logo
"غزة العِزّة" ليست للبيع!

"غزة العِزّة" ليست للبيع!

الدستور١٠-٠٢-٢٠٢٥

كانت منطقتنا، على مدار تاريخها القديم والمُعاصر، ولا زالت، مطمعًا لكل القوي الطامحة للهيمنة، ومحطًّا للإمبراطوريات الساعية للنهب والسيطرة.. مَرَّ عليها المغول، والفرس، والأغريق، والرومان، والفرنجة، والانجليز، والفرنسيين، والعثمانيين،.. وظنوا جميعًا أن هذه الأرض دانت لهم، بما فيها ومَن عليها، حتى أصبحوا فوجدوا أنفسهم مطرودين منها، يحملون أمتعتهم ويرحلون غير ماسوف عليهم، ملعونين ومهزومين!
وما أشبه اليوم بالبارحة!، ففي الحقبة المعاصرة التي واكبت التخطيط لفرض المشروع الصهيوني ـ الاستعماري الاستيطاني، تواترت المؤتمرات وتنوعت اللقاءات بهدف رسم الخرائط، وترسيم الحدود، وتدبير الترتيبات... التي تسعى جميعها لوضع اليد على منطقة، هي الأهم من حيث التموضع الجغرافي الاستراتيجي، والأغني من حيث الثروات والمغانم الدفينة!
ويُمكن ـ على سبيل المثال ـ رصد بعض "المحطات" الأساسية في هذا المسار، من أهمها: "المؤتمر الصهيوني الأول" برئاسة "تيودور هرتزل"، (بازل ـ سويسرا، 29 أغسطس 1897)، مؤتمر "كامبل بنرمان"،(لندن ـ 1907)، والذي ضمَّ الدول الاستعمارية المُهيمنة آنذاك: بريطانيا ـ فرنسا ـ هولندا ـ بلجيكا ـ أسبانيا ـ إيطاليا.. (وروسيا القيصرية كمراقب)، واستهدف إيجاد مُخطَّطات وآليات عمل تحافظ على ديمومة تفوق وسيطرة الدول الاستعمارية على مصائر المنطقة، و"اتفاقية سايكس ـ بيكو" البريطانية ـ الفرنسية عام 1916، لاقتسام الهيمنة على دول المنطقة بين الإمبراطوريتين الكبيرتين، و"وعد بلفور" الذي أصدرته بريطانيا في نوفمبر 1917، دعمًا لتأسيس "وطن قومي لليهود في فلسطين"، وأخيرًا مشروع "برنارد لويس" المُكلّف لإنجازه، عام 1980، من وزارة الحرب الأمريكية، بهدف إعادة ترسيم خرائط المنطقة، من خلال تمزيقها إلي "دويلات صغيرة ضعيفة، على أساس عرقى وطائفى ومذهبى، فى سبيل تحقيق حلم دولة ما يُسمى «إسرائيل الكبرى»، والسيطرة على الأماكن الغنية بالنفط والثروات الطبيعية."
ويرى البعض من المفكرين والكُتّاب الوطنيين المحترمين، ألَّا حاجة بنا للاهتمام (الزائد) والانشغال الفائق بخطة "التهجير" لأبناء الشعب الفلسطيني من قاطني قطاع غزة، التي أطلقها الرئيس الأمريكي "ترامب"، والتي مضمونها "ترحيل" أهالي غزة إلى خارجها، إلى مصر والأردن وغيرها من البلدان التي تقبل إيوائهم، إذ "ليس أمام الفلسطينيين ـ كما أشار الرئيس الأمريكي مِرارًا ـ من بديل؛ إلّا مُغادرة غزة!"، التي "ستتولى الولايات المتحدة السيطرة عليها، وسنقوم بعمل هناك أيضًا: سوف نمتلكها!!" كما صرّح "ترامب".. "فمن شأن ذلك أن يؤدي إلى إنشاء "ريفييرا الشرق الأوسط".. إن حيازة هذه القطعة من الأرض، وتطويرها، وخلق آلاف الوظائف، سيكون أمرًا رائعًا حقًا"!!
