
المغرب.. تقنية جديدة أعلنتها شركة 'غوغل' تثير قلق الخبراء في المملكة
وهذا الابتكار الذي لا يفصل بينه وبين الحقيقة سوى خيط رفيع، أثار موجة من التحذيرات داخل الأوساط التقنية المغربية التي عبّرت عن قلق متزايد من حجم التحديات التي تفرضها هذه التكنولوجيا، خاصة في ظل ضعف البنية القانونية التي تؤطر مثل هذه الابتكارات.
وذكر موقع 'هسبريس' أنه ومع الانتشار المتسارع لمقاطع مصممة بعناية تحاكي الواقع إلى حد يصعب على المستخدم العادي تمييزها عن المشاهد الحقيقية، ترتفع الأصوات المنادية بضرورة التحرك العاجل لمواجهة تداعيات هذه التحولات الرقمية التي باتت تهدد ليس فقط الخصوصية الفردية والحقوق الفنية، بل تمتد آثارها لتطال نزاهة الحياة السياسية ومصداقية المعلومات داخل الفضاء العام.
وقال الطيب الهزاز الخبير المغربي الدولي في مجال الأمن السيبراني والمعلوماتي، إنه منذ إطلاق برنامج 'Veo-3' قبل 48 ساعة فقط، تم تداول مقاطع مصورة على الإنترنت تبدو حقيقية تماما ليتضح لاحقا أنها من فبركة الذكاء الاصطناعي.
واعتبر أن 'غوغل' لجأت إلى هذه الخطوة بعدما فشل برنامجها 'Gemini' في منافسة أدوات مثل 'ChatGPT'، مشيرا إلى أن 'Veo-3' يمثل نقلة تكنولوجية مذهلة لكنها محفوفة بالمخاطر.
وأضاف الهزاز أن هذه التقنية قد تتحول إلى تهديد مباشر في المغرب إذا لم لم يتم سَنّ قانون يواكبها خصوصا وأنها قادرة على إنتاج أفلام ومسلسلات ومشاهد حية لأشخاص حقيقيين، مما قد يضر بالحقوق الفردية والإبداعية، ويجعل من الصعب حماية الخصوصية وحقوق الفنانين.
وصرح المتحدث بأن ما يثير القلق اليوم هو أن العملية الإبداعية لم تعد تتطلب وجود كاتب سيناريو أو مخرج أو طاقم تصوير، بل يكفي تزويد الذكاء الاصطناعي بنص بسيط ليُنتج محتوى متكاملا بصيغة بصرية.
وأشار إلى أن هذا التحول يحمل في طياته خطرا كبيرا على مستقبل الإبداع والحقوق الفكرية إذ سيصبح من السهل الاستغناء عن مئات الوظائف المرتبطة بالمجال الفني من التأليف إلى الإخراج.
وحذر الخبير الدولي في مجال الأمن السيبراني والمعلوماتي من الأثر النفسي والاجتماعي على المغاربة، قائلا: 'إذا كنا نعتبر أن المؤثرين يشكلون خطرا على الوعي الجماعي، فإن هذا النوع من الذكاء الاصطناعي أخطر بكثير لأنه لا يتوقف عند التأثير، بل يصنع واقعا مزيفا بالكامل يصعب كشفه'.
وأكد أن إمكانية تطوير أدوات تقنية لتمييز الفيديوهات المزيفة واردة من الناحية التقنية، لكن تبقى الإشكالية في مدى توفر هذه الأدوات لعامة المواطنين، مبينا في السياق أن 'الأشخاص العاديين لن يكون بمقدورهم التمييز بين الفيديو المفبرك والحقيقي وهذا يفتح الباب أمام استغلال واسع لهذه التقنية لأغراض مشبوهة'.
