
د. فوزي علي السمهوري يكتب : تجفيف موارد السلطة الفلسطينية... جريمة حرب ... لجم إسرائيل ضرورة ؟
د فوزي علي السمهوري :
بيان الحكومة الفلسطينية الصادر في ١٧ تموز بما تضمنه من معاناة تواجه الحكومة والشعب الفلسطيني الناجم عن سطو حكومة مجرمي الحرب برئاسة نتنياهو على اموال الشعب الفلسطيني وما لها من تداعيات سلبية على قدرة وإمكانيات الحكومة الإضطلاع بمسؤولياتها وواجباتها إتجاه شعبها ومواطنيها على كافة المستويات والاصعدة الحياتية والمعيشية والإقتصادية والمالية والتعليمية والصحية والإجتماعية وغيرها من الخدمات في مسعى إسرائيلي لتقويض الشرعية الفلسطينية وتقويض لنتائج إتفاق اوسلو وتنصل من إستحقاقاته إنما بذلك يوجه رسائل متعددة داخليا وإقليميا ودوليا بضرورة العمل على إتخاذ كافة الإجراءات والتدابير اللازمة للضغط على سلطات الإحتلال الإستعماري الإرهابي لإلزامها بتنفيذ إلتزاماتها وفق إتفاقية اوسلو ولتنفيذ القرارات الدولية وإعادة اموال الشعب الفلسطيني للحكومة الفلسطينية لتتمكن من تأمين رواتب موظفيها والإستمرار بتقديم خدماتها الأساسية للشعب الفلسطيني الذي يخضع لإحتلال إجرامي لا يعرف للإنسانية معنى بل عدوها وبالتالي تمكين المواطن الفلسطيني من العيش الكريم ولو بحدوده الدنيا في ظل الظروف القاهرة التي اوجدها الكيان الإسرائيلي المصطنع على عموم اراض الدولة الفلسطينية المحتلة .
اهداف نتنياهو :
للكيان الإستعماري الإحلالي الإسرائيلي اهداف خبيثة وعدوانية إتجاه القضية الفلسطينية بهدف تصفيتها بعنصريها الرئيسيين :
الاول : تقويض حق الشعب الفلسطيني بالحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس إعمالا وتنفيذا لقرارات الجمعية العامة ١٨١ لعام ١٩٤٧ و١٠ / ٢٤ لعام ٢٠٢٤ ولقرار مجلس الأمن رقم ٢٣٣٤ لعام ٢٠١٦ ولقرار محكمة العدل الدولية .
الثاني : تقويض حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة لمدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام ١٩٤٨ تنفيذا لقرار الجمعية العامة رقم ١٩٤ .
عقبات امام تحقيق اهداف نتنياهو :
من العقبات التي واجهت وتواجه الأهداف الصهيونية العنصرية العدوانية بدعم من رموز القوى الإستعمارية ممثلة في أمريكا وبريطانيا وفرنسا من تحقيق اهدافها على مدار ٨ عقود ما يلي :
اولا : صمود وإنتماء وتجذر الشعب الفلسطيني في وطنه التاريخي متحديا كافة اشكال الضغوط للنيل من إرادته بالصمود والنضال بكافة الوسائل المكفولة دوليا حتى دحر المستعمر الإسرائيلي ونيل الحرية والإستقلال وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .
ثانيا : فشل المخطط الإستعماري باداته الكيان الإرهابي الإسرائيلي منذ صناعته عام ١٩٤٨ بإضفاء الطابع الإنساني على جذور وطبيعة الصراع .
ثالثا : إنطلاقة الثورة الفلسطينية بقيادة حركة فتح وإنخراط الشعب الفلسطيني طليعة الشعب العربي وبشكل واسع بعد هزيمة الخامس من حزيران عام ١٩٦٧ بالثورة الفلسطينية التي اعادت القضية من بعد إنساني إلى بعد وطني لشعب يناضل من أجل الحرية والإستقلال وإقامة دولته المستقلة وحقه بتقرير المصير أسوة بباقي شعوب العالم .
رابعا : الدعم و الإعتراف العالمي عربيا وإسلاميا ودوليا بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني التي تمكنت بدعم عربي وإسلامي وإفريقي ومن دول عدم الإنحياز والدول الصديقة بنيل عضوية دولة مراقب بالأمم المتحدة عام ٢٠١٢ والتي حال دون عضويتها الكاملة الفيتو الأمريكي التعسفي وما يعنيه القرار من :
▪︎ تمكين منظمة التحرير الفلسطينية الإنضمام إلى مئات المنظمات الدولية .
