logo
أزمة معيشية خانقة تعصف باليمنيين دون أفق لمعالجات حكومية حقيقة

أزمة معيشية خانقة تعصف باليمنيين دون أفق لمعالجات حكومية حقيقة

الصحوة١٧-٠٧-٢٠٢٥
أمام هذه المعاناة لم يعد المواطن يحتمل المزيد وبرز ذلك في احتجاجات غاضبة في عدن وتعز، وينبغي على السلطة الشرعية تعبئة الموارد المتاحة وتسخير الجهود والطاقات لأولوية تلبية احتياجات السكان وتحسين الخدمات والعملة الوطنية بما يضمن تحسن الوضع المعيشي.
وضع غذائي حرج
ووفق بيان المنظمات الأممية فإن "وضع الأمن الغذائي في مناطق الحكومة اليمنية حرج، حيث يعاني 4,45 مليون من انعدام الأمن الغذائي الحاد ويكافحون من أجل الحصول على وجبتهم التالية"، وحذرت من تفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي في الأشهر المقبلة بين سبتمبر 2025 وفبراير 2026.
يقول أحمد سالم، موظف حكومي من حضرموت: "كنت أتقاضى ما يعادل 250 دولارًا شهريا قبل الحرب. اليوم راتبي لا يشتري كيس قمح وكرتون حليب لأولادي. لا أحد يسأل عنا، وكأننا أيتام".
ووصل سعر الريال اليمني خلال الأسابيع الماضية إلى أدنى مستوياته التاريخية (أكثر من 2800 ريال للدولار الواحد)، مما فاقم التضخم، ورفع أسعار السلع والخدمات، وسحق القوة الشرائية للمواطنين الذين يتقاضون رواتب زهيدة غير منتظمة.
وترتب على هذا الانهيار، تقلّص رواتب الموظفين فعليًا من حوالي 266 دولارًا شهريا قبل الحرب إلى أقل من 27 دولارًا، وهذا انعكس على الوضع المعيشي للمواطنين الذين يعانون من أزمات متفاقمة.
ورغم حصول الحكومة على وديعة سعودية بقيمة 1.2 مليار دولار مطلع عام 2023، إلا أن أثرها لم يظهر، بفعل غياب الشفافية والإصلاحات البنيوية، واستمرار الفساد في إدارة الموارد السيادية، خصوصا مع عجز الحكومة عن استعادة صادرات النفط بعد استهدافها من قبل الحوثيين.
رغم تراجع سعر العملة، لم تواكب الحكومة هذا التدهور بأي آلية دعم للموظفين أو للفئات الهشة، بل إن صرف الرواتب في عدد من المحافظات المحررة بات غير منتظم، ولم تُطلق الحكومة أي برامج دعم للفقراء أو لحماية الأمن الغذائي، ما جعل ملايين اليمنيين فريسة للجوع والمرض، بلا رعاية اجتماعية.
يقول ناصر عبدالله، معلم من شبوة: "لا نعرف كيف متطلبات العام الدراسي الجديد. الحكومة لا ترد، والنقابة صامتة تعبنا من الانتظار".
تهديد أساسيات الحياة
في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة، تتفاقم أزمات الكهرباء والمياه والغاز المنزلي، نتيجة فشل السلطات المحلية في القيام بواجباتها تجاه المواطنين، هذا جعل حالة الغضب تتصاعد على شكل مظاهرات واحتجاجات متواصلة.
أما في تعز، فالمدينة تشهد كارثة مائية حقيقية، إذ يعاني السكان من انعدام مياه الشرب منذ أكثر من شهر، في ظل صمت حكومي، وفشل تام في معالجة الأزمة والتي بالطبع تعود جذورها للحوثيين الذين أوقفوا تزويد المدينة بالمياه من الأحواض المائية الواقعة بمناطق سيطرتهم ورفضوا أي مبادرات للحل ما لم يحصلوا على ملايين الريالات.
