logo
رياح أميركا الاقتصادية وتعريفات ترامب

رياح أميركا الاقتصادية وتعريفات ترامب

العربية٠٦-٠٥-٢٠٢٥

في ديسمبر الماضي، زعمتُ أن بعض سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، برغم أنها ستُـفضي إلى الركود التضخمي (خفض النمو وزيادة التضخم)، فإن هذه التأثيرات ستخفف من حدتها في نهاية المطاف 4 عوامل: انضباط السوق، والاحتياطي الفيدرالي الأميركي المستقل، ومستشاري الرئيس نفسه، وأغلبية الجمهوريين الضئيلة في الكونغرس. ثم رأينا مباراة "مع رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول. ومرة أخرى، كان ترامب أول من يتراجع ــ على الأقل في الوقت الحالي. غابت الأسواق عن الوعي عندما اقترح إقالة باول، وسرعان ما تراجع عن ذلك معلنا أنه "لا ينوي" إقالته. في الوقت ذاته، أوضح باول أن الرئيس لا يملك أي سلطة قانونية لإقالته.
إضافة إلى حواجز الوقاية الأربعة هذه، هناك أيضا عامل التكنولوجيا. سيقترب نمو الاقتصاد الأميركي المحتمل من 4% بحلول عام 2030، وهذا أعلى كثيرا من تقديرات صندوق النقد الدولي الأخيرة (1.8%). والسبب واضح: أمريكا رائدة عالميا في عشر صناعات من أصل 12 صناعة ستحدد ملامح المستقبل، حيث تتصدر الصين فقط في مجال المركبات الكهربائية وغير ذلك من التكنولوجيات الخضراء. بلغ متوسط النمو في الولايات المتحدة 2.8% في الفترة 2023-2024، وبلغ نمو الإنتاجية 1.9% في المتوسط منذ 2019، وإن كان تراجع في زمن الجائحة.
إذا ارتفع النمو من 2% إلى 4% بسبب التكنولوجيا، فإن هذا يمثل زيادة بمقدار 200 نقطة أساس للنمو المحتمل. ومع ذلك، فإن حتى تدابير الحماية التجارية الصارمة وقيود الهجرة ستقلل من النمو المحتمل بمقدار 50 نقطة أساس فقط على الأكثر. وهذا يمثل نسبة 4 إلى واحد بين الإيجابيات والسلبيات؛ أي أن التكنولوجيا ستتفوق على التعريفات الجمركية في الأمد المتوسط.
يعني ازدهار الاستثمار المدفوع بالذكاء الاصطناعي أن عجز الحساب الجاري الأميركي، في وجود تعريفات جمركية مرتفعة أو بدونها سيظل مرتفعا وعلى مسار تصاعدي (وهذا يعكس الفارق بين ركود المدخرات وازدهار الاستثمار). ولكن بما أن نمو أمريكا الاستثنائي سيصمد أمام ترامب، فإن تدفقات المحافظ الاستثمارية ستستمر على الرغم من ضجيج السياسة التجارية.
بمرور الوقت، سيؤدي ارتفاع النمو، مقترنا بسياسات إعادة التوزيع الحالية، إلى إضعاف القوى الشعبوية في الولايات المتحدة. من ناحية أخرى، ستستمر أوروبا في مواجهة الرياح المعاكسة المتمثلة في الشيخوخة الديموغرافية، والاعتماد على الغير في مجال الطاقة، والاعتماد المفرط على الأسواق الصينية، وضعف الإبداع المحلي، وركود النمو الذي يحوم حول 1%. وستتسع فجوة الإبداع التي دامت 50 عاما بين أمريكا وأوروبا مع انتقال النمو المدفوع بالذكاء الاصطناعي من اللوغاريتمي إلى الأسي.
في هذا السياق، قد تسيطر الأحزاب الشعبوية اليمينية المتشددة في معظم أنحاء أوروبا، كما حدث بالفعل في بعض البلدان. وفي ظل انجراف الولايات المتحدة الظاهر نحو التحجر وضيق الأفق، قد تبدو أوروبا حاليا وكأنها آخر معقل للديمقراطية الليبرالية في العالم؛ ولكن قد تنقلب هذه الرواية في الأمد المتوسط.
من المؤكد أن التضخم في الولايات المتحدة سيرتفع فوق 4% هذا العام. وسيحد الصفقات التجارية مع معظم البلدان من معدل التعريفة الجمركية إلى مستوى غير مرغوب ولكن يمكن التحكم فيه بنسبة 10-15%، وستؤدي التهدئة المحتملة مع الصين إلى ترك هذا المعدل عند نحو 60% في المتوسط، فيدفع انفصالا تدريجيا بين الاقتصادين. لكن بنك الاحتياطي الفيدرالي الذي لا يزال ملتزما بجدارة بتثبيت توقعات التضخم سيكون قادرا على خفض أسعار الفائدة بمجرد توقف النمو، وسيؤدي الارتفاع المتواضع في معدل البطالة إلى إضعاف التضخم. وبحلول منتصف 2026، سيشهد النمو الأميركي انتعاشا قويا، لكن ترامب سيكون تضرر سياسيا بالفعل، على نحو ينذر بخسارة حزبه في انتخابات التجديد النصفي. وستنحسر المخاوف من انزلاق الولايات المتحدة إلى الاستبداد. وستنجو الديمقراطية الأميركية من صدمة ترامب، وبعد فترة أولية من الألم، سيزدهر الاقتصاد الأميركي.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عيون لا تنام.. حقَّقت أعظم الأحلام
عيون لا تنام.. حقَّقت أعظم الأحلام

