
بسبب دعم ألماني.. اندلعت الحرب العالمية الأولى
قلق من الموقف الألماني
أثارت حادثة سراييفو حالة من القلق والتوتر بالقارة الأوروبية، حيث شهدت المنطقة حينها اندلاع أزمة تموز (يوليو) التي سبقت بداية الحرب العالمية الأولى. ومع بداية الأزمة، طالبت النمسا صربيا بالتعاون التام معها للتحقيق بالحادثة، كما اتجهت في الآن ذاته لإعداد وثيقة ضمت عددا من المطالب لضمان سير التحقيقات وتجنب الخيار العسكري.
إلى ذلك، سادت بين المسؤولين النمساويين حالة من القلق حول الموقف الألماني في حال حدوث تدخل عسكري نمساوي ضد صربيا. فعلى الرغم من وجود اتفاقية تحالف عسكري بين الطرفين، لم تكن فيينا متأكدة بشكل قاطع من مساندة برلين لها وإمكانية تدخلها لصالحها في حال توسع النزاع واندلاع حرب مع الروس الذين وعدوا في وقت سابق بحماية الشعوب السلافية من أي تهديد نمساوي محتمل.
وأملا في تحديد الموقف الألماني وضمان دعم برلين بأية حرب مستقبلية ضد صربيا، كلف وزير الخارجية النمساوي ليوبولد بيرشتولد (Leopold Berchtold) مساعده وسكرتيره ألكسندر هويوس (Alexander Hoyos) بمهمة التنقل نحو برلين للقاء الدبلوماسيين الألمان ونقل رسالة من الإمبراطور النمساوي فرانز جوزيف لنظيره الألماني فيلهلم الثاني وحكومته.
مهمة هويوس ببرلين
مع حلوله بالعاصمة الألمانية، حمل هويوس تقريرا سريا قدمه للألمان حذر من خلاله النمساويون من خطر تنامي الروح القومية لدى الشعوب السلافية ومؤكدين في الآن ذاته لضرورة الوقوف مع بلغاريا ودعمها لاحتواء الخطر السلافي. أيضا، حمل هويوس رسالة من الإمبراطور فرانز جوزيف للإمبراطور الألماني فيلهلم الثاني. وبهذه الرسالة، دان الإمبراطور النمساوي حادثة سراييفو وطالب بالرد على تطاول صربيا مؤكدا في الآن ذاته على حاجة بلاده الملحة للدعم الألماني.
يوم 5 تموز (يوليو) 1914، اجتمع الإمبراطور الألماني فيلهلم الثاني بالسفير النمساوي ببرلين الذي تكفل بتسليمه الوثائق التي نقلها هويوس. وبنفس ذلك اليوم، اجتمع هويوس مع المسؤول الألماني آرثر زيمرمان (Arthur Zimmermann) الذي أكد له وقوف ألمانيا لجانب النمسا وتضامنها معها.
باليوم التالي، قدم الإمبراطور الألماني للنمساويين ما وصف من قبل المؤرخين بشيك على بياض، فبموافقة فيلهلم الثاني، أكدت ألمانيا وقوفها ودعمها غير المشروط للنمساويين.
إلى ذلك، جاء الرد الألماني ليمثل نقطة تحول هامة بتلك الفترة. ففي النمسا، عارض عدد من الوزراء فكرة شن حرب على صربيا وتخوفوا من الموقف الألماني. ومع سماعهم بالرد الألماني الداعم لهم، أيد جل الوزراء والسياسيين النمساويين التصعيد مع صربيا واتجهوا لإصدار ما وصف بالإنذار الأخير لصربيا يوم 23 تموز (يوليو) 1914 والذي تضمن شروطا قاسية رفضها الصرب.