▪︎ رفع العلم الفلسطيني بالامم المتحدة إلى جانب اعلام دول العالم الاعضاء .
▪︎ تقويض المزاعم الإسرائيلية والأمريكية ومحورهما من إضفاء صفة النزاع من أراض متنازع عليها إلى أرض دولة فلسطين تحت الإحتلال وفقا لعشرات القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة بمؤسساتها مجلس الأمن والجمعية العامة ومحكمة العدل الدولية .
خامسا : توقيع إتفاق المرحلة الإنتقالية " اوسلو " عام ١٩٩٣ المبرم بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية ومصادقة الكنيست عليه الذي يعني إعترافا وإقرارا إسرائيليا بان الضفة الغربية وقلبها القدس وقطاع غزة أرض عربية فلسطينية والذي بموجبه كان لزاما على الكيان الإستعماري الإسرائيلي وفقا للإلتزامات المترتبة عليه إنهاء إحتلاله للأراضي الفلسطينية المحتلة بمدة زمنية اقصاها ٥ سنوات تنتهي بايار ١٩٩٩ ولكن العقلية العدوانية التوسعية الإسرائيلية إنقلبت على إلتزاماتها كما إنقلبت على إلتزاماتها بتنفيذ شروط عضويتها بالأمم المتحدة مستندة للدعم والإنحياز الأمريكي الذي مكنها و يمكنها الإفلات من المساءلة والعقاب .
ما تقدم بعض من العقبات التي حالت بالرغم مما يمتلكه من قوة عسكرية دون النجاح الكامل بتنفيذ المخطط الإسروامريكي الهادف إلى إدامة إحتلاله لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة المعترف بها دوليا وتهجير شعبها الفلسطيني مسلميه ومسيحييه خارج وطنه التاريخي وصولا لإقامة دولة اليهود اليهودية ذات الطابع العنصري الديني لإطلاق حرب دينية كما اطلق عليها مجرم الحرب نتنياهو بخطاب له امام الجمعية العامة للأمم المتحدة مما أدى بالإستراتيجية الإسرائيلية بدعم امريكي للتحول نحو تحقيق اهدافها عبر شن وإرتكاب كافة اشكال الجرائم " من إبادة وتطهير عرقي وحرب وضد الإنسانية " والإنتهاكات ومصادرة الأراضي وتسليح عصابات ميليشيا ما يطلق عليهم مستوطنين وتكليفهم بإقتحام المنازل وحرق المزارع وقتل وترويع المواطنين المدنيين وإجبارهم على مغادرة منازلهم واحياءهم ومدنهم وقراهم وتمكينهم من الإقتحامات ومن تدمير المساجد والكنائس والإنتهاكات للأماكن الإسلامية والمسيحية المقدسة بالقدس والخليل وبيت لحم في محاولة للتهرب من مسؤولية الحكومة وقواتها العسكرية والامنية على الجرائم المرتكبة التي تتم بتمكين وحماية من الجيش الإسرائيلي الإرهابي .
إضعاف السلطة الفلسطينية :
بناءا على ما تقدم يمكن لنا فهم مغزى السياسة الإسروامريكية الهادفة لإضعاف السلطة الفلسطينية من خلال :
اولا : العمل على تجفيف موارد السلطة الفلسطينية الداخلية بفرض قيود وعوائق امام حركة الإستيراد والتصدير والسطو على اموال المقاصة .
ثانيا : تقويض امن الإنسان الفلسطيني الفردي والجمعي عبر تصعيد الإعتداءات والإقتحامات لجميع المدن والقرى الفلسطينية وتكثيف حملات الإعتقالات التعسفية بهدف تاجيج الوضع الداخلي وتشويه صورة الحكومة الفلسطينية واجهزتها .
ثالثا : العمل بالتنسيق مع امريكا ودول أوربية وغيرها لتقليص حجم المساعدات الخارجية وما لذلك من تداعيات على نسبة الفقر والبطالة وتراجع نسبة النمو على أمل إستجابة القيادة الفلسطينية بقبول ما يخطط له من مستقبل القضية الفلسطينية بإرجاعها إلى المربع الإنساني بعيدا عن المربع الوطني الأصيل والتنازل عن حقه بتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة .
رابعا : المضي قدما بحرب الإبادة والتطهير العرقي بوحشية لم يشهدها التاريخ على الشعب الفلسطيني بقطاع غزة وبوتيرة اقل بالضفة الغربية دون وجود أي أفق بوقفها بهدف الوصول إلى تهجير قسري للشعب الفلسطيني عبر القتل والقصف المباشر وعبر إتخاذ الإجراءات التي تصنف جرائم إبادة وتطهير عرقي وجرائم حرب وضد الإنسانية من فرض الحصار الشامل وقطع للمياه والكهرباء والاتصالات والطرد المتكرر للمدنيين ومنع وصول المساعدات الإنسانية والاساسية وتدمير المشافي والمراكز الصحية وآبار المياه ومستودعات الغذاء والدواء وغيرها من متطلبات الحياة والحق في الحياة الآمنة .
لجميع العوامل أعلاه لم يبقى امام الحكومة الفلسطينية من خيار سوى :
• مصارحة الشعب الفلسطيني بحقيقة الوضع المالي والإقتصادي ودعوته غير المباشرة بالصبر والتحمل والصمود بوطنه .
• دعوة دول العالم لحل المشكلة عبر إلزام إسرائيل إعادة اموال المقاصة ووقف الإقتطاعات تحت ذرائع عدوانية وإعادة الدعم الاوربي لمستوياته العادية دون تقليص وفي حال إستمرار الوضع المأساوي والمعيشي والإنتهاكات الإسرائيلية ستؤدي حتما إلى تداعيات أمنية مما يوجب :
° ضرورة إضطلاع المجتمع الدولي إتخاذ التدابير اللازمة بإلزام سلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي ان تتحمل كافة المسؤوليات كدولة إحتلال المنصوص عليها بالشرعة الدولية وبإتفاقية جنيف الرابعة إتجاه سكان الأرض المحتلة .
* نفاذ صبر الشعب الفلسطيني على الإحتلال وجرائمه وما له من تداعيات .
إن تجفيف موارد السلطة الفلسطينية وتضييق سبل الحياة تعني فرض عقوبات جماعية التي تعد اداة من ادوات ممارسة جرائم حرب وجرائم تطهير عرقي على طريق التهجير القسري للشعب الفلسطيني ....
المواطن الفلسطيني والعربي يتساءل إلى متى يبقى الموقف العربي ساكنا لا يبادر بمساعدة الحكومة الفلسطينية ماليا وبالتالي مساعدة الشعب الفلسطيني على الصمود بوطنه ولو على شكل قرض لحين إلزام سلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي وقف سطوها على اموال الشعب الفلسطيني ؟ وإلى متى لا تبادر الدول التي يربطها علاقات مع الكيان العدواني الإسرائيلي بالضغط عليها لإنهاء عدوانها وتحويل الأموال للحكومة الفلسطينية تحت طائلة وقف العلاقات التجارية والإقتصادية وتجميد العلاقات الدبلوماسية وكافة اشكال العلاقات ....؟
لا تتركوا الشعب الفلسطيني وحيدا فالمخطط الإسروامريكي يستهدف الجميع والبداية من فلسطين... فهلا نعتبر حماية للأمن القومي العربي.... ؟ !

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبارنا
منذ يوم واحد
- أخبارنا
ياسر كنعان يكتب : العجز الدولي أمام غزة
أخبارنا : يبدو أن الجمعية العامة للأمم المتحدة بكافة اذرعها المنبثقة منها من منظمات الصحة العالمية ومنظمات الغذاء الدوليه والاغاثية كالاونروا المعنية بغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين وحتى من ملحقات هذه الجمعية من مجلس الأمن لا تستطيع وقف الحرب على غزة وهذا الشلال الساكب من الدماء ورائحة الموت المنتشرة في إبادة جماعية لشعب كامل بكل أشكال القتل والتجويع المريع لم تستطع كل الجهود الدولية القليلة الصادقه من التأثير على الموقف الأمريكي والغطاء الجرمي لدولة الإرهاب من كبح جماح الكيان في غيه واجرامه والتوقف عن دعمه بكافة الوسائل بالسياسة والسلاح ، لقد بات الموقف الأمريكي والاسرائيلي