
بوتين: 'بريكس' تتجاوز مجموعة السبع اقتصاديا بناتج 77 تريليون دولار
وأوضح بوتين، في كلمة ألقاها عبر تقنية الفيديو خلال الجلسة العامة لقمة 'بريكس' التي تستضيفها البرازيل يومي 6 و7 يوليو/تموز، أن الناتج المحلي الإجمالي لدول المجموعة على 'أساس تعادل القوة الشرائية بلغ 77 تريليون دولار في 2025، مقارنة بـ57 تريليونات دولار لمجموعة السبع، حسب بيانات صندوق النقد الدولي'، نقلا عن الوكالة الروسية 'تاس'.
وأشار الرئيس الروسي إلى أن دول التكتل تمثل نحو ثلث مساحة اليابسة على كوكب الأرض ونحو نصف سكان العالم، كما تواصل توسيع تعاونها في مجالات السياسة والأمن، والاقتصاد والتمويل، والثقافة والشؤون الإنسانية.
وأضاف أن المجموعة باتت تضم دولا رائدة من مناطق أوراسيا وإفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية، ما يمنحها بحسب تعبيره، 'إمكانات سياسية واقتصادية وعلمية وتقنية وبشرية هائلة'.
كما عبر بوتين عن شكره للرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، ولرئاسة البرازيل الحالية للمجموعة، على دورها بتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الدول الأعضاء.
وتسعى مجموعة 'بريكس'، التي شهدت مؤخرا توسعا بضم أعضاء جدد، إلى ترسيخ مكانتها كقوة دولية موازية للتكتلات الغربية، في ظل التحديات الجيوسياسية والتغيرات في موازين الاقتصاد العالمي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

الدستور
منذ ساعة واحدة
- الدستور
الأردن يُطفئ النار.. ويُشعل الأمل
بقلم: د. عادل محمد الوهادنة النقاط الرئيسية: * عندما تكون الدولة أكبر من الحدث، تتحول القرارات إلى مواقف تتجاوز الحدود. * المساواة لا تُرفع كشعار، بل تُمارس على الأرض، حتى خارج حدود الوطن. * الأردن لا يُصدر بيانات، بل يُصدر الإنسانية ويحتضنها بالفعل. * حين يكون القائد هو المثل الأول في المبادرة، تتحرك المؤسسات بسرعة الضوء. * الكلفة؟ تفاصيل ثانوية عندما تكون روح الإنسان على المحك. * طائرات الإطفاء الأردنية لم تُحلق بحثًا عن مجد، بل عن نجدة. * في قلب اللهب، كانت يد الأردن تمتد نحو الجار بلا تردد. * سوريا لم تكن مجرد دولة شقيقة، بل كانت جارة في حاجة، وهذا يكفي. * مشهد رجل سوري يبتسم وسط الرماد، يختصر القصة كلها. * الجغرافيا تجمع، والإنسانية توحد، والمروءة لا تُدرّس، بل تُمارس. * الأردن لم ينتظر شكرًا، ولم يبحث عن عنوان في الأخبار. * عندما يشعر السوري بالأمان بظل أردني، فاعلم أن الدولة أدت رسالتها. مقدمة تحليلية: الأردن حين يصبح بوصلة إنسانية . في إقليم تتسابق فيه الدول على التموضع لا التضامن، وحيث أصبحت الكوارث الإنسانية مرآة فاضحة لتشظي المواقف وتبدّل القيم، جاء الموقف الأردني تجاه حرائق سوريا الأخيرة ليؤكد أن هناك دولة ما زالت تسير عكس التيار، دولة لا