logo
"مراسلون بلا حدود" تطالب بجلسة طارئة لمجلس الأمن لحماية صحفيي غزة

"مراسلون بلا حدود" تطالب بجلسة طارئة لمجلس الأمن لحماية صحفيي غزة

الجزيرةمنذ يوم واحد
تواجه حرية الصحافة في قطاع غزة تحديا وجوديا حقيقيا، مع وصول عدد الصحفيين الذين استشهدوا إلى أكثر من 200 صحفي خلال 22 شهرا من العمليات العسكرية الإسرائيلية، في رقم وصفته منظمة مراسلون بلا حدود بالفظيع الذي يستحق التوقف عنده واتخاذ كل التدابير اللازمة لإيقاف هذه المجزرة المرتكبة بحق الصحفيين.
وفي هذا السياق، أكد رئيس قسم الأزمات في المنظمة، مارتن رو، أن ما شهدته غزة من استهداف لصحفيي الجزيرة ليس حادثا معزولا، بل يمثل نمطا متكررا من العمليات المنهجية ضد الإعلاميين.
وتحمل الحادثة الأخيرة تشابها مقلقا مع استهداف سابق وقع في 31 يوليو/تموز 2024، عندما استهدف الجيش الإسرائيلي الصحفيَين إسماعيل الغول ورامي الريفي من قناة الجزيرة بضربة مباشرة.
ويبدأ هذا النمط المتكرر وفقا لرو بحملة تشويه وإساءة إلى الصحفيين المستهدفين، تليها عملية القتل المباشرة، في محاولة لتبرير هذه الجرائم المقصودة.
ويضع هذا الرقم "المرعب" من الضحايا المجتمع الدولي أمام مسؤولية عاجلة لاتخاذ رد فعل قوي وحاسم، الأمر الذي دفع منظمة مراسلون بلا حدود للمطالبة بعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، استنادا إلى القرار الصادر عام 2015 لحماية الصحفيين في مناطق النزاع، والذي يلزم الدول بالاجتماع عند تعرض الإعلاميين للخطر.
ويضع التجاهل الإسرائيلي المستمر للقوانين والقرارات الدولية هذه القوانين في موضع الاختبار الحقيقي، حيث تجد إسرائيل -كما يوضح رو- باستمرار حججا ظاهرية لارتكاب هذه الجرائم، مما يثير تساؤلات جدية حول فعالية الآليات الدولية الحالية لحماية الصحفيين.
ورغم هذا التجاهل الصارخ، تؤكد منظمة مراسلون بلا حدود وجود أدوات وأوراق لم تُستخدم بعد من جانب المجتمع الدولي لإجبار الجيش الإسرائيلي على احترام القانون الدولي.
وتوضح أن هذه الأدوات قادرة على إلزام إسرائيل بوقف هذه المجزرة المرتكبة بحق الصحفيين، شريطة أن تجد الإرادة السياسية الكافية لتفعيلها.
إعلان
ويرى رو أن محاسبة الجيش الإسرائيلي تمثل ضرورة حتمية لمنع الإفلات من العقاب، الذي يعني في نهاية المطاف أن القانون الدولي فقد قوته وفعاليته.
شكاوى أمام المحكمة
وفي هذا السياق، تقدمت منظمة مراسلون بلا حدود بـ4 شكاوى إلى المحكمة الجنائية الدولية بسبب جرائم الحرب المرتكبة من قبل الحكومة الإسرائيلية بحق الصحفيين.
وتسير هذه الشكاوى حاليا عبر الإجراءات القانونية المطلوبة، لكن ضرورة الوضع تستدعي تحركا أسرع وأكثر فعالية، كما يتطلب الوضع الحالي استجابة فورية تتناسب مع حالة الطوارئ التي يواجهها الصحفيون الفلسطينيون المستهدفون بشكل مباشر ومنهجي.
وتتطلب الحماية الفورية للصحفيين إجراءات عملية عاجلة -يضيف رو- تشمل تأمين العلاج الطبي للصحفيين المصابين خارج قطاع غزة، وتوفير مأوى آمن للصحفيين الفلسطينيين الذين يواصلون عملهم في ظروف بالغة الخطورة، وضمان وصولهم إلى الحماية الدولية اللازمة لمواصلة مهمتهم الإعلامية الحيوية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وفد من حماس إلى القاهرة وأنباء عن مسعى لصفقة شاملة
وفد من حماس إلى القاهرة وأنباء عن مسعى لصفقة شاملة

