logo
طبول الحرب ومشهد جديد في توازن القوى

طبول الحرب ومشهد جديد في توازن القوى

بوابة الأهراممنذ 9 ساعات

تصعيد عسكري دراماتيكي، ليس مفاجئًا ولكنه كبير وجديد ونوعي، في حلقة من سلسلة الحرب بين إيران والكيان المحتل، والتي ظلت -حتى كتابة هذه السطور- في موجة تصاعدية من الضربات المتبادلة، سواء باستهداف الكيان المحتل لمؤسسات وبنى تحتية وأهداف حيوية في العمق الإيراني، أو الرد النوعي والجديد وغير المسبوق لإيران في العمق الإسرائيلي واستهداف الشمال الإسرائيلي وتل أبيب وحيفا والقدس.
هي ضربات نتجت عنها خسائر واضحة وفادحة بالنسبة لوضع الكيان في المنطقة، وباعتراف إعلام الاحتلال نفسه فقد بلغت أعداد المصابين نحو مائتي شخص، وإصابة عدد من المواقع الإستراتيجية بدقة كبيرة، عجزت معها القبة الحديدية التي يتغنون بها في وقف الهجمات الصاروخية الدقيقة التي دفعت بمواطني الكيان إلى الاختباء في الملاجئ لفترات طويلة.
هذا التصعيد سبقته مؤشرات تؤكد المواجهة، سواء على المدى القريب بإعلان الرئيس الأمريكي عن هجوم إسرائيلي مرتقب على إيران، وكان قد لوّح في أوقات سابقة بإمكانية توجيه ضربات جوية ضد المنشآت النووية الإيرانية في حال فشل المفاوضات.
وكذلك خبر شبكة ABC الأمريكية بدراسة الاحتلال تنفيذ عمل عسكري ضد طهران، في تصريحات تزامنت مع تصويت مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية -في أول اجتماع لها منذ تولي ترامب مهامه لولاية ثانية في يناير الماضي- على قرار بإدانة إيران لعدم امتثالها لالتزاماتها بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي، كخطوة جديدة من نوعها منذ عشرين عامًا.
وكانت مؤشرات المدى البعيد نسبيًا، بعد تقليص الاحتلال من مخاطر المواجهة والتمدد في مساحة أكبر من مجال المناورة مع طهران بتكسير الأذرع في الشركاء الإقليميين، بعد 7 أكتوبر، سواء بالعمل على شل جزء كبير من قدرات حماس في غزة أو تعجيز حزب الله في لبنان، وتصفية قادة الحزب.
وربما لم يكن الاحتلال وداعموه ينتظرون -وفق هذه المقدمات- أن يأتي الرد الإيراني على العدوان بهذه الصورة التي كانت مفاجئة لجميع المتابعين، حيث لم تكتفِ بإرسال طائراتها المسيّرة نحو الكيان، لكن فاجأت تل أبيب بما لم يكن في الحسبان عبر إطلاق صواريخ باليستية مباشرة من أراضيها، في سلسلة هجمات متوالية جاءت كترجمة واضحة لتصريحات المرشد الذي أكد أن القوات ستتعامل بقوة مع الكيان، وبما تناسب مع عنوان "الوعد الصادق"، كرد "مشروع" على الهجمات التي اغتالت قادة كبارًا ودمرت منشآت نووية، لكنها لم تصل إلى الهدف المنشود نحو مواقع تخصيب اليورانيوم الذي أنجزت فيه طهران نحو ستين بالمئة من مشروعها الذي أكدت أنه سلمي.
أبرز ما تشير إليه هذه المواجهة هو فرض إعادة الحسابات على الكيان المحتل بذاته وكوكيل للقوى الغربية وأمريكا في المنطقة، حتى إن ترامب الذي كان مرحبًا بالطبع بتلك الهجمة على طهران، قد دعا إلى وضع حد للحرب المتصاعدة بين الجانبين، وشدد على ضرورة وقف النزاع الذي يهدد الاستقرار بالمنطقة.
تلك الحسابات التي بُنيت على التصعيد العسكري للاحتلال وتوسيع دائرة الصراع، بادئًا من بؤرة غزة وممتدًا خارجها، إلى مساحات أخرى بالضفة ولبنان وسوريا، ثم توجيه الضربة إلى إيران، للوقوف على مدى إمكانية تنفيذ هذا المخطط وتحقيق مكاسب إقليمية أكبر باتجاه فرض النفوذ وتمدده بالمنطقة، وبرعاية أمريكية، لنستنتج من واقع الهجمات والرد والكر والفر، قراءة مغايرة لمستقبل توازن القوى في الشرق، في ظل الأحداث الجارية.
وأن طهران رغم ما بدا عليها في السابق من قلة حيلة، قد أظهرت جانبًا آخر في سياسة المواجهة التي بدأتها بإبلاغ رسمي لكل من بريطانيا وأمريكا وفرنسا، باعتزامها شن هجمات واسعة النطاق ضد الكيان المحتل وهو ما حدث، ومؤكدة أن أي دولة تشارك في صد تلك الهجمات ستكون عرضة للاستهداف.
ليفرض المشهد الأخير رغم التفوق العسكري لصالح المعسكر الغربي، لغة جديدة أمام تصورات الهيمنة الغربية على المنطقة باعتبارها لقمة سائغة.
وهكذا، لم تعد المنطقة كما كانت، ولم يعد الصراع محكومًا بمنطق التفوق العسكري وحده، بل بات مرتهنًا بحسابات الردع والاستنزاف والتكلفة السياسية.
لقد بعثت طهران برسالة تجاوزت حدود الصواريخ والمسيّرات، لتؤكد أن زمن الهيمنة الأحادية آخذ في الأفول، وأن الإرادة السياسية المصحوبة بالقدرة، قادرة على إعادة صياغة المشهد الإقليمي من جديد.
ففي كل هجوم وصدمة، يتشكل ميزان جديد للقوة، وتُختبر حدود السيطرة، ويتقدّم من يملك شجاعة الرد، لا من يراكم أدوات القهر.
وعليه، فإن ما جرى لم يكن مجرد جولة عسكرية، بل بداية لمرحلة تُرسم فيها خرائط النفوذ بمداد الصمود، لا بالحبر الأمريكي، وتُكتب فيها معادلات الأمن الإقليمي بلغة جديدة، عنوانها: الرد لا ينكسر، والسيادة لا تُساوَم.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب يتوجه إلى قمة مجموعة السبع في كندا.. هل سيتم توقيع اتفاقيات تجارية؟
ترامب يتوجه إلى قمة مجموعة السبع في كندا.. هل سيتم توقيع اتفاقيات تجارية؟

