logo
ماذا نعرف عن مشروع قانون ترامب "الكبير والجميل" الذي يُثير جدلاً في الولايات المتحدة؟

ماذا نعرف عن مشروع قانون ترامب "الكبير والجميل" الذي يُثير جدلاً في الولايات المتحدة؟

شفق نيوزمنذ 10 ساعات

أصدر أعضاء بارزون من الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ النسخة الأحدث من مشروع الموازنة، التي تُعد محوراً أساسياً في أجندة الرئيس دونالد ترامب لفترة ولايته الثانية، في وقت يسارعون فيه لإقناع المترددين من أعضاء حزبهم بدعم التشريع.
وتتضمن المسودة الجديدة من "مشروع القانون الكبير والجميل"، التي نُشرت في الساعات الأولى من صباح السبت، بعض التعديلات البارزة مقارنة بالنسخة التي أُقرت بفارق صوت واحد الشهر الماضي في مجلس النواب.
ومن بين هذه التعديلات، زيادة في خفض مخصصات برنامج "ميديكيد"، بينما أُزيلت بنود أخرى أو أُعيدت صياغتها لتتوافق مع قواعد مجلس الشيوخ.
ولا يزال الجمهوريون منقسمين بشأن كيفية تمويل العديد من التخفيضات الضريبية المقترحة ضمن التشريع، التي قدّر مكتب الميزانية في الكونغرس أنها ستضيف نحو 3 تريليونات دولار إلى الدين العام الأمريكي خلال العقد المقبل.
ويُسابق الجمهوريون في مجلس الشيوخ الزمن لتمرير مشروع القانون قبل الموعد النهائي الذي حدّدوه لأنفسهم في الرابع من يوليو/تموز، كي يُرسل إلى مكتب ترامب لتوقيعه وتحويله إلى قانون.
وفيما يلي بعض أبرز بنود المشروع:
ضرائب الضمان الاجتماعي
تعهد ترامب خلال حملته الانتخابية بإلغاء الضرائب المفروضة على دخل الضمان الاجتماعي، وهي مدفوعات شهرية تُقدّم للأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن.
لكن مشروع القانون في مجلس النواب لم يحقق هذا الوعد بالكامل، واقتصر على رفع مؤقت للخصم الضريبي المعياري بما يصل إلى أربعة آلاف دولار للأفراد الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً أو أكثر.
ويُفترض أن يُطبق هذا الخصم بين عامي 2025 و2028.
وتبدأ قيمة الخصم في الانخفاض بالنسبة لدافعي الضرائب المتزوجين الذين يقدمون إقراراتهم بشكل مشترك عند دخل قدره 150 ألف دولار، و75 ألف دولار للأفراد.
ويسعى الجمهوريون في مجلس الشيوخ بدورهم إلى تمديد الإعفاءات الضريبية المتعلقة بالضمان الاجتماعي، واقترحوا رفع الخصم الضريبي ليصل إلى ستة آلاف دولار لكبار السن.
شروط أكثر صرامة لبرنامج "ميديكيد"
ومن أجل تمويل التخفيضات الضريبية في مجالات أخرى، أضاف الجمهوريون مزيداً من القيود والمتطلبات على برنامج "ميديكيد"، وهو برنامج الرعاية الصحية الذي يعتمد عليه الملايين من كبار السن وذوي الإعاقة وذوي الدخل المنخفض.
وشكّلت التعديلات المقترحة على بند "ميديكيد"، الذي يُعد من أكبر بنود الإنفاق الفيدرالي، محوراً رئيسياً للجدل السياسي.
ومن بين هذه التعديلات، فرض شروط عمل جديدة على البالغين من غير ذوي الإعاقة الذين لا يعولون أطفالاً.
ووفقاً لمشروع القانون، يُطلب من هؤلاء العمل لمدة لا تقل عن 80 ساعة شهرياً بدءاً من ديسمبر/كانون الأول 2026.
كما يتضمن مقترح آخر إعادة تسجيل المستفيدين في البرنامج مرة كل ستة أشهر بدلاً من مرة واحدة سنوياً، بالإضافة إلى مطالبتهم بتقديم مستندات إضافية تثبت الدخل والإقامة.
ويقترح مشروع مجلس الشيوخ فرض قيود أشد على "ميديكيد"، ما يُنذر بمزيد من الصعوبات للجمهوريين عندما يُعاد القانون إلى مجلس النواب.
