
دراسة: معظم أجهزة تنقية الهواء الداخلي قد "تضر أكثر مما تنفع"
وحلل الباحثون نحو 700 دراسة نُشرت بين عامَي 1929 و2024، وركزت هذه الأبحاث على تقنيات تنقية الهواء مثل فلاتر HEPA، والأشعة فوق البنفسجية، والأيونات، وأنظمة التهوية المتطورة.
ورغم الانتشار الواسع لهذه الأجهزة في المنازل والمدارس والمباني العامة، إلا أن الدراسة وجدت أن 9% فقط من الأبحاث تناولت تأثير هذه التقنيات فعلياً على تقليل الإصابة بالأمراض بين البشر.
تعمل أجهزة تنقية الهواء باستخدام تقنيات متعددة تهدف إلى إزالة الملوثات من الهواء وتحسين جودته داخل الأماكن المغلقة وأكثر هذه الأجهزة شيوعاً تعتمد على فلاتر (HEPA) التي تلتقط الجزيئات الدقيقة مثل الغبار وحبوب اللقاح ووبر الحيوانات، وتصل كفاءتها إلى إزالة نحو 99.97% من الجزيئات التي يبلغ حجمها 0.3 ميكرون، لكنها لا تزيل الغازات أو الروائح.
وتضيف بعض الأجهزة تقنية الأشعة فوق البنفسجية التي تُستخدم لتعقيم الهواء وقتل الفيروسات والبكتيريا عبر تدمير حمضها النووي، إلا أن فاعليتها تعتمد على شدة الضوء ومدة التعرض، وقد تولد الأوزون كمنتج جانبي ضار.
لا نقول إن هذه التقنيات لا تعمل، بل نقول إننا لا نعرف بعد بشكل كاف
ليزا بيرو- أستاذة الطب الباطني بجامعة كولورادو الأميركية
كما أن هناك أيضاً أجهزة المؤينات التي تطلق شحنات سالبة ترتبط بالجسيمات المحمولة في الهواء، فتصبح أثقل وتسقط على الأسطح أو تُلتقط داخل الجهاز، لكنها لا تزيل الملوثات بالكامل من البيئة وقد تنتج أيضاً أوزوناً مهيّجاً للرئتين.
بينما تستخدم بعض الأجهزة تقنيات تعتمد على البلازما أو التحفيز الضوئي، في حين تشمل الأنظمة المتقدمة وحدات تهوية ميكانيكية تجلب الهواء النقي من الخارج وتُخرج الهواء الملوث، وهو ما يُعد من أكثر الحلول فاعلية على المدى الطويل، خاصة إذا تم دمجه مع فلاتر عالية الجودة.
لذلك تختلف كفاءة أجهزة تنقية الهواء باختلاف التقنية المستخدمة، ويُفضل دائماً اختيار الأجهزة التي خضعت لاختبارات مستقلة وأثبتت فاعليتها في بيئات واقعية دون أن تنتج مواد ضارة.
دراسات أقوى
ونشرت الدراسة في دورية "أنالز أوف إنتيرنال ميديسن" (Annals of Internal Medicine) وقادها باحثون من جامعة "كولورادو آنشوتز الطبية" بالولايات المتحدة بالتعاون مع "المعهد الوطني للسلامة المهنية والصحة" التابع لمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها.
وقالت المؤلفة المشاركة في الدراسة، ليزا بيرو، أستاذة الطب الباطني في جامعة كولورادو: "فوجئنا بأن معظم الأبحاث تمت في غرف مختبرية مغلقة، وليس في بيئات واقعية يعيش أو يعمل أو يدرس فيها الناس".
وأضافت بيرو: "نحتاج إلى دراسات أقوى تركّز على النتائج الصحية الحقيقية، مثل انخفاض معدلات العدوى، وليس فقط قياسات الجزيئات في الهواء".
واستخدمت غالبية الدراسات التي راجعها الفريق مؤشرات غير مباشرة، مثل الغازات المتعقبة أو جزيئات الغبار أو ميكروبات غير ضارة، بدلاً من تتبع فيروسات أو بكتيريا ممرِضة فعلية، فيما تتبعت القليل من الدراسات ما إذا كان الأشخاص الذين يستخدمون هذه الأجهزة قد أصيبوا بعدد أقل من العدوى.
