«مطرقة منتصف الليل» وشمس إيران
للمهام الخاصة تسميات يراد بها إرسال أكبر قدر من الرسائل المؤثرة، أو رسالة واحدة مقتضبة مركّزة. لا يعني ما سأقول معلومة ولا نبوءة ولا أمنية، ليس الأمر أكثر من تأملات ذاتية قد تصيب وقد تخطأ وتشطح!
صحيح أن التسميات في العمليات العسكرية والأمنية تندرج ضمن اختصاص القائمين عليها سيما الشؤون التعبوية أو الحرب النفسية، إلا أن للقيادة السياسية أيضا دورها. فإن افترضنا لغايات العصف الذهني أن الرئيس بصفته قائدا أعلى للقوات المسلحة هو الذي اختار اسم عملية القضاء على برنامج إيران النووي، فما الذي يعنيه دونالد جيه ترمب الحريص على البر بوعوده الانتخابية في ثلاث حملات بأن يبني «السلام عبر القوة» وهو في الأصل شعار سلفه الرئيس الجمهوري الأيقوني رونالد ريغان. والقوة عند ترمب لا تعني القوة العسكرية فقط وإنما الاقتصادية، من قبل ومن بعد.
ما الذي يعنيه اختيار اسم «المطرقة» ومعروفة استخداماتها في عالم المقاولين وصناع الصفقات الذي ينتمي إليه ترمب، إضافة إلى عالم الشهرة؟ في اللغة الإنجليزية، بنطقها ورسمها الأمريكي والثقافة الأمريكية، يقال إنه لا بد من إتمام الصفقة بعمل ما. تستخدم كلمة «هَمَرْ» هنا اسما وفعلا فتصبح أداة المطرقة ليست أداة تحطيم وتهشيم، بل إنجاز أو صياغة، أو على نحو أدق، صهر وصقل «فورجِنغ» ومن ثم «هَمَرِنغ» الصفقة. وكأن بترمب -الذي استخدم الكرات المعدنية الضخمة الثقيلة المعروفة بكرة الهَدَدْ أو «المَهَدِّة»، «رِكِنغ بول» لتحطيم المباني الآيلة للسقوط- كأنه يهدم فوردو ونطنز وأصفهان ليصهر ويصقل صفقة القرن مع رأس ما سمى نفسه «محور المقاومة والممانعة»، تفاديا لما قد تصير بحق «أم المعارك»! التي لا يخفى على عاقل ولا منصف دور نظام ملالي طهران فيها، طبعا دون أن نغفل دور الجانبين الأمريكي والإيراني ودول عربية تحالفت مع خميني في حرب الثماني أعوام أو ما عرف ب «قادسية صدام»!
الشطر الثاني من اسم العملية -ليلة السبت على الأحد- لا يحمل إلا معنى واحدا ألا وهو أن الليل بتلك الضربة قد انتهى، وأن «الصبح» قريب. وزير الدفاع الأمريكي بيت هِغْزِث أكد صباح الأحد في البنتاغون غداة الضربة، أن إدارة ترمب ليست بصدد تغيير النظام. قبلها بأيام، أعلن ترمب أن مخبأ «المرشد» معروف، لكنه «حتى الآن» شَهَرَ الفيتو بوجه رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو، بعدم التعرض لحياة خامنئي الذي قيل إنه اختار ثلاثة لخلافته إن تم استهدافه بضربة أمريكية أو إسرائيلية وإنه فوض صلاحياته كمرشد إلى المجلس الأعلى «للثورة الإسلامية» في إيران.
على غرار هذه التسمية، وبصرف النظر عن نتائجها على المديين القريب والمتوسط، فإن العالق بين المطرقة والسنديان ظالم نفسه إلى حد الانتحار. ولأولئك العالقين في عقد الماضي وهواجس الحاضر، الغافلين عن أي استشراف حقيقي للمستقبل، أهمس في أذن أولئك المعلّقين «الشّبَحيّين التشبيحيّين» إن جاز التعبير، بأن واقع الحال في عالم فيه طائرات شبحية من طراز «بي تو- سْبِرِتْ يناشدكم بأن اتقوا الله في بلادكم، في ثرواتها وموقعها ومخزونها الحضاري الممتدّ آلاف السنين.
إن كانت الكرة في ملعب إيران كما أعلن ترمب وكثير من الحلفاء، فإن للجيران كلمتهم أيضا، الأقرب فالأقرب. آن الأوان أن تبزغ شمس المستقبل الآمن الزاهر الواعد سواء عادت الشمس رمزا لعلم إيران، أو غابت زهاء نصف قرن هي وأسدها وسيفه..

