
بين عباءة الإمام وبدلة الممثل الرسمي.. الشرعة يجمع بين مهمته كممثل للأردن بمنظمات الاتحاد الأوروبي وإمام وخطيب بأوروبا"
الأنباط -
"إمام حفيد إمام... ووجه الأردن وممثله بمنظمات الاتحاد الاوروبي
يجمع بين المنبر ومهمته في المنظمات" حفيد الشيخ الذي علّم أجيالاً
في وطنٍ يزخر بالرجال الذين حملوا رسالة العلم والإيمان، لا تزال جذور الخير تمتد عبر الأجيال، لتُثمر قصص نجاح تُروى على المنابر، وفي الساحات الدولية. من بادية بلاد الشام وسهل حوران وجبال عجلون حيث كان الشيخ رشيد غزلان يعلّم القرآن في كتاتيب البلاد، تبدأ الحكاية. ومن هناك، بعد عقود، يواصل حفيده نديم غزلان الشرعة الطريق، رافعًا اسم الأردن في منظمات الاتحاد الأوروبي.
إنها ليست مجرد قصة شاب طموح، بل حكاية إرث ممتد من السجادة القرآنية إلى قاعات المنظمات الدولية.
غزلان: جذر النور والتربية
عُرف الشيخ رشيد غزلان بأنه معلم القرآن الكريم، ومربٍ فاضل، وركيزة أساسية في التربية الدينية لأبناء سهل حوران وجبال عجلون والبادية. شهادته كانت في قلوب طلابه، ممن أصبح منهم علماء ودعاة والذي كان من زملائه في مقاعد الشريعة الشيخ نوح القضاه والشيخ علي الفقير، ترك الشيخ رشيد بصمته بهدوء، وعلّم العشرات مبادئ الإسلام، القراءة، والخلق، في زمن كانت الكتاتيب فيه منارات هداية وألف كتبا دينية وكان من أبرز تلامذته ابن اخيه الشيخ أحمد غزلان رحمه الله الذي كان مفتياً لمحافظة إربد.
حفيد السند وامتداد الرسالة
وُلِد نديم في عمّان، لكن جذوره تعود إلى تلك الأرض التي سجد عليها جدّه، وتعلم فيها جيل كامل على يديه. نشأ في أسرة محافظة من أب وأم ملتزمان بتعاليم الإسلام، بدأت رحلته في مراكز تحفيظ القرآن، حيث تشكّلت شخصيته على الانضباط، الالتزام، والتفوق. لم يكن يعلم أن تلك اللحظات البسيطة ستقوده لاحقًا إلى تمثيل الأردن في ساحات دولية مرموقة.
من مراكز القرآن إلى قاعات منظمات الاتحاد الأوروبي
قام خطيباً وإماماً في منطقة أراد الرومانية لكن المفاجأة أن نديم غزلان هو في الحقيقة خرج في مهمة في مارس 2025، مثّل نديم المملكة في ظل التعاون المشترك ما بين المملكة ودول الإتحاد الأوروبي وكانت مهمته في غرب رومانيا على حدود هنغاريا، إلى جانب وفود من دول العالم أوكرانيا، تركيا، وأرمينيا، أذربيجان ورومانيا ودول غيرها، لم يقدّم نديم نفسه كشاب فقط، بل كممثل لهوية كاملة كما وساهم في منظمات الإتحاد الأوروبي مثل منظمات مساعدة اللاجئين الأوكران والفلسطينين وغيرهم، حيث قام بعمل نشاطات تمثل الأردن وتبادل الثقافات وكان أبرزها مشاركته في منظمات الإغاثة للاجئين، ويُشارك في حوارات عديدة تعزز فهم القيم والثقافة والدين.
تمكن نديم من الإنخراط حيث وقف في بدلته في عمله الرسمي وفي عباءته على المنبر وسيلة للتقارب الإنساني، وجعل من مهمته الرسمية فرصة لتعزيز صورة الأردن كدولة ذات رسالة وقيم، تجمع بين السلام والعدالة والانفتاح.