من جانبه، قال المؤلف الرئيسي في الدراسة، أميرن بادواشفيلي، أستاذ الطب المشارك بجامعة كولورادو، إن الكثير من هذه التقنيات تبدو واعدة نظرياً.
وأضاف بادواشفيلي: "لكننا ببساطة لا نعرف إن كانت فعّالة على أرض الواقع، يستخدمها الناس في بيوتهم ومدارسهم لحماية أسرهم، لكن العلم لم يواكب بعد وعود الإعلانات"، مشيراً إلى أن "بعض الأجهزة قد تضر أكثر مما تنفع".
مخاطر صحية
ورغم ما يروج عن دورها في تنقية الهواء، أثارت الدراسة مخاوف بشأن مخاطر صحية محتملة ترتبط بهذه الأجهزة، إذ أن عدداً قليلاً جداً من الأبحاث راقب الانبعاثات الجانبية الضارة، مثل الأوزون، الذي قد يهيّج الرئتين ويزيد من حدة أمراض الجهاز التنفسي.
وأوضحت الدراسة أن تقنيات عديدة، مثل أجهزة الأيونات، والتقنيات القائمة على البلازما، وأنظمة الأشعة فوق البنفسجية، يمكن أن تُنتج الأوزون، إلا أن تقييمات السلامة لتأثيرها الطويل الأمد داخل البيوت وأماكن العمل نادرة جداً.
ولفت الباحثون إلى أن الأوزون وغيره من المواد الكيميائية المنبعثة من بعض أجهزة تنقية الهواء قد تلحق ضرراً بالجهاز التنفسي، لا سيما لدى الأطفال أو المرضى المصابين بأمراض تنفسية مزمنة.
وأكدوا على ضرورة أن يتحقق المستهلك مما إذا كانت الشركة المصنّعة توفر بيانات حول الانبعاثات الضارة المحتملة من الجهاز، وما إذا كانت هناك طرق للتقليل منها، ونبَّهوا إلى أن "الوعي بالمخاطر المحتملة عنصر أساسي لاتخاذ قرارات مستنيرة".
ودعت الدراسة إلى تطوير جيل جديد من الدراسات الميدانية تُجرى في بيئات واقعية كالفصول الدراسية والمستشفيات، وتركز على تتبع معدلات العدوى فعلياً بدلاً من مجرد قياس عدد الجزيئات في الهواء.
كما شدد الباحثون على أهمية تقييم التأثيرات الجانبية، والجدوى الاقتصادية، والتأثير البيئي، ومدى إمكانية الوصول لهذه التقنيات في البيئات المختلفة.
تلوث الهواء.. منظمة الصحة العالمية
مستويات تلوث الهواء ظلت مرتفعة وثابتة خلال السنوات الست الأخيرة.
أعلى معدلات التلوث في شرق المتوسط وجنوب شرق آسيا، تليها إفريقيا وغرب المحيط الهادئ.
إفريقيا تعاني من نقص حاد في بيانات تلوث الهواء، رغم تحسن التغطية مؤخراً. أوروبا تسجل أكبر عدد من المواقع التي تبلّغ عن بيانات التلوث.
أقل مستويات التلوث توجد في البلدان ذات الدخل المرتفع، خصوصاً في أوروبا والأميركتين.
في بعض مدن أوروبا الغنية، يؤدي التلوث لتقليل متوسط العمر المتوقع بين شهرين إلى 24 شهراً.
كذلك أوصى الفريق البحثي بوضع مجموعة موحدة من "المخرجات الصحية" لتقييم فاعلية هذه الأجهزة، ما يسهل المقارنة بين الدراسات المختلفة ويجعل نتائجها أكثر فائدة في توجيه السياسات الصحية العامة.
وأكد الباحثون كذلك أن قرارات الصحة العامة يجب أن تُبنى على أدلة قوية ومستقلة.
وتابعت المؤلفة المشاركة في الدراسة، ليزا بيرو: "لا نقول إن هذه التقنيات لا تعمل، بل نقول إننا لا نعرف بعد بشكل كافٍ. كثير من الدراسات تمولها الشركات المنتجة لهذه الأجهزة، وهو ما يُثير شبهة تضارب المصالح. وحتى نحصل على معلومات أوضح، يستحق الناس شفافية كاملة".
