
حصرية السلاح هدف الدولة اللبنانية
البداية مع موقف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الذي شجب «وقاحة» قرار تسليم سلاح «حزب الله» الذي «أعاد بناء قدراته»، ليدعو بعده علي أكبر ولايتي مستشار المرشد من سمّاهم «عقلاء لبنان» إلى الوقوف بوجه السلطة، «وإلا فإن المقاومة ستتصدى لذلك»، مضيفاً أن هذه القضية «فشلت في السابق، وستفشل هذه المرة»، فيما ذهب مجلس «صيانة الدستور» إلى الادعاء أن «نزع سلاح (حزب الله) حلم واهم». لتبدو هذه المواقف أشبه بأمر عمليات يحضُّ على رفض تسليم السلاح وكسر القرار الحكومي.
لقد قفزت طهران بتدخلها في الشأن الداخلي اللبناني، فوق المتغيرات في المنطقة مع سقوط «محور الممانعة». ومعروف أن خسائرها التي لا تُعوّض هي خروجها من سوريا بعد سقوط نظام الأسد، ومقتل حسن نصر الله وخليفته هاشم صفي الدين وأغلبية القادة العسكريين، الذين سقطوا قبل أن يُطلقوا طلقة واحدة نتيجة الاختراقات الأمنية وخلايا العملاء في «فيلق القدس» من رأسه في طهران إلى الضاحية الجنوبية. وعندما تعلن بتحدٍّ التمسك بسلاح هذه الميليشيا، فلأنها تدرك أن جمع السلاح إعلان بسحب مشروعها للهيمنة نهائياً، واستكمال تصفية أذرعها في المنطقة.
الهلع الإيراني حيال قرارات الحكومة اللبنانية، ومعها ما يجري في العراق لطي صفحة «الحشد الشعبي»، دفع أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني إلى المسارعة في زيارة بغداد وبيروت الذي قُوبل باستهجان واسع. يندرج كل ذلك في سياق محاولات النظام الإيراني مواجهة التطويق المتسارع الذي يستكمل حرب الأيام الـ12. فالاتفاق الأذري - الأرميني برعاية الرئيس الأميركي دونالد ترمب فاقم مخاوفها؛ لأنه يُنهي نفوذها في جنوب القوقاز، مع وجود مباشر للأميركيين في ممر «زنغزور» على طول حدودها مع أرمينيا!
معروف أن «حزب الله» منذ تأسس هو جهاز أمني وعسكري، وجزء من استراتيجية الدفاع عن النظام الإيراني. وعلى الدوام كان «يتباهى» حسن نصر الله بأن سلاح الحزب وماله ومأكله ومشربه من إيران، و«يتفاخر» بإعلان ذلك. وبالتالي فإن «فيلق القدس» وحده من يحدد مهام هذا السلاح وكيفية استخدامه، مما يرتب على هذه الجهة المسؤولية عن موجة الاغتيالات الخطيرة التي عرفها لبنان، كذلك المسؤولية عن جريمة 7 مايو (أيار) 2008 عندما اجتيحت بيروت، إلى المسؤولية عن زج هذه الميليشيا في حربٍ آثمة على الشعب السوري وغيره من شعوب المنطقة.
لقد أفَل المشروع الإيراني والتفاخر بالهيمنة على 4 عواصم عربية، بينها بيروت، وأصبح من الماضي، وبالأساس ما كان ذلك ممكناً لولا «التسامح» الأميركي الذي بدأ فعلياً عام 2003 مع إعلان بريمر حل الجيش العراقي؛ مما فتح الباب أمام طهران لملء الفراغ، وتعزيز نفوذها في سوريا ولبنان. لكن هذه اللعبة انتهت، فمشروع الهيمنة طُويَ، والتجربة اللبنانية الكارثية تؤكد انتفاء دور السلاح اللاشرعي. وهنا يجب أن نضع جانباً هذيان نعيم قاسم وآخرين في قيادة حزبه الذين يهدّدون السلطة، وينفون حدوث الهزيمة، فهم يعيشون في غربة عن واقع البلد ومآسي أهله. صعب على هذه الجماعة التكيّف مع الواقع بعد كارثة حرب «الإسناد»، وقد يتأخر الوقت لتظهر لديهم إمكانية التعايش مع البلد، وقد فقدوا قدرة الإمساك بالرئاسة وتشكيل الحكومات وإملاء السياسات المالية والاقتصادية التي تخدم المجتمع الموازي الذي أقاموه.
إن أحداث الأشهر الثمانية على ترتيبات استعجلها «حزب الله» لوقف النار، إعلان مكرر بنهاية دور السلاح الذي عجز عن حماية حامليه. كل السرديات المتعلقة به انكشف زيفها بعدما رتبت الأثمان الباهظة. سلاحهم أو ما بقي منه ما زال لليوم بين أيديهم، وها هو العدو الإسرائيلي يواصل إجرامه، لم يوقف الحرب التي اتخذت طابع قتل الناشطين العسكريين والماليين الأعضاء في «الحزب»، ويواصل تحويل جنوب الليطاني إلى منطقة محروقة غير قابلة للعيش، وتطول تعدياته الإجرامية العمق اللبناني، وبات دور «الحزب» تعداد الخروقات وممارسة الضغط على السلطة بإعلانه التمسك بسلاحه!
