logo
"أمريكا أولاً" والإعلام: استراتيجية ترامب للضغط على خصومه

"أمريكا أولاً" والإعلام: استراتيجية ترامب للضغط على خصومه

عمونمنذ 5 ساعات

صدر في عام 1987 كتاب "فن الصفقة" لدونالد ترامب بالتعاون مع الصحفي توني شوارتز، وجمع بين سرد السيرة الذاتية والدليل العملي في عالم التجارة والتفاوض. لم يكن الكتاب مجرد استعراض لصفقات ناجحة، بل كان أداة ذكية لصياغة صورة ترامب كرجل أعمال صارم وواثق، يعرف كيف ينتصر.
أرى أن هذا الكتاب لم يُكتب فقط لتوثيق التجربة، بل لصناعة "الأسطورة الإعلامية" التي سيبني عليها لاحقًا مشروعه السياسي، فقد وظف ترامب حضوره الإعلامي، منذ صدور الكتاب، لبناء شخصية عامة لا تُنسى، وهذا ما مهّد الطريق لصعوده المفاجئ والفعّال إلى ساحة السياسة، لا سيما خلال حملته الانتخابية الأولى عام 2016.
عندما استعرض خطابات ترامب ومقابلاته، أجد أن كل شيء عنده يدور حول شعار "أمريكا أولاً". من وجهة نظري، هذا الشعار ليس مجرد تعبير وطني، بل هو تكتيك ذكي يُستخدم لتبرير السياسات المتشددة داخليًا وخارجيًا. من خلاله، يظهر ترامب أمام أنصاره كمدافع شرس عن السيادة الأميركية، وكقائد لا يخضع للإملاءات الدولية. وهنا يظهر الدور المحوري للإعلام؛ إذ لم يكن مجرد وسيط لنقل خطاباته، بل منصة يستثمرها بعناية، لخلق حالة من الزخم والهيمنة على المشهد العام.
ومن يتأمل أسلوب ترامب الإعلامي يدرك أنه لا يعتمد على العفوية، بل يُتقن "فن الترويج" كما يسميه بنفسه. ففي إحدى تصريحاته قال: "فن الترويج أو المبالغة الصادقة، الناس تحب أن تسمع أن الشيء هو الأفضل أو الأعظم، وهذا جزء من جذب الانتباه." هذه الجملة، في رأيي، تختصر فلسفة ترامب الإعلامية بالكامل. هو لا يكتفي بإرسال رسائل واضحة، بل يضخّمها بلغة حماسية مفرطة، ليصنع حولها هالة تجذب العقول والأنظار. هذا الأسلوب لا يُحرك وسائل الإعلام فحسب، بل يحرّك الرأي العام نفسه. فحين يصف مشروعه بأنه "الأعظم في التاريخ" أو إنجازاته بأنها "لم تحدث من قبل"، فهو لا يهدف إلى الدقة، بل إلى إثارة الفضول والتفاعل، وجعل كل ما يقوله قابلًا للتداول والنقاش. إنها مبالغة مقصودة، تُحقق غايتها في كل مرة، وتجعله، رغم كل الجدل، في صدارة المشهد الإعلامي والسياسي.
أما أسلوبه الخطابي، فهو قائم – كما ألاحظ – على الإثارة اللفظية والاستفزاز المتعمد. نبرة التهديد والحدة في التعبير ليست عفوية، بل مدروسة لخلق تفاعل عاطفي وتحفيز الإعلام على التغطية الكثيفة. والمفارقة أن الإعلام، حتى المعارض منه، يسقط في الفخ ذاته، فيمنح تصريحاته صدى واسعًا. بهذه الطريقة، يفرض ترامب أجندته الإعلامية على الجميع، ويحتل المساحات الإخبارية دون الحاجة إلى تدخل مباشر.
ما يلفت انتباهي أيضًا أن ترامب يتقن استخدام التصريحات الصادمة كأدوات لكسب التفاعل. فكل كلمة يقولها تُصاغ لتكون "عنوانًا عاجلًا"، ما يسرّع انتشارها ويجعلها محورًا للنقاش العام. وبهذا الأسلوب، لا يكتفي بالحضور الإعلامي، بل يصنع الحدث نفسه، ويجعل خصومه أسرى لردود الفعل والانفعالات.
الأذكى من ذلك، في نظري، هو أن ترامب لا يخاطب الجماهير فقط، بل يستخدم الإعلام لممارسة ضغوط سياسية حقيقية. فحين تُضخّم تصريحاته وتنتشر عالميًا، يجد الخصوم أنفسهم تحت وطأة الرد العلني أو تعديل المواقف. بهذه الطريقة، يحوّل الإعلام إلى أداة تفاوضية تُحسّن موقعه وتضعف خصومه، كما حدث مرارًا في تعامله مع إيران وملفات أخرى.
ولعل أبرز مثال على براعة ترامب الإعلامية كان خلال حملته الانتخابية عام 2016، التي نجح فيها في تحويل كل مناظرة، وكل تغريدة، إلى عاصفة إعلامية تخدمه. أنا أعتقد أن الإعلام لعب دورًا جوهريًا في صعوده إلى البيت الأبيض، ليس لأنه تبنّى سياساته، بل لأنه ضاعف من ظهوره بشكل غير مسبوق. كان ترامب نجمًا يوميًا في نشرات الأخبار، حديث الناس على مواقع التواصل، ومحور الجدل في كل زاوية، مما مكّنه من الوصول إلى قاعدة جماهيرية واسعة دون التكاليف التقليدية للحملات. وفي الانتخابات الرئاسية لعام 2024، واصل ترامب توظيف الاستراتيجية ذاتها، فحوّل الإعلام إلى أداة تعبئة وتحشيد، وفرض نفسه كمرشح محوري رغم كثافة المنافسة والانقسام السياسي.
وبرأيي، فإن استمرار اعتماده على هذا النهج الإعلامي قد يكون أحد المفاتيح الرئيسية لفوزه مجددًا أو على الأقل لإبقائه في مركز القرار والتأثير.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"من حق إسرائيل الدفاع عن النفس".
"من حق إسرائيل الدفاع عن النفس".

