
هل تُقر تركيا إجازة صلاة الجمعة للموظفين؟
وأكد الحزب في مذكرة التبرير المرفقة بالمشروع، أن حرية العبادة حق دستوري ينبغي حمايته، وأن هذه الخطوة ستعزز الطمأنينة الروحية والسلام الوظيفي للعاملين.
وينص المقترح، الذي وقعه نواب من الحزب بقيادة رئيسه والنائب عن إسطنبول زكريا يابجي أوغلو، على تعديل كل من قانون موظفي الدولة وقانون العمل لإضافة بند يتيح هذه الاستراحة الأسبوعية يوم الجمعة.
أثر المقترح
وحتى الآن، لا يزال المشروع في مرحلة النقاش التشريعي ولم يتحوَّل بعد لقانون نافذ، ويُرتقب إحالته إلى اللجان البرلمانية المختصة تمهيدًا لمناقشته في الجمعية العامة، بينما تتجه الأنظار إلى موقف التحالف الحاكم ومدى دعمه المقترح، خاصة أن حزب هدى بار يعد من أبرز حلفاء الحكومة الحالية.
وعند إقراره، سيكون هذا القانون سابقة في تركيا ، إذ يضمن لجميع الموظفين، بمن فيهم العاملون في القطاع الخاص، فسحة زمنية لأداء صلاة الجمعة جماعيا.
وقالت رئاسة حقوق الإنسان والشؤون القانونية في حزب هدى بار للجزيرة نت، إن المادة 24 من الدستور التركي تكفل حرية الدين، وتضمن حق الأفراد في أداء عباداتهم، مشيرة إلى أن هذه المادة لا تفرض على الدولة فقط الامتناع عن التدخل في المعتقدات، بل تلزمها أيضا بتهيئة الظروف الملائمة لممارسة العبادات بحرية وأمان.
وأضافت أنه رغم أن حرية العبادة محمية دستوريا، إلا أن ذلك لا يكفي وحده، إذ يتطلب الأمر سن تشريعات تكفل إزالة الإشكالات العملية وتوحد التفسيرات المتباينة التي تعيق ممارسة هذا الحق على أرض الواقع.
وأكدت أن صلاة الجمعة تعد فريضة أساسية في الإسلام تؤدى جماعيا، لكن تزامنها مع ساعات العمل يحول أحيانا دون تمكن الموظفين من أدائها، ما يسبب لهم اضطرابا نفسيا ويؤثر على بيئة العمل والسلام الوظيفي والإنتاجية.
وأوضحت أن المقترح المقدم من الحزب يهدف إلى تفعيل التزام الدولة الإيجابي بضمان حرية العبادة، وتعزيز الطمأنينة المجتمعية بإزالة العقبات أمام ممارسة هذا الحق.
وأشارت إلى أن التسهيلات التي أقرتها الإدارات الحكومية سابقا لموظفي القطاع العام خلال صلاة الجمعة كانت محدودة التأثير، وذات طابع مؤقت وغير موحدة التطبيق. كما أنها لم تشمل موظفي القطاع الخاص.
لذلك، يسعى المقترح الجديد لتعديل المادة 100 من قانون موظفي الدولة رقم 657 والمادة 68 من قانون العمل رقم 4857، بهدف إرساء حق قانوني شامل يغطي موظفي القطاعين العام والخاص على حد سواء، ويوفر إطارا تشريعيا يزيل الغموض ويوحّد الإجراءات.
كما يعبر المقترح -وفق الحزب- عن تطلعات شريحة واسعة من المجتمع، ويتوقع أن تتعامل معه الأحزاب السياسية الأخرى بإيجابية، ويأمل أن يتم إقراره في البرلمان دون تأخير.
خطوة سابقة
وتعود أول سابقة تنظيمية بهذا المجال إلى 2016، حين أصدرت حكومة رئيس الوزراء آنذاك أحمد داود أوغلو تعميما إداريا يتيح لموظفي القطاع العام مواءمة استراحة الظهر مع وقت صلاة الجمعة.
وبموجب هذا التعميم (رقم 2016/1)، منح الموظفون حق مغادرة أماكن عملهم ظهر الجمعة لأداء الصلاة دون اقتطاع من أجورهم أو إلزامهم بتعويض الوقت لاحقا، استنادا إلى حرية المعتقد المكفولة بالدستور والقوانين.
ودخل القرار حيز التنفيذ فور نشره في الجريدة الرسمية، لتصبح تركيا واحدة من الدول القليلة ذات الغالبية المسلمة التي تعتمد أسبوع عمل غربي (الجمعة يوم عمل عادي) مع توفير تسهيلات لأداء صلاة الجمعة أثناء الدوام.
ورغم نجاح هذا التنظيم نسبيا في القطاع العام، إلا أن التطبيق واجه بعض العقبات، أبرزها شكاوى موظفين من مطالبة إداراتهم بتقديم إثبات خطي عند خروجهم للصلاة، أو إلزامهم بإضافة مدة الصلاة إلى إجمالي ساعات العمل الأسبوعية.
