logo
الاقتصاد ينمو والفقر يزيد

الاقتصاد ينمو والفقر يزيد

جريدة الرؤيةمنذ 3 أيام
علي بن سالم كفيتان
أن ينمو الاقتصاد وتتراجع المديونية وتزداد الفوائض المالية، وفي الجانب الآخر زيادة في مستويات الفقر، وتقلص في فرص العمل، وارتفاع التضخم؛ فهذه معادلة بحاجة إلى إعادة النظر عن كثب، لمعرفة أين مكمن الخطأ؟
فعندما يزيد النمو الاقتصادي وتقل المديونيات، لا بد من انعكاس ذلك على الوضع الداخلي في هيئة ارتفاع الأجور، وزيادة فرص العمل، وتقليص الفقر والعوز، وهذا بدوره يقود إلى مستويات أعلى من الرفاه والرضا الاجتماعي. والعكس صحيح؛ ففي بلدان عدد سكانها قليل، ودخلها جيد نسبيًا من الثروات المتعددة، لم يعد مقبولًا أن يُضغط الناس لتحمل سياسات تقشفية ليس لها أفق محدد.
تُعد فترة الخمس سنوات كافية للحكم على توجهات الإصلاحات السياسية والاقتصادية في أي بلد، وهي كذلك تكفي لكي يشعر الناس بتحسن مستويات المعيشة، وارتفاع الدخل، وتوفر الفرص الوظيفية. إذ لا يمكن المضيّ أبعد من هذه المسافة دون تبعات أليمة، تكون عبارة عن انعكاس طبيعي لتفشي نشاطات غير حميدة، كالتهريب والإدمان، وحتى الانخراط في أعمال عابرة للحدود. فنشاط المنظمات التي تشجع على العنف ينمو ويترعرع في مثل هذه الظروف، ولا عجب أن نرى اليوم ارتفاعًا غير مسبوق في مستويات تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية، ووصولها إلى العنصر النسائي، وهذا ما كشف عنه مؤخرًا مصدر مسؤول في الادعاء العام.
بات الشباب اليوم في سلة واحدة: من يملك مستويات تعليمية ومهارات عالية، ومن لا يملك، ولا خيار أمامهم سوى البدء من الرصيف، وتكفف الشركات المملوكة للوافدين في معظمها. وهؤلاء بدأوا في التفنن بإيذاء الشباب وإذلالهم في سبيل طلب لقمة العيش، ابتداءً من الأجور الزهيدة، والتسريح القسري، وانتهاءً بالمنافسة غير العادلة مع أبناء جلدتهم ممن ليس لديهم التزامات، مقارنةً بأبناء الوطن المطلوب منهم إعالة أسرهم، والزواج، وتأسيس بيت، وبناء الاستقرار الوظيفي.
كل هذه الظروف باتت معدومة اليوم، مما يولّد ارتباكًا فكريًا لدى هذه الطبقة المهمة من المجتمع؛ فالبعض استسلم، والبعض يقاوم الواقع، وفي داخله سخط كبير قد لا يُبديه، لكنه يظل كامنًا في نفسه وينمو مع الوقت، فكلما طالت المدة، تعاظم مستوى السخط وعدم الرضا، حتى يجد الظروف المناسبة للتعبير عنه، وهذا ما لا نرغب في الوصول إليه.
في آخر أغسطس من هذا العام 2025، يتم من جرى اختيارهم لقيادة أول حكومة في العهد المتجدد خمس سنوات في مناصبهم، ولا شك أن البعض قدّم مستويات عالية من الأداء في مؤسساتهم، والبعض ظل ساكنًا ولم يواكب التغيير، وركن للأساليب التقليدية، فناخت مؤسساتهم في منتصف الطريق، وقد يكون بعضها حُمّل ما لا يُطيق. والفئة الثالثة كانت ذات مردود سلبي انعكس على الوطن من خلال توليد الإحباط، ونمو السخط، ورسم الصورة الباهتة للوطن، والدفع بخيارات ضعيفة كحلول، والتمترس خلفها، والدفاع عنها باستماتة رغم رفضها من المجتمع، وعلو صوت عدم قبول تلك الممارسات الترقيعية التي لم تُفضِ إلى نتيجة.
ومن هنا، ومن واقع النهج السامي لجلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- في وضع مؤسسات تتابع وتُقيّم الأداء على مختلف المستويات في بلادنا، نتوقع تعديلًا جوهريًا في قادم الأيام، يُنصف المميزين من القيادات الوطنية التي أثبتت جدارتها، ويُنحي من أخفق، ويقود إلى تصحيح عاجل في بعض الملفات المهمة والحساسة.
علينا في المرحلة القادمة أن نراجع بتمعن منظومة الضرائب، ورفع الدعم عن الخدمات العامة، وسياسات التشغيل، ودراسة الأجور، وقانون الحماية الاجتماعية، وأن نمنحها الأولوية التي تستحق، وردم الفراغات التي ولدتها المرحلة الماضية، من خلال بعث الأمل في الشباب، وتعظيم مستويات القوى الناعمة كالإعلام الرصين الذي يحمل رسالة، والرياضة التي ترفع العلم في أهم الأحداث العالمية وبلوغ المنصات، والفن الإبداعي في مختلف المجالات. هذا بدوره يعظم الهوية، ويُرسّخ الولاء للتراب الوطني، ولا شك أن كل ما يُوجّه به المقام السامي -رعاه الله- يصب في هذا الاتجاه، ونحن على يقين أن جلالته يمنح الأولوية لمثل هذه التوجهات.
لا يمكن لأحد أن ينكر ما تحقق لتصحيح المسار الاقتصادي، ومكافحة الفساد، وهيكلة أجهزة الدولة، وتوحيد أنظمة التقاعد، وتأسيس نظم منصفة للتقييم الفردي والمؤسساتي في البلاد، في إطار التأسيس لمنهج العدالة الاجتماعية بين جميع أفراد المجتمع. وجميعها كانت مطالب ينادي بها الناس قبل يناير 2020، فأصبحت اليوم واقعًا ملموسًا، وتخضع بشكل دوري للتقييم والمراجعة، لما فيه صالح المواطن والمقيم في عُمان.
وحفظ الله بلادي.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