مصراوي

timeمنذ 22 دقائق

  • مصراوي

ترامب يتوجه إلى قمة مجموعة السبع في كندا.. هل سيتم توقيع اتفاقيات تجارية؟

وكالات توقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التوصل إلى اتفاقيات تجارية جديدة خلال قمة مجموعة السبع، رغم النزاعات القائمة حول الرسوم الجمركية مع العديد من الدول الأعضاء. جاء ذلك خلال تصريحاته قبل مغادرته إلى كندا، حيث تستضيف مدينة كاناناسكيس القمة في الفترة من 16 إلى 17 يونيو. كان من المقرر أن تبدأ أعمال القمة في 15 يونيو، لكنها تأجلت ليوم واحد. وتتوقع الأوساط السياسية أن تكون هذه القمة واحدة من أكثر اللقاءات غير التقليدية في تاريخ المجموعة، نظرا للخلافات التجارية الحادة بين الولايات المتحدة ودول أخرى، بما في ذلك كندا المضيفة، بحسب روسيا اليوم. ونقل صحفيو البيت الأبيض عن ترامب قوله إنه "يتوقع المزيد من الصفقات التجارية"، دون أن يوضح تفاصيلها. وجاءت هذه التصريحات في وقت تشهد فيه العلاقات التجارية الأمريكية توترا كبيرا بسبب فرض رسوم جمركية متبادلة. وأظهرت بيانات جهاز الإحصاء الأمريكي، أن حوالي ثلثي الشركاء التجاريين للولايات المتحدة قللوا صادراتهم إليها، بينما انخفضت صادرات الثلث الآخر بنسبة لا تقل عن 10%. يذكر أن ترامب بدأ تشديد السياسة التجارية للبلاد بعد عودته إلى البيت الأبيض في 20 يناير 2025، حيث فرض رسوما على واردات المكسيك وكندا، ورفع الرسوم على الصين، ثم أعلن عن تعريفة جمركية جديدة على الصلب والألومنيوم والسيارات. كما أعلن في 2 أبريل الماضي عن فرض رسوم أساسية بنسبة 10% على الواردات، وزيادة الرسوم "المتبادلة" على عدد من الدول، قبل أن يعلقها بعد أسبوع واحد لمدة 90 يوما لبعضها.