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبارنا
منذ 6 ساعات
- أخبارنا
بشار جرار : «مطرقة منتصف الليل» وشمس إيران
أخبارنا : للمهام الخاصة تسميات يراد بها إرسال أكبر قدر من الرسائل المؤثرة، أو رسالة واحدة مقتضبة مركّزة. لا يعني ما سأقول معلومة ولا نبوءة ولا أمنية، ليس الأمر أكثر من تأملات ذاتية قد تصيب وقد تخطأ وتشطح! صحيح أن التسميات في العمليات العسكرية والأمنية تندرج ضمن اختصاص القائمين عليها سيما الشؤون التعبوية أو الحرب النفسية، إلا أن للقيادة السياسية أيضا دورها. فإن افترضنا لغايات العصف الذهني أن الرئيس بصفته قائدا أعلى للقوات المسلحة هو الذي اختار اسم عملية القضاء على برنامج إيران النووي، فما الذي يعنيه دونالد جيه ترمب الحريص على البر بوعوده الانتخابية في ثلاث حملات بأن يبني «السلام عبر القوة» وهو في الأصل شعار سلفه الرئيس الجمهوري الأيقوني رونالد ريغان. والقوة عند ترمب لا تعني القوة العسكرية فقط وإنما الاقتصادية، من قبل ومن بعد. ما الذي يعنيه اختيار اسم «المطرقة» ومعروفة استخداماتها في عالم المقاولين وصناع الصفقات الذي ينتمي إليه ترمب، إضافة إلى عالم الشهرة؟ في اللغة الإنجليزية، بنطقها ورسمها الأمريكي والثقافة الأمريكية، يقال إنه لا بد من إتمام الصفقة بعمل ما. تستخدم كلمة «هَمَرْ» هنا اسما وفعلا فتصبح أداة المطرقة ليست أداة تحطيم وتهشيم، بل إنجاز أو صياغة، أو على نحو أدق، صهر وصقل «فورجِنغ» ومن ثم «هَمَرِنغ» الصفقة. وكأن بترمب -الذي استخدم الكرات المعدنية الضخمة الثقيلة المعروفة بكرة الهَدَدْ أو «المَهَدِّة»، «رِكِنغ بول» لتحطيم المباني الآيلة للسقوط- كأنه يهدم فوردو ونطنز وأصفهان ليصهر ويصقل صفقة القرن مع رأس ما سمى نفسه «محور المقاومة والممانعة»، تفاديا لما قد تصير بحق «أم المعارك»! التي لا يخفى على عاقل ولا منصف دور نظام ملالي طهران فيها، طبعا دون أن نغفل دور الجانبين الأمريكي والإيراني ودول عربية تحالفت مع خميني في حرب الثماني أعوام أو ما عرف ب «قادسية صدام»! الشطر الثاني من اسم العملية -ليلة السبت على الأحد- لا يحمل إلا معنى واحدا ألا وهو أن الليل بتلك الضربة قد انتهى، وأن «الصبح» قريب. وزير الدفاع الأمريكي بيت هِغْزِث أكد صباح الأحد في البنتاغون غداة الضربة، أن إدارة ترمب ليست بصدد تغيير النظام. قبلها بأيام، أعلن ترمب أن مخبأ «المرشد» معروف، لكنه «حتى الآن» شَهَرَ الفيتو بوجه رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو، بعدم التعرض لحياة خامنئي الذي قيل إنه اختار ثلاثة لخلافته إن تم استهدافه بضربة أمريكية أو إسرائيلية وإنه فوض صلاحياته كمرشد إلى المجلس الأعلى «للثورة الإسلامية» في إيران. على غرار هذه التسمية، وبصرف النظر عن نتائجها على المديين القريب والمتوسط، فإن العالق بين المطرقة والسنديان ظالم نفسه إلى حد الانتحار. ولأولئك العالقين في عقد الماضي وهواجس الحاضر، الغافلين عن أي استشراف حقيقي للمستقبل، أهمس في أذن أولئك المعلّقين «الشّبَحيّين التشبيحيّين» إن جاز التعبير، بأن واقع الحال في عالم فيه طائرات شبحية من طراز «بي تو- سْبِرِتْ يناشدكم بأن اتقوا الله في بلادكم، في ثرواتها وموقعها ومخزونها الحضاري الممتدّ آلاف السنين. إن كانت الكرة في ملعب إيران كما أعلن ترمب وكثير من الحلفاء، فإن للجيران كلمتهم أيضا، الأقرب فالأقرب. آن الأوان أن تبزغ شمس المستقبل الآمن الزاهر الواعد سواء عادت الشمس رمزا لعلم إيران، أو غابت زهاء نصف قرن هي وأسدها وسيفه.. ــ الدستور

