
أزمة معيشية خانقة تعصف باليمنيين دون أفق لمعالجات حكومية حقيقة
وضع غذائي حرج
ووفق بيان المنظمات الأممية فإن "وضع الأمن الغذائي في مناطق الحكومة اليمنية حرج، حيث يعاني 4,45 مليون من انعدام الأمن الغذائي الحاد ويكافحون من أجل الحصول على وجبتهم التالية"، وحذرت من تفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي في الأشهر المقبلة بين سبتمبر 2025 وفبراير 2026.
يقول أحمد سالم، موظف حكومي من حضرموت: "كنت أتقاضى ما يعادل 250 دولارًا شهريا قبل الحرب. اليوم راتبي لا يشتري كيس قمح وكرتون حليب لأولادي. لا أحد يسأل عنا، وكأننا أيتام".
ووصل سعر الريال اليمني خلال الأسابيع الماضية إلى أدنى مستوياته التاريخية (أكثر من 2800 ريال للدولار الواحد)، مما فاقم التضخم، ورفع أسعار السلع والخدمات، وسحق القوة الشرائية للمواطنين الذين يتقاضون رواتب زهيدة غير منتظمة.
وترتب على هذا الانهيار، تقلّص رواتب الموظفين فعليًا من حوالي 266 دولارًا شهريا قبل الحرب إلى أقل من 27 دولارًا، وهذا انعكس على الوضع المعيشي للمواطنين الذين يعانون من أزمات متفاقمة.
ورغم حصول الحكومة على وديعة سعودية بقيمة 1.2 مليار دولار مطلع عام 2023، إلا أن أثرها لم يظهر، بفعل غياب الشفافية والإصلاحات البنيوية، واستمرار الفساد في إدارة الموارد السيادية، خصوصا مع عجز الحكومة عن استعادة صادرات النفط بعد استهدافها من قبل الحوثيين.
رغم تراجع سعر العملة، لم تواكب الحكومة هذا التدهور بأي آلية دعم للموظفين أو للفئات الهشة، بل إن صرف الرواتب في عدد من المحافظات المحررة بات غير منتظم، ولم تُطلق الحكومة أي برامج دعم للفقراء أو لحماية الأمن الغذائي، ما جعل ملايين اليمنيين فريسة للجوع والمرض، بلا رعاية اجتماعية.
يقول ناصر عبدالله، معلم من شبوة: "لا نعرف كيف متطلبات العام الدراسي الجديد. الحكومة لا ترد، والنقابة صامتة تعبنا من الانتظار".
تهديد أساسيات الحياة
في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة، تتفاقم أزمات الكهرباء والمياه والغاز المنزلي، نتيجة فشل السلطات المحلية في القيام بواجباتها تجاه المواطنين، هذا جعل حالة الغضب تتصاعد على شكل مظاهرات واحتجاجات متواصلة.
أما في تعز، فالمدينة تشهد كارثة مائية حقيقية، إذ يعاني السكان من انعدام مياه الشرب منذ أكثر من شهر، في ظل صمت حكومي، وفشل تام في معالجة الأزمة والتي بالطبع تعود جذورها للحوثيين الذين أوقفوا تزويد المدينة بالمياه من الأحواض المائية الواقعة بمناطق سيطرتهم ورفضوا أي مبادرات للحل ما لم يحصلوا على ملايين الريالات.
ومنذ أسابيع يقف الناس طوابير طويلة للحصول على المياه الصالحة للشرب في ظل أزمة خانقة تعيشيها المدينة، بدأت بارتفاع أسعار صهاريج المياه (الوايت) التي تستخدم للاحتياج اليومي للنظافة، وتفاقمت وصولاً إلى انعدام مياه الشرب.
ويقول هشام محمد، من سكان مدينة تعز "نملأ الجالونات من مسافات بعيدة، وندفع أضعاف ما كنا ندفعه مقابل مياه غير صالحة للشرب، لا نعرف من المسؤول الحقيقي، لكننا نحن الضحايا في النهاية".
ويتزامن هذا كله، مع شلل القطاع الصحي مع انتشار الحميات وسط نقص حاد في الأدوية، وتدهور البنية التحتية، وتحوّل مؤسسات الدولة إلى إقطاعيات خدمية تدار بعقلية المقاولة والفساد، بدلا من الخدمة العامة.