ومنذ أسابيع يقف الناس طوابير طويلة للحصول على المياه الصالحة للشرب في ظل أزمة خانقة تعيشيها المدينة، بدأت بارتفاع أسعار صهاريج المياه (الوايت) التي تستخدم للاحتياج اليومي للنظافة، وتفاقمت وصولاً إلى انعدام مياه الشرب.
ويقول هشام محمد، من سكان مدينة تعز "نملأ الجالونات من مسافات بعيدة، وندفع أضعاف ما كنا ندفعه مقابل مياه غير صالحة للشرب، لا نعرف من المسؤول الحقيقي، لكننا نحن الضحايا في النهاية".
ويتزامن هذا كله، مع شلل القطاع الصحي مع انتشار الحميات وسط نقص حاد في الأدوية، وتدهور البنية التحتية، وتحوّل مؤسسات الدولة إلى إقطاعيات خدمية تدار بعقلية المقاولة والفساد، بدلا من الخدمة العامة.
وأمام هذا الاحتياجات الأساسية لليمنيين تحتاج الشرعية إلى إرادة حقيقة من أجل العمل على توفير الحد الأدنى من الخدمات وأساسيات الحياة وهذه هي الضرورة العاجلة التي تتطلب اتخاذ سياسات وإجراءات فعالة وجادة خلال المرحلة المقبلة.
حكومة عاجزة
لم يعد مبرر الحرب وتداعياتها المختلفة على البلاد ولا انقلاب مليشيات الحوثي وسياساته الكارثية على الاقتصاد يقنع المواطنين كلما لاذت بها حكومته حين يطالبها بتوفير احتياجاته الأساسية.
منذ سنوات، تعمل الحكومة خارج الأطر الدستورية، لا توجد موازنة عامة معلنة، ولا تقارير حساب ختامي، ولا رقابة برلمانية على الإنفاق، وتُدار الدولة من الخارج، وتُستنزف الموارد في رواتب بالدولار تُصرف للمسؤولين في الخارج.
وحصلت الحكومة منذ عام 2015، على مليارات الدولارات من السعودية والإمارات والجهات المانحة، لكنها عجزت عن تحويل هذه المساعدات إلى تحسّن ملموس في حياة المواطنين ويعود ذلك إلى انتشار الفساد وعدم وجود أجهزة الرقابة والمحاسبة.
ومؤخرا اشترط الداعمون للحكومة الشرعية وأبرزهم السعودية، إنجاز إصلاحات فيما يخص الحوكمة المؤسسية وهو ما فشلت فيه الحكومة خلال السنوات الثلاث الماضية على الأقل، مما جعلها غير قادرة على استيعاب المنح المالية.
وتواجه الشرعية حاليا مأزق اقتصادي كبير وبحاجة إلى العمل الجاد لاستعادة زمام الأمور، بدء من استئناف تصدير النفط المتوقف منذ ثلاث سنوات، بالإضافة إلى مكافحة الفساد وتقليص النفقات الهائلة التي تصرف على المسؤولين خارج البلاد.
ويرى خبراء اقتصاديون، من بينهم الدكتور في جامعة تعز محمد قحطان، أن استمرار إقامة المسؤولين في الخارج يستنزف الموارد ويضعف ثقة المجتمع الدولي بالحكومة، ما يُهدد بتراجع الدعم الخارجي مستقبلًا.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أسرة سجين يمني بإيران تستغيث بالحكومة والمنظمات الدولية
أسرة سجين يمني بإيران تستغيث بالحكومة والمنظمات الدولية