سعورس

timeمنذ ساعة واحدة

  • سعورس

عيون لا تنام.. حقَّقت أعظم الأحلام

ولأنها دولة ذات رسالة سامية عظيمة، كان العمل تراكمياً فيها على مر العهود، فكان قادتها في كل عهد يضيفون مزيداً من اللبنات على ما حقَّقه الأسلاف. ففي الدولة السعودية الأولى والدولة الثانية، كان شبه الجزيرة العربية دويلات متناحرة متحاربة على الكلأ والماء والنفوذ؛ وكان كثير من المظاهر الشركية متأصلة بين كثير من أفراد المجتمعات؛ حتى إذا جاء الملك عبد العزيز آل سعود، وأعاد تأسيس الدولة السعودية من جديد (1319/1902)، وحَّد القلوب قبل الجغرافيا، كما يقول خادم الحرمين الشريفين، سيدي الوالد المكرم الملك سلمان بن عبد العزيز، مستودع تاريخنا وإرثنا الحضاري، كما قضى على جميع المظاهر الشركية، فأصبح المجتمع كله مُوَحِّداً، لا يعبد إلا الله، ولا يدعو إلا إياه، ولا يرجو غيره، ولا يخشي عقاب أحد غير الله سبحانه وتعالى.. وهكذا تحقَّقت أهم خطوة في رسالة بلادنا في إعلاء كلمة التوحيد. وبعد أن انصهرت القلوب وتوحدت الجغرافيا في بوتقة واحدة كالجسد الواحد، شرع المؤسس في ترسيخ البنيان وإعلاء الشأن لتذليل الصعاب وتيسير حياة الناس. لكن مع هذا، ظلت مجموعة من أفراد المجتمع غارقة في رواسب جهل مزعجة، حاولت بسببها وضع العصا في عجلة القافلة، إذ كانت ترى في الدراجة الهوائية (حصان إبليس) وترى في الهاتف والسيارة (شيطاناً).. غير أن المؤسس استطاع بعون الله عزَّ و جلَّ، ثم بحكمته وذكائه وعزيمته التي لا تلين ونيته الطيبة الصادقة، تخليص أولئك من تلك المفاهيم المتخلفة، لينخرط الجميع في ملحمة البناء والتعمير. وهكذا تسارعت وتيرة التنمية والتطوير في كل المجالات، من عهد إلى آخر، وصولاً إلى هذا العهد الميمون الزاهر، عهد خادم الحرمين الشريفين، سيدي الوالد المكرم الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي عهده القوي بالله الأمين أخي العزيز الغالي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس مجلس الوزراء.. عهد الرؤية الطموحة الذكية التي أدهشت منجزاتها العملاقة الفريدة، رئيس أعظم دولة في العالم، فقد رأينا كيف كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فاغراً فاهاً طيلة تواجده في الرياض التي أصبحت واحدة من أعظم عواصم العالم وأهمها في صياغة القرارات العالمية المصيرية. ولهذا يمَّم ترامب شطرها في زيارته الأولى دون غيرها من عواصم العالم مثلما فعل في رئاسته الأولى. فقد جرت العادة أن تكون أول زيارة للرئيس الأمريكي المنتخب إلى أهم شريك إستراتيجي. فكانت زيارة