
«قاع البحر».. جبهة جديدة في حرب النفوذ العالمية
تواجه البحار اليوم موجة جديدة من النزاعات الجيوسياسية، تنزلق شيئًا فشيئًا من سطح الماء إلى أعماق القاع.
ففي الوقت الذي كانت فيه البحار لعقود طويلة ساحة للهيمنة العسكرية والتبادل التجاري، بدأت أعماقها تتحول إلى ساحة صراع مفتوحة على كل الاحتمالات، مدفوعة بالسباق على الموارد، وتنامي تهديدات البنية التحتية، وتمدد الاستراتيجيات العسكرية غير التقليدية، بحسب تحليل لـ«فورين بوليسي».
تقويض النظام بأعالي البحار
وأشار التحليل إلى أن الركائز التي قام عليها النظام البحري العالمي، بقيادة أمريكا لعقود، تتعرض الآن لاهتزازات خطيرة. فبينما تشن جماعة الحوثي، بدعم من إيران، عمليات عسكرية في البحر الأحمر تقوّض حرية الملاحة، تصعّد الصين في بحر الصين الجنوبي من تحديها للقانون الدولي عبر مناورات عدوانية ومطالبات سيادية توسعية.
وفي الشمال، تواصل روسيا استغلال تراجع الجليد القطبي لتعزيز وجودها البحري مستخدمة أسطولها المتفوق من كاسحات الجليد، وسط ضعف أمريكي لافت في المنطقة.
حتى قواعد القانون البحري الأساسية، مثل تسجيل السفن تحت أعلام دول معترف بها، تتعرض للتآكل نتيجة تحايل «دول مارقة» على العقوبات، ما يعمّق فوضى «أعلام الملاءمة» ويقوّض قدرة المجتمع الدولي على ضبط الملاحة البحرية.
«أولوية استراتيجية»
وفي خضم هذا التصاعد، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا يُعيد رسم سياسات الولايات المتحدة في قاع البحر، موجهًا البوصلة نحو التعدين البحري العميق كأولوية استراتيجية.
ويُعيد هذا القرار إحياء قانون قديم يعود لعام 1980، يجيز لأمريكا استخراج المعادن من أعالي البحار بشكل أحادي، متجاوزًا السلطة الدولية لقاع البحر التابعة للأمم المتحدة، وذلك في إطار مواجهة النفوذ الصيني المتسارع في هذا المجال.
التكنولوجيا تغيّر قواعد اللعبة
ونجحت التطورات التكنولوجية في تحويل قاع البحر إلى ساحة عمليات نشطة، ليس فقط للبحوث أو الطاقة، بل للسيطرة والردع.
تقنيات المركبات ذاتية التشغيل والتصوير الدقيق تحت الماء، مدفوعة باحتياجات شركات النفط، مكّنت من تنفيذ عمليات دقيقة على أعماق تصل لأكثر من 4 آلاف متر.
وقد ساهمت برامج المسح الحكومية في إنتاج خرائط تفصيلية غير مسبوقة لقاع المحيطات.
حرب رمادية تحت البحر
وتحت الأمواج، تشتعل حرب غير معلنة. روسيا والصين تتصدران مشهد الاتهامات في تخريب خطوط الأنابيب وكابلات الاتصالات البحرية، في تكتيك رمادي جديد يُهيّئ لصراعات كبرى مستقبلية.
وزتزداد أهمية هذه التهديدات، إذ تعتمد الاقتصادات الحديثة على كابلات الإنترنت البحرية وخطوط الطاقة العابرة للقارات، والتي باتت عرضة للتدمير أو الاختراق.
وتُعد المعادن الحيوية الموجودة في قاع البحر، من النيكل إلى الكوبالت والعناصر الأرضية النادرة، اليوم محور التنافس العالمي. منطقة كلاريون-كليبرتون، الممتدة بين هاواي والمكسيك، تختزن كنزًا من العقيدات المعدنية، وقد باتت مركزًا للأنظار، مع امتلاك الصين أكبر عدد من عقود الاستكشاف فيها.
بالمقابل، تعاني أمريكا من قيود قانونية لعدم تصديقها على اتفاقية قانون البحار، ما دفع ترامب إلى تجاوز ISA وتفويض عمليات تعدين عبر القانون المحلي.