وعلى إثر ذلك، هاجمت النمسا صربيا يوم 28 تموز (يوليو) 1914 معلنة بذلك بداية الحرب العالمية الأولى تزامنا مع تفعيل سياسة التحالفات القائمة بالقارة الأوروبية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق السعودية
منذ 2 ساعات
- الشرق السعودية
الاعتراف بدولة فلسطين.. "كرة الثلج" الفرنسية تتدحرج
فتح إعلان فرنسا الاعتراف بالدولة الفلسطينية الباب أمام تحول في السياسات الغربية، ودحرج "كرة الثلج " باتجاه موجة جديدة من الاعترافات المتوقعة، خاصة بعد اعتزام بريطانيا وكندا والبرتغال ومالطا بإعلان الاعتراف ذاته في سبتمبر المقبل، وسط تحركات متسارعة لإعادة إحياء مسار حل الدولتين. ويرى سياسيون ودبلوماسيون غربيون، في حديثهم لـ"الشرق"، أن الخطوة الفرنسية شكلت ضغطاً سياسياً وأخلاقياً متصاعداً على العواصم المترددة، في وقت بدأت فيه المبادرات الدولية، وعلى رأسها مؤتمر حل الدولتين الذي عقد في نيويورك برئاسة السعودية وفرنسا، تعيد رسم المشهد الدبلوماسي، ما أوجد فرصة لتحريك مسار التفاوض الفلسطيني-الإسرائيلي. في خطوة وُصفت بالتاريخية، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس الماضي، اعتزام بلاده الاعتراف رسمياً بدولة فلسطين أمام الأمم المتحدة في سبتمبر المقبل، لتُصبح فرنسا أول دولة من مجموعة السبع وعضو دائم في مجلس الأمن (باستثناء الصين وروسيا) تتخذ هذه الخطوة، في تحرك دبلوماسي يُعيد تسليط الضوء على حل الدولتين. دول أوروبية على خطى فرنسا عضو مجلس الشيوخ الفرنسي، أوليفيه كاديك قال إن الاتحاد الأوروبي يلتزم بحل الدولتين، مشدداً على ضرورة إقامة دولة فلسطينية تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل على أساس حدود عام 1967، مع إمكانية تبادل الأراضي بالاتفاق بين الطرفين. وأوضح كاديك (وهو أيضاً نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في مجلس الشيوخ الفرنسي) أن هناك دولاً أوروبية ترغب بذاتها إعلان اعترافها بالدولة الفلسطينية، ولا يملك الاتحاد الأوروبي كهيئة مؤسسية سلطة التدخل في ذلك. فيما قال مستشار الرئيس الفرنسي للشؤون الفلسطينية – الإسرائيلية، عوفر برونشتين، في تصريحات لـ"الشرق"، إن عدداً من الدول الأوروبية تعتزم إعلان الاعتراف بفلسطين بحلول سبتمبر، موضحاً أنهم أبلغوا فرنسا بنيتهم السير على خطاها، لكن تلك الدول، وفق برونشتين، تفضل التريث بانتظار تبلور الظروف السياسية الخاصة بهم للإعلان الرسمي. وأكد برونشتاين أن الاعتراف الفرنسي يفتح ديناميكية جديدة ستلحق بها دولاً كثيرة بحلول سبتمبر، موضحاً أن فرنسا ستتبع مسار تفاوضي جديد يُبنى بعد الاعتراف وليس قبل الاعتراف كما في السابق، لافتاً إلى "أهمية وجود اعتراف عربي وإسلامي بإسرائيل أيضاً لإنجاح عملية السلام وتحقيق التفاهم المرجو". وفي وثيقة صادرة عن الخارجية الفرنسية ضمن إعلان نيويورك، أطلقت فرنسا و14 دولة أخرى نداءً جماعياً يدعو إلى الاعتراف بدولة فلسطين، وحثت باريس الدول المترددة على الانضمام. وذكر وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، على منصة "إكس" أن الدول الموقعة هي: (أندورا، أستراليا، كندا، إسبانيا، فنلندا، فرنسا، أيسلندا، أيرلندا، لوكسمبورج، مالطا، نيوزيلندا، النرويج، البرتغال، سان مارينو، وسلوفينيا). وبسؤاله عن عزم دول أوروبية وغربية أخرى خاصةً ألمانيا وبلجيكا وإيطاليا وأستراليا، الاعتراف بفلسطين، رجح بروشنتين أن بعضها سيتخذ هذه الخطوة، بينما