
"ضربات ومفاوضات".. هل يبدأ فصل نووي جديد بين أميركا وإيران؟
مفارقة تحمل في طيّاتها كل أوجه الغموض، لكنها تكشف أيضاً أن ما بعد الضربة قد يكون أكثر حساسية مما قبلها.
إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن "الضربة أنهت البرنامج النووي الإيراني" تزامن مع عرض مفاجئ للحوار، ما دفع مراقبين إلى التساؤل: هل كانت الضربة رسالة تحذير عسكرية، أم بداية لحوار جديد بشروط أكثر إيلامًا لطهران؟
يرى محلل الشؤون الأميركية في "سكاي نيوز عربية" موفق حرب في حديث إلى برنامج "ستوديو وان مع فضيلة" أن ترامب يحاول عبر الضربة أن "يستعيد زمام المبادرة السياسية" بفرض منطق "القوة لأجل السلام"، لكنه في ذات الوقت يتحدث عن مفاوضات لا تنطلق من الصفر بل من موقع تفاوضي جديد فرضته القوة العسكرية.
وتضاربت التقديرات حول مدى الأضرار التي لحقت بالبرنامج النووي الإيراني. بينما أعلن ترامب"تدمير البنية النووية"، تشير مصادر استخباراتية أميركية إلى أن الضربات "استهدفت منشآت مهمة ولكن لم تُنهِ القدرة الإيرانية على استئناف التخصيب"، بحسب موفق حرب.
أما رئيس تحرير صحيفة "إيران ديبلوماتيك" عماد ابيشناس ، فأكد أن "البرنامج لم يُدمّر بالكامل"، مضيفاً أن طهران كانت مستعدة لسيناريو مشابه عبر نقل أجهزة الطرد المركزي ومواد التخصيب إلى مواقع بديلة.
وقال: "الضربة عطلت البرنامج بضعة أشهر، لكنها لم تلغه (...) وهذا جزء من استراتيجية الردع المتبادل".
وتأتي تصريحات ابيشناس لتسلط الضوء على إستراتيجية الخداع النووي التي تعتمدها طهران ، عبر الإيحاء بأنها أضعف مما هي عليه فعلاً، لتأجيل ضربة ثانية أو دفع الأطراف الدولية إلى التهدئة.
هل فُتحت نافذة دبلوماسية؟
في تطور لافت، أعلن البيت الأبيض أن باب التفاوض لا يزال مفتوحاً، ما يشير إلى ازدواجية في التكتيك الأميركي: استخدام السوط العسكري مع مد اليد الدبلوماسية. لكن محللين يرون أن هذه "الدبلوماسية من فوهة المدفع" لن تلقى تجاوباً فورياً من طهران، لا سيما في ظل مناخ داخلي متوتر.
موفق حرب يشرح هذه الاستراتيجية بالقول: "ترامب لا يريد حرباً، لكنه أيضاً لا يقبل بعودة إيران إلى تخصيب اليورانيوم. الضربة كانت لتحسين شروط التفاوض لا أكثر". ويرى أن أميركا "لن تسمح بإعادة إعمار المنشآت المدمرة دون صفقة جديدة بشروط مختلفة كليًا".
ردود الفعل داخل إيران
في الجانب الإيراني، تحاول القيادة استثمار الغموض والتضارب، سواء لتعزيز اللحمة الداخلية، أو لرفع سقف التفاوض. يعلّق ابيشناس: "نقل الملف من يد الحكومة إلى البرلمان كان تكتيكًا محسوبًا، إذ يسمح بإعادة ضبط إيقاع العلاقة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، من دون أن تظهر طهران كمن يرفض التفتيش صراحة".
وبرأيه، فإن المرشد الإيراني علي خامنئي لا يزال في موقع يسمح له بالمناورة، سواء عبر الامتناع عن التصعيد الفوري، أو استخدام الوكلاء في الإقليم كورقة ضغط لاحقة.