ترامب للمرة الثانية هذه، تأكيداً راسخاً على أن السعودية أصبحت اليوم أهم شريك إستراتيجي لأمريكا ، ليس في المنطقة فحسب، بل في العالم؛ بدليل ما شهدته الرياض من حراك فعال أثناء زيارته من عقد قمم مهمة (سعودية – أمريكية، خليجية – أمريكية، سورية – أمريكية)، كانت الملفات العربية فيها أهم المحطات؛ إضافة إلى منتدى الاستثمار الاقتصادي السعودي – الأمريكي. وهكذا حقَّقت بلادنا اليوم بتوفيق الله سبحانه وتعالى، ثم بجهد قادتها وعيونهم الساهرة التي لا تنام، أعظم الأحلام، بعد أن بدَّدت الظلام. وأصبحت رقماً صعباً يعمل العالم لها ألف حساب. أما أولئك الجهلاء الأغبياء من شراذم القومجية هنا وهنالك، الذين طفحت نفوسهم المريضة بالحقد والحسد، فأغرقوا الميديا بجهلهم ونفثوا فيها سمومهم البغيضة بانتقادهم للسعودية في تعزيز شراكاتها الاقتصادية مع أمريكا ، فقد كان الحال عندهم على النقيض تماماً، إذ بدأت بلدانهم قوية أيام كانت مستعمرة، ثم تآكلت عندما آلت إليهم بسبب قادتها (الوطنيين) وتكالبهم على السلطة وصراعهم على الثروة والنفوذ وجهل أفراد المجتمعات، فتمزَّقت إرباً إربا؛ لتعجز في النهاية حتى عن إطعام مواطنيها. وحقَّاً لا أدري ما الذي يمكن لتلك الدول أن تقدمه لنا، إن نحن قررنا الاستثمار معها: الإرهاب، العمالة، النذالة، الحقد، الحسد، البطالة، سوء الإدارة… إلخ من قائمة الكراهية والتخلف؟ إذ ليس بمقدورهم إضافة أي شيء إيجابي لنا، فأنَّى لفاقد الشيء أن يعطيه؟!. ثم لا أدري إن كان أولئك القومجية يدركون أن دولهم تلك لن تنجح في تأسيس أي نوع من شراكة مع أمريكا مهما تفعل؛ في حين أن أمريكا وغيرها من دول العالم المتقدمة، تخطب ودَّنا، وتقدم لنا كل ما نطلب من تسهيلات استثمارية لتحقيق أكبر عائد ممكن لبلادنا. فبلاداً كتلك رائدة في التقنية والصناعة والاقتصاد والتجارة والعلوم المفيدة التي تنفع البشرية، هذا غير ما يمكننا تحقيقه من دعم سياسي.. ثم ما ذا يعنيكم يا هؤلاء، إن كنَّا نستثمر مع أمريكا أو مع الواق واق؟!. وختاماً: كل الشكر والتقدير والعرفان والامتنان لتلك العيون الساهرة التي لا تنام، فبدَّدت الظلام، وحقَّقت لنا أعظم الأحلام.. وقطعاً سيكون القادم أكثر دهشة.. وبالله التوفيق. وياليت (البدر) كان اليوم بيننا، ليشهد ما حققه لنا قادتنا الأوفياء المخلصين الأذكياء من بنيان عظيم، احتار غيرنا في عدَّه: يكفي محمد فخر وإحسان يبني البنا وغيره يعدَّه باكِر يِعِمَّ الوطن هتَّان تبوك ، شرق العلا، جدَّه ياشيخنا يهتف الوجدان وهذا الجبل صوتنا يردَّه الله، ثم الملك سلمان