ستتضح مواقف أخرى خلال الأيام المقبلة. من جانبه، اعتبر ماريان دوريس، مستشار السياسة الخارجية في المفوضية الأوروبية في حديثه لـ"الشرق"، أن فرنسا تُعدّ الفاعل الأبرز في التحول الرمزي للسياسات الخارجية الأوروبية تجاه القضية الفلسطينية، وذلك في ضوء موجة الدعم المتصاعد خلال الأشهر الماضية، لا سيما من حكومات يسارية أو تقدمية. وأوضح دوريس أن الحراك بات مساراً سياسياً لا يمكن للمفوضية الأوروبية تجاهله، مشيراً إلى أن "كرة الثلج" بدأت بالتدحرج فعلياً. وتوقع أن تتبع حكومات ذات ميول يسارية أخرى مثل إيرلندا وإسبانيا هذا الاتجاه، رغم تحفظه على الكشف عن أي معلومات أخرى بحكم موقعه الاستشاري. بريطانيا وكندا والبرتغال ومالطا في غضون أسبوع، أعلنت بريطانيا ومالطا وكندا والبرتغال، عزمهم الاعتراف بدولة فلسطين خلال دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة، في سبتمبر المقبل، ولكن لندن قالت إنها ستمضي قدماً في قرارها ما لم تتخذ إسرائيل خطوات جوهرية لإنهاء الوضع المروع في غزة، فيما اشترطت أوتاوا تنفيذ إصلاحات داخلية فلسطينية في 2026. فيما دعت ألمانيا إلى بدء مفاوضات فورية لتحقيق "حل الدولتين"، الخميس، معتبرة أنه السبيل الوحيد للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وأكدت وزارة الخارجية أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية يجب أن يكون نتيجة لتلك المفاوضات، محذرة من خطوات أحادية إسرائيلية، وسط ضغوط داخلية على برلين لمراجعة دعمها تل أبيب. ودعا الدبلوماسي الألماني السابق أندرياس رينيك، برلين، إلى مواصلة التحرك في هذا الاتجاه خلال الأسابيع والأشهر المقبلة. وأوضح رينيك (وهو المبعوث الأوروبي السابق لعملية السلام في الشرق الأوسط)، أنه من الضروري التمييز بين الاعتراف الفرنسي بدولة فلسطين، وبين مؤتمر حل الدولتين في الأمم المتحدة، مشيراً إلى أن الخطوة الفرنسية قد تشجّع بعض الدول الأوروبية على الحذو حذوها، لكنها لن تؤدي إلى موجة اعترافات واسعة، وفقاً لرأيه. ولفت إلى تمسك ألمانيا بموقف الاعتراف بالدولة الفلسطينية المشروط بالتفاوض، خاصة بعد توافق دول عربية وأوربية لأول مرة في مؤتمر حل الدولتين بنيويورك، مؤكداً أن هذا المؤتمر خلق دعماً وزخماً جديداً للقضية. وعن اعتراف كندا ، قال مايكل لينك، المقرر الأممي السابق لحقوق الإنسان في فلسطين، إن موقف بلاده من الاعتراف يشبه إلى حد كبير سياسة بريطانيا، موضحاً أن الاعتراف كان جزءاً من السياسة الكندية التقليدية، لكنه كان مشروطاً بالتوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل، إلا أن هذا النهج تغيّر بسبب الواقع السياسي الحالي. أمن "الدولة الفلسطينية" على الأرض وفي حديثه عن الحلول المستقبلية لحفظ أمن الفلسطينيين، أعاد أوليفيه كاديك، التذكير بمبادرة جنيف (2003) التي اقترحت نشر قوة متعددة الجنسيات، إما تابعة للأمم المتحدة أو لتحالف دولي في المناطق الحدودية والمطارات ونقاط العبور، بهدف ضمان الأمن والاستقرار للفلسطينيين دون وجود عسكري إسرائيلي داخل الأراضي الفلسطينية، وهو ما يجعله أساساً قابلاً لإعادة النظر في ظل تعقيدات المرحلة الراهنة. وتابع: "يبدو لي أن هذا المشروع يقدم ضمانات أمنية حقيقية للفلسطينيين، مع مراعاة هواجس تل أبيب الأمنية". فيما أوضح لينك، وهو أيضاً أستاذ مشارك في القانون الدولي بجامعة ويسترن أونتاريو الكندية، أن بلاده لا تملك أدوات تأثير فعلي على الأرض في