logo

هل يمكن للاتحاد الأوروبي ريادة الغرب

بقلم: حسين مجدوبي
مع تراجع دور الولايات المتحدة في قيادة العالم الغربي بدأ الأوروبيون يطرحون سؤالا عريضا وهو: هل يمكن للاتحاد الأوروبي قيادة العالم الغربي بمبادئه الديمقراطية واستعادة الدور التاريخي الذي كانت عليه القارة منذ النهضة حتى نهاية الحرب العالمية الثانية؟ إلا أن هذا الطرح يبقى صعبا في ظل الضعف الذي يعاني منه الاتحاد نتيجة ظهور قوى كبرى ولكنه ليس مستحيلا.
ومثل هذه التساؤلات التي تدور في أوروبا يفترض أنها مقدمة لتغيير تاريخي وسط الغرب أو فقط ما يسمى بهواجس صدمة اللحظة بسبب مواقف واشنطن في قضايا مبدئية وملفات دولية بعد عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في ولاية ثانية. وعمليا يوجد رأيان وسط العائلة الأوروبية حول العلاقة الحالية والمستقبلية مع واشنطن فريق يعتقد أن ترامب ظاهرة مؤقتة سيتراجع تأثيره بمجرد رحيله عن كرسي البيت الأبيض وسيأتي رئيس ديمقراطي وسيعيد النظر في كل المواقف والملفات أو سيأتي رئيس جمهوري أقل حدة في مواقفه وأكثر تفهما لطبيعة العلاقات مع القارة الأوروبية. هذا الفريق يؤكد بدء تراجع ترامب عن الكثير من القرارات التي اتخذها وكونه سيبقى ظاهرة إعلامية محدودة التأثير في القرارات الغربية.
ويرى فريق ثان أن الفكر القومي المتشدد والمنغلق على نفسه سيصبح معطى ثابتا في المشهد السياسي الأمريكي الأمر الذي سيجعل العلاقات بين ضفتي الأطلسي تترنح وغير مستقرة. ويطرح هذا الفريق كيف ارتكب ترامب خيانة حقيقية عندما تخلى عن أوروبا في مواجهة روسيا بسبب الملف الأوكراني وفضل التحاور مع زعيم الكرملين الرئيس فلاديمير بوتين بدلا من التحاور ككتلة غربية موحدة مع موسكو.
* ريادة الاتحاد الأوروبي للغرب
وتميل الكفة الى الفريق الثاني لسببين الأول هو بدء فقدان الثقة في الولايات المتحدة مع إدارة ترامب كحليف ناضج وعلى الرغم من أنه في الماضي مع وجود رؤساء محافظين مثل الرئيس رونالد ريغان إلا أنه حافظ على العلاقات مع الأطلسي وبدوره حافظ كل من الرئيس جورج بوش الابن والرئيس باراك أوباما الديمقراطيين على العلاقات الأطلسية على الرغم من أنهما شرعا إبان رئاستيهما في تغيير الاهتمام الأمريكي بالشرق الأوسط والبحر المتوسط ونسبيا أوروبا إلى منطقة المحيط الهادئ – الهندي لمحاصرة الصين. والثاني هو أن ترامب ما هو إلا تجل لجماعات تريد تطبيق سياسة مختلفة ومنها جماعة مؤسسة إريتاج التي دعمت برنامج الرئيس الجديد. وعمليا توجد عوامل كثيرة تساعد الاتحاد الأوروبي على قيادة الغرب بعدما بدأت واشنطن تتخلى عن هذه القيادة وتؤمن بقيادتها للعالم من دون حلفائها الأوروبيين. وعلى رأس هذه العوامل نجد: إرادة سياسية متزايدة في أوروبا لزيادة الإنفاق الدفاعي وتنسيق القدرات العسكرية. ثم الوعي بأنه لا يمكن للاتحاد الأوروبي وحده أن يضمن دفاعا موثوقا به وهذا ما يجعل الاتحاد الأوروبي منفتحا على التنسيق مع دول مثل كندا وبريطانيا وتركيا