
'لبنان جزء من بلاد الشام'.. ضغط أمريكي تفاوضي أم تحذير حقيقي؟
والسبت، نقلت صحيفة 'ذا ناشيونال' الإماراتية عن باراك، قوله إن 'لبنان يحتاج إلى معالجة قضية سلاح حزب الله، وإلا فإنه قد يواجه تهديدا وجوديا (…) وسوف يعود ضمن بلاد الشام مرة أخرى'.
وقال باراك: 'هناك إسرائيل من جهة، وإيران من جهة أخرى، والآن يوجد سوريا التي تتجلى بسرعة كبيرة لدرجة أنه إذا لم يتحرك لبنان، فسوف يصبح بلاد الشام مرة أخرى'، في إشارة إلى فقدانه السيادة وتدخل دول الجوار.
وأضاف المبعوث الأمريكي للصحيفة ذاتها: 'يقول السوريون: لبنان منتجعنا الساحلي. لذا علينا أن نتحرك. وأعلم مدى إحباط الشعب اللبناني. وهذا يحبطني'.
ترك لبنان لمصيره
ورأى المحلل السياسي اللبناني طوني بولس، أن تصريحات باراك، تشير إلى أنه 'في حال لم تتحمل الدولة اللبنانية مسؤوليتها، فإن سوريا قد تعزز أمنها القومي في عدة كيلومترات داخل لبنان، باعتبار أن وجود حزب الله على حدودها يهدد استقرارها'.
وأضاف: 'الأمر نفسه بالنسبة لإسرائيل، ففي حال لم تتحمل الدولة اللبنانية مسؤوليتها تجاه سلاح حزب الله، فإن ذلك يفتح المجال أمام إسرائيل للتدخل في العمق اللبناني بذريعة الحفاظ على أمنها القومي'.
وأشار بولس، إلى أن 'الأمر لا يقتصر على ذلك، بل إن حالة حزب الله العسكرية تهدد القوى السياسية اللبنانية الأخرى، لأنه الحزب الوحيد المسلح فيما الآخرون لا يملكون السلاح'.
وقال إن 'باراك، عائد بعد أسبوعين إلى بيروت، وقد يُبلغ اللبنانيين بأن الإدارة الأمريكية وصلت إلى حالة شبه يأس من لبنان'.
وأضاف المحلل السياسي متخوفا: 'في حال حصل ذلك، يعني عزل لبنان وتركه لمصيره، وتحوله إلى سجن كبير'.
ولفت إلى أن المنطقة تشهد 'تحولات كبيرة وعلى الدولة اللبنانية أن تبني عليها وتتماشى معها، وإلا فقد يخسر لبنان الرعاية الأمريكية التي يحظى بها'.
الورقة الأمريكية
وجاءت تصريحات باراك، عقب أيام من زيارته بيروت ولقائه بمسؤولين لبنانيين، في إطار متابعته لورقة مقترحات أمريكية سلّمها في 19 يونيو/ حزيران الماضي، وتتضمن نزع سلاح 'حزب الله'.
إلا أن بيروت لم تصدق على المقترحات الأمريكية، ولكن قدمت 'أفكاراً للحل'، سترد عليها واشنطن لاحقاً، وبقي الموقف اللبناني الرسمي ضبابيا تجاه الورقة الأمريكية.
كما جاء ذلك بعد أن أعلن الأمين العام لـ'حزب الله' نعيم قاسم، عبر خطاب متلفز نقلته قناة 'المنار' بمناسبة عاشوراء، في 5 يوليو/ تموز الجاري، أن حزبه 'لن يستجيب لدعوات تسليم سلاحه قبل رحيل العدوان' الإسرائيلي عن لبنان.
وفي 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، بدأ سريان اتفاق لوقف لإطلاق النار بين 'حزب الله' وإسرائيل عقب حرب استمرت 66 يوماً. لكن تل أبيب خرقته أكثر من 3 آلاف مرة، ما أسفر عن مئات الشهداء والجرحى، وفق بيانات رسمية.
وبالرغم من اتفاق وقف إطلاق النار، يواصل الجيش الإسرائيلي احتلال 5 تلال لبنانية في الجنوب سيطر عليها خلال الحرب الأخيرة، إضافة إلى مناطق أخرى يحتلها منذ عقود.