غزة أو الضفة أو القدس الشرقية، معتبراً أن الاعتراف يُعد رسالة غضب تجاه إسرائيل وتأكيداً على التمسك بالقانون الدولي والدبلوماسية المسؤولة، لكنه شدد على أن العقوبات الفعلية وحدها هي الكفيلة بإحداث تغيير حقيقي. خطوة رمزية تحتاج حلاً واقعياً ورغم ترحيبه بالخطوة، يرى مستشار السياسة الخارجية في المفوضية الأوروبية ماريان دوريس أن "الاعتراف" وحده، دون خطوات عملية، لا يغيّر الواقع الجيوسياسي، معتبراً أن بعض هذه التحركات تحمل طابعاً رمزياً وتستهدف استرضاء الجاليات المهاجرة أو الناخبين الناشطين. وأشار إلى أن السياسات الأوروبية لا تزال محكومة بمعايير مزدوجة، لافتاً إلى أن بعض الدول الأوروبية ستُبقي على موقف "الحياد الآمن"، مكتفية بالدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة دون التوجه للاعتراف الرسمي. ولفت دوريس إلى أن مواقف الدول تتأثر بعقلياتها السياسية وظروفها الداخلية، وقد ترتبط أحياناً بالاعتبارات الانتخابية، موضحاً أن المفوضية والاتحاد الأوروبي لا يملكان صلاحية الاعتراف بالدول نيابةً عن الدول الأعضاء، إذ تُعدّ هذه الصلاحية من الشؤون السيادية الخاصة بكل دولة على حدة. واعتبرت ناديا إيسيان عضوة البرلمان الفرنسي سابقاً، أن اعتراف بلادها بدولة فلسطين يُمثل "نقطة تحول رمزية بالتأكيد، لكنها تحمل أيضاً أبعاداً ملموسة نظراً لما تثيره من ردود فعل متباينة، سواء إيجابية أو سلبية على المستوى الأوروبي". وأضافت إيسيان أن "السؤال الحقيقي هو ما إذا كانت فرنسا قادرة على تحويل هذا الزخم الرمزي إلى واقع سياسي دولي فعلي على الأرض". وقالت إيسيان إن الاعتراف جاء في لحظة حرجة يواجه فيها الفلسطينيون خطر الإبادة، معتبرة أنها تمثل التزاماً بالعدالة وأداة ضغط دبلوماسي لا رجعة فيها، وقد تعيد لفرنسا دوراً فاعلاً ومصداقية في الشرق الأوسط، إذا واصلت هذا النهج الشجاع. ورأت أن غياب سياسة أوروبية موحدة داعمة للفلسطينيين، إلى جانب موقف ألمانيا الرافض للاعتراف، يعكس عجز الاتحاد عن اتخاذ خطوات حازمة ضد إسرائيل التي تتجاهل المجتمع الدولي بدعم أميركي. واتفق معها رئيس معهد الدراسات الأوروبية للاستشراف والأمن بباريس، إيمانويل دوبوي، ولفت إلى أن قرار فرنسا "رمزي" من حيث التوقيت، لكنه يحمل دلالات سياسية مهمة، ويعيد وضع حل الدولتين على جدول الأعمال الدولي. وقال دوبوي إنه على الرغم من أن الخطوة الفرنسية جاءت دون استيفاء الشروط التي حددها ماكرون سابقاً (التوافق الأوروبي، ومشاركة ألمانيا، وخروج حماس من غزة، وإصلاح السلطة، ومشاركة عربية أوسع في اتفاقيات أبراهام)، إلّا أنها تحمل وزناً خاصاً لكون فرنسا دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن، وعضواً في مجموعة السبع إلى جانب بريطانيا وكندا، اللتين تتجهان نحو هذا الاعتراف أيضاً، ما يضفي على قرارها بُعداً استثنائياً مقارنة بسوابق الاعتراف. وتعترف نحو 149 دولة (وفقاً للخارجية الفلسطينية) من أصل 193 في الأمم المتحدة بفلسطين كدولة. وكانت أيرلندا وإسبانيا والنرويج قد اعترفت بها في مايو 2024، تلتها سلوفينيا وأرمينيا في يونيو من العام نفسه. وتعتزم بريطانيا وكندا ومالطا والبرتغال، إضافة إلى فرنسا، الاعتراف بالدولة الفلسطينية في سبتمبر 2025، ما لم يتم التوصل إلى شروط محددة. وفي عام 2012، حصلت فلسطين وقتها على صفة مراقب عام في الأمم المتحدة، مما عزز حضورها الدولي دون الاعتراف الكامل كدولة عضو وسط اعتراض أميركي دائم.