وفي ختام الدراسة، أوصى الباحثون المستهلكين الذين يفكرون في شراء أجهزة تنقية الهواء أو أنظمة تهوية جديدة للحد من انتقال العدوى، باختيار التقنيات التي خضعت لاختبارات مستقلة في بيئات واقعية، وتجنّب المنتجات التي قد تُنتج الأوزون أو ملوثات كيميائية أخرى.
لكن الأهم من كل ذلك، بحسب الباحثين، هو عدم نسيان الإجراءات التقليدية المعتمدة: "تحسين التهوية، وفتح النوافذ، والتنظيف المنتظم".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
هارفارد تكتشف لغز ألزهايمر... دواء استُخدم لقرن قد ينقذ الذاكرة من التلاشي
في اكتشاف جديد ومهم، استغرق العمل عليه نحو عقد من الزمن، أعلن باحثون في كلية الطب بجامعة هارفارد اكتشافهم مفتاحاً قد يكشف كثيراً من أسرار مرض ألزهايمر وشيخوخة الدماغ: إنه معدن الليثيوم المتواضع. وبحسب تقرير لشبكة «سي إن إن»، يُعرف الليثيوم طبياً بأنه مُثبِّت للمزاج، يُعطَى للأشخاص الذين يعانون من الاضطراب ثنائي القطب والاكتئاب. وقد وافقت عليه «إدارة الغذاء والدواء الأميركية» عام 1970، لكن الأطباء استخدموه لعلاج اضطرابات المزاج لنحو قرن قبل ذلك. والآن، ولأول مرة، أظهر الباحثون أن الليثيوم موجود بشكل طبيعي في الجسم بكميات ضئيلة، وأن الخلايا تحتاج إليه للعمل بشكل طبيعي، تماماً مثل فيتامين «سي» أو الحديد. ويبدو أيضاً أنه يلعب دوراً حاسماً في الحفاظ على صحة الدماغ. وفي سلسلة من التجارب، نُشرت يوم الأربعاء في مجلة «نيتشر»، وجد باحثون في جامعتَي هارفارد وراش أن نقص الليثيوم في النظام الغذائي للفئران السليمة تسبَّب في إصابة أدمغتها بالالتهابات والتغيرات المرتبطة بالشيخوخة المتسارعة. في الفئران التي رُبِّيت خصيصاً لتطوير أنواع التغيرات الدماغية نفسها، التي تُصيب البشر المصابين بمرض ألزهايمر، أدى اتباع نظام غذائي منخفض الليثيوم إلى تحفيز تراكم البروتينات اللزجة التي تُشكِّل لويحات وتشابكات في الأدمغة، وهي السمات المميزة للمرض. كما سرَّع فقدان الذاكرة. مع ذلك، فإن الحفاظ على مستويات الليثيوم الطبيعية لدى الفئران مع تقدمها في السن يحميها من التغيرات الدماغية المرتبطة بمرض ألزهايمر. إذا دعم مزيد من الأبحاث هذه النتائج، فقد يفتح ذلك الباب أمام علاجات واختبارات تشخيصية جديدة لمرض ألزهايمر، الذي يُصيب ما يُقدَّر بنحو 6.7 مليون من كبار السن في الولايات المتحدة، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة. يُقدِّم البحث نظرية مُوحِّدة تُساعد في تفسير كثير من أجزاء اللغز التي حاول العلماء ربطها معاً لعقود. وقال الدكتور بروس يانكنر، أستاذ علم الوراثة في كلية الطب بجامعة هارفارد، والذي قاد الدراسة: «إنه مرشح محتمل لآلية مشتركة تؤدي إلى التنكس متعدد الأجهزة في الدماغ الذي يسبق الخرف». وأضاف: «سيتطلب الأمر مزيداً من البحث العلمي لتحديد ما إذا كان هذا مساراً شائعاً... أم إنه واحد من مسارات عدة لمرض ألزهايمر»، وأوضح أن «البيانات مثيرة للاهتمام جداً». وفي مقال افتتاحي نُشر في مجلة «نيتشر»، قال الدكتور آشلي بوش، عالم الأعصاب ومدير مركز ملبورن لأبحاث الخرف بجامعة ملبورن في أستراليا، لكنه