logo
«علاقات معقّدة»... التوتر السياسي لا يعوق «التعاون» المصري

«علاقات معقّدة»... التوتر السياسي لا يعوق «التعاون» المصري

الشرق الأوسطمنذ 6 ساعات
على الرغم من أن هناك حالة من التوتر السياسي الظاهر للعلن بين القاهرة وتل أبيب، وتحدثت عنه تقارير صحافية مصرية وعبرية ووسائل إعلام دولية أيضاً، وقد بلغ هذا التوتر ذروته هذه الأيام عبر لهجة بدت تصعيدية من القيادة السياسية في مصر، فإن مصدراً مصرياً مسؤولاً أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه «برغم تعقّد العلاقات وتوترها بين مصر وإسرائيل؛ فإن ذلك لا يعرقل التعاون بين البلدين في الملفات الحيوية، وأيضاً في المجال الاقتصادي على وجه الخصوص».
وأوضح المصدر أن «الإدارة المصرية تفصل تماماً بين ما هو سياسي وتشوبه الخلافات، والملفات الأخرى التي لديها التزامات بشأنها، سواء فيما يتعلق بالتعاون الأمني المنصوص عليه في اتفاقية السلام مع إسرائيل، أو في الدور المصري الحيوي الساعي لحلحلة أزمة الحرب في غزة، وضرورة التوسط وبذل كل الجهود من أجل وقفها رغم كل التحفظات والاعتراضات المصرية على النهج الإسرائيلي، والذي وصل إلى حد اعتبار القاهرة له أنه نهج إجرامي».
وأشار المصدر كذلك إلى أن «النهج المصري يفصل كذلك بين ما هو سياسي وما هو اقتصادي، والخلاف مهما بلغ حداً كبيراً على الصعيد السياسي، فذلك لا يؤثر على مجالات التعاون الاقتصادي، سواء مع إسرائيل أو أية دولة أخرى؛ لأن الأمور الاقتصادية والتجارية تحكمها مصالح حيوية مشتركة، وأيضاً اتفاقات والتزامات، ومصر دولة تحترم التزاماتها حتى مع من تختلف معهم»، بحسب تعبير المصدر.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد وصف، لأول مرة، الثلاثاء الماضي، ما تقوم به إسرائيل في غزة من حرب تجويع بأنه «إبادة ممنهجة بغرض تصفية القضية الفلسطينية»، وهو الوصف الذي كرره وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بعد قول السيسي له بساعات، وأيضاً خرج محافظ شمال سيناء، القائد السابق بالجيش المصري، اللواء خالد مجاور، بتصريحات لافتة، الأربعاء، محذراً فيها إسرائيل من محاولة الدخول في حرب مع مصر، قائلاً: «من يقترب من الحدود فلا يلومنّ إلا نفسه، وسيتم التعامل معه بما هو معلن من قدرات وما هو غير معلن»، وكل ذلك فسّره البعض بأن «التوتر بلغ حداً كبيراً بين القاهرة وتل أبيب».
السيسي ونتنياهو على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017 (وسائل إعلام عبرية)
ومنذ اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل في عام 1979 لم تشهد العلاقات بين البلدين توتراً مثل الحادث حالياً بسبب الحرب في غزة، وخاصة بعد احتلال إسرائيل محور «فيلادلفيا» المحاذي للحدود المصرية بالمخالفة لمعاهدة السلام، ثم نقضها اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في يناير (كانون الثاني) الماضي بوساطة القاهرة، واستمرار إسرائيل في الحرب والتجويع لأهل غزة، ثم احتلالها محور «موراج»، والترتيب لبناء مدينة خيام للغزيين قرب حدود مصر، فضلاً عن احتلال القوات الإسرائيلية معبر رفح من الجانب الفلسطيني وحصار القطاع. وكذا محاولة تل أبيب إلقاء اللوم على مصر في حصار وتجويع الشعب الفلسطيني وترديد ذلك في الإعلام العبري، حتى إن السلطات الإسرائيلية سمحت بتنظيم بعض الأشخاص مظاهرة أمام السفارة المصرية في تل أبيب بدعوى «التنديد بالدور المزعوم لمصر في حصار وتجويع الغزيين»، وهو الأمر الذي أغضب القاهرة بشدة، وأصدرت مصر بيانات رسمية تدينه، وخلال الفترة الماضية تتصاعد المناوشات الإعلامية بين مصر وإسرائيل.
ورغم كل ذلك فقد كان لافتاً الإعلان، الخميس، عن تعديل جوهري على اتفاق تصدير الغاز الطبيعي إلى مصر، يشمل زيادة ضخمة في الكميات المتفق عليها، مع تمديد فترة التوريد حتى عام 2040، في خطوة تُعد الأكبر من نوعها في تاريخ صادرات الطاقة بين مصر وإسرائيل.