الواردات الأميركية من الطماطم المكسيكية تتجاوز ثلاثة مليارات دولارات«معركة الطماطم» تشعل نزاعاً تجارياً بين أميركا والمكسيك
الواردات الأميركية من الطماطم المكسيكية تتجاوز ثلاثة مليارات دولارات«معركة الطماطم» تشعل نزاعاً تجارياً بين أميركا والمكسيك

الرياض

timeمنذ ساعة واحدة

  • الرياض

الواردات الأميركية من الطماطم المكسيكية تتجاوز ثلاثة مليارات دولارات«معركة الطماطم» تشعل نزاعاً تجارياً بين أميركا والمكسيك

يعد الأميركيون من أكثر شعوب العالم حباً للطماطم، حيث تحتل المرتبة الأولى بين المنتجات الطازجة المستوردة من الخارج، وبالرغم من هذا الحب الجارف للطماطم، إلا أن هذه التجارة باتت معرضة للخطر، بعد أن أحيت إدارة ترمب جهوداً دامت ثلاثة عقود للحد من الواردات، وتساهم واردات الطماطم بشكل كبير في الاقتصاد الأمريكي من خلال تحقيق مبيعات بمليارات الدولارات، ودعم آلاف الوظائف، كما تعزز الأسعار التنافسية التي تعود بالنفع على المستهلكين والشركات على حد سواء، وقد تُعرض قيود الاستيراد الجديدة كل ذلك للخطر، لأن الإنتاج الأمريكي لا يلبي الطلب المحلي، والسؤال: ما الذي سيحرزه هذا التغيير؟ هل ستصبح الطماطم الأميركية أغلى ثمناً؟ هل ستُضطر الشركات للبحث عن بدائل؟ هل سيُؤثر هذا التغيير على الوظائف التي يُوفرها هذا القطاع المزدهر؟ إغراق الأسواق الأميركية بدأ الصراع على الطماطم في تسعينيات القرن العشرين، حيث دفع النمو غير المسبوق في واردات الطماطم من المكسيك، المنتجين الأمريكيين إلى مطالبة إدارة كلينتون بالتحقيق فيما إذا كانت تُباع بأسعار منخفضة بشكل غير عادل، وهذا يعني وجود انتهاك لقواعد منظمة التجارة العالمية والسياسة التجارية الأميركية، وردت واشنطن بإجراء تحقيق لمكافحة الإغراق، أجرته وزارة التجارة ولجنة التجارة الدولية الأميركية، حيث كُلفت الهيئتان بفحص ما إذا كانت الواردات تُباع في الولايات المتحدة بأقل من قيمتها السوقية العادلة، وهو ما يُعرف بالإغراق. يُلحق الإغراق الضرر بالمنتجين المحليين من خلال خفض الأسعار المحلية لمنافسة الواردات، مما يُسبب ضائقة مالية، وتُعتبر رسوم مكافحة الإغراق في جوهرها تعريفة جمركية، وأصدرت وزارة التجارة حكمًا ضد المنتجين المكسيكيين، إذ وجدت أنهم مارسوا سياسة الإغراق، لكنها توصلت إلى اتفاق معهم، حيث وافق مصدرو الطماطم المكسيكيون على تحديد حد أدنى للأسعار، مما دفع الولايات المتحدة إلى إلغاء التحقيق، وعقب ذلك، أبرمت واشنطن ومكسيكو سيتي، سلسلة من اتفاقيات التعاون على مر السنين، وتم تنفيذ أول تعريفة جمركية في عام 1996، ودخلت أحدث تعريفة جمركية حيز التنفيذ في عام 2019 خلال ولاية ترمب الأولى، بعد أن هددت إدارته بفرض تعريفة جمركية على الطماطم المكسيكية بنسبة 17.5 %. الانسحاب من اتفاقية الطماطم في أبريل الماضي، انسحبت وزارة التجارة الأميركية من أحدث