إيران لن تفاوض من موقع ضعف
في هذا السياق، قدّم مدير برنامج الدراسات الإقليمية في مركز دراسات الشرق الأوسط نبيل لعتوم رؤية مختلفة، مؤكدًا أن "إيران لن تدخل في مفاوضات وهي تنزف، بل ستنتظر حتى تستعيد توازن الردع ولو جزئياً".
وشدد على أن النظام في طهران "يرى التفاوض الآن انتحاراً سياسياً داخليًا"، خصوصاً أن الضربة جاءت بعد أيام من تسلُّم الرئيس الإصلاحي مسعود بيزيشكيان مقاليد السلطة، وسط ترقب شعبي.
واعتبر لعتوم أن "مبدأ التفاوض وفق مبدأ المنتصر والمهزوم لا يصلح مع إيران"، في إشارة إلى رغبة طهران في إظهار أن البرنامج لا يزال قائمًا، رغم الضربات.
ويحذر من سيناريوهين:
1. مفاوضات باردة تحت الضغط الأوروبي والدولي قد تخرج منها إيران بخسائر كبيرة إن لم تُراعَ شروطها السيادية.
2. تصعيد غير مباشر عبر الحشد الشعبي في العراق، الحوثيين في اليمن، أو حتى عبر حزب الله في لبنان، وهو تصعيد "يعيد تسخين الساحات دون الدخول في مواجهة مباشرة".
الوكالة الدولية على الهامش؟
في منعطف خطير، يبدو أن إيران تحاول إخراج الوكالة الدولية للطاقة الذرية من المعادلة مؤقتًا. إذ اتهمتها بـ"التحريض والتجسس"، وتوقف التعاون معها تحت ذريعة "حماية الأمن القومي"، حسب تصريحات ابيشناس.
ويرى موفق حرب أن هذا التكتيك الإيراني قد يُعقّد المشهد أكثر، لأن واشنطن – ومعها أوروبا – تعتبر الوكالة "الضامن الوحيد لأي اتفاق مقبل"، وبدون عودة المفتشين، "لن يُرفع أي حظر، ولن تكون هناك ثقة".
في الخلفية، تبرز إسرائيل كطرف أساسي وإن كان "غير معلن" في الضربة. فبعض التقارير تشير إلى تنسيق استخباراتي أميركي–إسرائيلي عالي المستوى سبَق الضربات. غير أن تل أبيب، بحسب موفق حرب، ترفض أي اتفاق لا يتضمن تصفير البرنامج النووي بالكامل، ما قد يعقّد إمكانية الوصول إلى أرضية مشتركة بين واشنطن وطهران.
من جهته، يرى نبيل لعتوم أن "غياب الوساطات الأوروبية" بعد الضربة ساهم في تفاقم الأزمة، وأن فرنسا وألمانيا "لم تعد لهما اليد الطولى في الملف الإيراني"، بينما روسيا والصين تكتفيان بالمراقبة.
على خط النار والدبلوماسية، تتحرك واشنطن وطهران في دائرة من التصعيد المضبوط والرسائل المتبادلة.
ضربة فوردو لم تكن فقط استعراضًا عسكريًا، بل بداية فصل جديد من الحسابات الجيوسياسية في الشرق الأوسط.
وما بين الاعتراف الأميركي برغبة التفاوض، ورفض طهران أن تُفاوض من موقع مهزوم، تظهر مفاوضات المستقبل كـ"لعبة شطرنج فوق أرض متفجرة". فلا أحد يريد الحرب الشاملة، لكن لا أحد أيضًا مستعد لتنازل مجاني.
