
تحول اقتصادي موريتاني كبير
هذا البلد مترامي الأطراف، الذي ظل يعاني لستة عقود من تحديات الفقر والتغير المناخي، يمتلك موارد طبيعية هائلة تجعله مرشحاً ليصبح أحد اللاعبين الرئيسيين في سوق الطاقة العالمية.
مع بدء الإنتاج التجاري للغاز الطبيعي من مشروع أحميم الكبير (GTA) مطلع عام 2025، وطموحاتها في إنتاج الهيدروجين الأخضر، تبدو موريتانيا جاهزة للانتقال من اقتصاد يعتمد على التعدين التقليدي إلى نموذج أكثر تنوعاً واستدامة.
ومع ذلك، يظل الطريق مليئاً بالعقبات، حيث يتطلب النجاح في استغلال هذه الفرص الكبيرة، استثمارات هائلة وإدارة حكيمة للموارد.
في تاريخه القريب، اعتمد اقتصاد موريتانيا على قطاعين رئيسيين: التعدين والصيد البحري. إذ يُعد خام الحديد أحد أبرز الصادرات، منذ حقبة الاستعمار الفرنسي، حين وقع الفرنسيون بالصدفة على كنز كبير من خام الحديد في الشمال الموريتاني.
وفي عام 2022، أنتجت موريتانيا أكثر من 13 مليون طن من خامات الحديد، ما جعلها ثاني أكبر منتج للحديد في أفريقيا. كما أسهم قطاع التعدين بنسبة 24 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في ذلك العام، مع إنتاج الذهب الذي بلغ 620.8 ألف أونصة من قبل شركة «تازيازت موريتانيا»، والصعود الكبير في إنتاج الذهب من طرف المنقبين التقليديين، بفضل توجه الدولة نحو تنظيم هذا القطاع وتأطيره.
مع ذلك، يواجه قطاع التعدين كثيراً من التحديات؛ مثل انخفاض أسعار السلع العالمية وتذبذبها المتكرر، واستنزاف الاحتياطيات، مما يدفع موريتانيا نحو تنويع مصادر دخلها، والتوجه نحو موارد أكثر استقراراً واستدامة.
في السنوات الأخيرة، اكتشفت موريتانيا احتياطيات هائلة من الغاز الطبيعي قبالة سواحلها، بالشراكة مع السنغال. كما اكتشفت احتياطيات ضخمة قبالة سواحل العاصمة نواكشوط، لا تزالُ نائمة، وتراقبها كبريات الشركات العالمية.
ويُعد مشروع أحميم الكبير (GTA) نقطة التحول الرئيسية. بدأ الإنتاج التجاري في أوائل 2025، مع تحميل أول شحنة من الغاز الطبيعي المسال في أبريل (نيسان) 2025، وإطلاق رسمي في مايو (أيار) 2025 بالشراكة مع السنغال.
ويتوقع أن ينتج المشروع نحو 2.3 - 2.4 مليون طن سنوياً، مما يسهم في دفع النمو الاقتصادي. ووفقاً للبنك الدولي، يتوقع أن يتراوح النمو بين نسب 4.9 في المائة إلى 5 في المائة في المدى المتوسط، مدفوعاً بصادرات الغاز، بينما يرى صندوق النقد الدولي نمواً بنسبة 4.4 في المائة في 2025، وآخرون يتوقعون 7.9 في المائة.
ولكن التحول الحقيقي سيبدأ حين يدخل المشروع مرحلته الثانية، والأهم حين تبدأ موريتانيا استغلال حقل «بير الله» للغاز الطبيعي، وهو حقل موريتاني مائة في المائة، واحتياطياته تقدر بعشرة أضعاف احتياطيات حقل أحميم الكبير، وتسعى كبريات الشركات العالمية للفوز بصفقة استغلاله، فيما لا يبدو أن الموريتانيين متسرعون في الموضوع، ويميلون أكثر للتأني والدراسة.
ولم تتوقف موريتانيا عند الغاز؛ بل إن إمكاناتها في الطاقة المتجددة، خصوصاً الطاقة الشمسية (457.9 غيغاواط) والرياح (47 غيغاواط)، تجعلها مرشحاً مثالياً لإنتاج الهيدروجين الأخضر، الذي يُعدّ وقود المستقبل في أفق الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون.