جلالة السُّلطان المعظم يهنئ الرئيس التونسي
جلالة السُّلطان المعظم يهنئ الرئيس التونسي

عمان اليومية

timeمنذ 3 ساعات

  • عمان اليومية

جلالة السُّلطان المعظم يهنئ الرئيس التونسي

جلالة السُّلطان المعظم يهنئ الرئيس التونسي العُمانية: بعث حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - برقية تهنئة إلى فخامة الرئيس/ قيس سعيد رئيس الجمهورية التونسية بمناسبة ذكرى عيد الجمهورية. تضمنت تهاني جلالة السُّلطان الطيبة وأمنياته الخالصة لفخامة الرئيس بدوام التوفيق والسداد في قيادة شعب بلاده الشقيق، وتحقيق المزيد من التطلعات والإنجازات.

جلالة السلطان يعزي الرئيس الروسي ويهنئ رئيس المالديف
جلالة السلطان يعزي الرئيس الروسي ويهنئ رئيس المالديف

عمان اليومية

timeمنذ 3 ساعات

  • عمان اليومية

جلالة السلطان يعزي الرئيس الروسي ويهنئ رئيس المالديف

جلالة السلطان يعزي الرئيس الروسي ويهنئ رئيس المالديف العُمانية: بعث حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ أبقاهُ الله ـ برقيـة تعزية ومواساة إلى فخامة الرئيس فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحادية، في ضحايا تحطم طائرة مدنية في منطقة تيندا شرقي روسيا. أعرب جلالة السلطان المعظم فيها عن خالص تعازيه وصادق مواساته لفخامته والشعب الروسي الصديق وأسر الضحايا. كما بعث حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ برقية تهنئة إلى فخامـة الدكتور محمد مويزو رئيس جمهوريـة المالديف بمناسبة العيد الوطني لبلاده. تمنى جلالة السُّلطان خلالها لهذا البلد بقيادة فخامة الرئيس تحقيق المزيد من التقدم والازدهار والاستقرار، ولعلاقات التعاون والاستثمار بين البلدين النمو والتوسع في مختلف المجالات.

ذكرى عيد العرش المجيد في المغرب.. ملاحم متجددة من التنمية والتحديث والبناء
ذكرى عيد العرش المجيد في المغرب.. ملاحم متجددة من التنمية والتحديث والبناء

