
الدبلوماسية الثقافية والقوة الناعمة
ومنذ إطلاق رؤية المملكة 2030 في عام 2016، أولت المملكة اهتمامًا بالغًا بمفاهيم الحوار الثقافي، بشقيه اللفظي وغير اللفظي، والدبلوماسية الثقافية، مما أسهم في تعزيز حضورها الإقليمي والدولي.
وقد طورت المملكة استراتيجيات متميزة لإبراز الثقافة بوصفها عنصرًا محوريًا في الدبلوماسية الثقافية، حيث ركزت رؤيتها على الثقافة باعتبارها نمط حياة، ومحركًا للنمو الاقتصادي، وتمثيلا لمكانة المملكة الحضارية دولياً. وانطلاقًا من إدراكها لأهمية الحوار كركيزة أساسية للثقافة، عملت المملكة على تعزيز دور الثقافة وتطوير نهج فريد لها كقوة ناعمة على المستويين المحلي والدولي، بما يعكس الترابط الوثيق بين الحوار الثقافي والدبلوماسية الثقافية، ودورهما في تعزيز الهوية الوطنية داخليًا، وتقديم صورة حقيقية وإيجابية عن المملكة خارجيًا.
واستنادًا إلى نظرية المؤلف جوزيف ناي حول القوة الناعمة، فإن أول مصادرها يتمثل في "الثقافة" بعناصرها المتعددة، كالدين، واللغة، والتاريخ، والأدب، والفنون، أما المصدر الثاني فهو "القيم السياسية" التي تتقاطع مع شعوب العالم من خلال أدوات كالإعلام، والتعليم، والسياحة، ويكمن المصدر الثالث في "السياسات الخارجية" التي تعكس القيم المشتركة عالميًا، مثل: حقوق الإنسان، وأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، والتي تتطلب استراتيجيات فعّالة للدبلوماسية الثقافية.
وفي إطار تعزيز هذه القوة الناعمة، أطلقت المملكة عددًا من المشاريع الرائدة، من أبرزها إنشاء وزارة الثقافة، وهيئة الأدب والترجمة والنشر، وهيئة الترفيه، وغيرها لتفعيل الأنشطة والفعاليات الثقافية محليًا وموسميًا، كما أدرجت منظمة اليونسكو عددًا من المواقع السعودية، مثل: العُلا وحي طريف في القدية، ضمن قائمة التراث العالمي، وفي سياق تعزيز التبادل الثقافي، أُنشئت وزارة السياحة، وتم تطوير مدن سياحية كنيوم وروشن، وغيرها من المشاريع التي جعلت من السياحة إحدى أبرز واجهات رؤية 2030، كما أشار إلى ذلك معالي وزير السياحة الدكتور أحمد الخطيب.
وتلعب الرياضة، بمختلف أنواعها، دورًا محوريًا في دعم المصدر الثاني للقوة الناعمة، من خلال استقطاب المشاركات والمنافسات الدولية إلى أرض المملكة، كما يسهم الإعلام والتعليم، وتمكين المرأة والشباب، والنمو الاقتصادي، في ترسيخ هذه القوة. أما على صعيد السياسات الخارجية، فقد تبنّت المملكة برامج للتبادل الثقافي، واستضافة الفعاليات الدولية، والاستثمار في التقدم التعليمي والتكنولوجي، إلى جانب تقديم المساعدات الإنسانية، ودعم مبادرات الطاقة الخضراء والنظيفة، بما يعكس التزامها بتحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.
وعلى الرغم من التحديات المرتبطة بالاختلافات الثقافية والتصورات السلبية، تواصل المملكة تعزيز مكانتها العالمية في مجال الدبلوماسية الثقافية، يمكن اعتبارها نموذجًا يُحتذى به، نظرًا لما حققته من إنجازات ملموسة في فترة زمنية قصيرة، مدعومة بشبكة متنامية من العلاقات والشراكات الدولية. فقد احتلت المملكة المرتبة السادسة عالميًا، والثانية بين دول مجموعة العشرين في الأداء الاقتصادي، وفقًا لمؤشر القوة الناعمة العالمي لعام 2023 الصادر عن شركة Brand Finance.
