
لبنان يرصد بدقة وقف النار الإقليمي... مصير السلاح قبل التفاوض على تسوية شاملة
عادت الحرارة إلى الملفات الداخلية، بعد انحسار الحرب السريعة بين إسرائيل وإيران، ولاحقًا بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، وبعدما اعلن الرئيس دونالد ترامب وقف إطلاق النار.
ومع أن هذا التطور شكّل حدثاً سعيداً للمنطقة، فإن لبنان الرسمي والسياسي، بكل اتجاهاته السياسية، سعى إلى تحريك كل قنوات المشاورات والاستقصاء، سعياً إلى تلمّس معلومات دقيقة عن حقائق لا تزال غامضة وقفت وراء ما يعتقد بأنه طلائع صفقة إقليمية اميركية ضخمة سيمر وقت قبل جلاء كل ما تستبطنه. ولكن ما شكّل عاملاً جامعاً في المعطيات التي تبلّغها رسميون وسياسيون تمثّل في التشديد على جدية اتفاق وقف النار، ولو شاب اليوم الأول منه اهتزازات أثارت الشكوك في متانة الاتفاق وجديته.
وكتبت" النهار": تقول مصادر معنية بالاتصالات الديبلوماسية الجارية لتبيّن الوقائع التي تحوط بالاتفاق، إن لبنان يبدو من البلدان الأساسية المعنية بترقب تداعيات وتأثيرات وقف النار بين إسرائيل وإيران، لسبب أساسي هو معرفة ما إذا كان الاتفاق حصل على خلفية صفقة شملت الصواريخ الباليستية الإيرانية إلى جانب الملف النووي، وتالياً نفوذ إيران في المنطقة بما يمس مباشرة واقع " حزب الله" في لبنان. وأشارت إلى أن العامل الموازي في أهميته لتأثير أي صفقة محتملة مع إيران على أذرعها في المنطقة يتعلق بالتمويل، في ظل ترقّب ما يتوقع أن تقدم عليه الإدارة الأميركية بعد وقف النار من تخفيف للعقوبات والحصار المالي على إيران، وهو أمر جوهري سيجري رصده في المرحلة المقبلة لمعرفة تداعيات وقف الحرب الإسرائيلية- الإيرانية على "حزب الله" وسواه من التنظيمات المرتبطة بإيران. وفي ظل ذلك، تضيف المصادر، ستشهد مرحلة ما بعد ترسيخ وقف النار ترقباً في لبنان للاتجاهات التي ستسلكها الدولة في ملف نزع سلاح "حزب الله" وما إذا كانت ستتخذ وتيرة مغايرة لما كانت عليه في الأشهر الماضية، علماً أن إعلان وقف النار ووقف الحرب الإيرانية- الإسرائيلية سيسرّع مبدئياً إعادة طرح ملف السلاح في لبنان على كل المستويات.
واعتبرت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» ان الساحة المحلية امام عودة الحرارة الى ملفاتها الاساسية بعد انقشاع المشهد الإقليمي ورأت ان هناك مطالبة من الفرقاء المحليين بتحريك عجلة هذه الملفات كي تنطلق الدولة نحو ما التزمت به بعد إنهاء الفراغ الرئاسي وانتخاب العماد جوزاف عون رئيسا للجمهورية.
واكدت هذه المصادر انه يفترض ان تحل إشكالية المناقلات القضائية وهي لا تحتاج الى مجلس وزراء في حين ان تعيينات الفئة الاولى تتطلّب ذلك.
اضافت" اللواء": وفقاً لمصادر دبلوماسية ينشط لبنان لحشد الدعم الدبلوماسي العربي والدولي لإنهاء الوضع الشاذ في الجنوب، ومنع اسرائيل من استكمال مغامرات التمرد على القرار 1701 ووقف النار، أو السعي للذهاب إلى «حرب صغيرة» أو كبيرة، تفرض على لبنان وحزب الله للذهاب إلى تسوية شاملة، انطلاقاً من وضع ملف السلاح على الطاولة قبل البدء بالتفاوض.
وفي هذا السياق، تشير هذه المصادر الى أنّ الحركة السياسية والدبلوماسية في بيروت خلال الحرب «الايرانية-الاسرائيلية»، والمعلومات التي رشحت عنها، توحي بأنّ شيئاً يُحضر للبنان، وأنّ الحرب إن وقعت ستكون وسيلة ضغط لفرض «التسوية او شروط الحل»، كاشفة النقاب عن أن ما يُتداول في الكواليس الدبلوماسية، يشير إلى تسوية تُبنى على ثلاث ركائز:
أولاً: انسحاب إسرائيلي من كافة نقاط الخلاف الحدودية، وتفاهم بحري وبري شامل.