هل يعيد التاريخ نفسه؟!
في المقابل، رأى المحلل السياسي توفيق شومان أن حديث باراك، يندرج في سياق 'الضغط التفاوضي، أو ما يوصف بسياسة الضغط الأقصى، حول سلاح حزب الله'.
وتوقع شومان، أن 'يرتفع منسوب الضغوطات طوال الفترة المقبلة، أي خلال مهلة التسعين يوما التي حددها باراك، خلال زيارته الأخيرة، بهدف إيجاد صيغة لحصر السلاح في لبنان'.
واعتبر أن تصريحات باراك، 'تأتي في سياق التهديد بإلزام لبنان للحكم الجديد في سوريا'.
ولكنه استبعد أن يعيد التاريخ نفسه عندما دخل الجيش السوري إلى لبنان عام 1976 بطلب من السلطات اللبنانية، إثر احتدام الحرب الأهلية حينها (1975-1990) والتي قدر عدد ضحاياها بنحو 150 ألف قتيل و300 ألف جريح ومعوق، و17 ألف مفقودا.
ولفت شومان، إلى أنه 'في الوقت الحالي لا يوجد أي فريق لبناني يدعو سوريا للعودة إلى لبنان، كما أن سوريا اليوم ليست كما كانت قبل 5 عقود، حينما جرى توافق إقليمي دولي لتدير دمشق الوضع اللبناني'.
بلاد الشام تاريخيا
وتاريخيا، تطلق تسمية 'بلاد الشام' على المنطقة الممتدة من جبال طوروس جنوب تركيا حتى صحراء سيناء (شرق مصر) جنوبا، ومن البحر المتوسط غربا حتى صحراء العراق شرقا.
وفي العصور الإسلامية، لاسيما في العهدين الأموي والعباسي، كان لبنان جزءا من ولاية الشام التي كانت تضم عدة مناطق بما فيها دمشق وبعلبك وصيدا وطرابلس (الشرق)، وكانت المدن الساحلية اللبنانية مثل بيروت وصيدا وصور بوابات بحرية للشام.
وفي عهد الدولة العثمانية (1299-1923) كان لبنان مقسّما بين 'ولاية بيروت' و'ولاية دمشق'، وكلاهما كانا يُصنّفان إداريا ضمن 'بلاد الشام'.
كما استخدم المؤرخون لقب 'طرابلس الشام' (عاصمة لبنان الثانية) لتمييزها عن العاصمة الليبية طرابلس الغرب.
وخلال فترة الانتداب الفرنسي للمنطقة (1918–1943) عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى، جرى تقسيم بلاد الشام إلى كيانات سياسية هي لبنان وسوريا والأردن وفلسطين.
وفي 1 سبتمبر/ أيلول 1920، أعلن الجنرال الفرنسي هنري غورو، دولة لبنان الكبير، بعد إعادة ترسيم الحدود بين البلاد، التي كانت خاضعة للحكم العثماني، وبينها سوريا ولبنان، معلنا بيروت عاصمة له.