واستدل الهزاز بفيديو شاهده على الإنترنت يظهر فيه شخص يتحدث الدارجة المغربية بطلاقة إلى درجة جعلت المشاهد يعتقد أنه فعلا مغربي، مشيرا إلى أن الذكاء الاصطناعي بلغ مرحلة متقدمة تمكّنه من تقليد اللهجات بدقة، وهو ما يزيد من خطورته في السياقات المحلية.
من جهته، قال حسن خرجوج خبير المعلومات المغربي المتخصص في الشؤون الرقمية، إن إطلاق 'Veo-3' يعد استجابة قوية من غوغل لتعويض تراجع مكانتها أمام منافسين مثل 'OpenAI'.
وذكر أن البرنامج الجديد يمثل نقلة نوعية في الذكاء الاصطناعي لأنه يتيح إنتاج فيديوهات واقعية للغاية اعتمادا على وصف بسيط أو تخيل، مع إمكانية تركيب هذه المقاطع في فيديوهات متكاملة ذات مضمون سردي.
وأوضح خرجوج أن هذا التقدم التكنولوجي يحمل جانبا إيجابيا من حيث الابتكار، لكنه أيضا يفتح المجال أمام مشاكل أخلاقية وقانونية، خاصة إذا تم استخدام هذه الفيديوهات لأغراض تضليلية أو احتيالية.
وعن إمكانية التمييز بين الفيديوهات الحقيقية والمفبركة، أشار المتخصص في الشؤون الرقمية إلى أن المستخدمين لا يزال بإمكانهم التمييز بين النوعين في الوقت الحالي، غير أن غوغل أعلنت عند إطلاق 'Veo-3' أن هذا التمييز سيصبح شبه مستحيل خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وأضاف أن هذا التصريح يعد بمثابة إنذار مبكر يستدعي تحركا عاجلا من المؤسسات التشريعية في مختلف الدول، ومن بينها المغرب.
وأكد أن الإشكال لا يتعلق فقط بالتقنية في حد ذاتها، بل بمدى وعي المواطنين بها.
وقال: 'إذا لم يرفع منسوب الوعي الرقمي لدى المغاربة فإننا سنجد أنفسنا أمام واقع يشكل فيه التزييف العميق قناعات مجتمعية يصعب تصحيحها لاحقا'.
وشدد خرجوج على أن أولى الخطوات التي يجب أن تتخذها الدولة هي سن تشريعات فعالة تواكب هذه الطفرات الرقمية.
واستدرك قائلا 'هذه القوانين لن تكون مجدية ما لم يتم إشراك المتخصصين في صياغتها.. نحن نستدعى فقط للندوات أو المؤتمرات بينما القرارات تتخذ في غيابنا وهذا خلل يجب تصحيحه إذا أردنا مواكبة التطورات التكنولوجية بشكل فعلي'.
وبين في السياق 'أن معظم السياسيين والبرلمانيين في المغرب يفتقرون للوعي الرقمي الكافي، لأن تكوينهم ينحصر غالبا في مجالات مثل القانون أو الاقتصاد، دون انفتاح على التخصصات التقنية'.
واعتبر أن تجاهل آراء الخبراء الرقميين في عملية التشريع يبقي البلاد في حالة تردد وتأخر عن الركب العالمي.
وحذر الخبير من انعكاسات هذه التقنية على الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، مؤكدا أن البلاد مقبلة على مرحلة دقيقة قد تشهد تسريب فيديوهات مفبركة تنسب زورا إلى مرشحين سياسيين، مما قد يحدث تشويشا كبيرا على الناخبين ويشوه صورة بعض الفاعلين السياسيين دون سند واقعي.
وأفاد الخبير الرقمي بأنه شارك في المؤتمر الأخير للذكاء الاصطناعي بمدينة مراكش، حيث تم تقديم مجموعة من التوصيات الهامة التي من شأنها أن تعزز الوعي الرقمي وتسهم في تأطير استخدامات الذكاء الاصطناعي بالمملكة، لكنه تساءل: 'هل سيتم فعلا العمل بهذه التوصيات؟'.
