هل استسلم الاتحاد الأوروبي لسياسات ترامب؟
يعكس هذا التحول السريع في مسار الأزمة حجم الضغوط التي واجهتها بروكسل ، إذ اختارت التهدئة بدلاً من مواجهة مباشرة، مفضّلة الحفاظ على استقرار الأسواق وحماية القطاعات الصناعية الأساسية من تداعيات أي تصعيد.
ورغم أن الاتفاق جنّب الطرفين مزيداً من الفوضى الاقتصادية، إلا أنه حمل أثماناً سياسية واقتصادية، أبرزها قبول الاتحاد الأوروبي بزيادة وارداته من الطاقة الأميركية وتوسيع استثماراته داخل السوق الأميركية بمئات المليارات من الدولارات.
وفي هذا السياق، تباينت الآراء حول الاتفاق بين من اعتبره خطوة براغماتية تجنّب أوروبا كارثة اقتصادية، ومن رآه تنازلاً غير مبرر يُكرس تبعية اقتصادية متزايدة لواشنطن. وبينما يراهن صناع القرار الأوروبيون على أن هذا الاتفاق سيمهد لمرحلة استقرار نسبي على جانبي الأطلسي، يحذّر خبراء من أنه قد يكون بداية لتحولات أعمق في ميزان القوى الاقتصادية العالمية.
بحسب تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" فإنه:
في مواجهة الحملة التجارية التي شنها دونالد ترامب ، بدأ الاتحاد الأوروبي طريقه نحو الاستسلام منذ العاشر من أبريل.
أدت الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس الأميركي على معظم دول العالم في وقت سابق من ذلك الشهر بمناسبة "يوم التحرير"، إلى اضطراب حاد في الأسواق المالية، حيث تخلى المستثمرون عن الأصول الأميركية خوفًا من الركود.
ومع تصاعد موجة البيع، تراجع ترامب عن قراره، وفي 9 أبريل، خفض الرسوم الجمركية إلى 10 بالمئة، فيما وصفه بأنه إجراء مؤقت.
لكن بروكسل تراجعت هي الأخرى. ففي العاشر من أبريل، علّقت رسومها الجمركية الانتقامية، وقبلت عرض الولايات المتحدة بإجراء محادثات، مُهددةً إياها بعقوبة قاسية: رسوم جمركية على معظم تجارتها، إلى جانب رسوم أعلى على الصلب والألمنيوم والمركبات.
وبدلاً من الانضمام إلى كندا والصين في إجراءات انتقامية فورية، اختار الاتحاد الأوروبي ــ الذي يعاني من إعاقة بسبب اختلاف وجهات النظر بين الدول الأعضاء فيه ــ البحث عن حل وسط على أمل تأمين صفقة أفضل.
وبموجب الاتفاق الإطاري الذي توصلت إليه رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين وترامب في منتجع تيرنبيري للغولف يوم الأحد، تقبل الاتحاد الأوروبي تعريفة جمركية أميركية أساسية واسعة النطاق بنسبة 15 بالمئة، بما في ذلك بشكل حاسم على السيارات ، ولكن ليس على الصلب، الذي سيخضع لنظام الحصص.
ويضيف التقرير: لكن الشعور بالارتياح بين صناع السياسات بشأن تجنب حرب تجارية عبر الأطلسي على الفور كان ممزوجا بالندم: فهل كان الاتحاد الأوروبي، أكبر كتلة تجارية في العالم والذي من المفترض أنه يمثل ثقلا اقتصاديا كبيرا، قادرا على انتزاع شروط أفضل لو لم يخفف من حدة ضرباته في وقت مبكر؟
الاتحاد الأوروبي لم يستلم
للإجابة عن تلك الأسئلة، يقول الخبير الاقتصادي أنور القاسم لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":
لا أعتقد بأن الاتحاد الأوروبي استسلم.. هذا الاتفاق قد يكون الأهم دولياً بين أكبر شريكين اقتصاديين، في العديد من النواحي.
الاتفاق يقضي بفرض رسوم جمركية بنسبة 15 بالمئة على الصادرات الأوروبية إلى الولايات المتحدة. وكانت هذه الرسوم تبلغ 10 بالمئة.. وترامب كان يهدد برفعها إلى 30 بالمئة بدءاً من الأول من أغسطس المقبل وهذه النسبة هي النصف.