الجزيرة

timeمنذ 6 دقائق

  • الجزيرة

وفد من حماس إلى القاهرة وأنباء عن مسعى لصفقة شاملة

قالت مصادر مطلعة للجزيرة نت إن وفدا قياديا من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) برئاسة خليل الحية سيتوجه إلى القاهرة اليوم الثلاثاء بدعوة مصرية للقاء مسؤلين مصريين غدا. وتأتي الزيارة وسط سعي إلى "بلورة مقترح جديد لوقف إطلاق النار" في قطاع غزة ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر فلسطيني قوله إن الوفد سيبحث مع المسؤولين المصريين "جهود مصر والوسطاء حول مفاوضات وقف النار وتبادل الأسرى". وقال مصدر فلسطيني آخر للوكالة إن "الوسطاء بصدد بلورة مقترح جديد لاتفاق شامل لوقف النار"، وإنهم يناقشون "أفكارا بعضها حول هدنة مدتها 60 يوما، ثم مفاوضات لوقف إطلاق نار طويل الأمد، وصفقة تبادل كل الأسرى الإسرائيليين الأحياء والأموات دفعة واحدة". إلا أنه استدرك قائلا "حتى الآن، لا يمكن القول إن هناك جديدا يدعو للتفاؤل لا سيما أن الاحتلال دأب على تعطيل أي اتفاق". كما نقلت الوكالة عن مسؤول في حماس رفض ذكر اسمه القول إن الحركة "لم تتلق حتى اليوم أي مقترح جديد بشأن وقف النار"، لكنه شدّد على أن حماس "جاهزة للتوصل لاتفاق في حال قرّر الاحتلال وقف الإبادة والعدوان وإنهاء الحصار والسماح بتدفّق طبيعي للمساعدات". مزاعم إسرائيلية وعلى الصعيد نفسه ادعى إعلام إسرائيلي أن مصر عرضت على حركة حماس صفقة شاملة تنص على إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لديها ونزع سلاحها مقابل وقف إطلاق النار بقطاع غزة وإطلاق سراح فلسطينيين. وقالت"هيئة البث الإسرائيلية الرسمية،" بأن وفدا من حماس وصل العاصمة المصرية القاهرة "لبحث مبادرة جديدة تشمل صفقة شاملة لإطلاق سراح 50 إسرائيليا ـ جميع الأسرى أحياء وجثثا ـ مقابل نزع سلاح الحركة والإفراج عن سجناء أمنيين فلسطينيين ". وتتحدث المبادرة ـ بحسب ادعاء الهيئة ـ عن "خطة انسحاب جديدة للجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، تحت إشراف مشترك عربي أميركي، حتى يتم التوصل إلى حل دائم لقضية نزع سلاح "حماس" وشكل إدارة القطاع. وفي ضوء المبادرة الجديدة "يتوجب على حماس الالتزام بتجميد نشاط جناحها العسكري ونزع سلاحه، مع ضمانات من الوسطاء الدوليين"، بحسب الهيئة. وأشارت الهيئة إلى اعتقاد فريق التفاوض والوسطاء بإمكانية تجاوز الفجوات بين الطرفين، لافتة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيل بنيامين نتنياهو وصف شروط حماس خلال جولة المفاوضات الأخيرة بأنها "شروط استسلام" لإسرائيل، ما حال دون التوصل لاتفاق آنذاك. وتأتي هذه الادعاءات غداة تصريح وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أن بلاده تدفع باتجاه "اتفاق كامل وصفقة شاملة" تنهي الحرب في قطاع غزة، دون تفاصيل. وتقوم مصر وقطر والولايات المتحدة بجهود وساطة بين إسرائيل وحركة حماس للتوصل الى وقف إطلاق النار في قطاع غزة. واستمرت آخر جولة مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين في الدوحة أسابيع برعاية الوسطاء، قبل أن تنتهي في 25 تموز/يوليو من دون ان تسفر عن نتيجة. وخلال المفاوضات التي جرت في يوليو/تموز الماضي، طالبت حماس بانسحاب ملموس من المناطق التي يتواجد فيها الجيش داخل قطاع غزة مع تقليل "عمق المناطق العازلة التي يبقى فيها الاحتلال خلال الـ60 يوما، وتجنب المناطق الكثيفة السكان لضمان عودة معظم الفلسطينيين إلى أماكنهم". فيما رفضت إسرائيل ذلك، وأصرت على التواجد داخل القطاع مع زيادة عمقها في بعض المناطق مثل محور " فيلادلفيا" على طول الشريط الحدودي مع مصر، وفق القناة 12 الإسرائيلية. ولأكثر من مرة، رفضت حماس أي مقترح لنزع سلاح المقاومة أو خروجها من قطاع غزة، مشددة على أن أي ترتيبات لمستقبل القطاع يجب أن تكون بتوافق فلسطيني. وخلال المفاوضات الماضية، اشترطت حماس ضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة وتوزيعها عبر الآلية الأممية دون تدخل إسرائيلي، مع تعديلها على خريطة انسحاب إسرائيل من القطاع.

