
ماذا بعد ضرب المفاعلات النووية بإيران؟
قبل أن نذهب إلى الأهداف الأمريكية يجب علينا أولا فهم طبيعة ما قامت به الولايات المتحدة الأمريكية بخصوص مفاعلات إيران.. ولماذا قررت ضرب المفاعلات والدخول للحرب بشكل مباشر مع إيران ومدى تأثير هذه الضربة على القدرات المستقبلية لطهران بخصوص تخصيب اليورانيوم وتهديد المصالح الأمريكية بالمنطقة.
لقد استيقظنا جميعا على خبر ضرب الثلاث مفاعلات النووية بإيران نطنز وفوردو وأصفهان بقنابل GBU-57 bunker-busters على المفاعلات الثلاثة سابقة الذكر من خلال استخدام قاذفات شبح B-2 وطائرات الانزال عالية الدقة، بالإضافة إلى صواريخ توما هوك من الغواصات. كان هدف هذه العملية الوصول لأعمق المرافق المحصنة تحت الأرض بشكل أساسي وهو فوردو.
خرج علينا الرئيس الأمريكي يخبرنا بنجاح العملية وأن الهدف الصعب قد تحقق مقارنة بباقي الأهداف المحتملة ثم سمعنا حديثا عن مفاوضات ودعوة للسلام، فهل الإدارة الأمريكية تراوغ أم أنها تعلم جيدا قدرة النظام الإيراني على إعادة إنتاج نفسه حاملا معه تهديداته مرة أخرى في القريب العاجل؟
علينا أن نتساءل لماذا قررت الولايات المتحدة المشاركة أصلا في هذه الحرب وما التقارير التي أعتمد عليها ترامب جعلته يتخذ هذه القرار؟ لقد كانت هناك تقارير من معهد العلوم والأمن الدولي ISIS، تحديدا تقرير مايو 2025.
- أولى هاينو (نائب IAEA) سابقا، والذي أشار إلى قدرة إيران على إنتاج ثمانية رؤوس نووية في مدة لا تتجاوز 6 أشهر.
-وكالة الاستخبارات المركزية CIA من خلال مديرها السابق جيمس بيرنز صرح في أكتوبر 2024 أن ايران قد تكون قادرة على إنتاج مادة شديدة التخصيب تكفي لسلاح نووي في غضون أسبوع وغيرها من التقارير، بالإضافة للمعلومات الاستخباراتية التي قدمتها لهم تل أبيب تفيد بقرب وصول التخصيب لـ 90%.
ننتقل لما بعد ضرب المفاعلات النووية، وعلينا أن نتساءل، ما المخاوف الأمريكية التي قد تقودنا إلى اعتبار أن الهدف الأمريكي كان هدفا مرحليا ضمن سلسلة من الأهداف تنتهى حتما بإسقاط نظام الملالي في إيران؟
-لا يزال لدى إيران خبرات وتقنيات الطرد المركزي، فلو استطاعت إيران تخزين يورانيوم مخصب قد تصل لعتبة السلاح النووي في ظرف 3-8 أسابيع، وقد تتمكن من إنتاج رأس نووي وهذه الأمر يفترض وجود أماكن أخرى سرية.
كما أن إيران تمتلك خبرات وفنيين وبنية تحتية قد تمكنهم من إنهاء ما بدأوه، ومما يزيد المخاوف إزالة مواد من المفاعلات قبل ضربها مباشرة، والذي قد يُفسر على أن الهدف منه تقليل المخاطر المحتملة التي قد تترتب على ضرب المفاعلات. خطوات إيران المُعلنة التي اتخذتها من وقف التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مما يجعلها بعيدة عن الرقابة الدولية على نشاطها النووي.
السؤال: ما علاقة هذه الأمور بالنظام الإيراني نفسه؟
إن القيادات التي تحكم إيران منذ ثورة الخميني في عام 1979 لهم عقيدة سياسية صلبة أو جامدة، ونظام الحكم يجعل من رجال الدين في مكانة فوق مؤسسات الدولة، ويجعل القرار النهائي في يد المرشد الأعلى، وليس رئيس الدولة.. المرشد الأعلى الذي يُعتبر أعلى سلطة مطلقة داخل الدولة، والذي يؤمن كما قال الخميني صراحة: "إن إسرائيل غدة سرطانية يجب إزالتها من الوجود".