هذه الإشكالات دفعت ولاية إسطنبول أخيرا إلى إصدار تعميم توضيحي شدد على ضرورة التزام جميع المؤسسات الحكومية بمنح الإجازة للصلاة دون قيود بيروقراطية إضافية. وأكد التعميم أهمية تحقيق توازن بين تمكين الحرية الدينية للموظفين وضمان استمرار سير العمل، بإبقاء عدد كاف من العاملين لتغطية المهام أثناء فترة الصلاة.
مع ذلك، اقتصر تعميم 2016 على الدوائر الحكومية، وبقي موظفو القطاع الخاص خارج نطاق أي إلزام قانوني مماثل، وظلّت استفادة العاملين فيه من فسحة للصلاة رهينة تفاهمات داخلية مع أصحاب العمل أو مبادرات فردية لبعض الشركات التي تمنح مرونة إضافية في وقت الغداء يوم الجمعة.
تباين المواقف
وفي وقت يحظى فيه مقترح إجازة صلاة الجمعة بدعم واضح من الأوساط المحافظة والدينية في تركيا، يقابله تحفظ واعتراض من بعض التيارات العلمانية.
ويأتي تبني حزب "هدى بار" هذا المشروع من منطلق رؤيته الإسلامية المحافظة، بينما لم يصدر عن حلفائه في الائتلاف الحاكم، وعلى رأسهم حزب العدالة والتنمية و حزب الحركة القومية ، أي موقف رافض، بل يُرجح مراقبون أن يصوت نواب التحالف الحاكم لصالح المقترح، انسجاما مع توجهاتهم الرامية إلى تعزيز الهوية الدينية في المجال العام.
في المقابل، يواجه المقترح انتقادات من معارضين علمانيين يعتبرونه تسييسا للدين وخرقا لمبدأ المساواة بين المواطنين بغض النظر عن معتقداتهم. ويرى بعضهم أن تخصيص إجازة للصلاة قد يميز المسلمين الملتزمين على حساب غير المصلين، أو يفتح الباب لـ"فرز" الموظفين وفق تدينهم.
هذه المخاوف ليست جديدة، إذ سبق أن عبرت عنها أطراف نقابية علمانية عند صدور تعميم 2016، قبل أن يحسم القضاء التركي الجدل برفض دعاوى الإبطال، مؤكدا أن منح استراحة لصلاة الجمعة لا يتعارض مع مبدأ العلمانية.
أما في الشارع التركي، فلا يبدو أن المقترح أثار انقساما شعبيا حادا حتى الآن، ربما لحداثة طرحه. ويرجح مراقبون أن تمر المسألة بهدوء نسبي مقارنة بملفات أكثر جدلا، خاصة أن مواطنين كثيرين ينظرون إليها كخطوة طبيعية تحترم التقاليد الدينية، بينما يبدي آخرون قدرا من الفتور باعتبارها لا تمس احتياجاتهم المباشرة.
في السياق، يرى المحلل السياسي مراد تورال، أن فرص إقرار قانون إجازة صلاة الجمعة ترتبط بالتوازنات السياسية داخل البرلمان، مشيرا إلى أن الأغلبية التي يتمتع بها التحالف الحاكم، بدعم من حزب هدى بار صاحب المقترح، تجعل تمرير القانون أمرا واردا.
ويقول للجزيرة نت، إن إقرار هذا التشريع سيمثل خطوة جديدة نحو التوفيق بين هوية الدولة العلمانية وخصوصية الأغلبية المسلمة، على غرار دول أخرى اعتمدت نظم عمل تسمح بمرونة لأداء الشعائر الدينية الأسبوعية.