ثانياً: ترسيم نهائي للحدود البرية مع فلسطين المحتلة وسوريا تحت إشراف دولي، بما يشمل انتشاراً للجيش اللبناني وتعديلات حتمية على دور اليونيفيل.
ثالثاً: وضع ملف السلاح على الطاولة بشكل جدي كشرط مسبق للتفاوض.
على أن المصادر تستدرك قائلة: ان الحديث عن نزع سلاح حزب الله أو وضعه تحت سيطرة الدولة، لم يعد طرحًا داخليًا، بل أصبح جزءاً من معادلة «إقليمية – دولية» بعد التسوية «الأميركية – الإيرانية» التي أوقفت الحرب بين إيران وإسرائيل، كاشفة ان ما يُحكى في الغرف المغلقة يتجاوز فكرة «نزع السلاح» التقليدية، فلا أحد يتخيّل مشهداً تُسلَّم فيه الصواريخ والأسلحة إلى الجيش، بل ما يُطرح هو صيغة «تنظيم السلاح» الباقي بعد العدوان المفترض تحت سلطة الدولة فقط، بعد خروج العدو من كافة الأراضي اللبنانية
وقالت مصادر سياسية مطلعة ل" الديار" ان وقف النار من شانه ان ينعكس ايجابا على لبنان الذي نأى بنفسه عن المواجهات، ونجح في ان يكون على الحياد وخارج اصطفافات المحاور، في ظل الموقف الموحد الذي خرجت به «الترويكا الرئاسية»، متوقعة ان ينعكس ذلك على الوضع العام، فتدخل البلاد مرحلة جديدة بعدما اثبت لبنان انتماءه الى محيطه العربي، من خلال تضامنه مع قطر وجيرانها، ما قد ينعكس على الملفات الاقتصادية واعادة الاعمار، آملة في انطلاق عجلة الحوار حول سلاح حزب الله للوصول الى التفاهم المطلوب
وفيما ابدت المصادر اسفها للعرقلة في انجاز الاصلاحات الاقتصادية، بسبب العراقيل السياسية والصراع القائم على التعيينات المالية، وتاثيرات ذلك في القطاع المصرفي، اعتبرت ان الفرصة لا تزال قائمة امام لبنان «ليلحق الموسم السياحي»، في حال صمود وقف النار وثبت الاستقرار، واوقفت اسرائيل اعتداءاتها.
وكان رئيس الحكومة نواف سلام زار الدوحة مع وفد وزاري واستقبله أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ، ثم عقد لقاء ثنائي بين الأمير ورئيس الحكومة. وأفيد رسمياً أن الجانبين عبرا خلال اللقاء عن ترحيبهما بوقف الحرب بين إسرائيل وإيران، مع تأكيد أهمية أن ينعكس هذا التطور إيجاباً على استقرار لبنان وفلسطين ودول الخليج، خصوصاً بعد الاعتداء الإيراني الذي تعرضت له دولة قطر، والذي دانه الرئيس سلام بشدة معرباً عن تضامنه الكامل مع قطر دولة شعباً. وفي مؤتمر صحافي مشترك للرئيس سلام ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، قال سلام: "تم الاتفاق على الاستمرار في التشاور بهدف التوصل إلى تفاهم تنفيذي بشأن مساهمة قطر في دعم لبنان في مجال الطاقة، سواء من خلال إنشاء محطة لتوليد الكهرباء أو تزويد لبنان بالغاز. كما إننا نأمل بأن تستقر الأمور في المنطقة وأن يستأنف الأشقاء القطريون زياراتهم إلى لبنان، ونحن نأمل بأن يكون لدينا موسم اصطياف واعد، كما اطلعت سمو الأمير ورئيس مجلس الوزراء على ما قمنا به في الأشهر الماضية في لبنان، إن كان في مجال الإصلاح حيث يتم التركيز عليه مع مشاريع القوانين التي تقدمنا بها، والخطوات لإعادة تشكيل الإدارة على أسس الشفافية والتنافسية، والمشاريع التي أعددناها والمتعلقة باستقلالية القضاء ، ما يساهم في جذب الاستثمارات". وأشار إلى "أن هناك مسارا آخر نعمل عليه، وهو بسط سلطة الدولة اللبنانية بقواها الذاتية على كامل الأراضي اللبنانية كما نص عليه اتفاق الطائف، ولكن الأساس يبقى أن لا استقرار حقيقياً يمكن أن يتحقق في لبنان ما لم تنسحب