الانباط اليومية

timeمنذ ساعة واحدة

  • الانباط اليومية

"من حق إسرائيل الدفاع عن النفس".

الأنباط - هي جملة لا أصول لها سياسيا كما لا مصوغات لها قانونيا، كونها لا تحتوي على أصول قيمية منطلقة منها ولا تستند لمكيال العدالة ليتم وزنها بوزن الحقوق، وهذا ما يجعلها جملة تأتي بسياق خبري مفادها يقول "أنا مع اسرائيل" فى كل ما تقترفه من أعمال حتى لو كانت مشينة، وانا مع إسرائيل بكل ما تفعله من أجل السيطرة والهيمنة ذلك هو حال الخطاب الأمريكي، وهو الموقف الذي يتبناه البيت الأبيض بطريقة فيها من الغرابة كما تحمل مضمون استفهامي غريب الأطوار، لاسيما وان كل من يعارض تحكم إسرائيل بالمنطقة سيدخل تحت عناوين التشكيك والاتهامية، وهذا ما جعل من عبارة من حق اسرائيل الدفاع عن النفس عبارة قدرية وقد تصبح مقياس بعد مضى وقت قريب عندما تسقط بظلالها على أنظمة المنطقة ومواقفهم، وهو ذات الموضوع الذي سيجعل من قاعدته الاولى تحمل عنوان "من حق إسرائيل فى الدفاع عن النفس" وليس من حق غيرها إلا الاستجابة للرغائبية التي تنسجم مع إسرائيل وحالها. وهو الحال الذى يتطلب من الجميع التكيف معه وتفهم مالاته وعلى الجميع فى ذات السياق أن يتفهم ما الذى تقف عليه الصهيونية الدينية ويعمل للتأقلم مع رغبتها، بما فى ذلك انظمة المنطقة وقادة الرأي فيها على تنوع مشاربهم وتعدد أفكارهم حتى ترضى الرغبات الاصولية للصهيونية الدينية بما في ذلك وصول اسرائيل لما تريده من جغرافيا سياسية من النيل للفرات من جهة وإعادة بناء الهيكل وذبح البقرة الحمراء من جهة أخرى، وهو السياق الذي راح ليرسيه السفير الأمريكي لدى إسرائيل هاكابي منذ لحظة استلامه لمهامه، كما ذهب المبعوث الرئاسي ويتكوف يشرعن هذه الخطى من الناحية السياسية ويجعلها فى بحر غلو إسرائيل لعلو كعبها على مجتمعات المنطقة، وذلك وفق آليات بدت دخليه على الأعراف السياسيه والدبلوماسيه لكنها تندرج في إطار ناظم جديد يقوم على العبارة التي يقول مطلعها "من حق إسرائيل الدفاع عن النفس". والغريب أن هذه الجملة التي أصبحت مرجعية سياسية ربما سيتطلب الأمر تدريسها في المناهج الدراسية وجعلها تشكل مكيال قانوني استثنائي من الواجب شرعنته فى الانظمه والقوانين كونه يشكل علامة فارقة لمبررات الاصطفاف الأمريكي مع إسرائيل ومبررات تسوق عملية انحياز الولايات المتحدة مع كل السياسات الإسرائيلية، مع انها ليست بحاجة لمبرر أو إعطاء جمل مبتورة تفيد ظروف الاصطفاف حتى لا تصبح هذه الجملة تشكل أساس منهجي عند الطرف الاسرائيلي ويتم تصديقها في نهاية