بقوة 2.5 درجة.. هزة أرضية بالقرب من منشأة فوردو النووية الإيرانية
بقوة 2.5 درجة.. هزة أرضية بالقرب من منشأة فوردو النووية الإيرانية

مصراوي

timeمنذ 22 دقائق

  • مصراوي

بقوة 2.5 درجة.. هزة أرضية بالقرب من منشأة فوردو النووية الإيرانية

وكالات أعلن المركز الوطني لرصد الزلازل في إيران، تسجيل هزة أرضية بقوة 2.5 درجة على مقياس ريختر في محافظة قم بالقرب من منشأة "فوردو" النووية. وأوضح مركز رصد الزلازل، أنه في الساعة 23:30 من مساء الأحد بتوقيت طهران، تم تسجيل زلزال بقوة 2.5 درجة على عمق 10 كيلومترات في منطقة تبعد نحو 90 كيلومترا عن منشأة فوردو النووية. وفوردو منشأة تحت جبلية عالية التحصين، تقع قرب مدينة قم، جنوب طهران، وبنيت داخل جبل، مما يجعلها منيعة التحصين ضد الضربات الجوية، وفقا لروسيا اليوم. في 14 يونيو، أعلن بهروز كمالوندي المتحدث الرسمي باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن أضرارا "محدودة" لحقت ببعض مناطق موقع تخصيب اليورانيوم في منشأة "فوردو"، جنوب طهران، جراء الهجوم الإسرائيلي. وأكد كمالوندي أنه تم نقل جزء كبير من المعدات والمواد ولم تحدث أضرار جسيمة ولا توجد مخاوف بشأن التلوث. ودخلت الحرب بين إيران وإسرائيل مرحلة غير مسبوقة من التصعيد، مع تبادل واسع النطاق للضربات التي شملت منشآت استراتيجية وأهدافا حيوية على الجانبين، وسط تنامي المخاوف الدولية، والدعوات لضبط النفس والعودة إلى الحوار.

إيران ترفض التفاوض مع استمرار الهجوم الإسرائيلى
إيران ترفض التفاوض مع استمرار الهجوم الإسرائيلى

اليوم السابع

timeمنذ 30 دقائق

  • اليوم السابع

إيران ترفض التفاوض مع استمرار الهجوم الإسرائيلى

نقلت وكالة رويترز عن مسؤول وصفته بالمطلع، إن إيران أبلغت الوسطاء أنها غير مستعدة للتفاوض على وقف إطلاق النار في ظل تعرضها لهجوم إسرائيلي. وقال المسؤول، إن الإيرانيين "لن يسعوا إلى مفاوضات جادة إلا بعد أن تُكمل طهران ردها على الضربات الاستباقية الإسرائيلية"، وأضاف أن إيران "أوضحت أنها لن تتفاوض تحت وطأة الهجوم". وقالت وكالة رويترز نقلا عن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إن " الولايات المتحدة ستواصل دعم إسرائيل في الدفاع عن نفسها". وأكد ترامب "آمل التوصل إلى اتفاق بين إيران وإسرائيل لكن يتعين على المرء أن يكافح من أجل ذلك". قالت وسائل إعلام إيرانية إن إيران أطلقت نحو 70 صاروخا من إيران تجاه إسرائيل، بحسب شبكة العربية. أعلنت وسائل إعلام إيرانية بدء جولة جديدة من الصواريخ الإيرانية انطلقت تجاه إسرائيل. وأعلنت الشرطة الإيرانية اعتقال عنصرين تابعين للموساد الإسرائيلي في مدينة ري جنوب العاصمة طهران. قالت القناة 12 الإسرائيلية، إن وزارة الخارجية الإسرائيلية قررت إغلاق عدد من ممثلياتها وسفاراتها فى العالم تحسبا لتعرضها لهجمات. وجددت قيادة الجبهة الداخلية فى الجيش الإسرائيلي، العمل بقرار منع التجمعات واستمرار إغلاق أماكن العمل والمدارس فى إسرائيل، يأتى ذلك بناء على تقديرات احترازية، على أن يسرى ذلك حتى مساء الثلاثاء المقبل. ومنذ فجر الجمعة، بدأت إسرائيل هجومًا واسعًا على إيران بعشرات المقاتلات، وقصفت خلاله منشآت نووية وقواعد صواريخ بمناطق مختلفة واغتالت قادة عسكريين بارزين وعلماء نوويين. وقال جيش الاحتلال الإسرائيلى أن الهجوم "استباقي" وجاء بتوجيهات من المستوى السياسى، فيما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو أن العملية "غير المسبوقة" تهدف إلى "ضرب البنية التحتية النووية الإيرانية، ومصانع الصواريخ الباليستية، والعديد من القدرات العسكرية الأخرى".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store