ثنائية نادرة: الإمام والرسمي
هذه الثنائية الفريدة بين الإمامة وإتقان المهمة الرسمية الانخراط في المجتمع الأوروبي ليست بالأمر العادي، فهي تتطلب من صاحبها فقه الواقع، وذكاء الخطاب، ومهارة التواصل مع مختلف الشعوب والثقافات. ونديم وزنان رشيد يمتلك هذا كله، فينطلق من مبادئ دينه ليبني الجسور لا ليهدمها، ويخاطب العقول كما يخاطب القلوب.
وجه الأردن بالغرب
يمثل نديم وجهًا حضاريًا للأردن في المحافل الدولية، إذ يُدافع عن قضايا الأمة، ويُسلط الضوء على أهمية الحوار بين الشعوب والثقافات، ويُشيد بموقف الأردن التاريخي كداعم للسلام وراعٍ للمقدسات، خاصة في القدس الشريف.
لا يمثل فقط الأردن، بل يمثل الضمير الذي لا يرضى بالظلم، ولا يساوم على المبادئ. لكنه كان يعلم في داخله أن تمثيله لبلاده لم يبدأ هناك، بل بدأ منذ حمله لكتاب الله صغيرًا، ومشيه على خطى جده الشيخ رشيد.
بين الجذور والطموح
لم تكن رحلة نديم مجرد مشاركة، بل امتداد لرسالة متجذّرة يؤكد دائمًا:
> "ما أنا فيه اليوم هو ثمرة دعاء جدّي الذي غرس في عائلتنا حب العلم والقرآن، والذي لولا فضل الله سبحانه ورسوله صل الله عليه وسلم ثم لولاه ما كان لهذه المسيرة أن تبدأ."
من مركز تحفيظ صغير في عمّان إلى منصة دولية في أوروبا، استطاع نديم أن يكون ممثلًا لجيل جديد يحمل في قلبه تاريخًا، وفي فكره مشروعًا، وفي سلوكه قدوة.
الهوية الأردنية والعالم
نديم لا يمثل نفسه فحسب، بل يمثل شريحة من الشباب القادر على الجمع بين الأصالة والانفتاح، بين قيم البادية ومرونة العالم الحديث. عبر مشاركاته، يرفع اسم الأردن كشاب متحدث، مثقف، ومنفتح، لكنه متمسك بأرضه، بتراثه، وبالإرث الذي تركه له الشيخ رشيد.
منارة الماضي ونور المستقبل
هذه القصة ليست مجرد سيرة ذاتية، بل رسالة. الشيخ رشيد غزلان علّم الأجيال ونديم غزلان الشرعة يتحدث باسم الأردن في أوروبا.
وبين الجد والحفيد، حلقة ذهبية من الإيمان والعلم والعمل رسخت بأسم غزلان رشيد الذي أفنى عمره بتربيت أبنائه عامر غزلان ونديم وعامر الأخ الأكبر الذي لمع نجمه وسط هذا النسل الأصيل والممتد في الجذور، سطع نجم عامر غزلان رشيد غزلان، كأحد الوجوه اللامعة في ميادين العمل السياسي والاجتماعي. حمل اسم عشيرته وبلده بفخر، ومضى على خطى الآباء، مشاركًا في المبادرات الوطنية، ومناصرًا لقضايا الناس بصوت عاقل وحضور فعّال. لم يكن حضوره مجرد ظهور، بل كان موقفًا، وتحركًا نابضًا بالمسؤولية والانتماء، مؤمنًا بأن من يخدم الناس بحق، يُكتب اسمه في وجدانهم لا على جدران الوقت فقط.
من الكتاتيب إلى ميادين الاتحاد الأوروبي... تبقى الرسالة واحدة، ويبقى الأردن حاضرًا بهويته ورجاله في كل محفل وزمان.
