بعض التقارير الإعلامية التي ما زالت تصرّ على تقديم ترامب كصانع سلام محتمل، تتحرك وقائع ميدانية ومشاريع سياسية ترسم صورة مغايرة تمامًا.
ترامب، العائد إلى البيت الأبيض بعد انتخابات عاصفة، يسوّق نفسه مجددًا لجمهور أمريكي تعب من الحروب الخارجية، ويريد زعيمًا يضمن له مصالحه دون التورط في مغامرات عسكرية جديدة. هكذا يحرص الرئيس الأمريكي على الإيحاء بأنه قادر على لجم نتنياهو، وفرض حلول سلمية في أكثر الملفات تعقيدًا في الشرق الأوسط، لكن وراء هذه الصورة المتداولة، يظهر واقع يُدار بالتنسيق العميق بين واشنطن وتل أبيب، لضبط إيقاع الصراع بما يتناسب مع مصالحهما الاستراتيجية.
لعل أبرز الأمثلة على ذلك ما يجري في غزة؛ فرغم موجات التصعيد ثم الهدوء المؤقت الذي أعقب حربًا قصيرة لكنها كانت مرهقة لإسرائيل عسكريًا ولوجستيًا، لا تزال الولايات المتحدة حريصة على إبقاء الضغط قائمًا على حركة حماس، ودفعها إلى تنازلات قاسية. فلا اتفاق حقيقي على وقف إطلاق نار دائم، ولا أفق سياسي واضح للفلسطينيين، بل مجرد هدنة مؤقتة يُراد استثمارها لمضاعفة الضغوط على إيران أيضًا.
أما على صعيد العلاقة الأمريكية الإسرائيلية نفسها، فقد أظهرت زيارة نتنياهو الأخيرة إلى واشنطن للمرة الثالثة منذ عودة ترامب، جوهر هذا التنسيق، لم تكن القمة لبحث مستقبل حل الدولتين كما يتوهم البعض، بل لتثبيت استراتيجية مشتركة في التعامل مع الملف الإيراني، وضمان استمرار تحجيم قدرات طهران العسكرية والنووية، وحتى حين تظهر تصريحات أمريكية حول ضرورة تقليل التوتر، فإنها غالبًا ما تأتي لامتصاص ضغوط دولية دون أن تؤدي إلى أي تغيير جوهري في السياسات.
وفي المقابل، يستمر نتنياهو في تلويحاته بأن الحليف الأمريكي هو من يضغط عليه لفتح أبواب تسوية، بينما هو في حقيقة الأمر يوظف هذه الذريعة لتهدئة قاعدته المتشددة كلما لزم الأمر. هكذا تتكامل الأدوار بين زعيمين يتبادلان الرسائل الإعلامية بما يخدم أجندتهما الداخلية، فيما يبقى الواقع على الأرض ثابتًا: لا انسحاب من الضفة، ولا رفع للحصار عن غزة، بل مشاريع لإعادة هندسة الحل الفلسطيني في صورة كانتونات محاصرة، محاطة بمستوطنات وقواعد عسكرية، وربما مراقبة عربية مؤقتة لحين ترتيب بيت فلسطيني يقبل بالمعروض.
وما يزيد المشهد تعقيدًا أن بعض القوى الفلسطينية، رغم خبرتها الطويلة، ما زالت تراهن على ضغوط أمريكية تفرمل طموحات إسرائيل، فتجربة حماس مع الهدنات التي انهارت سريعًا مثال صارخ، حيث تجددت العمليات العسكرية بعد أسابيع من تفاهمات بدت واعدة للوهلة الأولى.
الحقيقة أن ترامب ونتنياهو ليسا على خلاف حول جوهر القضية، بل يتفاوضان على التفاصيل؛ كيف وأين، وبأي ترتيب. والأخطر أن هذه الخطط يجري تداولها ليس فقط بين واشنطن وتل أبيب، بل مع عواصم عربية تعتبر أن إغلاق الملف الفلسطيني وفق صيغة جديدة قد يفتح لها أبواب تحالفات إقليمية أوسع، حتى وإن كان الثمن هو ابتلاع ما تبقى من الأرض الفلسطينية.