وشدد على أن ما ينقص المغرب ليس فقط الإمكانات التقنية أو الكفاءات البشرية بل بالأساس الإرادة السياسية لتفعيل هذه التوصيات، مضيفا أن 'الوقت لا يسمح بمزيد من التأجيل لأن العالم يتحرك بسرعة، ومن لا يواكب يخرج من السباق مبكرا'.
هذا، وكشف المتحدث عن محاكاة واقعية قام بها، حيث زود أداة 'Veo-3' بصورة غير واضحة لوجهه دون إدخال أي بيانات صوتية، ورغم ذلك تمكن البرنامج من استكمال ملامح وجهه بدقة واستخرج صوتا مطابقا لصوته الحقيقي استنادا إلى بيانات متاحة على الإنترنت، وأنتج مقطع فيديو يظهره وكأنه يتحدث شخصيا.
وأكدت 'هسبريس' أنها اطلعت على الفيديو وشددت على أنه بدا وكأنه فعلا حقيقي، سواء من حيث الحركة أو النبرة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البوابة العربية للأخبار التقنية
منذ 2 ساعات
- البوابة العربية للأخبار التقنية
'هيوماين': طموح سعودي نحو ريادة عالمية في الذكاء الاصطناعي
في خطوة إستراتيجية ضخمة تعكس طموح المملكة العربية السعودية للتحول إلى قوة عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، أطلقت المملكة خلال شهر مايو الماضي، شركة (هيوماين) Humain، وهي شركة مملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، وتتمثل مهمتها الأساسية في تطوير حلول وتقنيات الذكاء الاصطناعي المبتكرة وإدارتها، والاستثمار بنحو إستراتيجي في منظومة هذا القطاع الحيوي والمزدهر. وقد كشف طارق أمين؛ الرئيس التنفيذي لشركة (هيوماين) خلال لقاء مع صحيفة (فايننشال تايمز)، أن الشركة لديها خطط طموحة لجذب استثمارات من كبرى شركات التكنولوجيا الأمريكية، كما تخطط لإطلاق صندوق لرأس المال الجريء بقيمة تبلغ 10 مليارات دولار، وتأتي هذه الخطوات في إطار قيادة الشركة لجهود المملكة الرامية إلى أن تصبح مركزًا عالميًا للذكاء الاصطناعي. وأفاد طارق أمين، خلال اللقاء أيضًا، أن (هيوماين) تجري حاليًا محادثات مكثفة مع عدة شركات تقنية أمريكية بارزة بهدف إيجاد شريك إستراتيجي، وتشمل هذه الشركات أسماء كبيرة مثل: (OpenAI)، وشركة (xAI) التابعة لإيلون ماسك، بالإضافة إلى شركة رأس المال الجريء الشهيرة (أندريسن هورويتز) Andreessen Horowitz. ولم يحدد أمين هوية الشريك الأمريكي المحتمل بنحو صريح، لكنه أشار إلى أن المفاوضات جارية مع جميع هذه الأطراف، مؤكدًا أن بعضها سيكون من الأسماء الكبيرة في قطاع مراكز البيانات، وأن الإعلان سيكون قريبًا جدًا. هيوماين تتبنى إستراتيجية شاملة للريادة في الذكاء الاصطناعي: تتبنى شركة (هيوماين) إستراتيجية شاملة تهدف إلى تغطية جميع جوانب صناعة الذكاء الاصطناعي، بدءًا من الاستثمار المباشر، ومرورًا بتطوير بنية تحتية عالمية المستوى، ووصولًا إلى تصميم الرقاقات الإلكترونية، وتُعدّ هذه الإستراتيجية الشاملة لا مثيل لها تقريبًا خارج نطاق عدد قليل جدًا من شركات التكنولوجيا الكبرى في الولايات المتحدة والصين، التي استغرقت سنوات، إن لم يكن عقودًا، لبناء أعمالها وخبراتها التقنية المتكاملة. ولتجسيد هذه الرؤية، ستطلق الشركة صندوق (هيوماين فينتشرز) Humain Ventures، الذي يمثل ذراع