
'الدولية للطاقة الذرية' تكشف نتائج الاستهداف الإسرائيلي لمنشآت إيران
قال مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، إن منشأة تخصيب اليورانيوم في نطنز لم تتعرض لأضرار إضافية منذ الضربات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع نووية في إيران يوم الجمعة الماضي، مشيرًا إلى تدمير منشأة التخصيب السطحية دون رصد هجوم على القاعة التحت أرضية.
وأضاف غروسي، في إحاطة قدمها إلى مجلس محافظي الوكالة ونقلتها هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي، أن الهجوم ألحق أضرارًا بأربعة مبانٍ في مركز أصفهان للتكنولوجيا النووية، من بينها مصنع لتحويل اليورانيوم، بينما لم تُسجّل أي أضرار في منشأة فوردو الواقعة تحت الأرض.
وأعلنت إسرائيل مسؤوليتها عن العدوان الذي قالت إنه استهدف وقف تطوير إيران لسلاح نووي، بينما نفت إيران تلك المزاعم، وأكدت أن برنامجها النووي سلمي بحت، مطالبةً مجلس محافظي الوكالة المكوّن من 35 دولة بإدانة الهجوم الإسرائيلي بشدة.
وأوضح غروسي أن الوكالة تراقب الوضع في إيران عن كثب، مشيرًا إلى أن الهجوم دمّر الجزء العلوي من منشأة 'تجريبية' لتخصيب الوقود في نطنز.
كما شملت الأضرار تدمير البنية التحتية الكهربائية في نطنز، بما في ذلك محطة فرعية ومبنى تغذية كهربائية ومولدات طوارئ، فيما أشار غروسي إلى أن انقطاع الكهرباء قد يكون أثر على أجهزة الطرد المركزي في القاعة التحت أرضية، رغم عدم وجود مؤشرات لهجوم مباشر عليها.
وأكد وجود تلوث إشعاعي وكيميائي داخل المنشآت المتضررة، لكنه طمأن إلى أن مستويات الإشعاع خارج المواقع لم تتغير وبقيت ضمن الحدود الطبيعية. وفيما زعمت إسرائيل أن الهجوم ألحق أضرارًا بالقاعات التحت أرضية في نطنز، إلا أن الوكالة الدولية لم تؤكد هذه المعلومات، ولم يتم تقديم أدلة من الجانب الإسرائيلي حتى الآن.
وفي ما يخص منشآت أصفهان، قال غروسي إن الأضرار شملت مختبرًا كيميائيًا مركزيًا، ومصنعًا لتحويل اليورانيوم، ومنشأة لإنتاج وقود مفاعل طهران، بالإضافة إلى مبنى قيد الإنشاء لتحويل سادس فلوريد اليورانيوم إلى يورانيوم معدني.
وبحسب الجيش الإسرائيلي، فإن الضربة على أصفهان 'فككت منشأة لإنتاج اليورانيوم المعدني وبنية تحتية لإعادة تحويل اليورانيوم المخصب، ومختبرات إضافية'، إلا أن الوكالة أشارت إلى أن مستويات الإشعاع في الموقع لم تتغير.
وفي المقابل، قالت وكالة 'إسنا' الإيرانية إن منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم تعرّضت لأضرار محدودة، غير أن الجيش الإسرائيلي لم يقرّ بتنفيذ أي ضربات هناك. وأوضح غروسي أن الوكالة لم ترصد أضرارًا في فوردو ولا في مفاعل خنداب للمياه الثقيلة قيد الإنشاء.
وحذر غروسي من تصاعد التوتر العسكري، داعيًا إلى أقصى درجات ضبط النفس، مشيرًا إلى أن استمرار التصعيد يهدد الأرواح ويزيد خطر حدوث تسرّب إشعاعي له عواقب خطيرة على البيئة والناس.
وفي سياق متصل، وصف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الهجمات الإسرائيلية بأنها 'انتهاك صارخ للقانون الدولي'، معربًا عن أمله في أن يصدر مجلس محافظي الوكالة إدانة واضحة. وأضاف أن الضربات الصاروخية الإيرانية على إسرائيل منذ يوم الجمعة كانت 'ردًا على العدوان'.