ماذا ينتظر العرب والمسلمين في المرحلة القادمة؟
ماذا ينتظر العرب والمسلمين في المرحلة القادمة؟

الجزيرة

timeمنذ 8 دقائق

  • الجزيرة

ماذا ينتظر العرب والمسلمين في المرحلة القادمة؟

لم تعد الأمة العربية والإسلامية عند مفترق طرق فحسب، بل بلغت شفا جرف هار، قد ينهار بمن فيه: الحاكم والمحكوم، الظالم والمظلوم، الشاهد والمشهود، بكل الأيديولوجيات دون استثناء، وبالناس وآمالهم وطموحاتهم، وبمستقبل أبنائنا وأجيالنا القادمة. لذا، فإن السؤال الذي لا بد من طرحه هو: ما الذي ينبغي علينا فعله في مواجهة أزمة بهذا الحجم؟ إدراك الأزمة! حين ندرك حجم الأزمة وعمقها، نكون قد تجاوزنا عالم الغرائز والمشاعر، والجزع والحزن، والأسى والألم، والحسد والحقد، والخوف والتربص، والتخوين والتأفف، وكل ما يكشف عن التشققات العميقة في بنية الأمة، وعن اختلافاتها المرعبة. تلك المشاعر، التي تشبه أمواجا متلاطمة، يصعب إدراكها أحيانا لعمقها وتقلبها، ولعشوائية حركتها وفجائيتها. لذلك، فإن إدراك الأزمة ونحن نعيشها، هو أصعب ما في الأمر. وربما يظن البعض أن ذلك واضح لا يحتاج نقاشا، لكن طبيعة الأزمة التي نمر بها تفرض هذه الأسئلة. مثلا، كان سؤال ما قبل الربيع العربي يتمحور حول طبيعة أنظمة الحكم. ومع اندلاع الربيع العربي، ظهرت أسئلة أعمق بشأن قوى الإصلاح والمعارضة، حتى بتنا نتساءل عن مدى استعداد الناس أصلا، في بعض الدول، لتبني شعارات كالحرية والحقوق والديمقراطية، والتي بدأت الأزمة تطالها بالتشكيك في مدى قابليتها للتطبيق. ثم جاء السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وطرح علينا أسئلة أعمق حول هويتنا العربية والإسلامية، وكينونتنا، وهل نحن فعلا أمة؟ وهل لدولنا أدوار وظيفية تخدم مصالح الولايات المتحدة الأميركية؟ أم تسعى فقط إلى تثبيت مقاعد الحكم؟ أم إنها مجرد ضحايا لظروف ومتغيرات قاسية، لا تتيح لها اتخاذ قرارات يتوق إليها كثير من العرب؟ هذه الأسئلة الحفرية، التي ترافق الأزمات العميقة المحيطة بنا، تؤكد أن المطلوب هو إدراك الأزمة، لا من خلال محاولة الربط النظري بين قضايا متفرقة، كما حاول الإصلاحيون عبر التاريخ وانتهوا إلى الفشل، فمثل هذه المقاربة تقود دائما إلى نظرية، ثم إلى أيديولوجيا جديدة، ومن ثم إلى جدل لا ينتهي، وهو منهج متكرر في أدبيات الإصلاح العالمية. هذا ما يسمى "التفكير المحدب"، أي الذي يسعى لاستكشاف خيط ناظم ينتهي إلى نظرية شاملة، تتحول لاحقا إلى أيديولوجيا. أما ما نحن بحاجة إليه اليوم، فهو "التفكير المقعر"، أي التعامل مع الأزمة باعتبارها لغزا يحتاج إلى حل، والبحث عن الحلول من خلال أدوات تفكير أفقية، تمتد كشبكة، لمعرفة أسهل الطرق للوصول إلى نتيجة عملية. في كتابه "بنية الثورات العلمية"، يشير توماس كون إلى هذه المنهجية، ويؤكد أن الأزمات تحتاج لهذا النمط من التفكير. لذلك، فإننا نخطئ تماما عندما نفكر تفكيرا محدبا، هدفه بناء نظرية كبرى سرعان ما يكذبها الواقع، وتؤدي لاحقا إلى خلاف أيديولوجي