إسرائيل بالكامل من الأراضي اللبنانية التي لا تزال تحتلّها، والمعروفة بالنقاط الخمس. وكما في كل اتصالاتي السابقة مع دولة الرئيس، طلبنا مجددًا دعمه، إلى جانب أطراف المجتمع الدولي". وقال إنه "في ما يتعلق بـ"حزب الله" فنحن والحمدلله، تمكنا بالتعاون جميعاً في لبنان في الأسبوعين الأخيرين من منع جرّ لبنان إلى حرب جديده بأي شكل في النزاع الإقليمي الذي كان دائراً، واليوم بعدما توقفت العمليات العسكرية، فنحن نتطلع إلى صفحة جديدة من العمل الديبلوماسي".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

القناة الثالثة والعشرون
منذ 22 دقائق
- القناة الثالثة والعشرون
قاسم غير المحايد يرسل إشارةً سيئةً تهدّد المساعدات للبنان
في فبراير/شباط الماضي، وافق البنك الدولي مبدئيًا على حزمة مساعداتٍ ماليةٍ للبنان تبلغ مليار دولار، منها 250 مليونًا تُصرف فورًا من موارد البنك، فيما يُعوَّل على الدول المانحة والمؤسّسات الدولية لتأمين الـ750 مليون دولار المتبقية. هذه الحزمة تمثل فرصةً نادرةً أمام لبنان لتثبيت ما تبقّى من ركائز اقتصاده المنهار، إلّا أنّ هذه الفرصة قد تتأثر بفعل سلوك الحزب ورهاناته. فالمجتمع الدولي، بحسب مصادر مطلعة، لن يوافق على تقديم أي دعم إذا انفجر الوضع الأمني واندفع حزب الله نحو حربٍ إقليمية. وقد جاء تهديد الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، في 19 يونيو/حزيران، ليضع هذه المساعدات في مهبّ الريح. فتصعيد الحزب لا يُشكل خطرًا أمنيًا فقط، بل يُعتبر في نظر المجتمع الدولي مؤشرًا إلى غياب التزام لبنان بشروط الاستقرار والإصلاح. البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ومعهما الدول الغربية، كانت واضحةً: 'لا مساعدات للبنان في ظلّ بقاء حزب الله كمنظمة مسلّحة تتصرف خارج إطار الدولة'. فالمعضلة لم تعد اقتصاديةً فقط، بل باتت سياديةً بالدرجة الأولى. في الوقت الذي تتحرّك فيه الحكومة اللبنانية لمحاولة تأمين الدعم، يعمل حزب الله على نسف هذه الجهود، من خلال الزجّ بلبنان في صراعاتٍ لا تخدم مصالحه الوطنية. هذا السلوك يُفاقم عزلة لبنان ويهدّد مستقبله الاقتصادي والاجتماعي. إن نزع سلاح حزب الله لم يعد مطلبًا داخليًا فحسب، بل أصبح شرطًا دوليًا لإنقاذ لبنان. ومن دونه، سيبقى البلد رهينة منطق القوة، وسيُحرم شعبه من أبسط مقومات الحياة الكريمة. على الحكومة اللبنانية أن تحسم خياراتها: 'إمّا أن تسلك طريق الدولة والمؤسّسات، أو أن تبقى تحت سطوة السلاح الخارج عن الشرعية، وتتحمّل نتائج الانهيار الشامل'. الفرصة ما زالت قائمة، لكن الوقت ينفد، وأي خطوة متهوّرة قد تكون مكلفةً جدًا. أسعد بشارة- 'هنا لبنان' انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


ليبانون ديبايت
منذ 31 دقائق
- ليبانون ديبايت
تأخير شهرين... حصاد الضربات الأميركية على المنشآت إيران النووية