وعند تعثر المشروع بضغط من المعارضة أو انشغال البرلمان بأولويات أخرى، يرجح تورال، أن يظل موضوع إجازة الجمعة حاضرا في الأجندة الاجتماعية، وقد يطرح مستقبلا بصيغ مختلفة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 11 ساعات
- الجزيرة
المحرَر المبعد إسحاق عرفة: حرية القدس قريبة ومدينون بحريتنا لأهل غزة
إسطنبول- كُتب للأسير المقدسي المحرر إسحاق عرفة، والمقيم الآن في تركيا ، أن يولد مرتين، الأولى عندما رأت عيناه النور في 3 يوليو/تموز 1988 في مدينة القدس ، والثانية في 25 يناير/كانون الثاني المنصرم عندما تحرر في الدفعة الثانية من صفقة " طوفان الأحرار" التي أُبرمت بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) و إسرائيل ، وأُبعد خارج فلسطين. وفي حوار خاص أجرته معه الجزيرة نت، انساب على لسان هذا المحرَر المبعد -الذي قضى 14 عاما خلف قضبان سجون الاحتلال- سيل من قصص الألم والأمل التي عاشها مع رفاقه، ولم يخْبُ حبّه للمسجد الأقصى طيلة مدّة لقائه، وقال إن حبّه هو الثابت الذي لا يتغير. وتاليا نص الحوار كاملا: بداية من هو المقدسي إسحاق عرفة، كيف تحب أن تعرف به نفسك؟ ولدت في القدس، ومن يولد في القدس تولد المدينة فيه أيضا، وتصبح كلّ كيانه وطفولته وشبابه، فيعيش لأجلها، وفقدانها يعني فقدان عضو من الجسد، ولا شك أنني أتمنى أن أموت فيها. ترعرعت في كنف أسرة متوسطة الدخل، لكنها بفضل الله ملتزمة دينيا، كان والدي يعمل حارسا في المسجد الأقصى وترك ذلك بصمته على شخصيتي، لأنه كان يصطحبني برفقته دائما. تطلّ نافذة منزلنا على المسجد الأقصى وكنت أطيل النظر لقبة الصخرة الذهبية لعلّي أشبع من النظر إليها، وأفهم معاني هذا الذهب وبريقه. وترعرعت أيضا في بيت جدتي في البلدة القديمة ، وبالتحديد ما يطلق عليه الاحتلال "حارة اليهود" وأشتاق لعبق تلك الحارة والبلدة القديمة وروائح الخبز والكعك. كنت تتمتع بعلاقات واسعة مع المقدسيين قبل اعتقالك، خاصة أنك كنت تعمل في مجال التصوير الصحفي، وعُرف عنك ذلك داخل السجون أيضا، ما الفرق في العلاقات داخل السجون وخارجها؟ الإنسان بطبيعته اجتماعي ولا يمكن أن يتخلى عن محيطه، والأصدقاء أمر أساسي في حياتي، وحرصت دائما أن تكون علاقاتي مع الآخرين مبنية على الوضوح والصراحة. حملت هذه المبادئ معي إلى السجون، ووجدت هناك أن الفرص أفضل لإنشاء علاقات بحكم أننا نعيش على مسافة "صفر" من بعضنا البعض، وبالمجمل قررت أن تكون علاقاتي طيبة مع الجميع وأن تكون مشاكلي معهم "صفر" وهذه نظرتي للحياة. دخلت السجن بعمر 25 عاما وخرجت منه وعمرك 39، ماذا غيّرت فيك هذه التجربة؟ هذا السؤال سأجيب عليه بدقائق، لكن الإجابة عليه تحتاج إلى ضعف الـ14 عاما التي قضيتها بالأسر، لأنه عميق جدا، وهناك تفاصيل كثيرة لن أستطيع أن أتطرق لها بسبب ضيق الوقت لكنني سأذهب لمواقف حدثت معي للإجابة عنه. دخلت الأسر وعمري 23 عاما، وولدت من جديد قبل أشهر بعدما دفنت حيا خلف القيود والسلاسل والقضبان الحديدية، ولو خيروني بأن أقبل عيش قصة أسري من بدايتها حتى خاتمتها التي انتهت على يد المقاومة لقبلتها كما هي. في السجن حققت كثيرا مما لم أكن سأحققه لو أنني خارجه، فحصلت على شهادتَي بكالوريوس، إحداهما في تخصص التاريخ والأخرى في العلوم السياسية، وعلى شهادتَي ماجستير أيضا إحداهما في الاقتصاد الإسلامي والأخرى في الدراسات الإقليمية. في السجون أصبحت حرّا أكثر بعدما رفضت الاحتلال وقاومته بكامل إرادتي وحريتي وبصوتي المرتفع الذي رددت به أنني لن أعترف بهذا الاحتلال الذي منعني من دخول الأقصى لأنني كنت ممن يصلّون فيه دائما. وهذا كان سبب ما قمت به من مقاومة، لأنني أُبعدت دون وجه حق، وبالتالي كنت حرّا وأعلنت عشقي للمسجد الأقصى على عكس الآخرين ممن لا يمكنهم قول ذلك صراحة خوفا من خسارة شيء أو من تقييد حريتهم.. دخلت الأسر وأنا أقول: هذا الاحتلال مجرم ويجب مقاومته ومقارعته وخرجت منه وأنا أقول ذات العبارة. ما أكثر ما يخشى منه الأسير ويؤرقه خلف القضبان؟ أشياء كثيرة كانت تمخر رأسي، كخشيتي من فقدان والدي ووالدتي بسماع خبر وفاتهما كما حدث مع الكثير من الأسرى، وعندما كان يموت أحد من ذوي الأسرى أقول لنفسي ربما يقف ملك الموت على باب منزل عائلتي وأنا في الأسر، لأن أمي وأبي كبار في السن. كان هذا الهاجس يرافقني، وكلما تواصلت معهم خشيت أن أسمع كلمة "موت" وهذا سبب لي قلقا كبيرا خلال سنوات اعتقالي، وكان طموحي أن أتحرر وأتزوج وأن يرى أبي وأمي أولادي، وهذه أمنية أمي التي تحقق منها بفضل الله 70% بتحرري، وبقي أن أتزوج وأنجب الأطفال. أنت تتحدث عن شخص حُكمه مؤبد بالإضافة لـ60 عاما، أي مدى الحياة، ويعني ذلك أنه سيموت داخل السجن، وكثيرون ماتوا قبل انتهاء فترة حكمهم، والآن يقضون ما تبقى منها في ثلاجات الموتى. كتب الأسير الراحل وليد دقّة مسرحية ملحمية عن هذا الموضوع، ودار في أحداثها حوار بين الأسرى الشهداء القابعين في ثلاجات الموتى، وكانوا يتساءلون من سيزورهم أولا، هل هو الأسير المريض بالسرطان ناصر أبو حميد، أم الأسير المريض بالسرطان أيضا وليد دقّة.. لكن ناصر ذهب قبل وليد ولحقه الأخير، وانتهت هذه المسرحية لأن القلم سقط من يد كاتبها، وبقيت هذه الذكرى في أذهاننا ننقلها لنقول "هذه معاناة الأسير الفلسطيني". كنت إحدى دعائم الوحدة الوطنية داخل السجون، لماذا أخذت هذه المسؤولية على عاتقك؟ لديّ قناعة أنه يجب أن تحاول فعل شيء، ولا أؤمن بالمثل الفلسطيني القائل "اللي بجرب المجرب عقله مخرّب" وصممت أن أجرب المجربين وأن يكون عقلي مُخَرّبا، وقلت لربما الظروف تتغير وأنجح، فحاولت لملمة شمل الكوادر المقدسية من الأسرى في جميع الفصائل وتواصلت مع العديد منهم، وحاولت الوصول لورقة تفاهم لطي صفحة الانقسام التي طالت، ولا تخدم الشعب الفلسطيني وقضيته. قلت إنه يجب أن نتجه معا نحو مقارعة هذا الاحتلال وتوجيه البوصلة نحوه فقط، وهذا ما سعيت إليه.. لم أنجح كما يجب، لكنني حاولت واكتسبت معرفة، ومجرد المحاولة نجاح. خضت تجارب قاسية بالسجون كالإضراب عن الطعام، والعزل الانفرادي، والمنع من زيارة الأهل. هل نجحت في تحويل هذه المحن إلى منح وكيف؟ اكتشفت من خلال الإضراب عن الطعام أن الإنسان لديه قدرات لا يعرفها، وفي أول إضراب خضته عام 2012 كانت معلوماتي صفر عن هذه التجربة لأنني كنت حديث الأسر، وأضربت حينها 29 يوما كاملة زادتني قوة وهذا أعطاني ثقة بنفسي. انتصرنا حينها، واستطعنا إخراج الأسرى المعزولين من الزنازين الانفرادية، بالإضافة لتحقيق زيارات الأهل لأسرى غزة، وكان شعورا لا يوصف، لأنني كنت أحد جنود هذه المعركة. شاركت أيضا في عدد من الإضرابات الأخرى، ومنها ما خضته مع الأسرى المعتقلين إداريا احتجاجا على هذا الاعتقال التعسفي. قال أسير مقدسي محرر إن السجون انتقلت بعد السابع من أكتوبر من "الحكم الذاتي" إلى "الحكم العسكري". اسرد لنا شيئا مما عشته بعد هذا التاريخ؟ كان حكما ذاتيا بالفعل لأننا أقوياء، وكان الاحتلال يحسب ألف حساب للمقاومة، وعندما اشتبكت معه قرر أن يفعل بنا الأفاعيل، فسقط القناع عن وجه الاحتلال، ومارس سلوكه الطبيعي النازي الذي يمارسه بشكل دائم، ومارس بحقنا كل أساليب التعذيب. نتحدث عن 73 شهيدا خلال فترة الحرب مقارنة بـ11 شهيدا في سجن غوانتنامو خلال عامين.. وعندما تحررت كنت قد فقدت من وزني 50 كيلوجراما، وظنّ الجميع أنني مريض، لكن الحقيقة أن الطعام الذي كنّا نأكله خلال فترة الحرب هو فقط من أجل أن نتحمل الضرب والإهانات والقمع، وكي لا نموت.. وكان هذا الهدف الوحيد للطعام. حدثنا عن نشاطك الثقافي خلف القضبان، وما السجون التي تنقلت بينها خلال فترة اعتقالك؟ كتبتُ يوما مقالا تحت عنوان "دولة السجون" بعدما مررت على كافة السجون تقريبا، بدءا من مركز تحقيق المسكوبية، مرورا بكل من جلبوع وعسقلان وإيشل، ثم نفحة الصحراوي وهداريم وشطّة، والنقب الذي تحررت منه، وبعض السجون عشتُ فيها على فترتين بسبب التنقلات الدائمة. بخصوص نشاطي الثقافي، فبالإضافة إلى الشهادات الجامعية، كتبت العديد من المقالات والأوراق البحثية، وألفت كتابا يتحدث عن قرى القدس المهجرة أطلقت عليه اسم "الذاكرة الغربية للقدس" وهو كتاب إلكتروني وأسعى الآن لتطويره ليكون على شكل تطبيق، كما كتبت رواية سأنشرها قريبا وستصدر عن دار الشروق تحت عنوان "حجارة تعشق السور" وهي مخصصة للجيل الناشئ، وتتحدث عن الأقصى، وأننا لسنا وحدنا من نعشقه، بل الحجارة تعشقه أيضا. هل كان حلم التحرر من السجون بصفقة تبادل يراودك أم أن اليأس تسلل إلى قلبك مع مرور السنين؟ كنّا نصلي الفجر، وفُتحت أبواب الزنزانة بوقت مبكر جدا على غير العادة، وبدأت مكبرات الصوت تنادي على أسماء بعض الأسرى، ولم نعلم إن كان الإفراج أم النقل أم الإعدام هو ما ينتظرنا، لكن الأرجح كان الإفراج بسبب توارد بعض الأخبار عن الصفقة إلى مسامعنا. لم أتوقع بنسبة 1% أن أكون من بين المفرج عنهم بحكم أنني لست من بين القدامى في السجون، فغيري يمكث فيها منذ 30 و40 عاما، ورغم ذلك كانت لدي قناعة أنني سأتحرر، وأن الباب سيفتح لي، وكان السجان يعرف أن هذا اليوم آت، لكن حتى يحين موعده استمر بالفتك بنا وقمعنا قدر الإمكان. نادوا على الأسير عبد الله الشرباتي وقالوا اخرج الآن ولا تأخذ معك شيئا.. رأيت في عيونه الصدمة والكثير من الأسئلة، فاقتربت منه وقلت له: ليس وقت الأسئلة الآن جهّز نفسك واخرج، ثم جاء دوري وسمعت اسمي فأصابني ما أصابه وقال لي الأسرى ما قلته لمن سبقني وخرجت. نحن خرجنا بقدرة الله، ثم بإرادة أهلنا في غزة، وهؤلاء سبب حريتنا وسيكونون سبب حرية هذه الأمة، بل وحرية هذا الكون من الصهيونية إذا سُئلتُ عن شعوري في تلك اللحظة سأقول إنه شعور من أوتي كتابه بيمينه، وشعور من كان في بحر يتكئ على قطعة خشبية وينتظر من ينقذه من أسماك القرش التي تحوم حوله، وشعور من أُلقي من طائرة وفُتحت مظلته للهبوط الآمن في آخر لحظة، ومهما كتبت وقلت فلن أصف هذا الشعور، لكن الفرحة كانت منقوصة لأن خلفي إخوة لا أحد يعرف مدى معاناتهم. أولا وآخرا نحن خرجنا بقدرة الله، ثم بإرادة أهلنا في غزة ، والله لو حفرت نفقا من غزة إلى رأس الناقورة لن أوفيهم الدين الذي في رقابنا تجاههم، وهؤلاء سبب حريتنا وسيكونون سبب حرية هذه الأمة، بل وحرية هذا الكون من الصهيونية. حدثنا عن لحظات اللقاء الأولى مع والديك بعد غياب قسري عنهما دام 14 عاما؟ تأثر والداي كثيرا عند رؤيتي، ووثقت العدسات هجومي على قدم أمي عندما رأيتها.. لم أفكر بتقبيل جبينها أو كفها بل قدمها فقط، ونذرت أن أفعل ذلك بمجرد رؤيتها. هاتان القدمان تعبتا كثيرا معي، فسارتا من سجن إلى آخر، ومن سوق إلى آخر لشراء ملابسي واحتياجاتي، وتعذبتا على أعتاب السجون من أجل التفتيش، وكل ذلك حاضر في ذهني. أمي هي التي أرضعتني حب هذه البلاد وحب المسجد الأقصى، وكأن في تركيبة الحليب شيء يربطنا بالمسجد، وبالمناسبة من يشرب من مياه المسجد الأقصى يعشق هذا المقدس، ومياهه بالنسبة لنا مقدسة كماء زمزم. نُفيت إلى مصر ثم استقررت في تركيا، حدثنا عن هاتين المحطتين، وهل تشعر أن عودتك إلى فلسطين ستكون قريبة؟ لحظة الانتقال من بين أيدي الاحتلال إلى أيدي المخابرات المصرية قد أُصدر في المستقبل عنها كُتيّبا. فجأة أصبحت حرّاً بلا قيود ولا تعليمات، وفجأة انتقلت من حافلة مقاعدها حديدية إلى أخرى مقاعدها إسفنجية، ومن أشخاص كانوا طوال الرحلة يشتمونني إلى أشخاص قالوا لي بمجرد رؤيتي أهلا وسهلا شرفت ونوّرت. من رفح انتقلت إلى القاهرة ، وبعد فترة انتقلت إلى هذا البلد الحبيب "تركيا" الذي لنا فيه نحن أهل القدس الكثير من الذكريات، لأن بصمات الدولة العثمانية حاضرة في أزقة القدس حتى يومنا هذا. تركيا محطة احتضنتنا، وأشكر رئيسها رجب طيب أردوغان الذي استقبلنا، على عكس الكثيرين ممن خافوا من استقبالنا، وبإذن الله فإن السفن التي فُتحت فيها القسطنطينية التي كانت لمدة 800 عام عصية على الفتح، ستفتح فيها مدينة القدس أيضا.. وكما تحررت وكان ذلك مستحيلا ستكون حرية هذه المدينة قريبة إن شاء الله. ما أكثر ما اشتقت إليه في القدس، وما هو أول مكان ستزوره بالمدينة في حال عدت إليها؟ إجابتي عن هذا السؤال ستكون سريعة وبدون أي تفكير: المسجد الأقصى، وأول شيء سأفعله عندما أصل القدس هو الذهاب إليه والسجود على ترابه سجدة طويلة جدا أذرف بها الدموع حتى يتبلل التراب، ثم أزرع زهرة حنون صغيرة وأسقيها بدموعي، لأن هذا المقدس هو محور الكون بالنسبة لي، ولا مثيل لوجوده على هذه الأرض فهو نسخة واحدة فقط. ولو قالوا إن الحياة ممكنة على أي كوكب آخر فستكون تعيسة لأن الأقصى غير موجود هناك.


الجزيرة
منذ يوم واحد
- الجزيرة
تركيا وحزب العمال الكردستاني.. مرحلة جديدة محفوفة بمخاطر وتحديات
يشكل قرار حزب العمال الكردستاني بنزع أسلحته وحل نفسه خطوة مهمة وتاريخية في نظر مراقبين، لأنه سينهي عقودا من التمرد المسلح، ويفتح المجال أمام الحزب للانخراط في الحياة السياسية التركية، لكنّ مراقبين آخرين يرجحون أن تكون العملية محفوفة بتحديات ومخاطر. وبدأ حزب العمال الكردستاني أمس مراسم إلقاء سلاحه في مدينة السليمانية بإقليم كردستان العراق، حيث أضرم مقاتلون تابعون للحزب النار في أسلحتهم الخفيفة والمتوسطة، في خطوة جاءت استجابة لزعيم الحزب المعتقل عبد الله أوجلان ، الذي طالب من سجنه في جزيرة إمرالي بإنهاء العمل المسلح المستمر منذ ثمانينيات القرن الماضي، والدخول في العمل السياسي الديمقراطي. وفي تعليقه على العملية، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم السبت إن صفحة جديدة فُتحت لتركيا، مؤكدا أن بلاده انتصرت وانتصر الأتراك والأكراد والعرب. واعتبر-في كلمته أثناء اجتماع استشاري لـ"حزب العدالة والتنمية" بأنقرة- أن مشاكل الأكراد في سوريا والعراق هي مشاكل مشتركة، وأن أنقرة تنسق مع بغداد ودمشق وهم سعداء بتخلي المنظمة عن سلاحها. وخاض حزب العمال الكردستاني على مدى عقود تمردا مسلحا على الدولة التركية أودى بحياة نحو 40 ألف شخص، لكنهما دخلا في عملية سلام بين عامي 2013 و2015، لم تعمر طويلا. ويرى محللون، أن هناك عدة عوامل قد تضمن نجاح عملية السلام الحالية بين الحزب الكردستاني والدولة التركية، يعددها الكاتب والباحث السياسي، محمود علوش -في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر"- في الوضع الداخلي في تركيا ودعم القوميين هذه العملية، والتحولات التي طرأت على الحزب نفسه، حيث لم يعد قادرا على الاستمرار في التمرد المسلح بفعل الضربات القوية التي تلقاها خصوصا في العقدين الأخيرين. إضافة إلى انتهاء سياسة إنكار الهوية الكردية في تركيا، حيث بدأ أردوغان منذ وصوله إلى السلطة في إصلاحات فتحت الأبواب للأحزاب الكردية وللاعتراف بالهوية الكردية. ظروف إقليمية ودولية كما لعبت الظروف الإقليمية والدولية دورا في التأثير على الحالة الكردية في علاقتها بتركيا، ويشير علوش في هذا الصدد إلى الانعطافة التي حصلت في السياسة الأميركية، وإلى التحول الذي حصل في سوريا، وشكل -حسبه- منعطفا كبيرا في الصراع بين تركيا وحزب العمال الكردستاني، فضلا عن إيران التي قال، إنها استثمرت في الحالة الكردية على مدى سنوات طويلة في