جريدة الرؤية

timeمنذ 5 ساعات

  • جريدة الرؤية

ذكرى عيد العرش المجيد في المغرب.. ملاحم متجددة من التنمية والتحديث والبناء

طارق الحسيسن يحتفل الشعب المغربي في الثلاثين من يوليو الجاري بالذكرى السادسة والعشرين لاعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، عرش أسلافه الميامين، وهي مناسبة وطنية جليلة تحمل في طياتها العديد من الرموز والدلالات التي تعبر عن عمق أواصر الولاء والبيعة والتلاحم الوثيق بين العرش العلوي المجيد والشعب المغربي الوفي، وتكريس الالتزام الراسخ بمواصلة مسارات التنمية والبناء والتحديث، وتحقيق النموذج التنموي المغربي المتميز الذي أرسى دعائمه صاحب الجلالة، نصره الله، باعث نهضة المغرب الحديث، وفق مقاربة قوامها النمو الاقتصادي المستمر والتنمية المستدامة والتضامن الاجتماعي والحكامة الجيدة. إن تخليد هذه الذكرى الغالية لعيد العرش المجيد، يشكل لدى كل المغاربة قاطبة مناسبة للتأمل في منجزات العهد الزاهر لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وهي لحظة سياسية مهمة لرسم معالم العشرية الثالثة من حكم جلالته الزاهر، والتي جعلت من إرساء الدولة الاجتماعية هدفا استراتيجيا ومحورا أساسيا لها يقوم على العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة، من خلال تعزيز المكتسبات المحققة، والعمل على انتهاج النموذج التنموي الجديد وفق الرؤية الملكية المتبصرة والسديدة. على الصعيد الدبلوماسي، تواصل المملكة المغربية بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، الإسهام الفاعل والمؤثر في القضايا الإقليمية والدولية، وفق رؤية ملكية سامية سديدة، مبنية على الحوار وحسن الجوار واحترام سيادة الدول ودعم الأمن والسلم الدوليين وتكريس التعاون الدولي وترقية حقوق الإنسان وتحقيق التنمية المستدامة. وفي هذا الإطار، فإن المغرب يعمل جاهدا، منذ سنوات، من أجل تفعيل الاتحاد المغاربي، وتعزيز العمل العربي المشترك، والدفاع عن القضايا المصيرية للأمتين العربية والإسلامية، وفي مقدمتها قضية الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف في إطار حل الدولتين ووفقا للمرجعيات الأممية ذات الصلة. كما إن التوجه الإفريقي أضحى محددا ثابتا واستراتيجيا في السياسة الخارجية المغربية، والتي بفضل ديناميتها، حققت نتائج مهمة على مستوى دعم التنمية في عدد من البلدان الإفريقية، وفق قاعدة الكسب المشترك والمنفعة المتبادلة، والتنمية الجماعية المستدامة للقارة، وهو ما تمت بلورته فعليا وعلى أرض الواقع من خلال المبادرة الأطلسية التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس -نصره الله- لتعزيز ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، وفق رؤية ملكية سامية طموحة ومبتكرة. وفيما يخص واقع العلاقات المغربية العمانية وآفاقها، لا بد من التذكير أن هذه العلاقات الأخوية المتينة والراسخة والمتميزة بين البلدين الشقيقين والقائمة على الثقة المتبادلة والتعاون والتنسيق المثمر والبناء والتضامن المتواصل، عرفت وستعرف مزيدا من التقدم والتطوير إلى آفاق أرحب، في ظل القيادة الحكيمة والرشيدة لقائدي البلدين المبجلين صاحب الجلالة الملك محمد السادس -نصره الله، وأخيه صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه، والذي نتمنى لجلالته بهذه المناسبة السداد والتوفيق في قيادة الشعب العماني الشقيق نحو مزيد من التقدم والازدهار والرخاء. وفي هذا الصدد، ينبغي التذكير أن العلاقات المغربية العمانية، تعززت خلال الفترة الأخيرة بالتوقيع -بمناسبة انعقاد الدورة السابعة للجنة المشتركة المغربية العمانية بمسقط بتاريخ 13 أبريل 2025، برئاسة معالي وزيري خارجية البلدين الشقيقين- على عدد من الاتفاقيات الثنائية ومذكرات التفاهم شملت العديد من القطاعات الحيوية والمهمة، كالرياضة والرقمنة وتبادل الخبرات بين وزارتي العدل بالبلدين ومجال الطاقة المتجددة والمجال السياحي والاعتراف بالشهادات الصادرة بموجب أحكام الاتفاقية الدولية لمعايير التدريب والإجازة والخفارة للملاحين لعام 1978 وتعديلاتها، إضافة إلى استمرار التشاور والتنسيق على مختلف المستويات بين مسؤولي البلدين الشقيقين، من أجل إبرام اتفاقيات جديدة تخص مجالات تعاون أخرى كالتعاون الأمني والعسكري وغيرها، فضلا عما تعرفه العلاقات الثقافية والعلمية من زخم متميز. ويظل الطموح قائما للدفع بالعلاقات الاقتصادية بين البلدين الشقيقين إلى مستويات أرحب، خاصة في ظل توفر كل الظروف المواتية لتحقيق ذلك من موقع استراتيجي متميز، ومؤهلات اقتصادية كبيرة، وبيئة استثمارية جاذبة، فضلا عن وجود إطار قانوني غني يغطي كافة مجالات التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين. وفي الختام، أغتنم هذه المناسبة لأتقدم إلى كافة أفراد الجالية المغربية المقيمة بسلطنة عمان، بأحر التهاني بهذه المناسبة الغالية، وأتمنى لهم مزيدا من التقدم والنجاح، كما لا يفوتني أن أعبِّر عن جزيل الشكر وعظيم الامتنان والتقدير العالي لكل المؤسسات والهيئات الرسمية والخاصة بهذه الأرض الطيبة المعطاء، التي أبت إلا أن تعبر لنا عن تهانيها بالذكرى السادسة والعشرين لعيد العرش المجيد. ** سفير صاحب الجلالة ملك المغرب، عميد السلك الدبلوماسي

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store