
هدنة روسية أحادية الجانب تدخل حيز التنفيذ
بدأ سريان وقف إطلاق النار الأحادي الذي أعلنته موسكو عند منتصف ليل الأربعاء/الخميس، وفقًا لما أوردته وكالة الأنباء الروسية الرسمية 'تاس' صباح اليوم الخميس.
ويستمر هذا التوقف لمدة 72 ساعة، حتى منتصف ليل السبت/الأحد (الساعة 21:00 بتوقيت غرينتش من يوم السبت)، تزامنًا مع احتفالات روسيا السنوية بيوم النصر في 9 مايو، الذي يخلّد ذكرى نهاية الحرب العالمية الثانية ويشمل عرضًا عسكريًا في الساحة الحمراء بموسكو.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن هذه الهدنة تماشيًا مع المناسبة، إلا أن كييف شككت في جدواها واعتبرتها مجرد خطوة رمزية، مجددة دعوتها، بدعم من الولايات المتحدة، إلى وقف شامل لإطلاق النار لا يقل عن 30 يومًا.
اقرأ أيضًا: بنسبة 96% .. السعودية تقود المنطقة في نضج الخدمات الحكومية الإلكترونية
وفي خطابه المسائي يوم الأربعاء، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي: 'ما زلنا نتمسك بمبادرتنا لوقف إطلاق نار لمدة لا تقل عن 30 يومًا'، مؤكدًا أن 'هذا الاقتراح لا يزال قائمًا لأنه يمثل فرصة حقيقية للدبلوماسية'.
وأضاف: 'لكن العالم يرى أن روسيا لا تقدم أي استجابة… لا شيء سوى مزيد من الضربات'.
وللمرة الأولى منذ عدة أيام، لم تُطلق صافرات الإنذار في أوكرانيا خلال الليل، ما يشير إلى غياب الهجمات الجوية الروسية.
وفي المقابل، لم تعلن موسكو على الفور ما إذا كانت قد تعرضت لهجمات جديدة بطائرات مسيرة أوكرانية.
ومن المقرر أن يقام العرض العسكري الروسي بيوم النصر يوم الجمعة، لإحياء ذكرى هزيمة ألمانيا النازية عام 1945، وسط حضور متوقع لعدد من القادة الأجانب، بمن فيهم الرئيس الصيني شي جين بينغ.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


حضرموت نت
منذ 9 ساعات
- حضرموت نت
الرئيس العليمي يضع إكليل الزهور على ضريح الجندي المجهول في موسكو
ضمن زيارته الرسمية إلى روسيا الاتحادية، قام رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد محمد العليمي، اليوم الأربعاء، بوضع إكليل من الزهور على ضريح الجندي المجهول بجوار جدار الكرملين في حديقة الكسندر بالساحة الحمراء في العاصمة الروسية موسكو. وعقب المراسم، شهد الرئيس العليمي عرضًا رمزيًا لحرس الشرف، تخلله عزف السلام الوطني للجمهورية اليمنية من قبل الفرقة الموسيقية العسكرية، في إطار تقاليد الاستقبال الرسمية التي تعكس متانة العلاقات بين البلدين. يعد الضريح من أبرز المعالم التذكارية في روسيا، وقد أُقيم في أواخر الستينات تخليدًا لصمود وتضحيات الجنود السوفيات في الحرب العالمية الثانية، وتجسيدًا للانتصار التاريخي على النازية. ويحتوي الضريح على رفات جنود مجهولين قضوا في معركة موسكو عام 1941، وقد نُقلت رفاتهم من مدينة سان بطرسبيرغ (ليننغراد سابقًا) إلى موقعهم بمحاذاة الجدار الغربي للكرملين. رافق رئيس مجلس القيادة الرئاسي خلال الزيارة عدد من المسؤولين اليمنيين، وهم، وزير الخارجية وشؤون المغتربين الدكتور شائع الزنداني ومستشار رئيس المجلس للدفاع والأمن الفريق محمود الصبيحي، ومستشار التنمية والإعمار المهندس عمر العمودي، ومستشار الشؤون الثقافية مروان دماج، وسفير اليمن لدى روسيا الاتحادية أحمد سالم الوحيشي. مباحثات مرتقبة مع القيادة الروسية وكان الرئيس العليمي قد وصل إلى موسكو يوم الثلاثاء في زيارة رسمية تلبية لدعوة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وكان في استقباله بمطار فونكوفو نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين، وسفير اليمن لدى موسكو أحمد سالم الوحيشي. وتأتي الزيارة في إطار تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، حيث من المقرر أن يجري الرئيس العليمي مباحثات مع نظيره الروسي حول سبل تطوير التعاون المشترك، إلى جانب مناقشة تطورات الأزمة اليمنية وجهود إحلال السلام. كما تشمل أجندة الزيارة لقاءات مع عدد من كبار المسؤولين في مجلس الدوما والحكومة الروسية، وذلك في سياق توسيع مجالات الشراكة السياسية والاقتصادية. وفي تصريح لوكالة الأنباء اليمنية 'سبأ'، أعرب الرئيس العليمي عن تقديره للعلاقات التاريخية بين اليمن وروسيا، التي تعود إلى أكثر من قرن، مشيدًا بموقف موسكو الداعم للشرعية اليمنية وتطلعات الشعب اليمني في استعادة دولته ومؤسساته.