(الأناضول)

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ يوم واحد
- العربي الجديد
أقمار التجسس الإسرائيلية أفق-13 تؤجج صراع التسلح في المغرب العربي
تمثل صفقة حصول المغرب على أقمار التجسس الإسرائيلية من طراز "أفق-13"، والتي تُقدّر قيمتها بمليار دولار، أحد أبرز بنود "اتفاقيات إبراهيم" بين إسرائيل والمغرب في اعتراف تل أبيب بسيادة المغرب على الصحراء المغربية، التي تشهد نزاعاً مستمراً بين المغرب والجزائر منذ عام 1975. وذكر موقع "إنفورماتسيوني كوريتا" اليهودي الإيطالي في تحليل بتاريخ 11 يوليو/ تموز حمل عنوان "اتفاقيات إبراهيم وتحالف إسرائيل والمغرب"، أن الاعتراف الإسرائيلي بسيادة المغرب على الصحراء المغربية لا يقتصر على بُعده السياسي فحسب، بل يحمل أيضاً أبعاداً أمنية وعسكرية. فالمغرب يعتمد على التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية في تأمين حدوده من تهديدات محتملة. وأضاف أن إسرائيل تُعد اليوم ثالث أكبر مورد للسلاح إلى المغرب، حيث تمثل صادراتها العسكرية 11% من إجمالي واردات المملكة، وتشمل طائرات استطلاع بدون طيار من طراز "هيرون"، ومنظومات الدفاع الجوي "باراك". وأوضح الموقع اليهودي أن إسرائيل تحصل، في المقابل، على تعاون اقتصادي ولوجستي وسياسي كامل من المغرب. ففي أغسطس/ آب 2024، أبرمت الدولتان صفقة ضخمة بقيمة مليار دولار حصلت بموجبها القوات المسلحة المغربية على أقمار تجسس صناعية من طراز "أفق-13". وفي نوفمبر/ تشرين الثاني من العام ذاته، أكد المغرب التزامه باتفاقيات إبراهيم من خلال موقف عملي بارز: فقد استقبلت سلطاته في ميناء طنجة سفينة متجهة إلى إسرائيل، كانت محمّلة بأكثر من 27 طناً من البضائع القادمة من الهند، بعد أن رفضت الموانئ الإسبانية استقبالها. وقد سمح المغرب بتزويد الدولة اليهودية بالإمدادات الغذائية والوقود، في وقت كانت فيه منخرطة في مواجهات مع حركة حماس وغيرها من الجماعات المسلحة. وفقاً للموقع الإيطالي. من جهته، شدّد الكاتب والباحث الإيطالي جوزيبي غاليانو، رئيس مركز كارلو دي كريستوفوريس للدراسات الاستراتيجية، في تحليل نشرته صحيفة "نوتيتسييه جيوبوليتيكيه" بتاريخ 13 يوليو/ تموز تحت عنوان "المغرب. شراء أقمار صناعية جديدة للتجسس" أن المغرب يشهد قفزة استراتيجية غير مسبوقة في مجال تعزيز قدراته الاستخباراتية والمراقبة الفضائية، مع إعلان اقتناء منظومة جديد من الأقمار الصناعية الرادارية، أبرزها القمر الصناعي المتطور "أفق 13"، الذي يمثل نقلة حاسمة من وضعية الدفاع إلى وضعية استباقية في إدارة الأمن الوطني والإقليمي. وتابع غاليانو أن المغرب كان قد دخل مجال الفضاء بإطلاق قمري محمد السادس أ وب في عامي 2017 و2018، في تحرك عكس طموحاً غير مسبوق على مستوى دول المغرب العربي. لكن القرار الأخير باقتناء تكنولوجيا الرادارات ذات الفتحة الاصطناعية (SAR)، القادرة على العمل في جميع الظروف الجوية وعلى مدار الساعة، يضع المملكة في مرتبة متقدمة من حيث القدرة على الرصد والردع. طاقة التحديثات الحية بريطانيا تنسحب من "أطول كابل بحري للطاقة الخضراء" مع المغرب ونقل عن المحلل الاستراتيجي المغربي هشام معتضد قوله إن "هذه الخطوة تمثل ثورة عقائدية: لم يعد المغرب مجرد مستهلك للتكنولوجيا، بل أصبح شريكاً في تطوير أنظمة استخباراتية متعددة المستويات، من خلال التعاون مع شركات عملاقة مثل إيرباص للأنظمة الدفاعية والفضائية"، مضيفاً أن "هذا التطور يحمل رسائل واضحة إلى القوى الإقليمية: فالمغرب لم يعد يقبل بالاعتماد على شبكات استخبارات أجنبية لحماية حدوده وضمان وحدته الترابية، خصوصاً في منطقة الصحراء المغربية". واستدرك الكاتب الإيطالي أنه على الرغم من الكلفة الباهظة للبرنامج – حيث تشير التقديرات إلى أن أول قمرين صناعيين كلّفا أكثر من 500 مليون يورو – فإن هذه الاستثمارات تُبرّر باعتبارات أمنية واستراتيجية، لا سيما في ما يتعلق بمراقبة التحركات العسكرية ومنع التسلل وضمان التفوق المعلوماتي في بيئة إقليمية أصبحت فيها حرب المعلومات جزءاً من أدوات الصراع. وأشار إلى أن التحديات، في هذا السياق، لا تزال قائمة، إذ يتطلب تشغيل هذه الأقمار الصناعية بنجاح توفير كوادر بشرية