فالعداء هنا عداء ديني عقائدي تمارسه إيران من خلال تصديرها لثورتها عبر أذرعها في الشرق الأوسط، والتي بها تحاول العمل على تمكين الشيعة الموالين لها من الحكم (حزب الله، الحوثيين)، على خلاف إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية الذين يرون أن السنة حليف وليس الشيعة، وساعدوا على تغليب الحكم السني في العراق مثلًا (في الأنبار والموصل، إدارة ترامب تحديدًا)، وتيار المستقبل في لبنان، والجيش اللبناني، وتسليح المعارضة ضد النظام السوري الذي كانت تدعمه إيران.
النظام الإيراني نظام له شعبية ساحقة، وهذه تعتبر معضلة على الولايات المتحدة الأمريكية أن تدركها، حيث إن 92% من سكان إيران شيعة اثنا عشرية، ورغم التكتم على أعداد السنة الذين تتهمهم إيران أو تعتبرهم مصدر عمالة محتملة وتعاون مع الدول السنية، فكيف ستتمكن أمريكا من التخلص من نظام الملالي الذي استمر لأكثر من 45 عامًا وله قاعدة شعبية عريضة؟ هنا التحدي الذي ستعمل عليه، ربما بمحاولة تفكيك النظام تمامًا، مع تقديم دعم كامل للأقلية السنية وتغليبهم بامتلاك أدوات القوة، وحتى تتمكن من ذلك، فقد تتبع حربًا تهدف إلى تدمير إيران بشكل يضعف تمامًا الأغلبية الحاكمة، ودعم كامل للأقلية التي ستأتي بها إلى السلطة والتي قد عانت اضطهادًا لفترات طويلة.
يبدو أننا سنرى أحداثًا شديدة الخطورة وتهديدًا للدول التي لديها قواعد أمريكية كقطر والكويت، خاصة لو تأكد للنظام الإيراني أن هذه القواعد مُحتمل استخدامها لضرب أهداف إيرانية. فهل ستتمكن الولايات المتحدة من حماية حلفائها كما وعدتهم؟ أم أن امتلاك إيران للصواريخ الباليستية والرفط الصوتي، والتي تشكل تهديدًا قويًا لإصابة أهداف داخل دول ليس لديها القبة الحديدية التي تمتلكها إسرائيل؟ فإلى أي مدى قد تتحمل بنيتها التحتية ضربات إيران في مقابل الرد الأمريكي المحتمل وتحولها لساحات حرب؟
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوفد
منذ 33 دقائق
- الوفد
عاجل..: طهران توافق على وقف إطلاق النار بوساطة قطرية واقتراح أمريكي
ذكرت وكالة أنباء رويترز ، نقلا عن مسؤول إيراني كبير، إن طهران وافقت على وقف إطلاق النار مع إسرائيل بوساطة قطرية واقتراح أمريكي، وذلك حسبما أفادت قناة "القاهرة الإخبارية"، فى خبر عاجل لها منذ قليل. وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فجر اليوم الثلاثاء، أنه تم الاتفاق على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران. وفي حسابه على منصة "تروث سوشال"، كتب ترامب: "تهانينا للجميع! تم التوصل إلى اتفاق كامل ونهائي بين إسرائيل وإيران على وقف شامل وكامل لإطلاق النار (بعد نحو ست ساعات من الآن، عند انتهاء كل من إسرائيل وإيران من مهامهما الأخيرة الجارية)، وذلك لمدة 12 ساعة، وعندها سيتم اعتبار الحرب قد انتهت رسميا! ووفقا للاتفاق، ستبدأ إيران وقف إطلاق النار أولا، وبعد مرور 12 ساعة ستبدأ إسرائيل وقف إطلاق النار، وعند الساعة 24 سيتم إعلان النهاية الرسمية لـ"حرب الـ12 يوما" باحتفاء عالمي. وخلال كل مرحلة من وقف إطلاق النار، سيلتزم الطرف الآخر بالسلم والاحترام.

