logo
صناعة البناء في أمريكا.. العقبة الكبرى أمام حلم إعادة التصنيع

صناعة البناء في أمريكا.. العقبة الكبرى أمام حلم إعادة التصنيع

قال تقرير نشرته مجلة الإيكونوميست إن معاناة صناعة البناء في أمريكا تمثل عائقا أمام إعادة التصنيع.
ففي عام 1931 أنجزت أمريكا مشروعين عملاقين في البناء: مبنى إمباير ستيت الذي اكتمل خلال 410 أيام وسد هوفر الذي انتهى قبل موعده بعامين. واليوم تبدو هذه السرعة بعيدة المنال، إذ أفادت نصف شركات البناء الأمريكية في عام 2024 بتأخر أو إلغاء مشاريعها. مثال على ذلك مشروع القطار فائق السرعة في كاليفورنيا الذي أُقر عام 2008 وكان من المقرر إنجازه في 2020، لكنه لن يكتمل قبل 2030 على الأقل.
وهذا التباطؤ يمثل تحدياً للرئيس دونالد ترامب الذي يسعى لإحياء الصناعة الأمريكية بسياسات حمائية، لكن السؤال الأهم هو: هل تستطيع أمريكا بناء ما تحتاجه لإعادة التصنيع وبالسرعة المطلوبة؟ خاصة إذا أرادت الفوز في سباق الذكاء الاصطناعي الذي يتطلب بناء مراكز بيانات وبنية تحتية كهربائية متطورة.
والطلب على البناء مزدهر، حيث ارتفعت طلبات شركة تيرنر للبناء بنسبة 20% في الربع الأول من عام 2025. ورغم هذا، ما زالت التأخيرات وتجاوز التكاليف شائعة. ومنذ عام 2000 تراجعت إنتاجية العامل في قطاع البناء بنسبة 8% بينما ارتفعت في القطاع الخاص عموماً بنسبة 54%. أما في قطاع الإسكان، فلم تتحسن الإنتاجية منذ ثلاثينيات القرن الماضي، ما أدى إلى تفاقم نقص المساكن وارتفاع الأسعار.
أسباب الأزمة
وتعود الأزمة إلى ثلاثة عوامل رئيسية: التشتت، والتنظيم المفرط، وقلة الاستثمار. ويضم قطاع البناء حوالي 750 ألف شركة، أي ثلاثة أضعاف عدد الشركات الصناعية، رغم أن الصناعة تسهم في الناتج المحلي بضعف مساهمة البناء. هذا التشتت يضعف فرص تحقيق وفورات الحجم، وتشير دراسة من جامعة هارفارد إلى أن الشركات الكبيرة أكثر إنتاجية بمرتين من المتوسطة وبأربع مرات من الصغيرة.
القطاع يعاني أيضاً من نقص في التكامل العمودي. حتى الشركات الكبرى مثل تيرنر وبيشتل تعتمد على شركات صغيرة تنفذ الأعمال، وهذه بدورها توزع المهام على مقاولين فرعيين، ما يؤدي إلى تأخير بسبب ضعف التنسيق وتعدد مراحل الدفع. توزيع مواد البناء يعاني أيضاً من سوء الإدارة وضعف الكفاءة.
كما أن تعقيد القوانين التنظيمية يعرقل الاندماجات. فاللوائح زادت منذ السبعينيات وتختلف من ولاية إلى أخرى، ما يدفع الشركات الكبرى للتعاقد مع مقاولين محليين يعرفون هذه القوانين جيداً. كما أن هذه اللوائح تعيق الابتكار وتمنع الشركات الصغيرة من الاستثمار في التقنيات الحديثة، حيث تعمل بهوامش ربح ضيقة. ووفقاً لتقديرات ماكينزي، فإن متوسط الاستثمار الرأسمالي في البناء لا يتجاوز 3% من الإيرادات، مقارنة بـ13% في الصناعات الأخرى.
ضعف الدور التكنولوجي
ونتيجة لذلك كان تبني التكنولوجيا ضعيفاً، فالبرمجيات الحديثة لإدارة المشاريع لا تستخدم على نطاق واسع، والأتمتة لا تزال في بداياتها. في قطاع البناء يوجد فقط 6 روبوتات لكل 100 ألف عامل، مقارنة بـ3 آلاف روبوت في القطاع الصناعي. ورغم صعوبة أتمتة مشاريع البناء مقارنة بالمصانع، إلا أن كثيراً من المهام المتكررة يمكن للروبوتات تنفيذها.
وكان ترامب وعد بتقليص القوانين الفيدرالية، واقترحت إدارته في وقت سابق هذا الشهر تقليل متطلبات مثل مستوى الإضاءة في مواقع البناء، لكن بالمقابل فإن خططه لترحيل المهاجرين غير الشرعيين قد تؤدي إلى تفاقم نقص العمالة، حيث يشكل هؤلاء نسبة كبيرة من عمال البناء. كما أن الرسوم الجمركية على مواد مثل الصلب ترفع كلفة المشاريع.
ورغم كل هذا بدأت تظهر إشارات على تحسن ممكن. وأشارت شركة Deloitte إلى زيادة في عمليات الاندماج مثل اندماج Flatiron مع Dragados في يناير/كانون الثاني، وبدأت شركات الاستثمار الخاص في شراء ودمج مقاولين متخصصين. كما تشهد سلاسل التوريد تحركات مماثلة، فقد استحوذت شركة QXO على Beacon Roofing مقابل 11 مليار دولار، ونالت حصة 20% من سوق التسقيف. وفي يونيو/حزيران تقدمت Home Depot بعرض لشراء GMS مقابل 5.5 مليار دولار. ويرى قادة هذه الشركات أن رقمنة سلسلة التوريد يمكن أن تعزز الإنتاجية.
ومع ذلك، تبقى المشكلة كبيرة. فإصلاح قطاع البناء يحتاج إلى أكثر من اندماجات وتخفيف قوانين، بل يتطلب إصلاحات أعمق في السياسات ومرونة في سوق العمل وثقافة جديدة تركز على الابتكار والكفاءة. فبدون ذلك ستبقى إعادة التصنيع مجرد شعار سياسي.
aXA6IDE0OC4xMzUuMTQ5LjIxMyA=
جزيرة ام اند امز
US
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