تحكمها حسابات اللحظة، بل فلسفة راسخة عنوانها: الإنسان أولًا، والجار أولى بالرحمة. ما فعله الأردن لم يكن مجرد تحرك تقني بإرسال طائرات إطفاء، بل كان تعبيرًا عن هوية سياسية أخلاقية عميقة، تشكّلت عبر قرن من المواقف، والتضحيات، والتوازنات النبيلة. عندما تكون الدولة أكبر من الحدث: الأردنية الهاشمية نموذجًا الحدث كان كبيرًا: حرائق اجتاحت الشمال السوري في واحدة من أعنف موجات الجفاف والموجات الحارة منذ 20 عامًا. أكثر من 9 آلاف دونم من الأحراج والغابات تآكلت، وتسببت الرياح الشرقية العاتية بانتقال النيران إلى مناطق مأهولة بالسكان، مما هدد حياة أكثر من 70,000 إنسان. لكن الأردن كان أكبر من الحدث، لا بحجمه ولا بموارده، بل بمنظومة قيمه، وتحركه العابر للحدود والتردد. في لحظة صمتت فيها الجغرافيا، تكلمت المروءة. المساواة كفعل لا شعار: نموذج عملي لمفهوم العروبة لم يتعامل الأردن مع الأزمة على أنها «حدث سوري داخلي»، بل كاستحقاق أخلاقي يتطلب التدخل، تمامًا كما يتدخل في مواجهة حرائق داخل حدوده. هذه المساواة في الاستجابة تكشف طبيعة الدولة الأردنية التي لا تصنف الإنسان وفق الهوية الوطنية، بل وفق حاجته للحماية. لقد تجاوز الأردن التردد السياسي، والحذر الدبلوماسي، وتقديرات الربح والخسارة، وقرر أن يفعل ما يُمليه الضمير، لا ما يُمليه المزاج الإقليمي. حين تصبح الدولة مُصدّرًا للإنسانية في زمن التبخّر الأخلاقي منذ عام 2011، لم تتوقف المملكة عن استقبال الأشقاء السوريين، على الرغم من أن فاتورة اللجوء تجاوزت 11 مليار دولار وفق بيانات رسمية. لكن في حرائق 2025، لم يكن السوري لاجئًا، بل جارًا في خطر داخل أرضه. والرد الأردني كان عابرًا للحدود واللغة السياسية: «نحن معكم في الميدان... لا في البيان». هذه هي الدولة التي لا تُقاس بعجز الموازنة، بل بوفرة النخوة. القيادة حين تكون قدوة لا واجهة ليست المرة الأولى التي يُترجم فيها جلالة الملك عبدالله الثاني فلسفة «الفعل قبل القول». في كل أزمة إنسانية، داخلية أو إقليمية، تكون توجيهاته حاسمة، مبكرة، وغير مشروطة. في حرائق سوريا، صدرت الأوامر بتجهيز فرق الطوارئ الجوية والدفاع المدني خلال ساعات، ودون انتظار طلب رسمي. وهنا تتجلى نظرية القيادة الرشيدة في الأزمات: حيث يتحرك رأس الدولة بوازع أخلاقي، تتحرك كل مفاصل الدولة بنفس الإيقاع. الكُلفة تُحتسب بالكرامة لا بالدينار تشغيل طائرات إطفاء متخصصة، وتحريك طواقم على الحدود، وتنسيق لوجستي جوي، يُعد من العمليات المعقدة مكلفة التشغيل. ومع ذلك، لم يكن في دوائر القرار الأردني من حسب الكُلفة، لأن الكرامة لا تُحاسب بالمال. الرسالة كانت واضحة: «لن نُساوم على حياة الأشقاء، ولو كلّفنا ذلك من طاقتنا القليلة ما لا نُطيق». الطمأنينة التي يصنعها الجار المشهد الذي نُقل من فوق قرية «الدوير» في ريف اللاذقية، حيث صفّق المدنيون السوريون لطائرة أردنية تُلقي الماء فوق رؤوسهم، لم يكن لقطة إنسانية فقط، بل درسا في الجوار الحقيقي. في لحظة كان فيها اللهيب يحاصر، والقلق ينهش، رأى السوري شقيقه الأردني في السماء... وهنا وُلد شعور بالطمأنينة لا يُقدّر بثمن. الموقف الصامت... أبلغ من ألف بيان. بصمت مُهاب، وبغيابٍ مقصود عن منصات المباهاة، حضر الأردن بأدواته الثقيلة، وعاد دون أن ينتظر تصفيقًا أو شكرًا. في عالم تُصنع فيه الفضيحة من لاشيء، ويُبتلع فيه الموقف الحقيقي تحت جبل من العلاقات، كان الصمت الأردني أبلغ من كل الضجيج الإقليمي. النخوة كهوية وطن: إرث لا يُشترى في أدبيات الهوية الأردنية، لا يُمكن فصل «الدولة» عن «الفزعة». الأردني يتربى على الجاهزية للمساعدة، داخليًا وخارجيًا. وهذه المروءة ليست طارئة، بل امتداد لتاريخ المملكة في فلسطين، والكويت، والعراق، ولبنان، وغزة، وسوريا. كل تلك المحطات شكلت عقيدة وطنية لا تتغير بتغير الحكومات، بل تستمر لأنها في جينات الدولة. عندما تتجاوز الدولة حدود الجغرافيا باسم الإنسان منذ عقود، علّمنا الأردن أن الحدود مرنة حين يتعلق الأمر بالإنسان. في 2025، كانت طائرات سلاح الجو الملكي الأردني تحلق فوق شمال سوريا، وتعمل بالتنسيق مع الدفاع المدني السوري، في سابقة لا تُقرأ فقط سياسيًا، بل أخلاقيًا. الدولة الأخلاقية تتجاوز الجغرافيا عندما يكون الإنسان في خطر. الابتسامة التي تلخّص السياسة الطفل السوري الذي رفع يده فرحًا تحت طائرة أردنية تُطفئ الحريق، لم يكن يعرف شيئًا عن التصريحات الرسمية، لكنه أحسّ أن هناك من جاء لينقذه. وفي هذه اللحظة، أعاد الأردن تعريف السياسة الخارجية: «السياسة التي تُبتسم لها الشعوب، لا التي تُحفظ في أرشيفات الدول». الأردن لا يطلب شكرًا لأنه يعطي من الذات في مشهد تغيب فيه الحسابات، كانت طواقم الدفاع المدني الأردني تعمل داخل أرض لم تعتد على تلقي دعم مباشر، لكن عمّان لم تطلب شكرًا، ولم تتوسل اعترافًا، لأنها تعلم أنها تُعطي من ذاتها، لا من فائضها. عندما تنفذ الدولة رسالتها بصمت وكرامة في نهاية المطاف، لم يكن التدخل الأردني سوى ترجمة أمينة لرسالة الدولة الهاشمية: أن تكون حاضرًا حيث يغيب الآخرون، أن تمد يدك حيث يلتفت غيرك، وأن تكون «الجار الأصدق»، لا الأقرب فقط. إنها الدولة التي تُطفئ النار، وتُشعل الأمل. الخاتمة: من عمّان إلى الشام.. خط مروءة لا ينقطع ما فعله الأردن في حرائق سوريا لم يكن عملًا إنسانيًا طارئًا، بل موقفًا تاريخيًا تتجدد به هوية الدولة، وشخصية القيادة، ووجدان الشعب. في منطقة تتقلّب فيها الولاءات وتُستنزف فيها المروءة، ثبت الأردن عند نقطة عالية من الثبات، وقال للعالم دون أن يتكلم: «نحن لا نطفئ النار فقط.. نحن نعيد رسم شكل الجوار، حين يصبح الإنسان أولًا.».

