
دينا عبد الفتاح أخذت صندوق النقد الدولي غسيل ومكوي ولسه وسخ
الصندوق يناقض نفسه في تقريرين.. فهل تغيّر الاقتصاد المصري، أم تغيّرت حسابات السياسة الدولية؟
في عالم يزداد فيه تداخل السياسة بالاقتصاد، بات من الضروري قراءة تقارير المؤسسات الدولية بعين فاحصة، تتجاوز الأرقام والجداول، لتلتقط اللغة، والظرف، والتوقيت. وبين تقرير صندوق النقد الدولي الصادر في 17 مايو 2025، ونظيره الذي صدر في 15 يوليو من العام نفسه، تقف مصر نموذجًا حيًّا على ما يمكن تسميته 'ازدواجية التقييم الدولي'، حين تُصبح الإصلاحات مرهونة بمواقف الدول، لا بأدائها الاقتصادي.
في تقريره الصادر عقب مهمة المراجعة الثالثة لبرنامج الإصلاح المصري، نشر صندوق النقد الدولي تقييمًا بدا أقرب إلى بيان دعم سياسي-اقتصادي للحكومة المصرية. جاء في التقرير:
• أن الاقتصاد المصري يُظهر علامات تعافٍ تدريجي، مع توقعات نمو تصل إلى 3.8% خلال السنة المالية.
قصيدة شعر
• أن السياسات النقدية والمالية أصبحت أكثر انضباطًا، بعد تراجع التضخم من الذروة، وتماسك الجنيه المصري أمام الدولار.
• أن استثمارات القطاع الخاص آخذة في التوسع، إذ ارتفعت نسبتها من 38.5% إلى أكثر من 60% في بعض القطاعات.
• أن الحكومة المصرية حققت تقدمًا في برنامج الخصخصة، وأن هناك 'زخمًا سياسيًا' لدعم الإصلاحات.
• أشاد التقرير أيضًا بجهود الدولة في تقليص دعم الطاقة، وإعادة هيكلة المالية العامة، وتحقيق بعض التوازن في مخصصات الحماية الاجتماعية.
ببساطة، كان الخط العام للتقرير: 'مصر تسير في الاتجاه الصحيح، والمجتمع الدولي يثق في خطواتها'.
طلع العفريت
في التقرير الصادر يوم 15 يوليو، تغيّرت لهجة الصندوق بشكل لافت. فجأة، انتقل التوصيف من 'الإصلاح الواعد' إلى الحديث عن 'تقدم متفاوت'، ومن الإشادة ببرنامج الخصخصة إلى وصفه بـ'المتوقف فعليًا'، ومن دعم السياسات المالية إلى التحذير من انفجار الدين العام خلال السنوات المقبلة.
من أبرز ما جاء في التقرير:
• أن القطاع العام لا يزال يسيطر على قطاعات حيوية، في مقدمتها الصناعة والسياحة واللوجيستيات، وهو ما يعيق دخول المستثمرين الجدد.
• أن إيرادات الخصخصة انخفضت بشكل حاد، من التوقعات السابقة التي بلغت 3 مليارات دولار إلى ما دون 600 مليون فقط في 2024، وهو ما اعتُبر إخلالًا بالتعهدات.
• أن الدين الخارجي المصري مرشح للارتفاع من 162 مليار دولار إلى أكثر من 202 مليار خلال خمس سنوات، ما يضع البلاد تحت 'ضغط سيادي كبير'.
• أن هناك ضعفًا في الشفافية والرقابة المالية، خاصة في الكيانات شبه الحكومية (مثل الهيئة العامة للبترول وهيئة المجتمعات العمرانية).
• كما طالب التقرير بوقف الإقراض المفرط من البنك المركزي للمصارف الحكومية، واعتبره خطرًا على استقرار الأسعار وسعر الصرف.
وضع التقرير مصر في خانة الدول ذات الإصلاح 'المتردد'، ملوحًا صراحة بأن استمرار الدعم الدولي لن يكون مضمونًا ما لم تُتخذ 'إجراءات هيكلية فورية وجذرية'.
التوصية قوية
ما الذي تغيّر في 58 يومًا؟
اقتصاديًا: لا شيء يُبرّر هذا الانقلاب الحاد في التقييم.
• معدلات النمو لم تتدهور.
• التضخم استمر في التراجع.
• الجنيه المصري حافظ على استقراره.