المعزول دوليا واخلاقيا والمنبوذ انسانيا يجاهر بمخالفة القانون الدولي والانساني ومخالفا كل الشرائع الدوليه والمواثيق والاعراف دون مسائلة او رادع او حساب وذلك بهيمنة قوى الاستكبار وفيتو القرار ورفض الحوار هذا العالم العاجز عن إنقاذ طفل واحد يموت جوعا او ارسال علبة حليب او حتى حبة دواء فهل تباينت الصورة الانسانيه ام لحياة الإنسان من درجات فيمن يستحق الوجود او الحياة ممن يجب ان لا يستحقون وكأننا نعيش عصر الفراعنة بل أسوأ العصور الا يتسائل الناس والاحرار منهم كيف لنا أن نخرج من هذا المأزق وكيف لنا أن نصوب عمل هذه المنظومة الدولية من رسم اهدافها التي لا تزال تنتهك جهارا نهارا دون حسيب او رقيب هذا الكيان الاحتلالي الذي يعيش كالفطريات الجرثوميه بتغذية أمريكية لم يتسنى له البقاء والتمرد بوجه العالم والتمدد والتوسع لولا قيم المصالح الغربيه المجردة انسانيا واخلاقيا ولولا الخذلان والوهن العربي والإسلامي المرير والذي لا يقوى على النهوض او التوحد او تكوين حالة عربية بلون نظام واحد وكلمة واحدة غزة التي تباد والتي تعاني ما تعاني من تجويع غير مسبوق تواجه اليوم بمفردها مصيرا مشرفا لإحدى الحسنيين تواجه بمفردها سكاكين الجزارين من كل العالم دون نصير فالنصيرات لم تزل تنتظر نصير آت وبيت حنون لم يعد يضمها بيت حنون وكل القطاع يقاوم مشروع من اشترى ومن باع هل انتهت عدالة الأرض وزالت وهل ارتفعت الرحمة من الأرض وقست حجارة القلوب أليس البشر أخوة بالانسانية ام الاسرائيلي يقضي في هذا العالم ما يشاء لم تزل غزة تنتظر من يجيب دعوتها وينصر صرختها الأخيرة بنداء الاستغاثة الاخير لضمير عالمي تناشده الرحمه رغم شلل يداه وخوار قواه أن عجز العالم بأسره أمام حالة غزة يذكرنا بكيفية انشاء وهدف الكيان السرطاني ولمن وجدت القوانين الدوليه والحماية الإنسانية أن لم يكن الآن فمتى وقتها


العرب اليوم
منذ يوم واحد
- العرب اليوم
الملف النووى الإيراني.. إلى أين؟
تشهد المفاوضات الأمريكية الإيرانية التى توقفت بعد لقاءات خمسة حالة جمود متوتر ومفتوح على احتمالات تصعيد كبير حامل لسيناريوهات مختلفة. يمكن احتضار الموقف الراهن كما يلي: من طرف إيران لا مفاوضات إذا لم يكن هنالك قبول أمريكى بحق إيران فى الاستمرار بتخصيب اليورانيوم على أراضيها. يقابل ذلك شرط أمريكى أو موقف غير قابل للتفاوض وقوامه رفض كلى لحق إيران بتخصيب اليورانيوم على أراضيها والذهاب نحو تسوية قوامها التخصيب المشترك مع دول أخرى فى الخليج ولكن خارج الأراضى الإيرانية. كان ذلك هو الشرط الذى أكدت عليه الإدارة الأمريكية (إدارة ترامب-٢). وقد كانت إدارة ترامب الأولى قد انسحبت من الاتفاق فى مايو ٢٠١٨. دور الوسيط أو «المسهل» الذى عاد إلى تفعيله الثلاثى الأوروبى (فرنسا، بريطانيا، وألمانيا) بترحيب وتشجيع من طهران، وهو الدور الذى لعبه الثلاثى سابقا، وصل إلى حائط مسدود. يظهر ذلك من خلال «الإنذار» الذى وجهه الثلاثى إلى إيران بالعودة إلى «احترام التزاماتها» كأقصى حد فى نهاية شهر أغسطس القادم، والتهديد فى حال عدم حصول ذلك بإعادة تفعيل آلية العقوبات المنصوص عليها فى الاتفاق المعروفة بـ«آلية الزناد». اختيار نهاية الشهر القادم كحد أقصى من طرف الثلاثى الأوروبى مرده أن هنالك حاجة إلى شهر من الزمن بعد إبلاغ رئيس مجلس الأمن بهذا الأمر لاتخاذ ما عليه اتخاذه من إجراءات وبالتالى، كما قيل، يريد