الدستور
منذ ساعة واحدة
- الدستور
الصيرفة الإسلامية صناعة مالية رائدة عربياً
استطاعت المصارف الإسلامية في الدول العربية والعالم إثبات جدارتها في التعامل مع أموال مودعيها، بعد مثابرة وتأن في خطواتها؛ مما منحها الكثير من المكانة في أسواق المال، رغم طغيان الصيرفة التقليدية على المداولات المالية العالمية. ويعود السبب إلى أن مفاهيم العمل المصرفي الإسلامي وأدواته، أدّت إلى الوصول إلى بناء قاعدة مؤسساتية متينة البنيان، لذلك باتت الصناعة المصرفية الإسلامية، تحظى بأهمية كبيرة من قبل الجهات المصرفية الفاعلة على المستوى الإقليمي والدولي. ولا شك في أن هناك اختلافاً في طبيعة الصيرفة الإسلامية، يُميّزها عن الصيرفة التقليدية، فالأولى تتبع أحكام الشريعة الإسلامية، التي تحظّر إستيفاء الفائدة أخذاً أو عطاءً، ولا يُمكن أن تقدم خدمات تتعارض وأحكام الشريعة، كما أن العمل المصرفي الإسلامي قائم أصلاً على مبدأ المشاركة في الأعمال، بين البنك من جهة والمودع من جهة أخرى، وهذا ما يستتبع تقاسم الأرباح والخسائر. المصارف الإسلامية موجودة منذ 50 عاماً : وما يُسجل للمصارف الإسلامية أيضاً أنها استقطبت منذ بداية نشاطها، في مطلع السبعينيات من القرن الماضي، صغار الحرفيين والمودعين، فالمصارف الإسلامية تعتمد في أساس فلسفتها على البُعد الإجتماعي، وليس البُعد الإقتصادي أو المصرفي الذي يقتصر على الربح وحسب، أما محظوراتها فهي عدم الإقراض، فالمتعامل الذي يرغب في إيداع أمواله في بنك اسلامي، يختار صيغة معينة من الصيغ المتعدّدة في نظام المصارف الإسلامية، كالمشاركة، والمرابحة، والمضاربة، والمقاولة، والإيجارة، والإستصناع. وفق ذلك، يتم درس صيغة مشروع ما، من قبل المودع ومن قبل البنك على حدٍ سواء. وبناءً على الدراسات التي يقوم بها خبراء ومختصون، تُوقّع عقود تحدّد كيفية توزيع الأرباح والخسائر. علماً أن المصارف الإسلامية تُطبّق معايير «بازل 1 و2»، لأنها تسعى الى أن تكون جزءاً من المنظومة المصرفية العالمية. خصوصية لبنان : في لبنان، لطالما كانت المصارف الإسلامية بطيئة النمو، لأسباب وظروف ترتبط بنقص التشريعات، وبالنظام المصرفي اللبناني، الذي لم يتح لها التقدّم والتوسع على غرار المصارف التجارية، فالمصارف الإسلامية المتواجدة في لبنان، كانت قبل الأزمة (في العام 2019) خمسة مصارف، ولم تتعامل بالأدوات المالية التي تتعامل بها المصارف التقليدية؛ مما جنّبها العديد من الأزمات في وقت سابق. لكن تفجّر الأزمة المالية والنقدية في لبنان، وتداعي القطاع المصرفي، وضع المصارف الإسلامية أمام تحدّي الاستمرار أو الانسحاب من السوق اللبنانية وهذا ما فعلته. د. محمد وهبة الخبير الاقتصادي : في هذا الاطار يشرح الخبير الاقتصادي الدكتور محمد وهبه لمجلة «اتحاد المصارف العربية» أن «السمعة والثقة في المصارف الإسلامية في لبنان لهما مكانتهما، حيث استعاد مجمل المودعين فيها ودائعهم، بعكس ما حصل في المصارف التقليديةـ ومع ذلك، فإن أصول المصارف الإسلامية في لبنان لا تتجاوز1 % من إجمالي أصول البنوك التجارية البالغة حوالي 102.8 مليار دولار (ديسمبر/ كانون الأول 2024)، أي ما يعادل نحو 1.0–1.1 مليار دولار، حيث يوجد في لبنان خمسة مصارف إسلامية متخصّصة، إضافة إلى عدد من «النوافذ الإسلامية» داخل