لا يمكن للبنان أن يواجه التحدي الصهيوني وعودة الاحتلال وتمركزه في 5 نقاط وتوسعه يومياً مع بقاء الدويلة التي تنفّذ إملاءات النظام الإيراني. إن الحد الأدنى الذي قد يمنح البلد شيئاً من التوازن يمكّنه من جعل العودة إلى اتفاق الهدنة أمراً ممكناً يفترض المضي في خطوات بسط السيادة وجمع السلاح: سلاح «الحزب» والسلاح الفلسطيني وأي قوى أخرى، واستعادة قرار الحرب والسلم، ولا مكان للتراخي والتهاون!
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 21 دقائق
- عكاظ
البرلمان العربي: الاستيطان في «E1» يدمّر آمال الدولة الفلسطينية
أدان البرلمان العربي إعلان وزير مالية كيان الاحتلال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش الموافقة على بناء 3400 وحدة استيطانية جديدة في المنطقة « E1 » الواقعة بين مدينة القدس والضفة الغربية، واصفاً القرار الإسرائيلي بأنه تحدٍ سافر للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وفي مقدمتها قرارات مجلس الأمن التي تؤكد عدم شرعية الاستيطان. وشدد البرلمان العربي، في بيان له، الجمعة، على رفضه القاطع لسياسة تصعيد الاستيطان، بهدف تصفية القضية الفلسطينية والوجود الفلسطيني، إذ إن هذا الإعلان جزء من سياسة إسرائيلية مستمرة لتوسيع المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأكد رئيس البرلمان العربي محمد بن أحمد اليماحي أن البرلمان العربي يحمّل كيان الاحتلال المسؤولية عن هذه التصرفات، معتبراً هذه الخطوة تمثل تصعيداً خطيراً للسياسات الاستيطانية غير القانونية، وتأتي في إطار سياسة ممنهجة لفرض الأمر الواقع على الأرض وتهويد الأراضي الفلسطينية، ما يقوض بشكل كامل فرص تحقيق السلام العادل، ويدمّر حل الدولتين المعترف به دولياً. ودعا رئيس البرلمان العربي، المجتمع الدولي، وفي مقدمته مجلس الأمن والأطراف الراعية لعملية السلام، إلى تحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية، واتخاذ إجراءات فاعلة لوقف هذه الانتهاكات، وضمان محاسبة كيان الاحتلال على جرائمه بحق الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته، ووقف التصعيد الخطير لإرهاب المستوطنين، والذي لن يحقق سوى المزيد من التصعيد والتوتر وعدم الاستقرار. وجدد اليماحي دعم البرلمان العربي الكامل لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها مدينة القدس، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية. وتُعد منطقة E1 موقعاً استراتيجياً حساساً، إذ تربط القدس الشرقية بالضفة الغربية، ويُنظر إلى الاستيطان فيها على أنه محاولة لفصل القدس عن باقي الأراضي الفلسطينية، مما يُعيق إمكانية إقامة دولة فلسطينية متصلة جغرافياً. وتُعتبر المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة منذ عام 1967 غير قانونية بموجب القانون الدولي، وفقاً لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وأبرزها القرار 2334 (2016)، الذي يدين الاستيطان ويطالب إسرائيل بوقفه فوراً، ومع ذلك، تستمر إسرائيل في توسيع المستوطنات، إذ يعيش الآن أكثر من 700000 مستوطن في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وفقاً لتقارير منظمة التحرير الفلسطينية ومنظمات حقوقية. أخبار ذات صلة


الشرق السعودية
منذ 33 دقائق
- الشرق السعودية
نائبة زعيم الديمقراطيين بـ"النواب الأميركي" تصف حرب إسرائيل على غزة بـ"الإبادة الجماعية"
وصفت نائبة زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب الأميركي، كاثرين كلارك، حرب إسرائيل على قطاع غزة بأنها "إبادة جماعية"، خلال فعالية في دائرتها الانتخابية الخميس، وذلك وفقاً لمقطع فيديو حصل عليه موقع "أكسيوس". تعليق كلارك (من ولاية ماساتشوستس) يجعلها واحدة من بين أكثر من 10 أعضاء في مجلس النواب استخدموا هذا الوصف بشأن الوضع في غزة، وهي أعلى عضو رتبة في الكونجرس تقوم بذلك. وبحسب موقع الأخبار Zeteo، فإن 13 عضواً آخرين في مجلس النواب استخدموا كلمة "إبادة جماعية" لوصف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، 12 ديمقراطياً تقدمياً، والنائبة اليمينية مارجوري تايلور جرين، وهي جمهورية من ولاية جورجيا. وتعد كلارك النائبة الثانية لزعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز، الذي كان ينتقد