عالية التخصص، إضافة إلى بنية تحتية متطورة لمعالجة البيانات الرادارية، وهي مجالات ينبغي للمغرب تطويرها بشكل عاجل. ورأى أن هذه الاستراتيجية قد تُقابل برد فعل سلبي من جانب الجزائر، التي قد ترى في التفوق التكنولوجي المتزايد لجارتها تهديداً مباشراً، ما يفتح الباب أمام سباق تسلح جديد في منطقة تعاني أصلاً من هشاشة سياسية وأمنية. وختم بقوله إن المغرب قد دخل إذاً في مرحلة جديدة في تاريخه العسكري والجيوسياسي، عنوانها "عين في السماء" قد تصبح، إذا أُحسنت إدارتها، أداة استقرار وردع، ولكنها في المقابل قد تغذي سباق التسلح في منطقة شديدة الاشتعال. بدوره، رأى أُمبرتو بروفاتسيو، الزميل المشارك بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية والمحلل المتخصص في شمال أفريقيا بمؤسسة كلية دفاع حلف شمال الأطلسي (لندن)، أن "هذه الخطوة تعد تأكيداً على سباق التسلح في المغرب العربي، وذلك أن هذه الأقمار الصناعية المشار إليها سوف يكون لها أبعاد عسكرية خاصّة لا يمكن فصلها عن التوترات العسكرية مع الجزائر". وتابع بروفاتسيو، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، أنّ "ثمة المزيد في هذا السياق، لأنه من شأن هذه الأخبار تعزيز التعاون العسكري الثنائي بين المغرب وإسرائيل بشكل أكبر"، مشيراً إلى أن "أقمار أفق-13 من إنتاج مؤسسة الصناعات الجوية الإسرائيلية، وقد أثبتت قدراتها في حرب الاثني عشر يوماً بين إيران وإسرائيل". واعتبر أن "استخدام أقمار صناعية متطورة إسرائيلية المنشأ، يضيف عنصر استفزاز جديداً بالنسبة للجزائر، المعارضة بشدة للتعاون بين الرباط وتل أبيب ولانضمام المغرب إلى اتفاقيات إبراهيم".


العربي الجديد
منذ يوم واحد
- العربي الجديد
قمة بحرينية - لبنانية: المملكة تقرر إقامة بعثة دبلوماسية دائمة في بيروت
عقد ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة والرئيس اللبناني جوزاف عون ، اليوم الأربعاء، جلسة مباحثات رسمية جرى خلالها بحث مسار العلاقات بين البلدين، وسبل تنميتها وتعزيزها في مختلف المجالات. وأعلن ملك البحرين عن "قرار المملكة إقامة بعثة دبلوماسية بحرينية دائمة في بيروت"، مؤكداً "أهمية تفعيل اللجنة البحرينية - اللبنانية المشتركة لتنفيذ مذكرات التفاهم والاتفاقات المبرمة". ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة خلال لقائه الرئيس عون: نُعلن بكل اعتزاز عن قرارنا بإقامة بعثة دبلوماسية بحرينية دائمة في بيروت، متطلعين إلى أن تكون هذه المباحثات محطة جديدة لتعاون ثنائي مثمر في شتى المجالات ذات الاهتمام المشترك. * الرئيس عون لملك البحرين: - نشكركم جلالة الملك… — Lebanese Presidency (@LBpresidency) July 23, 2025 ويحاول الرئيس اللبناني جوزاف عون، من خلال زياراته إلى الدول العربية بشكل خاص، إعادة لبنان إلى الحضن العربي، وذلك بعد انقطاع شاب بعض العلاقات في فترات سابقة، ربطاً بتدخلات وأنشطة حزب الله الخارجية، ونفوذه في الحكومات السابقة، ومنها المرتبطة بالبحرين، التي وصلت عام 2021 إلى سحب مبعوثها من لبنان. وشملت المباحثات في اجتماع القمة، بحسب ما ذكر بيان مشترك لبناني بحريني "أوجه التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والاجتماعية، وفرص تطويرها والارتقاء بها إلى آفاق أشمل، عبر تعزيز دور القطاع الخاص، وزيادة التبادل التجاري، وتكثيف الزيارات المتبادلة للوفود الاقتصادية والتجارية، وتفعيل الاتفاقات ومذكرات التفاهم المبرمة بين البلدين، والتنسيق والتشاور المشترك على جميع المستويات، بما يخدم مصالحهما المتبادلة، إضافة إلى توسيع آفاق التعاون في المجالات الثقافية والتعليمية والسياحية والصحية". أخبار التحديثات الحية عون: تطبيق حصرية السلاح يتم بروية لحفظ وحدة لبنان وبحث ملك البحرين والرئيس اللبناني "مستجدات الأوضاع الإقليمية الراهنة، وتداعياتها على الأمن والاستقرار الإقليميين، والجهود الإقليمية والدولية الهادفة إلى تسوية الصراعات، وحل الأزمات عبر الحوار والطرق الدبلوماسية، وإرساء دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، وأكدا عزم البلدين على مواصلة التعاون والتنسيق في كل ما من شأنه تجنيب المنطقة الأنشطة المزعزعة