في ظل نفي الرئيس الأميركي دونالد ترامب وفريقه لكل التقارير التي شككت في نجاح الضربات الأميركية على ثلاث منشآت نووية إيرانية، أكدت مصادر مطلعة أن مخزونات اليورانيوم المخصب لم تُقضَ عليها بالكامل، وأن هذه الضربات ربما أرجأت البرنامج النووي الإيراني لمدة شهر أو شهرين فقط، وفق ما نقلت وكالة رويترز. وأوضحت ثلاثة مصادر مطلعة أن تقييماً أولياً لوكالة مخابرات الدفاع الأميركية، وهي الذراع الاستخبارية الرئيسية لوزارة الدفاع، خلص إلى أن الهجمات الأميركية التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية مطلع الأسبوع لم تؤدِ إلى القضاء الكامل على البرنامج، بل أجلته بضعة أشهر فقط. وأشار مصدر إلى أن هذا التقييم السري لم يكن مقبولاً بشكل عام وأثار خلافات داخل دوائر الاستخبارات، خاصةً مع تصريحات ترامب ومسؤولين أميركيين كبار مثل وزير الدفاع بيت هيغسيث الذين أكدوا أن الهجمات قضت على أساس البرنامج النووي الإيراني. ترامب وصف الضربات بأنها ضرورية لمنع إيران من تطوير سلاح نووي، مؤكداً أن المواقع النووية "قُضي عليها تماماً وبصورة كاملة". كما صرح هيغسيث بأن الهجمات "محت طموحات إيران النووية". في المقابل، وصف المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف تسريب التقييم السري بأنه "خيانة" وناشد بمحاسبة المسؤولين عن التسريب، معتبرًا التقارير التي تشكك في نجاح الضربات "سخيفة". يرى بعض الخبراء أن تقييم الأضرار التي لحقت بمنشآت فوردو وأصفهان ونطنز يمثل مهمة صعبة، خصوصًا أن وكالة المخابرات الدفاعية ليست الوكالة الوحيدة المكلفة بذلك. وفي هذا السياق، أكد مسؤول أميركي أن الولايات المتحدة لا تزال غير متأكدة من مدى الضرر الكامل الذي حدث. من جهتها، أكدت عدة مسؤولين إيرانيين أن البرنامج النووي لم يتوقف، حيث أعلن رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، أن بلاده اتخذت ترتيبات مسبقة لإصلاح واستعادة عمل القطاع النووي. وقال في تصريح للتلفزيون الرسمي إن "الاستعدادات لإعادة تأهيل المنشآت النووية كانت جزءًا من خطتنا بهدف تفادي أي تعطيل في عمليات الإنتاج أو الصيانة". ورغم ذلك، أعاد ترامب التأكيد مجدداً، الأربعاء، على أن المنشآت النووية الإيرانية دُمرت بالكامل، رداً على التقييم الاستخباراتي الأولي الذي أشار إلى خلاف ذلك.


ليبانون ديبايت
منذ 31 دقائق
- ليبانون ديبايت
رغم اغتيال العلماء... إيران: برنامجنا النووي لا يتوقف
أكد مصدر أمني إيراني أن برنامج بلاده النووي لن يتوقف رغم اغتيال إسرائيل عدداً من العلماء النوويين في الضربات الجوية والاستخبارية التي شنتها منذ 13 حزيران. وأوضح المصدر في تصريح لوكالة "ريا نوفوستي" رداً على سؤال حول قدرة إيران على إحياء برنامجها النووي بعد فقدان عدد من العلماء، أن إيران خسرت عدداً منهم سابقاً لكن البرنامج لم يتوقف، ولن يتوقف الآن أيضاً. يُذكر أن الجيش الإسرائيلي شن فجر 13 حزيران عملية عسكرية واسعة استهدفت مواقع عسكرية ومنشآت البرنامج النووي الإيراني، واشتملت الضربات على موجات متتالية في مناطق عدة من إيران، بما في ذلك العاصمة طهران. وأسفرت العملية عن مقتل عدد من القادة العسكريين رفيعي المستوى، من بينهم رئيس أركان الجيش وقائد فيلق الحرس الثوري، بالإضافة إلى عدة علماء نوويين. من جهة أخرى، أفادت صحيفة "نيويورك تايمز" أمس الثلاثاء بأن بعض المسؤولين الإسرائيليين يعتقدون أن إيران لا تزال تمتلك منشآت صغيرة سرية لتخصيب اليورانيوم. وتشير المعلومات إلى احتمال أن تكون طهران بنت هذه المنشآت بهدف مواصلة تطوير برنامجها النووي في حال تعرضت المنشآت الأكبر إلى ضربات. ويأتي ذلك في ظل إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب مساء الاثنين عن موافقة إيران وإسرائيل على وقف كامل لإطلاق النار بينهما، بعد مواجهة استمرت 12 يوماً بدأت بها إسرائيل قصفها المكثف منذ 13 حزيران الجاري.