الدستور
منذ 8 ساعات
- الدستور
«مطرقة منتصف الليل» وشمس إيران
للمهام الخاصة تسميات يراد بها إرسال أكبر قدر من الرسائل المؤثرة، أو رسالة واحدة مقتضبة مركّزة. لا يعني ما سأقول معلومة ولا نبوءة ولا أمنية، ليس الأمر أكثر من تأملات ذاتية قد تصيب وقد تخطأ وتشطح! صحيح أن التسميات في العمليات العسكرية والأمنية تندرج ضمن اختصاص القائمين عليها سيما الشؤون التعبوية أو الحرب النفسية، إلا أن للقيادة السياسية أيضا دورها. فإن افترضنا لغايات العصف الذهني أن الرئيس بصفته قائدا أعلى للقوات المسلحة هو الذي اختار اسم عملية القضاء على برنامج إيران النووي، فما الذي يعنيه دونالد جيه ترمب الحريص على البر بوعوده الانتخابية في ثلاث حملات بأن يبني «السلام عبر القوة» وهو في الأصل شعار سلفه الرئيس الجمهوري الأيقوني رونالد ريغان. والقوة عند ترمب لا تعني القوة العسكرية فقط وإنما الاقتصادية، من قبل ومن بعد. ما الذي يعنيه اختيار اسم «المطرقة» ومعروفة استخداماتها في عالم المقاولين وصناع الصفقات الذي ينتمي إليه ترمب، إضافة إلى عالم الشهرة؟ في اللغة الإنجليزية، بنطقها ورسمها الأمريكي والثقافة الأمريكية، يقال إنه لا بد من إتمام الصفقة بعمل ما. تستخدم كلمة «هَمَرْ» هنا اسما وفعلا فتصبح أداة المطرقة ليست أداة تحطيم وتهشيم، بل إنجاز أو صياغة، أو على نحو أدق، صهر وصقل «فورجِنغ» ومن ثم «هَمَرِنغ» الصفقة. وكأن بترمب -الذي استخدم الكرات المعدنية الضخمة الثقيلة المعروفة بكرة الهَدَدْ أو «المَهَدِّة»، «رِكِنغ بول» لتحطيم المباني الآيلة للسقوط- كأنه يهدم فوردو ونطنز وأصفهان ليصهر ويصقل صفقة القرن مع رأس ما سمى نفسه «محور المقاومة والممانعة»، تفاديا لما قد تصير بحق «أم المعارك»! التي لا يخفى على عاقل ولا منصف دور نظام ملالي طهران فيها، طبعا دون أن نغفل دور الجانبين الأمريكي والإيراني ودول عربية تحالفت مع خميني في حرب الثماني أعوام أو ما عرف ب «قادسية صدام»! الشطر الثاني من اسم العملية -ليلة السبت على الأحد- لا يحمل إلا معنى واحدا ألا وهو أن الليل بتلك الضربة قد انتهى، وأن «الصبح» قريب. وزير الدفاع الأمريكي بيت هِغْزِث أكد صباح الأحد في البنتاغون غداة الضربة، أن إدارة ترمب ليست بصدد تغيير النظام. قبلها بأيام، أعلن ترمب أن مخبأ «المرشد» معروف، لكنه «حتى الآن» شَهَرَ الفيتو بوجه رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو، بعدم التعرض لحياة خامنئي الذي قيل إنه اختار ثلاثة لخلافته إن تم استهدافه بضربة أمريكية أو إسرائيلية وإنه فوض صلاحياته كمرشد إلى المجلس الأعلى «للثورة الإسلامية» في إيران. على غرار هذه التسمية، وبصرف النظر عن نتائجها على المديين القريب والمتوسط، فإن العالق بين المطرقة والسنديان ظالم نفسه إلى حد الانتحار. ولأولئك العالقين في عقد الماضي وهواجس الحاضر، الغافلين عن أي استشراف حقيقي للمستقبل، أهمس في أذن أولئك المعلّقين «الشّبَحيّين التشبيحيّين» إن جاز التعبير، بأن واقع الحال في عالم فيه طائرات شبحية من طراز «بي تو- سْبِرِتْ يناشدكم بأن اتقوا الله في بلادكم، في ثرواتها وموقعها ومخزونها الحضاري الممتدّ آلاف السنين. إن كانت الكرة في ملعب إيران كما أعلن ترمب وكثير من الحلفاء، فإن للجيران كلمتهم أيضا، الأقرب فالأقرب. آن الأوان أن تبزغ شمس المستقبل الآمن الزاهر الواعد سواء عادت الشمس رمزا لعلم إيران، أو غابت زهاء نصف قرن هي وأسدها وسيفه..