اتفاقية لتعليق استيراد الطماطم، وأعلنت فرض رسوم إغراق بنسبة 21 % على الطماطم الطازجة المستوردة من المكسيك، بدءًا من يوليو المقبل، وليس من الواضح في هذه المرحلة ما إذا كان المستوردون والمستهلكون الأميركيون سوف يتحملون العبء الكامل لهذه التعريفات، أو ما إذا كان المصدرون المكسيكيون للطماطم سوف يتحملون هذه التكلفة، ومن المفترض أن تفيد هذه الخطوة المنتجين الأميركيين، ومعظمهم في ولاية فلوريدا، مع وجود عدد أقل بكثير منهم في كاليفورنيا، ومع ذلك، تهدد الرسوم الجمركية بإلحاق الضرر بموزعي المنتجات، وتجار الجملة والتجزئة، بالإضافة إلى المستهلكين الأميركيين. اعتاد الأميركيون على شراء الطماطم الطازجة بكميات كبيرة لإضافتها إلى سلطاتهم وحشوها في شطائرهم، رغم أنه لا يمكن حصاد الطماطم إلا في الأشهر الأكثر دفئًا من العام، ولا يتعلق النزاع بجميع الطماطم التي يتناولها الأميركيون، إذ يُقسم إنتاج الطماطم في الولايات المتحدة إلى فئتين رئيسيتين، الأولى هي فئة الطماطم الطازجة، وهي التي يدور الخلاف حولها، أما الفئة الثانية، فهي معالجة الطماطم، التي تستخدمها الشركات لصنع معجون الطماطم، والطماطم المعلبة أو المطهية، والصلصة، وتتصدر كاليفورنيا الولايات المتحدة في معالجة إنتاج الطماطم، وعلى عكس الطماطم الطازجة، تحقق الولايات المتحدة فائضًا تجاريًا في منتجات الطماطم المصنعة. عندما تم تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية في يناير 1994، كان إنتاج الطماطم الطازجة في الولايات المتحدة أكثر من أربعة أمثال كمية الطماطم الطازجة المستوردة أي 1.7 مليون طن متري منتجة، مقابل 400 ألف طن متري فقط مستوردة، وقد تدهور الإنتاج المحلي الأميركي من الطماطم بشكل مطرد منذ ذلك الوقت، بينما ازدادت الواردات، وأصبحت الطماطم الطازجة المستوردة الآن أكثر وفرة بمرتين، حيث تم زراعة مليون طن متري في الولايات المتحدة عام 2024، مقارنةً بمليوني طن متري مستوردة، وقد حدث هذا في الوقت الذي أصبح فيه الأميركيون يأكلون الطماطم الطازجة بكميات أكبر من أي وقت مضى، حيث بلغت حصة الفرد الأميركي سنوياً من الطماطم 9 كيلوغرامات في عام 2024. زيادة المعروض والأسعار في عام 2024، بلغ إجمالي الواردات الأميركية من الطماطم الطازجة 3.6 مليار دولار، منها 3.1 مليار دولار من المكسيك، ويمثل هذا زيادة بنسبة 367 ٪ منذ دخول اتفاقية نافتا حيز التنفيذ، ونظراً لانخفاض تكاليف إنتاج العديد من المنتجات الطازجة في المكسيك، بفضل قلة تكاليف العمالة عن نصف مستوياتها في الولايات المتحدة، فقد بقيت أسعار الطماطم منخفضة في السوق الأميركية، من جهة أخرى، يفيد تقييد استيراد الطماطم المكسيكية، منتجي الطماطم الأمريكيين في ضبط أسعارهم، إلا أن هناك عوامل أخرى يجب مراعاتها، حيث تلعب الواردات دورًا حاسمًا في تعزيز النشاط الاقتصادي وخلق فرص عمل، ووفقًا