جديد. علينا أن ندرك الأزمة التي نعيشها كما ندرك اللغز، وننخرط جميعا في محاولة حله: المفكرون، والعلماء، والمسؤولون، وأصحاب الرأي، كلٌ في موقعه، بما لديه من مسؤولية. ذلك ما يعزز قدرتنا على التعاون، ويجعلنا نعي أن الأزمة معقدة ومركبة، وأن أي محاولة لاختزالها ستقود إلى استنزاف الموارد والعلاقات، وستضعف من تأثيرنا وفاعليتنا، فضلا عن خطورة التصرفات الفردية في أوقات الأزمات المعقدة. الواقعية والمثالية ثمة مسلمات تمنعنا من ممارسة التفكير المقعر، وفي علوم الإدراك تعرف هذه الظاهرة بـ"المرجعية". فنحن نعيد كل ما نسمعه إلى تلك المرجعيات البسيطة التي نحملها، ومن خلالها إما نقبل ما نسمع أو نرفضه، لا سيما إذا كانت تلك المسلمات متصلة بمشاعر دفينة فينا. تفكيك هذه المشاعر والمسلمات أمر بالغ الصعوبة، وقد يجعل من التفكير في لغز تخلفنا محاولة مثالية بحتة. فكيف يمكن أن يقنع الحاكم بمعارض يراه تهديدا؟ أو أن يتحقق تصالح بين الحاكم والمحكوم؟ مثلا: كيف يمكن تجاوز حاجز الخوف من إسرائيل بوصفها "محرك السياسة في المنطقة"، في ظل سردية تقول إن مواجهتها ستؤدي إلى زعزعة النظام السياسي والاجتماعي في كل من يناهضها؟ ما يجب فعله هو تجاوز هذه الحواجز، ومراجعة العديد من العوائق التي تمنعنا من التفكير كأمة، أو كبشر تجمعهم ذاكرة مشتركة، ويتهددهم مستقبل مظلم. لا واقعية هنا ولا مثالية. ثمة فقط: رضا بالواقع لأنه يرضي غرائزنا، وامتناع تام عن التفكير بطريقة مختلفة. البديل المقنع وإذا كنا لا نرغب بطرح الأسئلة الصعبة التي تتجاوز مسلماتنا الراسخة، فلن نجد أي بديل حقيقي يقدَم أمامنا. غزة كشفت لنا بشكل جلي عن عجزنا التام، وأننا أسرى لنظام عالمي تقوده الولايات المتحدة، وأن الصورة الذهنية المرسومة عنا في هذا العالم- من قبل من يحكمونه- صورة سيئة للغاية. وهذا لم يتكون بين ليلة وضحاها. ربما أسهمت حرب غزة في تعديل هذه الصورة، ولكننا ما زلنا بعيدين عن المستوى الذي يمكننا من صناعة سرديات عن منطقتنا، وعن العرب والمسلمين. والسبب أننا ممزقون، متفرقون، مختلفون، إلى درجة نفقد فيها الحد الأدنى من التماسك الفكري الضروري لبناء سردية قادرة على تغيير النظرة النمطية. لا يوجد بديل. كل ما نقوم به هو ردود أفعال لا تتبع رؤية إستراتيجية واضحة، مما يجعل الاستنزاف حالة مستدامة. فالمفاجآت والسرديات الطارئة يصعب التعامل معها في ظل التفكك الداخلي الذي نعانيه. لذا، فإن الوقوف عند الأسئلة الأساسية، ومواجهة هذه الخلافات والشروخ بوضوح، هو البديل الوحيد الذي يمكن أن يفصلنا عن ماضٍ يريد حجب المستقبل. غزة وسرديتها أحداث غزة أسقطت كثيرا من السرديات التي هيمنت على الخطاب في المنطقة، ومنها تلك التي وضعت المعارضة- في بعض البلدان- في خانة الخونة والعملاء لإسرائيل، وصورت الدول كضحايا لتآمر المعارضة مع الخارج. لم تعد هذه الرواية منطقية. ولم تعد دول المنطقة أهدافا لاختراقات استخباراتية أجنبية؛ فهي أصلا لا تتناقض مع مصالح الغرب. وفي المقابل، فإن