المطاف كما الكذبة التي يتم ترديدها مرارا وتكرارا حتى تصبح واقع مع أن الحقيقة غير ذلك، وهذا ما يجعل من هذه الجملة تحمل عنوان جديد لنظرية "التباين المعرفي". فإذا كان من "حق اسرائيل" ... فلا يوجد لغير إسرائيل حقوق، وإذا كان من "حق اسرائيل" الاعتداء على لبنان بكل وقت واستباحة فضاءات سوريا وقتما تشاء والتضييق على العراق قدر ما يمكن وصياغة قانون جديد للشعب الفلسطيني مفاده يقول "الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت"، والتمادي بالسيطرة على شريان المنطقة من مياه وكهرباء والغاز بدعوى الحفاظ على حق اسرائيل بالدفاع عن النفس و شعوب المنطقة مطالبة بالإذعان لمضمون هذه الجملة التى أصبحت قدريه، ولربما يتم ادراجها فى القانون الدولى تحت مسمى "من حق إسرائيل فى الدفاع عن النفس" على اعتباره قانون فوق القانون ليصبح بذلك مرجعية فقهية تم اعتمادها فى قمة G7 التى انعقدت فى كندا مؤخرا، الأمر الذي يتطلب من المنظومة الدولية الإسراع في صياغة تعليماته الخاصة من أجل ضمان تنفيذ مشروع هذا القانون الجديد الذى يقول مطلع ابياته "من حق اسرائيل" !. وإلى حين الانتهاء من وضع قانون جديد للحقوق الاسرائيلية فوق الحقوق الأممية فإن على كل المعنيين بناء سياقات تاريخية لتعريف السامية وجعلها تقتصر على تيار الصهيونية الدينية فقط ويتم استثناء كل من دونهم باعتبارهم "لفوف" على إسرائيل كما على المنطقة، حتى تصبح السيادة للصهيونيه اليهوديه التى تقف عليها إسرائيل تشكل السمة العامة للمنطقه ومجتمعاتها وذلك بعد انتهاء المناورة العسكرية الايرانية الاسرائيلية اقتساماً كانت نتائجها ام حسماً كان بيانها، فهل يتفق معى صوت الحكمة ان بقي لدينا اصوات هنا أو نماذج هناك بأننا وصلنا للدرك الأسفل من القاع و اوشكنا ان نرتطم بالواقع ونأمل أن يكون بسلام !. ولعل جملة البيان التى يحاول صياغتها عبر المشهد المعاش، وهى تقوم على معادلة "أمريكا تحكم واسرائيل تتحكم"، هي جملة كانت معرفة ضمنيا في السابق ولم تكن ظاهره بهذه الفجاجة بالوقت الراهن، وهي ذات الجملة التي أخذت تشكل عناوين جديدة للمنطقة وعليها، وهذا ما يجعل المنطقة تتوحد من اجل رفض هذه الاسقاطات التي تسقط على مجتمعاتها وتعمل على حوصلة أنظمتها من أجل التقيد بها باعتبارها العنوان الناظم للمرجعيات الثقافية، الأمر الذي يجعل من حاضرة المنطقة ترفع شعار "من حقنا كما من حق غيرنا ان نعيش بسلام"، وذلك ضمن مرجعية حقيقية وأخرى سياسية تقوم على قوة القانون وليس على قانون القوة حتى يتفيأ الجميع بنعم السلام.