سودارس
منذ 10 ساعات
- سودارس
السودان- الجندي المظلوم والراية الممزقة: من الخيرات إلى هارلم: (فيديو)
في مشهد مهيب ومفارق، وقفت سيدة سودانية قد تكون في الخمسينات من عمرها، تكسوها ثياب الوقار السوداني، وتتحدث بحنق منضبط أمام حشد من النساء والأطفال والرجال معظمهم كبار في السن، في قلب قرية الخيرات المهدمة حديثا. كان الغضب يمور تحت جلد الكلمات، لكنه منظم، عقلاني، واعي بل أخلاقي وحكيم في جوهره وان اختلف البعض مع الموقف. تحدثت السيدة عن المفارقة الجارحة: أن من يُطلب منهم القتال باسم الوطن، يُحرمون من السكن فيه. وتقول، أن الجنود الذين يدافعون عن الدولة في الخطوط الأمامية، حينما يعودون سيجدوا بيوتهم مهدمة، وأطفالهم في العراء. كانت السيدة تقف بثقة، خلفها مبنى نصف مكتمل، وتحت ظله عشرات النساء والأطفال الرجال يجلسون في الأرض أو على كراسٍ بلاستيكية متناثرة، وعلى وجوههم علامات الغضب، الذهول، والانكسار. تلك السيدة لم تصرخ باسم قبيلة، بل باسم المواطنة، باسم العدالة، باسم سودان حر يليق بأبنائه الذين يُجلدون ثلاث مرات: مرة في ميدان المعركة، ومرة في ميدان الحياة، وثالثة في وجدان وطن لا يراهم. تحدثت عن "الدعامة"، الجنود القادمين من مناطق الهامش، الذين احتضنتهم العاصمة في أحيائها الشعبية دون أن يحملوا معهم شيئاً سوي (هويتهم العربية) تساءلت: لماذا لم تُهدم الأحياء الراقية التي سكنها الدعامة حينها، ولماذا لاتهدم الاحياء والبيوت التي يسكنها أبناء النخب؟ ولماذا يُعامل أبناءها هي، أبناء الهامش كغرباء؟ وهل لأنهم من مناطق يُنظر إليها دوماً بعين الشك والازدراء وانهم "عبيد" وقد قالتها مباشرة دون مواربة؟ هذه المفارقة التي تسكن جسد الدولة السودانية الحديثة، ليست غريبة عن التاريخ البشري، بل هي جزء من بنية عالمية من الجحود البنيوي تجاه المهمشين الذين يضحون في سبيل دول لا تعترف بإنسانيتهم. ونجد مرآة ساطعة لها في تجربة الأميركيين الأفارقة بعد الحرب العالمية الثانية. أولئك الذين قاتلوا في كل الجبهات، من نورماندي إلى صقلية، وساهموا في كسر آلة الفاشية والنازية في أوروبا، باسم الحرية والكرامة وحقوق الإنسان. لكنهم حين عادوا إلى وطنهم، امريكا لم يجدوا لهم فيه وطناً، بل وجدوا الأبواب مغلقة، والعنصرية مستمرة، والهياكل الاجتماعية مُصممة ضدهم. جنود وحدات "توسكيجي"، أول وحدة طيران من السود في الجيش الأميركي، قاتلوا ببسالة، وحصلوا على أوسمة الشرف. لكنهم، عند العودة، مُنعوا من دخول المطاعم التي دخلها زملاؤهم البيض، ورفضت البنوك منحهم قروض السكن، ولم يستفيدوا من امتيازات قانون "جي آي" الذي منح المحاربين القدامى فرصاً في التعليم والملكية والرعاية الصحية. وكأن الوطنية كانت مشروطة باللون والانتماء العرقي. إن قانون "جي آي بيل"" (G.I. Bill of Rights) الذي صدر عام 1944، وُضع نظريًا لمكافأة الجنود الأميركيين، لكنه صُمم