رأس المال الاستثماري لها، بقيمة مبدئية تبلغ 10 مليارات دولار خلال صيف هذا العام، وسيُخصص للاستثمار في الشركات الناشئة الواعدة في الولايات المتحدة وأوروبا ومناطق مختارة في آسيا. وفي ظل هذا المشهد، تنظر شركات التكنولوجيا الأمريكية بنحو متزايد إلى دول الخليج وصناديق ثروتها السيادية القوية كمصادر حيوية للاستثمار، ويجري المسؤولون التنفيذيون في قطاع التكنولوجيا الأمريكي محادثات مكثفة مع مسؤولين إقليميين حول فرص الاستثمارات وجمع رؤوس الأموال، مما يعكس الأهمية المتزايدة للمنطقة كمساهم رئيسي في تمويل الابتكار التكنولوجي العالمي. بنية تحتية عملاقة لمراكز البيانات: تضع شركة (هيوماين) نصب عينيها بناء واحدة من أكبر البنى التحتية لمراكز البيانات المخصصة للذكاء الاصطناعي في العالم، وتسعى الشركة إلى الحصول على شريك تكنولوجي أمريكي بحصة ملكية في هذا القطاع. وتشمل الأهداف الطموحة تحقيق قدرة ضخمة في مراكز البيانات للذكاء الاصطناعي، إذ تخطط الشركة للوصول إلى قدرة تبلغ 1.9 جيجاواط بحلول عام 2030، ومن ثم التوسع لتصل هذه القدرة إلى 6.6 جيجاواط بعد أربع سنوات من ذلك التاريخ، وهو مشروع تقدر تكلفته بالأسعار الحالية للسوق بنحو 77 مليار دولار. وسيجعلها هذا الطموح من بين أكبر مشاريع البنية التحتية العالمية للذكاء الاصطناعي. وتهدف (هيوماين) بحلول عام 2030 إلى معالجة ما يصل إلى 7% من عمليات التدريب العالمية (تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي) وعمليات الاستدلال (استجابات النماذج لطلبات المستخدمين). وتعليقًا على هذه الأهداف قال طارق أمين: 'العالم متعطش للقدرة الضخمة في مراكز البيانات للذكاء الاصطناعي، وأعتقد من يصل إلى خط النهاية أولًا، سيضمن حصة جيدة من السوق'. ولتحقيق ذلك، ستبدأ المرحلة الأولى من خطة (هيوماين) لبناء مجمعات ضخمة لمراكز البيانات بمحطة تبلغ قدرتها 50 ميجاواط تستخدم 18,000 شريحة من شرائح إنفيديا، وتأمل الشركة في تشغيل هذه المرحلة العام المقبل. وتتضمن الخطة المستقبلية توسيع هذه القدرة على مراحل لتصل إلى 500 ميجاواط، وهو ما سيتطلب نحو 180 ألف شريحة من إنفيديا، ويُظهر حجم هذا المشروع طموح (هيوماين) في المنافسة على الساحة العالمية، إذ إن مجمع (كولوسوس) للذكاء الاصطناعي التابعة لشركة (xAI) قد بُني باستخدام 100 ألف وحدة معالجة رسومات من إنفيديا، في حين من المتوقع أن يضم مركز بيانات ستارجيت الأمريكي العملاق 400 ألف شريحة من طراز GB200 من إنفيديا. وتُشير هذه الأرقام إلى أن (هيوماين) تسعى إلى بناء بنية تحتية للذكاء الاصطناعي على نطاق عالمي، مما يعزز مكانة المملكة العربية السعودية كلاعب رئيسي في هذا المجال. شراكات إستراتيجية وصفقات مليارية: منذ إطلاقها، أبرمت شركة (هيوماين) بالفعل صفقات بقيمة تبلغ 23 مليار دولار مع مجموعات شركات تكنولوجية أمريكية رائدة، تشمل: إنفيديا، و(AMD)، وأمازون ويب سيرفيسز (AWS)، وكوالكوم. وتشمل هذه الصفقات مشروعًا مشتركًا بقيمة تبلغ 10 مليارات دولار مع (AMD)، بهدف بناء قدرة حاسوبية ضخمة للذكاء الاصطناعي تصل إلى 500 ميجاواط، وستشكل