من يقرأ الاتفاق الاطاري يجد الاستثناءات في بعض القطاعات وهذا مكسب للأوروبيين.
كما أنه ما تزال هناك ثلاث أو أربع نقاط خلاف قد تسوى بما يخدم الجانبين لاحقاً.
ويضيف: "أوروبا تتنفس الصعداء الآن؛ فهي غير قادرة سياسياً واقتصادية على مجاراة تقلبات وانفعالات الرئيس الأميركي منذ وصوله إلى السلطة.. والأهم في اعتقادي أن هذه الاتفاقية تمهد الطريق لصفقات اقتصادية كبيرة مقبلة وأيضاً انفراج سياسي منتظر بين جانبي الأطلسي حول السياسة والدفاع".
لكن القادة والمحللون الأوروبيون يحذرون من أن اتفاقية التجارة الجديدة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، على الرغم من تجنبها تصعيد التعريفات الجمركية، تترك المنطقة في وضع غير مؤات، وفق تقرير لشبكة "سي إن بي سي" الأميركية الاثنين.
يجادل منتقدو الاتفاقية بأنها في النهاية تضع المنطقة في موقف دفاعي.
لمتتأثر بعض السلع مثل مكونات الطائرات وبعض المواد الكيميائية بالتعريفات الجمركية، بينما ستشهد السيارات تخفيض الرسوم الجمركية إلى معدل 15 بالمئة.
تتضمن الاتفاقية أيضاً أحكاماً لشراء الاتحاد الأوروبي للطاقة الأميركية وزيادة استثماراته في البلاد.
ونقلت الشبكة عن الخبيرة الاقتصادية، كايلين بيرش، قولها: "إنه (الاتفاق) تراجع من مكان أسوأ بكثير". ومع ذلك، تشير إلى أن "فرض رسوم جمركية بنسبة 15 بالمئة لا يزال يمثل تصعيداً كبيراً عما كنا عليه قبل عهد ترامب الثاني". كما تلفت إلى استمرار حالة عدم اليقين، حيث لا تزال تفاصيل قطاعي الصلب والأدوية غير واضحة.
لكن خبير الشؤون الأوروبية، محمد رجائي بركات، يرى أن الاتحاد الأوروبي "استسلم فعلياً" لمطالب الرئيس الأميركي، مشيراً إلى أن "القرار الأهم والأكثر تأثيراً يتمثل في إلزام دول الاتحاد باستيراد الغاز والنفط من الولايات المتحدة الأميركية، وهو ما يُعد خسارة كبيرة للاتحاد".
ويوضح بركات لدى حديثه مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن:
"هذه الخطوة ستكلف الدول الأوروبية أعباء مالية كبيرة، خاصة أن أسعار الطاقة الأميركية أعلى بكثير مقارنة بالغاز والنفط الروسي، الذي كانت دول الاتحاد تستورده بأسعار منخفضة".
"الهدف الأميركي كان منذ البداية هو فرض صادرات الطاقة الأميركية على أوروبا، حتى لو كان الثمن هو تدمير البنية التحتية للطاقة المشتركة بين روسيا وألمانيا ، مثلما حدث مع خط أنابيب الغاز الذي تم تدميره لمنع تدفق الغاز الروسي إلى أوروبا".
ويؤكد بركات أن "الاتحاد الأوروبي يتكبد خسائر أخرى نتيجة فرض رسوم جمركية بنسبة 15 بالمئة على العديد من المنتجات، مما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع داخل دول الاتحاد وبالتالي زيادة الأعباء على المستهلك الأوروبي".
ويستطرد: "الاتفاق يتضمن استثماراً أوروبياً ضخماً يُقدَّر بـ600 مليار دولار داخل الولايات المتحدة بدلاً من توجيهه لتنمية اقتصادات دول الاتحاد، ما يُعد خسارة استراتيجية على المدى الطويل".
ويختتم حديثه بالقول: "فرنسا عبّرت بوضوح عن أسفها لكون هذه الاتفاقية غير متوازنة، وهو ما ينذر بحدوث خلافات داخل الاتحاد الأوروبي. ولن تُنفذ هذه الاتفاقية إلا بعد موافقة الدول الأعضاء، وأعتقد بأنها ستواجه الكثير من العقبات قبل التصديق النهائي عليها".
وصدرت تصريحات منتقدة للاتفاق من بعض القادة والاقتصاديين الأوروبيين، إذ صرّح المستشار الألماني فريدريش ميرز بأنه على الرغم من قدرة الاتحاد الأوروبي على حماية مصالحه الأساسية، إلا أنه كان سيرحب بمزيد من تخفيف القيود على التجارة عبر الأطلسي.
في غضون ذلك، قال وزير الشؤون الأوروبية الفرنسي، بينجامين حداد، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، بأنه على الرغم من أن الاتفاق سيحقق "استقراراً مؤقتاً" لبعض القطاعات، إلا أنه "غير متوازن" بشكل عام.
كما حذر كبير الاقتصاديين في بيرينبيرج، هولجر شميدينج، من أنه في حين أن "حالة عدم اليقين المنهكة" قد انتهت، فإن الضرر الذي لحق بأوروبا أكثر إلحاحاً مقارنة بالتأثير طويل المدى على الولايات المتحدة.
أميركا تُملي شروطها
يتفق خبير العلاقات الدولية الاقتصادية من برلين، محمد خفاجي، مع بركات، موضحاً أنه:
يمكن القول إن الاتحاد الأوروبي قدم تنازلات كبيرة لتجنب مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، خاصة في مجال التجارة.
وافق الاتحاد الأوروبي على فرض رسوم جمركية جديدة على غالبية السلع الأوروبية المصدّرة إلى الولايات المتحدة، وهي رسوم أقل من تلك التي هدد بها ترامب سابقاً، لكنها تمثل واقعاً تجارياً جديداً للشركاء الرئيسيين لواشنطن.
في المقابل، التزمت الكتلة الأوروبية بشراء كميات كبيرة من الطاقة والمعدات العسكرية الأميركية، إلى جانب توسيع استثماراتها داخل السوق الأميركية.
تعهد الاتحاد الأوروبي بشراء كميات ضخمة من مصادر الطاقة الأمريكية، بما في ذلك الغاز والنفط والوقود النووي، لتعويض النقص في الإمدادات الروسية، إضافة إلى تعزيز استثماراته في الاقتصاد الأميركي بشكل واسع.
ويستطرد: لهذه التنازلات آثار متباينة على التكتل. فقد جنّب الاتفاق الاتحاد الأوروبي حرباً تجارية أوسع، ووفّر قدراً من الاستقرار والقدرة على التنبؤ التي شددت عليها رئيس المفوضية فون دير لاين، وهو أمر حيوي للشركات على جانبي الأطلسي.. لكن الاتفاق حمل أيضاً تكلفة اقتصادية مباشرة، إذ إن الرسوم المفروضة تعني زيادة في تكاليف الإنتاج والاستهلاك داخل أوروبا.
ويشير لتحذيرات اتحادات صناعية كبرى من تداعيات سلبية على قطاعات حيوية مثل الكيماويات والسيارات. كما يعزز الاتفاق التبعية الأوروبية للطاقة الأميركية، في وقت تسعى فيه القارة لتقليل اعتمادها على مصادر أخرى.
سياسياً، يُنظر إلى الاتفاق في بروكسل على أنه تراجع استراتيجي اضطر فيه الاتحاد الأوروبي للتفاوض تحت ضغط اقتصادي وتهديدات مباشرة، ما قد يحد من استقلاليته في صياغة سياساته التجارية والدفاعية مستقبلاً.