للأمن والاستقرار، بما في ذلك مكافحة التنظيمات الإرهابية ومنع تمويلها". وشدد الجانبان على "ضرورة احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والالتزام بالمبادئ الواردة في ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ حسن الجوار". وأكد ملك البحرين موقف بلاده "الثابت والداعم لسيادة الجمهورية اللبنانية واستقرارها ووحدة أراضيها، ورفض أي تدخل خارجي في شؤونها الداخلية، وأهمية احترام الخصوصية التاريخية والتنوع الديني وقيم التعايش الحضاري التي تميز المجتمع اللبناني، ومساندة المملكة جهود الرئيس جوزاف عون والحكومة اللبنانية للمضي في الإصلاح السياسي والاقتصادي، وتعزيز الوحدة الوطنية لما فيه خير وصالح الشعب اللبناني". وأشاد الجانبان بـ"الجهود الحثيثة التي تبذلها الإدارة الأميركية في الظروف الراهنة لتعزيز الأمن والاستقرار في لبنان، وأكدا ضرورة استمرار التواصل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتعزيز الثقة وتأمين الدعم اللازم للبنان في مواجهته التحديات الراهنة ودخوله مرحلة إعادة الإعمار". كذلك، أكد ملك البحرين دعم بلاده "جهود لبنان الرامية إلى الحفاظ على وقف إطلاق النار مع إسرائيل وخفض حدة التصعيد، والانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية المحتلة، وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 ، والتمسك باتفاق الطائف، وحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، وبسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع الأراضي اللبنانية بقواها الذاتية حصراً، مع ضرورة دعم الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، لتعزيز دورهما في الحفاظ على أمن لبنان واستقراره، وتعزيز دور قوات اليونيفيل في لبنان، ومساندة المملكة لاستعادة لبنان دوره الحيوي غير القابل للتبدّل ولا للاستبدال، في محيطه العربي والإقليمي". من جانبه، أعرب الرئيس اللبناني جوزاف عون عن التقدير والامتنان لمواقف ملك البحرين الداعمة للبنان، مشيداً بتنامي العلاقات اللبنانية الخليجية، ودعم مجلس التعاون لدول الخليج العربية سيادة لبنان واستقراره وسلامة أراضيه ووحدته الوطنية، متمنياً لمملكة البحرين التوفيق والنجاح في استضافة أعمال القمة الخليجية المقبلة. واستعرض الجانبان مخرجات ومبادرات قمة البحرين التي عقدت في مايو/أيار 2024، التي سعت إلى تعزيز العمل العربي المشترك، وترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة. وأكدا أهمية دعوة القمة إلى عقد مؤتمر دولي لمعالجة القضية الفلسطينية والدفع نحو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وتعزيز جهود الاعتراف بها عضواً كامل العضوية في الأمم المتحدة. وأكد الجانبان دعمهما لجهود تحقيق السلام العادل والشامل في منطقة الشرق الأوسط، سعياً إلى حل نهائي للقضية الفلسطينية يحفظ حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، ومبادرة السلام العربية التي أقرتها قمة بيروت عام 2002. كما شدد الجانبان على "ضرورة التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة، وتأمين إطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، وتسريع إيصال المساعدات الانسانية للسكان المدنيين في القطاع دون عوائق. وأعربا عن دعم البلدين الخطة العربية بشأن التعافي المبكر وإعادة إعمار غزة التي اعتمدتها قمة القاهرة في 4 مارس/آذار 2025". وجدد الجانبان "دعمهما المساعي الدولية الرامية إلى استئناف المفاوضات بين الولايات المتحدة الأميركية والجمهورية الإسلامية الإيرانية بشأن الملف النووي الإيراني، بوساطة من سلطنة عمان، وضمان الصفة السلمية للبرنامج النووي الإيراني، وتعزيز دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل". كما أكد الجانبان "دعم الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى الحفاظ على الأمن البحري وحماية الممرات المائية في المنطقة، والتصدي للأنشطة التي تهدد أمن واستقرار المنطقة والعالم، بما في ذلك استهداف السفن التجارية، وتهديد الممرات الملاحية البحرية والتجارة الدولية، والمنشآت النفطية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية".