ويستند أصحاب هذا الرأي إلى نظريات في العلاقات العامة والتمويه السياسي، تُشير إلى أن "ترامب" يقصد من هذه "المناورة" صرف الأنظار عن مُبتغاة الأساسي، وهو الهيمنة على هيئة العمل الداخلية الأمريكية الخطيرة، وكسر عظام مؤسسات "الدولة العميقة"، التي يعتقد في أنها تناصبه العداء، وكذا للسيطرة على تريليونات الدولارات التي تتحكّم فيها، وخاصةً هيئات "المُجمّع الصناعي العسكري"، وأجهزة الاستخبارات الأمريكية الهائلة، وأهمها جهاز الـ … (C.I.A) التي لا يثق في تبعيتها وولائها.
وبالفعل فإن هذا المسار يقتطع جانبًا مُهم من جهد "ترامب" وأعوانه، غير أن ذلك لا يمنع أن "حاسة" "ترامب"، كمقاولٍ احترف انتهاز الفرص، لا تريد أن تغادر غزة بإغراءاتها الكبيرة، وأهمها الغاز والشواطئ والممرات التجارية العالمية القادمة من الهند، البديلة لممرات "الحزام والطريق" الصيني.. وهو مستمرٍ في الدعوة والعمل على اقتناص غزة حتى اليوم، وكانت آخر تصريحاته بهذا الشأن: "ملتزمٌ بشراء غزة وامتلاكها، وقد أمنح أجزاءٍ منها لدول أخرى في الشرق الأوسط لإعادة بنائها"! في الوقت الذي يعزف "نتنياهو" وقطعانه نفس النغمة، فوزير الطاقة في عصابته الإجرامية، "إيلي كوهين"، يُصَرِّح بأن "مَن يُريد إقامة دولة فلسطينية فليفعل ذلك على أرضه"، أما مجرم الحرب رئيس الوزراء الصهيوني، فمستمرٌ في ترديد أكاذيبه واختراع تخاريفه، فهو في لقاء مع "فوكس نيوز ـ 9 فبراير 2025)، يتهم مصر، لا إجرامه وإجرام كيانه، بأنها "حوَّلت غزة إلى "سجنٍ كبير" برفضها تهجير الفلسطينيين"!، ومؤكدًا النيّة، مع حاميه وسنده، "ترامب"، أن: "إسرائيل صغيرة جدًا"... "ولا يُمكننا أن نكون أصغر من ذلك"! مُبينًا العزم على اغتصاب مايمكن اغتصابه مما تبقي من التراب الوطني الفلسطيني، بعيدًا عن مخالب اللص الصهيوني المحترف!
*******
غزة رمز العِزّة والكبرياء، ودون مُزايدة أو ادِّعاء ليست للبيع، وأهلها لم يُفوضوا أحدًا للحديث باسمها أو اسمهم، وهم باقون رغم الثمن الباهظ، والتضحيات الرهيبة، وعدوهم إلى زوال ولو بعد حين، وهم يُسجلون تاريخهم البطولي بالدم الأحمر القاني، بينما، كما كتب الأستاذ عاصم عبد الخالق (الأهرام 9 فبراير 2025)، ومعه كل الحق: فإن "تُجَّار العقارات لا يكتبون التاريخ؛ ولا يصنعونه، ولا يعرفون معنى الوطن"!