سواليف احمد الزعبي
منذ 20 ساعات
- سواليف احمد الزعبي
الاقتصاد العالمي و الضربة العسكرية الأمريكية على المفاعلات النووية الإيرانية
#الاقتصاد_العالمي و #الضربة_العسكرية_الأمريكية على #المفاعلات_النووية_الإيرانية خوله كامل الكردي الهجوم الإسرائيلي الأرعن على الأراضي الإيرانية أصاب العالم الحر بحالة من الصدمة والذهول، أثار قلق الاقتصاديين من موجة انكماش ترتد على حركة الأسواق العالمية، فبعد التخبط الذي شاب الاقتصاد العالمي وأسواق البورصة والأسهم العالمية، على إثر رفع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الرسوم الجمركية على البضائع الواردة إلى الولايات المتحدة من الخارج، جاءت أزمة مفاوضات برنامج إيران النووي، لتعيد الاقتصاد العالمي إلى حالة من التذبذب وعدم الاستقرار. لا يفهم المغزى من المسلك الذي سلكته الولايات المتحدة الأمريكية، بإعطاء الضوء الأخضر للكيان الصهيوني في ضرب أهداف عسكرية ونووية في عمق الأراضي الإيرانية وهي في غمرة المفاوضات النووية مع الجانب الإيراني، فمهلة الستين يوماً التي حددها الرئيس الأمريكي ترمب لإيران لتسليم ملفها النووي والتراجع عن تخصيب اليورانيوم، قد انتهت رغم التوافق على إعادة جولة المفاوضات ليوم الأحد الماضي، انتهت بضربات جوية وجهها الطيران الحربي الإسرائيلي على مواقع عسكرية و مفاعلات نووية إيرانية، وتنفيذ عمليات اغتيال بحق علماء نووين و قادة وضباط في الحرس الثوري الإيراني، واكتملت الصورة بالهجوم الأمريكي المباغت على منشآت إيرانية نووية فجر الأحد الموافق 22 من هذا الشهر وزاد الأمر تعقيدا والأزمة تشابكا. لا يستطيع الاقتصاد العالمي أن يحتمل أزمة في منطقة الشرق الأوسط قد تودي به إلى تدهور خطير في الأسواق العالمية، وارتفاع أسعار النفط ومشتقاته، مما يؤثر سلباً على اقتصاديات الدول وحكوماتها، وبالتالي التأثير الكبير على معيشة الفرد البسيط، ومعظم تلك الأزمات تكون فيها الولايات المتحدة الأمريكية الركيزة الأساسية، فدعمها للكيان المحتل في العدوان على غزة والضفة الغربية والتمادي الإسرائيلي في بناء المستوطنات الغير شرعية، واعتراف إدارة ترمب بالقدس عاصمة للكيان المحتل في ولايته الأولى تحت شعار صفقة القرن، لا يمكن أن يأتي بأي أمن وسلام لمنطقة الشرق الأوسط والعالم بأسره، بل يضفي تعقيداً على المشهد السياسي والعسكري. يقرأ التدخل العسكري الأمريكي في برنامج إيران النووي، إلا حماقة قد تجرها إلى حرب إقليمية لا طاقة لها بها، ومع تصاعد الهجمات الإسرائيلية الجوية المدعومة سياسياً وعسكريا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية ومواقع استراتيجية وحيوية للعاصمة طهران، تنحدر المنطقة نحو صراع طويل الأمد غير محسوب العواقب، لكنه في النهاية يرسم خطوطاً عريضة لطموح أمريكي في تواجد عسكري على الأراضي الإيرانية الخالية من أي قواعد عسكرية أمريكية، فكل تلك الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة الأمريكية، تحفز الكيان المحتل التمادي في الاعتداء على إيران، هدفها في النهاية الهيمنة على المقدرات الطبيعية لإيران، وتلك هي قصة من قصص التدخلات الأمريكية المستمرة في منطقتنا العربية والإسلامية.