لم يشارك في الدراسة، إن الباحثين «يقدمون أدلة دامغة على أن لليثيوم دوراً فسيولوجياً، وأن الشيخوخة الطبيعية قد تُضعف تنظيم مستويات الليثيوم في الدماغ». كشف الفحص الدقيق لأنسجة دماغ الإنسان والحيوان، إلى جانب الدراسات الجينية في الدراسة، عن الآلية التي يبدو أنها مسؤولة: ترتبط لويحات بيتا أميلويد - وهي رواسب لزجة تُعيق أدمغة مرضى ألزهايمر - بالليثيوم وتحتفظ به، بما في ذلك النوع الموجود طبيعياً في الجسم، بالإضافة إلى الشكل الموصوف عادةً. يُستنزف هذا الارتباط الليثيوم المتاح للخلايا المجاورة، بما في ذلك «الخلايا الزبالة» المهمة المعروفة باسم «الخلايا الدبقية الصغيرة». عندما يكون الدماغ سليماً ويعمل بشكل طبيعي، تعمل الخلايا الدبقية الصغيرة مديراً للنفايات، حيث تتخلص من بيتا أميلويد قبل أن يتراكم ويُسبب الضرر. في تجارب الفريق، أظهرت الخلايا الدبقية الصغيرة من أدمغة الفئران التي تعاني من نقص الليثيوم قدرةً منخفضةً على التخلص من بيتا أميلويد وتفكيكه. يعتقد يانكنر أن هذا يُسبب دوامة هبوطية. فتراكم بيتا أميلويد يمتص مزيداً ومزيداً من الليثيوم، مما يُعيق قدرة الدماغ على التخلص منه. واختبر هو وزملاؤه مركبات ليثيوم مختلفة، ووجدوا مركباً واحداً - أوروتات الليثيوم - لا يرتبط بأميلويد بيتا. وعندما أعطوا أوروتات الليثيوم لفئران مصابة بأعراض ألزهايمر في أدمغتها، انعكست هذه التغيرات: فقد انخفضت لويحات بيتا أميلويد وتشابكات تاو التي كانت تُعيق مراكز الذاكرة في الدماغ. تمكنت الفئران التي عولجت بالليثيوم من اجتياز المتاهات وتعلم تحديد الأشياء الجديدة، بينما لم تُظهر التي تلقت علاجاً وهمياً أي تغيير في ذاكرتها وضعف تفكيرها. في شكله الطبيعي، يُعد الليثيوم عنصراً، وهو معدن ناعم أبيض فضي اللون يتَّحد بسهولة مع عناصر أخرى لتكوين مركبات وأملاح. وهو موجود بشكل طبيعي في البيئة، بما في ذلك الطعام والماء. ومع ذلك، قد يُصاب الأشخاص الذين يتناولون جرعات موصوفة من الليثيوم - والتي كانت أعلى بكثير من الجرعات المستخدمة في الدراسة الجديدة - بتسمم الغدة الدرقية أو الكلى في بعض الأحيان. ولم تُظهر الاختبارات التي أُجريت على الفئران التي أُعطيت جرعات منخفضة من أوروتات الليثيوم أي علامات على التلف. قال يانكنر إن هذا أمر مُشجع، لكنه لا يعني أن على الناس تجربة تناول مكملات الليثيوم بمفردهم. لكنه حذَّر من أن «الفأر ليس إنساناً. لا ينبغي لأحد تناول أي شيء بناءً على دراسات الفئران فقط». وفي حين أكد البحث الجديد على دراسات سابقة تُشير إلى أن الليثيوم قد يكون مهماً لمرض ألزهايمر، فإن دراسة دنماركية واسعة النطاق نُشرت عام 2017 وجدت أن الأشخاص الذين لديهم مستويات أعلى من الليثيوم في مياه الشرب الخاصة بهم كانوا أقل عرضة للإصابة بالخرف مقارنةً بمَن احتوت مياه الصنبور الخاصة بهم على مستويات أقل من الليثيوم بشكل طبيعي. وجدت دراسة واسعة النطاق أخرى نُشرت عام 2022 في المملكة المتحدة أن الأشخاص الذين وُصف لهم الليثيوم كانوا أقل عرضة للإصابة بمرض ألزهايمر بنحو النصف مقارنةً بالمجموعة الضابطة، مما يشير إلى تأثير وقائي للدواء.


