
إيران وتجميع الأوراق قبل استحقاق التفاوض
وسقوط طهران ثانياً يضع نهاية تراجيدية لـ "مبادرة الحزام والطريق" الصينية، ويجعل من هدف ترمب محاصرة الصين وإنهاء طموحاتها الاقتصادية والسياسية أقرب إلى الوقع وأيسر تحققاً، بخاصة أن الأرض الإيرانية تشكل الحلقة الأهم والأكثر جيواقتصادية في مشروع الربط البري في غرب آسيا، ومن هنا يمكن فهم المبادرة الصينية في تسهيل اللقاء بين وزيري خارجية إيران عباس عراقجي وروسيا سيرغي لافروف في العاصمة الصينية بكين على هامش "مؤتمر وزراء خارجية منظمة شنغهاي"، وبعد اللقاء الذي جمع عراقجي مع الرئيس الصيني شي جينبينغ بعد اجتماع تمهيدي مع نظيره وزير الخارجية الصيني هو وانغ يي.
وفي ظل تمسك الوزير الروسي بالغموض، أو بمعنى آخر الابتعاد من إعلان موقف واضح وصريح من الأزمة الإيرانية - الأميركية حول الملف النووي، وإعلان لافروف وقوف روسيا إلى جانب إيران بحقها في امتلاك طاقة نووية سلمية، يترك موقف بلاده من المطلب الإيراني بحقها في امتلاك دورة التخصيب على أراضيها في حال من الإبهام، ويسمح لموسكو بتوظيف هذه العلاقة من أجل تقديم حلول ومخارج للأزمة مع واشنطن، في الأقل بما يتعلق بالمخزون الإيراني من اليورانيوم المخصب وإمكان نقله إلى روسيا وتحويله إلى وقود لتوليد الطاقة الكهربائية تلبي حاجة إيران المستقبلية.
إلا أن هذه اللقاءات الثنائية بالاتجاهين قد تؤسس لدبلوماسية جديدة من المفترض أن تسهم في رسم معالم المرحلة المقبلة، بخاصة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة قبل الـ 16 من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، موعد انتهاء مفاعيل قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2231) وسقوط ورقة "آلية الزناد" لإعادة تفعيل العقوبات الدولية ضد إيران تحت البند السابع.
وما من شك أن كلا الطرفين، الأميركي والإيراني، محكومان بالعودة لطاولة التفاوض، المباشر هذه المرة، لذلك فإن كلاً منهما يسعى إلى حشد أوراق قوته قبل الوصول إلى الطاولة، وإذا ما كانت واشنطن تلوح بالإجراءات الحربية وتشهر سيف العودة للخيار العسكري، فإنها تراهن أيضاً على ورقة حلفائها في الـ "ترويكا" الأوروبية الذين يملكون حق العودة لمجلس الأمن وتفعيل آلية الزناد.
وفي المقابل فإن أحد الخيارات أمام طهران هو رفع مستوى استعداداتها لأية مواجهة عسكرية محتملة، إذ لا تأخذ على حين غرة كما حصل قبل شهر في هجوم فجر الـ 13 من يونيو (حزيران) الماضي، إضافة إلى تفعيل الخيار الدبلوماسي لتعطيل مفاعيل أي قرار قد تلجأ إليه الـ "ترويكا" الأوروبية بالتنسيق مع واشنطن، أي العمل على إقناع كل من موسكو وبكين بإعلان انسحابهما من الاتفاق النووي أيضاً قبل موعد الخامس من شهر أغسطس (آب) المقبل، وبالتالي يستعيدان حق النقض (فيتو) الذي يسقط في حال التزامهما باتفاق عام 2015، وبالتالي يصبحان قادرين على استخدام هذا الحق في مواجهة أي قرار قد تلجأ له واشنطن والـ "ترويكا" معها.