العربي الجديد
منذ 2 أيام
- العربي الجديد
في "المسألة الشرقية 2"
بعد مرور قرنٍ ونيّف على نجاح الغرب في إنهاء ما سُمّيت "المسألة الشرقية"، عبر تفكيك الإمبراطورية العثمانية وإعادة تشكيل الشرق الأوسط بما يخدم مصالحه، يبدو أننا نعيش اليوم على أعتاب نسخة محدّثة من هذه المسألة، قد نسمّيها "المسألة الشرقية 2"، تتضّح ملامحها في حرب الإبادة والتطهير العرقي على غزّة، وتكثيف الاستيطان، وفرض الأمر الواقع في الضفة الغربية المحتلة، في محاولةٍ واضحةٍ لإنهاء القضية الفلسطينية تماماً بوصفها قضية تحرّر وطني، وفي ما تبعها من تصعيد في الجبهة الشمالية مع حزب الله، واستخدام فائق القوة الإسرائيلية لإنهاء وجود أيّ تهديد في الحدود الشمالية، والعدوان السافر على سورية بعد سقوط نظام الأسد، واستمرار العدوان واحتلال مباشر لأراضي سورية، واستخدام الحجّة الممجوجة "حماية الأقليات"، وصولاً إلى الضربات العدوانية التي طاولت العمق الإيراني، وذلك كلّه بغطاء أو شراكة أميركية مباشرة. كانت المسألة الشرقية الأولى، التي شغلت أوروبا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، تتمحور حول سؤال: "ماذا نفعل بالإمبراطورية العثمانية المحتضرة؟"، وعبّر رئيس وزراء بريطانيا اللورد بالمرستون عن الرؤية الاستعمارية المبكّرة بقوله: "لا نريد أن نرى تركيا قويةً، بل نريد أن نراها قائمةً، ولكن عاجزةً"، وترجم انتصار بريطانيا وفرنسا في الحرب العالمية الأولى بتقسيم تركة "الرجل المريض" من خلال اتفاقيات استعمارية شهيرة، أبرزها سايكس بيكو (1916)، التي رسمت حدود النفوذ بين فرنسا وبريطانيا، ووعد بلفور (1917) الذي مكّن لاحقاً من إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، باعتبار المشروع الصهيوني جزءاً من أدوات السيطرة الغربية. لخّص المؤرّخ والمفكّر الفرنسي غوستاف لوبون هذا المنطق الاستعماري بعبارة لاذعة: "لم تكن مطامع أوروبا في الشرق لأجل التمدين، بل كانت غطاءً للنهب والسيطرة وتقسيم الغنائم". والحرب الإسرائيلية على غزّة والضفة الغربية، ومسار تفكيك الإقليم، ليسا معزولين عن هذا السياق الاستعماري المتجدّد، إنها في جوهرها محاولة لإعادة إنتاج الشرق في صورة تلائم إسرائيل والغرب، فالضربات على لبنان، وسورية، والعراق، وإيران، تجري كلّها تحت مظلّة واحدة، تفكيك القوى التي تشكّل محور مقاومة وممانعة للمشروع الغربي الإسرائيلي في المنطقة. لم يتوقّف سلوك الغرب الاستعماري لحظةً خلال القرن الذي انقضى، والجديد هو القناعة التي نجحت إسرائيل في ترويجها أن اللحظة مواتية، وهي فرصة سانحة، لحسم ملفّات عديدة سويةً، تشكّل المسألة الشرقية الجديدة. الحرب الإسرائيلية على غزّة والضفة، ومسار تفكيك الإقليم، محاولة استعمارية متجدّدة لإعادة إنتاج الشرق بما يلائم إسرائيل والغرب لم تكن إسرائيل مجرّد أداة استعمارية، بل أداةً ومشروعاً في آن. إنها مشروع استعمار استيطاني يسعى إلى التمدّد، ويدير مشروعاً طويل الأمد لتفكيك العالم العربي من الداخل. الحروب المتكرّرة، واتفاقيات التطبيع بما فيها اتفاقيات أبراهام، والتحالفات الأمنية والاقتصادية، ليست سوى أدوات تنفيذية لتحقيق هذا الهدف. الغاز والنفط هما خطوط الدم الجديدة، فبات من الواضح أن أمن الطاقة هو المحرّك الخفي خلف كثير من هذه السياسات. إسرائيل، والولايات المتحدة، وشركات الطاقة العالمية، تسعى إلى السيطرة على ثروات شرق المتوسّط والخليج، وتأمين طرق الإمداد نحو أوروبا، خاصّة بعد حرب أوكرانيا. وكما قال هنري كيسنجر مرّةً: "من يسيطر على النفط يسيطر على الأمم". ولهذا، القضاء نهائياً على القضية الفلسطينية بوصفها قضية تحرّر وطني، وتقسيم لبنان، وفي الحدّ الأدنى نزع سلاح حزب الله، وتحجيم سورية، بل وتقسيمها بين دويلات إذا أمكن، وإشعال حرب أهلية في العراق، كلّها تخدم هدفاً واحداً: هندسة شرقٍ أوسط جديد بلا قوى إقليمية منافسة. لم يمت الاستشراق، تغيّرت صورته فقط، وكما قال إدوارد سعيد: "الاستشراق وسيلة لتبرير السيطرة من خلال إعادة إنتاج الشرق كائناً غير عقلاني يجب حكمه". ما نراه اليوم "استشراق عسكري أمني" يرى في كلّ مقاومة من الشعوب "الأصلانية" مشروعاً إرهابياً، وفي كلّ تطلّع للسيادة تهديداً لمصالح الغرب. كتب الصحافي البريطاني باتريك سيل في كتابه عن الأسد: "سورية حجر الزاوية في النظام الإقليمي، والسيطرة عليها تعني التحكّم في الشرق بأكمله". وإسرائيل تدرك ذلك جيّداً، وتسعى إلى تفكيك ما تبقّى من هذا "الحجر" التاريخي، حتى لا تقوم له قائمة. وماذا بعد؟... ما يجري اليوم تجزئة المجزّأ وتقسيم المقسّم. والغرب، كما في القرن الماضي، يوظّف أدواته العسكرية والمعرفية والاقتصادية لإعادة رسم خريطة الشرق. لكن هل سينجح هذا المشروع؟ هل نحن أمام بداية الجولة الأخيرة أم في النهاية؟ وما هو دور الصمود والمقاومة ومعناهما في هذا السياق؟ التاريخ لا يعيد نفسه بالطريقة نفسها، والشعوب التي قاومت الاستعمار الأول، قادرة على إفشال مشروعه في نسخته الثانية. لماذا لن تنجح "المسألة الشرقية 2"؟ قد يبدو للمراقب أن الغرب، بقيادة الولايات المتحدة، يحاول تكرار نجاحه في "حلّ" المسألة الشرقية قبل قرن من خلال التفكيك، والهيمنة، وتقسيم النفوذ، وتوظيف المشروع الصهيوني رافعةً استعماريةً في قلب المنطقة. لكن ما يغيب من هذا المشروع، وما يجعله قابلاً للفشل رغم التفوق العسكري والتكنولوجي، هو تغيّر السياقات التاريخية والمعرفية والاجتماعية بشكل جذري، فأولاً، لم تعد الشعوب مُستعمَرةً، بل مدركة ورافضة في مطلع القرن العشرين، وكانت المجتمعات العربية تفتقر إلى أدوات التعبير الذاتي، ولم تكن تمتلك تنظيماتٍ جماهيريةً أو خطاباً تحرّرياً جامعاً. أمّا اليوم، فإن وعي الشعوب بمصالحها وبالهيمنة الخارجية أعمق بكثير، والدليل أننا من لبنان