وهي دول ذات قدرات عسكرية كبيرة ولاسيما بريطانيا وتركيا. في الوقت ذاته بدأ الاتحاد الأوروبي في استدراك الشرخ الصناعي خاصة في الصناعات الدقيقة حتى لا يفوته قطار المنافسة العالمية مع الصين والولايات المتحدة ودول مرشحة للعب دور أكثر مثل الهند. غير أن الأمر لا يتعلق فقط بتحقيق الدفاع الذاتي والتقدم في الصناعات الدقيقة فهذه ليست مبادئ بقدر ما هي أدوات تنفيذية لتصورات سياسية وفلسفية في العلاقات الدولية وهذا هو الجوهري وهل سيقبل الآخر الاتحاد الأوروبي رائدا للمبادئ التي قامت عليها النهضة الأوروبية. وهكذا من زاوية جيوبوليتيك من الجنوب أي رؤية قائمة على تصورات شعوب ومثقفي الجنوب نعتقد أن ريادة الاتحاد الأوروبي للغرب ولاحقا للعالم تتطلب مجموعة من الإجراءات والتعهدات المعنوية والأخلاقية والمادية وعلى رأسها:
*التحديات العالمية
في المقام الأول لتحقيق هذه الريادة والتي ستكون نسبية نظرا للتحديات العالمية يجب على الاتحاد الأوروبي الانفتاح على محيطه بسياسة حقيقية وليس ظرفية. ونعني حقيقية سياسة تأخذ بعين الاعتبار الانشغالات المالية لدول جنوب المتوسط ورغبتها في التنمية وبالتالي تأسيس لمشروع مارشال حقيقي وليس مجرد قمم خطابية.
في المقام الثاني التحول إلى فضاء مفتوح ليس فقط بين أعضائها كما يقول المحلل جو زاميت مؤسس مركز راديكس الاستراتيجي ولكن أيضا مع الحلفاء ذوي التفكير المماثل خارج الاتحاد في المجالات الاقتصادية والصناعية والدفاعية.
في المقام الثالث كما يتضمن دفاعا عن حقوق الإنسان بنية حسنة وليس للتوظيف السياسي بين الحين والآخر بمعنى شجب نظام معين بسبب مواقفه وغض النظر عن الآخر على الرغم من أن الاثنين متورطان في خروقات حقوق الإنسان. وعلاقة بحقوق الإنسان لا يمكن للاتحاد الأوروبي الريادة الأخلاقية للغرب من دون تقديم اعتذار عن جرائم الاستعمار التي ارتكبها في الماضي وتعويض الشعوب التي نهبها. إذ ما زالت ذاكرة أمم الجنوب تحتفظ كيف أن الأوروبيين أعلنوا مبادئ حقوق الإنسان والحرية في القرن التاسع عشر ليشرعوا بعدها في نهب وقتل واستعمار شعوب أخرى اعتبروها أقل منهم تحضرا. ولعل الامتحان الأول هو الذي يبدأ بالاعتراف الجماعي بالدولة الفلسطينية والتنديد بالمجازر الوحشية لإسرائيل وليس مجاملة الكيان.
في المقام الرابع يجب على الاتحاد الأوروبي الكف عن سياسته القديمة التي تعمل على تقسيم الدول وتشجيع النعرات الإثنية تطبيقا لفكرة فرق تسد فعلى الرغم من استقلال أمم الجنوب يستمر بطريقة صامتة في تطبيق هذه الاستراتيجية كما أراد أن يفعل في ليبيا بعد سقوط نظام معمر القذافي بتقسيمها إلى قسمين وهو ما نجح فيه نسبيا بسبب وجود سلطتين.
نعم تتوفر كل الشروط في ريادة الاتحاد الأوروبي للغرب رغم التحديات الكبرى بسبب بروز دور قوى كبرى أخرى مثل الصين. غير أن هذه الريادة ليجب أن لا تركز على ما هو سياسي وعسكري واقتصادي بل يجب أن تكون أخلاقية ولو نسبيا.
حقوق النشر © 2024 أخبار اليوم الجزائرية . ة