لدراسة حديثة، فقد حققت هذه الواردات أثرًا اقتصاديًا إجماليًا تجاوز 8 مليارات دولار. تأتي الـ5 مليارات دولار الإضافية من جميع أنشطة القيمة المضافة المرتبطة بنقل هذه المنتجات من الحدود إلى المستهلكين، ويدعم هذا الأثر الاقتصادي الإجمالي حوالي 47 ألف وظيفة أمريكية مرتبطة بتخزين الطماطم وتوزيعها وتجارة الجملة والتجزئة، ومن المتوقع أن تؤدي رسوم مكافحة الإغراق على الطماطم الطازجة المستوردة إلى ارتفاع الأسعار، وتقليص كمية الطماطم الطازجة التي يمكن للأمريكيين شراؤها، كما سيُخفف ذلك بعض الآثار الاقتصادية، ويلغي بعض الوظائف التي حفزتها طفرة استيراد الطماطم. خيارات المنتجين المكسيكيين مع قرب فرض ضريبة أميركية على الطماطم المكسيكية في منتصف يوليو، يضغط المزارعون المكسيكيون بشدة ضد هذا الإجراء الذي يقولون إنه سيضر بالبلدين، ويعترفون بأن الأمر صعب للغاية، وفي الأسبوع الأول من شهر مايو الحالي، التقى مصدرو الطماطم المكسيكيين في واشنطن، بوزير الزراعة المكسيكي خوليو بيرديغي، ووزيرة الزراعة الأميركية بروك رولينز، بالإضافة إلى مشترين وموزعين وتجار تجزئة أمريكيين يعارضون رسوم الاستيراد الأميركية، ويمارس المصدرون المكسيكيون، والمستوردون الأمريكيون، المتضررون من كلا الجانبين ضغوطًا على أعضاء الكونجرس لإلغاء أو تخفيف هذه الرسوم. يواجه منتجو الطماطم المكسيكيون مخاطر كبيرة، إذ يُصدرون أكثر من نصف محصول الطماطم المكسيكية إلى الولايات المتحدة، وهذا يمثل دخل سنوي يتجاوز 3 مليارات دولار، وفقًا لوزارة الاقتصاد المكسيكية، وقد شهدت صادرات المكسيك من الطماطم ارتفاعًا حادًا في السنوات الأخيرة مع توسع إنتاج الصوبات الزراعية، واليوم، تُزود ​​المكسيك، الولايات المتحدة بما يقارب 7 من كل 10 طماطم طازجة يستهلكها الأمريكيون، ويدرس مصدرو الطماطم المكسيكيون جميع الخيارات، الدبلوماسية، والتجارية، ويبرع المكسيكيون في إنتاج مجموعة متنوعة من الطماطم لسوق التصدير، بما في ذلك طماطم الكرز، وطماطم الهيرلوم، الصغيرة، وطماطم العنب الناضجة. من ناحيتها، هددت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم، بأن حكومتها قد ترد على رسوم الطماطم، بفرض رسوم انتقامية على واردات الدجاج الأميركية، وتتهم بورصة فلوريدا للطماطم، المزارعين المكسيكيين بالإغراق، من خلال استغلال انخفاض تكاليف العمالة وبيع منتجاتهم بأسعار أقل من أسعار السوق الأميركية، ويدرك المكسيكيون أن المزارعين في ولاية فلوريدا الأميركية لا يستطيعون المنافسة لأنهم يفتقرون إلى التكنولوجيا، والمياه، والمناخ الملائم، والقوى العاملة، وبخصوص التكنولوجيا، فقد استثمر المزارعون المكسيكيون بشكل كبير في تكنولوجيا الصوب الزراعية، مما سمح لهم بزراعة طماطم متخصصة، في حين كانت صناعة الطماطم في فلوريدا تقليدية، حيث تعتمد بشكل رئيسي على الطماطم المستديرة.