هذه القدرة الحاسوبية أساسًا متينًا لتطوير حلول الذكاء الاصطناعي المبتكرة ونشرها على نطاق واسع. كما تستثمر (هيوماين) 5 مليارات دولار أمريكي مع شركة أمازون ويب سيرفيسز (AWS)، لإنشاء (منطقة ذكاء اصطناعي) AI Zone، فريدة من نوعها في المملكة، ستحتضن تحت مظلتها بنية تحتية تقنية متخصصة ومتقدمة للغاية في مجال الذكاء الاصطناعي، وتشمل هذه البنية خوادم فائقة التطور مزودة بأحدث أشباه الموصلات، وشبكات (UltraCluster) الفائقة السرعة لتسريع عمليات تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي ومعالجتها بكفاءة غير مسبوقة. علاوة على ذلك؛ تستثمر (هيوماين) ملياري دولار مع شركة كوالكوم لتطوير مراكز البيانات وقدرات تصميم الرقاقات الإلكترونية في المملكة، وبموجب هذه الصفقة، ستنشئ كوالكوم مركزًا لتصميم الرقاقات الإلكترونية في الرياض سيوظف 500 مهندس. ومع ذلك، أكد أمين أن (هيوماين) ليس لديها خطط حالية لدخول مجال تصنيع الرقاقات الإلكترونية. ومن المتوقع أن تبدأ عملية شراء الرقاقات من الشركات الأمريكية خلال الثلاثين يومًا القادمة، مع تفاؤل بدعم إدارة ترامب لهذه المبيعات، خاصة بعد أن ألغت واشنطن آخرًا قاعدة من عهد بايدن كانت تقيد بيع رقاقات الذكاء الاصطناعي لدول المنطقة. بيئة تنظيمية وجاذبة للاستثمار: تدرك (هيوماين) أهمية الشركاء والمناخ الاستثماري، وأشار أمين إلى أن شركاءها في رأس المال يقدمون أكثر من مجرد تمويل، مؤكدًا الأهمية البالغة للمنظومة الأمريكية التقنية ودقة الاختيار في الشراكات. ولمعالجة المخاوف المتعلقة بالخصوصية والأمن، ستسمح (هيوماين) بجرد فوري أو تمكين العملاء من التدقيق اللحظي لكيفية استخدام معلوماتهم ومعالجتها. كما يُتوقع أن تصدر الرياض تشريعات تجعل مراكز البيانات خاضعة لقوانين بلد منشأ شركة الذكاء الاصطناعي المستأجرة، وهي خطوة تهدف إلى تلبية متطلبات سيادة البيانات العالمية. ولجذب مراكز البيانات الضخمة المتخصصة في الذكاء الاصطناعي إلى المملكة، تقدم الرياض إعانات كبيرة على أسعار الكهرباء، التي تُعدّ من بين الأدنى عالميًا، وقد طُبق هذا النموذج بالفعل مع شركة (Groq)، التي تبني ما يوصف بأكبر مركز بيانات للاستدلال في العالم داخل المملكة، والذي بدأ كمشروع مشترك مع (أرامكو الرقمية) تحت إشراف طارق أمين – الذي كان سابقًا الرئيس التنفيذي لشركة (أرامكو الرقمية) الذراع التقنية لشركة (أرامكو) – ولكن من المرجح أن ينتقل هذا المشروع إلى (هيوماين)، إذ تسعى الرياض إلى دمج أصولها الرئيسية في مجال الذكاء الاصطناعي ضمن الكيان الجديد. وقد وافقت الرياض في فبراير على توسعة هذا المشروع بقيمة قدرها 1.5 مليار دولار في المنطقة الشرقية، إذ حصلت (هيوماين) على مساحة تبلغ 2.3 ميل مربع في مدينة صناعية، يمكن أن تستضيف 10 محطات بقدرة قدرها 200 ميجاواط لكل منها، مع خطط لتطوير مجمع أكبر بثلاث مرات في الرياض. تحديات وأولويات إستراتيجية: تأتي هذه الخطط الطموحة في وقت تواجه فيه الحكومة السعودية وصندوق الاستثمارات العامة ضغوطًا ناجمة عن انخفاض أسعار النفط وحجم الالتزامات المالية الضخمة للعديد من المشاريع العملاقة قيد التنفيذ. ومع ذلك، يُعدّ الذكاء الاصطناعي مجالًا ذا أولوية قصوى للمملكة. وعند سؤاله عن تأثير انخفاض أسعار النفط في خطط إنفاق (هيوماين) أجاب طارق أمين بسؤال بلاغي: 'السؤال الذي يجب أن نطرحه هو: هل يمكنك كدولة أن تفوت هذه الفرصة؟'