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ادريس لشكر يدعو مغاربة بلجيكا إلى الانخراط في الدينامية السياسية والتنموية بالمملكة
ادريس لشكر يدعو مغاربة بلجيكا إلى الانخراط في الدينامية السياسية والتنموية بالمملكة

حدث كم

timeمنذ 2 ساعات

  • حدث كم

ادريس لشكر يدعو مغاربة بلجيكا إلى الانخراط في الدينامية السياسية والتنموية بالمملكة

دعا الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، مساء أمس الخميس ببروكسيل، مغاربة بلجيكا إلى الانخراط النشط في الدينامية السياسية والتنموية التي تشهدها المملكة. وأكد السيد لشكر، الذي كان يتحدث خلال ندوة نظمتها 'جامعة الكفاءات المغربية المقيمة بالخارج' حول موضوع 'مكانة مغاربة بلجيكا في الساحة السياسية الأوروبية'، على الدور الذي تضطلع به الجالية المغربية في بلجيكا في توطيد الروابط الثقافية والاقتصادية والسياسية بين المملكتين. وقال في هذا السياق إن 'مغاربة العالم، وخاصة المقيمين في بلجيكا، يشكلون قوة فكرية واجتماعية وسياسية تسهم في إشعاع المغرب والدفاع عن مصالحه'، وذلك خلال هذا اللقاء الذي حضره الوزير-رئيس جهة بروكسيل العاصمة، رودي فيرفورت، وعدد من المنتخبين البلجيكيين من أصل مغربي. وأشاد السيد لشكر بنجاح اندماج المغاربة في بلجيكا على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، مذكرا بإسهام الرعيل الأول من المغاربة في إعادة بناء بلجيكا عقب الحرب العالمية الثانية. وأضاف أن 'مغاربة بلجيكا تمكنوا، بعد عقود من الزمن، من فرض مكانتهم في الساحة السياسية بمختلف مستوياتها، بفضل كفاءاتهم وانخراطهم الفعال في الحياة السياسية'، مشيرا إلى أن مشاركتهم ساعدتهم على إيصال صوتهم والتأثير في اتخاذ القرار السياسي. كما دعا الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الجالية المغربية إلى مواصلة الدفاع عن المصالح الاستراتيجية للمملكة، وفي مقدمتها القضية الوطنية الأولى، مبرزا أن قضية الصحراء المغربية 'تمر بمنعطف حاسم نحو تسوية هذا النزاع المفتعل، كما يعكسه الدعم الدولي المتزايد لمخطط الحكم الذاتي المغربي'. وأكد السيد لشكر، من جهة أخرى، أن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سيواصل الترافع من أجل مقاربات شمولية تأخذ بعين الاعتبار حاجيات الأجيال الجديدة من مغاربة العالم، من خلال تعزيز المواكبة الاجتماعية لمغاربة الخارج، وتبسيط الإجراءات الإدارية والقنصلية، وضمان إشراكهم في المؤسسات الدستورية والتمثيلية. خ/م

الاستخبارات النمساوية: إيران تتسلح نوويًا وتسرّب جواسيس إلى أوروبا
الاستخبارات النمساوية: إيران تتسلح نوويًا وتسرّب جواسيس إلى أوروبا