بطريقة حرمت غالبية السود من الاستفادة منه، خصوصاً في مجالات السكن والتعليم العالي. فقد قامت البنوك برفض منحهم القروض، وتواطأت معها إدارات التعليم والبلديات، وكانت الضمانات الفيدرالية تُرفض لمن يسكنون في أحياء السود. وهكذا، تكرّس نظام تمييزي، عنصري، أخفى نفسه خلف الأدوات البيروقراطية، كما تفعل الدولة السودانية اليوم حين تهدم قرى بأكملها دون قرارات قضائية، بل تحت ذريعة "الوجوه الغريبة" أو "محاربة التخريب" او "السكن العشوائي" او عقوبة لمن يعتقدوا انهم "تواطؤوا مع الدعم السريع" كتب جيمس بالدوين، أحد أكثر الأصوات بلاغةً واحتجاجًا في أدب الأميركيين الأفارقة، في مقاله الشهير "The Fire Next Time" عن المفارقة الفاضحة التي تعصف بوجدان أي إنسان أسود قاتل من أجل دولة لا تعترف به مواطنًا كاملاً: "تطلب الدولة دمك في الحرب، لكنها لا تعترف بدموعك في السلم". لقد فهم بالدوين أن أخطر ما يمكن أن يُرتكب في حقّ المهمشين هو إقناعهم أن التضحية من أجل وطن لا يعترف بهم، تُعدّ بطولة، لا خيانة للذات! إذا كنت تحارب من أجل الحرية في الخارج، فاسأل نفسك: "أين هي حريتي هنا؟" هكذا صاح مالكوم إكس، رافعًا إصبعه في وجه مؤسسة لا تعرف سوى القهر، ومتوجّهًا بكلماته مباشرة لأبناء جلدته الذين تورطوا – عن جهل أو اضطرار – في خدمة نظام عنصري. لم يكن ذلك سؤالًا شعريًا، بل كان نداءً سياسيًا، أخلاقيًا، وتحريضيًا بامتياز. هذا السؤال لا يزال معلقًا، طافحًا بالمرارة، لكنه ليس بلا عنوان. هو اليوم يُطرح مجددًا، على أبناء البلاد الذين حملوا أعباء التاريخ، ودفعوا ثمن الانتماء في الهامش وفي الهضاب وفي السهول. هؤلاء الذين يلبسون زي الدولة، ويحملون سلاحها، يجدون أنفسهم أحيانًا في خنادق لا تخصهم، يُطلب منهم أن يصوبوا النار إلى صدور إخوانهم، بينما لا يجدون في مؤسسات الدولة ذاتها مكانًا يُشبههم أو يحميهم. في لحظة كهذه، قد يبدو السؤال حول "الولاء" سؤالًا ثقيلًا ومربكًا، لكن التباس الولاء لا يعفي من ضرورة مساءلته. فهل يكون الانتماء لوطنٍ لا يعترف بك هو نوع من الوفاء؟ أم استسلامٌ لتاريخ يعيد إنتاج الإقصاء في ثوب الواجب؟ ليس القصد أن يُشهر المرء السلاح في وجه من كان معه بالأمس، بل أن يعيد النظر في أين يقف، ولماذا يقف، ولأجل من يقف. إن أولئك الذين يتقدمون الصفوف اليوم، ليسوا مجرد جنود، بل مواطنون ذوو ذاكرة، يعرفون جيدًا أي القرى احترقت، وأي المدارس دُمرت، وأي الأمهات بكت أبناءها أمام الركام. وإذا كان الانضباط قيمة عسكرية، فإن الوعي قيمة أخلاقية لا تقل شأنًا. فلا يليق بمن يحمل بندقية أن يُسقط عقله معها، ولا يليق بمن يعرف الألم أن يُمارسه على غيره. من هنا، يصبح السؤال الأخلاقي أكبر من مجرد موقع في الميدان؛ إنه سؤال عن الغاية، عن المعنى، عن الانحياز في لحظة الحقيقة. لا أحد يُنكر صعوبة الخيارات في زمن التشظي، لكن التاريخ لا يرحم