مصرس
منذ 37 دقائق
- مصرس
عاجل وقف إطلاق النار خلال 6 ساعات بين إيران وإسرائيل
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء الثلاثاء، عن التوصل إلى وقف إطلاق نار شامل وكامل بين إسرائيل وإيران، متوقعًا أن يدخل حيز التنفيذ خلال الساعات القليلة القادمة. و يأتي هذا الإعلان في وقت تتصاعد فيه حدة التوتر بين البلدين بعد سلسلة من الضربات المتبادلة والتصريحات المتصاعدة.وقال ترامب إن الجانبين وافقا على وقف جميع العمليات العسكرية الجارية، في إطار اتفاق سيستمر مبدئيًا لمدة 12 ساعة، ليتم بعد ذلك اعتبار الحرب منتهية رسميًا. ويأمل ترامب، حسب تصريحاته، أن يتحول هذا الاتفاق المؤقت إلى سلام دائم في المنطقة. ترامب: وقف إطلاق النار يبدأ خلال 6 ساعاتكتب الرئيس الأمريكي عبر منصته «تروث سوشيال» منشورًا جاء فيه: "تم الاتفاق بشكل كامل بين إسرائيل وإيران على وقف إطلاق نار شامل وكامل بعد نحو 6 ساعات من الآن، عندما تُنهي إسرائيل وإيران عملياتهما الأخيرة الجارية، لمدة 12 ساعة، وعندها تُعتبر الحرب منتهية."ووصفت وسائل إعلام أمريكية هذا الإعلان بأنه محاولة لتثبيت تهدئة شاملة تنهي ما وصفه ترامب ب "حرب قصيرة لكن خطيرة" بين الطرفين. نائب ترامب: "هذه أخبار جيدة.. لقد دمرنا قدرات إيران النووية"وفي مقابلة متلفزة أعقبت إعلان ترامب مباشرة، تحدث نائبه جيه دي فانس إلى شبكة فوكس نيوز، قائلًا: "كنا نعمل على ذلك بالفعل فور مغادرتي البيت الأبيض للمجيء إلى هنا. لذا، فهذه أخبار جيدة، أن الرئيس تمكن من إنجاز ذلك."وأشار فانس إلى أن إيران "لم تعد قادرة على تصنيع سلاح نووي بالمعدات التي كانت تمتلكها"، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة "دمّرت تلك القدرات" في الضربات الأخيرة. إيران وإسرائيل: لا تعليق رسمي حتى الآنورغم الإعلان الأمريكي، لم تصدر أي من الحكومتين الإيرانية أو الإسرائيلية تعليقًا رسميًا بشأن الاتفاق أو نفيه كما لم تؤكد طهران أو تل أبيب ما إذا كانت العمليات العسكرية الحالية ستتوقف فعلًا في الساعات المقبلة.وفي السياق ذاته، نقلت شبكة CNN عن مسؤول إيراني قوله إن طهران "لم تتلقَّ أي مقترح رسمي بشأن وقف إطلاق النار"، واصفًا تصريحات الولايات المتحدة وإسرائيل بأنها "خدعة سياسية".

مصرس
منذ 37 دقائق
- مصرس
أيمن سمير يكتب: 4 سيناريوهات للحرب الإسرائيلية
يقول نابليون بونابرت: «الحرب مثل الحب، لا بد أن يلتقى طرفاها وجهًا لوجه فى نهاية المطاف». وكل المؤشرات على الأرض تشير إلى أن الولايات المتحدة ستنخرط مباشرةً فى الحرب الإسرائيلية الإيرانية بعد انخراطها بشكل غير مباشر من خلال دعمها «المطلق وغير المشروط» للحملة العسكرية الإسرائيلية على إيران. كل ذلك رغم شهادة رئيسة المخابرات الوطنية الأمريكية تولسى جابارد أمام الكونجرس فى شهر «مارس (آذار)» الماضى، التى قالت فيها إن البرنامج النووى الإيرانى «سلمى تمامًا»، وإن وكالات المخابرات الوطنية الأمريكية المتعددة أكدت عدم وجود قرار سياسى أو إرادة سياسية إيرانية لبناء قنبلة نووية، أو امتلاك سلاح نووى، وهى شهادة تتفق مع التصريحات الجديدة لمدير الوكالة