خبر للأنباء

timeمنذ 2 ساعات

  • خبر للأنباء

الاستخبارات النمساوية: إيران تتسلح نوويًا وتسرّب جواسيس إلى أوروبا

وتتعارض المعلومات الاستخباراتية المثيرة التي جمعتها السلطات النمساوية مع تقييم مجتمع الاستخبارات الأميركي، وفق قناة «فوكس نيوز». وكانت مديرة الاستخبارات، تولسي غابارد، قد صرّحت أمام لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ خلال مارس (آذار) 2025، بأن «المجتمع الاستخباراتي الأميركي لا يزال يقيّم أن إيران لا تبني سلاحاً نووياً، وأن المرشد علي خامنئي لم يُعطِ الضوء الأخضر للبرنامج النووي الذي أوقفه عام 2003». وجاء في تقرير هيئة حماية الدولة وخدمة الاستخبارات، وهي النسخة النمساوية من مكتب التحقيقات الفيدرالي، في تقرير استخباراتي: «من أجل فرض وتنفيذ طموحاتها في السلطة السياسية الإقليمية، تسعى إيران إلى إعادة تسليح شاملة، باستخدام الأسلحة النووية؛ لجعل النظام محصناً ضد الهجمات، ولتوسيع وترسيخ هيمنته في الشرق الأوسط وخارجه». وذهب التقرير، المؤلّف من 211 صفحة، إلى أن «برنامج تطوير الأسلحة النووية الإيراني متقدم بشكل كبير، وتمتلك إيران ترسانة متزايدة من الصواريخ الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية لمسافات طويلة». أشار التقرير إلى أن إيران تسعى بشكل منهجي نحو التسلّح النووي لجعل نفسها بمنأى عن أي هجوم. عينات من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة في موقع تابع للمنظمة الذرية الإيرانية نوفمبر 2019 (أ.ف.ب) شبكة شركات وهمية تستغل أجهزة الاستخبارات الإيرانية، وفق التقرير، علاقاتها في مناطق الأزمات للحصول على التكنولوجيا العسكرية الغربية، مثل الطائرات المسيّرة الإسرائيلية والأميركية التي يتم اعتراضها أو انحرافها. ويتم تفكيك هذه الأسلحة عالية التقنية وتحليلها، ثم إعادة تصنيعها، وغالباً ما تتطلّب هذه العمليات مكونات يتم شراؤها من خلال شركات وهمية في دول غير خاضعة للعقوبات في الغرب. كما أن المعلومات والتقنيات التي تمتلكها المعاهد والشركات الأوروبية لها أهمية كبيرة في تطوير الصناعة العسكرية الإيرانية. يقول التقرير إنّه «بناءً على أوامر من النظام الإيراني، تسعى أجهزته الاستخباراتية إلى الحصول على التقنيات والمواد، بما في ذلك السلع ذات الاستخدام المزدوج، بالإضافة إلى الخبرات اللازمة لبناء أسلحة الدمار الشامل وأنظمة إيصالها، وذلك لدعم طموحات الجمهورية الإسلامية». في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، أعلنت القوات المسلحة الأوكرانية أنها، بعد إسقاط طائرة دون طيار من طراز «مهاجر-6» إيرانية الصنع واستعادة حطامها من البحر الأسود، اكتشفت أن محرك هذه الطائرة من إنتاج شركة نمساوية معروفة تُدعى «روتاكس»، مما يشير إلى انتهاك عقوبات الاتحاد الأوروبي المتعلقة بالتسليح المفروضة على إيران. في أكتوبر 2020، وبعد أن أعلنت الولايات المتحدة فرض عقوبات جديدة على عدد من الشخصيات والهيئات التابعة لإيران، بما في ذلك قطاع النفط، «الحرس الثوري» وشركة ناقلات النفط الإيرانية، صرّحت شركة «روتاكس» النمساوية، المزوّدة لمحركات الطائرات دون طيار، بأنها أوقفت بيع المحركات إلى «الحرس الثوري». وقد جاء هذا الإجراء في إطار التزام الشركة بالعقوبات الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة. وجاء في تقرير هيئة مكافحة الإرهاب في النمسا أنه «وفي مجال الانتشار النووي، لُوحظ تزايد في عدد طلبات التوظيف المقدّمة من إيرانيين إلى شركات نمساوية تعمل في صناعات المعادن والهندسة الكهربائية، ويبدو أن الهدف من ذلك هو اكتساب المعرفة الحساسة لدعم برامج التسلّح الإيرانية». وحسب تقرير نشرته هيئة الإذاعة والتلفزيون النمساوية، فقد سُجّلت زيادة في الأنشطة التجسسية كذلك. وورد أن «المؤسسات الاقتصادية والبحثية في النمسا على وجه الخصوص كانت هدفاً رئيسياً من قِبل الفاعلين الأجانب الذين يسعون إلى الحصول على معلومات اقتصادية وعلمية». وفي وقت سابق، فرضت دول أوروبية قيوداً صارمة على دراسة الطلاب الإيرانيين