سعر الذهب اليوم.. «النفيس» يتراجع وسط ترقب تطورات الرسوم الجمركية
سعر الذهب اليوم.. «النفيس» يتراجع وسط ترقب تطورات الرسوم الجمركية

العين الإخبارية

timeمنذ 23 دقائق

  • العين الإخبارية

سعر الذهب اليوم.. «النفيس» يتراجع وسط ترقب تطورات الرسوم الجمركية

تراجع الذهب اليوم الثلاثاء وسط ترقب تطورات الرسوم الجمركية، في حين أظهرت بيانات عن التضخم ارتفاعا متوقعا إلى حد كبير في أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة الشهر الماضي. وفقا لرويترز، انخفض الذهب في المعاملات الفورية 0.2% إلى 3336.99 دولار للأوقية (الأونصة). وتراجعت العقود الأمريكية الآجلة للذهب 0.4% إلى 3345 دولارا. وارتفع الدولار 0.2%، مما جعل الذهب أكثر تكلفة لحائزي العملات الأخرى. وقال بيتر جرانت، نائب رئيس شركة زانر ميتالز وكبير محللي المعادن فيها "أعتقد أن السوق لا تزال تركز على الرسوم الجمركية، مما يُبقي الذهب مدعوما. ما زلت متفائلا بشأن الذهب، على الرغم من أننا لا نزال نتحرك ضمن النطاق السعري الذي كان قائما منذ منتصف مايو". وهدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم السبت بفرض رسوم جمركية 30% على المكسيك والاتحاد الأوروبي بدءا من الأول من أغسطس/ آب، إذا لم يتم التوصل إلى أي اتفاق تجاري. وأظهرت بيانات اليوم الثلاثاء ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة 0.3% الشهر الماضي بما يتوافق مع التوقعات، وذلك بعد ارتفاع طفيف قدره 0.1% في مايو/ أيار. ولا تزال الأسواق تتوقع أن يبدأ مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) خفض أسعار الفائدة بحلول سبتمبر/ أيلول. ويترقب المستثمرون حاليا بيانات مؤشر أسعار المنتجين في الولايات المتحدة المقرر صدروها غدا الأربعاء. ويميل الذهب، الذي غالبا ما يعد ملاذا آمنا خلال أوقات عدم اليقين الاقتصادي، إلى الانتعاش في ظل أسعار الفائدة المنخفضة. وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، تراجعت الفضة في المعاملات الفورية 0.4% إلى 37.98 دولار للأوقية، بعد أن سجلت أعلى مستوى منذ سبتمبر/ أيلول 2011 أمس الإثنين. وقال جرانت "توقعي التالي للفضة هو 41.61 دولار للأوقية. أعتقد أن السوق ستعتبر أي تراجع فرصة للشراء". وزاد البلاتين 1.4% إلى 1382.57 دولار، وصعد البلاديوم 0.6% إلى 1200.50 دولار. aXA6IDIzLjIzNi4yNDkuMjA5IA== جزيرة ام اند امز US