إن المملكة، حاضرًا ومستقبلًا، ماضية في ترسيخ قوتها الناعمة، من خلال دورها في معالجة النزاعات، وتعزيز مجتمع عالمي متناغم، عبر الحوار الثقافي وممارسات الدبلوماسية الثقافية، وقد أثبتت المملكة قدرتها على الإسهام في تعزيز السلام والاستقرار العالميين، وبذلك أدرك العالم أن القوة الناعمة السعودية لم تعد مجرد أداة للتأثير، بل أصبحت مرآة تعكس الصورة الأصيلة للمملكة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوطن
منذ 7 ساعات
- الوطن
الصحويون خانوا وطنهم سنة 1990 (11)
هذا هو الجزء الـ(11) من مقالات (قصة أخطر رجل في الجماعة الإرهابية)، وهي سلسلة عن المسيرة التنظيمية للعراقي «محمد أحمد الراشد»، والحديث في هذا الجزء مستمر عن الفتنة الصحوية في أزمة احتلال الكويت، وأنوه إلى أن الصحيح في تاريخ بيان هيئة كبار العلماء حول تأييد إجراء الدولة إبَّان الأزمة هو: (الإثنين 13 أغسطس 1990). وإكمالًا لما سبق، فإنه بعد درس سفر الحوالي، قفز اسم سلمان العودة إلى واجهة الأحداث، حينما ألقى في بريدة، في اليوم الـ27 للأزمة (الأحد 26 أغسطس): درسًا بعنوان: (أسباب سقوط الدول)، جاء فيه أن: الدهر دول، والأيام قُلَّب، ولو بقي الملك في أيدي السابقين لَمَا وصل إلى اللاحقين، وأن كل شيء في هذه الدنيا لا يبقى وسيخلفه غيره، وهكذا شأن الدول، وقد يطول عمر الدولة وقد يقصر، لكن النهاية محتومة. ثم تكلم عن زوال الملة، وزوال الدولة، وأن الأول هو الخطير، وأن الثاني قد يحدث، فيبقى الإسلام حاكمًا مهيمنًا، لكن تغيرت الأسماء، وتغير نمط الحكم (ولا ضير في ذلك كما هو مفهوم كلامه). ثم تحدث عن مجموعة من أسباب سقوط الدول، في إسقاطات غاية في التأليب على الدولة، وعلى الكويت وحكامها، وكان من أشنع ما قال وأكثره صراحة، قوله عن شرعية الكويت وحكامها: «مع الأسف كلمة الشرعية أصبحت لعبة، يقولون مع الشرعية في الكويت يعني عودة حكامها الذين أخرجوا منها، وفي الواقع: إننا لسنا متعبدين بالطاعة لآل الصباح، ولا لغيرهم، نحن صاحبنا الذي يرفع راية «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، ولو كان أعجميًا، أو كرديًا، والواقع أن حكومة الكويت ما كانت تحكم بالشريعة الإسلامية، وما كانت تحكم بما أنزل الله، بل كانت تحكم بالقوانين». وفي اليوم الـ29 للأزمة (الخميس 30 أغسطس): ألقي سفر الحوالي درسًا في الرياض بعنوان: (ففروا إلى الله)، وهي توسيع لدرسه: (فستذكرون ما أقول لكم)، الذي ذكرنا ملخصه في المقال السابق، كما أن هذا الدرس -ففروا إلى الله- هو أصل الرسالة التي كتبها ردًا على بيان هيئة كبار العلماء المؤيد لجلب القوات الصديقة، والتي طبعت بعد ذلك بعدة أسماء منها: (وعد كيسنجر، الأهداف الأمريكية في الخليج)، وفي هذه الأيام نفسها -أواخر أغسطس- ألقى ناصر العمر في الرياض درسًا بعنوان: (تداعي الأمم)، والذي ذكر فيه: «أن هناك خطة دولية لوضع الشرق الأوسط تحت الهيمنة الأمريكية، ساعدها في ذلك انتصارها في الحرب الباردة مع المعسكر الشيوعي، وأكد أن صدام وأمريكا كلاهما سعيا إلى السيطرة على الخليج العربي، مع الأخذ بعين الاعتبار أن أمريكا قمعت كل الجهود التي سعت إلى نهضة إسلامية في المنطقة». لاحظوا أن كلام الحوالي والعودة والعمر، جرى والعدو يحشد جموعه على تخوم المناطق الحدودية للسعودية، ولا تعلم أي ساعة يقتحم فيها حدود الوطن في حرب لا يعلم مدى ضراوتها وضررها إلا الله، فإن لم تكن هذه خيانة للوطن، وتخذيل عن حمايته، وهدم للروح المعنوية للجبهة الداخلية، ونصرة