
بعد العودة.. نازحون سوريون ينصبون خيماً على أنقاض منازلهم
الحواش ـ (أ ف ب)
بعدما قاسى حياة النزوح لنحو 14 عاماً، عاد عارف شمطان إلى قريته المدمرة في شمال غرب سوريا بعد الإطاحة بحكم بشار الأسد، مفضّلاً خيار العيش في خيمة على أطلال منزله المدمّر، بدلاً من البقاء مشرداً في المخيمات.
وعاد شمطان البالغ 73 عاماً بلهفة مع ابنه إلى قريته الحواش الواقعة عند أطراف محافظة حماة، متفقداً ما تبقى من منزله وأرضه الزراعية للمرة الأولى منذ نزوحه على وقع المعارك إلى مخيّم عشوائي قرب الحدود مع تركيا.
وبعدما تمكّن من تأمين بعض احتياجاته، قرر قبل نحو شهرين مغادرة المخيم مع عائلته وأحفاده للاستقرار في خيمة متواضعة نصبها قرب منزله الذي تصدّعت جدرانه وبات من دون سقف. وبدأ زرع بستانه بالقمح والخضار.
ويقول الرجل وهو يفترش الأرض أمام الخيمة المحاذية لحقله، محتسياً كوباً من الشاي: «أشعر بالراحة هنا، ولو على الركام». ويضيف: «العيش على الركام أفضل من العيش في المخيمات» التي بقي فيها منذ عام 2011.
في قريته التي كانت تحت سيطرة الجيش السوري السابق، وشكّلت خطّ مواجهة مع محافظة إدلب، التي كانت معقلاً للفصائل المعارضة، اختفت معالم الحياة تماماً. ولم يبق من المنازل إلا هياكل متداعية موزعة بين حقول زراعية شاسعة.
ورغم انعدام مقومات الحياة والبنى التحتية الخدمية، وعجزه عن إعادة بناء منزله لنقص الإمكانات المادية، يقول شمطان بينما تجمّع حوله أحفاده الصغار: «لا يمكننا البقاء في المخيمات وأماكن النزوح»، حتى لو كانت «القرية كلها مدمرة.. لا أبواب فيها ولا نوافد والحياة معدمة».
ويتابع «قررنا أن ننصب خيمة ونعيش فيها إلى حين أن تُفرج، ونحن ننتظر من المنظمات والدولة أن تساعدنا» إذ إن «المعيشة قاسية والخدمات غير مؤمنة».
«لا خدمات ولا مدارس»
في العام 2019، حين اشتدّ قصف الجيش السوري السابق على القرية، غادر المختار عبد الغفور الخطيب (72 عاماً) على عجل مع زوجته وأولاده، ليستقر في مخيم قريب من الحدود مع تركيا.
وبعد الثامن من ديسمبر/ كانون الأول، عاد على عجل أيضاً. ويقول: «كنت أود فقط الوصول إلى بيتي. ومن شدّة فرحتي (...)عدت ووضعت خيمة مهترئة، المهم أن أعيش في قريتي».
ويكمل الرجل «يود الناس كلهم أن يعودوا»، لكن «كثراً لا يملكون حتى أجرة سيارة» للعودة، في بلد يعيش 90% من سكانه تحت خط الفقر.
ويضيف بينما افترش الأرض في خيمة متواضعة قرب بقايا بيته «لا شيء هنا، لا مدارس ولا مستوصفات، لا مياه ولا كهرباء»، ما يمنع كثراً من العودة كذلك. لكنه يأمل «أن تبدأ إعادة الإعمار ويعود الناس جميعاً، وتفتح المدارس والمستوصفات» أبوابها.
مليون عائد
وبعد إطاحة الأسد، عاد 1,87 مليون سوري فقط، من لاجئين ونازحين، إلى مناطقهم الأصلية، بحسب المنظمة الدولية للهجرة التي أشارت إلى أن «نقص الفرص الاقتصادية والخدمات الأساسية يشكل التحدي الأبرز» أمام عودتهم. ولا يزال نحو 6,6 مليون شخص نازحين داخلياً، وفق المصدر ذاته.