وتتضمن نسخة المشروع تخفيض الضرائب المفروضة على مقدّمي الخدمات، وهي آلية تعتمد عليها الولايات للمساهمة في تمويل حصتها من البرنامج، من 6 في المئة إلى 3.5 في المئة بحلول عام 2031.
وقد أدّت شكاوى من بعض الجمهوريين في الولايات التي تعتمد على هذه الضرائب، لا سيما لتمويل المستشفيات الريفية، إلى تأجيل التخفيضات وإضافة صندوق بقيمة 25 مليار دولار لدعم المستشفيات الريفية.
ويقترح مشروع مجلس الشيوخ أيضًا تشديد شروط الأهلية، بحيث يُطلب من البالغين الذين لديهم أطفال تبلغ أعمارهم 15 عامًا أو أكثر العمل أو التطوع لما لا يقل عن 80 ساعة شهرياُ.
ويُقال إن شرط العمل في برنامج "ميديكيد" ضمن النسخة المقدمة من مجلس الشيوخ هو الأكثر صرامة على الإطلاق من بين مقترحات الجمهوريين، ما يزيد من احتمالية فقدان أعداد كبيرة من الأمريكيين لتغطيتهم الصحية.
رفع الحد الأقصى لخصم ضرائب "سالت"
ويرفع مشروع القانون الحد الأقصى للخصومات الضريبية المفروضة على الضرائب المحلية وضرائب الولايات (المعروفة باسم "سالت")، وهي مسألة شديدة الأهمية لعدد من النواب الجمهوريين المترددين، خصوصاً في المناطق الحضرية الخاضعة لسيطرة الديمقراطيين.
حالياً، يوجد سقف يبلغ 10 آلاف دولار، يمكن لدافعي الضرائب خصمه من المبلغ المستحق عليهم للضرائب الفيدرالية، وينتهي سريان هذا السقف مع نهاية العام الجاري.
وفي مشروع القانون الجديد، رفع الجمهوريون في مجلس النواب سقف "سالت" إلى 40 ألف دولار للأزواج الذين تصل دخولهم إلى 500 ألف دولار.
وقد شكّلت هذه النقطة بدورها محور خلاف كبير.
وثبّت قانون أُقرّ عام 2017 خلال ولاية ترامب السابقة، السقف عند 10 آلاف دولار، في محاولة لإتاحة مساحة في الموازنة الفيدرالية لتمويل إعفاءات ضريبية أخرى.
ولزيادة فرص تمرير مشروع القانون، اقترح الجمهوريون في مجلس الشيوخ الإبقاء على تعديل مجلس النواب السابق حتى عام 2030 فقط.
برنامج المساعدات الغذائية "سناب"
وتتضمن النسخة الجديدة من مشروع القانون إصلاحات برنامج "سناب"، وهو برنامج المساعدات الغذائية الفيدرالي الذي يستفيد منه أكثر من 40 مليون أمريكي من ذوي الدخل المنخفض.
ويُلزم المشروع الجديد الولايات بالمساهمة بشكل أكبر في تمويل البرنامج، الذي يُموّل جزئياً من قبل الحكومة الفيدرالية.
كما يفرض شروط عمل على المسجّلين في "سناب" من القادرين على العمل والذين لا يعولون أطفالاً.
إعفاء من الضرائب على العمل الإضافي والإكراميات وبنود أخرى
ويفي مشروع القانون بأحد أبرز وعود ترامب الانتخابية، وهو إلغاء الضرائب على الإكراميات وأجور العمل الإضافي.
كما يتيح المشروع للأمريكيين خصم فوائد قروض السيارات من ضرائبهم، لكن فقط السيارات المصنوعة في الولايات المتحدة.
وصوّت مجلس النواب لصالح زيادة الائتمان الضريبي للأطفال من ألفي دولار إلى 2,500 دولار حتى عام 2028، بشرط أن يكون كلا الوالدين يحملان رقم ضمان اجتماعي.
بالإضافة إلى ذلك، يقترح مشروع القانون رفع سقف الدين العام بمقدار 4 تريليونات دولار، بينما يطالب الجمهوريون في مجلس الشيوخ برفعه إلى 5 تريليونات.
وسقف الدين هو الحد الأقصى الذي يمكن للحكومة الأمريكية اقتراضه لسداد التزاماتها المالية.
ورفع سقف الدين يُتيح للحكومة سداد تكاليف برامج سبق أن أقرها الكونغرس.