• الحكومة لم تتراجع عن برنامج الإصلاح بشكل علني أو ملموس.
إذًا، ما الذي تغيّر؟
الإجابة ليست في هذه السطور، بل في صفحات الجغرافيا السياسية.
ففي الفترة بين التقريرين، اتخذت مصر سلسلة من المواقف السيادية، لم تلقَ استحسان بعض القوى الغربية:
• رفضت القاهرة، بشكل قاطع، أي مخططات لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء، وأكدت أن ذلك 'خط أحمر لا تفاوض عليه'.
• تحفظت على المشاركة في التحالف العسكري الذي تقوده واشنطن في البحر الأحمر، واشترطت أن يكون التحرك العسكري إقليميًا وبشروط مصرية.
• واصلت تنويع شراكاتها الاقتصادية مع الصين وروسيا والهند، في خطوات لا تروق لِصقور المؤسسات الغربية.
كلها قرارات سيادية، لكنها- فيما يبدو- استُقبلت كإشارات تمرد ناعم تستحق 'تصحيحًا' في التقييم المالي.
صندوق 'النقد' الدولي، رغم كونه مؤسسة اقتصادية فنية، بات في نظر كثيرين أداة ضمن أدوات السياسة الخارجية للدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة.. فبينما يتغاضى الصندوق عن إخفاقات بعض الحلفاء في تنفيذ برامجهم، يُلوّح بالعقوبات أو يبدّل لهجته تجاه دول أخرى وفقًا لمواقفها الجيوسياسية، لا الاقتصادية فقط.
الكذب مالوش رجلين
ما حدث في تقييم مصر خلال 58 يومًا، يُعد نموذجًا صارخًا على هذا الانزلاق، لم يعاقب الصندوق مصر على فشل اقتصادي، بل على نجاحها في حماية قرارها الوطني. لم يُراجع الأرقام فقط، بل راجع تموضعها السياسي في خريطة الشرق الأوسط. إذا كانت مصرـ بكل ما تمر به من تحديات اقتصاديةـ تُنتقد على موقفها السيادي، فمن الذي يجب أن يُحاسَب؟ ليس من يرفض التهجير، بل من يحاول تمريره. ليس من يسعى للحياد، بل من يشترط التمويل بالمواقف. ليس من يُدير اقتصاده بشفافية نسبية، بل من يُسيّس المؤسسات الدولية باسم الحياد.
إن من يستحق المساءلة هو صندوق النقد نفسه، الذي بات اليوم أداة سياسية مفضوحة تُستخدم لخدمة مصالح أمريكا وحلفائها، دون احترام لدوره المفترض كمؤسسة عالمية مستقلة. وهذا لا يطعن فقط على مصداقيته، بل يكشف حجم الفوضى وسقوط الهيبة الأخلاقية للمؤسسات الدولية الكبرى، في عالمٍ باتت فيه السيادة تُهْمَة، والتمويلُ مكافأةَ الخضوع.
Tags:
الإبتزاز
الضغط علي مصر
النقد المر
صندوق النقد

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البورصة
منذ 17 دقائق
- البورصة
ارتفاع أسهم شركات الغاز المسال الأمريكية قبل افتتاح وول ستريت
ارتفعت أسهم شركات الغاز الطبيعي المسال الأمريكية في تعاملات ما قبل افتتاح وول ستريت اليوم الإثنين، مدعومة بالآفاق الإيجابية للصادرات الأمريكية لتلبية الطلب الأوروبي المتزايد على مصادر الطاقة. وصعد سهم 'نيكستديكاد – NextDecade' قبل افتتاح السوق الأمريكية بنسبة 6% إلى 12 دولارًا . وزاد سهما 'فينتشر جلوبال – Venture Global' بنسبة 6.65% إلى 15.53 دولار، و'شينيير إنرجي – Cheniere Energy' بنسبة 5.45% إلى 237.6 دولار. وتعهد الاتحاد الأوروبي بشراء منتجات طاقة أمريكية بقيمة 750 مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة، ضمن اتفاق تم الكشف عنه أمس الأحد، في ظل سعي التكتل لفك ارتباطه بالغاز الروسي. وشمل الاتفاق فرض تعريفة جمركية بنسبة 15% على معظم السلع الأوروبية الواردة إلى الولايات المتحدة، وهو معدل أقل مما كانت تخشاه الأسواق، حيث كانت بعض التوقعات تشير إلى إمكانية بلوغه 30%.