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

محلل سياسى يكشف سبب تغير الموقف الدولى تجاه إسرائيل
محلل سياسى يكشف سبب تغير الموقف الدولى تجاه إسرائيل

الدستور

timeمنذ 6 ساعات

  • الدستور

محلل سياسى يكشف سبب تغير الموقف الدولى تجاه إسرائيل

قال المحلل السياسي نزار نزال، إن التحول الجذري في هوية إسرائيل من دولة علمانية إلى دينية متطرفة هو السبب الرئيسي في تغير الموقف الأوروبي والدولي تجاهها، وليس فقط شلال الدماء المتواصل في قطاع غزة. وأوضح نزال، خلال مداخلة للنيل الإخبارية، أن المجتمع الدولي ظل صامتًا طويلًا تجاه الجرائم الإسرائيلية، بما في ذلك استهداف المشافي وحرق المنشآت الطبية وقتل المدنيين، متسائلًا: "أين كانت بريطانيا وفرنسا وكندا وكل من يدعي الإنسانية حينها؟". وأكد أن التبدل الأخير في المواقف الغربية ليس مدفوعًا بالتعاطف الإنساني، بل بسبب صدمة أوروبا من المشهد الجديد لإسرائيل كدولة دينية يقودها حاخامات ورجال دين متشددون مثل إيتمار بن غفير، وبتسلئيل سموتريتش. وأشار إلى أن أوروبا تاريخيًا تعاني من إرث مؤلم مع حكم الكنيسة والتطرف الديني، لذلك بدأت تنظر بقلق متزايد إلى إسرائيل التي فقدت صفتها كدولة ليبرالية ديمقراطية، كما تم الاتفاق عليه في مؤتمر "كامبل بنرمان" في أوائل القرن العشرين. وأضاف "نزال"، أن الحديث الحالي عن "حل الدولتين" ليس سوى وهم، مشيرًا إلى أن إسرائيل قتلت هذا الحل تمامًا بعد أن أقرت قوانين تمنع أي حكومة مناقشة قيام دولة فلسطينية دون موافقة 80 عضوًا من الكنيست.

الأسهم الأوروبية تغلق الجمعة على انخفاض حاد بعد تهديدات فرض رسوم على الاتحاد الأوروبي
الأسهم الأوروبية تغلق الجمعة على انخفاض حاد بعد تهديدات فرض رسوم على الاتحاد الأوروبي

جريدة المال

timeمنذ 12 ساعات

  • جريدة المال

الأسهم الأوروبية تغلق الجمعة على انخفاض حاد بعد تهديدات فرض رسوم على الاتحاد الأوروبي

انخفضت الأسهم الأوروبية بشكل حاد يوم الجمعة بعد أن صعّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تهديداته بفرض رسوم جمركية على الاتحاد الأوروبي وشركة آبل العملاقة للهواتف الذكية، مما أثار مخاوف من حرب تجارية عالمية مدمرة، بحسب وكالة رويترز. صرح ترامب بأنه يوصي بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على السلع الواردة من الاتحاد الأوروبي اعتبارًا من 1 يونيو، مما سيؤدي إلى فرض رسوم جمركية صارمة على السلع الفاخرة والأدوية وغيرها من السلع. كما هدد شركة آبل بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على أي أجهزة آيفون تُباع، ولكن لم تُصنّع، في الولايات المتحدة. صرحت ليندسي جيمس، الخبيرة الاستراتيجية في شركة كويلتر: "تُنذر هذه الخطوة الأخيرة بتصعيد شامل للحرب التجارية العالمية. ستعاني الأسواق الأوروبية، مما يُضعف بعض الزخم القوي الذي شهدناه في الأشهر الأخيرة". وأضافت: "ما سيحدث لاحقًا لا يزال مجهولًا، ولكن من غير المرجح أن يستسلم الاتحاد الأوروبي ببساطة بعد هذا التطور الأخير". أغلق مؤشر ستوكس 600 الأوروبي منخفضًا بنسبة 0.9%، مسجلاً أول انخفاض أسبوعي له في ستة أسابيع. وسجل المؤشر أكبر انخفاض يومي له منذ 9 أبريل. تعرض مؤشر أسهم منطقة اليورو لضربة حادة بنسبة 1.5%، مع احتواء الانخفاضات في مؤشر فوتسي 100 في لندن، حيث توصلت البلاد إلى اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة في وقت سابق من هذا الشهر. ارتفع مؤشر يورو ستوكس للتقلب إلى أعلى مستوى له في أكثر من ثلاثة أسابيع. تعافى مؤشر ستوكس 600 من انخفاضه في أوائل أبريل بعد أن هدأت الاتفاقيات التجارية بين الولايات المتحدة وبعض الشركاء التجاريين المخاوف بشأن التوترات التجارية. يوم الجمعة، قادت السيارات وقطع الغيار، التي من المتوقع أن تتلقى أكبر ضربة من الرسوم الجمركية، الانخفاضات الأوسع نطاقًا بنسبة 3.1%. وتراجعت البنوك الحساسة اقتصاديًا بنسبة 1.8%، بينما انخفض مؤشر السلع الفاخرة بنسبة 2.7% نظرًا لانكشافها الشديد على السوق الأمريكية.