وتتضمن نسخة مجلس الشيوخ من المشروع بنداً يسمح للأمريكيين بخصم الإكراميات والعمل الإضافي من ضرائبهم.
غير أن أعضاء مجلس الشيوخ يقترحون تقليص هذه المزايا تدريجياً بحسب الدخل السنوي، بدءاً من 150 ألف دولار للأفراد و 300 ألف دولار للأزواج.
أما بالنسبة للائتمان الضريبي للأطفال، فيدرس مجلس الشيوخ زيادة أكثر تحفظاُ، تصل إلى 2200 دولار، لكنها دائمة ولا تتطلب سوى أن يكون أحد الوالدين لديه رقم ضمان اجتماعي.
تخفيضات ضريبية على الطاقة النظيفة
ويُعد مقترح مجلس الشيوخ بشأن الحوافز الضريبية للطاقة النظيفة من أبرز نقاط الخلاف مع نظرائهم في مجلس النواب.
ورغم أن كلا المجلسين يدعو لإلغاء الاعتمادات الضريبية الفيدرالية للطاقة النظيفة التي أُقرت في عهد بايدن، فإن الجمهوريين في مجلس الشيوخ يقترحون إلغاءها تدريجياً بوتيرة أبطأ.
فعلى سبيل المثال، يمنح مشروع مجلس الشيوخ فترة انتقالية أطول للشركات التي تبني مزارع طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية للاستفادة من هذه الاعتمادات الضريبية.
وعلى الرغم من ذلك، يسعى كل من مجلس النواب والشيوخ، إلى منع حصول الشركات التي ترتبط سلاسل إمدادها بكيانات أجنبية "مثيرة للقلق"، مثل الصين، على هذه الاعتمادات.
وبموجب المقترح، فإن الشركات التي تبدأ البناء هذا العام ستحصل على الإعفاء الضريبي الكامل، في حين ينخفض إلى 60 في المئة إذا بدأ البناء في عام 2026، و20 في المئة في عام 2027، ثم يُلغى كلياً في عام 2028.
أما نسخة مجلس النواب من مشروع القانون، فتدعو إلى إلغاء هذه الإعفاءات الضريبية على الفور.
ما الخطوة التالية؟
يجب على مجلس الشيوخ الاتفاق على النسخة النهائية من مشروع القانون قبل إحالته للتصويت.
وبما أنه من المرجح أن تتضمن النسخة النهائية بعض التعديلات على مشروع مجلس النواب الأصلي، فسوف يُعاد إلى مجلس النواب للتصويت عليه مجدداً، حيث من المتوقع أن يواجه تحديات إضافية.
وقد عبّر الجمهوريون في مجلس النواب مسبقاً عن استيائهم من المشروع، إذ كتب مايك لولر عضو مجلس النواب عن نيويورك على مواقع التواصل الاجتماعي، أن أي مشروع قانون يُبقي على سقف خصم ضرائب الولاية والحكومة المحلية عند 10 آلاف دولار سيكون "ميتًا لحظة وصوله" إلى مجلس النواب.
أما تشيب روي عضو المجلس عن تكساس، فقال إن مقترح مجلس الشيوخ بشأن الطاقة النظيفة "لا يرقى إلى المستوى المطلوب على الإطلاق".
ودعا ترامب مراراً مجلس الشيوخ إلى التحرك سريعاً.
فبعد فترة وجيزة من إقرار مشروع القانون في مجلس النواب، كتب على وسائل التواصل الاجتماعي: "حان الوقت لأصدقائنا في مجلس الشيوخ الأمريكي أن يبدأوا العمل، ويرسلوا هذا المشروع إلى مكتبي في أسرع وقت ممكن!".
أما الديمقراطيون، الذين لا يملكون أغلبية في أي من المجلسين، فقد انتقدوا مشروع القانون بشدة، لا سيما فيما يتعلق بتعديلات برنامج "ميديكيد" وبرنامج المساعدات الغذائية.
ووصف زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب، حكيم جيفريز، المشروع بأنه "خدعة ضريبية جمهورية متهورة ورجعية، ومشينة"، وتعهد باستخدامه كسلاح انتخابي ضد الجمهوريين في انتخابات التجديد النصفي العام المقبل.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مصدر أمريكي يؤكد: خطة ترامب لتهجير سكان غزة لم تعد قائمة
مصدر أمريكي يؤكد: خطة ترامب لتهجير سكان غزة لم تعد قائمة