من المنبر لمنصة العالم
نديم، الذي لطالما سمع عن مواقف جده الإمام في الخطابة والإرشاد، استلهم ذلك في طريقة تواصله، في خطابه، وفي حضوره. ويقول:
> "أنا حفيد إمام كان صوته يُسمع في منبر الجمعة، واليوم أُكمل الرسالة بصوت جديد على منابر دولية ."
وذكر نديم في لقاءاته
"رأيتُ جدي على المنبر، فتجذّر ذلك المشهد في أعماقي، لا يغادر القلب ولا يغيب عن البصيرة. كان دائمًا يخطر ببالي كحلمٍ جميل، أو لمسة من مَلَك. ومنذ تلك اللحظة، أدركت أنني لست لنفسي، ولا مخلوقًا لأحد، إنما أنا صنيعة الله، يشكّلني لحكمةٍ أرادها قرأت وأنا طفل في كتاب ألفه جدي بأسم العلاج القرآني عبارة تقول
"من أطاع الله أطاعه كل شيء".. من هنا شعرت أن شيئاً قد أختلف أن الله يقرأني ويعرفني على نفسه ."
ويذكر الشرعة "بينما كان أصدقائي وزملائي يستمتعون بالسهرات، ويتبادلون الأحاديث والنقاشات، كنت في زاويةٍ هادئة، لا أبحث عن ضجيج، بل أُرتب لخطوةٍ نقية... أحضّر نفسي لخُطبة الجمعة، وأُرسّخ المعاني في محراب المسجد، أُهذّب الفكرة، وأُهيّئ القلب، وأُعدّ الكلمة لتخرج صادقة، تمسّ القلوب لا الآذان فقط."
حين كانت المجالس تعجّ بالسهر والحديث، اخترت الصمت والنية، جلستُ أخطّ سطور الخطبة، وأستحضر المعنى، وأُرتب قلبي قبل لساني، لأنني ما رأيت المنبر مقعدًا للكلام، بل مقامًا للصدق، ورسالة تحتاج أن تُحضّر بروحٍ لا بعجلة."
لقاء النسب بالرسالة
قصة نديم غزلان الشرعة ليست مجرد نجاح فردي، بل امتداد لإرث روحي وأخلاقي. جده الشيخ رشيد كان إمامًا يعلّم الناس من محراب المسجد، وها هو يعرّف العالم بوطنه وهويته في ساحات الاتحاد الأوروبي.
ويقول: "في هذه اللحظات لا يمكنني أن أغلق سطوري دون أن أعظم ذكر من أمرنا الله بتعظيمها، روحٍ عظيمة صنعت بداياتي، وبنت في داخلي ثباتي. والدتي بنان عبدالله المومني، رحمها الله، كانت مدرسةً من نور، أفنت عمرها في غرس القرآن في القلوب، وتعليم سنة الحبيب المصطفى ﷺ، كنت كلما أردت شيئاً قالت لي أذهب إلى الله أذهب إلى بيته واطلب منه فهو القادر على كل شيئ وبيده كل شيئ كن صادقاً مع الله يصدقك" قامت في بثّ قيم الرحمة والصدق والتقوى فيمن حولها. لم تكن فقط أمًا، بل كانت منارة، ومأوى، وجذورًا تمتد في روحي إلى اليوم. هذا فضل الله يؤتيه من يشاء، وأسأله جلّ في علاه أن يرحمها رحمةً لا تُقاس، ويجمعنا بها في الفردوس الأعلى، حيث لا فراق ولا وجع، نعم لقد أشتقت لك يا أمي وكنت أتمنى تواجدك معي في هذه اللحظات ولكنني أعددت ليوم أفضل من هذه الأيام يوماً لا فراق بعده يوماً فيه يسمى النجاح نجاحاً والفوز فوزاً إنه آتٍ لا ريب فيه وإن وعد الله حق.