المصارف التقليدية». يضيف د. وهبه: «كذلك بالنسبة إلى مجموع فروع المصارف الإسلامية، فهي أقل من 1 % من إجمالي فروع القطاع، كما أن حصّة الودائع والتي توازي عادة حصّة الأصول؛ تشكل أيضاً نحو 1 % من إجمالي ودائع القطاع. أما على صعيد قياس حجم محفظة القروض الإسلامية الممنوحة للقطاع الخاص كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي في لبنان، فهي لا تتجاوز 0.5 % -1 %، مقارنة بمعدّلات تُراوح بين 15 % و30 % في بعض دول الخليج»، لافتاً إلى أن «حجم الإستثمار الضئيل يرتبط بطبيعة الواقع الإجتماعي والسياسي والأمني في لبنان، والعديد من المواطنين الذين يخافون المقاربة الإسلامية لوضعية أموالهم، مما يعني ضرورة طرح مفاهيم الصيرفة الإسلامية على جانب الفقه الاسلامي لناحية المخاطر والعائد، كما تبرز الحاجة في لبنان إلى إصلاحات تنظيمية ودعم مؤسسيّ وإعلامي لزيادة تأثيرها وموثوقيتها». الصيرفة الإسلامية في البلدان العربية: في المقابل، يشرح د. وهبه أن «المصارف الإسلامية في البلدان العربية، تُعد جزءاً مهماً من النظام المالي في العديد منها، حيث تستند إلى مبادئ الشريعة الإسلامية التي تحرّم الفائدة (الربا)، وتعتمد على التمويل بالمشاركة وتقاسم المخاطر. وكمقياس لحجمها ودورها في تمويل الإقتصاد الحقيقي، يُستخدم عادة حجم التمويلات (القروض) الممنوحة من قبل المصارف الإسلامية إلى القطاع الخاص كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي»، لافتاً إلى أنه «وفق بيانات العام 2024 لمجلس الخدمات المالية الاسلامية IFSB، فقد حقّق رصيد التمويلات الإسلامية العالمية نمواً بنحو5.97 % على أساس سنوي ليصل إلى 1.88 تريليون دولار في القطاعات السكنية، والعقارية، والإنشائية، والصناعية .وتشير دراسات أكاديمية إلى أن قروض المصارف الإسلامية تشكّل في بعض بلدان الخليج ما بين 15 % و30 % من الناتج المحلي الإجمالي، ما يعكس دورها المحوري في تمويل المشروعات الإنتاجية والخدماتية وتقوية الشمول المالي». ويضيف د. وهبه: «باختصار، إن إنخراط المصارف الإسلامية في الواقع الإقتصادي يتمثل في تمويل المنشآت الخاصة، وقطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة بقروض تُمثّل نسبة مهمة من الناتج المحلي الإجمالي، مع نمو سنوي ثابت للتمويل يناهز 6 %»، موضحاً أنه «مع إشتداد الأزمات الاقتصادية والمالية في المنطقة، مثل تداعيات جائحة كورونا، والتضخُّم، وأزمات العملات، والحروب، وإنخفاض الثقة بالأنظمة المالية التقليدية، برزت تساؤلات عديدة حول مستوى الثقة في المصارف الإسلامية». ويوضح وهب أنه «بتفصيل تلك العوامل، نرى في الإيجابيات التي تُحفّز الثقة هي الشفافية الشرعية، وأطر الرقابة التي تولّد ثقة لدى الجمهور المتديّن، وخصوصاً عند وجود هيئة مستقلة للفتوى والرقابة، ومن ثم البُعد عن الفوائد، في ظل رفض فئات واسعة للفائدة المصرفية، حيث يلجأ البعض إلى المصارف الإسلامية كبديل آمن. كذلك الإستقرار النسبي، حيث أظهرت بعض المصارف الإسلامية أداءً أكثر استقراراً خلال الأزمات المالية، كونها أقل انكشافاً على الأدوات المالية عالية المخاطر». ماذا عن موقع المصارف الإسلامية في الدول العربية؟ يجيب د. وهبه: «يتحدّد موقع المصارف الإسلامية في البلدان العربية، كونها عنصراً فاعلاً اقتصادياً ومميّزاً، حيث يملأ الفراغ الذي يعانيه التمويل التقليدي في المجتمع المحافظ، إذ يُمكن أن يتمثل دورها في تعزيز التنمية الاقتصادية، وتحقيق الشمول المالي، وتوفير بدائل تمويلية تراعي القيم المجتمعية والدينية، غير أن تعزيز هذا الدور يتطلّب إصلاحات مؤسسية وتشريعية، وتطوير أدوات رقابة وإبتكار مالي يواكب التحوُّلات الإقتصادية والتقنية في العالم العربي»، مؤكداً أن «المصارف الإسلامية تشكل أحد المكوّنات الجوهرية للقطاع المالي العربي، إذ تجمع بين البُعد الديني والاقتصادي، مما يمنحها موقعاً إستراتيجياً في عدد من الدول العربية، لا سيما الخليجية منها. ويُمكن تحديد موقعها من خلال أبعاد عدة، أهمها البُعد المالي في النظام المصرفي، حيث تشكل نسبة أصول المصارف الإسلامية ما بين 15 % و60 % من إجمالي الأصول المصرفية، حسب البلد. أما على صعيد الإنتشار المؤسسي، فالمصارف الاسلامية تتواجد في معظم الدول العربية، إما كمصارف متخصّصة أو كنوافذ إسلامية داخل مصارف تقليدية. وأخيراً حيال دورها على صعيد الإندماج في السياسات الوطنية، يُلاحظ أنه في بعض الدول مثل السودان، تُعدّ الصيرفة الإسلامية، النظام المصرفي الوحيد». ويشدّد د. وهبه على أن «للمصارف الإسلامية دوراً تنموياً يبرز عبر تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، خصوصاً عبر صيغ المشاركة والمضاربة، وفي دعم القطاعات الإنتاجية (الصناعة، الزراعة، الخدمات) من خلال أدوات تمويل متوافقة مع الشريعة، وفي الحدّ من الفقر عبر أدوات مثل التمويل الأصغر الإسلامي»، مشيراً إلى دورها في تعزيز الاستقرار المالي؛ «إذ إن هذه المصارف تتبنّى نماذج تمويل قائمة على تقاسم المخاطر لا على الضمانات الربوية، مما يقلّل من الإنكشافات الخطرة، فتساهم في تنويع النظام المالي وتوسيع قاعدة الشمول المالي، ولا سيما في البيئات المحافظة دينياً». دور إستراتيجي في مواجهة الصيرفة التقليدية : يذكّر د. وهبه أنه «برز للمصارف الاسلامية وخلال الأزمات دور إستراتيجي، ومن خلال التجربة فقد حافظت على ثقة نسبية خلال الأزمات نظراً إلى الضوابط الشرعية وإلتزامها الأخلاقي. كما ساهمت في فترات الأزمات (مثل أزمة العام 2008 أو أزمات العملة) في امتصاص بعض الصدمات مقارنة بالبنوك التقليدية»، مشدّداً على أن «للمصارف الإسلامية دوراً قيمياً واجتماعياً، حيث تروّج لمبدأ الإقتصاد الأخلاقي القائم على العدل والتكافل والشفافية، وتلعب دوراً في تعزيز ثقافة المسؤولية الاجتماعية عبر أدوات مثل الزكاة والوقف والتمويل غير الربحي». ويختم د. وهبه: «رغم التحدّيات، تبقى المصارف الإسلامية خياراً إستراتيجياً للعديد من العملاء الباحثين عن تمويل آمن ومتوافق مع الشريعة، ولا تزال المصارف الإسلامية تحظى بثقة نسبية مقبولة، خصوصاً في المجتمعات المحافظة والبلدان التي تحترم البنية الشرعية والتنظيمية، لكن الثقة فيها ليست مطلقة. فاستدامة هذه الثقة تتطلّب شفافية أكبر، حوكمة أقوى، وتطويراً مستمراً للمنتجات والخدمات بما يتماشى مع إحتياجات العملاء المعاصرين، بالإضافة إلى الحاجة إلى توحيد المعايير الشرعية بين الدول، وضرورة تطوير الكفاءات المصرفية والشرعية، والاستجابة السريعة للتغيُّرات الاقتصادية العالمية كالعملات الرقمية والتضخُّم على سبيل المثال وليس الحصر.


