
مهلة الأسبوعين.. مناورة سياسية أم حسابات عسكرية دقيقة؟
مع احتدام التصعيد بين إيران وإسرائيل، يبرز موقف واشنطن كعامل حاسم في رسم مسار الأزمة. الرئيس الأميركي دونالد ترامب حدّد مهلة أسبوعين لاتخاذ قرار بشأن التدخل المباشر، وفق ما صرحت به المتحدثة باسم البيت الأبيض، ما أثار تساؤلات حول الغاية من هذا التأجيل.
توضح مديرة مكتب صحيفة الشرق الأوسط في واشنطن، هبة القدسي، خلال حديثها إلى "سكاي نيوز عربية"، أن هذه المهلة الزمنية تحمل طابعا رمزيا بالنسبة لترامب، حيث استخدمها مرارا في أزمات سابقة، وتتماهى هذه المهلة مع يوم الاستقلال الأميركي في 4 يوليو، ما يمنحها بعدا رمزيا داخليا أيضا، على حد قولها.
حرب فوردو المؤجلة
في الوقت الذي تنهمك فيه إسرائيل في شنّ غارات مستمرة على أهداف إيرانية، يتريث البيت الأبيض.
وتكشف هبة القدسي أن هناك تحركات عسكرية أميركية جارية، تشمل تحصين القواعد والمنشآت الدبلوماسية وسحب طائرات من قاعدة العديد في قطر، إلى جانب تحشيد استراتيجي في مواقع مثل جزيرة دييغو غارسيا.
ويبدو أن هذا التريث يهدف إلى إتاحة الفرصة لإسرائيل لإضعاف قدرات إيران الدفاعية، تمهيدا لتوجيه ضربة أميركية مركزة لاحقا، خاصة لمنشأة "فوردو" النووية شديدة التحصين.
البيت الأبيض بين التصعيد والدبلوماسية
تعددت الاجتماعات بين ترامب ومجلس الأمن القومي خلال الأيام الأخيرة، وأظهرت المداولات أن هناك انقساما بين داعمي الخيار العسكري والمراهنين على المفاوضات.
وتشير هبة القدسي إلى أن ترامب، رغم خطابه المتشدد، لا يزال يقدّم الجهود الدبلوماسية كخيار أول، لكن هذا لا يلغي أن هناك تفكيرًا جادًا بتوجيه ضربة سريعة ومحددة، بشرط أن تكون فعالة وتجنّب انزلاق واشنطن إلى حرب طويلة.
وتوضح أن ترامب يشترط نجاح الضربة في تحقيق هدفها دون الحاجة إلى تكرارها، ما يفسر تردده وطلبه ضمانات من البنتاغون حول فعالية القنابل الخارقة للتحصينات.
ولفتت إلى عمق منشأة فوردو الذي يتجاوز 100 متر تحت الأرض، "ما يضع قدرة هذه القنابل على المحك. كما أن عدم استخدام هذا النوع من القنابل في عمليات حقيقية سابقا، يزيد من قلق الرئيس".
سيناريو العراق
من القاهرة، يرى أشرف العشري، مدير تحرير صحيفة الأهرام، أن ترامب يعيش حالة من الحذر الشديد نتيجة التجارب الأميركية السابقة في العراق وأفغانستان.
ويشير إلى وجود تباين حاد داخل دوائر القرار الأميركية، ما بين مؤيدين لتوجيه ضربة عسكرية ومعارضين يخشون تداعياتها الاستراتيجية.
ويؤكد العشري أن ترامب يدرك أن غياب بدائل واضحة للنظام الإيراني بعد أي تغيير محتمل، قد يعيد إنتاج السيناريو العراقي، حيث برزت فصائل عسكرية غير منضبطة في المشهد بعد سقوط النظام.
ضربة خاطفة أم تورط استراتيجي؟
تطرح هبة القدسي معضلة تواجهها الإدارة الأميركية: "هل يمكن توجيه ضربة واحدة تنهي البرنامج النووي الإيراني دون التورط في حرب مفتوحة؟".
ترى القدسي أن ترامب يبحث عن ضربة تحقق أهدافه السياسية والعسكرية في آن، دون التناقض مع صورته كـ"رجل سلام". وهو يصر على أن تكون الضربة قصيرة الأمد، محدودة، وذات فاعلية مؤكدة.
لكن الحسابات العسكرية تقول شيئا آخر، وفق القدسي، خاصة أن تدمير منشأة فوردو يتطلب قنابل خارقة لم يتم اختبارها في نزاع حقيقي.
من يدفع ترامب نحو الحرب؟
تسلط القدسي الضوء على تأثير سقور الجمهوريين وشبكات إعلامية يمينية في دفع ترامب نحو الحسم العسكري، بينما تواجهه ضغوط مضادة من حركة "ماجا" التي ترفض تدخلًا جديدًا في الشرق الأوسط.
كما يحاول ترامب استخدام الأزمة لتحسين شعبيته، مستندا إلى استطلاعات الرأي وإلى صورة الزعيم القوي القادر على فرض الشروط، لا سيما مع اقتراب الانتخابات.
تشير التحليلات العسكرية التي نقلتها القدسي إلى أن نجاح الضربة على منشآت نووية مدفونة في عمق الأرض، مثل فوردو، ليس مضمونًا. فالقنابل المتوفرة لا تصل إلى الأعماق المطلوبة، ما يجعل العملية محفوفة بالمخاطر.
وأضافت "في حال فشل الضربة، ستكون واشنطن أمام خيارين كلاهما مكلف: الانسحاب مع فقدان الهيبة أو الانخراط في مواجهة شاملة".
الخيار الإيراني: بين حافة المواجهة وحدود التنازل
في طهران، تشير تصريحات وزير الخارجية، عباس عراقجي إلى أن إيران مستعدة لإظهار بعض المرونة إذا تم وقف إطلاق النار. وترى القدسي أن هذه التصريحات تشكل نقطة ارتكاز يمكن البناء عليها دبلوماسيًا.
ولكن المطالب الأميركية، وعلى رأسها "صفر تخصيب لليورانيوم"، تضع إيران أمام معضلة وطنية كبرى، حيث يُنظر إلى التخصيب كحق سيادي لا يمكن التنازل عنه بسهولة، على حد قولها.
بين الدبلوماسية والقصف.. إلى أين يتجه ترامب؟
في ظل التداخلات المعقدة للمصالح والضغوط، يبدو أن إدارة ترامب تسير على حافة الهاوية، تحاول التلويح بالقوة دون الانزلاق في مستنقع حرب شاملة.
الاجتماع المرتقب في جنيف بين وزراء خارجية الترويكا والجانب الإيراني، والمشاورات الأميركية الأوروبية والعربية، تمثل نافذة أمل لحلحلة المأزق.
لكن في حال فشل هذه المساعي، فإن ترامب، وتحت ضغط الداخل واللوبيات، قد يجد نفسه مضطرًا لتوجيه ضربة استعراضية، تفتح على المنطقة فصولًا جديدة من عدم الاستقرار.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البلاد البحرينية
منذ 19 دقائق
- البلاد البحرينية
مراسلات خلف الكواليس.. مبعوث ترامب يتحاور مع طهران دون حضور رسمي
في تطور لافت يكشف عن تحركات دبلوماسية غير معلنة، أفاد تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست، وترجمته 'البلاد'، أن مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، ما يزال في 'مراسلات' مباشرة مع مسؤولين إيرانيين، بالرغم من تصاعد وتيرة القتال بين إسرائيل وإيران الذي دخل يومه التاسع. وأكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، أن تلك الاتصالات جارية، إلا أن ويتكوف لم يشارك في المحادثات التي جرت يوم الجمعة في جنيف بين إيران والترويكا الأوروبية (بريطانيا، فرنسا، ألمانيا) بمشاركة الاتحاد الأوروبي. في المقابل، شهدت جنيف محادثات وُصفت بأنها 'الفرصة الأخيرة' لتفادي الانزلاق نحو مواجهة شاملة، وسط غياب أميركي واضح وموقف متردد من إدارة ترامب. وطرح الأوروبيون في الاجتماع مبادرة جذرية تشمل وقف تخصيب اليورانيوم حتى للأغراض السلمية، وتفكيك منشآت الطرد المركزي، إضافة إلى فرض رقابة صارمة على البرنامج الصاروخي الإيراني وتمويل طهران للمليشيات الإقليمية مثل 'حزب الله' و 'الحوثيين'. إلا أن ترامب علّق باستخفاف على المحادثات، قائلاً إن أوروبا لن تكون قادرة على المساعدة في هذه المسألة، مضيفًا أن أمامه 'أسبوعين فقط' لاتخاذ قرار بشأن توجيه ضربة عسكرية لإيران، ما زاد من تعقيد المشهد. وسط هذه التحركات، يراقب ترامب تطورات الميدان كـ 'مراقب متردد'، فيما تبدو طهران مصممة على المضي في التصعيد مع الإبقاء على هامش تفاوض مفتوح، ولو تحت النيران.