ويضيف: إنني، وأنا أتشرف بتمثيل وطني الحبيب، المملكة الأردنية الهاشمية، في منظمات الاتحاد الأوروبي، لا أنسى جذوري، ولا أنفصل عن إرثي، فأنا حفيد الإمام والخطيب الشيخ رشيد غزلان الذي علّمني أن المنبر ليس مكانًا للكلام فحسب، بل مقام للحق، ومسؤولية أمام الله.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


خبرني
منذ ساعة واحدة
- خبرني
تركيا تلاحق صحفيين رسما صورة للنبي محمد ﷺ
خبرني - أمر المدعي العام في إسطنبول الاثنين، بتوقيف صحفييْن في إحدى المجلات الساخرة الكبرى في تركيا بسبب نشر رسم كاريكاتوري يصور النبي محمد صلى الله عليه، حسبما ذكرت وسائل إعلام محلية. وقالت النيابة العامة، إنها "فتحت تحقيقا في نشر رسم كاريكاتوري في عدد 26 يونيو/حزيران 2025 من مجلة ليمان، يهين القيّم الدينية بوضوح، وتم إصدار مذكرات توقيف بحق المتورطين". وأظهرت نسخة من الرسم الأبيض والأسود نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، تصويرا يشخّص على ما يبدو النبي محمد مع النبي موسى، وهما يتعرفان ويتصافحان في سماء مدينة تُقصف. وبعد انتشار خبر الرسم الساخر، هاجم عشرات المتظاهرين الغاضبين حانة يرتادها موظفو ليمان في وسط مدينة إسطنبول، ما أدى إلى اندلاع مناوشات مع الشرطة التي حاولت التصدي لهم. وقال وزير الداخلية علي يرلي كايا، إن الشرطة أوقفت رسام الكاريكاتير المسؤول عن الصورة، ونشرت لقطات على منصة إكس تظهر توقيفه. وجاء في المنشور، أنه "تم القبض على الشخص المدعو د.ب. الذي رسم هذا الرسم المنحط وتم احتجازه"، مضيفا أنه "ستتم محاسبة هؤلاء الوقحين أمام القانون".


سواليف احمد الزعبي
منذ ساعة واحدة
- سواليف احمد الزعبي
ترامب يوقع أمرا تنفيذيا لإنهاء العقوبات على سوريا
#سواليف أعلن #البيت_الأبيض اليوم الاثنين، أن الرئيس دونالد #ترامب وقّع أمرا تنفيذيا لإنهاء #العقوبات على #سوريا. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، إن الأمر التنفيذي بشأن سوريا يدخل حيز التنفيذ الثلاثاء. وأضافت ليفيت، أن الأمر التنفيذي يبقي العقوبات على الرئيس السوري المخلوع #بشار_الأسد ومساعديه وتنظيم الدولة ومن وصفتهم بوكلاء إيران. وعقب التوقيع، قال الرئيس الأميركي، إن رفع العقوبات عن سوريا يدعم أهداف الأمن القومي والسياسة الخارجية الأميركية، مؤكدا أن بلاده ملتزمة بدعم سوريا مستقرة وموحدة تعيش في سلام مع نفسها وجيرانها. وأضاف ترامب أن #رفع_العقوبات عن سوريا يزيل عقبة من أمام التعافي الاقتصادي، قائلا إن الحكومة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع اتخذت إجراءات إيجابية. واشار الرئيس الأميركي إلى أن الأمر التنفيذي يلغي منع تصدير سلع معينة لسوريا. وتابع إن 'سوريا الموحدة التي لا توفر ملاذا آمنا للمنظمات الإرهابية وتضمن أمن أقلياتها ستدعم أمن وازدهار الإقليم'، قائلا 'إن الظروف في سوريا تغيرت بفعل التطورات التي حدثت خلال الأشهر الستة الماضية'. وكانت المتحدثة باسم البيت الأبيض قالت في وقت سابق اليوم، إن