"أكسيوس": الجيش الأمريكي وحده يحتفظ بسلاح حاسم في المواجهة مع إيران
"أكسيوس": الجيش الأمريكي وحده يحتفظ بسلاح حاسم في المواجهة مع إيران

أخبارنا

timeمنذ ساعة واحدة

  • أخبارنا

"أكسيوس": الجيش الأمريكي وحده يحتفظ بسلاح حاسم في المواجهة مع إيران

أخبارنا : قال موقع "أكسيوس" الجيش الأمريكي وحده يملك قنبلة تزن 30 ألف رطل والتي قد تكون السلاح الأهم في الحرب بين إسرائيل وإيران. وأوضح الموقع الأمريكي في تقرير أن أهمية هذا السلاح تكمن في أن الولايات المتحدة تمتلك القنبلة غير النووية الأقوى في العالم، وهي الوحيدة القادرة على استهداف منشآت إيرانية رئيسية لا تستطيع إسرائيل ضربها بأسلحتها الحالية. وتُعرف هذه القنبلة الموجهة بدقة باسم (GBU-57 E/B Massive Ordnance Penetrator)، أو اختصارا (MOP). وقد صرّحت القوات الجوية الأمريكية عام 2015 أن القنبلة "صممت لتنفيذ مهمة صعبة ومعقدة تتمثل في الوصول إلى أسلحة دمار شامل موجودة في منشآت محصنة جيدًا وتدميرها"، ولهذا تعرف أيضا باسم "قنبلة اختراق التحصينات" (bunker-buster). ويُعدّ هذا النوع من الضربات الهدف الرئيس لإسرائيل، خاصة تجاه منشأة "فوردو" النووية الإيرانية، التي بنيت داخل جبل وعلى عمق مئات الأقدام تحت الأرض، وهي من النوع الذي صُممت هذه القنبلة لاختراقه. وإذا بقيت المنشأة سليمة وقابلة للتشغيل، فقد يؤدي ذلك إلى تسريع البرنامج النووي الإيراني، الذي تسعى إسرائيل إلى وقفه. وقال السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة، يحيئيل لايتر، يوم الجمعة: "العملية برمتها يجب أن تستكمل بالقضاء على فوردو". وفي هذه المرحلة، تأتي الحاجة إلى المساعدة الأمريكية واستخدام قنبلة (MOP)، إذ لا تمتلك إسرائيل قنابل مماثلة من حيث القدرة التدميرية. ومن المرجح أن يتم إلقاء القنبلة من خلال قاذفات الشبح الأمريكية (B-2 Spirit)، التي تتميز بقدرتها على الطيران لمسافات طويلة بسرية عالية. ووصف مراسل شؤون الدفاع في "أكسيوس"، كولين ديمارست، هذه العملية بأنها من أقوى أشكال الضربات الممكنة، باستثناء استخدام السلاح النووي. وقد وصفت الهيئة المستقلة لاختبار الأسلحة في البنتاغون قنبلة MOP بأنها "مصممة لمهاجمة الأهداف المحصنة والعميقة تحت الأرض مثل المخابئ والأنفاق". وفي أحدث التصريحات، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الأربعاء إن إيران لا تزال تسعى للتفاوض مع الولايات المتحدة، وقد اقترح إرسال وفد إلى البيت الأبيض، لكنه حذر من أن الوقت بات "متأخرا جدا" للحوار، ملمحا إلى احتمال إصدار أمر بشن ضربات قريبا. وقد يؤدي أي هجوم أمريكي إلى ردود فعل إيرانية على القواعد الأمريكية وأهداف أخرى في المنطقة، ما قد يدخل الولايات المتحدة في صراع طويل الأمد مع طهران. المصدر: "أكسيوس"