خبير الأمن القومي المصري، اللواء محمد عبد الواحد، قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا شك أن هناك توتراً سياسياً كبيراً بين القاهرة وتل أبيب بسبب القضية الفلسطينية وممارسات إسرائيل في غزة، لكن مصر تدير علاقتها مع إسرائيل بشكل معقّد جداً؛ إذ تفصل بين السياسة والاقتصاد والملفات الأخرى».
رئيس أركان الجيش المصري قرب حدود إسرائيل نهاية العام الماضي (المتحدث العسكري المصري)
وأشار عبد الواحد إلى أن «مصر تصعّد ضد إسرائيل سياسياً فيما يتعلق بملف الحرب في غزة والقضية الفلسطينية، لكن في ذات الوقت هي تعلم جيداً أنها لها مصالح كبرى من استمرار التعاون الاقتصادي مع إسرائيل، منها استيراد الغاز الإسرائيلي لتلبية الطلب المحلي المصري، وتسييل الفائض وتصديره لأوروبا، فضلاً عن أن هناك اتفاقية لـ(الكويز) تنص على أفضلية لتصدير المنتجات المصرية للولايات المتحدة بشرط أن تكون بها نسبة من المكونات الإسرائيلية، وكذلك مصر تستفيد من المعونة العسكرية الأميركية التي تحصل عليها بموجب معاهدة السلام مع إسرائيل، وأيضاً فإن استمرار دور مصر كوسيط لحل أزمة غزة يعزز من مكانة القاهرة في المنطقة، وهي تدرك ذلك».
تجدر الإشارة إلى أن مصادر قالت لـ«الشرق الأوسط» قبل أيام إن «القاهرة لا تتفاعل مع أي اتصالات مع إسرائيل على مستوى الرئاسة ولا الحكومة ولا الخارجية، والاتصالات فقط فيما يتعلق بالوفود الأمنية بشأن وساطة غزة، أو التنسيق الأمني المشترك المنصوص عليه في اتفاقية السلام».
ولم تعتمد القاهرة أوراق سفير جديد لإسرائيل منذ انتهاء مدة السفيرة الإسرائيلية السابقة في الربع الأول من عام 2024، كما استدعت مصر سفيرها من إسرائيل منذ عدة أشهر، ولم يعد إلى هناك حتى الآن.
معبر رفح البري مفتوح من الجانب المصري لكن من دون دخول المساعدات الإنسانية (تصوير: محمد عبده حسنين)
عضو «مجلس الطاقة العالمي»، الدكتور ماهر عزيز، قال إن «الدول تعلم جيداً أن الاقتصاد وعلى رأسه الطاقة عصب الحياة. ولأن الخلافات أمر ملازم لتلك الحياة؛ فمن ثم لا تجعل تلك الخلافات تؤدي لتعطيل الحياة، وأوضح الأمثلة على ذلك خلال الحرب العالمية الثانية، حين كانت ألمانيا تغزو فرنسا في حين يتصل مشغلو الشبكة الكهربية الموحدة فيهما من مركزَي التحكم في كل من البلدين ليتعاونا في تنسيق توزيع القوى الكهربية وسريانها بينهما، كأنما الشبكة الكهربية جزيرة معزولة عن الحرب والمتحاربين».
وذكر لـ«الشرق الأوسط» أنه «لذلك مهما تصاعدت التوترات بين مصر وإسرائيل، فلا تنعكس تلك التوترات على التعاون الاقتصادي والطاقي بينهما، بل يتعين أن تظل الطاقة خصوصاً بمنأى عن أي خلافات بينهما؛ لأنها أعلى من أي خلافات وأسمى من أي توترات سياسية».
في حين يرى أستاذ الاقتصاد السياسي بجامعة واين ستيت في ميشيغان بالولايات المتحدة، مصطفى يوسف، أن «التنسيق الأمني والاقتصادي وحتى السياسي على أعلى مستوى بين الجانبين المصري والإسرائيلي، وكل منهما يدرك أن هناك ضغوطاً من الرأي العام تدفع لتصريحات من هنا وهناك، لكن تلك التصريحات لا تُترجم في الواقع على صعيد العلاقات الرسمية بين البلدين». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «إسرائيل برغم كل شيء، ترى أنها تستفيد من استمرار التعاون الاقتصادي المصري معها في ظل العزلة الدولية وتحول إسرائيل إلى دولة منبوذة بسبب ما تفعله في قطاع غزة، وكذلك فإن الإدارة المصرية تستفيد».
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وزير الخارجية يتحرك دبلوماسياً لوقف الانتهاكات الإسرائيلية في غزة
وزير الخارجية يتحرك دبلوماسياً لوقف الانتهاكات الإسرائيلية في غزة