اليمن الآن

timeمنذ 7 دقائق

  • اليمن الآن

أسرة سجين يمني بإيران تستغيث بالحكومة والمنظمات الدولية

وجهت أسرة محمود وحيد حسين محمد، من أبناء عدن، نداء استغاثة عاجلة إلى الحكومة اليمنية ومنظمات حقوق الإنسان، ممثَّلة بمنظمة العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، وكل المنظمات المعنية بقضايا السجناء والمحتجزين تعسفياً، تطالبهم فيه بالتدخل الفوري والعاجل للإفراج عن ابنها، الذي يقبع مع زميله القبطان محبوب عبده ثابت العامري في السجون الإيرانية منذ أكتوبر 2022م. وأفادت الأسرة بأن "المحتجزان ولدها محمود، مساعد قبطان، وزميله القبطان محبوب، كانا مجرد عاملين ضمن طاقم السفينة، ولا علاقة لهما بملكية السفينة أو حمولتها، لكن السلطات الإيرانية أصدرت بحقهما حكما من محكمة بندر عباس بالسجن لمدة 15 عامًا، أو دفع غرامة مالية قدرها 15 مليون دولار للإفراج عنهما، أو مساومتهما بأسرى إيرانيين مسجونين في اليمن. وكانا المسجونان (محمود، مساعد قبطان، وزميله القبطان محبوب) تم احتجازهما ضمن طاقم ناقلة النفط "إريانا" في العام 2022 وعددهم 21 بحارًا يمنيًّا وتم الإفراج عن 17 بحارًا ممن كانوا على متنها، وأبقتهما محتجزين بعد أن تعرضت سفينتهما لعملية قرصنة بحرية من قبل الحرس الثوري الإيراني في المياه الإقليمية العمانية وذلك أثناء توجهها إلى ميناء المخا اليمني، وادعت حينها السلطات الإيرانية بأن السفينة كانت تحمل وقودًا مهربًا، بينما السفينة كانت مملوكة لشركة بريطانية تحمل شحنة نفط قانونية من الشارقة. يقول محمود من داخل سجنه في بندر عباس، في رسالة استغاثة عبر أسرته وجهها للحكومة والمنظمات الإنسانية المعنية بحقوق الإنسان "أنا مجرد بحار بسيط أعيل أسرة مكوّنة من 20 فردًا، ولا أملك حتى خمس دولارات، فكيف يطلب مني دفع ملايين الدولارات مقابل حريتي؟ لقد أجريت لي عمليات في القلب، وأتناول أدوية يومية، وضاعت حياتي خلف القضبان، بلا ذنب. ثلاث سنوات من المعاناة والعزلة والمرض والوعود الكاذبة، تركتنا الشركة وخذلنا المحامي ولم يلتفت لنا حتى الآن أي جهة لإنقاذنا من هذا المصير القاسي". مضيفا"إننا أمام قضية إنسانية بامتياز، تتطلب تحركًا سياسيًّا وقانونيًّا عاجلًا من الحكومة اليمنية ووزارة الخارجية والمغتربين ووزارة النقل والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان للعمل على الإفراج الفوري وإنقاذ حياتنا قبل أن يتضاعف الخطر". وختم السجين محمود نداءه العاجل إلى كل الحكومة والمنظمات المعنية في مجال حقوق الإنسان تبني قضيتي وقضية زميلي القبطان محبوب، حتى لا تبقى حبيسة جدران السجن، وحتى نعود إلى أرض وطننا ولأهلنا وأطفالنا، بعد سنوات من الظلم والمعاناة.

تمرد مسلح و"دولة داخل الدولة": كتيبة الأحمر تسيطر على منفذ الوديعة وتنهب مؤسسة تجارية بالقوة
تمرد مسلح و"دولة داخل الدولة": كتيبة الأحمر تسيطر على منفذ الوديعة وتنهب مؤسسة تجارية بالقوة

اليمن الآن