الدولية للطاقة النووية رفائيل جروسى بأن إيران «ليست قريبة» من تصنيع السلاح النووى، وأنها فقط زادت مستوى التخصيب إلى 60٪ وأنتجت 408 كيلوجرامات من اليورانيوم العالى التخصيب. رغم ذلك، قال الرئيس ترمب إنه لا يثق بكلام مديرة مخابراته، وإنه مقتنع تمامًا بالرواية الإسرائيلية التى تقول إن إيران كانت قريبة جدًّا من إنتاج السلاح النووى قبل الضربات الإسرائيلية على مفاعلات «نطنز» و«آراك» و«أصفهان» و«فوردو»؛ ولهذا يطلب ترمب من إيران «استسلامًا كاملًا وبلا أى شروط»، وهو أمر ترفضه إيران على جميع المستويات السياسية والعسكرية والدينية.هناك كثير من الشواهد على الأرض التى تشير إلى أن واشنطن تستعد للدخول مباشرةً بجانب إسرائيل فى حربها ضد إيران. أبرز تلك الشواهد هى إرسال واشنطن 30 طائرة «تانكر» من القواعد العسكرية الأوروبية إلى الشرق الأوسط، وهى الطائرات التى تعيد تموين الطائرات فى الجو، حيث تملك إسرائيل 7 طائرات فقط من هذا النوع. كما بدأت حاملات الطائرات الأمريكية مثل «يو إس إس نيميتز» فى التوجه نحو بحر عمان، وبات أكثر من ثلث القاذفات الأمريكية من طراز «بى-52»، التى تستطيع حمل قنابل يزيد وزنها على 32 ألف رطل، ترسو فى قاعدة «دييجو جارسيا» فى المحيط الهندى. تستطيع طائرات «بى-52» التحليق لمسافة 9 آلاف كيلومتر، فى حين أن المسافة ذهابًا وإيابًا من قاعدة دييجو جارسيا حتى إيران هى نحو 5 آلاف كيلومتر فقط، مما يشير إلى أن هذه القاذفات الإستراتيجية تستعد للهجوم على إيران.هناك أيضًا إستراتيجية أمريكية يطلق عليها «قطف الثمار»، تقوم على دخول الولايات المتحدة الحروب عندما يكون حلفاؤها فى طريقهم إلى النصر، وحدث ذلك فى أكثر من حرب، أبرزها «الحرب العالمية الثانية»، حيث دخلت واشنطن الحرب فى 7 ديسمبر (كانون الأول) 1941، مع أن الحرب بدأت قبل ذلك بأكثر من عامين فى الأول من سبتمبر (أيلول) 1939.تترافق كل هذه التحركات مع رفع واشنطن درجة التحذير لرعاياها وأهالى جنودها فى منطقة الشرق الأوسط، التى ينتشر فيها 42 ألف جندى. فما أدوات إيران للرد على أى مشاركة أمريكية مباشرة فى الحرب الإسرائيلية على إيران؟ وما السيناريوهات التى يمكن أن تنتهى بها تلك الحرب؟ وهل هدف واشنطن فقط من الذهاب إلى هذه الحرب هو تدمير مفاعل «فوردو»، أم أن هناك أهدافًا أخرى غير معلنة أبعد من ذلك بكثير؟خيارات إيرانيةرغم تدفق السلاح والذخيرة من الولايات المتحدة، و15 دولة فى الاتحاد الأوروبى، والدول السبع الصناعية الكبرى، إلى إسرائيل، ورغم دعم كل هؤلاء لما يسمى «بحق إسرائيل فى الدفاع عن النفس»، فإن لدى إيران سلسلة من الخيارات والأدوات، منها:1- إطالة زمن الحربوهى استراتيجية ستكون فى صالح إيران، حيث تكشف الأرقام أن إسرائيل لن تستطيع الاستمرار فى هذه الحرب أكثر من أسبوعين بمفردها. وفى حالة دخول الولايات المتحدة الحرب مباشرةً ضد إيران، يمكن أن تصبح كل من الولايات المتحدة وإسرائيل عالقتين فى مستنقع على غرار المستنقع الذى دخلته إسرائيل فى غزة ولا تستطيع الخروج منه حتى الآن، فالقراءة المتأنية لما يجرى فى الشرق الأوسط تشير إلى أن إسرائيل لديها «فرط فى القوة، وإفلاس فى السياسة». وكل الشواهد تقول إن الأداء العسكرى والميدانى الإيرانى يتحسن يومًا بعد يوم، بما يسمح ببدء معارضة أمريكية وإسرائيلية داخلية لاستمرار الحرب.