الرياض

timeمنذ 37 دقائق

  • الرياض

وزير الخارجية يتحرك دبلوماسياً لوقف الانتهاكات الإسرائيلية في غزة

أجرى وزير الخارجية صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله،اليوم الجمعة، سلسلة اتصالات هاتفية مع عدد من وزراء الخارجية والمسؤولين الدوليين، تناولت آخر تطورات الأوضاع في قطاع غزة، وسبل إنهاء التصعيد الإسرائيلي وتحقيق التهدئة الإنسانية. وذكرت وزارة الخارجية اليوم أن الأمير فيصل بحث مع وزير خارجية مصر بدر عبد العاطي ووزير خارجية تركيا هاكان فيدان، ووزير خارجية ألمانيا الاتحادية يوهان فاديفول، والممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية كايا كالاس، ووزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، المستجدات الميدانية والإنسانية في القطاع. وأكدت المحادثات أهمية وقف الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية، ووضع حد للكارثة الإنسانية التي يعيشها سكان غزة، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية دون انقطاع. كما شددت على ضرورة تكثيف جهود المجتمع الدولي لإنهاء الحرب، ووقف جرائم التجويع، ومنع أي خطوات من شأنها تقويض فرص حل الدولتين وإطالة أمد الصراع.

مجلس الأمن يعقد جلسة طارئة بشأن خطة إسرائيل لاحتلال غزة.. السبت
مجلس الأمن يعقد جلسة طارئة بشأن خطة إسرائيل لاحتلال غزة.. السبت

مباشر

timeمنذ 38 دقائق

  • مباشر

مجلس الأمن يعقد جلسة طارئة بشأن خطة إسرائيل لاحتلال غزة.. السبت

مباشر: يعقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة غداً السبت لمناقشة خطة إسرائيل لإعادة احتلال قطاع غزة؛ وفق ما أفادت به وسائل إعلام فلسطينية. الأمين العام للأمم المتحدة وصف الخطة الإسرائيلية بأنها "تصعيد خطير"، مطالباً بوقف الحرب فوراً، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية والإفراج عن الأسرى. من جانبه، أكد مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة أن بلاده تسعى لوقف العمليات العسكرية الإسرائيلية، مشيراً إلى أن وفداً فلسطينياً سيرفع رسالة إلى المجلس لتذكيره بمسؤولياته. وأوضح أن عدد الشهداء في غزة تجاوز 60 ألفاً، وأن هناك مشاورات جارية مع مجلس الأمن واللجنة الإسلامية الوزارية لبلورة موقف موحد تجاه العدوان. وتضم اللجنة الإسلامية الوزارية ثماني دول، من بينها خمس دول عربية هي مصر، السعودية، الأردن، قطر، وفلسطين، إضافة إلى تركيا ونيجيريا وإندونيسيا. ومن المتوقع إصدار بيان مشترك قريباً سيتم تعميمه على مجلس الأمن والمجتمع الدولي. وأعرب المندوب الفلسطيني عن تقديره لمواقف دول أعلنت وقف تصدير الأسلحة التي قد تُستخدم في غزة، بينها دول أوروبية كبريطانيا وألمانيا. كما جدّد المطالبة بوقف القتال وتوفير الغذاء للمدنيين في القطاع، مؤكداً أهمية إنهاء الاحتلال الإسرائيلي والتوجه نحو تنفيذ حل الدولتين لتحقيق السلام. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال آبل ستور أو جوجل بلاي للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا تابعوا آخر أخبار البورصة والاقتصاد عبر قناتنا على تليجرام لمتابعة قناتنا الرسمية على يوتيوب اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك السعودية.. تابع مباشر بنوك السعودية.. اضغط هنا

اتصالات سعودية مع تركيا وألمانيا لبحث وقف الحرب في غزة
اتصالات سعودية مع تركيا وألمانيا لبحث وقف الحرب في غزة

مباشر

timeمنذ 38 دقائق

  • مباشر

اتصالات سعودية مع تركيا وألمانيا لبحث وقف الحرب في غزة

الرياض - مباشر: أجرى وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، اليوم الجمعة، اتصالين هاتفيين بكل من وزير الخارجية التركي ووزير الخارجية الألماني، تناول خلالهما تطورات الأوضاع في قطاع غزة. وشدد خلال الاتصالين على أهمية وقف التصعيد والانتهاكات الإسرائيلية، وضرورة إنهاء المعاناة الإنسانية في القطاع. كما تم التأكيد على أهمية تكثيف جهود المجتمع الدولي لوقف الحرب وتحقيق تهدئة عاجلة. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال آبل ستور أو جوجل بلاي للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا تابعوا آخر أخبار البورصة والاقتصاد عبر قناتنا على تليجرام لمتابعة قناتنا الرسمية على يوتيوب اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك السعودية.. تابع مباشر بنوك السعودية.. اضغط هنا

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store