، مؤكدًا عزم (هيوماين) التحرك بسرعة لتأمين حصة كبيرة من السوق العالمية. لذلك يمثل إطلاق شركة (هيوماين) بهذه الاستثمارات الضخمة والشراكات الإستراتيجية إعلانًا واضحًا لعزم المملكة العربية السعودية على أن تكون لاعبًا رئيسيًا ومؤثرًا في مستقبل الذكاء الاصطناعي العالمي، وأن تقود التحول نحو اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار.


صحيفة الخليج
منذ 4 ساعات
- صحيفة الخليج
التحدث إلى الحيتان والدلافين
في زمن يتسارع فيه الذكاء الاصطناعي لتجاوز حدود الإدراك البشري، يزداد طموح العلماء في ترجمة لغات الحيوانات، الأمر لم يعد خيالاً علمياً، إذ اقترح تشارلز داروين منذ قرن ونصف أن الإنسان ربما تعلم الكلام بتقليد أصوات العصافير، واليوم يحاول مشروع (مبادرة ترجمة أصوات الحيتان)، المدعوم بتقنيات الذكاء الاصطناعي، إعادة فتح هذا الباب، أملاً في الوصول إلى حوار حقيقي بين البشر والحيتان أو الدلافين. إن السباق لترجمة ما تقوله الحيوانات يزداد سخونة، مع وجود ثروات ومكان في التاريخ على المحك، هذا سباق يغذيه الذكاء الاصطناعي التوليدي، إذ يمكن لنماذج اللغة الكبيرة فرز ملايين الأصوات الحيوانية المسجلة للعثور على قواعدها النحوية المخفية، وتركز معظم المشاريع على الحوتيات لأنها، مثلنا، تتعلم من خلال التقليد الصوتي، وتتواصل عبر ترتيبات معقدة من الصوت، يبدو أن لها بنية وتسلسلاً هرمياً. يرمي المشروع، وهو مبادرة رائدة إلى ترجمة أصوات حيتان العنبر، ما يسمى بـ«الكودا»، وهي نقرات قصيرة جداً تحمل أنماطاً يشتبه بأنها تحتوي على قواعد لغوية، وتشير الأدلة الأولية إلى أن الحيتان تتناوب في الحديث، وتستخدم تسلسلات سريعة من النقرات، كل منها قصير مثل 1000 جزء من الثانية، بل وتظهر لهجات محلية، وتمكن الباحثون من تحديد نقرة تشبه في وظيفتها «علامة الترقيم»، ما يدعم فكرة أن لهذه الكائنات أنظمة تواصل معقدة، في مشروع يطمح إلى «التحدث مع الحيتان» بحلول 2026. سبق أن أطلقت شركة غوغل برنامجاً يدعى «دولفينجيما»، استناداً إلى بيانات صوتية للدلافين جمعت على مدى 40 عاماً، وهذا البرنامج ساعد على تمييز «نقرة» تشير إلى نوع معين من الأعشاب البحرية، ما يعد أول حالة موثقة لكلمة في مفردات الحيوان، ترتبط بمعنى محدد، كما رصد دولفين يدعى «زيوس» قلد أصوات حروف العلة، وحوت أحدب تفاعل صوتياً مع باحثين لمدة 20 دقيقة في نمط تواصل يشبه الحوار. لكن رغم هذه الآمال، لا يمكن تجاهل حقيقة أن الضوضاء البشرية تشكل تهديداً مباشراً لهذه اللغات، إذ تسببت حركة الشحن والتعدين في رفع مستوى الضجيج تحت الماء منذ ستينيات القرن الماضي، ما أدى إلى انقطاع أغاني الحيتان الحدباء، التي تمتد حتى 24 ساعة وتستخدم في التزاوج والهجرة، لكنها تتوقف عن الغناء على بعد كيلومتر واحد فقط من السفن.