إن أي رهان على سلام يأتي من هذا المحور هو أقرب إلى أمنية من كونه تحليلًا واقعيًا؛ فسلام يُفرض على الفلسطينيين دون أرض حقيقية أو سيادة فعلية، سيظل قابلًا للانفجار في أي لحظة، ما دامت جذور الصراع قائمة بلا معالجة عادلة، وفي هذه الحسبة الباردة للمصالح، يبدو أن ترامب ونتنياهو متفقان تمامًا على السيناريو، بينما يظل السؤال الكبير: من سيدفع الثمن؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الغد
منذ ساعة واحدة
- الغد
كوريا الشمالية: على ترمب تقبّل "الواقع النووي الجديد"
قالت كوريا الشمالية يوم الثلاثاء إن على الولايات المتحدة تقبّل التغيرات الحاصلة منذ لقاءات القمة السابقة بين البلدين، مؤكدة أن أي حوار مستقبلي لن يؤدي إلى إنهاء برنامجها النووي، وذلك حسبما أفادت به وكالة الأنباء الرسمية الكورية الشمالية (KCNA). اضافة اعلان لكنها شددت في بيان نشرته الوكالة على أن "الاعتماد على العلاقة الشخصية كوسيلة لإيقاف برنامج كوريا الشمالية النووي سيكون مثار سخرية فقط". وأضافت: "إذا فشلت الولايات المتحدة في تقبّل الواقع المتغيّر وأصرّت على النهج الفاشل السابق، فستبقى لقاءات كوريا الشمالية والولايات المتحدة مجرد أمل من طرف واشنطن"، في إشارة إلى الاسم الرسمي لكوريا الشمالية، "جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية". وأكدت كيم أن القدرات النووية لكوريا الشمالية والبيئة الجيوسياسية قد تغيرت بشكل جذري منذ اللقاءات الثلاثة التي جمعت بين كيم وترمب خلال ولاية الأخير الرئاسية. وشددت على أن "أي محاولة لإنكار موقع جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية كدولة نووية سيتم رفضها بالكامل". وفي تأكيد على العلاقات المتنامية بين كوريا الشمالية وروسيا، أفادت وكالة الأنباء الرسمية الكورية بأن أول رحلة ركاب مباشرة بين بيونغ يانغ وموسكو منذ عقود وصلت إلى العاصمة الكورية الشمالية يوم الإثنين. وأوضحت الوكالة أن الرحلة استُؤنفت "في ظل تزايد الاتصالات والزيارات المتعددة الأوجه اليومية بين كوريا الشمالية وروسيا". وكانت كوريا الشمالية قد قدمت جنودًا وأسلحة لروسيا في حربها ضد أوكرانيا، وهي خطوة لاقت انتقادات من الولايات المتحدة وحلفائها، الذين اتهموا موسكو بالمقابل بتقديم مساعدات تكنولوجية لبيونغ يانغ. موقف البيت الأبيض وفي تعليق على التصريحات الكورية الشمالية، قال مسؤول في البيت الأبيض إن الرئيس ترمب لا يزال متمسكًا بالهدف الذي سعى لتحقيقه من خلال القمم الثلاث التي جمعته بكيم، والمتمثل في نزع السلاح النووي بشكل كامل من شبه الجزيرة الكورية. وقال المسؤول لرويترز: "الرئيس لا يزال منفتحًا على التواصل مع الزعيم كيم لتحقيق هدف نزع السلاح النووي بالكامل". يُذكر أن أول قمة جمعت بين ترمب وكيم كانت في سنغافورة عام 2018، وانتهت باتفاق مبدئي لنزع السلاح النووي. أما القمة الثانية في هانوي عام 2019، فقد انهارت بسبب خلاف حول رفع العقوبات الدولية المفروضة على بيونغ يانغ. وفي وقت لاحق، قال ترمب إنه "يتمتع بعلاقة جيدة" مع كيم، وأكد البيت الأبيض أن الرئيس منفتح على فكرة التواصل مجددًا مع الزعيم الكوري الشمالي المنعزل، نقلا عن رويترز.


وطنا نيوز
منذ 3 ساعات
- وطنا نيوز
92 شهيدا والاحتلال يعرض خطة للسيطرة على كامل قطاع غزة
وطنا اليوم:أفادت مصادر في مستشفيات غزة أن 92 فلسطينيا استشهدوا بنيران جيش الاحتلال منذ فجر أمس الاثنين في أنحاء القطاع، بينهم 41 من طالبي المساعدات. يأتي ذلك في حين ذكرت القناة 13 الإسرائيلية أن جيش الاحتلال سيعرض على المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) خطة للسيطرة على ما بين 90% و100% من مساحة قطاع غزة. ونقلت صحيفة هآرتس -اليوم الاثنين- عن مسؤولين أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيعرض على المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) خطة لضم مناطق بقطاع غزة، في مسعى لإبقاء وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش في الحكومة، وذلك في أعقاب إعلان تل أبيب هدنا إنسانية في غزة أثارت حفيظة سموتريتش. وذكرت الصحيفة أن خطة الضم ستبدأ بالمنطقة العازلة ثم مناطق في الشمال ثم ستتوسع لتشمل كامل القطاع. وقالت إن الخطة حصلت على ضوء أخضر من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مشيرة إلى أن وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر عرضها على وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو وحظيت بدعم البيت الأبيض. وذكرت أن الخطة تأتي بعد قرار نتنياهو توسيع المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وأنه لم يكن متحمسا لها، لكنه مستعد الآن لمحاولة تطبيقها، في مسعى لإنقاذ حكومته. وكانت القناة الـ13 الإسرائيلية قد ذكرت في وقت سابق اليوم أن جيش الاحتلال سيعرض على الكابينت خطة للسيطرة على ما بين 90% و100% من مساحة قطاع غزة. وكانت تسريبات كشفت مطلع مايو/أيار الماضي عن أن الحكومة الإسرائيلية صدقت بالفعل على خطة لاحتلال غزة بالكامل. ونقلت القناة الـ12 الإسرائيلية عن مصدر بديوان نتنياهو قوله إن 'الخطة التي صدقت عليها الحكومة تشمل احتلال قطاع غزة بالكامل'. وأكد الدفاع المدني في غزة استشهاد فلسطينيين وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي على شقة سكنية غربي مدينة غزة. كما أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) باستشهاد 3 فلسطينيين وإصابة آخرين بقصف إسرائيلي استهدف منزلا في حي الدرج شرق مدينة غزة. وقال مصدر في مستشفى الشفاء إن فلسطينيا آخر استشهد في قصف إسرائيلي على منطقة العطاطرة شمالي القطاع. وفي وسط القطاع، قال مصدر بمستشفى شهداء الأقصى إن فلسطينيا استشهد وأصيب آخرون في استهداف مسيرة إسرائيلية فلسطينيين جنوبي دير البلح. وأفادت وكالة الأناضول باستشهاد زوجين فلسطينيين وابنتهما بقصف إسرائيل منزلا لعائلة 'عابد' في مخيم المغازي. وجنوبا، أكد مجمع ناصر الطبي استشهاد 25 فلسطينيا في القصف الإسرائيلي على جنوب القطاع منذ الفجر. وأشارت مصادر طبية إلى استشهاد أكثر من 10 فلسطينيين وإصابة 40 آخرين بقصف إسرائيلي على منطقتي الياباني والمواصي غربي خان يونس. كما قال مجمع ناصر الطبي إن 5 فلسطينيين استشهدوا وأصيب آخرون من طالبي المساعدات بنيران الاحتلال قرب محور موراغ شمال مدينة رفح. وتأتي هذه التطورات الميدانية في وقت أعلن فيه جيش الاحتلال أمس الأحد 'تعليقا تكتيكيا' يوميا لعملياته العسكرية سيبدأ في بضع مناطق في قطاع غزة اعتبارا 'من الساعة العاشرة صباحا حتى الساعة الثامنة مساء' بالتوقيت المحلي، مضيفا أن هذا التعليق سيشمل المناطق التي لا يتحرك فيها الجيش 'وهي المواصي ودير البلح ومدينة غزة'، غير أن غارات الاحتلال لم تتوقف.


البوابة
منذ 3 ساعات
- البوابة
حراك عالمي مرتقب نصرة لغزة.. حماس تُطلق نداءً مفتوحًا للشارع الدولي
وجهت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، اليوم الثلاثاء، دعوةً إلى تصعيد الحراك الجماهيري العالمي يوم الأحد الموافق 3 أغسطس/آب المقبل، تضامنًا مع قطاع غزة والقدس والمسجد الأقصى، ودعمًا للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي. وفي بيان رسمي، أكدت الحركة ضرورة استمرار التحركات الشعبية والدولية في مواجهة ما وصفته بـ"العدوان والإبادة والتجويع الممنهج" بحق سكان قطاع غزة، مشيرة إلى أهمية تنظيم مظاهرات واعتصامات أمام السفارات الإسرائيلية والأميركية، وكذلك سفارات الدول الداعمة لإسرائيل، بهدف الضغط لوقف العمليات العسكرية التي تستهدف المدنيين، وخاصة النساء والأطفال والمرضى. ودعت حماس إلى جعل هذا اليوم "محطة عالمية للحراك الشعبي"، تشمل كافة أشكال الضغط السياسي والدبلوماسي والإعلامي، دعمًا للقضية الفلسطينية، وإنهاء ما وصفته بـ"حرب الإبادة والتجويع" في القطاع المحاصر. وشهدت عدة مدن حول العالم، خلال الأيام الماضية، مظاهرات حاشدة تندد بسياسة الحصار والتجويع في غزة، وتطالب بوقف الدعم العسكري واللوجستي الذي تقدمه بعض الدول لإسرائيل، خاصة في ظل استمرار العمليات العسكرية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. ويواجه قطاع غزة أزمة إنسانية متفاقمة، حيث يحذّر مسؤولون أمميون ومنظمات إنسانية من خطر المجاعة الشاملة في ظل الحصار الإسرائيلي المستمر منذ ما يزيد عن 10 أشهر، والذي ازداد تشددًا منذ إغلاق المعابر مطلع مارس/آذار الماضي. ووفق تقارير ميدانية، تفاقم سوء التغذية الحاد بين الأطفال والمرضى، مع تسجيل وفيات بسبب الجوع ونقص الرعاية الطبية. كما تواصل البنية التحتية للقطاع الصحي الانهيار تحت وطأة القصف ونقص الإمدادات. وأسفرت العمليات العسكرية الإسرائيلية عن أكثر من 204 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح، بينهم أعداد كبيرة من النساء والأطفال، إضافة إلى نحو 9 آلاف مفقود، ودمار واسع في البنية التحتية، ونزوح مئات الآلاف من السكان.