مؤشر مديري المشتريات
مؤشر مديري المشتريات

الشرق الأوسط

timeمنذ 2 ساعات

  • الشرق الأوسط

مؤشر مديري المشتريات

في عالم تتسارع فيه التحولات الاقتصادية، وتتعدد فيه مصادر المعلومات والإشارات الاستثمارية، يبرز مؤشر مديري المشتريات بوصفه إحدى أكثر الأدوات رصانة وعمقاً في استقراء اتجاهات الاقتصاد، ليس بوصفه انعكاساً آنياً للواقع فحسب، بل كعين تستشرف ملامح ما المستقبل، فهذا المؤشر، الذي يُستخرج شهرياً من استطلاعات ميدانية تُوجّه إلى مسؤولي المشتريات في كبريات الشركات، لا يعتمد على الحسابات اللاحقة ولا على البيانات الجامدة، بل على تفاعلات حية ومباشرة مع السوق، تُقاس من خلال 5 محاور دقيقة: الطلبيات الجديدة، الإنتاج، التوظيف، تسليم الموردين، والمخزون، ومن خلال نمذجة إحصائية متقدمة، يُنتج المؤشر رقماً مركباً يُشير إلى ما إذا كان الاقتصاد يتوسع أم ينكمش، بناءً على القراءة المحورية البالغة خمسين نقطة، تعد الخط الفاصلَ بين النمو والانكماش، فما هي خصائص مؤشر مديري المشتريات؟ وكيف أثبتت الأحداث التاريخية جدواه؟ وكيف تستفيد منه الحكومات والشركات والمستثمرون في اتخاذ القرارات؟ إن توقيت ومضمون مؤشر مديري المشتريات هما أكبر ما يميّزه، ففي زمن تُعلن فيه المؤشرات الرسمية بعد أشهر من وقوع الحدث، يجيء مؤشر مديري المشتريات ليُعلن عن التوجه الاقتصادي قبل أن تبدأ الحكومات بتدوين ملاحظاتها، وقبل أن تتحرك البنوك المركزية في مساراتها النقدية، ومن هنا، لم يكن غريباً أن تثبت التجربة التاريخية لهذا المؤشر أنه أكثر من مجرد أداة تحليل، بل رادار اقتصادي بالغ الحساسية، لطالما رصد الخلل قبل أن تتضح ملامحه الكاملة. فعلى سبيل المثال، وحين تهاوت الأسواق العالمية في عام 2008، لم يكن العالم قد استوعب بعد حجم الكارثة المالية التي ستعصف بالنظام المصرفي الدولي، لكن المؤشر، في صيف ذلك العام، بدأ يُرسل إشارات متوالية بانكماش حاد في الطلبيات والإنتاج، سواء في الولايات المتحدة أو أوروبا، وتراجعت قراءاته إلى ما دون الخمسين نقطة (وهو الحد الفاصل بين النمو والانكماش)، حتى قبل أن يُعلن إفلاس بنك «ليمان براذرز»، وفي الصين، حيث يعتمد الاقتصاد على التصدير الصناعي، سجل المؤشر تراجعاً صاعقاً في أواخر عام 2008، ما دلّ على أن الركود بات عالمياً، قبل أن تعلن المنظمات الدولية ذلك رسمياً بشهور. وفي مطلع عام 2020، وبينما كانت وسائل الإعلام لا تزال تتعامل مع فيروس «كورونا» كحادثة محلية في (ووهان)، أطلق المؤشر أول إنذاراته من قلب الاقتصاد الصيني، ففي فبراير (شباط)، تهاوت قراءته إلى أدنى مستوياتها