البلاد البحرينية
منذ ساعة واحدة
- البلاد البحرينية
د. سمر الأبيوكي هل تفعلها الولايات المتحدة الأميركية؟ الأحد 22 يونيو 2025
بعد حالة من التخبط والتصريحات غير المدروسة حول مدى إمكان ضرب أميركا لإيران، أصبحت المفاوضات الورقة الأخيرة التي يلوح بها ترامب بعد تهديداته المباشرة بضرب إيران. ورغم حديثه عن المفاوضات والوصول إلى حل دبلوماسي، فإن التكدس العسكري الرهيب للقوات الأميركية حول مناطق النزاع يعطي مؤشرات بتأهب شديد والميل إلى توجيه ضربة أميركية لطهران حتى إن صرح الرئيس الأميركي بغير ذلك. ومازلنا نتابع هذه الأحداث التي ترمي بظلالها على المنطقة والعالم بأسره بترقب شديد وقلق من أية انبعاثات أو تسريبات بسبب ضربات قد تؤثر على المياه والجو وجودة الحياة لا قدر الله. ماذا يعني ضرب أميركا لإيران؟ يعني أن المعركة تتسع وأن جنونًا في الرد قد يصيب طهران، فتقوم كما صرحت سابقًا بضرب كل المصالح الأميركية في المنطقة. وقلتها سابقًا إن الضربة والرد عليها لا يكلف المنطقة ويلات حرب، كما سيحدث إن قررت الولايات المتحدة الأميركية توجيه الضربة إلى طهران! وهو ما يعني أن الرد قد يأتي مجنونًا بصيغة 'عليَّ وعلى أعدائي'! نتمنى من الله أن تهدأ المنطقة التي تعيش على صفيح ساخن وأن تنعم كل الدول بالأمن والأمان والاستقرار، ولا يسعنا غير أن نكون متابعين واعين لأهمية السلم في المنطقة بأسرها، ويبدأ ذلك كله من السلم النفسي الداخلي لنا ولأسرنا، وأهمية التلاحم الحقيقي بيننا وعدم الميل دون وعي لأخبار من شأنها أن تستهدف هذا الوعي أو تحيده عن طريقه الصحيح.


الوطن
منذ 3 ساعات
- الوطن
مسؤولون إسرائيليون يبلغون ترامب: قد نضرب فوردو قبل انتهاء مهلتك
أفاد مصدران مطلعان بأن مسؤولين إسرائيليين أبلغوا إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنهم لا يريدون الانتظار أسبوعين حتى تتوصل إيران إلى اتفاق لتفكيك أجزاء رئيسية من برنامجها النووي. "إسرائيل قد تتحرك بمفردها قبل انتهاء المهلة" وأضافوا أن إسرائيل قد تتحرك بمفردها قبل انتهاء المهلة، وسط استمرار الجدل داخل فريق ترامب عما إذا كان ينبغي للولايات المتحدة التدخل. كما تابع المصدران المطلعان أن إسرائيل نقلت مخاوفها إلى مسؤولي إدارة ترامب يوم الخميس خلال ما وصفاها بأنها مكالمة هاتفية مشوبة بالتوتر، وفقاً لـ"رويترز"، حيث شددت تل أبيب لإدارة ترامب على إمكانية استهداف فوردو قبل نهاية مهلته. أتت هذه التطورات بعدما أعلن مسؤول أميركي السبت، أن الولايات المتحدة لا تفكر في الانضمام إلى الحرب ضد إيران من أجل القضاء على برنامجها النووي. كما قال المسؤول لقناة "NBC" الأميركية، إن واشنطن أبلغت إسرائيل أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعارض خطة تهدف إلى اغتيال المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، مشيرة إلى أن إيران لم تقتل أي أميركي، وأن مناقشة اغتيال قادة سياسيين يجب ألا تكون مطروحة. مهلة أسبوعين كحد أقصى وكان الرئيس الأميركي أعلن الخميس، أن أمام إيران مهلة أسبوعين "كحد أقصى" لتفادي التعرض لضربات أميركية محتملة، مشيرا إلى أنه قد يتخذ قرارا قبل هذا الموعد النهائي الذي حدده. كما قلل ترامب من إمكانية مطالبته إسرائيل بوقف ضرباتها كما طلبت طهران، قائلا "من الصعب جدا مطالبتهم بذلك الآن". وأضاف "إذا كان الطرف رابحا، فسيكون الأمر أصعب قليلا منه إذا كان خاسرا". بينما أفاد مسؤولون مطلعون سابقاً بأن الجانب الأميركي قدم مقترحاً إلى الإيرانيين مطلع الأسبوع الماضي، يقضي بتصفير تخصيب اليورانيوم مع الاستعاضة عنه بالتخصيب خارج الأراضي الإيرانية ضمن "كونسورتيوم إقليمي". إلا أن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أكد رفض بلاده لتصفير البرنامج النووي تحت أي ظرف، مهددا بضرب إسرائيل بقوة في حال استمرار هجماتها. ومنذ 13 يونيو، شنت إسرائيل هجوماً غير مسبوق على مناطق عدة في إيران، متذرعة بفشل المفاوضات النووية، وسعي طهران للحصول على قنبلة نووية. كما حثت الولايات المتحدة على المشاركة في الحرب والمساعدة في ضرب منشأة فوردو النووية.