مصرس
منذ 23 دقائق
- مصرس
المجر تصفه بالسيئ.. اتفاق تجاري أوروبي أمريكي تنتقده بعض دول التكتل
• ارتفاع أسواق الأسهم والسلع.. والنفط يعوض خسائر الجلسة السابقة أبرمت الولايات المتحدة الأمريكية اتفاقا إطاريا تجاريا مع الاتحاد الأوروبي مساء أمس، بعد انتظار قلق، ورغم الأوصاف التي أطلقها زعيما التكتل أورسولا فون دير لاين، والولايات المتحدة دونالد ترامب بأن الاتفاق عظيم، إلا أن دولا أوروبية انتقدته، ووصفته المجر بالاتفاق السيئ، لكنه انعكس إيجابا على أسواق السلع والأسهم، حيث ارتفعت أسعار النفط.وبموجب الاتفاق المبرم، تفرض أمريكا رسوما جمركية بنسبة 15% على معظم سلع الاتحاد الأوروبي، ليتجنبا حربا بين حليفين يمثلان ما يقارب ثلث التجارة العالمية.وجاء هذا الإعلان بعد أن أجرت رئيسة المفوضية الأوروبية، محادثات مع الرئيس الأمريكي في منتجع الجولف الخاص به في غرب اسكتلندا، سعياً إلى إتمام صفقة تسنى التوصل إليها بشق الأنفس.وقال ترامب للصحفيين بعد اجتماع استمر ساعة مع فون دير لاين "أعتقد بأن هذه أكبر صفقة تبرم على الإطلاق"، وردت الأخيرة بأن الرسوم الجمركية البالغة 15% تطبق "على جميع القطاعات"، مضيفة أن "لدينا اتفاقاً تجارياً بين أكبر اقتصادين في العالم، وهو اتفاق بالغ الأهمية. إنه اتفاق ضخم. سيحقق الاستقرار".ويشمل الاتفاق أيضاً استثمار الاتحاد الأوروبي 600 مليار دولار في الولايات المتحدة، وشراء منتجات طاقة بقيمة 750 مليار دولار من أمريكا.ومع ذلك، سينظر كثر في أوروبا إلى الرسوم الجمركية الأساسية البالغة 15% على أنها نتيجة ضعيفة مقارنة بالطموح الأوروبي الأولي بالتوصل إلى اتفاق لإلغاء الرسوم، رغم أنها أفضل من 30% هدد بها ترامب.وقال الرئيس الأمريكي "اتفقنا على أن الرسوم الجمركية على السيارات وكل شيء آخر ستكون رسوماً مباشرة 15%". ومع ذلك، لن تطبق هذه النسبة على الصلب والألمنيوم، إذ ستبقى الرسوم البالغة 50% سارية عليهما."ودأب ترامب على انتقاد الاتحاد الأوروبي، قائلاً إنه "تأسس لخداع الولايات المتحدة" في التجارة.ولدى وصوله إلى اسكتلندا، صرح الرئيس الأمريكي بأن الاتحاد الأوروبي "يريد بشدة إبرام صفقة"، مضيفاً أثناء لقائه فون دير لاين، أن أوروبا "ظلمت الولايات المتحدة ظلماً شديداً".غير أن هذا الاتفاق لم يلق ترحيبا من قبل زعماء عدة دول أوروبية، حيث قال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان اليوم، إن اتفاق التجارة بين أوروبا وأميركا سيئ للغاية، مشيرا إلى أن فشل رئيسة المفوضية الأوروبية في التفاوض مع ترامب كان متوقعا.وقال الوزير الفرنسي المنتدب للشؤون الأوروبية، بنجامان حداد، إن الاتفاق يوفر "استقرارا مؤقتا" لكنه "غير متوازن".وكتب الوزير عبر إكس: "سيوفر الاتفاق التجاري الذي تفاوضت المفوضية الأوروبية بشأنه مع الولايات المتحدة استقرار مؤقتا للأطراف الاقتصادية المهددة بالتصعيد الجمركي الأمريكي، لكنه غير متوازن"، وحذر من خطر "تخلف" الأوروبيين "في حال لم يستيقظوا".ورحب حداد بأن الاتفاق يستثني "قطاعات أساسية للاقتصاد الفرنسي (صناعة الطيران والكحول والأدوية)" ولا يتضمن "أي تنازل لمجالات زراعية حساسة" و"يحافظ على التشريع الأوروبي حول مسائل مثل القطاع الرقمي أو الصحي".