انقسام دولي
تأخر السلطة الدولية لقاع البحر في إقرار نظام واضح للاستغلال التجاري فتح الباب أمام اتفاقات ثنائية خارج الإطار الأممي، مثل اتفاق جزر كوك مع الصين، ما أثار قلقًا أمريكيًا متزايدًا من التفاف خصومها على النظام القانوني القائم. المخاوف لا تتعلق فقط بالسيادة، بل أيضًا بالمعايير البيئية الغائبة، إذ تُهدد عمليات التعدين الشعاب المرجانية ونظم الحياة البحرية النادرة.
إعادة تموضع أمريكي في معركة السيادة البحرية
قرار ترامب التنفيذي يُعد تحوّلًا استراتيجيًا في المقاربة الأمريكية. فهو لا يكتفي بتعزيز البحث والاستخراج المحلي للمعادن، بل يسعى إلى كسر احتكار الصين وتوسيع الشراكات الدولية لتأمين سلاسل التوريد المستقبلية، خاصة لمواد أساسية في الصناعات الدفاعية والتحول الطاقي.
معركة متعددة الوجوه
ووفق التحليل فإن الخلاف القانوني حول صلاحيات السلطة الدولية لقاع البحر، ومدى إلزاميتها للدول غير الموقعة، مثل الولايات المتحدة، يفتح جبهة معقدة من التوترات القانونية والدبلوماسية. بعض الدول اعترضت بالفعل على النهج الأمريكي الأحادي، محذّرة من انهيار مبادئ قانون البحار.
وخلص إلى أن المياه العميقة لم تعد فضاءً خاملاً، إنها اليوم ساحة معركة ناشئة بين القوى العظمى، حيث تتقاطع مصالح الطاقة، والأمن، والسيادة، والتكنولوجيا.
ومع استمرار التنافس، سيحدد قاع البحر شكل النظام الدولي المقبل، وربما يكون مسرحًا للصراعات الكبرى القادمة، إذا لم تتمكن القوى من إيجاد توازن يضمن السلام والشفافية وحماية المصالح المشتركة.
aXA6IDkyLjExMi4xNjYuMTc2IA==
جزيرة ام اند امز
AU

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العين الإخبارية
منذ 30 دقائق
- العين الإخبارية
«عبوس» في البيت الأبيض.. هكذا بدت صور الرؤساء من روزفلت إلى ترامب
تم تحديثه الجمعة 2025/6/6 04:05 م بتوقيت أبوظبي عندما كُشف النقاب عن الصورة الرسمية الجديدة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، افتقرت إلى عنصرين كانا من العناصر الدائمة في صور أسلافه على مدى أكثر من 60 عاما. ووفقا لموقع بيزنس إنسايدر، فقد غاب عن الصورة التي التقطها المصور الرسمي في البيت الأبيض، دانيال تورك، الابتسامة والعلم الأمريكي، وتظهر ترامب بإضاءة درامية وخلفية داكنة وتعبير وجه جاد. هذا الأسلوب يُعيد إلى الأذهان أساليب الصور الرئاسية في الماضي لرؤساء مثل فرانكلين روزفلت، وهربرت هوفر، وكالفن كوليدج، الذين ظهروا أيضًا بوجوه غير باسمة وخلفيات مظلمة. ورغم غياب العلم الأمريكي عن خلفية صورة ترامب الجديدة، إلا أنه يرتدي دبوس العلم الأمريكي على طية سترته الزرقاء، وهو تقليد بدأ مع صورة الرئيس جورج دبليو بوش الرسمية. أما الصورة السابقة لترامب، التي نُشرت في وقت سابق من هذا العام وتضمنت العلم الأمريكي، فقد تم التقاطها خلال فترة الانتقال الرئاسي، وكانت "مُعدّة منذ البداية لتكون صورة مؤقتة"، بحسب تصريح لمسؤول في البيت الأبيض لموقع بيزنس إنسايدر. وأضاف المسؤول: "الرئيس هو الشخصية الأكثر شهرة على هذا الكوكب، وهذه الصورة الجديدة التي التُقطت خلال ولايته الثانية تعكس تفاؤل أمريكا وعزيمتها، خاصة بعد 4 سنوات كارثية من إدارة (الرئيس السابق جو) بايدن". وعُلّقت نسخ مطبوعة من الصورة في المباني الفيدرالية، وهي الآن متاحة على الموقع الإلكتروني للبيت الأبيض. وكان