ووفقًا لوزارة الصحة الإيرانية، فقد أسفرت الضربات الإسرائيلية عن مقتل أكثر من 220 شخصًا منذ يوم الجمعة، في حين أفادت السلطات الإسرائيلية بمقتل 24 إسرائيليًا جرّاء الصواريخ الإيرانية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 3 ساعات
- Independent عربية
هل تستطيع إسرائيل تدمير البرنامج النووي الإيراني؟
قد يسجل قرار إسرائيل مهاجمة البرنامج النووي الإيراني في الـ12 من يونيو (حزيران) الجاري في التاريخ كبداية لحرب إقليمية كبرى، والمنعطف الذي ربما قاد إيران في نهاية المطاف إلى امتلاك أسلحة نووية، لكن هذه الضربات قد تذكر أيضاً باعتبارها اللحظة الأولى منذ عقود التي لم يعد فيها العالم يواجه خطر القنبلة الإيرانية. على مدار سنوات، درس المحللون النتائج المحتملة لمثل هذا الهجوم وتوصلوا إلى توقعات متباينة للغاية. والآن، سيكتشف الجميع أياً من هذه التوقعات كان دقيقاً. في الواقع، لا يزال من المبكر جداً تحديد ما ستكون عليه النتيجة. وقد يستغرق الأمر أسابيع قبل أن يفهم الخبراء الحجم الكامل للضرر الذي ألحقته إسرائيل، أو ما إذا كانت طهران ستتعافى وكيف ستفعل ذلك. فالهجمات، في نهاية المطاف، لم تنتهِ بعد. ولكن على رغم أنه قد يكون من المبكر في الوقت الراهن الحكم على الآثار الطويلة المدى لضربات إسرائيل، فإن المحللين يدركون ما يجب مراقبته عند تقييم النتائج. وبعبارة أخرى، يمكن للخبراء تحديد العوامل التي ستقرر ما إذا كانت الضربات قد نجحت في حرمان إيران من القدرة على امتلاك أسلحة نووية. بعض هذه العوامل قابل للقياس. فعلى سبيل المثال، لكي تتمكن إسرائيل من إيقاف قدرة إيران على صنع سلاح أو إبطائها بصورة جدية، كان ينبغي لضرباتها أن تحرم إيران من المواد اللازمة لتزويد المفاعلات النووية بالوقود. وكان يجب عليها تدمير المعدات الضرورية لصناعة الأسلحة. كما كان عليها، في الأقل جزئياً، أن تقضي على المعرفة التي تحتاج إليها إيران لتحويل جميع موادها إلى قنابل، لكن العامل الأخير هو الأقل وضوحاً. ولكي تنجح الهجمات الإسرائيلية بصورة كاملة، ينبغي أن تكون قد أقنعت إيران بإعادة النظر في جدوى مشروعها النووي. في الحقيقة، نجحت الهجمات الإسرائيلية في تدمير عدد كبير من محطات الطاقة، والمباني، والبنية التحتية التي تحتاج إليها إيران لبرنامجها النووي. علاوة على ذلك، أظهرت إسرائيل قدرتها على مهاجمة أهداف داخل إيران بدرجة كبيرة من الحرية، لكن النجاح لا يزال غير مضمون، نظراً إلى الاستثمارات الكبيرة التي وضعتها إيران في التحصينات الدفاعية، وتمسكها بالبرنامج، وأنظمتها الاحتياطية، والصعوبة الجوهرية التي تنطوي عليها مهمة إسرائيل. مجهولات معروفة حتى الآن، تبدو الأضرار الناجمة عن هجمات إسرائيل على المنشآت النووية الإيرانية متباينة. ووفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، فقد استهدف أخطر موقع تخصيب لليورانيوم في إيران وهو منشأة "فوردو"، ولكن لا يوجد تأكيد على اختراق دفاعاته أو تدمير أجهزة الطرد المركزي الموجودة فيه والمقدرة ببضعة آلاف. كذلك لا توجد مؤشرات إلى أن إسرائيل قد جعلت مخزون إيران من اليورانيوم المخصب غير صالح للاستخدام. وإذا كان هذا المخزون لا يزال متاحاً، وإذا كانت أجهزة الطرد المركزي لا تزال سليمة، فقد تتمكن طهران من إعادة بناء برنامج أسلحتها النووية في غضون أسابيع فقط. فعلى سبيل المثال، يمكنها نقل مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة إلى "فوردو" (أو إلى موقع سري) من أجل زيادة تخصيبه، مما يمنحها بسرعة ما يكفي من اليورانيوم لصنع قنبلة نووية. ولكن في سبيل صنع سلاح نووي فعلياً تحتاج إيران إلى أكثر من مجرد يورانيوم مخصب بدرجة إنتاج الأسلحة. فهي في حاجة أيضاً إلى معدات معالجة لتحويل اليورانيوم إلى معدن، وتشكيله إلى مكونات سلاح، ثم تجميع السلاح نفسه. وسيكون من الصعب تنفيذ كل هذه الخطوات في خضم الحرب، خصوصاً في ظل الجهود العالمية المستمرة منذ عقود، والتي هدفت إلى حرمان إيران من الحصول على هذه المعدات. كما أن المحللين لا يعرفون مدى اقتراب إيران من القدرة على إنتاج رأس حربي يمكن تركيبه على صاروخ، على رغم أن وكالات الاستخبارات كانت قد قدرت أن ذلك سيستغرق من إيران أشهراً عدة. ومع ذلك لا يزال هناك كثير من الأمور المتعلقة ببرنامج إيران النووي يجهلها الخبراء. فعلى سبيل المثال، قبل الضربات بفترة قصيرة، قدمت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريراً شاملاً حول عديد من الأسئلة العالقة المرتبطة ببرنامج إيران النووي، وبخاصة الأعمال السابقة المتعلقة بالتسلح. بعض هذه الأسئلة يركز على موقع وجود المعدات التي قد تكون مفيدة لإنتاج الأسلحة، وهي معدات قد تستخدمها إيران في الوقت الراهن. وقد يكون عملاء الاستخبارات الإسرائيلية على علم بمكان تخزين هذه المعدات، وربما دمروها في هجماتهم الأخيرة (أو يخططون لتدميرها قريباً). ومن السذاجة التقليل من شأن قدرات الاستخبارات الإسرائيلية في إيران، بالنظر إلى النجاحات العملياتية العديدة التي حققتها. لكن إيران دولة واسعة المساحة، وتضم عديداً من الأماكن التي يمكن إخفاء المعدات فيها واستخدامها. إضافة إلى ذلك تمتلك إيران عدداً كبيراً من العلماء والتقنيين النوويين، ولا يزال من غير المعروف عدد الذين قتلوا منهم حتى الآن. فقد اغتالت إسرائيل فريدون عباسي، الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية، ومحمد مهدي طهرانجي، الفيزيائي ورئيس جامعة آزاد الإسلامية في طهران، إلى جانب عدد من القادة العسكريين، لكن هذه الاغتيالات وحدها لن تكون كافية لتعطيل المشروع النووي الإيراني. فما دام البلاد تحتفظ بفريق من المشغلين الفنيين المدربين والمهرة والمتحمسين، فإنها ستظل قادرة على التقدم سريعاً نحو امتلاك السلاح النووي. روح قتالية هناك غموض هائل يكتنف حجم الضرر القابل للقياس الذي ألحقته إسرائيل بالبرنامج النووي الإيراني، لكن السؤال الأهم قد يكون ما إذا كان الهجوم الإسرائيلي قد دمر إرادة إيران في المضي قدماً في هذا البرنامج. للوهلة الأولى، قد يبدو من غير المعقول الاعتقاد أن إيران سترد على الهجوم الإسرائيلي بأي شيء سوى العدوانية. لكن إذا كانت الأضرار التي لحقت بالبرنامج النووي الإيراني وبجيشها أكبر مما تبدو عليه، فقد تسعى طهران إلى إيجاد مخارج. وقد تفكر إيران أيضاً في اللجوء إلى الدبلوماسية مع تزايد حجم الخسائر. فإسرائيل، في نهاية المطاف، لم تنه هجماتها بعد، وقد تصبح ضرباتها أكثر تدميراً في الأيام المقبلة. وقد دمر الجيش الإسرائيلي الدفاعات الجوية الإيرانية بالكامل، مما يمنحه القدرة على استهداف مزيد من البنى الحكومية المركزية ومسؤولي النظام. كما يمكن لإسرائيل استهداف أجزاء من قطاعي النفط والغاز الإيرانيين، اللذين يشكلان أساس الاقتصاد الإيراني. في مواجهة مثل هذا الدمار، قد تختار طهران السعي إلى سلام يؤدي إلى اتفاق يحد من برنامجها النووي. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) لكن من المنطقي التشكيك في أن تقبل إيران اتفاقاً يفرض عليها وهي تحت تهديد السلاح. وحتى لو وافقت على صفقة ما، فقد لا تنفذها بأمانة. وبدلاً من ذلك، فإن النتيجة الأكثر ترجيحاً هي أن تواصل إيران الانتقام، بينما تحاول إقناع بقية العالم بأن إسرائيل طرف مارق، إذ إنها استخدمت القوة قبل أيام من استئناف المحادثات بين طهران وواشنطن. كما أن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بنسب بعض الفضل لنفسه في هذه الهجمات سيزيد من صعوبة التوصل إلى اتفاق، على رغم أن إدارته كانت قد حاولت في وقت سابق النأي بنفسها عن هذه الضربات. يبدو أن الهجمات الإسرائيلية ضد إيران كانت متقنة من الناحية التكتيكية ومدروسة جيداً، لكن قدرة إسرائيل على تنفيذ ضربات معقدة لم تكن موضع شك في الأساس. فقد كان المحللون يعلمون أن الجيش الإسرائيلي يتمتع بقدرات فائقة، ولديه حيل وأساليب خفية غير متوقعة، لكن السؤال الحقيقي كان دائماً ما إذا كان الهجوم الإسرائيلي المنفرد، أو حتى عملية أميركية - إسرائيلية مشتركة، سيكون قادراً فعلاً على إبطاء اندفاع إيران نحو امتلاك السلاح النووي بصورة ملموسة. وسيعرف العالم الإجابة قريباً. مترجم عن "فورين أفيرز"، 14 يونيو 2025 ريتشارد نيفيو باحث أول في مركز سياسات الطاقة العالمية في جامعة كولومبيا، وزميل مساعد في برنامج برنشتاين في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، شغل منصب نائب المبعوث الأميركي الخاص بإيران خلال إدارة بايدن، وكان عضواً في مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية خلال إدارة أوباما.


عكاظ
منذ 5 ساعات
- عكاظ
بيان مشترك.. 20 دولة ترفض الهجمات الإسرائيلية على إيران
في ظل التوترات الإقليمية المتفاقمة وغير المسبوقة في الشرق الأوسط، الناتجة عن العدوان الإسرائيلي على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أصدر وزراء خارجية 20 دولة عربية وإسلامية بياناً مشتركاً. وضمت الدول، المملكة العربية السعودية، جمهورية مصر العربية، المملكة الأردنية الهاشمية، دولة الإمارات العربية المتحدة، جمهورية باكستان الإسلامية، مملكة البحرين، بروناي دار السلام، جمهورية تركيا، جمهورية تشاد، الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، جمهورية القمر المتحدة، جمهورية جيبوتي، جمهورية السودان، جمهورية الصومال الفيدرالية، جمهورية العراق، سلطنة عمان، دولة قطر، دولة الكويت، دولة ليبيا، الجمهورية الإسلامية الموريتانية. وشدد البيان المشترك على إدانة ورفض الهجمات الإسرائيلية على إيران منذ فجر 13 يونيو 2025، وكل الممارسات التي تنتهك القانون الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، مع التأكيد على ضرورة احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها، ومبادئ حسن الجوار، وحل النزاعات بالوسائل السلمية. كما عبر البيان عن القلق العميق إزاء التصعيد الخطير الذي يهدد أمن واستقرار المنطقة، مع المطالبة بوقف الأعمال العدائية الإسرائيلية ضد إيران في ظل التوترات المتزايدة، والعمل على خفض التصعيد للوصول إلى وقف إطلاق نار وتهدئة شاملة. وتم التأكيد على أهمية جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل وفق القرارات الدولية، مع حث جميع دول المنطقة على الانضمام لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية دون انتقائية. ورفضت الدول الموقعة على البيان، استهداف المنشآت النووية الخاضعة لضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لما يشكله ذلك من انتهاك صارخ للقانون الدولي والإنساني وفق ميثاق جنيف لعام 1949. ودعا وزراء خارجية الدول إلى استئناف المفاوضات بأسرع وقت ممكن كسبيل وحيد للتوصل إلى اتفاق مستدام بشأن البرنامج النووي الإيراني. كما تم التأكيد على احترام حرية الملاحة في الممرات المائية الدولية وفق القانون الدولي، ومنع أي تهديد لأمن الملاحة. وشددت الدول الـ20 على أن الحل الدبلوماسي والحوار هما السبيل الوحيد لحل الأزمات الإقليمية، مع الالتزام بمبادئ حسن الجوار وميثاق الأمم المتحدة، مؤكدين أن الحلول العسكرية لن تساهم في تسوية الأزمة. أخبار ذات صلة


مركز الروابط
منذ 5 ساعات
- مركز الروابط
روسيا… وساطة سياسية وتحالف استراتيجي
2025-06-16 Editor تسعى القيادة الروسية لإثبات دورها الدولي وتأثيرها الإقليمي عبر عدة اتصالات قام بها الرئيس فلاديمير بوتين مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان ورجب طيب أردوغان الرئيس التركي لبحث الأوضاع الميدانية وسبل اتخاذ الوسائل الفاعلة التي تؤدي إلى وقف الضربات الجوية والصاروخية التي اندلعت فجر يوم الثالث عشر من حزيران 2025 بين إيران وإسرائيل، وإيجاد الحلول المناسبة لكيفية حل جميع المعضلات المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني والعودة إلى طاولة الحوار والمفاوضات مع الولايات المتحدة الأمريكية. تحاول روسيا وعبر العلاقة التي استجدت مع الإدارة الأميركية بعد عودة الرئيس ترامب لرئاسة الولايات المتحدة من إعادة زخم العلاقات الثنائية والبحث في قواسم مشتركة لحل المشكلات التي يعاني منها العالم ومنها منطقة الشرق الأوسط، بعد أن تقدمت الإدارة الأميركية الجديدة بعديد من المبادرات والآراء لايقاف الحرب الروسية الأوكرانية وتحديد أسس بناءة لحوار ولقاء مباشر بين بوتين وزلينسكي. أهمية التدخل الروسي يتأتى من العلاقة الاستراتيجية التي تربط بين موسكو وطهران والتي أصبحت تمثل حلفًا سياسيًا واقتصاديًا مهمًا تحرص القيادة الروسية على استمراره وعدم التهاون في إضعافه أو التأثير عليه من أي تبعات أو متغيرات سياسية، خاصة وأن المواقف الإيرانية كانت حاضرة في النزاع الروسي الأوكراني من خلال الدعم الذي قدمته طهران ببيع الآف الطائرات المسيرة من طراز ( مهاجر وشاهد) وصواريخ باليستية ساعدت الجيش الروسي في سد الفجوات واملاء الحجرات من الاحتياط الخاص الذي يساعدها على إدامة زخم المعركة والمواجهة الميدانية مع القوات المسلحة الأوكرانية في الميدان،وتبادل المعلومات الاستخباراتية والأمنية وزيادة القدرات الدفاعية وشراء المعدات التقنية والفنية الداخلة في مجال الأمن السيبراني والتي تحتاجها إيران في مجال عملها لحماية أمنها القومي. وإضافة للدعم السياسي الذي قدمته روسيا لطهران والتعاون الاقتصادي البناء من خلال قبولها ودعم مشاركتها في عضوية المنتديات والمنظمات الاقتصادية الإقليمية والدولية مثل (مجموعة بريكس وشنغهاي) ودفعها لدور مماثل في المشروع التجاري الدولي الذي يربط الهند بروسيا وأوروبا عبر إيران. واتسعت طبيعة العلاقة الثنائية بين روسيا وإيران بتوقيع مجلس الدوما الروسي اتفاقية شراكة استراتيجية أمدها عشرون عامًا مع إيران، واقرار التعاون