ورغم المخاوف، يتوقع بعض الخبراء أن يكون تأثير الاتفاق محدوداً نسبياً على النمو الإجمالي، مع ترجيحات بأن التباطؤ الاقتصادي الناتج عن الرسوم الجديدة سيبقى ضمن هامش ضيق، بحسب خفاجي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ 17 دقائق
- البيان
أجواء الحرب التجارية تعود إلى الواجهة.. رسوم ترامب وبيانات أمريكية تربك مؤشرات الأسواق العالمية
وقد ألقى هذا الضعف بظلال ثقيلة على معنويات المستثمرين، ودفع إلى موجات بيع واسعة، خصوصاً في أسهم التكنولوجيا، التي كانت محركاً رئيساً للصعود في الأشهر الماضية. أما مؤشر ناسداك المركب، فقد أنهى تعاملات الأسبوع عند مستوى 20,650.13 نقطة، مقارنة مع 21,108.3 نقطة الأسبوع الماضي، بتراجع 2.2 %. فيما سجل مكاسب شهرية (للشهر الرابع على التوالي)، بنسبة 3.7 % تقريباً. سجل المؤشر الأوروبي «ستوكس 600»، خسائر أسبوعية بأكثر من 2.5 % (في أكبر تراجع أسبوعي منذ أبريل الماضي)، منهياً تعاملات أغسطس عند مستوى 536.20 نقطة، مقارنة مع إغلاق الأسبوع السابق عند النقطة 550.21. ويشار إلى أن المؤشر خلال تعاملات يوليو، سجل مكاسب شهرية بأكثر من 1 %، بعدما تم التوصل لاتفاق تجاري بين الولايات المتحدة الأمريكية واليابان في 23 يوليو. كما ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بنحو 1.86 %، عند 69.67 دولاراً للبرميل، مقابل 68.4 دولاراً للبرميل بنهاية الأسبوع الماضي. وعلى صعيد الأداء الشهري عن شهر يوليو، فقد سجلت العقود الآجلة للخام الأمريكي ارتفاعاً بنحو 8.5 % تقريباً. وسجلت العقود الآجلة لخام برنت زيادة شهرية بنحو 8.6 %. وإلى ذلك، سجل الذهب أداءً مستقراً نسبياً خلال تعاملات الأسبوع، منهياً التعاملات عند مستوى 3,359 دولاراً للأونصة، بمكاسب أسبوعية في حدود 0.2 %. أما عن أداء المعدن النفيس في شهر يوليو، فقد سجل خسائر شهرية في نطاق 0.4 %، أو نحو 14 دولاراً، مقارنة بمستويات شهر يونيو.


البيان
منذ 3 ساعات
- البيان
كندا توازن بين كلفة الانتقام وضرر الرسوم الجمركية الأمريكية
يبدو أن قرار كندا بالرد على الرسوم الجمركية الأمريكية في وقت سابق من هذا العام أدى إلى اختلاف في طريقة تعامل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع جيرانه. وحتى هذا الأسبوع، كانت كل من كندا والمكسيك تتلقيان معاملة مماثلة في قرارات البيت الأبيض التجارية، حيث فُرضت عليهما رسوم أساسية بنسبة 25%، مع إعفاءات كبيرة على السلع المُصدّرة بموجب اتفاق التجارة الحرة لأمريكا الشمالية، وفقاً لوكالة بلومبرغ للأنباء. لكن ذلك تغيّر يوم الخميس، حين منح ترامب المكسيك مهلة لمدة 90 يوماً قبل رفع الرسوم عليها، في الوقت الذي رفع فيه الضريبة على المنتجات الكندية إلى 35%. وقالت الإدارة الأمريكية، إن النسبة الأعلى المفروضة على كندا جاءت رداً على تهريب مادة الفنتانيل، ورد فعل كندا بفرض رسوم مضادة. وبحسب بلومبرغ، فإن هذا الوضع يضع رئيس الوزراء مارك كارني أمام معضلة سياسية. فمن جهة، فاز بالانتخابات على أساس تعهّده باتباع نهج حازم في الحرب التجارية، مؤكّداً أن حكومته ستستخدم الرسوم لإلحاق «أقصى ضرر» بالولايات المتحدة. ولا يزال الناخبون يتذكرون ذلك، وبعضهم يطالب بالرد بالمثل. لكن الإجراءات الانتقامية التي اتخذتها الحكومة حتى الآن لم تنجح في منع التصعيد، بل يبدو أنها شجعت فريق ترامب على تشديد العقوبات أكثر. ويتحدث مسؤولون في الإدارة الأمريكية، من بينهم وزير التجارة هوارد لوتنيك، بشكل متكرر عن أن بلدين فقط قاما بالرد على رسوم ترامب الجمركية، وكان البلد الآخر هو الصين. وجاء في ورقة معلومات صادرة عن البيت الأبيض: «الإجراءات التجارية الانتقامية التي اتخذتها كندا ضد الولايات المتحدة تُعقّد الجهود الثنائية لمعالجة أزمة المخدرات المتفاقمة»، في إشارة إلى الفنتانيل. إلا أن بيانات الجمارك وحماية الحدود الأمريكية تشير إلى أن المكسيك تُعد مصدراً أكبر بكثير لشحنات هذا المخدر إلى الولايات المتحدة. وكان كارني، وهو اقتصادي ومحافظ سابق للبنك المركزي، قد أوضح أيضاً أنه يرى أن الرد الانتقامي له حدود. بل إن حكومته قامت بتخفيف الرسوم المضادة الكندية عبر تقديم عدد من الإعفاءات، وامتنعت عن زيادتها حتى بعد أن رفعت الولايات المتحدة الرسوم على الصلب والألمنيوم إلى 50%، كما ألغت ضريبة على خدمات التكنولوجيا بطلب من ترامب.