رسوم ترامب تفرض سيناريوهات جديدة.. وبنوك أوروبا تقاوم المخاطر
رسوم ترامب تفرض سيناريوهات جديدة.. وبنوك أوروبا تقاوم المخاطر

العين الإخبارية

timeمنذ 2 ساعات

  • العين الإخبارية

رسوم ترامب تفرض سيناريوهات جديدة.. وبنوك أوروبا تقاوم المخاطر

أعلن البنك المركزي الأوروبي الثلاثاء أنه سيصب تركيزه على مقاومة البنوك للمخاطر الجيوسياسية في العام المقبل في اختبارات المرونة، بعدما تسببت تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالرسوم الجمركية بخضة في الأسواق العالمية. وقالت كلوديا بوخ، مسؤولة الرقابة في البنك المركزي الأوروبي، أمام لجنة في البرلمان الأوروبي إن بنوك منطقة اليورو بحاجة إلى "تعزيز قدرتها على الصمود في وجه التهديدات المالية الكلية الفورية والصدمات الجيوسياسية الشديدة". وأضافت أن هذه المخاطر "ليست جديدة"، وقد تمت معالجتها من خلال الجهود الرقابية المعتمدة لدى البنك. وفقا لوكالة "فرانس برس" قيّم اختبار الضغط الذي أجراه البنك المركزي الأوروبي هذا العام قدرة البنوك على الصمود في وجه سيناريوهات شائعة، بما في ذلك تصاعد التوترات الجيوسياسية وارتفاع الرسوم الجمركية. لكن بوخ قالت إن اختبار العام المقبل سيذهب أبعد من ذلك من خلال مطالبة المؤسسات المالية بتقييم "سيناريوهات المخاطر الجيوسياسية الخاصة بالشركات والتي قد تؤثر بشدة على ملاءتها المالية". وأوضحت أن إعلانات ترامب الأخيرة بشأن الرسوم الجمركية أظهرت "مدى سرعة تغير المخاطر الجيوسياسية المتزايدة للبيئة التي تعمل فيها البنوك". منذ عودته إلى منصبه في يناير/كانون الثاني، هدد ترامب بفرض تعرفات جمركية شاملة على الواردات، بما في ذلك تلك التي مصدرها الاتحاد الأوروبي. وعلى وجه الخصوص، أثار إعلانه عن زيادة الرسوم في أوائل أبريل/نيسان توترات في الأسواق، على الرغم من تعليقها لفترة. وقالت بوخ أن إعلانات ترامب الأولى أدت إلى "تقلبات أكبر" لكنها كانت "قصيرة الأمد"، في حين أن الآثار الطويلة المدى "لن تظهر إلا بمرور الوقت". وأضافت أن فرض تعريفات جمركية أعلى قد يؤثر على نمو الشركات وسلامتها المالية، وقد يُطلب من البنوك عندئذٍ تعزيز احتياطياتها من المخاطر. يجري البنك المركزي الأوروبي بانتظام اختبارات ضغط لتقييم قدرة بنوك منطقة اليورو على الصمود في مواجهة مختلف الصدمات الاقتصادية والمالية، بالإضافة إلى الهجمات الإلكترونية والأحداث المتعلقة بالمناخ. وتهدف هذه الاختبارات إلى ضمان امتلاك البنوك لرأس مال كافٍ لامتصاص الخسائر في الأزمات، للمساعدة في تحسين مرونة النظام المصرفي الأوروبي. aXA6IDE5MS45Ni4yMjEuMjUg جزيرة ام اند امز US

ترامب يجدد دعوته إلى خفض أسعار الفائدة
ترامب يجدد دعوته إلى خفض أسعار الفائدة

الاتحاد

timeمنذ 2 ساعات

  • الاتحاد

ترامب يجدد دعوته إلى خفض أسعار الفائدة

جدّد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، اليوم الثلاثاء، مطالبته مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) بخفض أسعار الفائدة. وكتب ترامب في منشور على منصة "تروث سوشيال": "أسعار المستهلكين منخفضة. خفضوا أسعار الفائدة الآن!!!". وأظهر مؤشر أسعار المستهلكين الصادر عن وزارة العمل الأميركية، اليوم، ارتفاع الأسعار في الولايات المتحدة إلى أعلى وتيرة لها خلال خمسة أشهر في يونيو، مع زيادة أسعار بعض السلع. ويشير ذلك إلى أن الرسوم الجمركية بدأت تؤثر على التضخم، وهو ما قد يدفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى تأجيل أي تحرك حتى سبتمبر المقبل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store