هذا ما تشهده الولايات المتحدة الأمريكية، حيث ينقسم المعسكر الجمهورى بين مؤيد ومعارض لدخول الولايات المتحدة الحرب. ويقول أنصار تنظيم «لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى – ماجا» إنهم دعموا الرئيس ترامب ليكون «رئيس سلام» يوقف الحروب فى العالم، وليس ليدخل حربًا جديدة، وفى حالة عدم الاستماع إلى رأى هذه الشريحة الشديدة التأثير فى قرارات ترامب، فإن دخول واشنطن الحرب إلى جانب إسرائيل يمكن أن يضر بفرص فوز الحزب الجمهورى فى انتخابات التجديد النصفى للكونجرس فى نوفمبر (تشرين الثانى) 2026، وربما يضر أيضًا بفرص احتفاظ الجمهوريين بالبيت الأبيض فى انتخابات 2028.تأتى التحذيرات من أنصار ترامب بسبب الخوف من تكرار تجربة العراق مرة أخرى. ويردد هذا التيار الرافض لتورط الولايات المتحدة فى الحرب على إيران بأن الرئيس ترامب نفسه ظل ينتقد الحرب الأمريكية فى العراق، وعلى مدار أكثر من 20 عامًا كان ينتقد الرئيس الجمهورى الأسبق جورج بوش الابن؛ لأنه دخل العراق منذ 2003.2- تفخيخ مضيق هرمزيمكن لإيران أن تغلق مضيق هرمز، الذى تمر من خلاله نحو 20٪ من صادرات النفط البحرى فى العالم، عن طريق نشر «الألغام البحرية»، وحينئذ لن تمر أى سفينة، سواء أكانت تجارية أو عسكرية. وهذا الأمر سيكون له تأثير مدمر فى الاقتصاد العالمى، وسلاسل الإمداد العالمية، وحينئذ يمكن أن يصل سعر برميل النفط إلى 500 دولار؛ مما يغير الحسابات الداخلية ليس فقط فى الدول الأوروبية والآسيوية التى تشترى النفط؛ بل لدى الناخب الأمريكى الذى يحتل الأولوية الأولى لدى الرئيس الأمريكى، خاصةً أن الرئيس ترامب يقول دائمًا إنه يفضل أسعار النفط المنخفضة، وإنه يشجع الاستثمار فى استخراج النفط والغاز حتى لا ترتفع أسعار الطاقة، ومن ثَمّ يرتفع التضخم فى الولايات المتحدة الأمريكية.3- حلفاء إيرانحتى الآن تحتفظ إيران بورقة حلفائها وأذرعها فى المنطقة، لا سيما فى اليمن والعراق ولبنان. ودخول الولايات المتحدة الحرب، أو شعور النظام الإيرانى بأنه أمام «خطر وجودي»، يمكن أن يدفع كل حلفاء إيران فى المنطقة إلى دخول الحرب. ومع أن هؤلاء الحلفاء تعرضوا لضربات كبيرة ومؤلمة منذ «7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023»، فإن كل المؤشرات تقول إنهم ما زالوا يحتفظون بقدرات لا يمكن إغفالها أو التهوين منها، ويمكن أن يستهدفوا المصالح والرعايا الأمريكيين فى كل الإقليم العربى والشرق الأوسط.4- الصواريخ المتعددة الرؤوستشكل الصواريخ الإيرانية من طراز «خرمشهر»، الذى يصل مداه إلى نحو 2000 كيلومتر، ويحمل سلسلة من الرؤوس الحربية، وليس رأسًا واحدًا، ويشبه «القنابل العنقودية»، تحديًا كبيرًا لأنظمة الدفاع الجوى الأمريكية والإسرائيلية. ولم تستخدم إيران إلا نسبة ضئيلة من تلك الصواريخ التى تستطيع حمل رأس حربى يزن أكثر من 1500 كيلوجرام، ويتميز بسرعته العالية، وقدرته على المناورة لتفادى الدفاعات الجوية.