إطار التنافس مع تركيا وفي إطار طموحاتها الإقليمية. غير أن العوامل والظروف التي هيأت الأرضية للسلام بين تركيا وحزب العمال الكردستاني، قد تعترضها حسابات وتحديات كبيرة، ومنها ملف "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، حيث إن عدم اندماج هذا الحزب في الدولة السورية سيكون انتكاسة على الاتفاق بين تركيا وحزب العمال الكردستاني، كما يوضح علوش. ولم تبد "قسد" أي موقف علني اتجاه الاتفاق بين تركيا وحزب العمال الكردستاني، منذ دعا أوجلان إلى إنهاء العمل المسلح، وهي متحفظة كثيرا من هذه الخطوة، كما يقول الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات، الدكتور لقاء مكي، إذ أشار إلى أن السيطرة على المشكلة الكردية في سوريا سيدفع المنطقة باتجاه التهدئة. ويأمل قادة حزب العمال الكردستاني، أن تتوجع عملية نزع سلاحه وتخليه عن العمل المسلح بإطلاق سراح زعيمه المسجون عبد الله أوجلان، وهو ما أكده مكي، أن الإجراء الثاني ربما يكون الإفراج عن أوجلان. ويذكر أن حزب العمال الكردستاني الذي أسسه أوجلان في نهاية سبعينيات القرن المنصرم، كان قد أعلن في 12 مايو/أيار الماضي حل نفسه وإلقاء السلاح. وجاء ذلك تلبية لدعوة أطلقها أوجلان في 27 فبراير/شباط من سجنه في جزيرة إيمرالي. وفي الأول من مارس/آذار، أعلن الحزب -الذي تصنّفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون منظمة "إرهابية"- وقف إطلاق النار.


الجزيرة
منذ يوم واحد
- الجزيرة
على ماذا ركز أردوغان في خطابه بعد تسليم حزب العمال الكردستاني سلاحه؟
أنقرة- في خطاب وُصف بـ"التاريخي"، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ، اليوم السبت، بدء مرحلة جديدة في مسيرة تركيا نحو إنهاء حقبة الإرهاب التي امتدت لأكثر من 4 عقود، وذلك غداة انطلاق عملية تسليم حزب العمال الكردستاني أسلحته في شمال العراق. وخلال كلمته في الاجتماع التشاوري والتقييمي الـ32 ل حزب العدالة والتنمية في أنقرة ، أكد أردوغان أن تركيا تدخل عهدا جديدا يقوم على الأمن والاستقرار والوحدة الوطنية بين الأتراك والأكراد والعرب، كاشفا عن تشكيل لجنة برلمانية خاصة لمتابعة عملية نزع السلاح وضمان استكمالها بنجاح. واعتبر أردوغان أن إحراق مقاتلي حزب العمال الكردستاني لأسلحتهم في مراسم رمزية، أمس الجمعة، يمثل "خطوة مهمة للغاية" تجاه إغلاق ملف النزاع المسلح، مشددا على أن هذه التطورات ليست مجرد إنجاز لحكومته، بل هي "نصر لكل مواطن تركي، كردي وعربي، ولكل أبناء الأمة التركية البالغ عددهم 86 مليون نسمة". وأكد أردوغان في كلمته على أهمية "اللحظة التاريخية" التي تمر بها تركيا، معتبرا أن عملية نزع السلاح التي بدأها حزب العمال الكردستاني ليست مجرد قرار سياسي عابر، بل ثمرة "عقود من التضحيات وكفاح طويل ضد الإرهاب". وقال "اليوم نطوي صفحة دامية امتدت 47 عاما، وأدعو كل تركي، وكل كردي ، وكل عربي للاحتفال بهذا الإنجاز التاريخي. إذا كنا يدا واحدة، فإن تركيا ستكون أقوى وأكثر ازدهارا". وشدد على أن الوحدة الوطنية هي السد المنيع أمام أي تهديد داخلي أو خارجي، مضيفا "حين يتكاتف التركي والكردي والعربي، يتحقق النصر للجميع، أما حين ينقسمون، فلا تأتي النتيجة إلا بالهزيمة والحزن". وفي استدعاء للتاريخ المشترك بين مكونات الأمة، أشار أردوغان إلى أن معارك مصيرية مثل ملاذ كُرد (1071)، وفتح القدس ، وفتح إسطنبول ، وصمود جناق قلعة في الحرب العالمية الأولى ، والحرب الوطنية لاحقا، كانت جميعها نماذج للوحدة التي جمعت الأتراك والأكراد والعرب على أرض المعركة. وحذَّر من أن الانقسامات بين هذه الشعوب كانت دائما مدخلا للهزائم الكبرى، بينما الوحدة كانت مصدرا للنصر والازدهار. ودعا أردوغان جميع المواطنين -أتراكا وأكرادا وعربا ومن