logo
حزب المحافظين البريطاني يواجه خطر  الانهيار السياسي

حزب المحافظين البريطاني يواجه خطر الانهيار السياسي

الإمارات اليوم٠٧-٠٥-٢٠٢٥

لابد من الاعتراف بأن قيادة حزب المحافظين في بريطانيا تتحمّل المسؤولية الكاملة عن الانهيار السياسي الذي يمر به الحزب اليوم، بعد أن ارتكبت خطأ استراتيجياً جسيماً أدى إلى تدميره فعلياً.
فقد يتطلب الأمر جهداً كبيراً للقضاء على حزب سياسي ظل فاعلاً على الساحة السياسية البريطانية لما يقارب قرنين من الزمن، وكان يُعدّ الأنجح في تاريخ المملكة المتحدة.
ومع ذلك، فإن النسخة الحالية من حزب المحافظين وصلت إلى نهايتها، ويُنظر إليه الآن على أنه «حزب سابق».
نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة، التي جرت الأسبوع الماضي، أكدت ذلك بشكل قاطع، حيث خسر الحزب السيطرة على جميع المجالس الـ16 التي كان يدافع عنها، وفاز برئاسة بلدية واحدة فقط من بين ستة سباقات.
تراجع التأييد
أما على الصعيد الوطني، فقد تراجعت نسبة التأييد للحزب إلى 15% فقط، وفق تقديرات هيئة الإذاعة البريطانية، وهو رقم قياسي منخفض يُضاف إلى سلسلة من النتائج الكارثية خلال السنوات الأخيرة.
وكان أداء حزب المحافظين مثيراً للشفقة، خصوصاً أنه لطالما كان يتم وصفه غالباً بأنه الحزب الطبيعي للحكومة.
هذا التراجع ليس مفاجئاً، بل هو نتيجة طبيعية لاستراتيجية فاشلة لطالما حذر كثيرون منها، مشيرين إلى أن استراتيجية «الإصلاح الخفيفة» لمحاولة تجاوز الإصلاح، ستؤدي إلى الفشل وكارثة انتخابية.
وفي يوليو 2024، وُصفت هذه اللحظة بأنها «وجودية» بالنسبة للحزب، لكن قيادته تجاهلت التحذيرات، فكانت النتيجة خسارة ساحقة.
غضب حقيقي
بعكس ما كان يحدث في الماضي، لم يعد بإمكان الحزب الانتظار لاستعادة زمام المبادرة، حيث إن الناخب البريطاني اليوم يتصرف كما يفعل المستهلك، إن خذله حزب ما، ببساطة يختار غيره.
وبالتالي، فإن حزب المحافظين، بانشغاله بالأيديولوجيا الضيقة، والحروب الثقافية، والإحساس بالاستحقاق، فشل في مواكبة هذا التحول الجذري في السلوك الانتخابي.
وبات الناخبون يرون أن الحزب يفتقر إلى الهدف والرسالة، في حين نجح حزب العمال بقيادة كير ستارمر في تقديم نفسه كرمز لـ«التغيير»، ولو لم يكن برنامجه مفصلاً بعد.
وفي ظل هذا الفراغ، بدأ كثيرون يتجهون نحو حزب «الإصلاح»، رغم حدة خطابه، لأنه يعكس غضباً حقيقياً من الواقع السياسي الراكد.
تحدٍّ صحي
وهناك من ينتقد هذه الخيارات السياسية لهؤلاء الناخبين الإصلاحيين، لكنهم مخطئون. وعلينا، بدلاً من ذلك، أن ندرك مدى سخط ملايين الناس على الوضع الراهن في بريطانيا. ويشعر هؤلاء الناخبون بأنهم سمعوا كل شيء من الحزبين الرئيسين.. وعود ضخمة وخطابات رنانة، ثم لا شيء يتغير.
فهل هذه نهاية سياسة الحزبين؟ كان من الأفضل لحزب المحافظين أن يأمل ذلك، وإلا لكانت هناك مشكلة أكبر، لأنه بالنسبة لأي حزب لم يعد له هدف حقيقي ومتميز، فإن سياستنا الحزبية الثنائية، التي يقودها نظام الفائز الأول، تعني أن المحافظين سيتم طردهم من المنافسة في كل مكان تقريباً، حتى في جنوب وجنوب غرب إنجلترا من خلال جولة الإعادة بين حزب العمال والديمقراطيين الليبراليين أو الديمقراطيين الأحرار والإصلاح، وفي الشمال أيضاً من خلال جولة الإعادة بين حزب العمال والإصلاح، وفي المملكة المتحدة عموماً من خلال وجود أحزاب مستقلة.
وبمعنى ما، فإنه تحدٍّ صحي لحزب المحافظين، إضافة إلى أنه كذلك لحزب العمال، حيث يحتاج كلا الحزبين إلى تجديد وتحديث لعبته السياسية، غير أن حزب العمال على الأقل لديه منصة الحكومة كي يظهر أنه يستطيع أن يغير، لكن بالنسبة للمحافظين فإن هذا التحدي يبدو بأنه وجودي من حيث طبيعته، ويبدو أن هذه النسخة من حزب المحافظين قد انتهت كقوة سياسية في المملكة المتحدة.
مسار الحزب
وللمرة الأولى، فإنه حتى تغيير مسار الحزب ربما لن يكون كافياً لتحسين حظوظ الحزب، ولم تكن رحلة الحزب الممتعة في مأزقه السياسي مجرد ومضة عابرة، لقد كانت رحلة طويلة، على مدار أفضل جزء من عقد من الزمان، وتثبت نتائج الانتخابات المحلية لما يرقى إليه الشك أنها وصلت إلى طريق مسدود سياسياً.
وبالمعنى الحرفي، فقد أخذت الطبيعة السياسية مجراها، وحاول الحزب أن يكون النسخة «الحقيقية» من حزب الإصلاح البريطاني، ومن غير المستغرب أن يفضّل ناخبو الإصلاح الشيء الحقيقي أكثر من هذه النسخة.
وقد أدى هذا النهج إلى عزل الناخبين الوسطيين ذوي الميول المحافظة، ما دفعهم إلى التوجه إما إلى الديمقراطيين الأحرار أو حزب العمال، أو إلى حزب الخضر الذي لم يحقق أي أغلبية فائزة في أي فئة عمرية للناخبين غير تلك التي فوق السبعينات من العمر، وهذه ليست أساساً لاستراتيجية انتخابية ناجحة على المدى البعيد.
فشل كبير
قد لا يصمد حزب الإصلاح، بقيادة نايجل فاراج، طويلاً أمام تحديات الواقع السياسي، تماماً كما فشلت تجربة المحافظين في عهد بوريس جونسون.
ومع ذلك، فإن الغضب الشعبي الناجم عن انعدام المساواة الاجتماعية، وضعف الحراك الاجتماعي، سيستمر، ما لم تُقدَّم حلول سياسية حقيقية. وربما تقضي الثورة الشعبوية التي أشعلها كلا الحزبين على الجيل المقبل من السياسيين في الحزبين، وليس أحدهما فقط.
ومع ذلك، سيبقى الدافع وراءها عدم تكافؤ الفرص، وعدم قبول الحراك الاجتماعي البريطاني الضعيف بشكل مزمن، وستظل هناك حاجة إلى حلول سياسية مستقبلية.
لكن بالنسبة للوقت الراهن، فإن كل ما يمكن أن يقوم به الجيل الحالي من قيادة حزب المحافظين هو الاعتراف بمسؤوليته عن فشله الكبير، ويجب أن يتحلوا بالروح المتواضعة للاعتراف بأن استراتيجيتهم كانت خطأ كارثياً. إنها تماماً نعي سياسي للحزب، لكونهم «قتلوا» حزب المحافظين.
جاستن غريتنغ*
*عضو سابق في حزب المحافظين (2005 - 2019).
عن «الغارديان»
. «المحافظين» خسر السيطرة على المجالس المحلية الـ16 التي كان يدافع عنها، وفاز برئاسة بلدية واحدة فقط من بين 6 سباقات.
. الحزب فشل في مواكبة التحول الجذري بسلوك الناخبين مع انشغاله بالأيديولوجيا الضيقة والحروب الثقافية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

رزان المبارك رئيسة للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة لفترة ثانية
رزان المبارك رئيسة للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة لفترة ثانية

صحيفة الخليج

timeمنذ ساعة واحدة

  • صحيفة الخليج

رزان المبارك رئيسة للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة لفترة ثانية

اعتمد «الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة» رسمياً ترشيح رزان خليفة المبارك رئيسة له لفترة ثانية من قِبل أعضائه، وذلك خلال اجتماعه الثالث عشر بعد المئة في مدينة جلاند، سويسرا بعد مصادقة مسؤولي الانتخابات عليه. جاء ترشيح رزان المبارك من قِبل أعضاء الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة على أن تجري الانتخابات خلال أعمال المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة الذي تستضيفه أبوظبي في الفترة من 9 إلى 15 أكتوبر المقبل. جدير بالذكر أنه تم انتخاب رزان خليفة المبارك رئيسة للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة في عام 2021، لتصبح ثاني امرأة تقود الاتحاد طوال تاريخه الممتد على مدار 75 عاماً وأول رئيسة له من غرب آسيا. وخلال فترة ولايتها الأولى عملت مع أعضاء الاتحاد ومجلسه وأمانته العامة على تحديد الرؤية الاستراتيجية للاتحاد على مدى عشرين عاماً، إضافة إلى المشاركة في إعداد برنامج العمل للفترة 2026-2029 الذي يتضمن مبادرات تهدف إلى مواءمة أولويات الحفظ مع الأهداف البيئية والاجتماعية والاقتصادية العالمية. وفي حال انتخابها لولاية ثانية، ستركز رزان المبارك على تحويل هذه الرؤية إلى نتائج ملموسة قابلة للقياس وذلك من خلال تعزيز دعم الأعضاء والحرص على أن تظل قضية التنوع البيولوجي والحلول القائمة على الطبيعة محوراً رئيسياً في عملية اتخاذ القرارات على المستوى العالمي. وفي هذا السياق، قالت رزان المبارك: «أتشرف برئاسة الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، خاصة في الوقت الذي يتسارع فيه فقدان التنوع البيولوجي بشكل متزايد، حيث يضطلع الاتحاد بدور محوري في الجمع بين العلم والسياسات والأفراد لحماية الطبيعة». مؤكدة التزامها الكامل بدعم الاتحاد لمواصلة قيادته باستقلالية ومصداقية وشفافية وفاعلية. وإضافة إلى رئاسة الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، تشغل رزان المبارك منصب العضو المنتدب لصندوق محمد بن زايد للمحافظة على الكائنات الحية العضو المنتدب لهيئة البيئة - أبوظبي وجمعية الإمارات للطبيعة التابعة للصندوق العالمي للطبيعة. والتزمت رزان المبارك طوال مسيرتها المهنية بدور محوري على الصعيدين الدولي والوطني في تعزيز الحلول القائمة على الطبيعة وتعزيز التعاون بين القطاعات في مجال الحفاظ على البيئة. (وام)

اليمين المتطرف يطالب بإلغاء الانتخابات الرئاسية في رومانيا
اليمين المتطرف يطالب بإلغاء الانتخابات الرئاسية في رومانيا

صحيفة الخليج

timeمنذ ساعة واحدة

  • صحيفة الخليج

اليمين المتطرف يطالب بإلغاء الانتخابات الرئاسية في رومانيا

بوخارست - أ ف ب قرر المرشح القومي جورج سيميون الذي خسر الأحد، في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية في رومانيا، اتخاذ إجراءات قانونية لإلغاء نتيجتها بحجة حصول «تدخل خارجي» لاسيما من فرنسا. وكتب على منصة «إكس»: «أطلب رسمياً من المحكمة الدستورية إلغاء الانتخابات». وأضاف في رسالة مع العلمين الفرنسي والمولدافي، إنه يطالب بذلك «للأسباب نفسها التي أدت إلى إلغاء انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني: التدخلات الخارجية». وفي بيان، أوضح زعيم حزب «التحالف من أجل اتحاد الرومانيين»، أنه «قدم طلبه رسمياً». وحصل على 46.4% من الأصوات في مقابل 53.6% لرئيس بلدية بوخارست الموالي لأوروبا نيكوسور دان، بحسب النتائج النهائية للتصويت. وبعدما أعلن أنه الفائز في الانتخابات الرئاسية، عاد ليقر بهزيمته بسبب الفارق الكبير مع خصمه. وأوضح سيميون البالغ من العمر 38 عاماً، والمعجب بدونالد ترامب، «لم أكن أريد التسبب في إراقة الدماء» من خلال رفض نتائج الانتخابات الليلة نفسها، الأمر الذي كان دفع أنصاره إلى النزول إلى الشارع. لكنه قال إن لديه «أدلة دامغة على وجود محاولة مدبرة للتأثير في نتيجة الانتخابات».

الاتحاد الأوروبي يقرر مراجعة اتفاق الشراكة مع إسرائيل
الاتحاد الأوروبي يقرر مراجعة اتفاق الشراكة مع إسرائيل

سكاي نيوز عربية

timeمنذ 2 ساعات

  • سكاي نيوز عربية

الاتحاد الأوروبي يقرر مراجعة اتفاق الشراكة مع إسرائيل

ونقلت وكالة الأنباء الهولندية (إيه.إن.بي) عن وزير الخارجية الهولندي كاسبار فيلدكامب قوله إن هذا الأمر جاء في أعقاب قرار إسرائيل حظر دخول المساعدات إلى غزة. يأتي ذلك بعد أن حشدت هولندا ما يكفي من الدعم لمقترحها بمراجعة اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل بسببت استمرار الأخيرة في توسيع عملياتها العسكرية في قطاع غزة ومنع إدخال المساعدات. وفي بيان صدر، الاثنين، أصدرت فرنسا وبريطانيا وكندا بياناً مشتركا هددوا فيه بفرض عقوبات على إسرائيل في حال لم توقف عمليتها العسكرية في غزة، وفي حال لم ترفع القيود عن دخول المساعدات الإنسانية. في الإطار، أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، الثلاثاء، دعم باريس لمراجعة اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، لمعرفة ما إذا كانت تل أبيب تحترم التزاماتها تجاه حقوق الإنسان. ودعا بارو خلال حديث إذاعي المفوضية الأوروبية إلى فتح تحقيق رسمي حول مدى احترام إسرائيل للمادة الثانية من الاتفاقية، والتي تنص على أن العلاقات بين الطرفين يجب أن تبنى على مبدأ "احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية"، ومراجعة الاتفاقية. تم توقيع الاتفاقية في بروكسل عام 1995، لكنها لم تدخل حيز التنفيذ حتى العام 2000 بعد مصادقة كافة البرلمانات الأوروبية، إلى جانب الكنيست الإسرائيلي عليها. وتشكل الاتفاقية حجر الزاوية في العلاقات بين الجانبين، إذ تهدف إلى تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي بينهما.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store