من صمت أو تواطأ. فليس كل من يرفع الراية يمثل الوطن، وليس كل من يقف في صف الدولة يمثل العدالة! جيمس بالدوين كتب: "أن تولد أسودًا في أميركا هو أن تكون في حالة غضب دائمة." واليوم، أن تولد هامشيًا في السودان هو أن تكون مُستباحًا دائمًا. لكن الغضب يجب أن يتحول إلى فعل. إلى تمرّد. إلى إعادة تموضع. إلى سحب البندقية من كتف الطغاة، وتوجيهها إلى من يستعبد الوطن. لن يغفر التاريخ لمن قاتل في الجانب الخطأ، لا بحجّة الطاعة، ولا بدافع الفقر، ولا تحت ذريعة الانتماء. آن الأوان أن تعرفوا من أنتم، ولمن تقاتلون. فالسودان الجديد قادم، وهو لا يُبنى ببنادق المرتزقة، بل بوعي الأحرار، وبقرار الجنود الشجعان الذين يرفضون أن يُستخدموا كأدوات ضد أهلهم. اسأل نفسك اليوم: هل بندقيتك تحمي أهلك أم تقتلهم؟ إن كانت الثانية، فقد خانتك البوصلة، وحان وقت العودة إلى الصف الصحيح من التاريخ. المفارقة الأخلاقية في السودان، تماماً كما في الولايات المتحدة حينها، هي أن من يُطلب منهم القتال من أجل وحدة الوطن، يُنظر إليهم كمصدر تهديد داخل الوطن. تُستخدم شجاعتهم لتثبيت نظام لا يراهم شركاء بل أدوات. كما قالت السيدة في قرية الخيرات: "نحن لسنا عبيداً. نحن من حرر الوطن. وسنظل سودانيين، غصبا عن عين أي زول" هذه الكلمات تشبه، في بلاغتها الأخلاقية، ما كتبته توني موريسون عن جدها الذي حارب في أوروبا، ثم عاد ليُمنع من التصويت. وهي ذات النبرة التي نسمعها في خطب مارتن لوثر كينغ، عندما تحدث عن "الشيك المرتجع" سلّمته أميركا لمواطنيها السود، دون رصيد من العدالة. كتب د. كينغ: "لقد أتينا إلى العاصمة لنصرف هذا الشيك، شيك الحرية، شيك العدالة، لكنه عاد إلينا غير قابل للصرف". ومن جنوب أفريقيا، تكررت ذات المأساة: السود الذين قاتلوا ضمن القوات البريطانية في الحرب العالمية الثانية، لم يُعترف بهم بعد الحرب، بل عادوا ليواجهوا قوانين الفصل العنصري (الأبارتايد) التي حرمتهم من السكن، من التعليم، من حق التصويت، بل من الحق في العيش بكرامة. وهكذا، يتكرر التاريخ ذاته: تستخدم الدولة أجساد المهمشين وقت الحرب، ثم تُقصيهم في السلم دون اكتراث لتضحياتهم وتضحيات اسرهم وذويهم. تجارب مماثلة ظهرت في المستعمرات الفرنسية والبريطانية، حيث قاتل الجنود الأفارقة والهنود من أجل إمبراطوريات لم تعترف أبدًا بمواطنتهم الكاملة. في الجزائر ، مثلًا، قاتل آلاف الجزائريين مع الجيش الفرنسي في الحرب العالمية الثانية، لكنهم قُتلوا أو سُجنوا لاحقًا عندما طالبوا بالمساواة والحرية. وتكررت هذه المفارقة في الفلبين ، وفي الكاريبي، حيث تم سحق المطالبات بالمساواة بعد التضحية. إن التجربة السودانية تتقاطع بشكل أكثر فجاجة مع هذا الإرث، لأن الدولة السودانية الحديثة، ومنذ تأسيسها، استبطنت مفهوم المواطن من الدرجة الثانية، واستخدمت أدوات شتى لتكريس هذا التمييز: في الإعلام، في التعليم، في