الحكومة الإسرائيلية أحياناً، لكنه كان داعماً لها بشكل عام طوال مسيرته. أدلت كلارك بهذا الوصف عندما واجهتها مجموعة من المحتجين المؤيدين للفلسطينيين، خلال فعالية في مدينة كامبريدج بولاية ماساتشوستس. وقالت كلارك في المقطع: "علينا جميعاً أن نحافظ على قلوب منفتحة بشأن كيف نتخذ إجراءات في الوقت المناسب لإحداث فرق". "وقف التجويع" وأضافت: "سواء كان ذلك بوقف التجويع والإبادة الجماعية وتدمير غزة، أو كان يعني أننا نعمل معاً لوقف إعادة تقسيم الدوائر الجارية، والتي تحرم الناس من حق التصويت". وتابعت: "إنه أمر مرهق أن نفعل كل ذلك، لكن علينا القيام به". وقالت المتحدثة باسم كلارك، جوي لي، في بيان: "موقف النائبة كلارك من الحرب لم يتغير". وأضافت: "الأمن والسلام للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي لا يمكن تحقيقهما إلا من خلال وقف إطلاق نار دائم، والعودة الفورية لجميع الرهائن المتبقين، وزيادة المساعدات الإنسانية إلى غزة". وتابعت: "لا ينبغي أن يكون مثيراً للجدل القول إن الأطفال الإسرائيليين لم يستحقوا أن يتم اختطافهم وقتلهم على يد حماس، ولا ينبغي أن يكون مثيراً للجدل القول إن الأطفال الفلسطينيين، الذين لا يتحملون أي مسؤولية عن فظائع حماس، لا يستحقون أن يُقتلوا بالحرب أو الجوع". وأشارت إلى أن "مستقبلاً آمناً للأطفال الإسرائيليين والفلسطينيين يتطلب حل الدولتين بشكل حقيقي، وإنهاء دائم لكل الجهود الرامية إلى حرمانهم من حقهم في الوجود". كانت كلارك عضواً في "تكتل التقدميين في الكونجرس" قبل أن تصبح نائبة لزعيم الأقلية الديمقراطية، وغالباً ما يُنظر إليها على أنها أفضل حليف لليسار في قيادة الديمقراطيين بمجلس النواب. ومع ذلك، فقد التزمت إلى حد كبير بخط جيفريز في محاولة لتحقيق توازن بشأن قضية الحرب على غزة، وتعرضت لانتقادات من نشطاء مؤيدين للفلسطينين، بسبب دعمها السابق من لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (AIPAC). وعندما ضغط عليها المحتجون، قالت كلارك الخميس: "في الماضي حصلت على أموال من أيباك، لكن، مرة أخرى، هذا لا يعني أنك لن تفعل ما هو صحيح هنا".


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
«حماس» تندد بتقرير أممي يدرجها ضمن القائمة السوداء لمرتكبي الجرائم الجنسية
ندّدت حركة «حماس» الفلسطينية، الجمعة، بتقرير الأمين العام للأمم المتحدة، الذي أدرج الحركة ضمن القائمة السوداء لمرتكبي الجرائم الجنسية. وقالت «حماس» إن إدراج الحركة في التقرير «لم يستند لتحقيقات مستقلة، واعتمد على روايات إسرائيلية مسيّسة ومفبركة»، مضيفة: «ندعو الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن لمراجعة القرار وسحبه فوراً». وأفاد تقرير صادر عن الأمم المتحدة، الخميس، بأن العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات في جميع أنحاء العالم زاد بنسبة 25 في المائة العام الماضي، حيث سجلت جمهورية أفريقيا الوسطى، والكونغو، وهايتي، والصومال، وجنوب السودان أعلى عدد من الحالات. وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في تقريره السنوي، إن أكثر من 4600 شخص نجوا من العنف الجنسي في عام 2024، مع ارتكاب الجماعات المسلحة غالبية الانتهاكات، ولكن بعضها من قبل القوات الحكومية. وشدد على أن الأرقام التي تحققت منها الأمم المتحدة لا تعكس النطاق العالمي وانتشار هذه الجرائم. وتسمي القائمة السوداء للتقرير 63 طرفاً حكومياً وغير حكومي في 12 دولة يشتبه في ارتكابهم أو مسؤوليتهم عن الاغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي في النزاع، بما في ذلك مسلحو «حماس». ولأول مرة، يتضمن التقرير طرفين تم إخطارهما بأن الأمم المتحدة لديها «معلومات موثوقة» يمكن أن تضعهما على القائمة السوداء للعام المقبل، إذا لم يتخذا إجراءات وقائية؛ الجيش وقوات الأمن في إسرائيل، بسبب مزاعم سوء المعاملة الجنسية للفلسطينيين بشكل أساسي في السجون ومراكز الاحتجاز، والقوات الروسية والجماعات المسلحة التابعة لها ضد أسرى الحرب الأوكرانيين. وقال التقرير المكون من 34 صفحة إن «العنف الجنسي المرتبط بالنزاع» يشير إلى الاغتصاب، والاستعباد الجنسي، والدعارة القسرية، والحمل القسري، والإجهاض القسري، والتعقيم القسري، والزواج القسري، وأشكال أخرى من العنف الجنسي.