اعترف الجيش الإسرائيلى بأنه يواجه تحديًا كبيرًا أمام تلك الصواريخ التى أصابت نحو 300 إسرائيلى فى رشقة واحدة يوم 19 يونيو (حزيران) الجارى فى بئر السبع بجنوب إسرائيل. وهذه الصواريخ تختلف عن كل الصواريخ «أرض – جو» العادية؛ لأنها عندما تنفجر فى الجو تطلق عددًا كبيرًا من «القنابل العنقودية» فى دائرة يصل قطرها إلى 8 كيلومترات، وتزن كل قنبلة 2.5 كيلوجرام، وهذا يمكن أن يزيد الضغط الداخلى على الحكومة الإسرائيلية التى عاشت الأسبوع الأول من الضربات فى «نشوة سياسية» غير مسبوقة، لكن استخدام تلك الصواريخ بكثرة يمكن أن يؤلب الجبهة الداخلية على حكومة نتنياهو.4 سيناريوهاتفى ظل ما تتمتع به إسرائيل من قدرات عسكرية، وتضامن الولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية معها، ومع القدرة المعروفة عن الإيرانيين فى احتواء الضربات وتحمل الألم، يمكن أن تطول هذه الحرب وتتحول إلى «حرب استنزاف» طويلة المدى. وهذا السيناريو ليس فى صالح إسرائيل والولايات المتحدة، ويمكن أن يقوض المكانة الدولية للولايات المتحدة الأمريكية، والانجراف إلى هذا السيناريو قد يكون نتيجة لاستمرار الحرب دون تحقيق إسرائيل أهدافها السياسية المعلنة من جانب نتنياهو وحكومته، مما يجعل تل أبيب تدخل مستنقعًا جديدًا، شبيهًا بمستنقع غزة.الثانى: سيناريو «الحرب الخاطفة»وهو السيناريو الذى تفضله الولايات المتحدة وإسرائيل، حيث تراهن تل أبيب وواشنطن على أن السيطرة الجوية على الأجواء الإيرانية تتيح لإسرائيل حرية حركة تجعلها قادرة على تدمير البرنامجين النووى والصاروخى فى أيام قليلة. ويدّعى نتنياهو أنه قصف 50٪ من منصات إطلاق الصواريخ الإيرانية قبل مرور أسبوع على الحرب؛ مما يعنى أن إسرائيل - وفق هذه الحسابات - تحتاج إلى أسبوع آخر لتحقيق أهدافها.لكن فى ظل الرد الصاروخى الإيرانى الذى بات يشكل «معادلة ردع» قوية ضد الضربات الإسرائيلية، يبدو تحقيق هذا السيناريو ممكنًا إذا نجحت الاتصالات التى يجريها ستيفن ويتكوف، مبعوث الرئيس ترامب، مع وزير الخارجية الإيرانى عباس عراقجى لوقف الحرب، لكن لا يمكن تصور أن تكون هناك «حرب خاطفة» فقط من الجانب الإسرائيلى، وتستسلم إيران.الثالث: سيناريو حرب الأطراف المتعددةويتحقق هذا السيناريو فى حالة دخول الولايات المتحدة الحرب إلى جانب إسرائيل، أو اغتيال إسرائيل للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية على خامنئي؛ فعندئذٍ سيدخل حلفاء إيران لاستهداف المصالح الأمريكية فى المنطقة.الرابع: سيناريو «الحرب بالوكالة»بعيدًا عن الولايات المتحدة وحلفاء إيران الإقليميين، وإذا طالت هذه الحرب، يمكن أن تدخل أطراف إقليمية ودولية أخرى إلى الحرب، خاصةً الدولُ والتياراتُ التى يمكن أن تتضرر مصالحها من هزيمة إيران، أو إضعافها؛ فعلى سبيل المثال، تُعدّ إيرانُ شريكًا وحليفًا كبيرًا لكل من بكين وموسكو، وقد سبق لطهران أن وقعت معهما اتفاقيات إستراتيجية وذات مدى زمنى طويل، وليس من مصلحة الصين أو روسيا أن تنهار إيران، أو يسقط نظامها، أو تتفتت جغرافيتها.* باحث فى العلاقات الدوليةينشر بالتعاون مع مركز الدراسات العربية الاوراسية