في تخصصات؛ مثل: الفضاء، والفيزياء النووية، وغيرهما من المجالات المرتبطة بالصناعات العسكرية. وفي إشارة إلى تدخلات إيران في النزاعات الإقليمية، ورد في التقرير المذكور أنه منذ العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، ازداد النفوذ الإيراني بشكل ملحوظ من خلال إمدادات الأسلحة في عدد من النزاعات الإقليمية، كما هو الحال في مناطق الحرب والأزمات في سوريا وفلسطين. فريق التفاوض الإيراني يغادر سفارة سلطنة عمان في روما الجمعة الماضي (رويترز) قد تُعقّد نتائج تقرير الاستخبارات النمساوية مفاوضات الرئيس الأميركي ترمب مع إيران لحل الأزمة النووية؛ لأن البيانات الواردة في التقرير تشير إلى أن النظام لن يتخلى عن سعيه للحصول على سلاح نووي، وفق «فوكس نيوز». إلّا أن المثير في التقرير، إلى جانب وضوحه في تقييم القدرات الإيرانية، هو أن النمسا هي البلد المستضيف للوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تحقّق في نشاط إيران النووي. كما أن العاصمة فيينا مقرّ لإحدى أكبر السفارات الإيرانية في أوروبا، «التي تُخفي ضباط استخبارات تحت غطاء دبلوماسي»، على ما جاء في التقرير. وقالت الوكالة النمساوية: «خدمات الاستخبارات الإيرانية معتادة على تطوير وتنفيذ استراتيجيات التفاف للحصول على المعدات العسكرية والتقنيات الحساسة للانتشار ومواد أسلحة الدمار الشامل». في عام 2021، أدانت محكمة بلجيكية الدبلوماسي الإيراني السابق أسد الله أسدي، الذي كان يعمل في فيينا، بتهمة التخطيط لتفجير اجتماع للمعارضة الإيرانية عُقد خارج باريس عام 2018، وحضره عشرات الآلاف من المعارضين. وكان عمدة نيويورك السابق، رودي جولياني، محامي ترمب الشخصي آنذاك، من بين الحضور. ويتشابه التقرير النمساوي عموماً مع تقييمات ألمانية وبريطانية. وقد أوضحت الحكومتان (ألمانيا وبريطانيا) للاستخبارات الأميركية في 2007 أنهما اعتقدتا أن تقييمها بأن البرنامج النووي الإيراني انتهى في 2003 كان خاطئاً. وأوضح أن التقييم الألماني أتى من رئيس محطة الاستخبارات الفيدرالية الألمانية في واشنطن آنذاك، وأن المعلومات البريطانية جاءت من مسؤول كبير في مجال عدم الانتشار النووي كان يتناول العشاء معه يوم صدور التقدير الاستخباراتي لعام 2007. وأكد أن الألمان قالوا إن الولايات المتحدة كانت تسيء تفسير البيانات المتوفرة لديهم جميعاً. صورة التقطها قمر «بلانيت لابس» لحفريات تحت جبل قرب منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم وسط إيران في 14 أبريل 2023 (أ.ب) من جهته، طالب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بتوضيح رسمي من الحكومة النمساوية بشأن التقرير الذي أصدرته وكالة الاستخبارات حول البرنامج النووي الإيراني. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، الجمعة، إن «تقرير الوكالة الذي يشكّك في سلمية البرنامج النووي الإيراني هو ادعاء كاذب لا أساس له من الصحة، وتم إنتاجه فقط بهدف خلق أجواء إعلامية ضد إيران، وبالتالي يفتقر إلى أي مصداقية أو موثوقية»، وفقاً لوكالة أنباء تسنيم الإيرانية. وفي إشارة إلى عضوية إيران في معاهدة حظر الانتشار النووي، رأى بقائي «أن هذا الإجراء الذي اتخذته وكالة الاستخبارات النمساوية قد أضعف مصداقية الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وأوضح أن إيران تعارض بقوة الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل، وتؤيد بقوة فكرة تحرير منطقة غرب آسيا من أسلحة الدمار الشامل، على خلاف النمسا وبعض الدول الأوروبية الأخرى التي التزمت الصمت المتعمد بشأن تسليح إسرائيل بمختلف أسلحة الدمار الشامل. وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قد صرّح بأن «طريق الوصول إلى اتفاق يمر عبر طاولة المفاوضات، لا عبر الحملات الإعلامية». وانتقد ما وصفه بـ«الإشاعات الكاذبة حول الدبلوماسية بين إيران والولايات المتحدة»، مؤكداً أن «استخدام إيران بوصفها أداة لمهاجمة منتقدي السياسات الأميركية يُعد انحداراً أخلاقياً، حتى بمقاييس إسرائيل».