صحيفة الخليج
منذ 3 ساعات
- صحيفة الخليج
فضيحة فساد جديدة في أوكرانيا.. مخطط لشراء مسيرات بأسعار باهظة
قال جهازان معنيان بمكافحة الفساد في أوكرانيا السبت، إنهما كشفا عن مخطط كبير للكسب غير المشروع من شراء طائرات مسيرة عسكرية وأنظمة تشويش على الإشارات بأسعار مبالغ فيها، وذلك بعد يومين من عودة الجهازين للعمل بشكل مستقل في أعقاب احتجاجات حاشدة. وأعاد البرلمان يوم الخميس استقلال عمل جهازي التحقيق والادعاء المعنيين بمكافحة الكسب غير المشروع في أوكرانيا (إن.إيه.بي.يو) و(إس.إيه.بي.يو) بعد أن أدى قرار لسحب صفة الاستقلالية عن عملهما إلى أكبر تظاهرات في البلاد منذ اندلاع الحرب مع روسيا في عام 2022. وفي بيان نشره الجهازان عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قال الجهازان إن نائباً في البرلمان واثنين من المسؤولين المحليين وعدداً لم يكشفا عنه من أفراد الحرس الوطني قد تلقوا رشى. لم يذكر البيان أي من المتهمين بالاسم. وأوضح البيان أن «جوهر المخطط كان يتمثل في إبرام عقود حكومية مع شركات التوريد بأسعار مبالغ فيها عمداً»، مضيفاً أن الجناة تلقوا رشى تصل إلى 30 بالمئة من كلفة العقد، وجاء في البيان أنه جرى إلقاء القبض على أربعة أفراد. وكتب الرئيس فولوديمير زيلينسكي عبر تيليجرام «لا يمكن أن يكون هناك أي تسامح مع الفساد، العمل الجماعي جار بوضوح من أجل فضح الفساد، وهو ما سيؤدي إلى حكم قضائي عادل» في هذه القضية. وفي إجراء سياسي نادر اضطر زيلينسكي، الذي يتمتع بصلاحيات رئاسية واسعة في زمن الحرب ولا يزال يتمتع بتأييد واسع بين الأوكرانيين، إلى التراجع عن قراره بعد أن أدت محاولته إخضاع الجهازين لسلطة المدعي العام إلى خروج أول احتجاجات في أنحاء البلاد منذ نشوب الحرب. وقال زيلينسكي إنه استمع إلى غضب الشعب وقدم مشروع قانون يعيد للجهازين استقلالهما السابق صوّت عليه البرلمان يوم الخميس. وبعد اجتماعه اليوم مع قيادات الجهازين الذين أطلعوه على ما توصلت إليه التحقيقات، كتب زيلينسكي أن «من المهم أن تعمل مؤسسات مكافحة الفساد بشكل مستقل. يضمن لها القانون الذي تم إقراره يوم الخميس كل فرص مكافحة الفساد بشكل حقيقي».