خبير: يوم أمريكي ساخن يكشف خللًا أمنيًا في قلب واشنطن
خبير: يوم أمريكي ساخن يكشف خللًا أمنيًا في قلب واشنطن

بوابة الفجر

timeمنذ يوم واحد

  • بوابة الفجر

خبير: يوم أمريكي ساخن يكشف خللًا أمنيًا في قلب واشنطن

قال محمد مصطفى أبو شامة مدير المنتدى الاستراتيجي للفكر والحوار، إنّ اليوم هو يوم أمريكي ساخن حيث شهد تزامن حادثين بارزين، الأول هو الحادث الذي يتعلق بالمتحف اليهودي، والثاني هو حادث مقر وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA)، لافتًا، إلى أن كلاهما يشير إلى جود توتر أمني كبير داخل الولايات المتحدة، ليس مرتبطا في المقام الأول بما يجري في الشرق الأوسط فقط، بل قد يكون من تداعيات الأسابيع الأولى من ولاية الرئيس دونالد ترامب، والمتغيرات التي شهدتها الولايات المتحدة خلال ما تجاوز 100 يوم من حكمه. وأضاف أبو شامة، في مداخلة هاتفية مع الإعلامية فيروز مكي، عبر قناة "القاهرة الإخبارية": "هناك ملفات كثيرة مفتوحة، وهناك الكثير من الضحايا لكل قراراته المختلفة التي تم اتخاذها منذ دخوله البيت الأبيض في ولايته الجديدة، وهو ما يفتح مجال الشك أمام الكثير من الجهات والكثير مما يوصفون بأنهم ضحايا ترامب في الفترة الأولى من ولايته". وتابع: "كلا الحادثين إذا تعاملنا معهما على أنهما حادثا اقتحام حقيقيان، فإنهما يكشفان عن وجود خلل أمني واضح في تأمين أماكن مهمة، في ظل سقوط قتلى من موظفي السفارة الإسرائيلية صباح اليوم في منطقة قريبة من مقر الاستخبارات الأمريكية، وهو ما يسلط الضوء على خلل أمني واضح في تأمين مواقع حساسة داخل واشنطن، وهناك الحادث الثاني، الذي طال امرأة قرب بوابة CIA وإن لم تتضح تفاصيله بشكل كامل بعد، إلا أن التحقيقات جارية لتحديد أسباب تواجدها في ذلك الموقع الحساس، وما إذا كان الأمر عرضيًا أم مرتبطًا بسيناريو أوسع". وأشار، إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تعيش لحظات عصيبة، وتموج بالتيارات الفكرية والسياسية وما يحدثه ترامب من حراك سياسي قوي في المجتمع الأمريكي، ربما يسهم بالمزيد من العنف والتوتر، كما أن عمليات الانفلات الأمني ظهرت في الولاية الأولى لعهد ترامب بكثافة كانت ملحوظة. وواصل: "أعتقد أن ما يحدث اليوم من أحداث ربما يكون بداية لسخونة في الداخل الأمريكي، بعضها قد يكون مرتبطا بالشرق الأوسط، والبعض الآخر مرتبط بما يجري من قرارات أو تداعيات للقرارات التي تم اتخاذها من قبل الرئيس الأمريكي".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store