logo
'دارت' موضوع أطروحة بإيطاليا

'دارت' موضوع أطروحة بإيطاليا

بلبريس٢٩-٠٧-٢٠٢٥
رغم توسع النظام البنكي الرسمي وتعقّد أدوات الادخار والتمويل، لا تزال ملايين الأسر المغربية، داخل البلاد وخارجها، متمسكة بشكل تقليدي من الادخار الجماعي يُعرف محلياً باسم 'دارت'. هذه الممارسة، التي تجمع بين الطابع الشعبي والاقتصادي، شكّلت موضوع أطروحة جامعية حديثة للباحثة المغربية-الإيطالية مريم ظهير، ناقشتها في 22 يوليوز الجاري بجامعة بافيا الإيطالية.
أطروحة ظهير لم تكتف بوصف 'دارت' كآلية لتبادل الأدوار في الحصول على مبلغ متفق عليه شهرياً بين مجموعة محدودة من الأفراد، بل تعمّقت في أصولها الثقافية ومقومات صمودها في وجه العروض البنكية الحديثة. وخلصت إلى أن نحو 80 في المائة من المستجوبين سبق لهم أن شاركوا في 'دارت' مرة واحدة على الأقل، سواء في المغرب أو ضمن الجالية المغربية المقيمة بإيطاليا.
تقوم 'دارت' على شبكة من الثقة المتبادلة بين أفراد المجموعة، دون حاجة إلى ضمانات أو عقود مكتوبة أو وساطة بنكية. إنها ممارسة بسيطة ومرنة تُبنى على مبدأ التكافل، وتُدار بمبالغ تختلف حسب الإمكانيات الفردية، لكنها تحافظ على طابعها غير الرسمي. اللافت أن هذه الصيغة لا تنحصر جغرافياً، بل تستمر في الحياة اليومية لمغاربة المهجر، الذين يجدون فيها أداة مزدوجة: للحفاظ على ارتباطهم بالثقافة الأصلية من جهة، ولمواجهة تحديات العيش في مجتمع مضيف من جهة أخرى.
وقد رصدت الدراسة توجهات جديدة لدى بعض الفاعلين البنكيين في القارة الإفريقية، من ضمنهم مؤسسات مغربية، نحو رقمنة هذا النموذج الشعبي، عبر تطوير منصات مستلهمة من 'جمعيات الادخار والإقراض'، وهو ما يعني عملياً محاولة إدماج 'دارت' في المنظومة البنكية الرسمية. وتُقدّر المعاملات السنوية لهذا الشكل الادخاري بنحو 40 مليار درهم، أي ما يمثل 28 في المائة من إجمالي الإيداعات في البنوك المغربية، بحسب أرقام بنك المغرب.
لكن مسار الرقمنة هذا لا يخلو من أسئلة مقلقة. كيف يمكن نقل عنصر الثقة، الذي يشكّل عماد 'دارت'، إلى منصات إلكترونية؟ كيف يمكن ضمان اندماج من لا يملكون الدراية الكافية بالوسائط الرقمية؟ وكيف يمكن صياغة تقنين ذكي لا يخنق روح هذه الممارسة أو يُفرغها من مضمونها التضامني؟
في هذا السياق، تشدد الباحثة على أن الممارسات المتجذرة لا تُلغى بمرسوم تقني، بل ينبغي الاعتراف بها وتعزيزها بمقاربات مرنة تراعي الواقع المعاش وتبني عليه. الرقمنة، في منظورها، ليست بديلاً، بل مساراً تطويرياً مشروطاً بالحفاظ على روح 'دارت'.
ويبقى هذا النموذج، الذي يشبه ما يُعرف في بعض الأوساط بـ'القُرعة'، نموذجاً حياً لاقتصاد شعبي قاوم الزمن، وجدّد نفسه في البيئات المختلفة التي انتقل إليها المغاربة. ورغم بعض الانتقادات التي تصدر من بعض الفقهاء و'الوعّاظ الرقميين'، الذين يشككون في مشروعيته بدعوى ما يحقق من 'نفع مشبوه'، فإن 'دارت' تظل، كما تراها الأطروحة، آلية وظيفية قادرة على الإسهام في بناء اقتصاد أكثر شمولاً، يعبّر عن النسيج الاجتماعي ولا يهمّشه.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وزارة الصناعة والتجارة تسعى لتنظيم التجارة الالكترونية
وزارة الصناعة والتجارة تسعى لتنظيم التجارة الالكترونية