هذه الخطوة تأتي في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز ودعم مسار سوريا نحو الاستقرار والسلام. وفي دمشق، قال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، إن رفع العقوبات عن سوريا يساعدها في الانفتاح على المجتمع الدولي. وأضاف الشيباني، أن رفع العقوبات عن بلاده يفتح الباب لعملية طال انتظارها لإعادة الإعمار والتنمية. عودة النظام المالي وفي التفاصيل، قال القائم بأعمال وكيل وزارة الخزانة الأميركية، إن الأمر الذي وقعه ترامب بشأن سوريا سيعيدها إلى النظام المالي الدولي. وأوضح مسؤولون أميركيون، أن الأمر التنفيذي يوصي بمراجعة تصنيف سوريا 'دولة داعمة للإرهاب' وقالوا إن للكونغرس سلطة إلغاء 'قانون قيصر'، لكن الأمر التنفيذي يبحث في معايير بشأن تعليق القانون، مشيرين إلى أن هذا الأمر يوجه وزارة الخارجية لاتخاذ إجراءات مناسبة بشأن تصنيف هيئة تحرير الشام. كما قالوا، إن الأمر التنفيذي ينهي حالة الطوارئ بشأن سوريا التي أعلن عنها لأول مرة عام 2004، والتي فرضت بموجبها عقوبات شاملة على دمشق، مما أثر على معظم المؤسسات التي تديرها الدولة ومنها البنك المركزي. وكان ترامب أعلن في مايو/أيار الماضي أثناء جولته في منطقة الخليج، أنه سيرفع العقوبات القائمة التي فُرضت على نظام الأسد. وأواخر الشهر نفسه، أصدرت وزارة الخزانة الأميركية ترخيصا عاما لتخفيف بعض العقوبات المفروضة على سوريا، ويسمح الترخيص بالمعاملات المالية المحظورة، ويرفع بشكل فعّال العقوبات، ويتيح تمكين الاستثمار ونشاط القطاع الخاص في سوريا. وكان ترامب قد التقى الرئيس السوري أحمد الشرع بالرياض في منتصف مايو/أيار الماضي، وأعلن أنه سيرفع العقوبات عن سوريا في إطار إجراءات مساعدة البلاد على إعادة الإعمار. وفي الشهر نفسه، وافق الاتحاد الأوروبي على رفع كل العقوبات المفروضة على سوريا.

عمون
منذ 3 ساعات
- عمون
"مكافحة الفساد" وإعادة الإعتبار إلى قيم العمل العام
الوفاء للأردن وحماية مؤسساته الوطنية ومستقبل أجياله، ليست شعارات تُقال، بل مسؤوليات تُمارس على أرض الواقع، وكل مواطنٍ يجري في دمه حبّ الأردن يدرك تماماً أنه شريك في بنائه أو في هدمه، ولا حياد في هذه المسؤولية الوطنية إطلاقاً، وأستذكر هنا اقتباس من كلمة سيدي جلالة الملك عبدﷲ الثاني بمناسبة الاحتفال بمرور خمسين عاما على تأسيس الجامعة الأردنية: عندما نسأل من هو الأردني؟ . الجواب: الأردني هو الذي يعتز بهويته الأردنية وبانتمائه الحقيقي لهذا الوطن، والأردني هو الذي يقدم مصلحة الأردن على كل المصالح والاعتبارات، والأردني هو الذي عندما يمر الوطن بظروف صعبة أو استثنائية، يسمو بكرامته وانتمائه على كل مصلحة شخصية أو حزبية أو جهوية، ويقف إلى جانب الوطن في مواجهة كل التحديات، والأردني هو الذي يقوى بالوطن ولا يستقوي عليه، ولا ينتهز الفرص للتحريض عليه، والأردني لا يقبل بأي أجندة إلا إذا كانت مرتبطة بتراب الأردن وتضحيات الأردنيين وطموحاتهم، والأردني هو الذي يقيس ثروته الحقيقية بمقدار ما