آخر رئيس اختار خلفية محايدة هو ريتشارد نيكسون، الذي ظهرت خلفية بسيطة في صورته 1969، كما فعل معظم الرؤساء الذين سبقوه. وبعده، ظهر عدد من الرؤساء - جيرالد فورد، جيمي كارتر، رونالد ريغان، جورج بوش الأب، بيل كلينتون، جورج دبليو بوش، باراك أوباما، وجو بايدن - جميعهم يحملون العلم الأمريكي على أكتافهم اليمنى، كما حمل بعضهم علما يحمل ختم الرئاسة. وابتسم جميعهم للكاميرا، وظهرت أسنان معظمهم، باستثناء أوباما، الذي بدا مبتسما بشفتيه المطبقتين. تمثل الصورة الجديدة أحد التغييرات الجمالية العديدة التي أجراها ترامب على البيت الأبيض في ولايته الثانية غير المتتالية. ففي قاعة الدخول، نقل صورة الرئيس باراك أوباما المرسومة إلى الجهة المقابلة من القاعة، واستبدلها بلوحة تُظهر قبضته مرفوعة بعد محاولة اغتياله. كما أضاف عددًا كبيرًا من الأثاث الذهبي المزخرف إلى المكتب البيضاوي، وأعرب عن رغبته في تعبيد عشب حديقة الورود لإنشاء شرفة قال إنها ستكون أكثر ملاءمة للفعاليات الكبرى. aXA6IDgyLjI5LjIyMC4yNDEg جزيرة ام اند امز LV

سكاي نيوز عربية
منذ ساعة واحدة
- سكاي نيوز عربية
النفط يتجه لمكاسب أسبوعية بعد التفاؤل بمكالمة ترامب وشي
استئناف الحوار الأميركي الصيني ينعش الآمال أعلنت وكالة "شينخوا" الصينية أن المحادثات الهاتفية بين الرئيسين دونالد ترامب و شي جين بينغ جرت بناءً على طلب من واشنطن ، في خطوة مفاجئة أعادت تحريك الجمود في مسار العلاقات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم. واعتبر الرئيس الأميركي أن المكالمة أفضت إلى "نتيجة إيجابية للغاية"، ما ساهم في تهدئة الأسواق مؤقتاً وإحياء التوقعات بتحسن الطلب العالمي على الطاقة. السوق تتفاعل رغم تقلبات الأسعار اليومية وعلى الرغم من التراجع الطفيف الذي شهدته أسعار خامي برنت و غرب تكساس الوسيط في تداولات الجمعة، إلا أن كليهما يتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية ملحوظة. يأتي هذا التحسن بعد أسبوعين من التراجعات المتتالية، وهو ما يُنظر إليه كتحول نسبي في مزاج السوق، في ظل تعافي معنويات المستثمرين تجاه آفاق النمو. تحركات موازية على جبهة كندا في سياق متصل، أكدت وزيرة الصناعة الكندية ميلاني جولي أن بلادها تواصل المحادثات التجارية مع الولايات المتحدة، مشيرة إلى اتصالات مباشرة بين رئيس الوزراء مارك كارني والرئيس ترامب. هذا الزخم في التواصل التجاري بين واشنطن وشركائها يعزز من احتمالات انفراج جزئي في المشهد الاقتصادي الدولي، والذي كان أحد أبرز الضغوط التي كبحت أسعار النفط في الأسابيع الماضية. تحذيرات من تصعيد في الشرق الأوسط وفنزويلا بموازاة التطورات التجارية، أعادت المخاطر الجيوسياسية نفسها إلى واجهة التوقعات. ففي مذكرة تحليلية صدرت عن شركة "بي إم آي" التابعة لوكالة فيتش، حذّر المحللون من أن احتمال فرض الولايات المتحدة عقوبات إضافية على صادرات النفط الفنزويلية، إلى جانب تهديدات بضربة إسرائيلية محتملة للبنية التحتية الإيرانية، يشكلان عاملين داعمين للأسعار في المدى القصير. مع ذلك، شددت المذكرة على أن هذه العوامل الصعودية قد تصطدم بواقع مختلف، يتمثل في ضعف نمو الطلب العالمي، إلى جانب زيادة متوقعة في الإنتاج من قبل أعضاء تحالف "أوبك+" ومنتجين مستقلين خارج التحالف، وهو ما قد يشكل ضغطاً هبوطياً على الأسعار في الفصول القادمة.