عرب هاردوير
منذ 12 ساعات
- عرب هاردوير
Meta تعلن تطوير تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز لدعم لجيش الأمريكي
أعلنت شركة Meta، عن عقد شراكة استراتيجية جديدة مع شركة Anduril Industries ، وهي شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا الدفاعية أسسها رائد الأعمال بالمر لوكي. يهدف هذا التعاون إلى تطوير أجهزة تعتمد على تقنيتي الواقع الافتراضي (VR) و الواقع المعزز (AR) لاستخدامها من قِبل الجيش الأمريكي، في خطوة تعكس توجهًا جديدًا لعمالقة التكنولوجيا نحو القطاع العسكري. من الخلاف إلى التعاون: عودة لوكي إلى أحضان Meta يحمل هذا الإعلان أبعادًا تتجاوز الجانب التقني، إذ يعيد ربط الخيوط بين بالمر لوكي، مؤسس شركة Oculus VR، وشركة Meta، التي استحوذت على Oculus عام 2014 مقابل 2 مليار دولار. لكن العلاقة بين الطرفين لم تكن دائمًا سلسة، فقد غادر لوكي الشركة بطريقة مثيرة للجدل في عام 2017، وألمح لاحقًا إلى أن تبرعه لمجموعة مؤيدة لدونالد ترامب قبل انتخابات 2016 قد لعب دورًا في إنهاء تعاونه مع الشركة. ورغم هذا الماضي المتوتر، يعود لوكي اليوم من خلال شركته الجديدة Anduril للتعاون من جديد مع Meta، ولكن هذه المرة في مشروع يتجاوز الألعاب والترفيه، ويغوص عميقًا في تقنيات الدفاع والأمن القومي. تطوير نظام EagleEye: قفزة تقنية في ميدان المعركة تركّز الشراكة الجديدة على تطوير نظام يحمل اسم EagleEye، وهو عبارة عن منظومة ذكية مخصصة لتحسين قدرات الجنود في الميدان. يتضمن هذا النظام مجموعة من الحساسات المتقدمة التي تساعد الجنود على تحسين مستوى السمع والرؤية في ظروف القتال المعقدة. وبحسب تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، فقد تقدّمت Meta وAnduril بعرض مشترك للفوز بعقد عسكري أمريكي تصل قيمته إلى 100 مليون دولار لتطوير هذه المنظومة. وعلى الرغم من أن نتيجة هذا العرض لم تُحسم بعد، إلا أن الشركتين أكدتا عزمهما على مواصلة المشروع، سواء فازتا بالعقد أم لا. Meta توسّع حضورها في القطاع الحكومي والعسكري يأتي هذا التعاون كجزء من تحرك أوسع لشركة Meta نحو دعم المؤسسات الحكومية والعسكرية بتقنياتها المتقدمة. فقد أعلنت الشركة في نوفمبر الماضي أنها ستتيح نماذج الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر من سلسلة LLaMA للوكالات الحكومية التي تعمل في مجالات الدفاع والأمن القومي، وكذلك للشركات المتعاونة معها. وصرّح الرئيس التنفيذي لشركة Meta، مارك زوكربيرغ، قائلاً: "لقد قضينا السنوات العشر الماضية في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز، ونحن