يقدم من عطاء وتضحية وإنجاز وليس بمقدار ما يملك من مال أو جاه، والأردني هو الذي ينظر للمستقبل وعملية التحديث بعزم وإصرار، ويستمد القوة والثقة بالمستقبل من إيمانه بالله عز وجل ومن اعتزازه بتاريخه وتراثه وقيمه الأصيلة، والأردني هو الذي لا يقبل بالفشل بل يتحدى المستحيل وينتصر عليه؛ فالمواطنة والانتماء هي ما نقدمه لهذا الوطن، وليس ما نأخذه منه. وبناء على ما سبق يوضع على كاهل كل فرد سواء أكان موظف أو مسؤول أمانة العمل الصادق، والقيام بالواجب بروح من الرقابة الذاتية التي تستحضر مراقبة الله قبل القانون، والإبلاغ عن أي تجاوزات تُهدد منظومة القيم الوطنية والمؤسسية، أو تفتح ثغرات أمام أضعاف المشروع الوطني الكبير المتمثل في التحديث بمساراته الثلاث. وانطلاقاً من كون هيئة النزاهة ومكافحة الفساد تمثل خط الدفاع الأول في مواجهة التحديات التي تهدد الثقة بالدولة وتقع عليها مسؤولية حماية المؤسسات الوطنية والمال العام،سيما وأن الاعتداء عليهما جريمة لا بدّ من وقفها ومحاسبة كل من يقف خلفها دون تهاون أو استثناء. لا بد لنا بالتذكير بالقيم العظيمة التي أُسِّست عليها الهيئة، وفي مقدمتها سيادة القانون، والعدالة، والمساواة، والنزاهة المؤسسية، وهذه القيم لا تُطبَّق على فئة دون أخرى، ولا تُفعّل انتقائيًّا، بل تُنفَّذ على الجميع، بلا محاباة، لأن العدالة لا تقبل التجزئة. ولعل الترجمة الفعلية للرؤية الملكية تتطلّب من هيئة النزاهة ومكافحة الفساد مواصلة العمل الجاد في رصد المخالفات، وإنفاذ القانون، وتعزيز ثقة الناس بالمؤسسات، خاصّة في ظل ما نعيشه من مشروع وطني كبير يتمثّل في خارطة التحديث الإداري والاقتصادي والسياسي، وهي مشاريع لا تكتمل دون بيئة نزيهة وعادلة، تُقصي الواسطة والمحسوبية، وتحمي أصحاب الكفاءة، وتفتح الباب للفرص المستحقة. وقد أكّد جلالة الملك في الورقة النقاشية السادسة – أن ترسيخ سيادة القانون والحاكمية الرشيدة هو الركن الأصيل لبناء الدولة المدنية التي نطمح إليها، وهذه الورقة تُعدّ مرجعًا مهمًا في عمل هيئتكم، ومرتكزًا لما يجب أن يكون عليه الأداء العام. وإننا إذ نثمن جهودكم ضمن الاستراتيجية الوطنية للنزاهة ومكافحة الفساد خلال الفترة من العام 2017–2025 وتحديثاتها فإننا نؤكد الحاجة اليوم انطلاقا من مسؤولياتكم المؤسسية والوطنية النبيلة المزيد من التفعيل والتوسيع للورشات التوعوية والتثقيفية بشكل دوري والمساءلة والشفافية والعدالة، وخصوصًا في ملفات تتعلّق بالمال العام، وبحماية ثروات ومؤسسات الوطن ومقدراته، وبمواصلة ترسيخ مبدأ أن لا أحد فوق القانون. أخيراً، إن الثقة التي أوليت لهيئتكم وكوادرها هي أمانة كبرى، ومسؤولية عظيمة في حماية مستقبل مؤسسات الدولة، وإعادة الاعتبار لقيم العمل العام، وبما يضمن أن تكون النزاهة والعدالة ثقافة وطنية متجذرة لا حالة طارئة، مثمنين عالياً جهودكم الدؤوبة، ونأمل أن تُسهم هذه الجهود في تعزيز الاستراتيجيات والخطط الميدانية والرقابية في هذا الاتجاه، بما يحقق الأهداف الوطنية المنشودة.