الأوروبيون القيام بذلك قبل تولى روسيا رئاسة مجلس الأمن التى تبدأ فى مطلع أكتوبر القادم. ولا بد من التذكير أيضا أن ذلك كله يجب أن يحصل قبل انتهاء العمل بقرار مجلس الأمن ٢٢٣١ بشأن الاتفاق النووى (ما عرف بخطة العمل الشاملة المشتركة) التى تم التوصل إليه فى يوليو ٢٠١٥ والذى تنتهى صلاحياته بتاريخ منتصف أكتوبر القادم. أطراف عربية رئيسية دخلت على خط الوساطة الغربية الإيرانية لتلافى الذهاب نحو صدام إيرانى غربى ستكون له دون شك تداعيات سلبية على المنطقة. المنطقة التى تعيش فى مرحلة من الحروب، بأشكال مختلفة، وأخطرها الحرب الإسرائيلية المفتوحة فى الزمان والمكان كما نذكر دائما، والتوترات، كما تشهدها بشكل خاص سوريا اليوم، والتى يتداخل فيها الإقليمى بالداخلى والحاملة لتداعيات شديدة التعقيد وكذلك التغيرات المتسارعة والمترابطة بتأثيراتها على مستوى الشرق الأوسط. هل نشهد تصعيدا من الطرفين الغربى والإيرانى يكون بمثابة رسائل تفاوض قبل العودة إلى طاولة المفاوضات بتنازلات متبادلة لحفظ ماء الوجه كما يقال والذهاب نحو صيغة من التفاوض تسمح بشراء الوقت ومحاولة كل طرف تحسين أوراقه التفاوضية فى الإطار الزمنى الممكن. البعض لا يستبعد أن تأتى التفاهمات ضمن صفقات كبيرة تتناول قضايا خلافية أخرى. هل سنشهد حربا إسرائيلية ثانية على إيران بمشاركة أو عدم مشاركة من واشنطن كأحد السيناريوهات الممكنة أو غير المستبعدة، قبل العودة إلى المفاوضات، على أساس ترتيب يرضى الأطراف المعنية، بعد لعبة «عض الأصابع» الحاصلة حاليا. الواضح أن الملف النووى «الساخن»، هو العنصر الأساسى من حيث ثقله الضاغط فى إطار زمنى محدد الذى سيحدد مسار التطورات فى الإقليم وبشكل وازن.


أخبارنا
منذ 2 أيام
- أخبارنا
بسام محمد ابو رمان : بوادر انقلاب الغرب على الشرعية الدولية وفقا لنظرية "صناعة المستقبل"
أخبارنا : أولا: مفهوم الشرعية الدولية بين النشأة والتطور: هي القواعد والقوانين المسؤولة عن تنظيم العلاقات الدولية وحفظ منظومة الأمن والسلم وحقوق الإنسان على الصعيد العالمي- والتي تم ترسيخها من خلال اتفاقية ميثاق الأمم المتحدة 1945 بنهاية الحرب العالمية الثانية. ومن أمثلتها احترام حصانة الدول وسيادتها وحظر استخدام القوة وعدم التدخل بالشؤون الداخلية. وقد تطور هذا المفهوم بنتيجة الوعيُ الناجمُ عما جاوز المئة مليون قتيل بعد الحروب العالمية. حيث برزت رغبة أممية، عند شعوب الغرب خاصة، بضرورة مضاعفة دور الشرعية الدولية لحماية حقوق الإنسان ونبذ الأطماع الاستعمارية بكافة أشكالها. وبالتالي، ساهمت الديمقراطية الغربية بإخضاع قيادات الغرب لرغبات شعوبهم والانتقال من "الدبلوماسية" الكلاسيكية الى "الدبلوماسية العلنية [Public Diplomacy]"- والتي توجب إطلاع الشعوب على سياسات حكوماتهم تجاه الدول الأخرى؛ بل وترويج ثقافة السلم إضافة الى التسويق الاقتصادي والثقافي والتحالفات السياسية المعلنة. وقد حافظ الغرب فعلا على تلك المصالح لشعوب هو ضمن تشريعاته الداخلية على مدار ما يزيد عن الخمسين عاما- بينما استغل ذريعة حقوق الإنسان لإخفاء أطماعه وتدخلاته بسياسات دول العالم الثالث بحجة تطويرها- الى الحد الذي سمح بترجيح كفة التدخل الإنساني، على كفة ما كان يعرف بقدسية سيادة الدول وحصانة سياساتها الداخلية على الدول الأخرى! ثانياً: مفهوم "صناعة المستقبل": يرى أتباع نظرية المؤامرة أن الثورة التكنولوجية