الرأي العام

timeمنذ 39 دقائق

  • الرأي العام

مصدر أمريكي يؤكد: خطة ترامب لتهجير سكان غزة لم تعد قائمة

قال مصدر أمريكي مشارك بالوساطة بين الحكومة الإسرائيلية وحركة حماس بشأن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، إن فكرة تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، لم تعد قائمة. ونقلت صحيفة 'الشروق' المصرية اليوم الأحد عن المصدر الأمريكي، قوله إن 'خطة الإخلاء الكامل لقطاع غزة وتهجير سكانه بالصورة التي طرحها في وقت سابق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم تعد قائمة'. وشدد المصدر حسبما نقلت الصحيفة، أن الإدارة الأمريكية الراهنة تدعم التوصل لحل يضمن إنهاء الحرب الدائرة في القطاع منذ 19 شهرا. وفي وقت سابق اليوم، حث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إسرائيل وحماس على إبرام صفقة في غزة تهدف إلى إعادة المختطفين في 7 أكتوبر. وكتب ترامب على شبكته الاجتماعية 'تروث سوشيال'، في منشور: 'أبرموا صفقة في غزة، استرجعوا الرهائن!!!'، في محاولة منه للضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، والذي توقع ترامب سابقا إبرامه خلال أسبوع.

استقرار أسعار الدولار في بغداد وارتفاعها بأربيل مع إغلاق البورصة
استقرار أسعار الدولار في بغداد وارتفاعها بأربيل مع إغلاق البورصة

شفق نيوز

timeمنذ ساعة واحدة

  • شفق نيوز

استقرار أسعار الدولار في بغداد وارتفاعها بأربيل مع إغلاق البورصة

شفق نيوز – بغداد / أربيل استقرت أسعار صرف الدولار مقابل الدينار، عصر الأحد، في أسواق بغداد، فيما ارتفعت في أربيل عاصمة إقليم كوردستان، بالتزامن مع إغلاق البورصة. وقال مراسل وكالة شفق نيوز، إن أسعار الدولار استقرت مع إغلاق بورصتي الكفاح والحارثية، لتسجل 141250 ديناراً مقابل 100 دولار، وهي نفس الاسعار التي سجلتها صباح اليوم. وأشار مراسل الوكالة إلى أن أسعار البيع في محال الصرافة بالأسواق المحلية في بغداد استقرت، حيث بلغ سعر البيع 142250 ديناراً مقابل 100 دولار، بينما بلغ الشراء 140250 ديناراً مقابل 100 دولار.