للعدو الصائل، فماذا تكون؟! على كلٍ، كانت أبرز المنطلقات التي تباطن عليها الإسلامويون لتأييد صدام في أزمة الكويت، هي: كون القوات الأمريكية جاءت لتحتل الخليج، والقضاء المبرم على الصحوة الإسلامية، ولوم الكويت على مشاكستها للعراق، وعدم حكمها بالشريعة، وتعزيز مطالبة صدام بخروج إسرائيل من فلسطين مقابل خروج العراق من الكويت. وثمة أمر مهم يجب ألا يغيب عن مستندات التحليل وسبر النتائج في هذه الفتنة النكدة، وهو نوعية الخطاب الديني، وعناوين الدروس التي كان يحاضر بها الثلاثي الصحوي، مثيري فتنة القول بحرمة الاستعانة بالأجنبي؛ قبل بدء الأزمة، والذي انقلب رأسًا على عقب في هذه الفتنة، وما بعدها: فسفر الحوالي (عمره 40 سنة وقت الحدث): كان يشرح العقيدة الطحاوية في درس أسبوعي بدأه في سنة 1406، أما طرحه فيما يعرف بالدروس العامة فكان: حول مجموعة من الأحاديث التربوية الوعظية، على شاكلة: (التضرع إلى الله، والإيمان ونواقضه، والرجولة، والشباب بين العقل والعاطفة)، أما ناصر العمر (عمره 38 سنة وقت الحدث): فكان له درس أسبوعي في شرح منار السبيل في الفقه الحنبلي، بدأه في سنة 1407، أما طرحه في الدروس العامة فكان لا يختلف عن الحوالي في شيء، إذ كانت مواضيعه مثل: (النملة، ولتسكنوا إليها، وأصلح لي في ذريتي، والعلاج القرآني للمشكلات الأسرية)، وسلمان العودة (عمره 34 سنة وقت الحدث): كان درسه الأسبوعي في شرح بلوغ المرام والذي بدأه في سنة 1408، ودروسه العامة قبل الأزمة لا تختلف عن صاحبيه -كما يسميهما- مثل: (آداب الدعـاء، والأسماء والكنى والألقاب، واللسان ومنطق الصمت، والنكت والطرائف). فكانت هذه الفتنة وهذا النشاط قصير المدى إرهاصة لما بعد الأزمة، فقد استمر اللغط والسجال من اليوم (18) للأزمة الموافق ليوم الأحد (19 أغسطس 1990)، وحتى اليوم (169) الموافق ليوم الخميس (17 يناير 1991)، إذ انطلقت مع بواكيره عاصفة الصحراء بطلعات جوية مكثفة لطرد صدام من الكويت، وحينها صمت مثيرو الفتن لمدة ثمانية أشهر تقريبًا، ذكروا -بعد عقدين على انتهاء الأزمة- أنهم كانوا لا يريدون أن يحسبوا في خانة من يفت في عضد الوطن والقيادة والشعب، والحرب قائمة. ثمة حديث عن أمر شفهي -ملطف-، بالتوقف عن المراهقات السياسية التي كان يمارسها هذا الثلاثي، والذين عادوا إلى نشاطهم بعد مضي سنة كاملة على الاجتياح، في أغسطس 1991، بإذن شفهي من وزارة الداخلية -من باب إتاحة الفرصة- بعد وساطة الشيخ ابن باز -رحمه الله-، وكانت عودتهم بأسلوب ووجه جديد مختلف تمامًا عن وجه «الرجولة» و«العلاج القرآني» و«النكت والطرائف»، فكان بمثابة تصعيد للنبرة الحادة في النقد المبني على سوء الظن والطوية، ومواصلةً لحربهم الخاصة ضد الوطن، ولكن هذه المرة بشكل معلن، وهنا كانت لحظة فاصلة عَبَرت بها «السرورية»، وتجاوزت طورها الجنيني «السلفي»، إلى الطور الإخواني المحسن والمطور، عبر جسر «فقه الواقع»، والذي بدأ عمليًا في أزمة الخليج كشكل جديد من الخطاب الديني الذي لم تشهد له السعودية مثيلًا (من سنة 1727، وحتى أغسطس 1990)، والذي قعَّد له «الإسلامويون الجدد» في السعودية، بل إن لناصر العمر درس ركيك بهذا العنوان، هو أول ما صافح به جمهوره الصحوي حينما استأنف نشاطه بعد الأزمة في (سبتمبر 1991)، وصار هذا الدرس مع ما كتبه قبله (الراشد، وسرور) أشبه بالنظرية لهذا الرافد النوعي الذي غير في أطوار حياة «التنظيم السروري» وتشكلاته، مع ملاحظة أنه وحتى تلك اللحظة لم تعرف السرورية بعدُ «بالسرورية»، وللحديث بقية.