الشرق السعودية
منذ 3 ساعات
- الشرق السعودية
بريطانيا وأميركا و12 دولة تندد بـ"تهديدات المخابرات الإيرانية"
نددت بريطانيا والولايات المتحدة، و12 دولة حليفة من بينها فرنسا، الخميس، بما وصفته بـ"تصاعد مؤامرات الاغتيال والخطف والإيذاء التي تحاك من أجهزة المخابرات الإيرانية"، ضد أفراد في أوروبا وأميركا الشمالية. وقالت الدول في بيان مشترك: "نحن متحدون في معارضتنا لمحاولات أجهزة المخابرات الإيرانية، قتل وخطف وإيذاء أفراد في أوروبا وأميركا الشمالية، في انتهاك واضح لسيادتنا". ودعت حكومات ألبانيا، والنمسا، وبلجيكا، وكندا، والتشيك، والدنمارك، وفنلندا، وفرنسا، وألمانيا، وهولندا، وإسبانيا، والسويد، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، السلطات الإيرانية إلى "وقف مثل هذه الأنشطة غير القانونية على الفور". "الحاجة إلى بناء الخبرات" وذكر المعهد الملكي البريطاني للدراسات الدفاعية والأمنية، أن "استخدام إيران للاغتيالات يتطلب من المملكة المتحدة بناء الخبرة وتوجيهها إلى العمل". وبحسب المعهد فإن وزيرة الداخلية البريطانية إيفيت كوبر، ذكرت أمام لجنة الاستخبارات والأمن في البرلمان البريطاني بأنها "تشعر بقلق متزايد، بشأن وتيرة الزيادة المتعلقة بالتهديد الإيراني". وأُدرج هذا الاعتراف ضمن تقرير أوسع نطاقاً حول التهديد الأمني الإيراني، وقد نُشرت تقارير مماثلة سابقاً، عن روسيا عام 2020، وعن الصين عام 2023، إلا أن التقرير الأخير بشأن إيران يأتي في وقت يتزايد فيه القلق بشأن التهديد الذي تُشكله الدول المعادية والبيئة الجيوسياسية الجديدة التي خلقتها، وفقاً للمعهد. وفي السنوات الأخيرة، أدت مجموعة من العوامل إلى زيادة الاعتماد على جهات غير تقليدية في تنفيذ العمليات الاستخباراتية والسرية، كما ساهمت التقنيات الحديثة، بالإضافة إلى رواد الأعمال الاستخباراتيين، في تشديد التجسس من خلال زيادة الشفافية. وبحسب المعهد، كانت إيران وروسيا في طليعة الدول التي اعتمدت بشكل متزايد على الجماعات الإجرامية والأفراد، الذين جُندوا عبر تقنيات سلسلة الكتل "البلوك تشين" الذين في بعض الأحيان، وقعوا في فخ التجسس الذي فاق توقعاتهم بكثير. كما أشار المعهد إلى أن إيران استغلت علاقاتها مع عصابات إجرامية، ومجرمين منفردين يحملون جنسيات مزدوجة لتنفيذ هجمات عابرة للحدود. وأفادت التقارير بأن طهران ضغطت على أعضاء شبكة "فوكستروت" الإجرامية، لتنفيذ هجمات ضد مصالح أميركية وإسرائيلية في السويد. وكان جهاز الاستخبارات الأمن الداخلي البريطاني MI5، حذّر في 2023، من أن طهران كانت وراء 10 مؤامرات تسببت في حوادث قتل وخطف بالبلاد. قلق من التهديد الإيراني ونقلت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية عن مصدر من وزارة الداخلية، قوله: "التهديد الإيراني هو أكثر ما يقلقنا"، مضيفاً: "إنهم يمثلون مشكلة كبيرة؛ لأنهم أصبحوا أكثر عدوانية وشهيتهم باتت آخذة في الازدياد، فهم دفاعيون للغاية ضد أي شخص يتحدى حكومة طهران، ويريدون القضاء عليه". ومنذ أوائل عام 2022، تقول بريطانيا إنها أحبطت أكثر من 20 مؤامرة مرتبطة بإيران لاختطاف أو قتل أفراد في المملكة المتحدة، بمن فيهم مواطنون بريطانيون وآخرون تعتبرهم طهران تهديداً. وفي أكتوبر، أفادت "رويترز" بأن إيران تقف وراء موجة من محاولات الاغتيال والخطف في أنحاء أوروبا والولايات المتحدة. وأعلنت الحكومة البريطانية في مارس، أنها "ستلزم الدولة الإيرانية بتسجيل جميع أنشطة النفوذ السياسي"، مشيرة إلى السلوك العدواني المتزايد لأجهزة المخابرات الإيرانية.


الشرق الأوسط
منذ 5 ساعات
- الشرق الأوسط
الإسلاموفوبيا ومسألة العيش المشترك
كنت أترأس في الجامعة الأورومتوسطية لجنة مناقشة إحدى أطروحات الدكتوراه عن الخطاب الإعلامي في فترة الأزمات، وسار بنا الحديث عن أحد كبار المفكرين والفلاسفة، وهو الألماني يورغن هابرماس، الذي يمثل الإنتلجنسيا الأوروبية الحالية النقدية التي ما زالت تصدع بكلمة حق ضد الشر والبؤس. السؤال المطروح: ماذا وقع بالضبط لتزداد نسبة معاداة الإسلام في أوروبا والمجتمع الغربي بشكل كبير؟ لماذا هذه الإسلاموفوبيا؟ لماذا يَعدّ الأوروبيون الإسلام تهديداً أكثر من أي وقت مضى؟ يشير الفيلسوف الألماني في كتاباته إلى أن العامل الانتخابي وضرورة حشد عدد أكبر من أصوات الناخبين هو السبب الذي يجعل الجسم المجتمعي الألماني مثلاً مريضاً بالصور النمطية عن الإسلام والمسلمين، وهو الذي يغذّي في عقول الألمان مقولة وجود الهوية والثقافة الوطنية في خطر، أو ما يشار إليه بالهوية المرجعية، ويضيف إليها السياسيون الألمان خاصية جديدة، وهي كون ثقافة المجتمع الألماني ثقافة «يهودية - مسيحية»، ويتساءل الفيلسوف الألماني عن نسيان السياسيين الجدد ما وقع لليهود في ألمانيا. وهناك مشكل كبير في فهم الآخر، في المجتمعات الغربية خاصة؛ ومن هنا تلك الحملات المسعورة التي يشعلها السياسيون وأصحاب القلم وفئات عريضة من المجتمع في حق المهاجرين، خصوصاً المسلمين منهم؛ ومما يزيد الطين بلة أن هذه الحملات لا يسلم منها حتى بعض التوجهات الأكاديمية التي تُدرس في الجامعات الغربية؛ وما زلت أتذكر لمّا كنت طالباً في الجامعة الفرنسية، كيف كنا نحن الطلبة نتلقى محاضرات من بعض المنظّرين في العلاقات الدولية؛ في ظاهرها قواعد عن سوسيولوجيا العلاقات الدولية وفي باطنها كره وجهل بالحضارة الإسلامية... وكان هناك تباين جليّ في التلقي والتجاوب، فكنا نحن الطلبة المسلمين نحتكم بصورة حقيقية ومَرضية إلى واقع الحضارة العربية والإسلامية في أثناء تلقِّينا لتلك العلوم، أما الطلبة الفرنسيون والأجانب (ما عدا الأفارقة والآسيويين منهم) فقد احتكموا إليها، بما