صحيفة سبق
منذ 5 ساعات
- صحيفة سبق
دراسة تحذر من آثار القهوة الليلية على السلوك.. لا سيما لدى الإناث
توصل فريق من الباحثين في جامعة تكساس إلى أن تناول الكافيين في ساعات الليل قد يزيد من السلوك الاندفاعي ويدفع إلى تصرفات متهورة، خاصة لدى الإناث. وتسلط الدراسة الضوء على آثار الكافيين غير المتوقعة عند استهلاكه في أوقات غير معتادة. واختار فريق من علماء الأحياء، برئاسة إريك سالديس وبول ساباندال وكيونغ آن هان، دراسة ذباب الفاكهة كنموذج تجريبي، نظرا لتشابه بنيته العصبية والجينية مع البشر. وقال ساباندال، الأستاذ المساعد في قسم العلوم البيولوجية بالجامعة: "الكافيين هو أكثر مادة منبهة نفسية استخداما في العالم، ومع ذلك لا يزال هناك الكثير مما لا نعرفه عن تأثيراته الدقيقة، خاصة في أوقات المساء". ونفّذ الفريق سلسلة من التجارب التي شملت تقديم الكافيين لذبابة الفاكهة في ظروف مختلفة: بجرعات متعددة، وفي أوقات الليل والنهار، ومع الحرمان من النوم. ثم قاسوا سلوك الذباب من خلال اختبار مدى قدرتها على كبح رد فعلها تجاه تدفق هواء قوي – وهو حافز مزعج طبيعي يدفعها عادة إلى التوقف عن الحركة. ووفقا لإريك سالديس، الباحث المشارك في الدراسة: "الذباب الذي استهلك الكافيين ليلا أظهر ردود فعل متهورة، واستمر في الطيران رغم الحافز المزعج، في حين أن الذباب الذي تناول الكافيين نهارا لم يظهر هذا النوع من الاندفاع". كما كشفت النتائج عن وجود فروق واضحة بين الجنسين؛ إذ كانت إناث الذباب أكثر عرضة للسلوك الاندفاعي الناتج عن الكافيين، رغم تساوي كمية المادة في أجسامها مع الذكور. وأوضح البروفيسور هان أن هذا يشير إلى احتمالية وجود عوامل وراثية أو فسيولوجية – وليس هرمونية فقط – تفسر هذه الاستجابة القوية لدى الإناث. وأكد الفريق أن هذه النتائج تثير القلق بشأن تأثير استهلاك الكافيين ليلا لدى البشر، وخاصة العاملين بنظام المناوبات مثل الكوادر الطبية والعسكرية، الذين يعتمدون على القهوة للبقاء يقظين خلال ساعات الليل.