العين الإخبارية
منذ 6 ساعات
- العين الإخبارية
سعر الدولار يهبط مع تراجع اقتصاد أمريكا والخلاف العلني بين ماسك وترامب
يتجه الدولار نحو خسارة أسبوعية، اليوم الجمعة، متأثرًا بمؤشرات على تراجع الاقتصاد الأمريكي في وقت لم تشهد المفاوضات التجارية بين واشنطن وشركائها التجاريين تقدمًا يُذكر رغم اقتراب الموعد النهائي. وجاء ذلك وسط خلاف علني بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والملياردير إيلون ماسك أمس الخميس، بسبب معارضة ماسك العلنية لمشروع قانون خفض الضرائب والإنفاق الشامل الذي يقع في قلب جدول أعمال ترامب. وتترقب الأسواق تقرير الوظائف في القطاعات غير الزراعية في الولايات المتحدة في وقت لاحق اليوم، بعد سلسلة من البيانات الاقتصادية الأضعف من المتوقع هذا الأسبوع، والتي أكدت الرياح المعاكسة الناجمة عن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب. ارتفاع العملات مقابل الدولار وشهد أداء العملات تقلبات خلال الليل، وارتفع معظمها مقابل الدولار في البداية على خلفية تفاؤل بعد أن تحدث ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ هاتفيًا لأكثر من ساعة، قبل أن تتقلص بعض المكاسب. وحصل اليورو على دعم من خطاب يميل إلى التشديد النقدي من البنك المركزي الأوروبي بعد خفض سعر الفائدة، مما أدى إلى ارتفاع العملة الموحدة إلى أعلى مستوى لها في شهر ونصف عند 1.1495 دولار، أمس الخميس. وصعد في أحدث التعاملات بنسبة 0.05% إلى 1.1449 دولار. خفض الفائدة ويتوقع نيك ريس، رئيس قسم أبحاث الاقتصاد الكلي في مونكس أوروبا، خفضًا آخر لسعر الفائدة في سبتمبر/أيلول لتصل الفائدة على الودائع إلى 1.75%. وارتفع الجنيه الاسترليني بنسبة 0.1% فقط إلى 1.3583 دولار، بعد أن سجل أعلى مستوى له في أكثر من ثلاث سنوات في الجلسة الماضية، ويتجه لتحقيق مكاسب بنسبة 0.9% هذا الأسبوع. فيما انخفض الين بنسبة 0.1% إلى 143.74 مقابل الدولار. ولم يطرأ تغير يُذكر على مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من العملات، ليستقر عند 98.72 بعد أن سجل أدنى مستوى له في ستة أسابيع أمس الخميس، ويتجه لتكبد خسارة أسبوعية بنسبة 0.7%. بيانات الوظائف وتتجه الأنظار الآن إلى بيانات الوظائف التي ستصدر لاحقًا اليوم للحصول على مزيد من المؤشرات بشأن تحركات العملات. وقال راي أتريل، رئيس أبحاث العملات الأجنبية في بنك أستراليا الوطني: "في ظل كل هذه الضوضاء... ربما كان الضعف الذي شهدناه في البيانات هذا الأسبوع مسؤولًا عن هبوط الدولار مقارنة بأي شيء آخر". ومما يزيد من الرياح المعاكسة للدولار، لا يزال المستثمرون قلقين بشأن المفاوضات التجارية الأمريكية وعدم إحراز تقدم في التوصل إلى اتفاقات قبل الموعد النهائي في أوائل يوليو/تموز. المفاوضات التجارية كما أن المكالمة التي كانت متوقعة للغاية بين ترامب وشي لم تقدم الكثير من الوضوح، وسرعان ما تبدد تأثيرها بسبب الخلاف العلني بين ترامب وإيلون ماسك. وارتفع الدولار الأسترالي بنسبة 0.06% إلى 0.6512 دولار أمريكي، ومن المقرر أن يحقق مكاسب أسبوعية بنسبة 1.1%. كما صعد الدولار النيوزيلندي بنسبة 0.17% إلى 0.6048 دولار، في طريقه لمكاسب أسبوعية بنسبة 1.1%. aXA6IDM3LjE5LjY1LjMxIA== جزيرة ام اند امز US