العسكري والنووي بين البلدين، والذي كان ثمرته توقيع الاتفاق الاستراتيجي في كانون الثاني 2025 بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وتضمن توسيع التنسيق الدفاعي لموسكو ودعمها لطهران في وقت كانت إيران تعاني من عقوبات اقتصادية أمريكية واسعة وتصاعد في التوترات السياسية مع الولايات المتحدة الأمريكية. تدرك القيادة الروسية أن ما تمر به إيران حاليًا من مواجهات عسكرية مباشرة مع إسرائيل، يتطلب وجودها وإثبات دورها في محاولة لإيقاف الضربات الجوية والاستهدافات الخاصة بالمواقع والمنشأت النووية الإيرانية، كون الجميع يعلم طبيعة التعاون بين موسكو وطهران في المجال النووي، حيث شملت الاتفاقيات التي وقعها بوتين وبزشكيان تمويلًا روسيًا لبناء محطة طاقة نووية جديدة في إيران في وقت كانت فيه طهران تحت الضغط الأقصى من العقوبات الأميركية الشاملة،ومعلوم أن إيران أنفقت في السنين والعقود الماضية مليارات الدولارات على برنامجها النووي ووسعت قدراتها النووية في تخصيب اليورانيوم ولكنها لا تزال تعتمد على روسيا لتوفير الوقود لمحطتها النووية الوحيدة في بوشهر. ومن الثوابت الأساسية في السياسية الروسية التي يدعمها الرئيس بوتين أن روسيا لا يمكن لها أن تضحي بمستقبل علاقتها مع إيران أو تعرضها للخطر من أجل حل مؤقت للمشاكل مع طهران أن كان ذلك متعلق بالنزاع العسكري مع أوكرانيا أو مالهُ علاقة بأي تطورات في منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي، العلاقة الروسية الإيرانية قائمة على مرتكزات ثابتة وأسس رصينة ومواقف دائمة في مجلس الأمن الدولي ومجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وكان للاتفاق الذي تم التوصل إليه في 25 نيسان 2025 بتزويد إيران سنويًا ب (55) مليار متر مكعب من الغاز الروسي، دلالة واضحة على عمق العلاقات الثنائية والاقتصادية بين البلدين. شكل التعاون المشترك بين روسيا وإيران في مجال الطاقة النووية محورًا مهمًا منذ عدة سنوات بعد قيام العلماء والفنيين الروس ببناء محطة بوشهر النووية، وهي ما يعتبر أول مفاعل نووي إيراني مع المساهمة الحالية في تمويل مشروع محطة نووية جديدة في وقت تعاني فيها إيران من علاقات غير مستقرة مع الدول الأوروبية ( ألمانيا وبريطانيا وفرنسا) وغياب لعلاقة ثابتة مع الولايات المتحدة الأمريكية وتقارير للوكالة الدولية للطاقة الذرية تتهم إيران بعد امتثالها والتزامها بما اتفق عليه في توقيع بنود اتفاقية العمل المشتركة الشاملة في 15 تموز 2015،وآخرها المواجهة العسكرية مع إسرائيل التي انطلقت عبر ضربات جوية وصاروخية يوم الثالث عشر من حزيران 2025. توجد فرصة سياسية لعمل روسي بناء في لوقف المواجهة الإسرائيلية الإيرانية وإعادة الأوضاع الميدانية لحالها في الشرق الأوسط وابعاد شبح الحرب الإقليمية، إذا ما أحسنت موسكو استخدام ادواتها ووسائلها الفاعلة والايجابيات المشتركة في علاقتها الاستراتيجية مع إيران وما تسعى إليه من تجاوب مع الإدارة الأميركية الجديدة بالعمل على مرتكزات أساسية تدعو فيها للالتزام بالمعايير الدولية في تخلي إيران عن تخصيب اليورانيوم وعبر معايير شفافة وإجراءات مراقبة دائمة تحفظ لها وجودها وإمكانية قبولها بوقف الضربات العسكرية والعودة لطاولة المفاوضات وإعادة الدور الروسي الدولي والإقليمي لفاعليته وتأثيره. وحدة الدراسات الدولية مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتجية