logo
من تحت الأنقاض.. المقاومة تفتح "أبواب الجحيم" في رفح

من تحت الأنقاض.. المقاومة تفتح "أبواب الجحيم" في رفح

غزة/ يحيى اليعقوبي
على مدار اليومين الماضيين، فتحت كتائب القسام "أبواب الجحيم" على قوات جيش الاحتلال وآلياته في محافظة رفح جنوبي قطاع غزة، فاشتعلت الآليات المستهدفة، واحتدمت نيران المعارك، وتعالت صرخات الجنود طالبين النجدة، التي لم تتأخر بعد وقوعهم في كمائن القسام، لتطلب قوات الإسناد هي الأخرى الاستغاثة، في لحظات لم تتوقف فيها الحركة المكوكية للمروحيات التي نقلت المصابين والقتلى من ميادين القتال إلى المستشفيات الإسرائيلية.
لم تكن تكتيكات المقاومة جديدة، لكنها تبدو للمشاهد وكأنّه يراها للمرة الأولى في كل مرة. ورغم أن جنود الاحتلال استُهدفوا في كمائن مشابهة سابقًا، فإنهم استُدرِجوا مجددًا كما خُطِّط لهم، وكأنهم يقعون في "الخطأ ذاته للمرة الأولى" مع كل كمين، في دلالة على عجز جيش الاحتلال وقادته عن فهم خطط المقاومين العسكرية، فتنفَّذ الكمائن على نحوٍ لا تستطيع قياداته توقعه أو تقديره أو كشفه، ليستمر الجنود بالوقوع في "مقتلة المقاومين".
ونشرت القسام في 7 مايو/أيار الجاري مقطعًا مرئيًا أعلنت فيه عن سلسلة عمليات "أبواب الجحيم" في رفح، وثقت فيه كمينًا نُفذ في 3 مايو/أيار قرب مستشفى أبو يوسف النجار بحي الجنينة شرق المحافظة. وأكدت القسام أن "رفح، وبعد عام من القتال، كانت ولا تزال تبدد وهم الاحتلال، وتفتح أبواب الجحيم على مصراعيها، وليكون كل بيت بمثابة قنبلة موقوتة تخطف أرواح نخبته"، وفق ما قاله أحد المقاومين في افتتاحية المقطع.
كمائن محكمة
وأظهرت اللقطات عملية مراقبة وتخطيط لتحركات آليات الاحتلال القادمة من محور التقدّم في ميراج باتجاه الجنوب، حيث نصب المقاومون كمينًا محكمًا قرب المستشفى. بدأ الكمين المركّب بخروج عدد من المقاومين من "عين" نفق مفخخ للاشتباك مع جنود الاحتلال من نقطة صفر باستخدام الأسلحة المناسبة.
ووفق ما ورد في المقطع، تراجع المقاومون إلى داخل النفق لاستدراج الجنود، وقبل دخولهم أرسل الاحتلال كلبًا عسكريًا وطائرة مسيّرة (كوادكابتر) لتفقد المكان، وما إن دخل الجنود المبنى الذي تتواجد فيه "عين النفق"، حتى جرى تفجيره، فسقطوا بين قتيل وجريح.
كما أظهر المقطع استهداف المقاومين دبابة "ميركافا 4" جاءت لإجلاء القتلى ضمن قوات الإسناد، وذلك بقذيفة "ياسين 105"، وكذلك استهداف جرافة عسكرية من نوع D9 بالقذيفة ذاتها، وبدت النيران تتصاعد من الآليتين لشدة الانفجار. وقد أعلن الاحتلال عن مقتل جندي وضابط في هذا الهجوم.
ولم تمضِ 24 ساعة على الكمين السابق، حتى بدأت وسائل الإعلام العبرية تتحدث عن "حدث أمني صعب" جنوب القطاع، وقع في 8 مايو/أيار الجاري، مع مشاهدة الطيران المروحي وهو يُجلي المصابين والقتلى من كمين جديد للقسام بحي الجنينة شرق رفح.
وأكدت القسام في بيان لها أن مقاوميها تمكنوا من استهداف قوة هندسية إسرائيلية قوامها 12 جنديًا، كانت تستعد لتنفيذ عملية نسف داخل أحد المنازل قرب مفترق "الفدائي" بحي التنور شرق المدينة، باستخدام قذيفتين مضادتين للأفراد والدروع، ما أدى لانفجار كبير داخل المنزل وسقوط القوة بين قتيل وجريح. كما رصد المقاومون هبوط الطيران المروحي للإخلاء.
وقالت وسائل إعلام عبرية إن القوات الإسرائيلية واجهت صعوبة في إخلاء القتلى والمصابين بسبب شدة المعارك، حيث وصلت أربع مروحيات إلى المكان وسط اشتباكات عنيفة، فيما قامت مروحيات أخرى بعمليات تمشيط ناري لتأمين الإخلاء. وأكدت تلك الوسائل سقوط قتيلين وخمسة مصابين، بينهم أربع إصابات خطيرة.
"الأكثر غرابة وإذلالًا للخصم، أن يقع جنود الاحتلال وآلياته مرارًا وتكرارًا في الفخاخ ذاتها، وكأن الزمن توقّف عند تكتيكات لم تتغير، أو أن الاحتلال لم يتعلّم من نزيفه المستمر. تبدو هذه الكمائن وكأنها تُنفذ لأول مرة، كأنك تراها بعين التاريخ لا بعين اللحظة، وكأنها تُبث من جبهة لا تخضع لقوانين الفناء"، يقول المختص بالشأن العسكري د. رامي أبو زبيدة.
تحوّل نوعي
وأكد أبو زبيدة لـ "فلسطين أون لاين" أن اختيار اسم "أبواب الجحيم" للكمائن ليس دعائيًا، بل هو مؤشر على تحوّل نوعي في نمط الاشتباك، ويحمل مضمونًا مهمًا مفاده أننا دخلنا مرحلة جديدة، من الدفاع المرن إلى الهجوم الجزئي في بيئة الحرب.
وأضاف أن جيش الاحتلال ركز خلال الأشهر الماضية على تدمير البنية التحتية للمقاومة من أنفاق ومقار ومنظومة قيادة وسيطرة، لكن استمرار المقاومة وقدرتها على الانتقال للهجوم بعد هذه المدة يعني أن بنيتها مرنة وفاعلة، وعملياتها ليست عشوائية، بل تعكس تخطيطًا وتكتيكًا عسكريًا مدروسًا.
وشدد على أن للكمائن بُعدًا معنويًا ورسالة مباشرة إلى الشارع الإسرائيلي، مفادها أن المقاومة، رغم كل الدمار في رفح، لا تزال قادرة على توجيه ضربات موجعة، موضحًا أن تنفيذ عدة كمائن مركّبة خلال 48 ساعة يعني أن المقاومة تتحرك ضمن خطة "احتواء هجومي"، لا مجرّد ردة فعل، في المنطقة التي اعتقد الاحتلال أنها الحلقة الأضعف.
وحول دلالات هذه العمليات، رأى أبو زبيدة أنها تؤثر في القرارات الاستراتيجية للاحتلال، قائلًا: "الاحتلال يعمل وفق مبدأ التقدّم البطيء والمدروس، وكل عملية نوعية تؤدي إلى تعطيل هذا التقدم لساعات أو أيام، كما حدث مؤخرًا".
وأشار إلى أن المجتمع الإسرائيلي لا يتحمل صور الجنود القتلى، ما ينعكس على قرارات القيادة السياسية والعسكرية. و"كل كمين يقربنا من لحظة إعادة التقييم السياسي لوجود الاحتلال، ويحقق أثرًا تراكميًا يضعف بنيته، ويفقد الجنود الثقة بتقديرات الاستخبارات التي تفشل في كشف الكمائن رغم تقنيات المراقبة العالية".
كما لفت إلى أن الاحتلال اضطر خلال اليومين الماضيين إلى استخدام المروحيات لإجلاء المصابين، ما يثبت أن كل تقدّم بري سيكلفه خسائر فادحة. ونجاح الكمائن يبرز عجز الاحتلال التكتيكي عن توقع أسلوب الاشتباك، في مقابل تقدّم تكتيكي للمقاومة ضمن شبكة قيادة وسيطرة ميدانية، مقابل تخبط في ميدان الاحتلال.
وختم أبو زبيدة بالقول: "الوجود في منطقة لا يعني السيطرة عليها، وهذا ما يعيد رسم معادلة (الأرض لصالح المقاومة)، ويؤكد أن الاحتلال لا يتحكم بمسرح العمليات".
المصدر / فلسطين أون لاين
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

كتائب القسام تعلن تفاصيل استهدافها لجنود الاحتلال وآلياته في خانيونس
كتائب القسام تعلن تفاصيل استهدافها لجنود الاحتلال وآلياته في خانيونس

فلسطين اليوم

timeمنذ 2 أيام

  • فلسطين اليوم

كتائب القسام تعلن تفاصيل استهدافها لجنود الاحتلال وآلياته في خانيونس

فلسطين اليوم - غزة أعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، قتل وجرح عسكريين إسرائيليين، بعد الإغارة على تجمع لقوات الاحتلال وآلياته واستهداف دبابتين وناقلة جند وقوات إنقاذ جنوبي قطاع غزة. وقالت القسام في بيان نشرته اليوم السبت، إن مقاتليها "أغاروا صباح الجمعة، على تجمع لجنود وآليات العدو بجوار مديرية التربية والتعليم في منطقة المحطة وسط مدينة خان يونس جنوبي القطاع". وأضافت أن مقاتليها تمكنوا من "استهداف دبابتين صهيونيتين من نوع ميركافاه بعبوتي شواظ -بطريقة العمل الفدائي-، وإيقاع طاقميها بين قتيل وجريح، فضلا عن استهداف ناقلة جند بقذيفة الياسين 105". وفور وصول قوة الإنقاذ الإسرائيلية، قالت "القسام" إنها استهدفتها بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، مشيرة إلى أن مقاتليها رصدوا "هبوط الطيران المروحي للإخلاء الذي استمر لعدة ساعات". وفي بيان لاحق، قالت القسام، إنها تستهدف ناقلة جند بقذيفة "الياسين 105" الجمعة في شارع البيئة وسط مدينة خانيونس جنوب القطاع. ويأتي إعلان "القسام" بعد تأكيد جيش الاحتلال مقتل جندي وإصابة 4 آخرين، بينهم اثنان بجروح خطيرة، في معارك جنوبي قطاع غزة. وكانت مواقع عبرية قد أكدت أمس السبت مقتل 3 جنود بحوادث أمنية مختلفة في القطاع. وأشارت المواقع إلى أن أحد الحوادث في خانيونس استغرقت فيه عملية إجلاء جندي قتيل و5 مصابين، نحو 5 ساعات. وبحسب ما اعترف به جيش الاحتلال، فإن حصيلة جنوده القتلى منذ بداية العدوان على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بلغت 883 عسكرياً، بينهم 439 بالمعارك البرية التي بدأت في 27 من الشهر نفسه.

سرايا القدس تفجر آلية إسرائيلية بعبوة "زلزال 4" وجرافة من نوع D9
سرايا القدس تفجر آلية إسرائيلية بعبوة "زلزال 4" وجرافة من نوع D9

فلسطين اليوم

timeمنذ 3 أيام

  • فلسطين اليوم

سرايا القدس تفجر آلية إسرائيلية بعبوة "زلزال 4" وجرافة من نوع D9

أعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، عن تنفيذ عملية تفجير آلية عسكرية إسرائيلية شرق حي التفاح بمدينة غزة، مستخدمة عبوة ناسفة متطورة من نوع "زلزال 4" المضادة للدروع. وبثت السرايا مشاهد مصوّرة تُظهر لحظة التفجير، مشيرة إلى أن العملية تم تنفيذها بدقة عالية، بعد زرع العبوة بشكل مسبق في مسار الآليات المتوغلة، فيما لم يصدر تعليق فوري من جيش الاحتلال حول الخسائر الناتجة عن العملية. فيما أكد مجاهدوها، في بيان، تمكنهم من تفجير جرافة عسكرية صهيونية من نوع (D9) بعبوة ،مزروعة مسبقاً، أثناء توغلها في منطقة مربع الهدى، بحي الشجاعية شرق غزة، أمس الأربعاء الساعة 11:30 صباحا. تأتي هذه العملية في ظل استمرار التصعيد العسكري الإسرائيلي في مختلف مناطق القطاع، وردود فعل المقاومة التي باتت تعتمد على تكتيكات متقدمة لمواجهة التوغلات البرية. وتؤكد مشاهد العملية تطورًا لافتًا في قدرات المقاومة الميدانية، في استخدام عبوات موجهة عالية التأثير، فيما تعهدت سرايا القدس بالاستمرار في التصدي لأي محاولة توغل أو اعتداء على أرض غزة.

"سرايا القدس" : تفجير جرافة عسكرية من نوع D9
"سرايا القدس" : تفجير جرافة عسكرية من نوع D9

فلسطين اليوم

timeمنذ 3 أيام

  • فلسطين اليوم

"سرايا القدس" : تفجير جرافة عسكرية من نوع D9

قالت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في بيان أن مجاهديها أكدوا تمكنهم من تفجير جرافة عسكرية صهيونية من نوع (D9) بعبوة -مزروعة مسبقاً- أثناء توغلها في منطقة مربع الهدى، بحي الشجاعية شرق غزة، أمس الأربعاء الساعة 11:30صباحاً. وقد أعلنت سرايا القدس، في وقت سابق، عن تنفيذ عمليتين نوعيتين ضد أهداف إسرائيلية في قطاع غزة، وذلك ضمن إطار ما وصفته بـ"الرد الطبيعي والمشروع على جرائم الاحتلال المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني". وفي التفاصيل، أكدت سرايا القدس أن إحدى مجموعاتها القتالية تمكنت من تدمير آلية عسكرية إسرائيلية بواسطة عبوة ناسفة برميلية، كانت مزروعة مسبقاً في منطقة النادي ببلدة القرارة شمال مدينة خانيونس، عقب عودة المقاتلين من خطوط الاشتباك. وفي عملية أخرى، أعلنت القوة الصاروخية في سرايا القدس عن استهداف مستوطنة "سديروت" الواقعة ضمن ما يعرف بغلاف غزة، وذلك بعدة صواريخ أُطلقت بدقة نحو مواقع محددة داخل المدينة. وذكرت مصادر إعلامية محلية أن صفارات الإنذار دوت في عدة مناطق من مستوطنات غلاف غزة، تزامناً مع تفعيل منظومة "القبة الحديدية" الإسرائيلية لاعتراض عدد من الصواريخ، وسط حالة من الاستنفار العسكري في المنطقة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store