الشرق السعودية
منذ 5 ساعات
- الشرق السعودية
دراسة: معظم أجهزة تنقية الهواء الداخلي قد "تضر أكثر مما تنفع"
كشفت دراسة جديدة أن معظم تقنيات تنقية الهواء المصممة لمنع انتقال العدوى الفيروسية مثل "الإنفلونزا" و"كورونا" لم تُختبر بشكل كافٍ على البشر، ولا تزال مخاطرها المحتملة غير مفهومة بالكامل. وحلل الباحثون نحو 700 دراسة نُشرت بين عامَي 1929 و2024، وركزت هذه الأبحاث على تقنيات تنقية الهواء مثل فلاتر HEPA، والأشعة فوق البنفسجية، والأيونات، وأنظمة التهوية المتطورة. ورغم الانتشار الواسع لهذه الأجهزة في المنازل والمدارس والمباني العامة، إلا أن الدراسة وجدت أن 9% فقط من الأبحاث تناولت تأثير هذه التقنيات فعلياً على تقليل الإصابة بالأمراض بين البشر. تعمل أجهزة تنقية الهواء باستخدام تقنيات متعددة تهدف إلى إزالة الملوثات من الهواء وتحسين جودته داخل الأماكن المغلقة وأكثر هذه الأجهزة شيوعاً تعتمد على فلاتر (HEPA) التي تلتقط الجزيئات الدقيقة مثل الغبار وحبوب اللقاح ووبر الحيوانات، وتصل كفاءتها إلى إزالة نحو 99.97% من الجزيئات التي يبلغ حجمها 0.3 ميكرون، لكنها لا تزيل الغازات أو الروائح. وتضيف بعض الأجهزة تقنية الأشعة فوق البنفسجية التي تُستخدم لتعقيم الهواء وقتل الفيروسات والبكتيريا عبر تدمير حمضها النووي، إلا أن فاعليتها تعتمد على شدة الضوء ومدة التعرض، وقد تولد الأوزون كمنتج جانبي ضار. لا نقول إن هذه التقنيات لا تعمل، بل نقول إننا لا نعرف بعد بشكل كاف ليزا بيرو- أستاذة الطب الباطني بجامعة كولورادو الأميركية كما أن هناك أيضاً أجهزة المؤينات التي تطلق شحنات سالبة ترتبط بالجسيمات المحمولة في الهواء، فتصبح أثقل وتسقط على الأسطح أو تُلتقط داخل الجهاز، لكنها لا تزيل الملوثات بالكامل من البيئة وقد تنتج أيضاً أوزوناً مهيّجاً للرئتين. بينما تستخدم بعض الأجهزة تقنيات تعتمد على البلازما أو التحفيز الضوئي، في حين تشمل الأنظمة المتقدمة وحدات تهوية ميكانيكية تجلب الهواء النقي من الخارج وتُخرج الهواء الملوث، وهو ما يُعد من أكثر الحلول فاعلية على المدى الطويل، خاصة إذا تم دمجه مع فلاتر عالية الجودة. لذلك تختلف كفاءة أجهزة تنقية الهواء باختلاف التقنية المستخدمة، ويُفضل دائماً اختيار الأجهزة التي خضعت لاختبارات مستقلة وأثبتت فاعليتها في بيئات واقعية دون أن تنتج مواد ضارة. دراسات أقوى ونشرت الدراسة في دورية "أنالز أوف إنتيرنال ميديسن" (Annals of Internal Medicine) وقادها باحثون من جامعة "كولورادو آنشوتز الطبية" بالولايات المتحدة بالتعاون مع "المعهد الوطني للسلامة المهنية والصحة" التابع لمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها. وقالت المؤلفة المشاركة في الدراسة، ليزا بيرو، أستاذة الطب الباطني في جامعة كولورادو: "فوجئنا بأن معظم الأبحاث تمت في غرف مختبرية مغلقة، وليس في بيئات واقعية يعيش أو يعمل أو يدرس فيها الناس". وأضافت بيرو: "نحتاج إلى دراسات أقوى تركّز على النتائج الصحية الحقيقية، مثل انخفاض معدلات العدوى، وليس فقط قياسات الجزيئات في الهواء". واستخدمت غالبية الدراسات التي راجعها الفريق مؤشرات غير مباشرة، مثل الغازات المتعقبة أو جزيئات الغبار أو ميكروبات غير ضارة، بدلاً من تتبع فيروسات أو بكتيريا ممرِضة فعلية، فيما تتبعت القليل من الدراسات ما إذا كان الأشخاص الذين يستخدمون هذه الأجهزة قد أصيبوا بعدد أقل من العدوى. من جانبه، قال المؤلف الرئيسي في الدراسة، أميرن