في ذلك نظرية الأميركي هنتنغتون عن صراع الحضارات كما هي، بل غذّوها أيضاً انطلاقاً من نظريات مشابهة لها، وبقوا في هذا الحد من الفهم من دون الغوص في خبايا التاريخ وعلم الاجتماع والحضارة والأنثروبولوجيا لبناء نقد ذاتي لنظرية، رغم بساطتها، لها من النتائج على الفكر والنظرة إلى الآخر ما ليس لغيرها؛ وإذا دخلت في حديث فكري معهم وجدت نظرتهم إلى الحضارة العربية والإسلامية نظرة محقّرة، وإذا بحثت معهم فوق الحشائش وتحت الحشائش فلن تجد علماً ولو بسيطاً بتاريخ وواقع الحضارة العربية والإسلامية، بل مجملها سطحيات تفنّد بواقع العلم والتدقيق والحقيقة، والأدهى أن نظراتهم تتغذى على إسقاطات على وقائع ليس لها لا مرجع ولا أصل مُنصف... وما زلت أتذكر أنني يوماً سألت أستاذاً من أصول ألمانية يدعى توماس ليندمان، وهو من كبار منظِّري العلاقات الدولية في الجامعات الأوروبية، عن جدوى إدراج نظرية هنتنغتون في مادة السلك الثالث وفي هذا المستوى من التعليم؛ لأن هنتنغتون لا يمكن اعتباره من منظِّري العلاقات الدولية، ولا نظريته تصلح لأن توضع ندّاً لنظيراتها في العلاقات الدولية، فكان من إنصاف هذا الأستاذ أن ساندني الرأي ولكن من دون الخوض معي ومع زملائي في ماهية إدراجها ضمن المقرر. وعندما أطلقت منذ أيام فرنسا والمملكة العربية السعودية والعشرات من الدول الأخرى، من بينها كندا وأستراليا، «نداء نيويورك»، الذي يدعو دول العالم كافةً إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وذلك في ختام المؤتمر الوزاري الذي عُقد في الأمم المتحدة بشأن حل الدولتين للنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، رأينا في وسائل الإعلام الغربية التي تفضلت باستجواب الناخبين، جهلاً بالواقع الفلسطيني رغم حرب وصور تجويع وتقتيل وتهجير الفلسطينيين الأبرياء... نعم إنه الجهل العميق بالواقع، والتراكمات المغلوطة التي تخلق صوراً مشوَّهة حول الآخر، خصوصاً أن الرجل الغربي العادي لا يتغذى فكره إلا على وسائل الإعلام... وأنا أشاطر هنا العديد من المنصفين عندما يؤكدون أن الغرب قلّما يتذكر، بصفة عامة، الدور الأساسي الذي لعبته الحضارة الإسلامية، التي كان يوجد أحد مراكزها في إسبانيا، التي كانت فيها أوروبا نفسها تهيم في عمق التخلف، ونحن نشكك في أن الناس، في شوارع واشنطن أو سيدني أو باريس، يعرفون اليوم مدى تقدم الحضارة الإسلامية في ذلك العصر. لقد قدمت هذه الحضارة للعالم معارف جديدة في مجال العلم والفلسفة والأدب والقانون والطب وغيرها من المجالات (...) ويراودنا الشك كذلك في كون الناس يتذكرون أن التسامح قد كان من المميزات السائدة في هذه الحضارة، ذلك أن فترة أوج الحضارة الإسلامية هي الفترة التي عاش فيها المسلمون واليهود والمسيحيون جنباً إلى جنب في سلام، في إسبانيا وبلدان أخرى من العالم الإسلامي.