د. حازم قشوع يكتب : "من حق إسرائيل الدفاع عن النفس".
د. حازم قشوع يكتب : "من حق إسرائيل الدفاع عن النفس".

أخبارنا

timeمنذ ساعة واحدة

  • أخبارنا

د. حازم قشوع يكتب : "من حق إسرائيل الدفاع عن النفس".

أخبارنا : د. حازم قشوع هي جملة لا أصول لها سياسيا كما لا مصوغات لها قانونيا، كونها لا تحتوي على أصول قيمية منطلقة منها ولا تستند لمكيال العدالة ليتم وزنها بوزن الحقوق، وهذا ما يجعلها جملة تأتي بسياق خبري مفادها يقول "أنا مع اسرائيل" فى كل ما تقترفه من أعمال حتى لو كانت مشينة، وانا مع إسرائيل بكل ما تفعله من أجل السيطرة والهيمنة ذلك هو حال الخطاب الأمريكي، وهو الموقف الذي يتبناه البيت الأبيض بطريقة فيها من الغرابة كما تحمل مضمون استفهامي غريب الأطوار، لاسيما وان كل من يعارض تحكم إسرائيل بالمنطقة سيدخل تحت عناوين التشكيك والاتهامية، وهذا ما جعل من عبارة من حق اسرائيل الدفاع عن النفس عبارة قدرية وقد تصبح مقياس بعد مضى وقت قريب عندما تسقط بظلالها على أنظمة المنطقة ومواقفهم، وهو ذات الموضوع الذي سيجعل من قاعدته الاولى تحمل عنوان "من حق إسرائيل فى الدفاع عن النفس" وليس من حق غيرها إلا الاستجابة للرغائبية التي تنسجم مع إسرائيل وحالها. وهو الحال الذى يتطلب من الجميع التكيف معه وتفهم مالاته وعلى الجميع فى ذات السياق أن يتفهم ما الذى تقف عليه الصهيونية الدينية ويعمل للتأقلم مع رغبتها، بما فى ذلك انظمة المنطقة وقادة الرأي فيها على تنوع مشاربهم وتعدد أفكارهم حتى ترضى الرغبات الاصولية للصهيونية الدينية بما في ذلك وصول اسرائيل لما تريده من جغرافيا سياسية من النيل للفرات من جهة وإعادة بناء الهيكل وذبح البقرة الحمراء من جهة أخرى، وهو السياق الذي راح ليرسيه السفير الأمريكي لدى إسرائيل هاكابي منذ لحظة استلامه لمهامه، كما ذهب المبعوث الرئاسي ويتكوف يشرعن هذه الخطى من الناحية السياسية ويجعلها فى بحر غلو إسرائيل لعلو كعبها على مجتمعات المنطقة، وذلك وفق آليات بدت دخليه على الأعراف السياسيه والدبلوماسيه لكنها تندرج في إطار ناظم جديد يقوم على العبارة التي يقول مطلعها "من حق إسرائيل الدفاع عن النفس". والغريب أن هذه الجملة التي أصبحت مرجعية سياسية ربما سيتطلب الأمر تدريسها في المناهج الدراسية وجعلها تشكل مكيال قانوني استثنائي من الواجب شرعنته فى الانظمه والقوانين كونه يشكل علامة فارقة لمبررات الاصطفاف الأمريكي مع إسرائيل ومبررات تسوق عملية انحياز الولايات المتحدة مع كل السياسات الإسرائيلية، مع انها ليست بحاجة لمبرر أو إعطاء جمل مبتورة تفيد ظروف الاصطفاف حتى لا تصبح هذه الجملة تشكل أساس منهجي عند الطرف