بادواشفيلي، أستاذ الطب المشارك بجامعة كولورادو، إن الكثير من هذه التقنيات تبدو واعدة نظرياً. وأضاف بادواشفيلي: "لكننا ببساطة لا نعرف إن كانت فعّالة على أرض الواقع، يستخدمها الناس في بيوتهم ومدارسهم لحماية أسرهم، لكن العلم لم يواكب بعد وعود الإعلانات"، مشيراً إلى أن "بعض الأجهزة قد تضر أكثر مما تنفع". مخاطر صحية ورغم ما يروج عن دورها في تنقية الهواء، أثارت الدراسة مخاوف بشأن مخاطر صحية محتملة ترتبط بهذه الأجهزة، إذ أن عدداً قليلاً جداً من الأبحاث راقب الانبعاثات الجانبية الضارة، مثل الأوزون، الذي قد يهيّج الرئتين ويزيد من حدة أمراض الجهاز التنفسي. وأوضحت الدراسة أن تقنيات عديدة، مثل أجهزة الأيونات، والتقنيات القائمة على البلازما، وأنظمة الأشعة فوق البنفسجية، يمكن أن تُنتج الأوزون، إلا أن تقييمات السلامة لتأثيرها الطويل الأمد داخل البيوت وأماكن العمل نادرة جداً. ولفت الباحثون إلى أن الأوزون وغيره من المواد الكيميائية المنبعثة من بعض أجهزة تنقية الهواء قد تلحق ضرراً بالجهاز التنفسي، لا سيما لدى الأطفال أو المرضى المصابين بأمراض تنفسية مزمنة. وأكدوا على ضرورة أن يتحقق المستهلك مما إذا كانت الشركة المصنّعة توفر بيانات حول الانبعاثات الضارة المحتملة من الجهاز، وما إذا كانت هناك طرق للتقليل منها، ونبَّهوا إلى أن "الوعي بالمخاطر المحتملة عنصر أساسي لاتخاذ قرارات مستنيرة". ودعت الدراسة إلى تطوير جيل جديد من الدراسات الميدانية تُجرى في بيئات واقعية كالفصول الدراسية والمستشفيات، وتركز على تتبع معدلات العدوى فعلياً بدلاً من مجرد قياس عدد الجزيئات في الهواء. كما شدد الباحثون على أهمية تقييم التأثيرات الجانبية، والجدوى الاقتصادية، والتأثير البيئي، ومدى إمكانية الوصول لهذه التقنيات في البيئات المختلفة. تلوث الهواء.. منظمة الصحة العالمية مستويات تلوث الهواء ظلت مرتفعة وثابتة خلال السنوات الست الأخيرة. أعلى معدلات التلوث في شرق المتوسط وجنوب شرق آسيا، تليها إفريقيا وغرب المحيط الهادئ. إفريقيا تعاني من نقص حاد في بيانات تلوث الهواء، رغم تحسن التغطية مؤخراً. أوروبا تسجل أكبر عدد من المواقع التي تبلّغ عن بيانات التلوث. أقل مستويات التلوث توجد في البلدان ذات الدخل المرتفع، خصوصاً في أوروبا والأميركتين. في بعض مدن أوروبا الغنية، يؤدي التلوث لتقليل متوسط العمر المتوقع بين شهرين إلى 24 شهراً. كذلك أوصى الفريق البحثي بوضع مجموعة موحدة من "المخرجات الصحية" لتقييم فاعلية هذه الأجهزة، ما يسهل المقارنة بين الدراسات المختلفة ويجعل نتائجها أكثر فائدة في توجيه السياسات الصحية العامة. وأكد الباحثون كذلك أن قرارات الصحة العامة يجب أن تُبنى على أدلة قوية ومستقلة. وتابعت المؤلفة المشاركة في الدراسة، ليزا بيرو: "لا نقول إن هذه التقنيات لا تعمل، بل نقول إننا لا نعرف بعد بشكل كافٍ. كثير من الدراسات تمولها الشركات المنتجة لهذه الأجهزة، وهو ما يُثير شبهة تضارب المصالح. وحتى نحصل على معلومات أوضح، يستحق الناس شفافية كاملة". وفي ختام الدراسة، أوصى الباحثون المستهلكين الذين يفكرون في شراء أجهزة تنقية الهواء أو أنظمة تهوية جديدة للحد من انتقال العدوى، باختيار التقنيات التي خضعت لاختبارات مستقلة في بيئات واقعية، وتجنّب المنتجات التي قد تُنتج الأوزون أو ملوثات كيميائية أخرى. لكن الأهم من كل ذلك، بحسب الباحثين، هو عدم نسيان الإجراءات التقليدية المعتمدة: "تحسين التهوية، وفتح النوافذ، والتنظيف المنتظم".