مختلف التوجهات والانتماءات- إلى الحوار الصريح بعيدا عن السلاح والعنف، مؤكدا أن كل فرد منهم هو "مواطن من الدرجة الأولى" في الدولة التركية. وفي رسالة مباشرة لمكونات اجتماعية بعينها، قال "أيها الأخ الكردي، إن كان لديك قضية فدعنا نتحاور دون سلاح أو عنف. وأنت يا أخي العلوي ، إن كانت لديك مشكلة، فلنجد لها حلا بالحوار". رسائل في السياق، يرى المحلل السياسي طه عودة أوغلو، أن تصريح الرئيس أردوغان، خاصة تركيزه على ضرورة توحيد المكونات الداخلية، يأتي في مرحلة يسير فيها مسار نزع سلاح حزب العمال الكردستاني بخطوات إيجابية، خلافا للمحاولات السابقة. ويشير عودة أوغلو في حديث للجزيرة نت، إلى أن أردوغان يسعى إلى رص الصفوف داخليا، لا سيما بين مؤيدي حزب العدالة والتنمية، لتجنب أي ثغرات قد تؤثر على مسار يعتبره الرئيس "مصيريا وحاسما" لمستقبل تركيا. ويضيف أن نجاح هذه الخطوة -المتمثلة بترك السلاح وحل الحزب خلال عهد أردوغان- سيكون بمثابة مكسب سياسي كبير للحزب الحاكم ولأردوغان شخصيا. وبرأيه، تحمل هذه التصريحات أيضا رسائل موجهة للطرف الكردي، في ظل امتداد فروع حزب العمال الكردستاني داخل تركيا وخارجها في سوريا والعراق وحتى إيران وبعض الدول الأوروبية. ويشير أوغلو إلى أن أردوغان يسعى لإغلاق هذه الصفحة نهائيا، في وقت بدأت فيه الدولة بالنظر إلى المستقبل بعيون مختلفة، مستفيدة من المكاسب المتوقعة للطرفين إذا اكتمل هذا المسار بنجاح. اللجنة ومهامها وفي خطوة وصفت بأنها إطار تشريعي لضمان استدامة عملية نزع السلاح، أعلن أردوغان تشكيل لجنة خاصة داخل البرلمان، تتولى متابعة جميع مراحل عملية تسليم حزب العمال الكردستاني أسلحته. وأوضح أن اللجنة التي ستضم نوابا من حزب العدالة والتنمية وحليفه حزب الحركة القومية ، إضافة إلى حزب الشعوب الديمقراطية ، ستعمل على مراقبة تنفيذ الإجراءات وضمان توافقها مع القوانين الوطنية والمعايير الإنسانية، كما ستبحث في سن التشريعات اللازمة لدعم المرحلة الجديدة التي تدخلها تركيا. وأكد أن الدولة ستتابع أدق تفاصيل العملية لضمان تنفيذها وفقا للقانون والعدالة. وخصَّص أردوغان جزءا مهما من كلمته متحدثا عن مشروع "تركيا بلا إرهاب"، واصفا إياه بأنه "أعظم إنجاز في تاريخ الجمهورية الحديثة". وأكد أن هذا المشروع سيتيح توجيه موارد الدولة نحو التنمية والازدهار بدلا من استنزافها في مكافحة الإرهاب، مشيرا إلى أن تركيا باتت تعتمد على صناعتها الدفاعية المحلية بشكل كامل في مواجهة التحديات الأمنية. في السياق، يرى المحلل السياسي علي أسمر، أن تشكيل لجنة برلمانية لمتابعة مسار نزع سلاح حزب العمال الكردستاني يُمثل خطوة جوهرية لتعزيز الشفافية أمام الأحزاب السياسية والرأي العام التركي. ويعتبر في حديثه للجزيرة نت، أن هذه الخطوة تفتح الطريق أمام تركيا جديدة بلا إرهاب، وهو مسار يحمل انعكاسات سياسية واقتصادية وأمنية وثقافية عميقة، مما يضع على عاتق اللجنة مسؤوليات ثقيلة. ويشير إلى أن النجاح في هذا الطريق يتطلب تنسيقا دقيقا ومنهجيا، ليس داخليا فقط، بل خارجيا أيضا، في ظل استمرار التعاون الأمني مع حكومتي أربيل و بغداد. ويلفت أسمر إلى أن مهام اللجنة ستتركز حول محاور رئيسية، أبرزها التنسيق مع بقية الأحزاب، خاصة حزب الشعوب الديمقراطي، ومتابعة الملفات القضائية المرتبطة بهذه المرحلة الحساسة. وبرأيه، فإن هناك توجها أوليا لفرز مقاتلي الحزب إلى فئتين: الأولى: من ارتكبوا أعمال عنف، وهؤلاء سيحالون إلى القضاء. والثانية: من لم يتورطوا في الدماء، وقد يخضعون لبرامج تأهيل وإعادة دمج في المجتمع. وخلص أسمر إلى أن اللجنة البرلمانية ستكون بمثابة صمام أمان لاستمرار عملية نزع السلاح، كما ستساعد في طمأنة الشارع التركي ومعالجة أية ثغرات قد تظهر خلال التنفيذ.