timeمنذ 7 دقائق

  • اليمن الآن

تمرد مسلح و"دولة داخل الدولة": كتيبة الأحمر تسيطر على منفذ الوديعة وتنهب مؤسسة تجارية بالقوة

اخبار وتقارير تمرد مسلح و"دولة داخل الدولة": كتيبة الأحمر تسيطر على منفذ الوديعة وتنهب مؤسسة تجارية بالقوة الجمعة - 25 يوليو 2025 - 11:40 م بتوقيت عدن - نافذة اليمن - خاص فجّرت وثائق ومصادر خاصة فضيحة مدوّية عن تمرد خطير تقوده كتيبة عسكرية متمركزة في منفذ الوديعة الحدودي، تتبع القيادي العسكري هاشم الأحمر، بعد تورطها في أعمال سطو مسلح ونهب تجاري واحتجاز مواطنين دون مسوغ قانوني، وسط تجاهل رسمي مريب. الصحفي جميل الصامت كشف، اليوم الجمعة، عن تفاصيل صادمة تثبت أن الكتيبة العسكرية التابعة للأحمر تحوّلت إلى ما يشبه "ميليشيا منظمة داخل الدولة"، رافضةً تنفيذ أوامر قضائية ومتحولة إلى جهة نافذة تمارس سلطتها بقوة السلاح في واحدة من أهم البوابات السيادية للبلاد. وأفادت المصادر أن الكتيبة اقتحمت محلًا تجاريًا تابعًا لمؤسسة باحيان داخل المنفذ، وقامت بمصادرة البضاعة ونهبها بالقوة، أعقب ذلك اختطاف صاحب المؤسسة واحتجازه تعسفيًا في أحد السجون السرية التابعة لها لأكثر من أسبوعين، دون توجيه أي تهم أو وجود مسوغات قانونية. المواطن المتضرر، ويدعى (س.ب.د)، كشف أنه خلال شهر رمضان الماضي تعرّض للاختطاف ومصادرة بضاعته المقدّرة بـ158 ألف ريال سعودي، قبل أن يُجبر تحت تهديد السلاح داخل السجن على التوقيع على التزامات مالية إضافية بلغت 43 ألف ريال سعودي، ولم يتم الإفراج عنه إلا بضمان تجاري بعد أيام من التعسف. وتؤكد الوثائق أن كتيبة الأحمر لم تكتفِ بالسطو، بل مارست أعمال تنكيل وتعذيب وابتزاز ضد مواطنين، متدخلة في شؤون مدنية لا علاقة لها بالعمل الأمني أو العسكري، في ما وصفه مراقبون بأنه سلوك يتنافى كليًا مع سلطة الدولة ويكرس حكم المليشيات المسلحة في مؤسسات يفترض أن تكون سيادية. جميل الصامت نقل عن مصادر قضائية أن الكتيبة رفضت مرارًا تنفيذ أوامر صادرة من الجهات القضائية العليا بوقف الاعتداء على المؤسسة التجارية وإطلاق سراح المحتجز، في تجاوز صارخ لسلطة القضاء، وسط صمت مريب من قيادة وزارة الدفاع والجهات المعنية. وناشد المواطن المتضرر فخامة رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي، والنائب العام، بالتدخل العاجل لفتح تحقيق شفاف في وقائع السطو، والنهب، والتعسف، وإنصافه ومحاسبة المتورطين، مؤكدًا أنه لا يزال ينتظر العدالة منذ أشهر دون جدوى. الاكثر زيارة اخبار وتقارير عيدروس الزبيدي يُطيح برئاسة الانتقالي: زلزال سياسي يهز هرم القيادة.. وهذه ا. اخبار وتقارير انفجارات عنيفة تهز صنعاء الآن.. غموض يلف المواقع المستهدفة قرب مطار العاصمة. اخبار وتقارير فضيحة معاشات الدولار: الحنشي يتهم باجنيد بتوزيع 30 مليون شهريًا خارج القانو. اخبار وتقارير الإعلان فقط أحدث زلزالًا اقتصاديًا.. خطوة واحدة من الشرعية تهز سوق الصرف وت.