توزيع الثروة، وفي حرمان أهل الهامش من الحق في المدينة والحق في الأرض. و"الخيرات" ليست استثناء، بل نموذج كثيف لهذا المسار التاريخي. عندما يُقال لسكانها أن "وجوههم غير مرغوب فيها"، فذلك ليس سوى استمرار لنفس الخطاب الذي قيل لجنود توسكيجي، ولسكان هارلم، ولسود جنوب إفريقيا: أنتم أدوات عند الحاجة، عبء عند السلم. إن المفارقة الكبرى في كل هذه التجارب، هي أن الحرب – بما تحمله من خطاب التضحية والوطنية – لم تُلغِ البنية العنصرية، بل كشفتها بشكل فج. فقد ظنت الدول أن باستطاعتها استخدام المهمشين في أوقات الشدة، ثم إعادتهم إلى الهامش بعد النصر. لكن التاريخ يُظهر أن هؤلاء العائدين من الجبهات، هم أنفسهم من قادوا الموجات الثورية الكبرى: من الحقوق المدنية في أميركا، إلى الانتفاضات في جنوب إفريقيا، إلى المقاومة المسلحة في الجزائر ، إلى ثورات الهامش في السودان. إن ما جرى في قرية الخيرات ليس مجرد فعل محلي. هو مرآة لأزمنة قبيحة تكررت في التاريخ، حيث يلتقي التهميش بالبطولة، ولا يعترف الوطن بأبطاله إلا حين يموتون، لا حين يطالبون بحياة كريمة. في الخيرات، كما في هارلم، كما في سويتو، كما في القصبة، يقف الجنود المظلومون في مواجهة السؤال الجوهري: لمن يُرفع علم الوطن؟ ومن يحق له أن يقول "أنا من هذا البلد"؟ بالمنظور الجذري الذي تتبناه رؤية السودان الجديد، كما صاغتها الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال ومنظور تحالف "تأسيس" الذي تبناها، لا تُفهم قضية المهمشين بوصفها مظلومية ظرفية أو معاناة أخلاقية فحسب، بل تُقرأ بوصفها نتاجًا لبنية اقتصادية – سياسية غير عادلة، أقامت دولة المركز على إقصاء الأغلبية وإدامة الاستغلال. وعليه، فإن إعادة بناء السودان لا تبدأ من المصالحة بين نخب الخرطوم ، بل من قلب الهامش، حيث تصعد أصوات جديدة، وتجارب مقاومة، وشروط مغايرة للتنمية والعدالة والكرامة. إذا كان الأميركيون السود قد ساهموا في تحرير أوروبا من النازية ليُعادوا إلى أحياء مفصولة، وإن كان جنود جنوب إفريقيا قد دافعوا عن الإمبراطورية البريطانية ليُقصَوا بعدها في وطنهم، فإن المهمشين السودانيين – الذين يقاتلون الآن في الصفوف الأمامية، ويُستشهدون دون أن تُذكر أسماؤهم – هم من سيفرضون معادلة جديدة على هذا البلد ان وعوا الي من هو عدوهم الحقيقي. إنهم لم يعودوا عبيد ولاء لا يُكافَأ، بل حملة مشروع وطني صاعد، يريد أن يُعيد كتابة مفهوم العدالة التاريخية و التنمية من جذوره. رؤية السودان الجديد للتنمية لا تنطلق من ضخ الأموال في مشاريع تجميلية فوقية، بل من اعتراف تاريخي بحقوق الناس في الأرض، في السلطة، في الموارد، وفي صناعة القرار. وهي رؤية تفكك ربط التنمية بالخضوع للمركز، وترى أن الأجسام السياسية والاجتماعية المنحازة للهامش – من الحركات المسلحة إلى الروابط القاعدية ومنظمات المجتمع المدني الحية – هي التي