وعلى رغم رفع طهران مستويات جاهزيتها العسكرية، سواء بإعادة تقويم قدراتها الصاروخية المتزامنة، ومع تأكيد رفضها لأي ضغوط قد تفرض عليها وضع هذه القدرات على طاولة التفاوض المحتملة، فإنها تسعى أيضاً إلى تجاوز عقدة الاختلاف القائمة بينها وبين موسكو حول تزويدها بالمقاتلات الحربية المتقدمة (SU-35) ضمن الشروط التي تريدها، بخاصة ما يتعلق بشروط الصيانة والقدرات القتالية من خلال الذهاب إلى خيار المقاتلات الصينية التي قد تلبي حاجاتها، بخاصة أن الشروط الصينية أقل تعقيداً وأكثر ديناميكية، وهذه الاستعدادات، أو كما تصفها طهران بإبقاء اليد على الزناد، لا تعني أنها ترفض العودة للمسار الدبلوماسي، بخاصة أنها تشعر أنها في موقع القوة، ولعل استعادة وزير الخارجية الأسبق محمد جواد ظريف لكلام المرشد الأعلى حول دور الدبلوماسية في هذه اللحظة المصيرية من تاريخ النظام وإيران تحمل كثيراً من الدلالات على رغبة النظام الإيراني في تعزيز الخيار الدبلوماسي والسياسي وإبعاد شبح العودة إلى الخيار العسكري، فالمرشد وصف الجهد الدبلوماسي كما وصفه ظريف بأنه أحد أركان القوة الإيرانية، وأن اللجوء إليه لا يعني عدم وجود أو خسارة كل الخيارات أو مؤلفات القوة الأخرى، لأن "ما يمكن إنجازه بالدبلوماسية لا ينبغي إنجازه بالحرب، وأن الخيار الدبلوماسي بالتأكيد أقل كلفة"، وهو الخيار الذي يتمسك به الوزير عراقجي في كل تحركاته ومروحة اللقاءات والمشاروات التي يجريها مع نظرائه في منظمة شنغهاي أو "دول بريكس" أو حتى نظرائها في الـ "ترويكا" الأوروبية، ويرهن إمكان العودة لطاولة التفاوض مع واشنطن بإدانة واضحة من مجلس الأمن والـ "ترويكا" للاعتداء الأميركي - الإسرائيلي المشترك ضد المنشآت النووية الإيرانية، إضافة إلى سحب التداول بخيار إعادة فرض العقوبات "آلية الزناد" التي قد تخرج الـ "ترويكا" من التفاوض، وقد تفرض على إيران اللجوء إلى خطوات أكثر تصعيدية بعد قرار تعليق تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومفتشيها.
هذا الموقف المتشدد في الظاهر لعراقجي لا يعني أن إيران لا تريد التفاوض، بل تعمل من أجل الوصول إلى ذلك من موقع القوة، لأنها تعتقد بأنها أثبتت للجميع أنها تملك القدرة والقوة، وأنها قادرة على تفعيل هذه القوة، وقد أثبتت ذلك في ردها على الهجوم الأميركي – الإسرائيلي، ولذلك فإن الفرصة الدبلوماسية هي الطريق الأنسب والآلية الأقدر على تكرس هذه القوة وما حققته من إنجازات.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 20 ساعات
- الشرق الأوسط
الكرملين بعد مهلة ترمب: ملتزمون بتسوية النزاع في أوكرانيا
أكد الكرملين، اليوم الثلاثاء، أنه لا يزال «ملتزما» بتسوية النزاع في أوكرانيا، غداة مهلة جديدة حددها الرئيس الأميركي دونالد ترمب لنظيره الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء الغزو الروسي الذي باشره قبل أكثر من ثلاث سنوات. وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف ردا على صحافيين: «أخذنا علما بتصريح الرئيس ترمب بالأمس»، مضيفا: «العملية الخاصة تتواصل. ونواصل أيضا التزامنا بعملية سلام لحل النزاع بشأن أوكرانيا