وأضاف "لكن الوضع ليس مرضيا ولا يمكن أن يكون مستداما"، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة "اختارت الإكراه الاقتصادي والاستخفاف التام بقواعد منظمة التجارة العالمية"، موضحا "علينا أن نستخلص العبر والتداعيات سريعا وإلا قد نُمحى" كليا.بينما رحّب رئيس الوزراء الأيرلندي، مايكل مارتن، بالاتفاق قائلا: "الاتفاق موضع ترحيب كبير"، مضيفا "الاتفاق يجلب الوضوح والقدرة على التنبؤ للعلاقة التجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وهي الأكبر في العالم".وتابع: "هذا أمر جيد للشركات والمستثمرين والمستهلكين، وسيساعد في حماية العديد من الوظائف في أيرلندا". وأردف: "لقد كانت المفاوضات للوصول إلى هذه النقطة طويلة ومعقّدة، وأود أن أشكر كلا الفريقين على عملهما الصبور".وأوضح مارتن: "سندرس الآن تفاصيل ما تم الاتفاق عليه، بما في ذلك تأثيراته في الشركات الأيرلندية المصدّرة إلى الولايات المتحدة، وعلى مختلف القطاعات العاملة هنا".وأضاف: "الاتفاق يُعد إطار عمل، وستُستكمل تفاصيل إضافية في الأسابيع والأشهر المقبلة".وأشار مارتن إلى أن الرسوم الجمركية المرتفعة سيكون لها تأثير على التجارة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، مما يجعلها أكثر تكلفة وتحديًا.لكنه أكّد: "مع ذلك، فإن الاتفاق يُدخل عصرًا جديدًا من الاستقرار، يمكن أن يسهم في نمو وتعميق العلاقة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وهو أمر مهم ليس فقط للطرفين، بل للاقتصاد العالمي أيضًا".وارتفعت أسعار النفط، خلال تعاملات اليوم، معوضةً غالبية الخسائر التي لحقت بها في جلسة الجمعة وسط آمال بانتعاش الطب عالميًا، تأثرا بالاتفاق.وزادت أسعار العقود الآجلة لخام برنت القياسي، تسليم سبتمبر المقبل، بنسبة 0.69%، لتصل إلى 68.91 دولار للبرميل.كما ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي، تسليم سبتمبر، بنسبة 0.68%، لتصل إلى 65.60 دولار للبرميل.وكانت أسعار النفط قد أنهت تعاملاتها، يوم الجمعة 25 يوليو، على انخفاض بأكثر من 1% وسط مؤشرات على زيادة المعروض، كما سجلت خسائر أسبوعية.وارتفع مؤشر شنغهاي في الصين بنسبة 0.12% وهانغ سينغ في هونج كونج بنسبة 0.68%، كما زاد مؤشر داكس 30 الألماني بنسبة 0.73% في التعاملات الصباحية، وكاك 40 الفرنسي بنسبة 0.98%.


البورصة
منذ 24 دقائق
- البورصة
سهم سامسونج يقفز إلى أعلى مستوى في 10 أشهر
ارتفع سهم 'سامسونج إلكترونيكس' خلال تعاملات اليوم الإثنين، مدعومًا بإعلان صفقة ضخمة مع شركة 'تسلا' تبلغ قيمتها 16.5 مليار دولار. وصعد السهم المتداول في كوريا الجنوبية بنسبة 6.85% إلى 70400 وون كوري (50.79 دولار) عند إغلاق تعاملات اليوم، وهو أعلى مستوى له منذ الخامس من سبتمبر 2024. ووقعت 'سامسونج' عقدًا بقيمة 16.5 مليار دولار لتوريد أشباه الموصلات لصانعة السيارات الكهربائية 'تسلا'، مع بدء سريان العقد اعتبارًا من 26 يوليو 2025 ويستمر حتى نهاية ديسمبر 2033. وأكد الملياردير الأمريكي 'إيلون ماسك' الرئيس التنفيذي لشركة 'تسلا'، أن مصنع 'سامسونج' الجديد في ولاية تكساس سيُخصص لإنتاج رقائق 'AI6' المتطورة، موضحًا أن 'تسلا' ستشارك في تحسين كفاءة التصنيع وأن الصفقة قد تتجاوز القيمة المعلنة.