قد يكون الحوار ممكنًا، ولكن فقط عندما ينطفئ الغبار، وتُرسم معادلات الردع من جديد، على طاولة لا مكان فيها للضعفاء.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سبوتنيك بالعربية
منذ ساعة واحدة
- سبوتنيك بالعربية
ترامب يدرس تعيين رئيس جديد للاحتياطي الفيدرالي
ترامب يدرس تعيين رئيس جديد للاحتياطي الفيدرالي ترامب يدرس تعيين رئيس جديد للاحتياطي الفيدرالي سبوتنيك عربي أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يدرس الإعلان عن خليفة لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول خلال الصيف الجاري وسط... 26.06.2025, سبوتنيك عربي 2025-06-26T01:59+0000 2025-06-26T01:59+0000 2025-06-26T01:59+0000 ترامب مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الولايات المتحدة الأمريكية وبحسب مصادر الصحيفة فإن الإعلان عن مرشح جديد في الصيف أو الخريف سيكون مبكرًا مقارنة بالإطار الزمني التقليدي الذي يسبق نهاية ولاية الرئيس الحالي في مايو/آيار من العام المقبلومن بين أبرز الأسماء المطروحة لتولي المنصب وزير الخزانة سكوت بيسنت وعضو مجلس محافظي الفيدرالي كريستوفر والر والرئيس السابق للمجلس كيفن وورش إلى جانب مدير المجلس الاقتصادي الوطني كيفن هاسيت والرئيس السابق للبنك الدولي ديفيد مالباسويواصل ترامب توجيه انتقادات لاذعة لباول، متهمًا إياه بـ"البطء الشديد" في خفض أسعار الفائدة. وفي تصريح له خلال قمة الناتو يوم الأربعاء، وصف ترامب باول بأنه "شخص محدود الذكاء جدًا"، في تصعيد جديد للهجوم الشخصي عليه.وكان ترامب قد ألمح في مناسبات سابقة إلى احتمال إقالة رئيس الفيدرالي، ما أثار جدلاً واسعًا حول استقلالية المؤسسة المالية الأهم في الولايات المتحدة. الولايات المتحدة الأمريكية سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 2025 سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 الأخبار ar_EG سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 1920 1080 true 1920 1440 true 1920 1920 true سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 سبوتنيك عربي ترامب, مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي, الولايات المتحدة الأمريكية


البيان
منذ ساعة واحدة
- البيان
ترامب : يجب إلغاء محاكمة نتنياهو
أبدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم الأربعاء دعمه لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قائلا إنه يتعين إلغاء محاكمته. وذكر ترامب في منشور على موقع تروث سوشيال "مثل هذه الحملة الشعواء، على رجل قدم الكثير، أمر لا يُصدق بالنسبة لي". وأضاف ترامب "يجب إلغاء محاكمة بيبي نتنياهو، على الفور، أو منح عفو لبطل عظيم، قدم الكثير لدولة (إسرائيل)".


صحيفة الخليج
منذ ساعة واحدة
- صحيفة الخليج
تصعيد إسرائيلي عنيف ضد الجياع والنازحين في غزة
صعّدت إسرائيل قصفها العنيف، أمس الأربعاء، على قطاع غزة، وقصف الجيش الإسرائيلي مختلف أنحاء القطاع مستهدفاً المدنيين وخيام النازحين ونقط توزيع المساعدات، موقعاً عشرات القتلى والجرحى بين الفلسطينيين، معظمهم من الجياع والنساء والأطفال، في وقت تتصاعد التحذيرات من تفاقم الكارثة الإنسانية في غزة وسط حصار مطبق وعجز دولي تام عن وقف نزيف الدم وإيصال المساعدات، في وقت أقر الجيش الإسرائيلي بمقتل سبعة من عسكرييه بينهم ضابط بمعارك وقعت الثلاثاء في خان يونس جنوبي القطاع، في حين شددت مسؤولة أممية على أنه لا