والمحافظة على مصالحنا». وقبيل ساعات، أعلن الرئيس الأميركي أنه سيُخفّض المهلة التي منحها لنظيره الروسي فلاديمير بوتين إلى «10 أو 12 يوما» لإنهاء الحرب في أوكرانيا. وقال: «لا داعي للانتظار. لا نشهد أي تقدم» بعدما منح مهلة مدتها خمسون يوما في 14 يوليو (تموز). ورغم التحذير الجديد، أودت ضربات ليلية روسية جديدة بحياة 20 شخصا، بحسب السلطات الأوكرانية. وهدد ترمب روسيا الثلاثاء بفرض عقوبات «ثانوية»، أي تستهدف الدول التي تشتري منتجات روسية ولا سيما النفط والغاز، بهدف تجفيف إيرادات موسكو. وبعد عودته إلى السلطة في يناير (كانون الثاني)، أعرب ترمب عن استعداده للتفاوض مع الرئيس الروسي، كما انتقد مساعدة بلاده لكييف، وسعى إلى تعزيز العلاقة مع بوتين. لكنه أعرب منذ ذلك الحين عن «خيبة أمل» من بوتين الذي لم يوافق على وقف إطلاق النار الذي تطمح إليه كييف وواشنطن. من جانبه، وجه الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف انتقادا شديدا للرئيس الأميركي بعدما هدد ترمب بتقصير الموعد النهائي الذي منحه لروسيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع أوكرانيا. وقال ميدفيديف: «كل إنذار نهائي جديد هو تهديد وخطوة نحو الحرب. ليس بين روسيا وأوكرانيا، بل مع بلاده». وأضاف: «روسيا ليست إسرائيل أو حتى إيران»، في إشارة إلى الحرب القصيرة التي اندلعت بين البلدين في الشهر الماضي، والتي شنت خلالها الولايات المتحدة ضربات على إيران لدعم إسرائيل. يذكر أن ميدفيديف، الذي كان رئيسا لروسيا بين عامي 2008 و2012، لا يزال لديه تأثير كبير في موسكو، حيث يشغل منصب نائب رئيس مجلس الأمن القومي.


الشرق الأوسط
منذ 20 ساعات
- الشرق الأوسط
برنت يتخطى 70 دولاراً وسط تفاؤل بانحسار الحروب التجارية
ارتفعت أسعار النفط، خلال النصف الثاني من جلسة الثلاثاء، على خلفية التفاؤل بانحسار الحرب التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين الرئيسيين ومع تكثيف الرئيس دونالد ترمب الضغوط على روسيا بسبب حربها في أوكرانيا. وزادت العقود الآجلة لخام برنت 47 سنتاً، بما يعادل 0.7 في المائة، إلى 70.51 دولار للبرميل بحلول الساعة 09:24 بتوقيت غرينتش، لتلامس أعلى مستوى منذ 18 يوليو (تموز). كما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 53 سنتاً، أي 0.8 في المائة، إلى 67.24 دولار للبرميل. كانت العقود الآجلة للخامين قد ارتفعت بأكثر من 2 في المائة عند التسوية في الجلسة السابقة. وفرض الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي رسوم استيراد 15 في المائة على معظم سلع الاتحاد الأوروبي، وحال دون اندلاع حرب تجارية شاملة بين الحليفين الرئيسيين، التي كانت ستؤثر على نحو ثلث التجارة العالمية وتقلل من توقعات الطلب على الوقود. ونصَّ الاتفاق أيضاً على أن يشتري الاتحاد الأوروبي منتجات طاقة أميركية بقيمة 750 مليار دولار في السنوات الثلاث القادمة، وهو ما يقول محللون إنه من شبه المستحيل أن يفي به الاتحاد الأوروبي. وجاء في الاتفاق أن تستثمر الشركات الأوروبية 600 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال فترة