السردية النقيضة التي تتهم تلك الدول بالعمالة للغرب أيضا لا تخدم أحدا. فهناك بالفعل ظروف وخيارات شديدة الصعوبة يواجهها المسؤولون في هذه الدول. وهذا ما يجب أن يكون واضحا، حتى نتمكن من تجاوز هذه السرديات، فالكل يرتبط بالغرب بطريقة أو بأخرى. غزة زعزعت كثيرا من التشققات الذهنية التي تسيطر على عقولنا: التشققات المذهبية، ثنائية الحاكم والمحكوم، وتنازع التيارات الفكرية. جمعت العالم على كلمة سواء، وهدف مشترك. الأزمة التي نتابعها لحظة بلحظة في غزة حركت فينا الغريزة والوعي معا، ولم تعد هناك محرمات فكرية تعيق الوصول إلى الحقيقة. حينها يمكن للناس أن يجتمعوا حول فكرة. وهذا ما ينبغي أن نفعله. ولا يتحقق ذلك إلا بتسريع إدراكنا للأزمة، والشعور العميق بها، وهو ما يسميه الفيلسوف الكندي بول ثاجارد بـ"إدراك الإدراك"، أي بناء مظلة معرفية نصور بها أنفسنا داخل الزمن التاريخي، ما يسمح لنا بتخيل واقع أفضل إذا تخلصنا من التشققات التي تمنعنا من الخيال أصلا. سقوط المدخل الثقافي لقد سادت عقول كثيرين فكرة أن المدخل الثقافي هو طريق التغيير، فأعادونا إلى عمق التاريخ، واستغرقوا في ترف الاستقراء المستمر لنمط التاريخ. نوع من "التاريخانية" التي دحضها كارل بوبر بوضوح في كتابه "المجتمع المفتوح". تلك "التاريخانية" نفسها سادت الفكر العربي، وإن أردنا أن نكون منصفين، فإن مدارس الإدراك الحديثة، وعلوم الأعصاب، والتجارب السلوكية، كلها تناقض فكرة أن تخلف الإنسان سببه ثقافته، كما يدعي أنصار هذا الاتجاه. ولا ننسى أن كثيرا من الكتب الفكرية لا تمر بمراجعة أكاديمية صارمة، مما يجعلها ذات طبيعة تعبوية وانتقائية في المراجع والاستشهادات. وبالتالي، فإن غاية هذا المدخل تبقى تغيير ثقافة الناس، وهو أمر لا يمكن ضبطه أو حتى فهمه بدقة. فالثقافة اليوم لم تعد هي ذاتها التي تكلم عنها مفكرون كمالك بن نبي، أو تلك التي صاغها عبدالوهاب المسيري كنموذج معرفي، أو حتى تلك التي ناقشها الجابري وطه عبدالرحمن تحت عنوان "العقل العربي". بعد الربيع العربي، عادت الأيديولوجيا لتتصدر النقاش، وتجددت الخلافات حول القضايا الكبرى، بما فيها التاريخية، في محاولة لحل إشكالات بنيوية في الدولة، لكنها لم تفضِ في النهاية إلى أي حلول عملية. نقاش سقوط المدخل الثقافي أطلت فيه سابقا، لكن ما يجب إدراكه هو أن التغيير ممكن ولا يتطلب زمنا طويلا. فهم الناس، وعلاقاتهم، وبيئاتهم، قد يكون أسهل بكثير من تغيير الثقافة. وهذا لا يعني أن المشروع الثقافي عاقر، ولكن النقاش في القضايا الكبرى جرنا إلى طريق مسدود. وبالطبع، لا يتوقف الأمر عند السرديات، بل هناك مثلث معروف يتصل أيضا بالمواقف والحلول المطروحة. فالوصول إلى عمق السرديات قد يمهد لعقلنة التفكير. وهذا تماما ما فعله اليهود بعد المحرقة. لقد طردوا من معظم الدول: أميركا اللاتينية، أميركا الشمالية، بريطانيا، وكانوا منبوذين في أوروبا، ثم انتهى بهم المطاف إلى السيطرة على أوروبا والمملكة المتحدة، بسردية ذات فاعلية تدعي