السوسنة
منذ 2 ساعات
- السوسنة
التسرب الاقتصادي في العالم العربي
في قلب الاقتصاد العربي، هناك نزيف خفي لا يُرى بالعين المجردة، لكنه يُعيق كل نهضة، ويُفرغ التنمية من مضمونها. يُعرف هذا النزيف بـ"التسرب الاقتصادي"، ويقصد به خروج جزء كبير من القيمة المُنتجة محليًا إلى الخارج، سواء في صورة تحويل أرباح الشركات الأجنبية، أو الاعتماد المفرط على الاستيراد، أو حتى عبر هروب رؤوس الأموال المحلية.ليست التنمية مرهونة فقط بمعدلات النمو، بل بكيفية بقاء الثروة داخل الوطن ودورانها في داخله. ومع أن الدول العربية تمتلك موارد بشرية وطبيعية هائلة، إلا أن الكثير منها يعاني من "عُقم اقتصادي" ناتج عن أنماط إنتاج غير مكتملة، تقوم على تصدير المواد الخام واستيراد السلع المصنعة، مما يجعلها دائمًا على هامش السوق العالمي، لا في مركزه.الخلل ليس فقط اقتصاديًا، بل فكريًا وإداريًا أيضًا. فغالبًا ما تُدار الاقتصادات العربية بعقلية تسعى إلى إرضاء مؤشرات ظاهرية، دون بناء قاعدة إنتاجية حقيقية، أو خلق اكتفاء ذاتي تدريجي. في الأردن مثلًا، تشير بيانات البنك المركزي إلى أن الشركات الأجنبية حوّلت ما يقارب 1.2 مليار دولار كأرباح إلى الخارج في عام 2022، في وقتٍ يواجه فيه الاقتصاد المحلي تحديات في التشغيل والاستثمار. هذا يعني أن جزءًا أساسيًا من الناتج لا يعود على الاقتصاد المحلي بأي فائدة إنتاجية حقيقية.الاقتصاد، في جوهره، انعكاس لحالة الإنسان داخل مجتمعه: هل هو منتج؟ هل يشعر بالانتماء؟ هل يمتلك القدرة على المبادرة؟ حين يشعر الإنسان بأنه مجرد مستهلك في نظام لا يمنحه أدوات الإنتاج أو فرص العمل، يصبح الاقتصاد مفصولًا عن المجتمع، وتتحول التنمية إلى مشروع خارجي لا جذور له.أما البنية الذهنية التي ترسّخ القبول بهذا الوضع، فهي بحاجة إلى مراجعة جذرية. لماذا بات من الطبيعي أن نُسلم أهم قطاعاتنا للشركات الأجنبية؟ ولماذا اعتدنا على الاعتماد الكامل على الاستيراد حتى في أبسط الصناعات؟ وهل أصبح فقدان السيطرة الاقتصادية مقبولًا ضمنيًا في العقل الجمعي؟الحل لا يكمن فقط في تقليل الواردات أو رفع الضرائب، بل في تأسيس بنية إنتاجية متكاملة. اقتصاد يشجع الاستثمار المحلي، ويربط التعليم بسوق العمل، ويفتح المجال للمبادرات الصغيرة، ويمنح الأفضلية للمشاريع التي تعيد استثمار الأرباح داخل البلد، لا تلك التي تخرجها خارجه.ولفهم هذا أكثر، يمكن النظر إلى ماليزيا التي نجحت في تقليص التسرب الاقتصادي عبر ما يُعرف بسياسة "القيمة المضافة المحلية". إذ فرضت الدولة على الشركات الأجنبية نسبة توطين للموارد، واستخدمت الحوافز الضريبية بذكاء لإعادة استثمار الأرباح محليًا. كذلك، في كوريا الجنوبية، تم تشجيع الصناعات المحلية على الدخول في سلاسل الإمداد العالمية، بدعم حكومي وتعليمي متكامل، مما جعل الاقتصاد أكثر توازنًا واستقلالًا.في الأردن، هناك طاقات شبابية واسعة تحمل مؤهلات عالية، لكنها غالبًا ما تبقى على هامش الاقتصاد أو تهاجر بحثًا عن فرصة، ما يضيف بعدًا آخر للتسرب، ليس فقط المالي بل البشري أيضًا. كما أن التعقيدات الإدارية والضريبية تعيق نمو المشاريع الصغيرة التي تُعد العمود الفقري لأي اقتصاد منتج.إن وقف التسرب الاقتصادي ليس رفاهية، بل ضرورة. فكل دينار يخرج دون قيمة مضافة محلية هو فقدان لحلقة في سلسلة التنمية. وكل مشروع لا يرتبط برؤية وطنية هو جهد مؤقت لا يصنع تحولًا حقيقيًا.نحتاج إلى وعي اقتصادي جديد، يؤمن أن الاستقلال لا يُقاس فقط بالسيادة السياسية، بل بالقدرة على إنتاج الغذاء، وتدوير المال، وتوطين الأرباح، وتحويل الإنسان إلى فاعل اقتصادي لا مجرد مستهلك. التنمية الحقيقية تبدأ حين يتوقف المال عن الهروب، ويبدأ بالعمل داخل الوطن، لصالح من يعيشون فيه.