الولاية الثانية لترمب. ويجتمع مسؤولون اقتصاديون كبار من الولايات المتحدة والصين في استوكهولم الثلاثاء، لليوم الثاني لحل النزاعات الاقتصادية القائمة منذ فترة طويلة وتهدئة الحرب التجارية المتصاعدة بين أكبر اقتصادين في العالم. وحدد ترمب يوم الاثنين، مهلةً جديدة «10 أيام أو 12 يوماً» لروسيا لإحراز تقدم نحو إنهاء الحرب في أوكرانيا أو مواجهة عقوبات. وهدد ترمب بفرض عقوبات على كل من روسيا ومشتري صادراتها ما لم يُحرَز تقدم. وقال محللون من «آي إن جي» في مذكرة «ارتفعت أسعار النفط بعد أن قال الرئيس ترمب إنه سيقلص المهلة المحددة لروسيا للتوصل إلى اتفاق مع أوكرانيا لإنهاء الحرب، مما أثار مخاوف إزاء الإمدادات». ويترقب المتعاملون في سوق النفط أيضاً اجتماع اللجنة الاتحادية الأميركية للسوق المفتوحة يومي 29 و30 يوليو (تموز). وقالت بريانكا ساشديفا، كبيرة محللي السوق في شركة «فيليب نوفا» للسمسرة، إنه من المتوقع على نطاق واسع أن يُبقي مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) على أسعار الفائدة دون تغيير، لكنه قد يشير إلى الميل نحو سياسة التيسير النقدي وسط مؤشرات على تباطؤ التضخم.


عكاظ
منذ 20 ساعات
- عكاظ
عشرات القتلى والجرحى في قصف روسي على أوكرانيا
قتل نحو 20 شخصاً وأصيب أكثر من 40 آخرين بجروح، في ضربات روسية استهدفت ليل الاثنين، منطقتي زابوريجيا ودنيبروبتروفسك في أوكرانيا. وأعلن سلاح الجو الأوكراني أن روسيا أطلقت 37 مسيّرة وصاروخين ليلاً، مضيفاً أن أنظمته للدفاع الجوي أسقطت 32 من تلك المسيّرات. وأفادت وزارة الدفاع الروسية أن القوات المسلحة استهدفت مطاراً عسكرياً تابعاً للقوات الأوكرانية ومركزاً لتدريب مشغلي الطائرات المسيرة، بحسب ما نقلت عنها وكالة «تاس». من جانبه، أكد مسؤول مكتب الرئيس الأوكراني أندريه يرماك، مقتل 17 و42 إصابة جراء سلسلة من عمليات القصف طالت معتقلاً، مندداً بـ«جريمة حرب جديدة يرتكبها الروس». بدوره، اعتبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن قصف السجن «لم يكن عرضياً». وقال في بيان على مواقع التواصل الاجتماعي: إن الضربة كانت متعمدة ومقصودة، و لا يمكن أن يكون الروس غير مدركين أنهم كانوا يستهدفون مدنيين في تلك المنشأة. وجاءت الضربة في ذكرى هجوم استهدف قبل 3 سنوات مركز اعتقال مماثلاً في منطقة أوكرانية مُحتلة، نسبتها كييف إلى موسكو، وذكرت تقارير أنها أودت بعشرات الجنود الأوكرانيين الأسرى. وشنت روسيا 8 ضربات على منطقة زابوريجيا طالت السجن، وفق إيفان فيدوروف، رئيس الإدارة العسكرية. واعتبر أمين المظالم الأوكراني دميترو لوبينتس، أن الهجوم على زابوريجيا دليل آخر على جرائم الحرب الروسية. وعلق على منصات التواصل الاجتماعي: «لا ينبغي أن يفقد الأشخاص المحتجزون في مراكز اعتقال حقهم في الحياة والحماية». وأدت 3 هجمات على منطقة دنيبروبتروفسك إلى سقوط ما لا يقل عن 4 قتلى و8 جرحى، بحسب ما ذكر رئيس الإدارة المحلية سيرغي ليساك على «تليغرام». وعلى الجانب الروسي، قُتل شخص في منطقة روستوف الجنوبية، إثر هجوم أوكراني بمسيرات، وفق ما أعلن حاكم المنطقة يوري سليوسار. أخبار ذات صلة