إقامات معلّقة وغلاء فاحش.. عراقيون ضاق بهم اللجوء في تركيا
إقامات معلّقة وغلاء فاحش.. عراقيون ضاق بهم اللجوء في تركيا

شفق نيوز

timeمنذ 3 ساعات

  • شفق نيوز

إقامات معلّقة وغلاء فاحش.. عراقيون ضاق بهم اللجوء في تركيا

شفق نيوز - اسطنبول بعد أن أَحزمت حنين حقائب سفرها، ألقت نظرة وداع أخيرة على الشارع الذي سكنت فيه في تركيا، حيث قررت العودة إلى العراق. منذ عام 2015 تعيش حنين جبار بمدينة إسطنبول بهدوء، لكن دفعتها ظروف غلاء المعيشة إلى العودة، تقول حنين: "الوضع في تركيا أصبح مختلفاً عن السابق، إذ ظهرت صعوبات عديدة من ناحية الإقامة والإيجار والسكن". وتضيف لوكالة شفق نيوز: 'أصبح الوضع المادي صعباً للغاية، ولم يعد ما نحصل عليه يكفي لسد الحاجات الأساسية، لقد أصبح غلاء المعيشة في تركيا يُقارن بدبي المعروفة بارتفاع الأسعار، لكن الخدمات قليلة مقابل هذا الغلاء، عكس دبي". وفي عام 2023، عاد آلاف العراقيين إلى بلدهم بعد أن استقروا في تركيا لعدة أعوام بسبب تعقيدات في منح السلطات التركية الإقامة أو تجديدها، على الرغم من أن كثيرين منهم يملكون عقارات وأعمالاً تجارية هناك، وما تزال العودة مستمرة حتى يومنا هذا. توقف الزمن بدورها تؤكد تمارا فائق، بأنها "عاشت في تركيا منذ 6 سنوات، دون أن تحقق ما تصبو إليه بسبب التعقيدات، فقررت السفر إلى أمريكا". وتضيف: "في أمريكا يستطيع الشخص الدراسة والعمل والحصول على الجنسية، أما في تركيا فلا يمكن للمهاجر أن يتطور، ويمضي الزمن دون جدوى". وتشير إلى أن "هناك مصاعب أخرى غير غلاء المعيشة، منها معرقلات الحصول على إقامة، حيث إن كثيراً من العراقيين قضوا سنوات عديدة في تركيا من أجل الحصول على إقامة، لكن قوبلت ملفاتهم بالرفض، و تستمر تركيا في رفض الإقامات بنسبة 99%". وكانت آلاف العائلات قد اضطرت إلى مغادرة العراق والتوجّه إلى تركيا خلال الفترات التي أعقبت عام 2003، وضاعفت سيطرة عصابات داعش على بعض المناطق أعداد النازحين من تلك المناطق. وبهذا الصدد يقول الصحفي العراقي المقيم في إسطنبول مصطفى الواسطي للوكالة: "أعمل في أنقرة مراسلاً لإحدى القنوات العراقية مقابل 1500 دولار يتم تحويلها شهرياً لحسابي في البنك، وكان هذا المبلغ جيداً خلال السنة الأولى من إقامتي، ولكن الوضع تغيّر كثيراً خلال السنوات القليلة الماضية في تركيا وأصبح الوضع المادي عسيراً للغاية". ويزيد بالقول: "عملت لأكثر من جهة إعلامية وأرهقني التعب كي أتمكن من دفع أجور السكن وفواتير الماء والاتصالات والخدمات الأخرى"، منوهاً الى أن "الشقة التي كان قد استأجرها بادئ الأمر بـ200 دولار أصبحت بـ500 دولار، كما ارتفعت أسعار جميع المواد والخدمات، وهو ما جعلني في وضع حرج للغاية من الناحية المادية". ويؤكد الواسطي، أن "ارتباطه بالعمل وظروف الحياة التي اعتاد عليها في تركيا تمنعه من العودة"، موضحاً أن "المبالغ التي يحصل عليها تعد كبيرة في العراق، لكنها لا تكفي لسداد الضروريات في تركيا بسبب الغلاء". ويوضح ان "تركيا الآن أصبحت خالية من العراقيين إلا نسبة قليلة هم مجبرون على البقاء، لكنهم رغم