ومع رفع العقوبات الغربية عن سوريا، لا سيما الأمريكية، تعوّل السلطات الجديدة على دعم الدول الصديقة والغربية لإطلاق مرحلة الإعمار، والتي قدرت الأمم المتحدة كلفتها بأكثر من 400 مليار دولار.
«تغيّر كل شيء»
بعدما نزحت مراراً خلال السنوات الأخيرة، عادت سعاد عثمان (47 عاماً) مع بناتها الثلاث وابنها إلى قريتها الحواش منذ نحو أسبوع.
وتقول المرأة التي تؤمن قوتها اليومي من أعمال يدوية تؤمن لها أجراً بسيطاً «تغيّر كل شيء، البيوت تدمرت ولم يبق شيء في مكانه».
ومع أن سقف منزلها انهار وتصدعت جدرانه، لكنها اختارت العودة إليه. على جدار متهالك، كدّست المرأة فرشاً ووسائد للنوم على خزانة قديمة. في العراء، وضعت سريراً صغيراً قرب لوحين شمسيين، لا يحميه شيء سوى بطانيات علّقت على حبال غسيل. في الجوار، وعلى ركام منزلها، أقامت المرأة موقداً لتطهو عليه الطعام.
وتوضح «استدنت ثمانين دولاراً ثمن بطارية» لتوفير الإضاءة مع غياب شبكات الكهرباء. وتشرح السيدة التي فقدت زوجها خلال الحرب «نعرف أن المكان هنا مليء بالأفاعي والحشرات. لا يمكننا أن نعيش من دون ضوء في الليل».
قرب قرية قاح المحاذية للحدود التركية في محافظة إدلب المجاورة، يخلو أحد المخيمات تدريجاً من قاطنيه في الأشهر الأخيرة. وتظهر صور جوية عشرات الخيم التي بقيت فقط جدرانها المبنية من حجارة الطوب.
ويوضح جلال العمر (37 عاماً) المسؤول عن جزء من المخيم المتهالك، أن نحو 100 عائلة غادرت المخيم إلى قريته التريمسة في ريف حماه، لكن نحو 700 عائلة أخرى لم تتمكن من العودة جراء ضعف إمكاناتها المادية.
ويتحدث عن غياب البنى التحتية الضرورية، على غرار إمدادات المياه والأفران. ويوضح «لشراء الخبز، يتوجّه الناس إلى محردة التي تبعد 15 كليومتراً أو إلى سقيلبية» المجاورة.
ويضيف «لا يرغب الناس في البقاء بالمخيمات، يريدون العودة إلى قراهم، لكن فقدان أبسط مقومات الحياة من بنى تحتية وشبكات كهرباء وصرف صحي.. يمنعهم من العودة». ويقول «يسألني كثر لماذا لم تعد؟ لا منزل لدي وأنتظر فرصة لتأمين مكان يؤوني في القرية».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سكاي نيوز عربية
منذ ساعة واحدة
- سكاي نيوز عربية
الأمم المتحدة تخطط لخفض كبير في عدد موظفيها
أصدرت الأمم المتحدة أوامر لأكثر من 60 من مكاتبها ووكالاتها وعملياتها بتقديم مقترحات بحلول منتصف يونيو لتخفيض 20 بالمئة من موظفيها، في إطار جهد إصلاحي كبير لتعزيز العمليات في مواجهة أزمة تمويل حرجة. وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك للصحفيين يوم الجمعة إن التخفيضات تؤثر على نحو 14 ألف وظيفة تغطيها الميزانية العادية، أو نحو 2800 وظيفة. وتشمل هذه التخفيضات الموظفين في المكاتب السياسية والإنسانية للأمم المتحدة ووكالاتها التي تساعد اللاجئين وتعزز المساواة بين الجنسين وتتعامل مع التجارة الدولية والبيئة والمدن. كما أن وكالة الأمم المتحدة لدعم اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) هي أيضا على القائمة. وقال المراقب بالأمم المتحدة تشاندرامولي راماناثان في مذكرة إلى الوكالات المتضررة إن تخفيضات الموظفين هي جزء من هدف الأمين العام أنطونيو غوتيريس لتحقيق تخفيض بين 15 و20 بالمئة في ميزانية الأمم المتحدة الحالية البالغة 72.3 مليار دولار.