كش 24

timeمنذ 31 دقائق

  • كش 24

وزارة الصناعة والتجارة تسعى لتنظيم التجارة الالكترونية

أعلنت وزارة الصناعة والتجارة عن مجموعة من إجراءات ترمي إلى تأطير التجارة الإلكترونية بشكل متكامل، أبرزها مراجعة قانون حماية المستهلك رقم 31.08. ويشمل المشروع الجديد، الذي أحيل على الأمانة العامة للحكومة، مقتضيات تجرم الممارسات التجارية المضللة، وتنظم عمل المنصات الإلكترونية عبر تحديد التزاماتها تجاه المستهلكين. وأوضح وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، في جوابه على سؤال كتابي، أن التحول الرقمي أصبح أمرا حتميا في ظل المتغيرات الاقتصادية العالمية، مبرزا أن التجارة الإلكترونية تمثل رافعة أساسية لتعزيز الأنشطة الاقتصادية، وتساهم في إدماج الشباب في سوق الشغل، خاصة من خلال برامج التكوين ومواكبة التجار الصغار، والتي أسفرت حتى الآن عن إدماج 4500 تاجر وخلق 200 نقطة توصيل. وأكد المسؤول الحكومي على أهمية إرساء بيئة قانونية وضريبية عادلة، مشيرا إلى إصدار مرسوم يلغي الإعفاء الجمركي عن معاملات المنصات الإلكترونية الأجنبية، ما من شأنه حماية المنتجات الوطنية وتعزيز المنافسة الشريفة. إلى جانب ذلك، تعمل الوزارة على مواكبة الشركات الناشئة عبر منصات رقمية مثل MRTB، وتطوير مشاريع في إطار شراكات وزارية لتسريع رقمنة التجارة. وكشف الوزير أنه سيتم إطلاق دراسة جديدة لتقييم واقع التجارة الإلكترونية في المغرب، ستركز على تحليل سلاسل التوزيع الحديثة وتحديد تأثير هذه التجارة على القطاعات التقليدية. كما تم تفعيل خلية خاصة منذ 2016 لمراقبة المنصات الإلكترونية، حيث أنجزت خلال 2024 نحو 200 عملية تفتيش، أسفرت عن توجيه إنذارات وتحرير محاضر مخالفات. وتظهر الأرقام الرسمية أن حجم التجارة الإلكترونية بالمغرب بلغ 22 مليار درهم سنة 2023، بمعدل نمو سنوي تجاوز 30% خلال خمس سنوات. وقد ساهم هذا النمو في خلق فرص شغل جديدة، وفتح آفاق للتجار المحليين نحو أسواق دولية، وسط منظومة قانونية تتوزع بين قوانين التجارة، حماية المستهلك، المعاملات المالية الرقمية، الأمن السيبراني، وحماية المعطيات الشخصية.