امتلاكهم المال والقدرة على التأثير، وسلسلة من التحويلات المالية التي أفضت في النهاية إلى "وعد بلفور"، الذي بدأ بـ"إلى عزيزي روتشيلد". السرديات والمشاريع علينا أن نبحث عن سردية جامعة، بدلا من الغرق في النظرة المعيارية التي لن تقودنا إلا إلى هاوية لا قرار لها. هناك انقسامات مذهبية، انقسامات سياسية، مشاريع متضاربة، سلطات قوية تتربص بمعارضة ضعيفة، وشعوب تغشاها الحيرة والجهل، وتحلم بمستقبل أفضل لكنها تائهة في ضباب الحاضر، مثقلة بمآسي الماضي. من الصعب أن نكرر أنفسنا بأسلوب استقرائي لنصل إلى نتائج مغايرة. استمرارية الأزمة تفرض علينا أن نغير من أدوات التفكير جذريا: كيف نزيل الحواجز التي تفرقنا؟ كيف نبحث عن سردية جامعة؟ كيف نطمئن كل طرف على مصالحه؟ كيف نقنع الآخر بالتنازل عن شيء من كبريائه أو غضبه أو جشعه؟ كيف نخاطب الغرائز والعواطف، وكل ما هو في اللاوعي، بأسلوب وسلوك واضحين، حتى نصل لاحقا إلى العقلانية؟ الدماغ بطبيعته يبسط الأمور المعقدة كي نستوعبها. وبفهمنا تلك الحواجز، يمكننا تسميتها، ومحاورتها، وتفكيكها، وصولا إلى توافقات صغرى قد تنمو إلى حلول كبرى. فتح الحوار، على مستويات متدنية، مع الإدراك أن الانحيازات والانقسامات لا ترتبط بالمنطق، بقدر ما تدار من مشاعر خفية تحرك كل طرف للحفاظ على مصالحه السياسية أو الاقتصادية. المعركة في العقول، والسلاح في المشاعر، والواقع وحده يصدق أو يكذب هذا الافتراض. نقطة التحول الثلاثية هذا النوع من الحوار يمكن أن يأخذ أشكالا مؤسسية، من خلال جمعيات أو منتديات مخصصة لهذا الغرض. وهذا ليس أمرا جديدا في التاريخ. فعندما حوكم غاليليو بسبب نظريته عن مركزية الشمس، بدأ العلماء في فرنسا في القرن السابع عشر يؤسسون جمعيات ثقافية يلتقي فيها أصحاب الأفكار المرفوضة كنسيا. وكان من بين أبرزهم الراهب والعالم مارين مارسين، الذي أصبح غطاء فكريا لعدد من العقول الكبرى مثل: رينيه ديكارت، توماس هوبز، جان جاك روسو، وغيرهم. تكرر الأمر في أسكتلندا، حيث خرج علماء كآدم سميث وديفيد هيوم، ثم ظهر في فيينا فيما سمي بـ"مدرسة فيينا"، وبعدها في المدرسة القارية التي شكلت أساس ما بعد الحداثة. كلها لم تعمل بطريقة هرمية، بل من خلال شبكات من الحوار والمراسلات والتجريب الفكري، حتى صارت تيارا يربط بين الجميع، ويمكن الحاكم والمحكوم من حفظ ماء وجهيهما. ومن هنا، لا بد أن نصل إلى ثلاث قضايا أساسية، حتى إن انتقص الاتفاق فيها من بعض القيم أو المعتقدات، فإنها ستعد مكاسب في مواجهة الانزلاق المتسارع. هذه القضايا الثلاث هي: التضامن. تعدد الشرعيات. نقطة التحول المشتركة. الأولى، لأنها تخلق مناخ التوافق العام. والثانية، لأنها تقصي منطق الإقصاء، وتعترف بأن شرعية السرديات متعددة وتشمل الجميع، بمن في ذلك الحكام. أما الثالثة، فهي التحول المشترك الذي يجب التوافق عليه، شريطة أن يتم التغيير فيه بطريقة متدرجة، لا توحي لأي طرف بأنه سيتعرض للخديعة أو الانقلاب عليه، كما حدث بعد الربيع العربي.