يمكن الاستمرار بالوقوف مكتوفي الأيدي تجاه غزة. واصل الجيش الإسرائيلي حربه المفتوحة على قطاع غزة لليوم ال628 على التوالي، وسط مشاهد كارثية من التجويع الممنهج، والدمار الواسع، والمجازر بحق المدنيين، خاصة أولئك الذين يحاولون الوصول إلى نقاط توزيع المساعدات الإنسانية، لسد رمق أطفالهم في ظل الانهيار الكامل للمنظومة الإنسانية. وقتل 64 شخصاً، وأصيب عشرات آخرون بنيران الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، مع تواصل غاراته وقصفه، أمس الأربعاء. وارتفعت حصيلة ضحايا الحرب على غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، إلى 56156 قتيلاً و132239 مصاباً، فيما لا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات بينما لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم. وذكرت تقارير محلية أن المصور الصحفي محمود عيسى أبو شربي قتل مع عدد من المدنيين ظهر أمس الأربعاء في قصف إسرائيلي استهدف مناطق شمال قطاع غزة. ومن جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل ضابط و6 من جنوده وإصابة 16 آخرين في معارك في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة. وأشار الجيش الإسرائيلي فجر أمس الأربعاء إلى أسماء ستة من أصل سبعة جنود قتلوا الثلاثاء، بعد أن فجر مقاتلون فلسطينيون عبوة ناسفة مزروعة في ناقلة جند مدرعة كانوا على متنها. وأوضح الجيش أن «الجنود السبعة احترقوا بالكامل بعد انفجار عبوة ناسفة بمدرعة هندسية من نوع بوما في خان يونس، وعملية إخلائهم من المكان كانت صعبة». وأوضحت التحقيقات الأولية أن عربة «بوما» التابعة للكتيبة الهندسة القتالية 605 أصيبت بعبوة ناسفة وضعها أحد العناصر الفلسطينية. واندلعت النيران في العربة وحاول الجنود إخمادها دون جدوى، إلى أن قامت جرافة «D9» بتغطيتها بالتراب لإخمادها، ثم تم سحبها من الميدان بينما كانت لا تزال مشتعلة وبداخلها الجنود. وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن التعرف على هوية الجنود القتلى بكمين خان يونس استغرق ساعات عدة بسبب احتراق ناقلة الجند. ونقلت القناة 13 عن تحقيق أولي للجيش الإسرائيلي أن كمين خان يونس الذي أدى إلى مقتل 7 جنود نفذه مقاتل فلسطيني واحد. وأضافت أن المقاتل الفلسطيني تمكن من إدخال قنبلته إلى قلب المدرعة الإسرائيلية. وقالت «بعد ذلك، انسحب من تلك المنطقة المليئة بالجنود دون أن يلحظوه». من جهة أخرى، أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، أمس الأربعاء، أن الأوضاع الصحية والإنسانية وصلت «مرحلة كارثية» بسبب استمرار الإبادة التي ترتكبها إسرائيل بدعم من الولايات المتحدة، وتفاقم الحصار المفروض على النظام الصحي. وقالت الوزارة في بيان، إن «الأوضاع الصحية والإنسانية في قطاع غزة بلغت مستويات كارثية مع استمرار إسرائيل في منع إدخال الإمدادات الطبية الطارئة». وحذرت من أن ما تبقى من المستشفيات العاملة في القطاع لن يكون أمامها مزيد من الوقت للاستمرار في تقديم الخدمات، بسبب ما تواجهه من أزمات خطرة. وأشارت إلى أن المستشفيات تعاني من اكتظاظ شديد يفوق طاقتها الاستيعابية، خاصة في أقسام المبيت والعناية المركزة، وسط تزايد الإصابات الحرجة التي تفوق قدرات أقسام الطوارئ والجراحة. إلى ذلك، قالت الممثلة الأممية المعنية بالأطفال والنزاعات المسلحة إن حجم المعاناة التي يتحملها أطفال غزة يتحدى كل معيار إنساني. وأضافت: لا يمكننا أن نستمر في الوقوف مكتوفي الأيدي تجاه غزة.(وكالات)