أمران أحلاهما مرّ
أمران أحلاهما مرّ

الشروق

timeمنذ 5 ساعات

  • الشروق

أمران أحلاهما مرّ

تتجه الأنظار عالميا نحو الوضع المأساوي في غزة، ومقترح ويتكوف الجديد القديم لوقف إطلاق النار، الذي قد يكون آخر مبادرة في سلسلة التغييرات على المقترح القديم المحافظ على الضغط العسكري الإجرامي في حق سكان غزة بأكملهم ضمن خطة 'الجحيم' الأمريكية الصهيونية، قصد انتزاع آخر ورقتي ضغط لدى المقاومة: السلاح والأسرى. واضحٌ أن الكيان مع الأمريكان، قد أوصلوا إلى خلق حياة جحيم يندى لها جبين الإنسانية والعالم المتشدق بالحقوق والحريات: عالم مزدوج المعايير، عالم الرأسمالية الاستعمارية العالمية منذ النشأة وإلى الآن. هذا الوضع بات لا يطاق إنسانيا، وأي مبادرة قد تقبلها حماس على مضض، لن تكون هيّنة، وسيكون موقفها على الأرجح وقبل أن تعلن عن قبولها المقترح الأمريكي الصهيوني، الذي سارع نتنياهو إلى قبوله قبل إعلان حماس موقفها، موقف من يختار بين الردى والفرار، على رأي أبي فراس الحمداني: 'أمران، أحلاهما مرّ'. لهذا جاء رد حماس غير حاسم وغير جازم، رغم ما سُرِّب من معلومات تفيد بقبول حماس بمقترح ويتكوف، لم تكن في النهاية سوى ردود فعل بشأن أكثر من مقترح متغير وورقة تتغير وتتحيَّن كل لحظة. غير أن ما نُشر من بنود للمقترح الأخير الذي وافق عليه رئيس وزراء الكيان، وتسلمته حماس لتدرسه، يفيد بأن حماس، إما أن تغيّر بعض العبارات والبنود، لاسيما تلك التي تضمن عدم العودة للعدوان بعد الـ60 يوما، حتى لا يتكرر ما حصل بعد نهاية المرحلة الأولى من الاتفاق السابق، مادام أن المقترح لا يفي بذلك صراحة إلا من باب التلميح لا التصريح والتلاعب بالمفردات وسيميولوجيا الألفاظ التي تحتمل أكثر من تأويل وفهم، أو تضطر إلى قبوله بحسن نية حتى ولو لُدغ المرء من الجحر أكثر من مرة. ليس لدى حماس اليوم ترف الاختيار إزاء خذلان المحيط العربي والإسلامي وتنصّل العالم من أي ضغط على الكيان، إلا بما لا يضرُّ ولا ينفع. وليس بمستبعد أن تدرس حماس المقترح وتقبل بضغوط الوسطاء وبحسن النيات وتذهب باتجاه قبول الاتفاق على أمل أن تكون الأيام الـ60 قابلة لإيجاد مخرج للأزمة الإنسانية والمأساة التي يعاني منها سكان غزة المدمَّرة. فترة قد تتبلور فيها أفكار بين الوسطاء حول مستقبل حماس وسلاحها، وإدارة غزة الإدارية، وتوزيع المساعدات، قبل الحديث عن إعادة الإعمار، الذي لن يكون إلا ضمن الخطة العربية بعد فشل كل المخططات إلى حد الآن، لاسيما فكرة تهجير سكان غزة. كما تتّجه الأنظار عالميا، إلى مركز إعصار آخر لا يقل تعقيدا، وهو الوضع في أوكرانيا، في انتظار الجولة الثانية يوم 2 جوان في إسطنبول. لقاء ثان، هو الثالث من نوعه بتركيا، قد يسمح بتقدم في المفاوضات، لكن ليس بالوتيرة التي يريدها البيت الأبيض ولا أوكرانيا. روسيا، تصرُّ على تحقيق أهدافها المعلنة، ومنها تلك الأخيرة التي أعلنها بوتين قبل أيام والمتمثلة في تحرير مزيد من الأراضي التي تطالب روسيا باستعادتها، ولكن أيضا بضمان أمن هذه الأراضي المسترجَعة باستحداث منطقة عازلة في العمق الأوكراني. هذا يعني أن روسيا تريد الحصول على مزيد من التنازلات عن طريق الحرب أو عبر المفاوضات، تقضي بانسحاب القوات الأوكرانية داخل العمق الأوكراني بنحو 25 كلم أو أكثر، مما يعني تسليم خركيف في الشمال وزباروجيا في الجنوب، ولن يبقى إلا ميناء أوديسا للأوكرانيين، إن جرى التوصّل إلى اتفاق، وإلا فقد تضطر القوات الروسية إلى خوض غمار حرب مدمِّرة أخرى لغلق آخر منفذ بحري لأوكرانيا، ولن يكون ذلك سهلا على أي حال.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store