فخورون بالشراكة مع Anduril لتقديم هذه الابتكارات إلى الجنود الذين يحمون مصالحنا في الداخل والخارج." تقنيات مدنية بتكلفة أقل لأغراض عسكرية تشير الشركتان إلى أن هذه الشراكة ستمكّن الجيش الأمريكي من الحصول على تقنيات عالية الأداء، طُوّرت أساسًا للاستخدام المدني، ولكن بتكلفة أقل بكثير من التقنيات العسكرية التقليدية. وترى Meta وAnduril أن هذا الأسلوب الجديد في تطوير أنظمة الدفاع يمكن أن يوفّر مليارات الدولارات على الحكومة الأمريكية، مع الحفاظ على التفوق التكنولوجي في ميادين المعارك الحديثة. سابقة مع مايكروسوفت وشراكة موازية مع OpenAI لا يُعدّ هذا المشروع الأول من نوعه لشركة Anduril، فقد أعلنت في فبراير الماضي عن تعاون مع شركة مايكروسوفت لاستلام مسؤولية برنامج نظارات الواقع المعزز العسكرية التي كانت الشركة تطورها لصالح الجيش الأمريكي. كما كشفت Anduril في ديسمبر عن شراكة مع OpenAI تهدف إلى تطوير مبادرات في الذكاء الاصطناعي مخصصة لمهام الأمن القومي. وتؤكد هذه التحركات أن Anduril لم تعد شركة ناشئة عادية، بل باتت لاعبًا أساسيًا في رسم ملامح الجيل القادم من التكنولوجيا العسكرية في الولايات المتحدة. مستقبل الدفاع في يد التكنولوجيا التجارية تُبرز هذه الشراكة توجهًا عالميًا جديدًا يتمثل في دمج التكنولوجيا التجارية في التطبيقات العسكرية، والاستفادة من سرعة الابتكار ورخص التكلفة مقارنة بالمشاريع العسكرية التقليدية. فمع تسارع وتيرة التطور التقني، لم يعد من الممكن الاعتماد فقط على الموردين التقليديين. وبالرغم من أن إدماج هذه التقنيات في ساحات المعارك يُعدّ إنجازًا تقنيًا لافتًا، إلا أنه يفتح في المقابل بابًا واسعًا للتساؤلات الأخلاقية الحسّاسة. فحين تتحوّل أدوات مصممة في الأصل لأغراض مدنية وتعليمية أو ترفيهية إلى وسائل تُستخدم في النزاعات المسلحة ، يصبح من الضروري التوقف عند الحدود الفاصلة بين الابتكار والمسؤولية. وهنا يبرز تساؤلًا هامًا: هل يجوز استخدام هذه الابتكارات لخدمة الأهداف العسكرية؟ وهل ستُستخدم هذه الأنظمة بطريقة تحفظ حياة البشر أم أنها قد تُفاقم من حجم الخسائر البشرية؟ لا تمس هذه الأسئلة فقط حدود الأخلاقيات، بل تلامس جوهر العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا في زمن أصبحت فيه الآلة أكثر حضورًا من الضمير. ويبقى السؤال الأهم: هل تكون هذه الخطوة بداية لتحالفات أكبر بين شركات التكنولوجيا العملاقة والمؤسسات العسكرية؟ أم أنها مجرّد تجربة قد تُعيد تعريف العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والأمن العالمي؟ الأيام القادمة وحدها ستحمل إجابة هذه التساؤلات.