ذلك يبحثون عن بدائل أخرى كالسفر إلى أمريكا وغيرها". أما المواطن المقيم في تركيا مازن المعموري فيقول: "كانت تصلني من العراق حوالة مالية تتراوح بين 700 إلى 800 دولار شهرياً، وكان هذا المبلغ كافياً بالنسبة لي". ويضيف في حديث لشفق نيوز: "في مطلع هذا العام حصلت زيادة على رواتب العمال، ولكن بالمقابل ارتفعت الأسعار، أجور السكن والقطارات والمواد الغذائية كلها ارتفعت بشكل عجيب، ما دفع بكثير من العائلات العراقية للعودة". وعلى الرغم من الصعوبات المالية وغلاء المعيشة الذي يعاني منه العراقيون المقيمون في تركيا، إلا أن ثمة العديد منهم يفضّل البقاء على العودة للوطن لأسباب شتى. لا يستطيعون العودة يقول أحمد ماجد، المقيم في تركيا: "لا يوجد في اليد حيلة، فأنا مهدد عشائرياً بالقتل في العراق، وعودتي تشكل خطراً عليّ وعلى عائلتي". ويضيف في حديث لشفق نيوز: "أحاول أن أعمل أنا وزوجتي لسد حاجة السكن والمستلزمات الأخرى". أما الباحث الأكاديمي مشتاق الحلو، المقيم في تركيا، فيقول: إن "طفلي وُلد في أنقرة ولا يعرف التكلم باللغة العربية، لأنه عاش وترعرع في تركيا، لذا فأنا مضطر للبقاء". ويؤكد في حديثه للوكالة، أن "عودته إلى العراق تعني فقدان ابنه لسنوات من التعليم، وهو يخشى عليه من الصدمة جراء التفاوت الثقافي والاجتماعي بين العراق وتركيا". بدوره يشير الخبير الاقتصادي التركي جلال البكار، إلى أن "أحد أسباب الهجرة من تركيا هو موضوع ضبط الإقامات والتأشيرات السياحية، حيث أدى إلى نزوح بعض الجاليات المستقرة منذ زمن طويل، خاصة أنه بدأ فرض قيود على الإقامة السياحية، ويجب أن تكون هناك استثناءات للإقامة السياحية وشروط للإقامة العقارية، حيث أصبحت بتكاليف مالية أخرى". ويلفت في حديثه لوكالة شفق نيوز إلى أن 'هبوط قيمة الليرة التركية مقابل العملات الأجنبية أيضاً كان له أثر على صعيد الأسعار، خاصة وأن العراقيين ولغاية عام 2023 هم أكثر الجاليات شراءً للعقارات في تركيا، لكن مع شراء العقار وعدم الحصول على الإقامة، أصبح وجودهم محفوفاً بالمخاطر". ويؤكد البكار أن "الاقتصاد التركي تعرض للعديد من الأزمات، منها طبيعية مثل الزلزال في تركيا عام 2023، وأيضاً الانتخابات الرئاسية والبلدية التي بدورها أثّرت على الاقتصاد، حيث انخفضت قيمة العملة التركية وارتفعت تكاليف المعيشة". ويتابع: "كما أن الحرب الروسية الأوكرانية انعكست سلباً على أسعار المواد الأولية، خاصة وأن تركيا كانت من المستوردين للغاز الروسي، وهناك مصالح اقتصادية لتركيا مع أوكرانيا، كل هذه العوامل أثّرت سلباً على الاقتصاد التركي". وقد دفعت الظروف القاهرة خلال السنوات الماضية آلاف العراقيين لمغادرة بلدهم والنزوح إلى الدول المجاورة، وتعد تركيا واحدة من دول الجوار التي استقطبت أعداداً كبيرة من المهاجرين العراقيين، بيد أن صعوبة الأوضاع المادية هناك وتحسن الأوضاع الأمنية وتوفّر فرص العمل شجعت كثيرين على العودة، فيما لا يزال عراقيون كثيرون في تركيا ينتظرون فرصة الحصول على لجوء في دولة أوروبية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store