القسام تكشف عن عمليات نفذتها الشهر الماضي بالشجاعية
القسام تكشف عن عمليات نفذتها الشهر الماضي بالشجاعية

الجزيرة

timeمنذ 35 دقائق

  • الجزيرة

القسام تكشف عن عمليات نفذتها الشهر الماضي بالشجاعية

كشفت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) عن عمليات نفذتها الشهر الماضي ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي بحي الشجاعية في مدينة غزة. وقالت القسام إنها استهدفت دبابة ميركافا ب قذيفة الياسين 105 شرق حي الشجاعية في مدينة غزة في 4 يوليو/تموز الماضي، وبعدها بيوم استهدفت بالقذائف منزلا داخله جنود وأوقعتهم بين قتيل وجريح. وفي التاسع من الشهر الماضي أيضا، قالت القسام إنها قنصت 3 جنود وأوقعتهم بين قتيل وجريح في المنطقة ذاتها. وتواصل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة عملياتها ضد جيش الاحتلال ضمن ردودها على حرب الإبادة الجماعية التي تواصل تل أبيب ارتكابها منذ نحو 22 شهرا. عمليات أخرى وأمس الاثنين، أعلنت القسام في 3 بيانات قصف موقعين عسكريين إسرائيليين وقنص جنديين للاحتلال بقطاع غزة. ورغم التوغل الإسرائيلي في مساحات واسعة من غزة فإن الاحتلال لم يفلح حتى اليوم في إيقاف العمليات التي تقوم بها المقاومة ضد قواته ونقاطه العسكرية داخل القطاع وكذلك القصف الصاروخي الذي يستهدف مدنا وبلدات إسرائيلية بين الفينة والأخرى. ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ترتكب إسرائيل بدعم أميركي إبادة جماعية في غزة تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت الإبادة الإسرائيلية 61 ألفا و499 شهيدا و153 ألفا و575 مصابا من الفلسطينيين وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين، بينهم عشرات الأطفال.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store