التاريخية، في إشارة إلى شللٍ شبه تام في النشاط الصناعي، ولم تمضِ أسابيع حتى بدأت المؤشرات الأوروبية والأميركية تلحق بها، مؤكدة بذلك المؤشر بوصفه أول شاهد على حالة التباطؤ العالمي في تلك الجائحة، وكانت هذه القراءات حينها سبباً في استعجال الحكومات التي لم تكن لتتحرك بتلك السرعة لولا المؤشرات الصريحة التي قدمها هذا المقياس. ولا يقتصر دور المؤشر على مراقبة النشاط العام، بل يمتد إلى التقاط إشارات التضخم قبل أن يظهر في مؤشرات الأسعار الاستهلاكية، ففي عامي 2021 و2022، حين بدأت أسعار المواد الخام بالارتفاع نتيجة اختناقات سلاسل الإمداد، عكست مكونات مؤشر مديري المشتريات هذا التحول بوضوح، من خلال ارتفاع أسعار المدخلات وزيادة زمن تسليم الموردين، ما دفع البنوك المركزية الكبرى إلى إعادة تقييم سياساتها النقدية والبدء في رفع أسعار الفائدة، حتى قبل أن يظهر التضخم الكامل في بيانات المستهلكين. ولأن السياسات الاقتصادية لا تُبنى على الانطباعات، بل على القراءات الدقيقة، فقد أصبح المؤشر جزءاً أصيلاً في عمليات صنع القرار لدى صناع السياسات، خصوصاً في فترات الغموض أو التحول، فحين يترنح قطاع الخدمات مثلاً، ويُظهر المؤشر تراجعاً في التوظيف أو الطلب، تُعاد صياغة أولويات الإنفاق العام، وتُوجّه الموارد نحو دعم القطاعات المتأثرة، أما في زمن الانتعاش، فيكون المؤشر بمثابة تأكيد مبكر لجدوى سياسات التحفيز، ما يمنح صانع القرار ثقة إضافية في الاستمرار أو التوسعة. على الجانب الآخر، لا يغفل المستثمرون عن قراءة هذا المؤشر، إذ يُعد من الإشارات المفضّلة لدى الأسواق المالية لاتخاذ القرارات المرتبطة بالأسهم والسندات والعملات، إذ إن استمرار نمو الطلب وتوسع الإنتاج يعني غالباً زيادة في الأرباح التشغيلية، فيُترجم ذلك مباشرة إلى حركة في أسعار الأسهم، كما أن تراجع المؤشر في دولة ما قد يدفع المستثمرين إلى تقليل تعرضهم لذلك السوق، أو البحث عن أسواق بديلة تُظهر قراءاتٍ أكثر تفاؤلاً. إن المتابع للاقتصاد بشكل عام، يدرك أن مؤشر مديري المشتريات يتجاوز وظيفته الظاهرية كمقياس لحركة الاقتصاد، فهو أداة تحليل متقدمة، ومحرّك للقرار، ومؤشرٌ على الاتجاهات قبل أن تتحول إلى واقع، وهو بذلك يعد مرآة للاقتصاد لا في انعكاسه فقط، بل في استبصاره، وفي قراءته للمجهول، وفي منحه لأولئك الذين يُصغون إليه إمكانية التفاعل مع الزمن الاقتصادي لا في أعقابه، بل في لحظته وما قبلها، ولا غنى لصانعي السياسات أو المستثمرين عن الاطلاع بشكل مستمر على هذا المؤشر.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store