الاسرائيلي ويتم تصديقها في نهاية المطاف كما الكذبة التي يتم ترديدها مرارا وتكرارا حتى تصبح واقع مع أن الحقيقة غير ذلك، وهذا ما يجعل من هذه الجملة تحمل عنوان جديد لنظرية "التباين المعرفي". فإذا كان من "حق اسرائيل" ... فلا يوجد لغير إسرائيل حقوق، وإذا كان من "حق اسرائيل" الاعتداء على لبنان بكل وقت واستباحة فضاءات سوريا وقتما تشاء والتضييق على العراق قدر ما يمكن وصياغة قانون جديد للشعب الفلسطيني مفاده يقول "الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت"، والتمادي بالسيطرة على شريان المنطقة من مياه وكهرباء والغاز بدعوى الحفاظ على حق اسرائيل بالدفاع عن النفس و شعوب المنطقة مطالبة بالإذعان لمضمون هذه الجملة التى أصبحت قدريه، ولربما يتم ادراجها فى القانون الدولى تحت مسمى "من حق إسرائيل فى الدفاع عن النفس" على اعتباره قانون فوق القانون ليصبح بذلك مرجعية فقهية تم اعتمادها فى قمة G7 التى انعقدت فى كندا مؤخرا، الأمر الذي يتطلب من المنظومة الدولية الإسراع في صياغة تعليماته الخاصة من أجل ضمان تنفيذ مشروع هذا القانون الجديد الذى يقول مطلع ابياته "من حق اسرائيل" !. وإلى حين الانتهاء من وضع قانون جديد للحقوق الاسرائيلية فوق الحقوق الأممية فإن على كل المعنيين بناء سياقات تاريخية لتعريف السامية وجعلها تقتصر على تيار الصهيونية الدينية فقط ويتم استثناء كل من دونهم باعتبارهم "لفوف" على إسرائيل كما على المنطقة، حتى تصبح السيادة للصهيونيه اليهوديه التى تقف عليها إسرائيل تشكل السمة العامة للمنطقه ومجتمعاتها وذلك بعد انتهاء المناورة العسكرية الايرانية الاسرائيلية اقتساماً كانت نتائجها ام حسماً كان بيانها، فهل يتفق معى صوت الحكمة ان بقي لدينا اصوات هنا أو نماذج هناك بأننا وصلنا للدرك الأسفل من القاع و اوشكنا ان نرتطم بالواقع ونأمل أن يكون بسلام !. ولعل جملة البيان التى يحاول صياغتها عبر المشهد المعاش، وهى تقوم على معادلة "أمريكا تحكم واسرائيل تتحكم"، هي جملة كانت معرفة ضمنيا في السابق ولم تكن ظاهره بهذه الفجاجة بالوقت الراهن، وهي ذات الجملة التي أخذت تشكل عناوين جديدة للمنطقة وعليها، وهذا ما يجعل المنطقة تتوحد من اجل رفض هذه الاسقاطات التي تسقط على مجتمعاتها وتعمل على حوصلة أنظمتها من أجل التقيد بها باعتبارها العنوان الناظم للمرجعيات الثقافية، الأمر الذي يجعل من حاضرة المنطقة ترفع شعار "من حقنا كما من حق غيرنا ان نعيش بسلام"، وذلك ضمن مرجعية حقيقية وأخرى سياسية تقوم على قوة القانون وليس على قانون القوة حتى يتفيأ الجميع بنعم السلام.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store