وأعلنت موريتانيا طموحاتها لإنتاج 12.5 مليون طن سنوياً بحلول 2035، محتلة 1.5 في المائة من السوق العالمية بحلول 2050.
ومن أبرز المشاريع مشروع أمان بقيمة 40 مليار دولار، الذي يهدف إلى إنتاج 1.7 مليون طن من الهيدروجين الأخضر، و10 ملايين طن من الأمونيا الخضراء سنوياً، مما قد يرفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 50 - 60 في المائة بحلول 2035. ومع ذلك، أعلنت عدة شركات في يونيو (حزيران) 2025، تأجيل مشاريعها بسبب ضعف الطلب، لكنها أكدت الالتزام بالعمل على تطويرها مستقبلاً.
ومع ذلك، اعتمدت موريتانيا قانون الهيدروجين الأخضر في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، لجذب مزيد من الاستثمارات في هذا المجال الحيوي، ولأخذ مكان محوري في سوق لا تزالُ قيد التشكل.
أما في قطاع التعدين، فإن موريتانيا تهدف إلى مضاعفة إنتاج خام الحديد إلى أكثر من 45 مليون طن بحلول 2030، مع التركيز على الدرجات العالية لتلبية الطلب على الصلب النظيف. يدعم البنك الدولي مشاريع لاستكشاف المعادن الحرجة وتطوير القوانين.
وتسعى موريتانيا إلى دمج قدراتها في إنتاج الهيدروجين الأخضر، في منطقة الشمال، حيث الشمس والصحراء والرياح والمحيط، مع احتياطياتها في الحديد، والتوجه نحو التصنيع، وإنتاج الصلب الأخضر، الذي يعدّ الطلب عليه عالياً في السوق العالمية.
ورغم هذه الإمكانات، تواجه موريتانيا عقبات كبيرة، إذ يبلغ معدل الفقر نحو 31.8 في المائة، مع تأثير التضخم المتوقع عند 3.5 في المائة في 2025. كما تشكل مخاطر الأمن في الساحل والصدمات المناخية، مثل الجفاف والفيضانات، تهديداً للاستثمارات الأجنبية.
بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي انخفاض إنتاج الذهب والحديد إلى تعويض جزء من النمو المتوقع من الغاز. وتحتاج البلاد إلى تحسين البنية التحتية، مثل شبكات الأنابيب والكهرباء، وتعزيز الشراكات العامة الخاصة لضمان توزيع الثروة بشكل عادل.
مع دعم من الاتحاد الأوروبي (برنامج «غيت واي» بقيمة 300 مليار يورو) والبنك الأفريقي للتنمية (شراكة بقيمة 289.5 مليون دولار لتوسيع الكهرباء)، تسعى موريتانيا لتحقيق 50 في المائة من مزيج الطاقة المتجددة بحلول 2030، وإذا نجحت في استغلال هذه الموارد، فقد تصبح عاصمة الهيدروجين الأخضر في أفريقيا، مما يخلق فرص عمل ويقلل الاعتماد على التصدير الخام.
من الواضح أن موريتانيا على أعتاب ثروة حقيقية، لكن النجاح في تسيير هذه الثروة واستغلالها، يعتمد على الإدارة الجيدة والالتزام بالاستدامة، ومع الاستثمارات الدولية والإصلاحات القانونية، يمكن أن تتحول هذه العتبة إلى بوابة للازدهار الدائم.
نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


تونس تليغراف
منذ 9 ساعات
- تونس تليغراف
Tunisie Telegraph مقارنة بمصر والمغرب : كم ينفق السائح في تونس
على غرار ارتفاع عدد الوافدين، سجلت الإيرادات السياحية في دول شمال أفريقيا الثلاث: تونس والمغرب ومصر، قفزة ملحوظة خلال النصف الأول من سنة 2025، لتؤكد هذه البلدان مكانتها كأهم الوجهات السياحية في القارة الأفريقية. ووفق الأرقام المجمّعة حتى موفى شهر جوان 2025، بلغت العائدات السياحية الإجمالية في هذه الدول الثلاث نحو 15,06 مليار دولار، بزيادة بنسبة 19,52% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، مدفوعة أساسًا بتزايد عدد السياح الوافدين. وحسب بيانات البنك المركزي التونسي، بلغت العائدات السياحية في تونس خلال النصف الأول من السنة الحالية حوالي 3,3 مليار دينار، أي ما يعادل 1,07 مليار دولار (باحتساب معدل صرف 1 دولار = 3,07 دينار)، مسجلة زيادة بنسبة 15% بالدولار، و8,4% بالدينار. وقبل يومين كشف المدير العامّ للدّيوان التونسي للسياحة، مهدي الحلوي، أنّ المداخيل السياحية بلغت 3.899 مليار دينار، بنسبة تطور بلغت 8.2%، مقارنة بنفس الفترة من سنة 2024. وأضاف أنه إلى غاية يوم 20 جويلية 2025 بلغ عدد السيّاح 5 ملايين و297 ألف و568 زائرا، أي بنسبة تطور بلغت 9.8% مقارنة بنفس الفترة من سنة 2024. بالنّسبة لعدد الليالي المقضاة قال الحلوي إنّه بلغ 12 مليون و362 ألف ليلة مقضاة إلى غاية يوم20 جويلية الماضي، بنسبة تطور بلغت 7.1%، مقارنة بنفس الفترة من سنة 2024. ورغم هذا التحسن، تبقى معدلات الإنفاق الفردي للسائح في تونس الأدنى قارياً، إذ لم تتجاوز 250 دولارًا للسائح خلال هذه الفترة، مقابل 667 دولارًا في المغرب، و925 دولارًا في مصر. ويُعزى هذا الفارق إلى طبيعة النموذج السياحي في تونس، القائم على 'السياحة الجماعية' والعروض منخفضة الكلفة التي يتحكم فيها منظمو الرحلات الأوروبيون بنظام 'الإقامة الكاملة' (All inclusive)، ما يُقلص من إيرادات الدولة من العملة الصعبة. المغرب: أداء متوسط رغم ارتفاع الوافدين في المغرب، ارتفعت العائدات السياحية خلال النصف الأول من السنة إلى 5,94 مليار دولار، محققة نموًا بنسبة 9,53%، وهو ما يُعد أبطأ من معدل نمو عدد السياح (+19%). وسجّل الأداء تحسنًا لافتًا في الربع الثاني، خاصة خلال شهري أفريل وماي. غير أن ضعف الإنفاق الفردي، وخاصة خلال الربع الأول، ألقى بظلاله على إجمالي العائدات. ويُقدّر الإنفاق الفردي للسائح في المغرب بنحو 667 دولارًا، ويُعزى ذلك جزئيًا إلى ازدهار الرحلات الجوية منخفضة التكلفة وتراجع نسب الإقامة في الفنادق من قبل الجالية المغربية بالخارج. مصر: ريادة مالية رغم احتدام المنافسة أما مصر، فقد حافظت على المرتبة الأولى على مستوى العائدات السياحية في أفريقيا، محققة 8,05 مليار دولار خلال النصف الأول من 2025، أي بزيادة سنوية تُقدر بـ 22%، في انسجام تام مع نمو عدد السياح (+25%). ويعود ذلك إلى تركيز البلاد على سياحة المواقع التاريخية، إضافة إلى جاذبيتها لدى السياح ذوي الدخل المرتفع، خصوصًا من دول الخليج وألمانيا. ويُعد معدل الإنفاق الفردي في مصر الأعلى بين الدول الثلاث، حيث بلغ 925 دولارًا، مع تسجيل نسب إشغال فندقي قياسية تجاوزت 75% في مناطق مثل شرم الشيخ. توقعات واعدة للنصف الثاني تشير التوقعات إلى أن النصف الثاني من العام سيكون أكثر ديناميكية من حيث الإيرادات السياحية، خاصة مع عودة جاليات المنطقة لقضاء العطلة الصيفية، إلى جانب احتضان المغرب لبطولة كأس أمم أفريقيا في ديسمبر المقبل، ما قد يدفع بالعائدات السياحية للبلدان الثلاثة إلى تجاوز سقف 30 مليار دولار خلال سنة 2025، وهو أعلى مستوى تحققه المنطقة حتى الآن. وتبقى العملة الصعبة المتأتية من القطاع السياحي من أهم روافد احتياطي النقد الأجنبي في البلدان الثلاثة، إلى جانب تحويلات الجاليات والصادرات، مما يعزز توازن موازين المدفوعات ويحد من الضغوط المالية الخارجية، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية المتعاقبة.