سكاي نيوز عربية
منذ 5 ساعات
- سكاي نيوز عربية
مظلوم عبدي: "قسد" على اتصال مباشر بتركيا
وتمثل التصريحات العلنية لمظلوم عبدي ، قائد قوات سوريا الديمقراطية"قسد"، انفتاحا دبلوماسيا مهما من جانبه، إذ خاضت القوات التي يقودها قتالا ضد القوات التركية ومقاتلي المعارضة السورية المدعومين من أنقرة خلال الحرب الأهلية التي استمرت 14 عاما. واتفقت تركيا وقوات سوريا الديمقراطية في ديسمبر على وقف إطلاق النار بوساطة أمريكية بعد اندلاع مواجهات مع تقدم جماعات المعارضة نحو دمشق وإسقاطها الرئيس السابق بشار الأسد. وقال عبدي لقناة شمس التلفزيونية في مقابلة تم بثها، الجمعة، إن الجماعة على اتصال مع تركيا، دون أن يوضح مدة بقاء قنوات الاتصال مفتوحة. وأضاف أن لديهم علاقات مباشرة وقنوات اتصال مباشرة مع تركيا، وكذلك من خلال وسطاء، معبرا عن أمله في أن يتم تطوير هذه العلاقات. وتقول تركيا إن وحدات حماية الشعب الكردية التي تقود قوات سوريا الديمقراطية لا يمكن تمييزها عن حزب العمال الكردستاني المتشدد، الذي قرر في وقت سابق من هذا الشهر حل نفسه بعد صراع دام 40 عاما مع الدولة التركية. وأشار عبدي إلى أن قواته والأتراك خاضوا حروبا طويلة ضد بعضهم بعضا لكن الهدنة المؤقتة أوقفت تلك الاشتباكات خلال الشهرين الماضيين، معبرا عن أمله في أن تصبح الهدنة دائمة. وعندما سُئل عما إذا كان يعتزم مقابلة أردوغان، قال عبدي إنه ليس لديه خطط حالية للقيام بذلك لكنه أوضح أنه لا يعارض، وأنهم ليسوا في حالة حرب مع تركيا ويمكن في المستقبل تطوير العلاقات معها مشيرا إلى أنهم منفتحون على ذلك.


البيان
منذ 6 ساعات
- البيان
الأمم المتحدة تسعى لخفض عدد موظفيها بنسبة 20% للتعامل مع نقص التمويل
أصدرت الأمم المتحدة أوامر لأكثر من 60 من مكاتبها ووكالاتها وعملياتها بتقديم مقترحات بحلول منتصف يونيو لتخفيض 20% من موظفيها، في إطار جهد إصلاحي كبير لتعزيز العمليات في مواجهة أزمة تمويل حرجة. وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك للصحفيين يوم الجمعة إن التخفيضات تؤثر على نحو 14 ألف وظيفة تغطيها الميزانية العادية، أو نحو 2800 وظيفة. وتشمل هذه التخفيضات الموظفين في المكاتب السياسية والإنسانية للأمم المتحدة ووكالاتها التي تساعد اللاجئين وتعزز المساواة بين الجنسين وتتعامل مع التجارة الدولية والبيئة والمدن. كما أن وكالة الأمم المتحدة لدعم اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) هي أيضا على القائمة. وقال المراقب بالأمم المتحدة تشاندرامولي راماناثان في مذكرة إلى الوكالات المتضررة إن تخفيضات الموظفين هي جزء من هدف الأمين العام أنطونيو جوتيريش لتحقيق تخفيض بين 15% و20% في ميزانية الأمم المتحدة الحالية البالغة 72ر3 مليار دولار.