وأمام هذا الاحتياجات الأساسية لليمنيين تحتاج الشرعية إلى إرادة حقيقة من أجل العمل على توفير الحد الأدنى من الخدمات وأساسيات الحياة وهذه هي الضرورة العاجلة التي تتطلب اتخاذ سياسات وإجراءات فعالة وجادة خلال المرحلة المقبلة.
حكومة عاجزة
لم يعد مبرر الحرب وتداعياتها المختلفة على البلاد ولا انقلاب مليشيات الحوثي وسياساته الكارثية على الاقتصاد يقنع المواطنين كلما لاذت بها حكومته حين يطالبها بتوفير احتياجاته الأساسية.
منذ سنوات، تعمل الحكومة خارج الأطر الدستورية، لا توجد موازنة عامة معلنة، ولا تقارير حساب ختامي، ولا رقابة برلمانية على الإنفاق، وتُدار الدولة من الخارج، وتُستنزف الموارد في رواتب بالدولار تُصرف للمسؤولين في الخارج.
وحصلت الحكومة منذ عام 2015، على مليارات الدولارات من السعودية والإمارات والجهات المانحة، لكنها عجزت عن تحويل هذه المساعدات إلى تحسّن ملموس في حياة المواطنين ويعود ذلك إلى انتشار الفساد وعدم وجود أجهزة الرقابة والمحاسبة.
ومؤخرا اشترط الداعمون للحكومة الشرعية وأبرزهم السعودية، إنجاز إصلاحات فيما يخص الحوكمة المؤسسية وهو ما فشلت فيه الحكومة خلال السنوات الثلاث الماضية على الأقل، مما جعلها غير قادرة على استيعاب المنح المالية.
وتواجه الشرعية حاليا مأزق اقتصادي كبير وبحاجة إلى العمل الجاد لاستعادة زمام الأمور، بدء من استئناف تصدير النفط المتوقف منذ ثلاث سنوات، بالإضافة إلى مكافحة الفساد وتقليص النفقات الهائلة التي تصرف على المسؤولين خارج البلاد.
ويرى خبراء اقتصاديون، من بينهم الدكتور في جامعة تعز محمد قحطان، أن استمرار إقامة المسؤولين في الخارج يستنزف الموارد ويضعف ثقة المجتمع الدولي بالحكومة، ما يُهدد بتراجع الدعم الخارجي مستقبلًا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ ساعة واحدة
- اليمن الآن
تقرير أممي يحذر من أزمة إيواء حادة في اليمن بسبب نقص المساعدات والتمويل
حذّر تقرير أممي جديد من تدهور مقلق في استجابة المجتمع الدولي لاحتياجات الإيواء في اليمن، حيث لم تصل المساعدات خلال النصف الأول من العام الجاري سوى إلى 88 ألف شخص، من أصل 1.8 مليون مستهدف، أي ما يعادل 5% فقط، في مؤشر ينذر بأزمة إنسانية متفاقمة. وأوضح التقرير الصادر عن كتلة المأوى ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن العجز في التمويل أجبر عدداً من الشركاء الإنسانيين على إغلاق مستودعاتهم، مما عرقل عمليات الاستجابة الطارئة، لا سيما في ظل نفاد المخزون الإيوائي مع دخول موسم الأمطار. وبلغ حجم التمويل المتاح حتى نهاية يونيو 2025 نحو 24 مليون دولار فقط، وهو ما يمثل 14% من إجمالي الاحتياج المقدر بـ170 مليون دولار لهذا العام، وفق التقرير. وتشير خطة الاستجابة الإنسانية للعام 2025 إلى أن أكثر من 7.5 مليون شخص داخل اليمن بحاجة إلى خدمات الإيواء، من بينهم 3.6 مليون من الفئات الأشد ضعفاً، ما يعكس اتساع الفجوة بين الحاجات الملحّة والإمكانات المتوفرة. ويأتي هذا التحذير في وقت تتزايد فيه أعداد النازحين والمتضررين جراء الصراع وتدهور الأوضاع الاقتصادية، وسط غياب حلول مستدامة وموارد كافية لتأمين الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية لملايين اليمنيين.