ستعيد توجيه البوصلة التنموية نحو ما يستحقه السودانيون فعلاً: تنمية عادلة، شاملة، ومؤسسة على الحقوق، لا على الامتيازات، و مستقبل السودان يجب ان يؤسس علي هذا. لا بد إذًا من إعادة كتابة عقد المواطنة بما يجعله عقدًا للعدالة والكرامة والتنمية، لا عقدًا للطاعة والخضوع. لا بد من تفكيك الدولة القديمة التي جعلت من الانتماء الجغرافي أو العرقي شرطًا للعيش بكرامة، وبنت اقتصادًا ينزف من الأطراف ليصب في المركز. وكما قال فرانز فانون: "كل جيل، عليه أن يجد مهمته التاريخية، ويُنجزها أو يخونها". جيل الخيرات، الذي رأى أمهاته يُهَنَّ، وبيوته تُهدم، وأحلامه تُسحق، لن يخون مهمته. بل سيبني وطنًا لا يقتل أبناءه، ولا يطردهم من أرضهم، ولا يحرمهم من الحياة التي يستحقونها. سيبني وطنًا تُوجَّه فيه التنمية حيث توجد الحاجات لا حيث يقيم الحكّام، وطنًا تُكرَّم فيه التضحيات لا تُجازى بالإهانة، وطنًا جديدًا بعد أن تُفكَّك المنظومة القديمة التي حوّلت الأغلبية إلى أدوات، واحتكرت الحداثة والثراء في أيدي قلة. هذا هو منطق السودان الجديد: أن تصبح السلطة خادمة للتنمية، والتنمية خادمة للعدالة، والعدالة خادمة للكرامة الإنسانية، ولا شيء غير ذلك. النضال مستمر والنصر اكيد.


Independent عربية
منذ 11 ساعات
- Independent عربية
مبعوث ترمب ينتقد ميدفيديف لحديثه عن الحرب العالمية الثالثة: متهور
وبخ كيث كيلوغ مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب اليوم الأربعاء مسؤولاً روسياً كبيراً لإثارته مخاوف من نشوب حرب عالمية ثالثة، بعدما حذر ترمب من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "يلعب بالنار" في ما يتعلق بجهود وقف إطلاق النار. ومع تقدم القوات الروسية في أوكرانيا قال الرئيس الأميركي في منشور على منصة "تروث سوشيال" إن بوتين يلعب بالنار، محذراً من أن أشياء "سيئة حقاً" كانت ستحدث لروسيا لولا ترمب. وأضاف في منشوره أمس الثلاثاء "ما لا يدركه فلاديمير بوتين هو أنه لولا وجودي، لكانت أمور كثيرة سيئة حقاً حدثت بالفعل في روسيا، وأعني سيئة حقاً. إنه يلعب بالنار". ورفض المسؤول الأمني الروسي الكبير دميتري ميدفيديف، وهو رئيس سابق لروسيا، انتقادات ترمب. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وكتب ميدفيديف بالإنجليزية على منصة "إكس"، "بخصوص تصريحات ترمب حول أن بوتين (يلعب بالنار) وحدوث (أمور سيئة حقاً) لروسيا. لا أعرف سوى شيء واحد سيئ حقاً، حرب عالمية ثالثة. آمل أن يفهم ترمب هذا!". ونقل المبعوث الأميركي كيلوغ منشور ميدفيديف وقال إنه متهور. وذكر كيلوغ على "إكس"، "إثارة مخاوف من حرب عالمية ثالثة هو تعليق مؤسف ومتهور... وغير مناسب لقوة عالمية". وأضاف "يعمل الرئيس ترمب على وقف هذه الحرب وإنهاء القتل. نحن في انتظار تسلم مذكرة (ورقة الشروط) التي وعدت بها روسيا قبل أسبوع. أوقفوا إطلاق النار الآن".