فرنسا تستعيد صدارة المستثمرين الأجانب بالمغرب
فرنسا تستعيد صدارة المستثمرين الأجانب بالمغرب

كش 24

timeمنذ 31 دقائق

  • كش 24

فرنسا تستعيد صدارة المستثمرين الأجانب بالمغرب

أظهرت بيانات أولية صادرة عن مكتب الصرف الفرنسي أن فرنسا استعادَت موقعها كأكبر مصدر للاستثمارات الأجنبية المباشرة في المغرب خلال الربع الأول من عام 2025، متجاوزة كلًا من الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية. وقد بلغت قيمة الاستثمارات الفرنسية المباشرة في المغرب نحو 2.03 مليار درهم، مسجلة ارتفاعًا ملحوظًا مقارنة بنهاية عام 2024 التي شهدت تراجعًا في الاستثمارات الفرنسية إلى 2.57 مليار درهم. وبفضل هذا الأداء، تفوقت فرنسا على الإمارات التي استثمرت حوالي 1.7 مليار درهم خلال نفس الفترة، علماً أن استثمارات الإمارات كانت قد بلغت 3.03 مليارات درهم على مدار عام 2024. في المقابل، حافظت الولايات المتحدة على مركزها الثالث بمبلغ استثماري وصل إلى 928 مليون درهم، تلتها إيطاليا بـ 844 مليون درهم، وألمانيا التي استثمرت 751 مليون درهم، رغم تراجعها من المركز الثاني في 2024. وشهدت بريطانيا تقدمًا ملحوظًا على إسبانيا في ترتيب المستثمرين الأجانب، حيث وصلت استثماراتها إلى 637 مليون درهم، مقابل 436 مليون درهم لإسبانيا. وقد شملت الاستثمارات الأجنبية المباشرة وفق منصة "ديتافور" الاقتصادية، مجموعة واسعة من القطاعات الاقتصادية بالمغرب، على رأسها القطاع الصناعي، يليه قطاع العقارات، مما يعكس التنوع والاهتمام المتزايد بمختلف مجالات الاقتصاد الوطني.

تراجع تحويلات مغاربة الخارج وسط عزوف عن قضاء عطلتهم بأرض الوطن
تراجع تحويلات مغاربة الخارج وسط عزوف عن قضاء عطلتهم بأرض الوطن

الأيام

timeمنذ 41 دقائق

  • الأيام

تراجع تحويلات مغاربة الخارج وسط عزوف عن قضاء عطلتهم بأرض الوطن

لوحظ مؤخرا تراجع تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج خلال النصف الأول من سنة 2025، في وقت اعتاد فيه هذا المؤشر أن يلعب دورا محوريا في دعم التوازنات المالية للمغرب، لاسيما على مستوى احتياطي العملة الصعبة. وكشفت الإحصاءات الرسمية الصادرة عن مكتب الصرف، أن تحويلات الجالية المغربية المقيمة بالخارج بلغت حوالي 55,86 مليار درهم إلى حدود نهاية يونيو 2025، مسجلة بذلك انخفاضا بنسبة 2,6 في المائة مقارنة مع الفترة نفسها من العام المنصرم، أي بخسارة إجمالية تقارب 1,48 مليار درهم. هذا التراجع، وإن لم يكن كبيرا من حيث النسبة، إلا أنه يأتي في ظل نقاش واسع على مواقع التواصل الاجتماعي بخصوص عزوف مغاربة الخارج عن قضاء عطلتهم بالمغرب جراء الارتفاع الصاورخي للأسعار والخدمات خاصة ما يتعلق بالنقل الجوي. وسجل العديد من المتتبعين عن قلقهم من تزايد مظاهر العزوف عن قضاء العطلة داخل المغرب، واتجاه عدد متزايد من المغاربة، سواء من داخل الوطن أو من الجالية المقيمة بالخارج، نحو وجهات سياحية خارجية بديلة، تتميز بـأسعار معقولة وخدمات ذات جودة عالية. واعتبر المتتبعون، أن الغلاء المفرط في أسعار الإيواء والمطاعم والنقل، وتراجع جودة الخدمات في عدد من الوجهات السياحية المغربية، يُعدّان من الأسباب الرئيسية التي تدفع العديد من الأسر إلى إعادة النظر في اختياراتها الصيفية، والبحث عن بدائل خارجية توفر نفس الخدمات بجودة أفضل وتكلفة أقل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store