اليمن الآن
منذ ساعة واحدة
- اليمن الآن
شبوة.. انخفاض ملحوظ في أسعار السلع الأساسية بعتق
شهدت أسواق مدينة عتق بمحافظة شبوة تراجعًا واضحًا في أسعار عدد من السلع الأساسية، في خطوة لاقت إشادة واسعة من قبل الجهات الرسمية، وسط دعوات لتعميم التجربة على باقي المديريات. وجاءت أبرز التخفيضات في أسعار المواد الغذائية الأساسية على النحو التالي: قمح أسترالي (50 كجم): انخفض من 52,000 إلى 48,000 ريال دقيق عماني صغير (25 كجم): من 31,000 إلى 27,500 ريال دقيق حضرموت (50 كجم): من 61,000 إلى 54,000 ريال سكر برازيلي (50 كجم): من 107,000 إلى 94,000 ريال سكر السعيد (25 كجم): من 52,000 إلى 47,000 ريال أرز شاهين (40 كجم): السعر الحالي 125,000 ريال أرز الريان / الفائق (40 كجم): السعر الحالي 138,000 ريال أرز المزارع الذهبي / المبدع (40 كجم): 118,000 ريال أرز المحضار "عال العال" (40 كجم): 115,000 ريال حليب دانو (2.286 كجم): من 30,500 إلى 27,000 ريال زيت الأصيل (20 لتر): من 85,000 إلى 77,000 ريال زيت كريم (4 كرتون): من 60,000 إلى 52,000 ريال سمن البنت (14 كجم): من 91,000 إلى 81,000 ريال وأشاد كل من مدير عام مديرية عتق عبدربه هشلة الكويلي ومدير مكتب الصناعة والتجارة بالمحافظة فهد الخليفي بهذه الخطوة، التي اعتبراها نموذجًا إيجابيًا يُحتذى به، مؤكدين ضرورة التزام بقية التجار في عتق وباقي المديريات بالمبادرة ذاتها. وأشار المسؤولان إلى أن الحملة مستمرة ضمن خطة شاملة لمكتب الصناعة والتجارة ومديرية عتق لمراقبة الأسواق وضبط الأسعار، في إطار الجهود الرامية لتحقيق التوازن الاقتصادي وتخفيف الأعباء المعيشية على المواطنين.


اليمن الآن
منذ 2 ساعات
- اليمن الآن
أزمة مأوى خانقة في اليمن.. الأمم المتحدة تحذر من فجوة تمويل تهدد ملايين النازحين
حذّر تقرير أممي جديد من تدهور مقلق في استجابة المجتمع الدولي لاحتياجات الإيواء في اليمن، حيث لم تصل المساعدات خلال النصف الأول من العام الجاري سوى إلى 88 ألف شخص، من أصل 1.8 مليون مستهدف، أي ما يعادل 5% فقط، في مؤشر ينذر بأزمة إنسانية متفاقمة. وأوضح التقرير الصادر عن كتلة المأوى ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن العجز في التمويل أجبر عدداً من الشركاء الإنسانيين على إغلاق مستودعاتهم، مما عرقل عمليات الاستجابة الطارئة، لا سيما في ظل نفاد المخزون الإيوائي مع دخول موسم الأمطار. وبلغ حجم التمويل المتاح حتى نهاية يونيو 2025 نحو 24 مليون دولار فقط، وهو ما يمثل 14% من إجمالي الاحتياج المقدر بـ170 مليون دولار لهذا العام، وفق التقرير. وتشير خطة الاستجابة الإنسانية للعام 2025 إلى أن أكثر من 7.5 مليون شخص داخل اليمن بحاجة إلى خدمات الإيواء، من بينهم 3.6 مليون من الفئات الأشد ضعفاً، ما يعكس اتساع الفجوة بين الحاجات الملحّة والإمكانات المتوفرة. ويأتي هذا التحذير في وقت تتزايد فيه أعداد النازحين والمتضررين جراء الصراع وتدهور الأوضاع الاقتصادية، وسط غياب حلول مستدامة وموارد كافية لتأمين الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية لملايين اليمنيين.