الصحراء
منذ يوم واحد
- الصحراء
زوكربيرغ ينتزع لقب ثالث أغنى شخص في العالم من بيزوس مع ارتفاع سهم "ميتا"
تجاوز مارك زوكربيرغ، مؤسس شركة ميتا ورئيسها التنفيذي، جيف بيزوس مؤسس شركة أمازون، ليصبح ثالث أغنى شخص في العالم يوم الخميس، بعدما ارتفعت أسهم "ميتا" في أعقاب تحقيق الشركة أرباحًا فاقت التوقعات. وقفزت ثروة زوكربيرغ الصافية بنحو 12% لتصل إلى 268.4 مليار دولار يوم الخميس، بزيادة تُقدر بحوالي 28.4 مليار دولار، بعدما ارتفع سعر سهم "ميتا" بأكثر من 11%. وتجاوز زوكربيرغ، الذي يمتلك حصة 13% في "ميتا"، رئيس مجلس إدارة "أمازون" بيزوس -البالغة ثروته 247.4 مليار دولار- ليصبح ثالث أغنى شخص في العالم، وفقًا لقائمة مجلة فوربس اللحظية للمليارديرات. جاء تقدم زوكربيرغ للمركز الثالث حتى مع إضافة حوالي 4.5 مليار دولار إلى صافي ثروة بيزوس بعد ارتفاع أسهم "أمازون" بنحو 2%. ولا يزال إيلون ماسك أغنى شخص في العالم بفارق كبير، بثروة تُقدر بـ 403.5 مليار دولار حتى يوم الخميس، يليه في المركز الثاني رئيس مجلس إدارة شركة أوراكل، لاري إليسون بثروة تبلغ 306 مليارات دولار. وبعد تقدم زوكربيرغ للمركز الثالث، تراجع بيزوس ليصبح رابع أغني رجل في العالم، وفقًا لقوائم فوربس اللحظية. نقلا عن العربية نت

تورس
منذ يوم واحد
- تورس
بورصة تونس تحتل المرتبة الرابعة ضمن قائمة اداء الاسواق العربية خلال الربع الثاني من 2025
وحسب النشرة الفصلية لأسواق الأوراق المالية العربية للربع الثاني من سنة 2025 التي أصدرها صندوق النقد العربي، شهدت بورصة تونس تحسنا على مستوى القيمة السوقية بقيمة بلغت 792 مليون دينار. وقد شهدت مؤشرات أسواق الأوراق المالية العربية خلال هذه الفترة تحسن 11 بورصة من حيث الأداء نتيجة تحسن عدد من القطاعات، مثل التأمين والخدمات الاستهلاكية والبنوك والخدمات. وبين تقرير الصندوق انه رغم الأداء الإيجابي، انخفضت القيمة السوقية الإجمالية للأسواق العربية بنسبة 42ر2 بالمائة، لتبلغ 45ر42221 مليار دولار، كما تراجعت قيم التداول بنسبة 04ر8 بالمائة إلى 38ر230 مليار دولا. وبالرغم من ذلك، شهدت غالبية البورصات العربية تحسنا في مؤشرات القيمة السوقية خلال الربع الثاني من سنة 2025 حيث سجلت 11 بورصة عربية ارتفاعا مقابل تراجع 4 بورصات. وفي ما يتعلق بقيمة الأسهم المتداولة في الأسواق المالية العربية سجلت بورصة تونس تحسنا بنحو 31 مليون دولار. علما وأن قيمة الأسهم المتداولة في الأسواق المالية العربية خلال الربع الثاني من سنة 2025 قد انخفضت لتصل الى 30ر230 مليار دولار مسجلة تراجع بنحو14ر20 مليار دولار مقارنة بالربع الأول من سنة 2025 . كما شهد حجم التداول في الأسواق العربية في نهاية الربع الثاني من عام 2025، انخفاضا بنسبة 93ر6 بالمائة . وفي هذا الصدد سجلت 10 بورصات عربية ارتفاعا في عدد الأسهم المتداولة من بينها تونس التي ارتقت ب30 مليون سهم . وات تعليقات