في وسائل التواصل وسهولة نقل المعلومة وكشف الحقائق المتزامن مع بداية هذه الألفية جعلت منه مضطراً لخلق أحداث أكثر قدرة على تبرير تدخلاته وأطماعه المتزايدة بدول العالم الثالث- مؤكدين على أن تمسك الغرب بالشرعية الدولية هو تمسك ظاهري أمام شعوبه فقط؛ وكي لا يُتَخَذ من مخالفته قرينة لدى القوى الأخرى لمخالفة القانون الدولي بالمقابل! ومن أبرز تلك الأحداث ما جاء بخطاب بوش الشهير أمام رؤساء العالم أجمع في مبنى الأمم المتحدة بتاريخ 12 سبتمبر 2001 من أن الولايات المتحدة ستقوم بمحاربة الإرهاب أينما وجد دون أن يعتبر ذلك عدواناً على الدولة الحاضنة- كاستثناء مقبول على الشرعية الدولية بموجب عدم اعتراض أي من الحاضرين! وأكذوبة "أسلحة الدمار الشامل" لتبرير حرب العراق 2003 بمواجهة شعوبه وناخبيه. وكذلك انسحاب إسرائيل من غزة 2005 بعد إنكار محكمة العدل الدولية بقضية الجدار الفاصل 2004 [وكذلك 19 تموز 2024] لحق الدفاع عن النفس ضد أي "عدوان" قادم من داخل البلاد التي تسيطر عليها سلطة الاحتلال. وأخيراً، افتعال الرسوم الكاريكاتورية المسيئة بالدنمارك 2005 وبدء ظاهرة منع ارتداء الحجاب بالمدارس الأوروبية 2009 وما بعد، لغايات ربط مسمى الإرهاب، في ذهن الشارع الغربي، بالفكر الإسلامي تحديدا- خاصة بعد ما تم من حرق لسفارات الدول الإسكندنافية كالدنمارك والنرويج؛ بالإضافة الى السجال الثقافي بين حرية التعبير والقيود الدينية وما رافق ذلك من ترويع وتهديد للشعوب الأوروبية بالانتقام وغيره. ثالثاً: حقبة ترامب وبوادر النظام العالمي الجديد: بات من الواضح أن العالم بشكل عام، والشرق الأوسط على وجه التحديد، قد بدأ بالفعل بخوض غمار مرحلة مبهمة تُمهدُ لخلق نظام عالمي جديد. وكأن لسان حال الواقع يقر علانية بأنها حقبة الغلبة للأقوى! بل وكأن العالم الذي نعيشه اليوم "يجاهر على استحياء" بنيته على استبدال ضوابط الشرعية الدولية- مع ضرورة ضبط التوقعات- بأسسٍ تتجنب المجاملات السياسية، ولا تحتكم إلا الى المصالح المدعمة بالقوة اللازمة لإقرارها! علماً أن الشاهد من تصريحات الرئيس الأمريكي ترامب يؤكد على رغبته في إحلال السلام! أما لو صح ما سبق من فرضيات، فهل يؤثر ذلك على الشرق الأوسط بشكله الحالي؟ وهل تنعكس تلك السياسات على فرض سلام مستدام وحل عادل للقضية الفلسطينية التي استملكت عدالتها قناعات شعوب العالم الحر؟ أم أن "ما بالجراب" ما زال قادرا على أن يُعجز "الحاوي"؟ تتابع الدول الضعيفة، بحرص المثابر وريبة المستكين، ظاهرة القاعدة اليمينية الشعبية، العابرة للحدود، التي يتمتع بها الرئيس الأمريكي ترامب، دون غيره من الرؤساء. والخشية من أنها قد تسمح له بتجاهل احكام الشرعية الدولية علانية؛ بل والداخلية أيضاً، دون حرج من ناخبيه، أو اكتراث لما قد تلجأ له قوى الشرق العظمى بالمقابل! ويدرك العالم المتمدن أجمع بأن الضربات الاستباقية الإسرائيلية والأمريكية على المفاعلات الإيرانية في حزيران 2025؛ وما تبعها حتى اللحظة من استباحة إسرائيلية، بمباركة أمريكية مبطنة، للسيادة السورية أو تهديدات علنية بعدم تردد الجيش الإسرائيلي عن تكرارها ضمن العمق الإيراني أو دول الجوار دون حصر، لمجرد درء مخاطر احتمالية مستقبلية- تعتبر أمثلة صارخة على تغليب نظرية "القدرات الواقعية"على ضوابط الشرعية الدولية- وهو الأمر الذي يكفل انهيار منظومة التعايش العالمي بالتبعية إن تم اقراره!