ما بين التضامن واللوم... مزارع يمني يرمي محصوله في الأرض غضباً من التسعيرة.. ما القصة؟
ما بين التضامن واللوم... مزارع يمني يرمي محصوله في الأرض غضباً من التسعيرة.. ما القصة؟

يمن مونيتور

timeمنذ 37 دقائق

  • يمن مونيتور

ما بين التضامن واللوم... مزارع يمني يرمي محصوله في الأرض غضباً من التسعيرة.. ما القصة؟

يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص أشعل مقطع فيديو لمزارع يمني وهو يرمي محصوله من الطماطم على الأرض احتجاجاً على تسعيرة حكومية مجحفة، موجة واسعة من التفاعل والغضب على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط تساؤلات حارّة عن مصير الزراعة في اليمن، ودور الدولة في إنقاذ المزارعين من الخسائر الفادحة. الفيديو الذي نشرته منصة 'مونيتور' على موقع 'إكس'، أظهر المزارع اليمني وهو يفرغ حمولة سلال ممتلئة بالطماطم في التراب، تعبيراً عن قهره من تسعيرة قدرها 500 ريال فقط للسلة الواحدة، وهي -بحسب تعبيره- لا تغطي حتى جزءاً بسيطاً من تكلفة الزراعة والنقل، فضلاً عن الخسائر الأخرى. وقد تجاوز عدد مشاهدات الفيديو خلال 48 ساعة فقط حاجز المليون ونصف المليون مشاهدة، ما يعكس حجم التعاطف الشعبي والغضب المتصاعد من هذا المشهد. مزارع يمني يرمي محصوله من الطماطم في الأرض تعبيراً عن غضبه بسبب فرض تسعيرة 500 على قيمة السلة الواحدة، والتي على حد تعبيره لا تعادل تكاليف خسارته — يمن مونيتور (@YeMonitor) July 23, 2025 ردود فعل غاضبة ومقسومة المقطع المؤلم قسم الآراء بين متفهم لغضب المزارع ومؤيد له، وبين من انتقد إتلاف المحصول بدل التصدق به، إذ علق الناشط اليمني جلال ناصر محمد علّق قائلاً: 'لو كانت هناك حكومة فعالة، لكانت وضعت حلولاً جذرية بدلاً من ترك المزارعين لمصيرهم. الحلول تشمل دفع فروقات الأسعار، وفتح منافذ بيع خارجية، وتشجيع القطاع الخاص على إنشاء مصانع لمعجون الطماطم'. وأضاف محذراً من تبعات الأزمة: الموسم القادم سترتفع الأسعار بشكل جنوني، لأن الكثير من المزارعين سيتوقفون عن زراعة الطماطم بعد هذه الخسائر'. من جانبه، كتب المغرد الخليجي عبدالعزيز آل هاشم منتقداً تصرف المزارع: 'أين الحكمة؟ لو تصدقت بهذا المحصول على الفقراء والأيتام في اليمن، لكان ذلك خيراً وأبقى. الغضب قد يدفع الإنسان إلى قرارات مؤلمة لا تعود عليه إلا بالخسارة'. فيما رأى آخرون أن فعل المزارع كان بمثابة صرخة قهر أكثر من كونه قراراً عقلانياً. كتب أحدهم: 'رمي المحصول بدل توزيعه أو التصدق به دليل على حجم القهر واليأس. هذا المزارع بلغ به الظلم حداً جعله يفقد القدرة على التفكير بخيارات منطقية. إنها صرخة استغاثة في وجه ظلم جماعة الحوثي وفساد الواقع الزراعي'. مزارع آخر يُدعى عاطف شارك تجربته المريرة، قائلاً: 'خسرت هذا الشهر 6 آلاف دولار بسبب موجة برد ضربت محاصيلي. لم أجزع، ولم أرمِ المحصول، بل رضيت بما كتبه الله. هذا الفعل فيه نوع من البغي على نعمة الله'. وفي ذات السياق، كتب المغرد دخيل الناصر: 'خسارته الحقيقية ليست في المال، بل في التهور وسوء النية. لو تصدق بهذا المحصول لكان خيراً له في الدنيا والآخرة'. أما الخبير الزراعي عبدالرحمن باظفاري فحمّل السلطات مسؤولية الفشل، قائلاً: 'غياب الإدارة والتخطيط في قطاع الزراعة هو سبب هذه الكوارث. لا توجد خطة تنظم العرض والطلب، ولا تنسيق لتصريف الإنتاج داخلياً أو تصديره'. في حين اقترح الناشط يوسف أخضر حلولاً بسيطة كانت بمتناول المزارع، موضحاً: 'كان بإمكانه تجفيف المحصول، أو تحويله إلى معجون طماطم، أو توزيعه على النازحين والمحتاجين. هناك نحو 5 ملايين نازح في اليمن بحاجة إلى كل ثمرة'. أزمة متفاقمة.. الزراعة في مهب الريح تشير تقارير رسمية إلى أن زراعة الطماطم تغطي مساحة تقدّر بـ13,688 هكتاراً في اليمن، وتُعد واحدة من أبرز المحاصيل التي لجأ إليها المواطنون بعد اندلاع الحرب، خصوصاً في ظل انعدام مصادر الدخل وانقطاع الرواتب. لكن رغم هذا الاعتماد المتزايد على الزراعة، فإن سلسلة من العراقيل تقف أمام المزارعين، في مقدمتها إغلاق الطرقات من قبل جماعة الحوثي، وانعدام الثلاجات المركزية لحفظ المحاصيل، وارتفاع تكاليف النقل بشكل كبير. وللمفارقة، فإن سعر كيلو الطماطم في الأسواق اليمنية لا ينخفض طوال العام، بل وصل خلال الأشهر الأخيرة إلى نحو 2500 ريال، بينما يُجبر المزارعون على بيع المحصول بسعر زهيد لا يتجاوز 500 ريال للسلة الكاملة في بعض الأحيان. وبحسب بيانات الإحصاء الزراعي، يبلغ متوسط إنتاج اليمن من الطماطم نحو 133 ألف طن سنوياً، وبلغ الإنتاج خلال العام 2022 نحو 172 ألفاً و830 طناً، مقارنة بـ126 ألف طن في 2020، ما يدل على نمو في الإنتاج لم يواكبه أي تنظيم أو رعاية حكومية. بين التسعيرة والقهر قضية المزارع الغاضب لم تكن سوى مرآة تعكس عمق الأزمة الزراعية في اليمن. ليست مجرد أزمة طماطم أو تسعيرة، بل قصة قطاع بأكمله تُرك في العراء، دون حماية أو تخطيط، فصار المزارع إما خاسراً أو غاضباً أو يائساً. وبينما تتواصل الدعوات لتبني حلول استراتيجية تنقذ الزراعة اليمنية من الانهيار، لا تزال الدولة ومؤسساتها بعيدة عن المشهد، في حين يدفع المزارع اليمني ثمن الحرب والفشل الإداري والجمود السياسي، سلة طماطم تساوي صرخة، لكنها تفضح وطناً بأكمله.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store