عكاظ
منذ 7 ساعات
- عكاظ
مصر تطالب بتشكيل لجنة مؤقتة لإدارة غزة
دعت مصر اليوم (الأحد) إلى تشكيل لجنة لإدارة غزة مؤقتاً، تمهيداً لعودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع، مشددة خلال استقبال وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي، رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى على ضرورة دعم الشعب الفلسطيني لإقامة دولته المستقلة. وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية السفير تميم خلاف، أن عبدالعاطي أكد على الحاجة المُلحة لاستمرار حشد الدعم الدولي لتنفيذ الخطة العربية لإعادة إعمار غزة، وما تضمنته من متطلبات للتعافي المبكر، وإعادة بناء البنية التحتية، واستعادة كافة سبل الحياة، تمهيداً لإعادة بناء القطاع وتنميته، مستعرضاً الاستعدادات الجارية لعقد مؤتمر القاهرة للتعافي المبكر وإعادة الإعمار بعد التوصل لوقف إطلاق النار. وأشار خلاف إلى أن عبدالعاطي ومصطفى ناقشا الترتيبات التفصيلية الخاصة بالمؤتمر، مبيناً أن وزير الخارجية المصري أكد حرص بلاده على دعم الشعب الفلسطيني لحصوله على حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة. واستعرض الجانبان مستجدات الوساطة المصرية والجهود المبذولة للتوصل لوقف إطلاق النار. وشدد عبدالعاطي على موقف مصر الرافض لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، وسياسة التجويع والحصار التي ينتهجها الجانب الإسرائيلي في قطاع غزة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية وضرورة تمكينها من أداء دورها في قطاع غزة والضفة الغربية. وشدد على أهمية العمل على تفعيل اللجنة المعنية بإدارة غزة بشكل مؤقت، تمهيداً لعودة السلطة الفلسطينية للقطاع بشكل كامل. ودعا وزير الخارجية المصري إلى ضرورة تقديم الدعم اللازم للجانب الفلسطيني لاستعادة الأمن والنظام في القطاع، من خلال تدريب عناصر الشرطة الفلسطينية لسد الفراغ الأمني في غزة. أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 7 ساعات
- الشرق الأوسط
فهد تونسي رئيساً لمجلس إدارة الهيئة السعودية للبحر الأحمر
صدرت الموافقة السامية على تعيين المستشار بالديوان المَلكي الدكتور فهد تونسي رئيساً لمجلس إدارة الهيئة السعودية للبحر الأحمر. رفع مجلس إدارة الهيئة الشكر والتقدير للأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، بهذه المناسبة، مؤكداً أن الموافقة تأتي امتداداً للدعم المستمر الذي تُوليه القيادة السعودية لتعزيز مكانة السعودية على خريطة العالم، وتمكين اقتصاد سياحي ساحلي مزدهر. من ناحيته، عبَّر الدكتور تونسي عن شكره لأحمد الخطيب على الجهود التي بذلها إبّان رئاسته المجلس، خلال الفترة الماضية، وما أثمرت عنه من إنجازات ملموسة أسهمت في تحقيق مستهدفات «رؤية السعودية 2030».