إلى العراق إلى غزّة نرى محاولات "إدارة الصراع" تفشل في إخماد جذوة المقاومة. ورغم فشل أنظمة الدول القومية الناشئة على كلّ الأصعدة، وعجزها أو تهاونها في بناء دول مواطنين ديمقراطية، ورغم أنها حكمت شعوبها بالحديد والنار... رغم ذلك، نشأت طبقاتٌ وسطى حديثة ذات نُخب غير مندمجة في المشروع الغربي كما كانت قبل قرن، وكان جزءٌ كبير من النُّخب السياسية والثقافية العربية إمّا مندمجاً في المشروع الغربي أو متردّداً في مواجهته. اليوم، حتى النُّخب المُطبِّعة تجد نفسها في حالة قطيعة معرفية وشعبية، والخطاب السياسي الغربي فقد شرعيّته الأخلاقية. والتكنولوجيا ممكن أن تكون اليوم ضدّ الاستعمار، لا في خدمته فقط. في السابق، كانت أدوات السيطرة والتضليل الإعلامي حكراً على القوى الغربية. أمّا اليوم، فوسائل التواصل الاجتماعي، والفضاء الرقمي، والإعلام البديل، مكّنت الشعوب من فضح الأكاذيب وتشكيل سردياتها البديلة. ما يجري اليوم تجزئة المجزّأ وتقسيم المقسّم. والغرب، كما في القرن الماضي، يوظّف أدواته العسكرية والمعرفية والاقتصادية لإعادة رسم خريطة الشرق لم تعد الهيمنة الغربية مطلقةً. حلّت المسألة الشرقية الأولى في ظلّ تفوّق استعماري أوروبي كاسح، أمّا اليوم، فالعالم يشهد صعود قوى منافسة مثل الصين وروسيا، وتراجعاً في قبضة الغرب على النظام الدولي، ليس في مصلحة هذه الدول الصاعدة تقسيم الدول وخلق دويلات طائفية غير مستقرّة، بل بالعكس تماماً، ما يجعل فرض الحلول من جانب واحد مستحيلاً أو باهظ الكلفة. يعاني مشروع إسرائيل نفسه تناقضاً داخلياً، فرغم استعراض القوة، تعيش إسرائيل أزمةً استراتيجيةً غير مسبوقة، لأول مرّة تعتبر دولياً دولةً مارقةً، وتحاكم في محكمة العدل الدولية وزعماؤها مطلوبون لمحكمة الجنايات الدولية، هناك مأزق غزّة، وفقدان الردع، والاحتقان الداخلي، والفشل في التطبيع الشعبي رغم الاتفاقات الرسمية. والمقاومة اليوم ليست ظاهرةً محليةً، بل إقليميةً وعابرةً للحدود، لم تعد المقاومة محصورةً بجغرافيا واحدة. فالتحالفات الإقليمية بين قوى المقاومة تشكّل اليوم نقطة قوة تمتدّ من فلسطين إلى لبنان وسورية والعراق واليمن وإيران، وهي عصيّة على الاحتواء. "قل لمن يدّعي في العلم معرفةً/ حفظت شيئاً وغابت عنك أشياء"... ما يحاوله الغرب اليوم تكرار وصفة قديمة في زمن جديد. لكن "المسألة الشرقية 2" لا يمكن أن تُحل بذات العقلية الاستعمارية التي وضعت خرائط سايكس بيكو ووعد بلفور. لأن التاريخ لا يعيد نفسه إلا مهزلةً، ولأن شعوب هذه المنطقة دفعت ثمناً باهظاً لتكون اليوم أكثر وعياً واستعداداً، فإن الطريق لن تُفتح من جديد لمن أراد أن يعيدنا إلى زمن الوصاية والتقسيم والهيمنة، ولكن هذا يتطلّب استراتيجيات صمود ومقاومة، وهذا يعني تطبيق سياسات تنمية اقتصادية محلّية، وإتاحة التعليم، واحترام سيادة القانون وحقوق الإنسان ومساواة المرأة.